التنمية السياسية الفلسطينية .... واقع وآفاق ورؤى
كتب : سائد أبو بهاء
باحث في السياسات التنموية
ان عملية التنمية بشكل عام ليست وليدة جديدية آنية، بل انها قديمة قدم التاريخ، فالإنسان بطبعه يسعى للتطوير والتغير، وكثير من الأيديولوجيات تحث على هذا التطوير والتغير بدءأ بأصحاب الأيديولوجية الاسلامية، مرورا بأيديولوجيا الأشتراكين، وأخيرا الرأسمالين مع الإختلاف بين كل واحد منهم حسب رؤيته لهذا التغير والتطوير ، ولكن كلهم يسعى الى نقل المجتمع من حال الى حال أفضل من ذي قبل حسب رؤيته.
لذلك فإن معظم الدول أخذت تخطط للمشاريع الإقتصادية، من أجل تحسين مستوى الفرد وزياده الدخل الفردي له ،وأخذت بالتخطيط الأجتماعي والعمل على انماءه من خلال زيادة الأهتمام بالجوانب الصحية ،وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواه وغيرها مع الحفاظ على البيئة وعدم تدهورها بما يسمى البعد البيئي ، ولم تغفل البعد السياسي من ترسيخ مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد والعدالة وتعزيز دور المشاركة والمواطنة وقبول الآخر والحوار معه .
لذلك نلاحظ أن الأصل في الدول أن تأخذ جوانب التنمية بكافة أبعادها دون الإغفال عن بعد دون البعد الآخر لأهمية هذا البعد وتشبيهه وكأنه ركن من أركان البيت لا يصح البيت دون نقص أي ركن من أركانه .
وهنا تختلف أهمية أي بعد عن الأبعاد الأخرى حسب الدولة ووضعها فمنهم من يعتقد أهمية البعد الأقتصادي على غيره من الأبعاد وهكذا ، أما في الحالة الفلسطينة فالتنمية السياسية هي أهم هذه الأبعاد أذ يجب تحقيق أكبر قدر من الحريات والوعي الفردي وضمان مشاركة فعالة لكافة شرائح المجتمع بين القمة والقاعدة الشعبية ، وكذلك انشار مفهوم الحريات وحقوق الانسان -مع أن هناك ومضات فلسطينية في ذلك لا نخفيها --، وكذلك تحريك التوعية والتثقيف السياسي ، والمسائلة الشعبية ، وانشار للحريات والرفاه الانساني .
وفي الحالة الفلسطينية نلحظ التخلف السياسي الذي تجلى بانقسام بين شطري الوطن فالشطر الشمالي كانت مظاهرالتخلف السياسي في الانقلاب على الانتخابات ورفض نتائجها ، وفي الطرف الآخر الجنوبي رأينا الحسم العسكري ، وهنا تكمن ظاهرة التخلف السياسي في التناحر وضياع لمفهوم التنمية السياسية وتخبط المشروع المقدس في التحرر والاستقلال . من كلا الطرفين دون الحديث عن أضطرار طرف على عمل ذلك فلكل وجهة نظر .
اذا لا يمكن الوصول الى مجتمع مدني ديمقراطي الا من خلال التنمية السياسية عبر التخطيط التنموي السياسي الناجح الذي يأخذ تتطلعات الشعب الفلسطيني في تحقيق أهدافه ، انطلاقا من دور واعي لصناع القرار السياسيين و أهمية الدور الشعبي في ايصال هؤلاء الى سدة الحكم ، وحتى نتمكن من ايصال قيادة واعية رشيدة لتحقيق تتطلعاتنا ،لابد من توفر قوى ناخبة فعالة وواعية لمصلحة وطنها من خلال التثقيف الفردي لهم ، والمشاركة الشعبية القائمة على المصلحة الوطنية .
فالتنمية السياسية الفلسطينية هي مجموعة من التغيرات الفكرية والاجتماعية والثقافية للمجتمع لتحقيق مزيدا من التقدم ولا يمكن أن يتحقق ذلك الا من خلال مشاركة شعبية فعالة مدركة للمصلحة الوطنية مغلبة اياها على المصلحة الحزبية . فإن أي تغيير بناء يجب أن يتوافق مع الأيديولوجية الاجتماعية السائدة والتي تتوافق مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده .
فالتنمية السياسية هي فلسفة سياسية تسعى الى تغيير العملية السياسية نحو الأفضل ثم الأحسن فالأحسن، وأكثر فاعلية عبر زيادة المشاركة وأطلاق الحريات ،وتحقيق المساواة وتحقيق الإتصال الفعال بين القاعدة والقمة أي بين المواطن والمسؤول. وكل ذلك يقوم على مبدأ التوافق الشعبي دون المساس بالاخر وعدم قبوله . ووفق رؤية شاملة متكاملة قائمة على مبدئ المصلحة الوطنية العليا لا الحزبية المقيتة .
