(الخليج الثقافي)
لم أتصور نفسي يوما أن أكون ضيفا في بيت إحدى الشخصيات الروسية والعالمية الأكثر جدلا ألا وهي شخصية Grégory Efimovitch Raspoutine، ولقب راسبوتين الحقيقي “نوفيخ” والمولود فى 29 يوليو/تموز عام 1871 والواقع في إحدى القرى السيبيرية “بوكوروفسكي” حوالي 50 كلم عن مدينة تومين، أمنية حققها لنا صندوق اتحاد الصناعات في المدينة ضمن جولة صحافية للاطلاع على المراكز الاستثمارية فيها، وكانت “الخليج” الوحيدة من بين وسائل الإعلام العربية التي حظيت بهذا التكريم.
الفضول جعل من مسافة الطريق المؤدية إلى بيت “راسبوتين” رغم جمال طبيعتها المعهودة، كانت هي الأطول في مسيرتنا لمشاهدة بيت شخصية حيرت الجميع، ومازال الشك قائماً حولها والخارقة للمألوف الاجتماعي والفكري في مختلف بقاع العالم، وحول قدراته الروحية والفكرية التي أثّرت في مسار مجتمعه في عصره.
أطلقوا عليه ألقاباً لا تخلو من المبالغة والانحياز، وظلمه البعض في تعريفاتهم التي اعتمدت على التجارة الإعلامية والثقافية، منتهزين بعض الغموض في شخصيته التي لم تكن مفهومة بعلمية وموضوعية، ومعتمدين أيضاً على قدراته التنبئية التي كان يمتاز بها والتي قوبِلَت بالاتهامات العديدة والمتنوّعة حينها، إضافة إلى إشعال نار الغيرة والحسد من بعض المحيطين به، فهو صانع المعجزات، والراهب الفاسق، والماجن، والساحر، والمشعوذ، والفاجر.
وهو مثلا في هولندا عنوان للسكائر، وفي أمريكا اللاتينية للكحول وفي بلده الأم فاسمه يزين يافطات النوادي الليلية تعبيرا عن المجون، وليس لقب “راسبوتين” الأكثر شهرة، سوى امتداد لهذه الألقاب المُبالغ بها، والذي يعني بلغة ذاك الزمن: “الفاسق”.
لم يدخل “راسبوتين” أية مدرسة، وكان أميا ولا علم له بالتطبيب، إلا أنه لعب دوره بشكل متقن، وبالفعل استطاع أن يساعد من لجأ إليه، وكان موهوبا في القدرة على تهدئة المتوترين وإعطاء الأمل لمن كان يائسا، وقال عنه كارهوه، إنه ابن سارق خيل، وانه هو نفسه أصبح في ما بعد سارق خيل ولصا. واتهمه أعداؤه بأنه تمرن في مهنة السرقة، فنمت مهاراته وعلا مكره. ألقي القبض عليه أكثر من مرة بالجرم المشهود وتعرض للضرب المبرح.
وتعاظم نفوذ “راسبوتين” بفضل رعاية الامبراطورة وعجز القيصر عن إبعاده حتى أصبح يتدخل في تعيين الوزراء، كما أشيع عنه، لدرجة أن قصاصة من “راسبوتين” مكتوبة بخط لا يكاد يُقرأ كفيلة بتسلم أي شخص لوزارة ليكون موضع الاتهام الوحيد في الأزمات والتقلبات السياسية العاصفة التي تعرضت لها روسيا، فخلال فترة ستة عشر شهرا ابتداء من عام ،1915 تم تغيير أربعة رؤساء وزراء، وخمسة وزراء للداخلية، وأربعة وزراء زراعة وثلاثة وزراء حربية.
