بقلم: محمد أبو علان:
بعض قادة الفصائل الفلسطينية وأعضاء لجانها المركزية ومكاتبها السياسية باتوا كُتاب شبه دائمين على بعض مواقع الانترنت المحلية والعربية، وبعضهم بات منظرً وخطيباً في المهرجانات واللقاءات، يعرضون من خلال هذه المواقع وهذه الأساليب رؤيتهم للخروج من الواقع الفلسطيني الحالي الذي يعاني حالة الانقسام والشقاق الداخلي منذ أكثر من عام، ولو كانت كل ما يقولونه ويكتبونه خطط وتوجهات فعلية لتنظيماتهم وفصائلهم وسعوا فعلا لتطبيقه على الأرض لكان الحال الفلسطيني أفضل بكثير مما هو عليه اليوم، مما يعزز فكرة إن الآراء والمقالات والخطب التي ينشرها هؤلاء القادة السياسيين تمثل تعبير عن عجز تنظيماتهم وعجز شخوصهم عن التحرك على الأرض لرفض الانقسام والتشرذم وتحقيق الوحدة، وإن أردنا أن نكون أكثر صراحة ووضوح نقول لم يعد لهذه التنظيمات وتلك الشخصيات القواعد الجماهيرية لتحركها، ولم يبقى منها إلا هياكل وأشخاص معدودين، بالتالي بات البديل لهؤلاء القادة المقالات وأعمدة الرأي والخطب العصماء لإيصال آرائهم وتوجهاتهم وإعطاء إشارات الحياة والحراك السياسي لهم.
وكلام نائب الأمين العام للجبهة الشعبية عبد الرحيم ملوح، وكلام عضو المكتب السياسي للجبهة وعضو المجلس التشريعي عنها جميل المجدلاوي خير دليل وأفضل شاهد، فالرفيق ملوح نشر مقالاً في الأيام الأخيرة تحت عنوان " من أجل استعادة الوحدة والحق"، في المقابل صرح الرفيق المجدلاوي في احتفال أقيم لإحياء ذكرى استشهاد الشهيد الأديب الكبير غسان كنفاني قائلاً "بأننا لن نبقى للأبد نناشد حركتي فتح وحماس للجلوس لحوار وطني - لسنا صليب أحمر ولا نمسك العصا من الوسط - وإلا سنضطر لأن ننزل للشارع مع المخلصين والخيرين من أبناء شعبنا ومن كافة الفصائل بما فيها فتح وحماس وننهي ما نحن عليه من انقسام" .
والتركيز على أقوال وتصريحات القادة السياسيين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يأتي من باب الأمل الكبير الذي عقده الكثيرون منا على هذا التنظيم ذو الإرث النضالي الطويل لكي يلعب دوراً في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وفي المساهمة في حقن الدم الفلسطيني أيام الصدامات الدامية بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة، ولكن مع الأسف خيبة الأمل كانت أكبر بكثير من حجم الآمال التي علقت على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقادتها.
وبدلاً من أن تأخذ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبقية فصائل التيار الديمقراطي الفلسطيني موقفاً حاسماً مدعوماً بهبة جماهيرية اختارت هي وبقية فصائل العمل الوطني وبالتحديد قوى اليسار الفلسطيني خيار الانتظار على الجدار لمعرفة النتائج الأرض، وإن كانت تحركت فقد كان تحركها هزيلاً لا ينم عن حزم وعزم في هذا الموضوع الهام، وهنا لا أتهم هذه القيادات بالتقصير المقصود بقدر من أن هذا الواقع يدلل على حالة من الهزل الجماهيري التي باتت تعيشه هذه الفصائل التي كان الكثيرين منا يتوقع ويأمل منها أن تشكل بيضة القبان في حالة الاستقطاب الداخلي بين حركتي فتح وحماس، هذه الفصائل التي باتت تقيم احتفالاتها ومهرجاناتها في الصالات وقاعات الأفراح بعد أن كانت الساحات والميادين العامة مكاناً لهذه المهرجانات أيام ما كانت هناك جماهير خلف هذه التنظيمات.
وحديث الرفيق مجدلاوي على أنهم لن يكونوا صليب أحمر جاء متأخر جداً، لا بل الصليب الأحمر كان أكثر فاعلية ونشاط منهم وهم أصحاب وشركاء في القضية الوطنية منذ عشرات السنيين، فالأحداث الدموية في قطاع غزة تجاوز عمرها الزمني العام ولم نرى سوى مبادرات انتهت بانتهاء لحظة الإعلان عنها، ولطرفي الصراع فتح وحماس دور في القضاء على هذه المبادرات في مهدها لعدم جدية أي طرف في حوار حقيقي، ولكن غياب الضغط الشعبي والجماهيري من هذه قبل هذه التنظيمات كان لها الدور الأكبر في فشل مبادراتهم، وهذا الواقع يعطي انطباع بأن تكرار طرح المبادرات جاء من باب رفع العتب لا أكثر ولا أقل، فإن يأتي الرفيق المجدولاي ويقول بعد أكثر من أربعمائة يوم على أحداث غزة "لن نكون صليب أحمر" في هذا القول الكثير الكثير من ذرو الرماد في العيون، إن لم يكن بمثابة اعتراف بالفشل ولكن بصورة غير مباشرة.
ولو كان هناك جديه في معالجة الواقع الفلسطيني لما وصلت الأمور لهذه الدرجة من السؤ، فأين اتفاق القاهرة 2005 الذي نص على إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ممثل حقيقي لكافة شرائح الشعب الفلسطيني، وأين المجلس الوطني المفترض إعادة تشكيله بالطرق والوسائل الديمقراطية ليكون فاعل وممثل حقيقي لفلسطيني الشتات والمهجر، لماذا لم تصروا على تحقيق توص3يات القاهرة 2005، لماذا قبلتكم المشاركة بالانتخابات قبل تحقيقها،فمن صمت على تحقيق هذه الأمور كان له أيضاً دور غير مباشر في إيصال الواقع الفلسطيني لما هو عليه الآن.
واليوم الكل يتحدث عن الحوار الفلسطيني الفلسطيني ولكن حديث للاستهلاك المحلي فقط، والوضع على الأرض يتجه نحو الأسوأ يوماً بعد، والمواطن الفلسطيني هو ضحية الجميع، وفصائل وقوى العمل الوطني والإسلامي دون استثناء باتت جزء من المشكلة لا جزء من الحل، مما يعني أن من ينتظر حل قريب وحوار وطني جاد وناجح سيصاب بخيبة أمل جديدة بكل تأكيد.
ونقطة البداية لحلحة الواقع الفلسطيني المُعقد يبدأ من معالجة واقع منظمة التحرير الفلسطينية وجعلها منظمة تحرير تمثل كافة قطاعات الشعب الفلسطيني الوطنية والإسلامية، وتشكيل لجنة تنفيذية تعكس هذا الواقع وهذا التمثيل، والتخلص من بعض الشخصيات التوترية داخل اللجنة التنفيذية، شخصيات لم تعد تمثل إلا نفسها.
ويكون دور منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعادة بنائها التقرير في مصير السلطة الوطنية الفلسطينية تحت الاحتلال والقرار النهائي بخصوصها، فأما أن تكون سلطة حقيقية على الأرض يتعامل معها الاحتلال والعالم كطرف له سيادته على الأرض وعلى الشعب لحين التوصل لحل نهائي عادل، وأما يكون القرار بحل هذه السلطة والعودة لما قبل العام 1993 وعندها على الجميع أن يكون مستعد لدفع الثمن أمام مثل هذا القرار مهما علا هذا الثمن.
أما بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه فهو الكارثة بعينها، فحكومة غزة وحكومة رام الله كل منهم يدَعي الشرعية في السلطة، والاحتلال جاثم ويتحكم بمصير الحكومتين، وعلى الأرض الاحتلال يقتل ويعتقل من يشاء، ويصادر الأرض ويبني المستوطنات، فأين هي السلطة والشرعية التي يدعيها كل طرف، وأين هم رافضي الهدنة والمفاوضات وأنصار المقاومة؟، فإن أرادوا أن يبرروا عجزهم وفشلهم وقبولهم بالتهدئة تحت عنوان استراحة المقاتل فإن هذه الاستراحة ستطول على ما يبدو، وانتظار نتائج مفاوضات قالوا عنها من يديروها بأنها عبثية وبدون فائدة فهي الكارثة بعينها.
ورغم هذا سننتظر نتائج نفاذ صبر الرفيق المجدلاوي ورفاقه من اليسار الفلسطيني من هذا الواقع الفلسطيني المر، وسنكون من خلفهم في الشارع إن هم استطاعوا تحريكه لتحقيق الوحدة وردم هوة الانقسام والانشقاق.
[email protected]
http://blog.amin.org/yafa1948
بعض قادة الفصائل الفلسطينية وأعضاء لجانها المركزية ومكاتبها السياسية باتوا كُتاب شبه دائمين على بعض مواقع الانترنت المحلية والعربية، وبعضهم بات منظرً وخطيباً في المهرجانات واللقاءات، يعرضون من خلال هذه المواقع وهذه الأساليب رؤيتهم للخروج من الواقع الفلسطيني الحالي الذي يعاني حالة الانقسام والشقاق الداخلي منذ أكثر من عام، ولو كانت كل ما يقولونه ويكتبونه خطط وتوجهات فعلية لتنظيماتهم وفصائلهم وسعوا فعلا لتطبيقه على الأرض لكان الحال الفلسطيني أفضل بكثير مما هو عليه اليوم، مما يعزز فكرة إن الآراء والمقالات والخطب التي ينشرها هؤلاء القادة السياسيين تمثل تعبير عن عجز تنظيماتهم وعجز شخوصهم عن التحرك على الأرض لرفض الانقسام والتشرذم وتحقيق الوحدة، وإن أردنا أن نكون أكثر صراحة ووضوح نقول لم يعد لهذه التنظيمات وتلك الشخصيات القواعد الجماهيرية لتحركها، ولم يبقى منها إلا هياكل وأشخاص معدودين، بالتالي بات البديل لهؤلاء القادة المقالات وأعمدة الرأي والخطب العصماء لإيصال آرائهم وتوجهاتهم وإعطاء إشارات الحياة والحراك السياسي لهم.
وكلام نائب الأمين العام للجبهة الشعبية عبد الرحيم ملوح، وكلام عضو المكتب السياسي للجبهة وعضو المجلس التشريعي عنها جميل المجدلاوي خير دليل وأفضل شاهد، فالرفيق ملوح نشر مقالاً في الأيام الأخيرة تحت عنوان " من أجل استعادة الوحدة والحق"، في المقابل صرح الرفيق المجدلاوي في احتفال أقيم لإحياء ذكرى استشهاد الشهيد الأديب الكبير غسان كنفاني قائلاً "بأننا لن نبقى للأبد نناشد حركتي فتح وحماس للجلوس لحوار وطني - لسنا صليب أحمر ولا نمسك العصا من الوسط - وإلا سنضطر لأن ننزل للشارع مع المخلصين والخيرين من أبناء شعبنا ومن كافة الفصائل بما فيها فتح وحماس وننهي ما نحن عليه من انقسام" .
والتركيز على أقوال وتصريحات القادة السياسيين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يأتي من باب الأمل الكبير الذي عقده الكثيرون منا على هذا التنظيم ذو الإرث النضالي الطويل لكي يلعب دوراً في تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وفي المساهمة في حقن الدم الفلسطيني أيام الصدامات الدامية بين حركتي فتح وحماس في قطاع غزة، ولكن مع الأسف خيبة الأمل كانت أكبر بكثير من حجم الآمال التي علقت على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقادتها.
وبدلاً من أن تأخذ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبقية فصائل التيار الديمقراطي الفلسطيني موقفاً حاسماً مدعوماً بهبة جماهيرية اختارت هي وبقية فصائل العمل الوطني وبالتحديد قوى اليسار الفلسطيني خيار الانتظار على الجدار لمعرفة النتائج الأرض، وإن كانت تحركت فقد كان تحركها هزيلاً لا ينم عن حزم وعزم في هذا الموضوع الهام، وهنا لا أتهم هذه القيادات بالتقصير المقصود بقدر من أن هذا الواقع يدلل على حالة من الهزل الجماهيري التي باتت تعيشه هذه الفصائل التي كان الكثيرين منا يتوقع ويأمل منها أن تشكل بيضة القبان في حالة الاستقطاب الداخلي بين حركتي فتح وحماس، هذه الفصائل التي باتت تقيم احتفالاتها ومهرجاناتها في الصالات وقاعات الأفراح بعد أن كانت الساحات والميادين العامة مكاناً لهذه المهرجانات أيام ما كانت هناك جماهير خلف هذه التنظيمات.