لذلك يجب تحقيق التنمية السياسية للوصول الى قمة أهدافها بإنشاء حكومة تعي المسؤوليات والحكم الرشيد وأحزاب ممثلة للإتجاهات الفكرية بجد، تسعى للوصول الى الحكم باستخدتم الوسائل الديمقراطية، وبناء مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات غير حكومية، تسعى لرفعة الوطن ومساعدته في تحقيق تتطلعاته وأهدافه .
ولا يمكن تحقيق التنمية السياسية من خلال سن التشريعات التي تنص على مبدأ الحريات الشخصية ومبدأ حرية الرأي ، وترسيخ النهج الديمقراطي فقط بل يجب أن يتعدى ذلك الى ترسيخ مفهوم التنمية السياسية وأبعادها في تربية الأجيال على الإيمان بهذه التشريعات والتضحية لأجلها ، واعاد الفرد روحيا ليكون واعيا لحقوقه وواجباته من خلال الأصلاح الشامل في جميع ميادين الحياة السياسية والفكرية والثقافية ، وغرس قيم الإنتماء والمشاركة والمواطنة والعمل على صقل مهارات الشباب تحديدا في المجال الذي يلبي التطلعات نحو التنمية الشاملة ، وتشجيع الحوار الأسري وتعزيز ثقافة المشاركة والديقراطية والتعايش مع الإختلاف. فالتشريعات هي مسار من عدة مسارات يجب العمل عليها دون أغفال المسارات الأخرى التوعوية والتخطيط وتنمية الموارد البشرية .
فخلاصة القول أن ترسيخ مفهوم التنمية السياسية المستدامة يجب أن يكون بداية في الجيل الناشئ مرورا الى الأجيال الأخرى الجامعية من خلال انشاء مقررات مدرسية وجامعية متطورة تعلم هذا النشئ مبادئ التنمية السياسية في مبدأ الحريات والمساواة وقبول الآخر والتعددية السياسية، جيل منتمي لوطنه وأمته ومدافع عن حقوقه مؤمن بعدالة قضيته . جيل مؤمن بالوحدة الوطنية وأنها أساس تقدمه، جيل بعيد عن كل أشكال التعصب
كتب : سائد أبو بهاء
باحث في السياسات التنموية
ان عملية التنمية بشكل عام ليست وليدة جديدية آنية، بل انها قديمة قدم التاريخ، فالإنسان بطبعه يسعى للتطوير والتغير، وكثير من الأيديولوجيات تحث على هذا التطوير والتغير بدءأ بأصحاب الأيديولوجية الاسلامية، مرورا بأيديولوجيا الأشتراكين، وأخيرا الرأسمالين مع الإختلاف بين كل واحد منهم حسب رؤيته لهذا التغير والتطوير ، ولكن كلهم يسعى الى نقل المجتمع من حال الى حال أفضل من ذي قبل حسب رؤيته.
لذلك فإن معظم الدول أخذت تخطط للمشاريع الإقتصادية، من أجل تحسين مستوى الفرد وزياده الدخل الفردي له ،وأخذت بالتخطيط الأجتماعي والعمل على انماءه من خلال زيادة الأهتمام بالجوانب الصحية ،وتحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواه وغيرها مع الحفاظ على البيئة وعدم تدهورها بما يسمى البعد البيئي ، ولم تغفل البعد السياسي من ترسيخ مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد والعدالة وتعزيز دور المشاركة والمواطنة وقبول الآخر والحوار معه .
لذلك نلاحظ أن الأصل في الدول أن تأخذ جوانب التنمية بكافة أبعادها دون الإغفال عن بعد دون البعد الآخر لأهمية هذا البعد وتشبيهه وكأنه ركن من أركان البيت لا يصح البيت دون نقص أي ركن من أركانه .
وهنا تختلف أهمية أي بعد عن الأبعاد الأخرى حسب الدولة ووضعها فمنهم من يعتقد أهمية البعد الأقتصادي على غيره من الأبعاد وهكذا ، أما في الحالة الفلسطينة فالتنمية السياسية هي أهم هذه الأبعاد أذ يجب تحقيق أكبر قدر من الحريات والوعي الفردي وضمان مشاركة فعالة لكافة شرائح المجتمع بين القمة والقاعدة الشعبية ، وكذلك انشار مفهوم الحريات وحقوق الانسان -مع أن هناك ومضات فلسطينية في ذلك لا نخفيها --، وكذلك تحريك التوعية والتثقيف السياسي ، والمسائلة الشعبية ، وانشار للحريات والرفاه الانساني .
