الأخبار
الاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوعنعيم قاسم: لن نكون جزءاً من شرعنة الاحتلال في لبنان ولن نقبل بالتطبيعفتوح: تهجير عشرات العائلات من عرب المليحات امتداد مباشر لسياسة التطهير العرقي والتهجيرالنيابة والشرطة تباشر إجراءاتهما القانونية في واقعة مقتل شابة في مدينة يطا
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غزو الكويت بعد ثمانية عشر عاما... مأساة أمة بقلم:داود البصري

تاريخ النشر : 2008-08-02
المآسي والكوارث التي أحاقت بالعالم العربي والتي سببتها الأنظمة القمعية والشمولية المتدثرة بأغطية الثورية أكبر كثيرا من أن تضمها دفتا كتاب أو تحتويها سطور مقالة مهما بلغ كاتبها درجة الإتقان لفن حرفة الكتابة ولأساليبها وتقنياتها, ومأساة قومية عظمى من طراز مصيبة »غزو دولة الكويت« ستظل على مدى الدهور والأزمان علامة موجعة من علامات معيبة لأنظمة فاشية ديكتاتورية سادت ثم بادت بعد أن جلبت الخراب والدمار التاريخي لأوطانها ولمحيطها الاقليمي, وساهمت أبدع مساهمة في تكسيح و»تشليح« الأمة العربية بالكامل, وجعلها عارية حتى من ورقة التوت أمام العواصف والمتغيرات الدولية, جريمة غزوالكويت التاريخية في الثاني من أغسطس (آب) 1990 ليست مجرد حدث عابر وسريع في التاريخ العربي المعاصر, بقدر ما كانت انقلابا فكريا وسياسيا وحضاريا ألقى بمؤثراته المرهقة على واقع وحاضر الشعوب العربية, وبما كرس للأسف قيما بدائية كنا نتوقع أن تكون قد اضمحلت وهي قيم الغزو, والعدوان, والنهب والاستباحة, فإذا بها تعود تحت وابل كثيف من قصف الشعارات القومية الرثة المتدثرة بأغطية شعارات العدالة الاجتماعية وأسطورة إعادة توزيع الثروة القومية, والتي فشلت الأنظمة الثورية العربية في إدارتها إدارة صحية وسليمة تعود بالخير العميم على الناس بدلا من بعثرتها في الحروب التي لا تنتهي, وفي مخططات التوسع والغزو, وبناء الإمبراطوريات الوهمية للزعامات المفلسة والأمية الفاقدة لكل مصداقية, في ذلك اليوم الأسود من أيام التاريخ العربي المعاصر الحالك إنهارت وسقطت كل الأقنعة دفعة واحدة, بعد أن تحول في لحظات كانت هي الفيصل بين الكوميديا السوداء والتراجيديا المفرطة الصديق إلى عدو, والعدو إلى صديق حميم! هكذا ومن دون مقدمات حرك حاكم العراق السابق صدام حسين جيوشه وحرسه الجمهوري المدجج جنوبا بهدف وتوجيه ستراتيجي محوره ضرب العدو الصهيوني! من الجنوب وليس من الغرب! وفي لحظات مفجعة ووسط الدهشة انتقلت بوابات القدس العتيقة لتتحول لبوابة الجهراء والشامية! وأجهز جيش »البوابة الشرقية«! وقوات »حمورابي« و»المدينة« و»عدنان« و»توكلنا« لينهش في لحم أشقائه وليعض اليد التي أمدته طيلة سنوات الصراع ضد إيران بكل أدوات ووسائل الصمود ورد العدوان, فإذا بجزاء سنمار يأتي من حاكم بغداد السابق الذي لم تستطع آيديولوجيته القومية البعثية التي يتخفى من ورائها أن تسعفه في تبرير العدوان بما فيه الكفاية فإخترع حكاية »الرد على المؤامرة الصهيونية«! المقبلة من الكويت? ثم تطورت القصة لنفض الغبار عن أسطورة عودة الفرع للأصل, وكانت الحواشي والزوايا التي تضمن تأييد رعاع العالم العربي من الأحزاب والجماعات الارتزاقية المعروفة هي قصة إعادة توزيع الثروة العربية على الفقراء والمحبطين, رغم أن النظام العراقي قد نجح بإمتياز في تحويل أغنى بلد عربي, وهو العراق لأفقر بلد في العالم وتحويل الشعب العراقي لمتسولين في واحدة من كبرى الجرائم الإنسانية التي لم تسلط الأضواء عليها كثيرا.
