الأخبار
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

صحوة ضمير مطلوب تجذيرها لانقاذ كركوك بقلم:جمال محمد تقي

تاريخ النشر : 2008-07-28
صحوة ضمير مطلوب تجذيرها لانقاذ كركوك
جمال محمد تقي

ما حدث يوم الثلاثاء المصادف 22 تموز في جلسة البرلمان العراقي المفخخ طائفيا وعرقيا واحتلاليا ، من نتائج للتصويت على القانون المعدل لانتخابات مجالس المحافظات الغير منتظمة في اقاليم ، والتداعيات المترتبة عليه يعتبر باكورة الخروج على النص من قبل المصوتين لصالحه ـ 129 نائب من اصل 141 نائبا حاضرا ـ انه تحد للقيود التحاصصية الطائفية والعرقية العمياء التي تجعل من النواب كتل صماء او قطيع يجره رأس معمم بالطائفية او رأس ملغم ببروتكولات حكماء صهيون وملفوف بغطاء رأس العنصرية الكردية هذه الرؤوس المشوهة والتي كانت جزءا فاعلا في تجسيد ما يشهده العراق من كارثة كبرى ، قد خسرت جولة التصويت هذه في هذا اليوم الذي سوف لن يكون يتيما!
لمن لا يعرف ماذا جرى وما معناه نقول : كانت قيادة كتلة الائتلاف المتحالفة مع كتلة التحالف الكردستاني قد هندسة اتفاقا وسطا بينها يجيز التصويت على القانون فقط في حالة احتواء مادته لمتعلقة بكركوك نصا يدعو الى تاجيل الانتخابات فيها لمدة 6 اشهر فقط مع بقاء الوضع على ما هو عليه ، وحتى يتم خلال هذه الفترة التدقيق بسجلات الناخبين وتطبيع الاوضاع في المحافظة ليتسنى بعدها اجراء استفتاء على انضمام المحافظة الى اقليم كردستان . . القانون طرح للتصويت فقرة فقرة ولكن في الفقرة المرقمة 24 والخاصة بانتخابات كركوك تم طرح وجهتي النظر الاولى التي جرى الاتفاق عليها بين الائتلاف والتحالف الكردستاني والثانية التي تمثل مقترح ممثلي التركمان والعرب في كركوك والداعي بنص واضح ومنطقي الى تاجيل انتخابات كركوك حتى يتم التوافق بشأن صيغتها بين مكوناتها دون الخضوع لابتزاز التوقيت ، على ان يجري اعتماد نسب 32 عضو لكل مكون ـ الاكراد والعرب والتركمان ـ بالاضافة الى 4 ممثلين عن المسيحيين لتسيير اعمال مجلس المحافظة وتقسيم السلطة بينها بالتساوي حتى تتم الانتخابات المؤجلة بعد استقرار اوضاع المحافظة وتدقيق سجلات النفوس والطابو والناخبين وحينها يشكل مجلسها حسب نتائجها الفعلية وحتى ذلك الحين تستبدل القطعات العسكرية المسيطرة على المدينة والتي هي اصلا من قوات البيشمركة بقوات محايدة من الجنوب والوسط ، وامام ضغوط اطراف الاختلاف كانت صيغة احتواء الفقرة على مقترحين هي ضرورية في عمل لجنة الصياغة لعرض وجهتي نظراصحاب الشأن على اعضاء البرلمان وهم من يرجح احدهما ، وفعلا جرى التصويت وكان سريا في فقرة كركوك المرقمة 24 وذلك بطلب من اكثر من نصف الاعضاء الحاضرين في جلسة البرلمان وتم تبني القانون بكليته مع المقترح الذي تقدم به ممثلوا العرب والتركمان في كركوك رغم انسحاب نواب التحالف الكردساني واكثرية اعضاء المجلس الاعلى في البرلمان ، واعتمد القانون باغلبية ساحقة ، بعد انسحاب المعترضين طبعا !
اتضح من التصريحات المتضاربة التي تلت الجلسة ومن اللهجة المتشنجة لممثلي التحالف الكردستاني ومن المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقداه الشيخ العطية نائب رئيس البرلمان عن جماعة الائتلاف وعارف طيفور النائب الثاني لرئيس البرلمان عن التحالف الكردستاني انهم صدموا بالنتيجة لدرجة قولهم ان الذي جرى كان بمثابة كسر عظم لجسد التوافقات " المحاصصات " التي اعتمدت منذ ايام مجلس الحكم وحتى لحظة التصويت !
كيف جرى ذلك ولماذا ؟ الاجابة تتضح ايضا ببساطة عندما نعلم ان النواب المصوتين بالايجاب كانوا قد استشعروا بالمخاطر المترتبة على مجاراة التحالف الكردستاني باطماعه غير المشروعة ، ففي الامس جرى اقرار الميزانية بتخصيصات غير عادلة لصالح التحالف الكردستاني بحيث ارتفعت النسبة من 13 % الى 17 % ، وان اغلبهم يستشعر بان الهم الوحيد الذي يشغل الكردستاني هو مصادرة عموم قرارات البرلمان لما يخدم تطلعاتهم الانفصالية ، ويصرون لانتزاع المكاسب وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة على حساب الدولة المركزية دون الايفاء بادنى شروط الواجبات الوطنية مبتزين الحالة الهشة للسلطة المركزية ومعرضين بالافعال والاقوال وحدة البلاد الى خطر التقسيم في حالة عدم الاستجابة الى رغباتهم ، وكان للدور الرائع الذي لعبه ممثلي العرب والتركمان في اطلاع الاعضاء المصوتين على حقيقة سياسة التكريد الجارية في كركوك والموصل وديالى دوره المؤثر لاستنهاض ما امكن من الغيرة الوطنية لديهم ، المصوتين كانوا من ممثلي التيار الصدري والتوافق والعراقية والفضيلة والدعوة والحوار الوطني وبعض من ممثلي الكيانات الغير رئيسية ، اما المنسحبون فهم كل نواب التحالف الكردستاني مع نواب المجلس الاعلى وممثلي الحزب الشيوعي وهما نائبان متعودان باستمرار على التبعية الذليلة للتحالف الكردستاني ، كان محمود المشهداني متسقا مع موقعه ومع ضميره هذه المرة فكان مستجيبا فعالا لمسؤولية الموقف !
ان اصرار العديد من النواب على جعل الاقتراع سريا هو محاولة للتملص من المراقبة ومن الملاحقة التي تترتب على تبنيهم مواقف متعارضة مع كتلهم المبنية على اسس لا وطنية شكلا ومضمونا ، طبعا نستثني هنا نواب كثر من التيار الصدري والفضيلة والحوار وبعض نواب باقي الكتل الذين كانت ومازالت لهم مواقف وطنية تحاول بها التأثير على الصورة القاتمة لعمل هذا البرلمان المبرمج وقراراته المشوهة ، وخاصة في تصديهم لقانون النفط والغاز والاتفاقية الامنية المزمع توقيعها مع المحتل الامريكي .
قد لا تكون للنتائج المتوخاة من التصويت الذي تحدى اكبر قوتين ـ طائفيا وعنصريا ـ في عراق اليوم فعل الحسم في موضوعة كركوك وما يحاك لها لكنها حتما ستكون تمرين فعال وفاتحة لمواقف جديدة تجعل من الوطنية العراقية الصوت الذي لا يعلوها اي صوت كان في المنطقة الخضراء اوخارجها .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف