الطريق .. من هاهنا ..!! بقلم / فضيلة الشيخ ياسين بن خالد الأسطل
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في الأربعاء 28/رجب /1429 هـ الموافق 30/7/ 2008 إفرنجية ..
هل أصبح الفلسطينيون يعيشون المتاهة ؟ .. أم أن المتاهة تعيش فيهم ؟..!! ، والمنزلقات الموقعة في المتاهة كثيرة وكبيرة ، لا تحتاج إلى كبير عقل أو عظيم فهم ، فهناك منزلق الجهل والتجاهل ، وهناك منزلق الغرور والاغترار ، وهناك منزلق الظلم والاستكبار ، وهناك منزلق الحسد والبغي ، وهناك منزلق الأهواء والشهوات ..إلخ ، وكل تلك المنزلقات هي أسباب لهلاك أصحابها وهلاك المنزلقين معهم فيها ، لأنهم بانزلاقهم فيها هم زبد لا قيمة له في ميزان الحق ، والزبد لا يمكث في الأرض ، قال سبحانه : {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17 .
وإنني أريد أن ألفت النظر أيها القارئ الكريم إلى قوله تعالى : ( ينفع الناس ) فالمقصود - به هنا- نفع الناس في الدنيا والإنسانية كلها مؤمنهم وكافرهم ، أبيضهم وأحمرهم بغير اختصاص جنس أو لون أو عرق أو دين ، فالله تعالى رب الناس جميعاً وإن وقعوا في معصيته أو الإشراك به ، أما إذا كانوا يسعون إلى هلاك الناس متسلطين عليهم بطغيان الجاه وجبروت المال ، واستكبار القوة أو قوة الاستكبار بغياً وحسداً ولو تلبس بدعوى الوطن أو الدين ؛ نخشى عليهم قوله تعالى : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران19 .
ورحم الله من قال : لله در الحسد ما أعدله ** بدأ بصاحبه فقتله !! .. ورحم الله من قال : البغي مرتعه وخيم .
وليس من هذه المتاهة مخرج إلا واحداً ، هو الشعور بحقيقتين عظيمتين :
* الأولى :إننا مخلوقون مربوبون لله تعالى ، عبادٌ له غير معصومين بانفرادنا أو اختلافنا إلا بالجماعة والشورى فيما بيننا .
والثانية : إننا محاسبون في الدنيا قبل الأخرة ، وإننا إذا لم نلزم الجماعة فنحن هالكون لا محالة مهما كانت قوتنا أو كان عددنا وعديدنا , الفصائلي والحزبي . وحديث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " إنما يأكل الذئب من العنم القاصية " .
ويكفي للوقوع والانزلاق في المتاهة أن ينظر الواحد من هؤلاء التائهين بعين واحدة ، أو يلبس نظارة ليست له ليجرب حظه في أن يبدو أكثر جاذبية ، ، وإن شئت فقل يمشى برجل واحدة ، ليظهر قدرته وفنونه الرياضية ، وألعابه أو ألاعيبه البهلوانية ؛ مطفئاً نور الهدايه الطبعية الفطرية والعقلية التي خلقها الله للناس جميعاً ، ومبتعداً عن نور الهداية الدينية التي هي في الحقيقة لا تخالف الهداية الأولى بل هي مترتبة عليها فالعقل والطبع الصريح لا يخالف النقل والشرع الصحيح .
وإن الأمة الحية القوية الصحيحة مهما واجهت من صعاب وخطوب فهي منتصرة عليها ولابد ،كالجسم الصحيح يحول جهاز المناعة فيه دون الأمراض فلا تصيبه ، وإذا أصيب بالمرض فإنه سرعان ما يتعافى منه ، لكن الأمة الضعيفة قد يستفحل فيها المرض ويصبح مزمناً يحتاج إلى جهد كبير في المعالجة ليبرأ منه .