لقد تصرف نظام صدام في إثارته للأزمة الكويتية بمنطق »مافيوزي« محض, وبعقلية إجرامية تآمرية إتضح فيما بعد أنها كانت نتيجة لتفاهمات دولية سابقة كانت جزءا لا يتجزأ من برنامج دولي سابق للتوريط, وإدارة النزاعات في الشرق الأوسط, وخلق ملفات بديلة وحساسة يمكن التعامل بمفرداتها وأدواتها في الوقت المناسب, فبعد عامين من نهاية الحرب العراقية - الإيرانية في (آب) أغسطس 1988 لم يتمكن النظام العراقي من الخروج من الطريق المسدود والفاشل الذي أوصلت سياساته الحمقاء العراق إليه, وبات واضحا عظم الأزمة الداخلية التي كانت تنهش في لحم النظام الديكتاتوري عبر محاولات الإنقلاب العسكرية وعبر إتضاح الفشل في الخروج بأي نتائج ايجابية من مغامرة الحرب الماراثونية الطويلة ضد إيران, والتي إنتهت بالتعادل الدموي وبنصر باهت كان بطعم الهزيمة, وقد ثبت مبدئيا بأن نظام صدام كان لا يمكن أن يعيش أو يستمر خارج قوس الأزمات والمشكلات الكبرى لأن طبيعة ذلك النظام, بشخوصه الفاشية وأفكارهم البليدة وحب الظهور والزعامة, كانت لا تعبر عن ذاتها إلا من خلال المعارك والمشكلات ونظام صدام لم يأت للسلطة الأولى ولم يعلق جثث الرفاق البعثيين وغيرهم على مذبح بلاطه إلا بهدف توافقي دولي يتضمن اشعال المنطقة, في أوائل العام 1990 كان واضحا إن النظام العراقي كان يتخبط في إرهاصات الفشل والإحباط رغم إدعاء القوة والاقتدار من الناحية الإعلامية الصرفة فقط لا غير, وفي ربيع ذلك العام كان النظام يعد عدته لعقد قمة عربية في بغداد هي الثانية بعد قمة العام 1978 التي جاءت بعد مبادرة المرحوم الرئيس المصري أنور السادات بزيارة القدس, وكان عنوان تلك القمة عنوانا إقتصاديا محضا كان يختفي خلفه تهديد واضح المعالم شعاره. العبارة الشهيرة »قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق«! في أسلوب »مافيوزي« لا تخطىء العين الخبيرة قراءة دلالاته وبهدف محوره خلط الأوراق وإظهار القضية بكونها صراعا بين الأغنياء والفقراء في العالم العربي, رغم أن العراق كان ولا يزال من أغنى بلدان المنطقة, وحيث نجح نظام صدام بتحويله لبلد مدمر ومدقع, ووضع شعبه على حافة التسول, بل وفي قلبها, وعقدت قمة بغداد في 28 مايو1990 في ظل قصف مكثف من الشعارات الثورية وتداخلات لصراع مع الغرب, أريد له أن يأخذ شكلا تلفزيونيا عبر التهديدات الصدامية المثيرة للسخرية بحرق نصف إسرائيل ب¯»الكيماوي المزدوج«! وكان النظام يعد عدته لصيف الغدر ويمهد الأرضية لذلك من خلال إدعاءات بتدمير كل من دولة الإمارات العربية ودولة الكويت للإقتصاد العراقي في كذبة مفضوحة كان واضحا أن الهدف منها الكويت فقط لا غير, فبدأت خطوات التصعيد التدريجية والمطالبات التبريرية التي لم تهدف إلا للتمويه وتضييع الوقت, فالخلاف لم يكن ماليا أبدا, بل كان ترجمة حقيقية لأطماع النظام الصدامي الذي فشل في الحرب والسياسة, وبات يدعو لسياسة هيمنة إقليمية ولو على حساب المبادئ الاقليمية, خصوصا أنه دعا لتحالف مع عدوه القديم النظام الإيراني بالضد من اخوته وأشقائه في الخليج, وكان إجتماع جدة في الوقت الضائع فكل الخطط العسكرية