وفي الحالة الفلسطينية نلحظ التخلف السياسي الذي تجلى بانقسام بين شطري الوطن فالشطر الشمالي كانت مظاهرالتخلف السياسي في الانقلاب على الانتخابات ورفض نتائجها ، وفي الطرف الآخر الجنوبي رأينا الحسم العسكري ، وهنا تكمن ظاهرة التخلف السياسي في التناحر وضياع لمفهوم التنمية السياسية وتخبط المشروع المقدس في التحرر والاستقلال . من كلا الطرفين دون الحديث عن أضطرار طرف على عمل ذلك فلكل وجهة نظر .
اذا لا يمكن الوصول الى مجتمع مدني ديمقراطي الا من خلال التنمية السياسية عبر التخطيط التنموي السياسي الناجح الذي يأخذ تتطلعات الشعب الفلسطيني في تحقيق أهدافه ، انطلاقا من دور واعي لصناع القرار السياسيين و أهمية الدور الشعبي في ايصال هؤلاء الى سدة الحكم ، وحتى نتمكن من ايصال قيادة واعية رشيدة لتحقيق تتطلعاتنا ،لابد من توفر قوى ناخبة فعالة وواعية لمصلحة وطنها من خلال التثقيف الفردي لهم ، والمشاركة الشعبية القائمة على المصلحة الوطنية .
فالتنمية السياسية الفلسطينية هي مجموعة من التغيرات الفكرية والاجتماعية والثقافية للمجتمع لتحقيق مزيدا من التقدم ولا يمكن أن يتحقق ذلك الا من خلال مشاركة شعبية فعالة مدركة للمصلحة الوطنية مغلبة اياها على المصلحة الحزبية . فإن أي تغيير بناء يجب أن يتوافق مع الأيديولوجية الاجتماعية السائدة والتي تتوافق مع قيم المجتمع وعاداته وتقاليده .
فالتنمية السياسية هي فلسفة سياسية تسعى الى تغيير العملية السياسية نحو الأفضل ثم الأحسن فالأحسن، وأكثر فاعلية عبر زيادة المشاركة وأطلاق الحريات ،وتحقيق المساواة وتحقيق الإتصال الفعال بين القاعدة والقمة أي بين المواطن والمسؤول. وكل ذلك يقوم على مبدأ التوافق الشعبي دون المساس بالاخر وعدم قبوله . ووفق رؤية شاملة متكاملة قائمة على مبدئ المصلحة الوطنية العليا لا الحزبية المقيتة .
لذلك يجب تحقيق التنمية السياسية للوصول الى قمة أهدافها بإنشاء حكومة تعي المسؤوليات والحكم الرشيد وأحزاب ممثلة للإتجاهات الفكرية بجد، تسعى للوصول الى الحكم باستخدتم الوسائل الديمقراطية، وبناء مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات غير حكومية، تسعى لرفعة الوطن ومساعدته في تحقيق تتطلعاته وأهدافه .
ولا يمكن تحقيق التنمية السياسية من خلال سن التشريعات التي تنص على مبدأ الحريات الشخصية ومبدأ حرية الرأي ، وترسيخ النهج الديمقراطي فقط بل يجب أن يتعدى ذلك الى ترسيخ مفهوم التنمية السياسية وأبعادها في تربية الأجيال على الإيمان بهذه التشريعات والتضحية لأجلها ، واعاد الفرد روحيا ليكون واعيا لحقوقه وواجباته من خلال الأصلاح الشامل في جميع ميادين الحياة السياسية والفكرية والثقافية ، وغرس قيم الإنتماء والمشاركة والمواطنة والعمل على صقل مهارات الشباب تحديدا في المجال الذي يلبي التطلعات نحو التنمية الشاملة ، وتشجيع الحوار الأسري وتعزيز ثقافة المشاركة والديقراطية والتعايش مع الإختلاف. فالتشريعات هي مسار من عدة مسارات يجب العمل عليها دون أغفال المسارات الأخرى التوعوية والتخطيط وتنمية الموارد البشرية .
فخلاصة القول أن ترسيخ مفهوم التنمية السياسية المستدامة يجب أن يكون بداية في الجيل الناشئ مرورا الى الأجيال الأخرى الجامعية من خلال انشاء مقررات مدرسية وجامعية متطورة تعلم هذا النشئ مبادئ التنمية السياسية في مبدأ الحريات والمساواة وقبول الآخر والتعددية السياسية، جيل منتمي لوطنه وأمته ومدافع عن حقوقه مؤمن بعدالة قضيته . جيل مؤمن بالوحدة الوطنية وأنها أساس تقدمه، جيل بعيد عن كل أشكال التعصب