ولحظة وقوف الباص عند مقصدنا وقع نظرنا عند أحد البيوت الخشبية المبنية على شكل مربع بطابقيه الاثنين، استقبلتنا السيدة “ناتاليا ميخايلوفنا” التي أخذت على عاتقها مسؤولية الاهتمام بهذا الصرح الثقافي الذي يتمنى الجميع ممن مثلي الوقوف عنده لمعرفة أسرار هذه الشخصية التي اغتيلت بأبشع الطرق من قِبل الأمير الروسي فيليكس يوسوبوف وجعل من حادثة اغتياله في 30 ديسمبر/ كانون الأول عام 1916 في قصر يوسوبوف قصة يتداولها الإعلام حتى يومنا هذا، وذلك لغرابة تفاصيلها ومقاومة “راسبوتين” اللاطبيعية للموت بشتى الوسائل الأخرى التي استخدمها المنفذون بالرغم من هذا التحذير الذي لم يكن خاطئاً، أصرّ “راسبوتين” على الذهاب إلى ذلك الموعد والارتماء بين أنياب الغدر لتصدق كلماته:
“سأموت موتاً شنيعاً بعد عذابٍ شديد،
وبعد موتي لن يكون لجسدي الراحة
وستتجرّدين يا الكساندرا من الملكية على روسيا
وأنتَ وابنك ستُغتالون.. وكذلك كلّ العائلة الملكية
سيعبر روسيا بعد ذلك طوفان رهيب
و ستقع بين يديّ الشيطان”
“ميخايلوفنا” التي كرست حياتها لكشف حقيقة ولغز هذه الشخصية من خلال دراساتها وكتبها ورسالة الدكتوراه التي أعدتها وان حاولت خلالها التخفيف من الجدل الدائر حوله ليس في تاريخ بلادها السياسي والاجتماعي فحسب، بل وحتى في المجال الثقافي، تجولت معنا في أروقة البيت الذي وإن احتفظ برونقه الخارجي إلا أن آثار الزمن كانت بائنة على محتوياته وجدرانه في الداخل التي نال الزمن منها، وأصبحت تحت طائلة خطر السقوط إن لم تمتد لها يد الرعاية.
محتويات الدار البسيطة التي طال الصدأ البعض منها والترهل والقدم للبعض الآخر تحكي للواقف أمامها الحياة المملوءة بالتناقضات الاجتماعية، ومن اللافت وجود أكثر من مكواة في الدار تعكس حرص الراهب الرهيب على الظهور بالمظهر الذي يمكن له من خلاله كسب ود النساء باعتباره ساحراً فاسقاً، وكانت حياته أيضاً مجموعة غوايات وملذات بين قريته الصغيرة والمدن الروسية الكبرى، وذلك رغم حياته العائلية التي كان يتعامل معها بكلّ حب وحنان وقناعة.
والصور المنتشرة على جدران الدار وفي خزانة العرض جسدت “راسبوتين” رجلاً متوسط القامة، لكنّه هائل القوّة والصلابة، يحتفظ دائماً بشعره الوسخ الطويل المبعثر، ولحيته الطويلة المتدلّية على صدره. وعيناه اللتان كانتا بلون زرقة البحر وعمقه، تميّز نظراته بقدرة خارقة على الجذب والتنويم المغناطيسي الطبيعيّ.
وعكست المحتويات أولى قدراته الخارقة في محاولة شفاء المرضى من الأمراض، ما أدى في ما بعد إلى انتشار سمعته في مختلف المناطق، ودفع الكثيرين للجوء إليه لمعالجة أنفسهم أو أفراد عائلتهم من أمراض نفسية وجسدية، ولكنّه كان يردّد لهم باستمرار: “لستُ ذاك الذي يشفي من الأمراض، بل هو الله القادر على كلّ شيء”.
بعد القرية التي ولد فيها “راسبوتين” عن المناطق الحضرية وانعزالها وصعوبة الوصول إليها جعل من المعرفة عن حياته المبكرة قليلة، لذا فإن ما حفظ عن حياته في مسقط رأسه عبارة عن شذرات قليلة جاء معظمها على لسانه هو نفسه في حين يعتقد بعض الباحثين أن “راسبوتين” كان كاهنا، بينما يرى البعض الآخر بأنه ليس سوى ممثل بارع أتقن دور الكهانة وأقنع الكثيرين بأنه قديس مختار.
ويفاجأ الزائرون بشخصية “أندريه” الرجل الذي استغل صفة الشبه الكبيرة التي تجمعه بشخصية “راسبوتين” الأصل حتى صار تعويذة جميع الزائرين لالتقاط الصور معه، ليحكي بؤسه على عكس غريمه الذي كان يعشق الحياة الناعمة والسلطة وانغمس في الملذات، ونال من المجد ما أسكره وأفقده توازنه البسيط حتى صارت مغامراته تشبه الخيال، ودخول “راسبوتين” للبلاط وهو الفلاح البسيط ونفوذه الكبير بالإضافة إلى شخصيته الغريبة ألبت عليه الأعيان الذين كرهوه أشد الكره فتآمروا على حياته.