والمخابراتية كانت موضوعة ومعدة بالكامل لغزو واستباحة وضم الكويت, وكان سيناريو ذلك الغزو بائسا بحاجة لرتوش ومقدمات فكانت حكاية »الثورة العسكرية«! وطلب الضباط الكويتيين بقيادة العقيد علاء حسين علي و»مجلس ثورته«! طلب المساعدة من العراق? في بؤس إعلامي وسياسي وجهل مطبق لا حدود له ولأبعاده, وبما يثبت أن عقلية قادة ذلك النظام تحمل شأنا عظيما من البؤس والسذاجة المفرطة, فجاء فجر يوم الخميس الثاني من (آب) أغسطس ليغير كل القواعد والمسلمات ولتتحقق واحدة من أكبر جرائم القرن العشرين في العالم العربي ولتفتتح صفحات عصرية وجديدة من الفتنة الكبرى القومية التي لم يهدأ أوارها حتى اليوم, والتي كشفت عن البؤس الفكري الفظيع المحيط بعقلية المثقف العربي, قبل رجل الشارع العادي, وحيث إختلطت الأوراق وتحول الغزو البغيض عند البعض من المغرر بهم من الواقعين في أوهام الآيديولوجية الرثة لبطولة مفرطة, وتحول إمتهان الإنسان العربي في الكويت, وسرقة بلده لنصر قومي كبير عند البعض الآخر! وتناسى الكثير من ناكري الجميل في العالم العربي وقفات الشعب الكويتي وقيادته في دعم الشعوب العربية والإسلامية, وتم تناسي كل أيادي الخير والعطاء ليحاول نظام صدام ركوب الموجة القومية البائسة التي وفرتها بيانات الأحزاب القومية الارتزاقية التعبانة في شرق العالم العربي ومغربه, تحقق الغزو بهدف إخفاء الكويت عن خارطة الدنيا, وما علم نظام صدام بأن حبل الكذب قصير, وبأن غزوته الكويتية تتناقض كليا مع دعاياته الرخيصة في ما كان يسمى بإعلان ميثاق العمل القومي في فبراير 1980 والذي كان المقدمة لحربه على إيران! ثم تم تناسيه في موضوع غزو الكويت الذي لم يجلب في المحصلة النهائية المجد للعراق, بل جلب الخراب والدمار للكويت بأسرها وللعراق ومن ثم العالم العربي وحتى الإسلامي! لقد كان الغزو مشروعا بائسا وفاشلا منذ البداية وكان يحمل بذور نهايته وتشظيه لأنه كان ضد منطق التاريخ وحقائق الأشياء, وحريات الشعوب لا يمكن أن تخضعها آلة عسكرية باطشة وقيادة بائسة مهزومة من طراز قيادة صدام حسين وزمرته, وأنتصرت الحرية في الكويت لأن إنتصار الحرية رهن بإرادة الأحرار, وبلد صغير كالكويت الذي صمد في وجه العوادي وخطط رسم وتغيير الخرائط في الشرق الأوسط, لا يمكن أن يخضع لزمرة من القتلة واللصوص و»النصابين«, إنتهى الغزو وتحررت الكويت ونهضت من تحت الرماد وتأكد البناء التاريخي والتوافق الشعبي وجرت مياه ودماء كثيرة تحت كل الجسور, وسقط النظام العراقي وتلاشى رموزه بين مشنوق ومقطوع الرأس ومطارد, وتغيرت أشياء كثيرة ولم تبق سوى الذكريات المرة والتجارب والعبر بعد أن غرق العراق حتى أذنيه في نتائج المراحل الماضية, لقد كان الغزو حالة إجرامية خارج سياق التاريخ, ولكنه كان في الحالة الكويتية تتويجا وتأكيدا لمدى التحالف والإرتباط الوثيق بين الشعب وقيادته, فحياة الشعوب لا تصقلها إلا التجارب المرة التي من شأنها أن تميز العدو من الصديق... ذهب الغزو الى غير رجعة ودفع المجرمون الثمن, وحريات الشعوب ليست مجالا للمساومة أبدا.
[email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف