
الأولويات الفلسطينية بين المهم والأهم
بقلم : واصف عريقات
خبير ومحلل عسكري
يحكى أن رجلا ذهب واشتكى للمختار عن سرقة شاة تعود له وفي معرض الاستفسار عن كيفية فقدان الشاة عرف المختار بفقدانه للديك قبلها، فبادره المختار قائلا اذهب وابحث عن الديك أولا، فذهب الرجل ثم عاد ليبلغ المختار عن سرقة حماره، فقال له المختار اذهب وابحث عن الذي سرق الديك، ذهب الرجل يبحث عن الذي سرق الديك، ثم عاد للمختار ليبلغه بسرقة البقرة، فقال له المختار اذهب وابحث عن الذي سرق الديك، تعجب الرجل من أمر المختار فقال له كلما ابلغتك عن سرقة تقول لي ابحث عن الذي سرق الديك، فرد عليه المختار قائلا : لغز مسروقاتك هو الديك فإذا وجدت من سرق الديك وجدت كل المسروقات وحلت المشكلة.
معظم الذين يتحدثون عن القضية الفلسطينية ويظهرون اهتمامهم بالمساهمة في حلها ولو بنسب متفاوتة وعلى قاعدة المصالح المتبادلة يحومون حول كل شيء ويتحدثون عن كل شىء الا الديك، فمنهم من يتحدث عن أضرار الاستيطان عندنا(رفع عتب ) ليقول عندهم انجازاتكم تاريخية وجرأتكم غير عادية، ومنهم من يقول لنا سننعشكم اقتصاديا ونجعلكم تعيشون في بحبوحة تقترب من ما كانت عليه سنغافورة، ويقدموا لنا الفتات ويقدموا لهم الطوربيدات والقاذفات، ويتحدثون عندنا باستحياء عن الجدار، وعندهم يتحدثون بكل عزم عن أمن اسرائيل والاسرائيليين ويهددون ويتوعدون كل من يحاول المساس بهم، لأسيرهم كثرة من الوسطاء من العباد، وليس لأسرانا( الاحدى عشر ألفا) سوى رب العباد، يتحدثون عندنا عن ازالة حفنة من التراب هنا وهناك ما تلبث الجرافات والرافعات أن تضع مكانها حواجز اسمنتية ومعابر دولية مجهزة باحدث المعدات الالكترونية، ويشاركونهم احتفالاتهم وابتهاجهم بذكرى نكبتنا ويرقصون على ألحان مصيبتنا وبلاؤنا وهمومنا، يتحدثون عندنا عن حلول وعودة للحدود (1967)، ويؤكدون عندهم انحيازهم للدولة العبرية ، ودعمهم اللامحدود لهم، يتحدثون عندنا عن محاربة الارهاب، ويكيلون المديح عندهم وهم من يقتل الاطفال والنساء، ويدمر البنايات فوق رؤوس الابرياء، ويطلق النار على الأحياء بدون حياء، ويعتقل النساء قبل الرجال، والأطفال قبل الكبار، ومنهم من يصرح هنا وينقضه هناك والقائمة تطول وتطول.
لا يمكن للشعب الفلسطيني إلا أن يثمن أي مبادرة صادقة لرفع المعاناة عنه وتخفيف آلآمه، وهو يدرك جيدا مصالح الدول المشتركة
وقدرتها على التأثير، وأن تدخلها يخضع لحسابات موازين القوى، وخشيتها من هذه الدولة ومجاملتها لتلك، وهو لا ينكر أيضا أهمية وضرورة الاعتراض من قبلهم على بناء الجدار وكشف اضراره وآثاره الكارثية، وإدانة سياسة الحصار والعقاب الجماعي، والقتل والاغتيالات والمحارق والاجتياحات، والاعتقالات، وإزالة الحواجز، وفضح الممارسات اللآ أخلاقية لجنود الاحتلال، لكن الأهم هو إزالة الإحتلال الذي بزواله ستزول كل الهموم، وسينعم العالم بالأمن والاستقرار، وفي مقدمتهم الشعب الاسرائيلي الذي ادارت وتدير قيادته الظهر، لكل القرارات الدولية التي تقر بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وجلبت هذه القيادة للشعب الاسرائيلي المزيد من الحقد والكراهية، وتنكرت لكل من مد لها يد السلام، وهي بذلك تعطي نموذج لكيفية السلوك نحوها، و تحدد خيار التعامل معها، وتجبر الأجيال على استنباط أساليب مواجهتها .
وحتى تكون نتائج تدخلهم وجهودهم مثمرة، مطلوب من هذه الدول التي تريد أن تساهم في حل القضية الفلسطينية (وحتى لا تذهب جهودها في مهب الريح) أن تصارح قيادة اسرائيل بأن الاحتلال باطل، وافرازاته من مستوطنات وجدار وحصار واعتقالات وممارسات أخرى باطلة، ولا يمكن أن تستمر، وأن تقنعهم بأن المصلحة الاساسية في انهاء الصراع العربي الاسرائيلي يعود للاسرائيليين قبل غيرهم، ولا بد من إزالة الاحتلال،
وعلى قاعدة صديقك من صدقك وليس من صادقك . والتاريخ خير شاهد.