ونحن الفلسطينيين ضعفاء، يدفعنا بعضنا ( المتعصب ) إلى هذه المتاهة دفعاً ، ومن منزلقاتها المتعددة والمتباينة والله تعالى هو الحافظ ، والعصمة من كل ذلك اجتماع الرأي ، وتوحيد الكلمة ، وإنكار الذات في الجماعة ، وليس إنكار الجماعة في الذات ، وأن تخضع الاختلافات في الأراء للأمة ، لا أن تخضع الأمة للآراء المختلفة ، فالحفاظ على الأمة وعلى مقوماتها مقدم على الحفاظ على الكينونة الشخصية والحزبية والفصائلية ، ومهما كانت هذه الكينونة الشخصية والحزبية والفصائلية ، ومهما كان لها من الآثار في حياة الأمة إلا أنها جزء من الماضي والحاضر ولن تكون جزءاً من المستقبل إن كانت تحاول استخدام الأمة والاستعلاء عليها ، بفكرها الخاص أو أهدافها الخاصة أو أعمالها الخاصة ، ومهما حاولت تلك الكينونة الشخصية أو الحزبية أو الفصائلية أن تجير القضية والأعمال لها دون الآخرين ، أو أن تصبغ القضية أو باقي الأمة بصبغتها الخاصة ولونها الخاص ، لأن هذا خلاف السنن الكونية التي جعلها الله تعالى في طبائع الأشياء ، {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ }آل عمران137.
وهو أيضاً خلاف السنن الشرعية التي أمر الله تعالى بها ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم المؤمنين ، وقد قال عز وجل : {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }النساء26
وفي الختام :
إن معاملة المخالف أو المختلف في الرأي مهما كان الاختلاف معه مادام ملتزما بالجماعة بالنيل منه جسدياً أو نفسياً أو معنويا بإهانة أو تجريح أو طعن أو سجنٍ أو قتلٍ من باب الاعتداء والطغيان والبغي ، فهذا الذي يقضي على صاحبه سريعاً وأن ظن الظالم تأخر أجله ، مهما كان نداؤه ومهما كانت دعواه واقرأوا التاريخ إن كنتم تعقلون .
الرئيس العام ورئيس مجلس الإدارة
المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين
خان يونس في الأربعاء 28/رجب /1429 هـ الموافق 30/7/ 2008 إفرنجية ..
هل أصبح الفلسطينيون يعيشون المتاهة ؟ .. أم أن المتاهة تعيش فيهم ؟..!! ، والمنزلقات الموقعة في المتاهة كثيرة وكبيرة ، لا تحتاج إلى كبير عقل أو عظيم فهم ، فهناك منزلق الجهل والتجاهل ، وهناك منزلق الغرور والاغترار ، وهناك منزلق الظلم والاستكبار ، وهناك منزلق الحسد والبغي ، وهناك منزلق الأهواء والشهوات ..إلخ ، وكل تلك المنزلقات هي أسباب لهلاك أصحابها وهلاك المنزلقين معهم فيها ، لأنهم بانزلاقهم فيها هم زبد لا قيمة له في ميزان الحق ، والزبد لا يمكث في الأرض ، قال سبحانه : {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17 .
وإنني أريد أن ألفت النظر أيها القارئ الكريم إلى قوله تعالى : ( ينفع الناس ) فالمقصود - به هنا- نفع الناس في الدنيا والإنسانية كلها مؤمنهم وكافرهم ، أبيضهم وأحمرهم بغير اختصاص جنس أو لون أو عرق أو دين ، فالله تعالى رب الناس جميعاً وإن وقعوا في معصيته أو الإشراك به ، أما إذا كانوا يسعون إلى هلاك الناس متسلطين عليهم بطغيان الجاه وجبروت المال ، واستكبار القوة أو قوة الاستكبار بغياً وحسداً ولو تلبس بدعوى الوطن أو الدين ؛ نخشى عليهم قوله تعالى : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ }آل عمران19 .
ورحم الله من قال : لله در الحسد ما أعدله ** بدأ بصاحبه فقتله !! .. ورحم الله من قال : البغي مرتعه وخيم .
