ملكات الرق
المشهد الأول
في عصور التخلف والانحطاط والرق ؛ كان النخاس يسوق قطيعا من النساء المغلوبات على أمرهن ويقف بهن على مكان مرتفع من المدينة وينادي معددا مزايا كل منهن واصفا جمالها مبرزا جزءا من جسدهاويعريها في بعض الحالات ، وهناك لجان خبيرة مدربة تدعم رأيه وتؤيد حججه والناس ينظرون ويصفقون ويصفرون ثم ينتقي كل منهم حاجته من البضاعة
ويعود بها إلى بيته وتبدأ التجارة وأشياء أخرى .
المشهد الثاني
في عصر الحرية والنور الحالي قطعان من النساء الجميلات_ وأرجو أن تسامحوني على هذه العبارة التي ترددت كثيرا قبل استخدامها_ أقول قطعان من النساء الجميلات العاريات يقودهن نخاسون معاصرون إلى العرض في مكان بارز مرتفع يسمى مسرحا أو منصة أمام الاف الحاضرين وملايين المتفرجين عبر الأقمار الصناعية ، ليشاهدوا أجسادهن العارية ، وتكون اللجان المدربة الخبيرة جاهزة لتفقد البضاعة والحكم عليها ، ولكل جزء في الجسد تقييم خاص ، محيط الصدر والتفاف الأفخاذ ونحول الخصر ولون العينين وتسريح الشعر .
وتقوم اللجان الموقرة بإصدار الحكم فهذه ملكة الجمال ، وتلك الوصيفة، وتلك في المركز الثالث وهكذا ، وتنهمر دموع الفرح والحزن والخيبة ، وتعلو الهتافات ويدوي التصفيق وتنهال التهاني والتبريكات وتجن آلات التصوير وتبدأ التجارة والأشياء الأخرى .
أليست هذه هي مسابقات ملكات الجمال ؟ أم أنني أتجنى وأبالغ ؟ والله إنني حاولت تهذيب ألفاظي والتخفبف من حدتها وتحسن المشهد الذي يعرف الجميع أنه ليس حسنا البتة.
هل من كبير فرق بين المشهدين ؟ ربما في بعض التفاصيل الصغيرة ، غير أنني أرى فرقا آخر يكمن في أن النساء المسكنات في المشهدالأول كن مجبرات مغلوبات على أمرهن مطأطئات رؤوسهن خجلا مشيحات بعيونهن عن المشاهدين حياء وقهرا وشعورا بالمهانة والذل وبعضهن يحاولن التمرد والمعاندةوالانتفاض للكرامة المستباحة ،وللعرض الضائع، أما نساء المشهد المعاصر فقد جئن طواعية بكل رغبة رافعات رؤوسهن فخرا وعزة وشرفا وفرق آخر بين إناث المشهدين ففي حين أن المشهد الثاني لا يطلب فيه منهن سوى الجسد فإنهن في المشهد الأول كن في كثير من الأحيان أعلى قدرا ،وأجل قيمة فالتي كانت منهن تملك حظا من العلم والثقافة؛ كانت قيمتها المادية والمعنوية ترتفع ولذاك فقد كان النخاسون يعلمون إماءهم وجواريهم الغناء والأدب والكثير من المعارف ويحفظوهن الشعر والقصص وفي المدن والحواضر الإسلامية كانوا يحفظونهن القرآن الكريم والحديث الشريف لتعلو أثمانهن
و يبقى المستفيد في المشهد الاول هو النخاس وشركاؤه وأعوانه من التجار، أما المستفيد في المشهد الثاني ؛ فهم النخاسون الجدد المتمثلون في الشركات التجارية الكبرى التي ترعى وتشرف على هذا الرق المعاصر .
ويتباكى المتباكون على حقوق الأنسان وامتهان كرامته وعلى حق المرأة في التعري والتبذل وينعتون كل من تحاول الاحتشام بالرجعية والعودة غلى عصور الظلام ِ .