بقلم : واصف عريقات
خبير ومحلل عسكري
يحكى أن رجلا ذهب واشتكى للمختار عن سرقة شاة تعود له وفي معرض الاستفسار عن كيفية فقدان الشاة عرف المختار بفقدانه للديك قبلها، فبادره المختار قائلا اذهب وابحث عن الديك أولا، فذهب الرجل ثم عاد ليبلغ المختار عن سرقة حماره، فقال له المختار اذهب وابحث عن الذي سرق الديك، ذهب الرجل يبحث عن الذي سرق الديك، ثم عاد للمختار ليبلغه بسرقة البقرة، فقال له المختار اذهب وابحث عن الذي سرق الديك، تعجب الرجل من أمر المختار فقال له كلما ابلغتك عن سرقة تقول لي ابحث عن الذي سرق الديك، فرد عليه المختار قائلا : لغز مسروقاتك هو الديك فإذا وجدت من سرق الديك وجدت كل المسروقات وحلت المشكلة.
معظم الذين يتحدثون عن القضية الفلسطينية ويظهرون اهتمامهم بالمساهمة في حلها ولو بنسب متفاوتة وعلى قاعدة المصالح المتبادلة يحومون حول كل شيء ويتحدثون عن كل شىء الا الديك، فمنهم من يتحدث عن أضرار الاستيطان عندنا(رفع عتب ) ليقول عندهم انجازاتكم تاريخية وجرأتكم غير عادية، ومنهم من يقول لنا سننعشكم اقتصاديا ونجعلكم تعيشون في بحبوحة تقترب من ما كانت عليه سنغافورة، ويقدموا لنا الفتات ويقدموا لهم الطوربيدات والقاذفات، ويتحدثون عندنا باستحياء عن الجدار، وعندهم يتحدثون بكل عزم عن أمن اسرائيل والاسرائيليين ويهددون ويتوعدون كل من يحاول المساس بهم، لأسيرهم كثرة من الوسطاء من العباد، وليس لأسرانا( الاحدى عشر ألفا) سوى رب العباد، يتحدثون عندنا عن ازالة حفنة من التراب هنا وهناك ما تلبث الجرافات والرافعات أن تضع مكانها حواجز اسمنتية ومعابر دولية مجهزة باحدث المعدات الالكترونية، ويشاركونهم احتفالاتهم وابتهاجهم بذكرى نكبتنا ويرقصون على ألحان مصيبتنا وبلاؤنا وهمومنا، يتحدثون عندنا عن حلول وعودة للحدود (1967)، ويؤكدون عندهم انحيازهم للدولة العبرية ، ودعمهم اللامحدود لهم، يتحدثون عندنا عن محاربة الارهاب، ويكيلون المديح عندهم وهم من يقتل الاطفال والنساء، ويدمر البنايات فوق رؤوس الابرياء، ويطلق النار على الأحياء بدون حياء، ويعتقل النساء قبل الرجال، والأطفال قبل الكبار، ومنهم من يصرح هنا وينقضه هناك والقائمة تطول وتطول.
لا يمكن للشعب الفلسطيني إلا أن يثمن أي مبادرة صادقة لرفع المعاناة عنه وتخفيف آلآمه، وهو يدرك جيدا مصالح الدول المشتركة
وقدرتها على التأثير، وأن تدخلها يخضع لحسابات موازين القوى، وخشيتها من هذه الدولة ومجاملتها لتلك، وهو لا ينكر أيضا أهمية وضرورة الاعتراض من قبلهم على بناء الجدار وكشف اضراره وآثاره الكارثية، وإدانة سياسة الحصار والعقاب الجماعي، والقتل والاغتيالات والمحارق والاجتياحات، والاعتقالات، وإزالة الحواجز، وفضح الممارسات اللآ أخلاقية لجنود الاحتلال، لكن الأهم هو إزالة الإحتلال الذي بزواله ستزول كل الهموم، وسينعم العالم بالأمن والاستقرار، وفي مقدمتهم الشعب الاسرائيلي الذي ادارت وتدير قيادته الظهر، لكل القرارات الدولية التي تقر بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وجلبت هذه القيادة للشعب الاسرائيلي المزيد من الحقد والكراهية، وتنكرت لكل من مد لها يد السلام، وهي بذلك تعطي نموذج لكيفية السلوك نحوها، و تحدد خيار التعامل معها، وتجبر الأجيال على استنباط أساليب مواجهتها .
وحتى تكون نتائج تدخلهم وجهودهم مثمرة، مطلوب من هذه الدول التي تريد أن تساهم في حل القضية الفلسطينية (وحتى لا تذهب جهودها في مهب الريح) أن تصارح قيادة اسرائيل بأن الاحتلال باطل، وافرازاته من مستوطنات وجدار وحصار واعتقالات وممارسات أخرى باطلة، ولا يمكن أن تستمر، وأن تقنعهم بأن المصلحة الاساسية في انهاء الصراع العربي الاسرائيلي يعود للاسرائيليين قبل غيرهم، ولا بد من إزالة الاحتلال،
وعلى قاعدة صديقك من صدقك وليس من صادقك . والتاريخ خير شاهد.