ويروي لنا “أندريه” أنه كانت للطفل “راسبوتين” قدرات روحية خارقة وبرزت في احد الأيام عندما كان يرقد محموما وحدثت سرقة لأحد الأحصنة في القرية، واتجه الناس جميعا إلى منزل “راسبوتين” ليتهموا والده بسرقة الحصان لما عرف عنه قبل ذلك بأنه لص بهائم، ولكن تحدث معجزة في هذه الأثناء بأن يفيق “راسبوتين” من الحمى ليدافع عن والده ويشير بأصابع الاتهام لأحد الأشخاص في القرية ودهش الناس جميعا من “راسبوتين” وكانت هناك طاقة روحية غامضة دفعتهم دفعا ليصدقوه واتجهوا إلى منزل الشخص الذي اتهمه “راسبوتين” ليجدوا عنده الحصان، واشتهر “راسبوتين” بعد هذه الحادثة بأنه طفل مبروك ومكشوف عنه الحجاب.
ربما قرأتم عن “راسبوتين” أو شاهدتم بعض الأفلام التي حاولت تجسيد حياته وشخصيته، إلا أن رحلة ال 45 دقيقة في أروقة داره أكدت أنه من وجهة نظر البعض، هو إنسان خارق للعادة، ومن وجهة نظر البعض الآخر، هو إنسان مجنون، وفي الواقع، “راسبوتين” لم يكن لا هذا ولا ذاك وأنّه من الطبيعي أن يكرهه البعض ويخطط للتخلص منه لأنهم يحمّلونه مسؤولية تدهور الوضع السياسي الروسي خلال الحرب الألمانية الروسية.
بقي أن نذكر أنه عند نهاية زيارة بيت “راسبوتين” يتم على الأغلب تهافت الزائرين للجلوس على كرسيه الذي أصبح يترنح من كثرة من جلس عليه، فهو بالنسبة للرجل تمنيات في الحظوة بفتن ثلاث نساء في حين هو للنساء أمل في الحصول على ثلاثة أبناء.
لم أتصور نفسي يوما أن أكون ضيفا في بيت إحدى الشخصيات الروسية والعالمية الأكثر جدلا ألا وهي شخصية Grégory Efimovitch Raspoutine، ولقب راسبوتين الحقيقي “نوفيخ” والمولود فى 29 يوليو/تموز عام 1871 والواقع في إحدى القرى السيبيرية “بوكوروفسكي” حوالي 50 كلم عن مدينة تومين، أمنية حققها لنا صندوق اتحاد الصناعات في المدينة ضمن جولة صحافية للاطلاع على المراكز الاستثمارية فيها، وكانت “الخليج” الوحيدة من بين وسائل الإعلام العربية التي حظيت بهذا التكريم.
الفضول جعل من مسافة الطريق المؤدية إلى بيت “راسبوتين” رغم جمال طبيعتها المعهودة، كانت هي الأطول في مسيرتنا لمشاهدة بيت شخصية حيرت الجميع، ومازال الشك قائماً حولها والخارقة للمألوف الاجتماعي والفكري في مختلف بقاع العالم، وحول قدراته الروحية والفكرية التي أثّرت في مسار مجتمعه في عصره.
أطلقوا عليه ألقاباً لا تخلو من المبالغة والانحياز، وظلمه البعض في تعريفاتهم التي اعتمدت على التجارة الإعلامية والثقافية، منتهزين بعض الغموض في شخصيته التي لم تكن مفهومة بعلمية وموضوعية، ومعتمدين أيضاً على قدراته التنبئية التي كان يمتاز بها والتي قوبِلَت بالاتهامات العديدة والمتنوّعة حينها، إضافة إلى إشعال نار الغيرة والحسد من بعض المحيطين به، فهو صانع المعجزات، والراهب الفاسق، والماجن، والساحر، والمشعوذ، والفاجر.
وهو مثلا في هولندا عنوان للسكائر، وفي أمريكا اللاتينية للكحول وفي بلده الأم فاسمه يزين يافطات النوادي الليلية تعبيرا عن المجون، وليس لقب “راسبوتين” الأكثر شهرة، سوى امتداد لهذه الألقاب المُبالغ بها، والذي يعني بلغة ذاك الزمن: “الفاسق”.