أنور الوريدي
المشهد الأول
في عصور التخلف والانحطاط والرق ؛ كان النخاس يسوق قطيعا من النساء المغلوبات على أمرهن ويقف بهن على مكان مرتفع من المدينة وينادي معددا مزايا كل منهن واصفا جمالها مبرزا جزءا من جسدهاويعريها في بعض الحالات ، وهناك لجان خبيرة مدربة تدعم رأيه وتؤيد حججه والناس ينظرون ويصفقون ويصفرون ثم ينتقي كل منهم حاجته من البضاعة
ويعود بها إلى بيته وتبدأ التجارة وأشياء أخرى .
المشهد الثاني
في عصر الحرية والنور الحالي قطعان من النساء الجميلات_ وأرجو أن تسامحوني على هذه العبارة التي ترددت كثيرا قبل استخدامها_ أقول قطعان من النساء الجميلات العاريات يقودهن نخاسون معاصرون إلى العرض في مكان بارز مرتفع يسمى مسرحا أو منصة أمام الاف الحاضرين وملايين المتفرجين عبر الأقمار الصناعية ، ليشاهدوا أجسادهن العارية ، وتكون اللجان المدربة الخبيرة جاهزة لتفقد البضاعة والحكم عليها ، ولكل جزء في الجسد تقييم خاص ، محيط الصدر والتفاف الأفخاذ ونحول الخصر ولون العينين وتسريح الشعر .
وتقوم اللجان الموقرة بإصدار الحكم فهذه ملكة الجمال ، وتلك الوصيفة، وتلك في المركز الثالث وهكذا ، وتنهمر دموع الفرح والحزن والخيبة ، وتعلو الهتافات ويدوي التصفيق وتنهال التهاني والتبريكات وتجن آلات التصوير وتبدأ التجارة والأشياء الأخرى .
أليست هذه هي مسابقات ملكات الجمال ؟ أم أنني أتجنى وأبالغ ؟ والله إنني حاولت تهذيب ألفاظي والتخفبف من حدتها وتحسن المشهد الذي يعرف الجميع أنه ليس حسنا البتة.
هل من كبير فرق بين المشهدين ؟ ربما في بعض التفاصيل الصغيرة ، غير أنني أرى فرقا آخر يكمن في أن النساء المسكنات في المشهدالأول كن مجبرات مغلوبات على أمرهن مطأطئات رؤوسهن خجلا مشيحات بعيونهن عن المشاهدين حياء وقهرا وشعورا بالمهانة والذل وبعضهن يحاولن التمرد والمعاندةوالانتفاض للكرامة المستباحة ،وللعرض الضائع، أما نساء المشهد المعاصر فقد جئن طواعية بكل رغبة رافعات رؤوسهن فخرا وعزة وشرفا وفرق آخر بين إناث المشهدين ففي حين أن المشهد الثاني لا يطلب فيه منهن سوى الجسد فإنهن في المشهد الأول كن في كثير من الأحيان أعلى قدرا ،وأجل قيمة فالتي كانت منهن تملك حظا من العلم والثقافة؛ كانت قيمتها المادية والمعنوية ترتفع ولذاك فقد كان النخاسون يعلمون إماءهم وجواريهم الغناء والأدب والكثير من المعارف ويحفظوهن الشعر والقصص وفي المدن والحواضر الإسلامية كانوا يحفظونهن القرآن الكريم والحديث الشريف لتعلو أثمانهن
و يبقى المستفيد في المشهد الاول هو النخاس وشركاؤه وأعوانه من التجار، أما المستفيد في المشهد الثاني ؛ فهم النخاسون الجدد المتمثلون في الشركات التجارية الكبرى التي ترعى وتشرف على هذا الرق المعاصر .
ويتباكى المتباكون على حقوق الأنسان وامتهان كرامته وعلى حق المرأة في التعري والتبذل وينعتون كل من تحاول الاحتشام بالرجعية والعودة غلى عصور الظلام ِ .
أنور الوريدي