وليس من هذه المتاهة مخرج إلا واحداً ، هو الشعور بحقيقتين عظيمتين :
* الأولى :إننا مخلوقون مربوبون لله تعالى ، عبادٌ له غير معصومين بانفرادنا أو اختلافنا إلا بالجماعة والشورى فيما بيننا .
والثانية : إننا محاسبون في الدنيا قبل الأخرة ، وإننا إذا لم نلزم الجماعة فنحن هالكون لا محالة مهما كانت قوتنا أو كان عددنا وعديدنا , الفصائلي والحزبي . وحديث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : " إنما يأكل الذئب من العنم القاصية " .
ويكفي للوقوع والانزلاق في المتاهة أن ينظر الواحد من هؤلاء التائهين بعين واحدة ، أو يلبس نظارة ليست له ليجرب حظه في أن يبدو أكثر جاذبية ، ، وإن شئت فقل يمشى برجل واحدة ، ليظهر قدرته وفنونه الرياضية ، وألعابه أو ألاعيبه البهلوانية ؛ مطفئاً نور الهدايه الطبعية الفطرية والعقلية التي خلقها الله للناس جميعاً ، ومبتعداً عن نور الهداية الدينية التي هي في الحقيقة لا تخالف الهداية الأولى بل هي مترتبة عليها فالعقل والطبع الصريح لا يخالف النقل والشرع الصحيح .
وإن الأمة الحية القوية الصحيحة مهما واجهت من صعاب وخطوب فهي منتصرة عليها ولابد ،كالجسم الصحيح يحول جهاز المناعة فيه دون الأمراض فلا تصيبه ، وإذا أصيب بالمرض فإنه سرعان ما يتعافى منه ، لكن الأمة الضعيفة قد يستفحل فيها المرض ويصبح مزمناً يحتاج إلى جهد كبير في المعالجة ليبرأ منه .
ونحن الفلسطينيين ضعفاء، يدفعنا بعضنا ( المتعصب ) إلى هذه المتاهة دفعاً ، ومن منزلقاتها المتعددة والمتباينة والله تعالى هو الحافظ ، والعصمة من كل ذلك اجتماع الرأي ، وتوحيد الكلمة ، وإنكار الذات في الجماعة ، وليس إنكار الجماعة في الذات ، وأن تخضع الاختلافات في الأراء للأمة ، لا أن تخضع الأمة للآراء المختلفة ، فالحفاظ على الأمة وعلى مقوماتها مقدم على الحفاظ على الكينونة الشخصية والحزبية والفصائلية ، ومهما كانت هذه الكينونة الشخصية والحزبية والفصائلية ، ومهما كان لها من الآثار في حياة الأمة إلا أنها جزء من الماضي والحاضر ولن تكون جزءاً من المستقبل إن كانت تحاول استخدام الأمة والاستعلاء عليها ، بفكرها الخاص أو أهدافها الخاصة أو أعمالها الخاصة ، ومهما حاولت تلك الكينونة الشخصية أو الحزبية أو الفصائلية أن تجير القضية والأعمال لها دون الآخرين ، أو أن تصبغ القضية أو باقي الأمة بصبغتها الخاصة ولونها الخاص ، لأن هذا خلاف السنن الكونية التي جعلها الله تعالى في طبائع الأشياء ، {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ }آل عمران137.
وهو أيضاً خلاف السنن الشرعية التي أمر الله تعالى بها ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم المؤمنين ، وقد قال عز وجل : {يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }النساء26
وفي الختام :
إن معاملة المخالف أو المختلف في الرأي مهما كان الاختلاف معه مادام ملتزما بالجماعة بالنيل منه جسدياً أو نفسياً أو معنويا بإهانة أو تجريح أو طعن أو سجنٍ أو قتلٍ من باب الاعتداء والطغيان والبغي ، فهذا الذي يقضي على صاحبه سريعاً وأن ظن الظالم تأخر أجله ، مهما كان نداؤه ومهما كانت دعواه واقرأوا التاريخ إن كنتم تعقلون .