لم يدخل “راسبوتين” أية مدرسة، وكان أميا ولا علم له بالتطبيب، إلا أنه لعب دوره بشكل متقن، وبالفعل استطاع أن يساعد من لجأ إليه، وكان موهوبا في القدرة على تهدئة المتوترين وإعطاء الأمل لمن كان يائسا، وقال عنه كارهوه، إنه ابن سارق خيل، وانه هو نفسه أصبح في ما بعد سارق خيل ولصا. واتهمه أعداؤه بأنه تمرن في مهنة السرقة، فنمت مهاراته وعلا مكره. ألقي القبض عليه أكثر من مرة بالجرم المشهود وتعرض للضرب المبرح.
وتعاظم نفوذ “راسبوتين” بفضل رعاية الامبراطورة وعجز القيصر عن إبعاده حتى أصبح يتدخل في تعيين الوزراء، كما أشيع عنه، لدرجة أن قصاصة من “راسبوتين” مكتوبة بخط لا يكاد يُقرأ كفيلة بتسلم أي شخص لوزارة ليكون موضع الاتهام الوحيد في الأزمات والتقلبات السياسية العاصفة التي تعرضت لها روسيا، فخلال فترة ستة عشر شهرا ابتداء من عام ،1915 تم تغيير أربعة رؤساء وزراء، وخمسة وزراء للداخلية، وأربعة وزراء زراعة وثلاثة وزراء حربية.
ولحظة وقوف الباص عند مقصدنا وقع نظرنا عند أحد البيوت الخشبية المبنية على شكل مربع بطابقيه الاثنين، استقبلتنا السيدة “ناتاليا ميخايلوفنا” التي أخذت على عاتقها مسؤولية الاهتمام بهذا الصرح الثقافي الذي يتمنى الجميع ممن مثلي الوقوف عنده لمعرفة أسرار هذه الشخصية التي اغتيلت بأبشع الطرق من قِبل الأمير الروسي فيليكس يوسوبوف وجعل من حادثة اغتياله في 30 ديسمبر/ كانون الأول عام 1916 في قصر يوسوبوف قصة يتداولها الإعلام حتى يومنا هذا، وذلك لغرابة تفاصيلها ومقاومة “راسبوتين” اللاطبيعية للموت بشتى الوسائل الأخرى التي استخدمها المنفذون بالرغم من هذا التحذير الذي لم يكن خاطئاً، أصرّ “راسبوتين” على الذهاب إلى ذلك الموعد والارتماء بين أنياب الغدر لتصدق كلماته:
“سأموت موتاً شنيعاً بعد عذابٍ شديد،
وبعد موتي لن يكون لجسدي الراحة
وستتجرّدين يا الكساندرا من الملكية على روسيا
وأنتَ وابنك ستُغتالون.. وكذلك كلّ العائلة الملكية
سيعبر روسيا بعد ذلك طوفان رهيب
و ستقع بين يديّ الشيطان”
“ميخايلوفنا” التي كرست حياتها لكشف حقيقة ولغز هذه الشخصية من خلال دراساتها وكتبها ورسالة الدكتوراه التي أعدتها وان حاولت خلالها التخفيف من الجدل الدائر حوله ليس في تاريخ بلادها السياسي والاجتماعي فحسب، بل وحتى في المجال الثقافي، تجولت معنا في أروقة البيت الذي وإن احتفظ برونقه الخارجي إلا أن آثار الزمن كانت بائنة على محتوياته وجدرانه في الداخل التي نال الزمن منها، وأصبحت تحت طائلة خطر السقوط إن لم تمتد لها يد الرعاية.
محتويات الدار البسيطة التي طال الصدأ البعض منها والترهل والقدم للبعض الآخر تحكي للواقف أمامها الحياة المملوءة بالتناقضات الاجتماعية، ومن اللافت وجود أكثر من مكواة في الدار تعكس حرص الراهب الرهيب على الظهور بالمظهر الذي يمكن له من خلاله كسب ود النساء باعتباره ساحراً فاسقاً، وكانت حياته أيضاً مجموعة غوايات وملذات بين قريته الصغيرة والمدن الروسية الكبرى، وذلك رغم حياته العائلية التي كان يتعامل معها بكلّ حب وحنان وقناعة.
والصور المنتشرة على جدران الدار وفي خزانة العرض جسدت “راسبوتين” رجلاً متوسط القامة، لكنّه هائل القوّة والصلابة، يحتفظ دائماً بشعره الوسخ الطويل المبعثر، ولحيته الطويلة المتدلّية على صدره. وعيناه اللتان كانتا بلون زرقة البحر وعمقه، تميّز نظراته بقدرة خارقة على الجذب والتنويم المغناطيسي الطبيعيّ.
وعكست المحتويات أولى قدراته الخارقة في محاولة شفاء المرضى من الأمراض، ما أدى في ما بعد إلى انتشار سمعته في مختلف المناطق، ودفع الكثيرين للجوء إليه لمعالجة أنفسهم أو أفراد عائلتهم من أمراض نفسية وجسدية، ولكنّه كان يردّد لهم باستمرار: “لستُ ذاك الذي يشفي من الأمراض، بل هو الله القادر على كلّ شيء”.
بعد القرية التي ولد فيها “راسبوتين” عن المناطق الحضرية وانعزالها وصعوبة الوصول إليها جعل من المعرفة عن حياته المبكرة قليلة، لذا فإن ما حفظ عن حياته في مسقط رأسه عبارة عن شذرات قليلة جاء معظمها على لسانه هو نفسه في حين يعتقد بعض الباحثين أن “راسبوتين” كان كاهنا، بينما يرى البعض الآخر بأنه ليس سوى ممثل بارع أتقن دور الكهانة وأقنع الكثيرين بأنه قديس مختار.
ويفاجأ الزائرون بشخصية “أندريه” الرجل الذي استغل صفة الشبه الكبيرة التي تجمعه بشخصية “راسبوتين” الأصل حتى صار تعويذة جميع الزائرين لالتقاط الصور معه، ليحكي بؤسه على عكس غريمه الذي كان يعشق الحياة الناعمة والسلطة وانغمس في الملذات، ونال من المجد ما أسكره وأفقده توازنه البسيط حتى صارت مغامراته تشبه الخيال، ودخول “راسبوتين” للبلاط وهو الفلاح البسيط ونفوذه الكبير بالإضافة إلى شخصيته الغريبة ألبت عليه الأعيان الذين كرهوه أشد الكره فتآمروا على حياته.
ويروي لنا “أندريه” أنه كانت للطفل “راسبوتين” قدرات روحية خارقة وبرزت في احد الأيام عندما كان يرقد محموما وحدثت سرقة لأحد الأحصنة في القرية، واتجه الناس جميعا إلى منزل “راسبوتين” ليتهموا والده بسرقة الحصان لما عرف عنه قبل ذلك بأنه لص بهائم، ولكن تحدث معجزة في هذه الأثناء بأن يفيق “راسبوتين” من الحمى ليدافع عن والده ويشير بأصابع الاتهام لأحد الأشخاص في القرية ودهش الناس جميعا من “راسبوتين” وكانت هناك طاقة روحية غامضة دفعتهم دفعا ليصدقوه واتجهوا إلى منزل الشخص الذي اتهمه “راسبوتين” ليجدوا عنده الحصان، واشتهر “راسبوتين” بعد هذه الحادثة بأنه طفل مبروك ومكشوف عنه الحجاب.
ربما قرأتم عن “راسبوتين” أو شاهدتم بعض الأفلام التي حاولت تجسيد حياته وشخصيته، إلا أن رحلة ال 45 دقيقة في أروقة داره أكدت أنه من وجهة نظر البعض، هو إنسان خارق للعادة، ومن وجهة نظر البعض الآخر، هو إنسان مجنون، وفي الواقع، “راسبوتين” لم يكن لا هذا ولا ذاك وأنّه من الطبيعي أن يكرهه البعض ويخطط للتخلص منه لأنهم يحمّلونه مسؤولية تدهور الوضع السياسي الروسي خلال الحرب الألمانية الروسية.
بقي أن نذكر أنه عند نهاية زيارة بيت “راسبوتين” يتم على الأغلب تهافت الزائرين للجلوس على كرسيه الذي أصبح يترنح من كثرة من جلس عليه، فهو بالنسبة للرجل تمنيات في الحظوة بفتن ثلاث نساء في حين هو للنساء أمل في الحصول على ثلاثة أبناء.