وحديث الرفيق مجدلاوي على أنهم لن يكونوا صليب أحمر جاء متأخر جداً، لا بل الصليب الأحمر كان أكثر فاعلية ونشاط منهم وهم أصحاب وشركاء في القضية الوطنية منذ عشرات السنيين، فالأحداث الدموية في قطاع غزة تجاوز عمرها الزمني العام ولم نرى سوى مبادرات انتهت بانتهاء لحظة الإعلان عنها، ولطرفي الصراع فتح وحماس دور في القضاء على هذه المبادرات في مهدها لعدم جدية أي طرف في حوار حقيقي، ولكن غياب الضغط الشعبي والجماهيري من هذه قبل هذه التنظيمات كان لها الدور الأكبر في فشل مبادراتهم، وهذا الواقع يعطي انطباع بأن تكرار طرح المبادرات جاء من باب رفع العتب لا أكثر ولا أقل، فإن يأتي الرفيق المجدولاي ويقول بعد أكثر من أربعمائة يوم على أحداث غزة "لن نكون صليب أحمر" في هذا القول الكثير الكثير من ذرو الرماد في العيون، إن لم يكن بمثابة اعتراف بالفشل ولكن بصورة غير مباشرة.
ولو كان هناك جديه في معالجة الواقع الفلسطيني لما وصلت الأمور لهذه الدرجة من السؤ، فأين اتفاق القاهرة 2005 الذي نص على إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ممثل حقيقي لكافة شرائح الشعب الفلسطيني، وأين المجلس الوطني المفترض إعادة تشكيله بالطرق والوسائل الديمقراطية ليكون فاعل وممثل حقيقي لفلسطيني الشتات والمهجر، لماذا لم تصروا على تحقيق توص3يات القاهرة 2005، لماذا قبلتكم المشاركة بالانتخابات قبل تحقيقها،فمن صمت على تحقيق هذه الأمور كان له أيضاً دور غير مباشر في إيصال الواقع الفلسطيني لما هو عليه الآن.
واليوم الكل يتحدث عن الحوار الفلسطيني الفلسطيني ولكن حديث للاستهلاك المحلي فقط، والوضع على الأرض يتجه نحو الأسوأ يوماً بعد، والمواطن الفلسطيني هو ضحية الجميع، وفصائل وقوى العمل الوطني والإسلامي دون استثناء باتت جزء من المشكلة لا جزء من الحل، مما يعني أن من ينتظر حل قريب وحوار وطني جاد وناجح سيصاب بخيبة أمل جديدة بكل تأكيد.
ونقطة البداية لحلحة الواقع الفلسطيني المُعقد يبدأ من معالجة واقع منظمة التحرير الفلسطينية وجعلها منظمة تحرير تمثل كافة قطاعات الشعب الفلسطيني الوطنية والإسلامية، وتشكيل لجنة تنفيذية تعكس هذا الواقع وهذا التمثيل، والتخلص من بعض الشخصيات التوترية داخل اللجنة التنفيذية، شخصيات لم تعد تمثل إلا نفسها.
ويكون دور منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعادة بنائها التقرير في مصير السلطة الوطنية الفلسطينية تحت الاحتلال والقرار النهائي بخصوصها، فأما أن تكون سلطة حقيقية على الأرض يتعامل معها الاحتلال والعالم كطرف له سيادته على الأرض وعلى الشعب لحين التوصل لحل نهائي عادل، وأما يكون القرار بحل هذه السلطة والعودة لما قبل العام 1993 وعندها على الجميع أن يكون مستعد لدفع الثمن أمام مثل هذا القرار مهما علا هذا الثمن.
أما بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه فهو الكارثة بعينها، فحكومة غزة وحكومة رام الله كل منهم يدَعي الشرعية في السلطة، والاحتلال جاثم ويتحكم بمصير الحكومتين، وعلى الأرض الاحتلال يقتل ويعتقل من يشاء، ويصادر الأرض ويبني المستوطنات، فأين هي السلطة والشرعية التي يدعيها كل طرف، وأين هم رافضي الهدنة والمفاوضات وأنصار المقاومة؟، فإن أرادوا أن يبرروا عجزهم وفشلهم وقبولهم بالتهدئة تحت عنوان استراحة المقاتل فإن هذه الاستراحة ستطول على ما يبدو، وانتظار نتائج مفاوضات قالوا عنها من يديروها بأنها عبثية وبدون فائدة فهي الكارثة بعينها.
ورغم هذا سننتظر نتائج نفاذ صبر الرفيق المجدلاوي ورفاقه من اليسار الفلسطيني من هذا الواقع الفلسطيني المر، وسنكون من خلفهم في الشارع إن هم استطاعوا تحريكه لتحقيق الوحدة وردم هوة الانقسام والانشقاق.
[email protected]
http://blog.amin.org/yafa1948