دكان المصاري
حسن بلال التل
بغض النظر عن مدى مشروعية التعامل مع البنوك ومسألة البنوك الإسلامية أو الربوية فإن الجميع راغباً أو كارهاً يتعامل معها لأنها ببساطة أصبحت إحدى ضرورات العصر حالها حال عمليات التأمين الإلزامي الذي تفرضه جهات كثيرة على العاملين بها والمتعاملين معها ومنذ وجدت هذه الصناعة (صناعة البنوك) أو تجارة المال بالمال، وهي مرتبطة في الأذهان بطقوس وهالات وإجراءات كثيرة متعارف عليها منها أن العميل دوماً على حق وأن العميل أو الزبون مهما كان حجم أعماله يجب أن يلقى المعاملة الكريمة أو أشد صور الاحترام - فهو قبل كل شيء يمنح هذه المؤسسات ماله لتحفظه وتتاجر به - وكثيراً ما تكون هذه العملية بلا مقابل فعلياً، فكثير من الحسابات لا تجني أي مرابحة أو فائدة بل على العكس بعض أنواع الحسابات تتسبب باقتطاعات من أصل المال كمقابل للخدمات، إذن فأغلبنا يتعامل مع البنوك على أنها صناديق أمانات لأن أغلبنا لا يملك الملايين ولا مئات أو عشرات الألوف ليضعها في حسابات مغلقة وودائع لأجل تدر علينا ربحاً، فيما البنوك تتعامل مع زبائنها على أنهم رؤوس أموال متحركة فكل قرش يودع في البنك هو مال يضاف إلى أموال البنك ليستعمله في مضارباته وتجاراته، لذا ففي كل مكان من العالم يحظى زبائن وعملاء البنوك بأكبر قدر من الاحترام وتحرص البنوك على إجراء أقل قدر من التغيير في سياساتها وحتى في موظفيها وكوادر فروعها كي تبقي على العلاقة الإنسانية وحالة التواصل بين العميل والموظف والمؤسسة وحتى لا ينفر العميل ويفكر في تغيير أماكن حساباته.
لكن في الأردن فإن هذا الحديث غدا ضرباً من ضروب الخيال حيث أصبحت البنوك تتعامل مع زبائنها وكأنهم عبيد لها حتى أصبح أحدنا أثناء زيارته للبنك يشعر أنه يستجدي ماله من صراف هذه المؤسسة، فهناك بنوك جزء من سياستها سواء المعلنة أو غير المعلنة أن لا داعي لاحترام أي عميل يقل حسابه عن بضعة ملايين - لاحظوا ليس مليون أو اثنان بل بضعة ملايين - وبنوك أخرى ترى أن منح قرض لأي كان هو حجة لاستباحة حياة هذا الشخص فتصل بهم الحالة إلى استجوابه حول أدق تفاصيل حياته الأسرية، وما إذا كان له أخت مطلقة أو عم مريض، هذا طبعاً عدا عن التعامل الجاف والسيئ من قبل الموظفين، والطوابير الطويلة التي يكون سببها الرئيسي عادة سوء الخدمة وإهمال الموظفين، وطبعاً السمة الأهم: التعطل الدائم للأجهزة والأنظمة الإلكترونية، وهناك دائماً ظاهرة مدير الفرع (اللي عايش الدور) ويظن نفسه مديراً للاحتياطي الفدرالي الأمريكي فتجده يجلس وراء كرسيه بنفخة لا تصدق ويطلق الأوامر والنواهي تجاه العملاء الذين من ناحية واقعية وفعلية مئة بالمئة يدفعون راتبه ورواتب كل من في مؤسسته من أكبرهم إلى أصغرهم من مالهم الخاص، وطبعاً حدث ولا حرج عن حالات محرجة وأحياناً ضارة مثل أن يكتشف شخص ما أن رواتب موظفيه لا تحول منذ مدد طويلة لأن شخصاً ما نسي أن يضغط الزر، أو حالة العريس الذي تقدم بطلب قرض واستكمل كل إجراءاته ليكتشف قبل الزفاف بأيام وفي اليوم الذي يكون محدداً لاستلام المبلغ أن المعاملة لم تتم لأن موظف القروض والذي مهمته الوحيدة إنهاء هذه المعاملة لم يقم بإرسالها، وطبعاً هناك العبارة الشهيرة آسفين ما في كاش والتي يسهل على أي بنكير إطلاقها إذا طلب منه الزبون سحب مبلغ من حسابه بالعملات الأجنبية أو احتاج إلى مبلغ كبير دون أن يقوم بتنبيه البنك قبل ذلك بأيام وأيام، وكأن الجميع محيط بخبر السماء وعلم الغيب فتجده يعلم أنه قد يحتاج إلى عملة أجنبية أو مبلغ أكبر من سحوباته المعتادة قبل حاجته له بأيام ثم عليه أن يعلم أن البنك - مستودع النقود - خال من بضاعته وعليه استيرادها لسد حاجة زبائنه الذين يستأمنونه على أموالهم، هذا عدا عن الوقوف لدقائق طويلة امام امين الصندوق بانتظار البدء بمعاملتك فيما سيادته يضارب بالبورصة ويتاجر بالاراضي ويمرر معلومات حول اسعار العملات لهذا وذاك عبر الهاتف.
كل هذا وغيره الكثير يجعل أي أردني يدخل إلى أي فرع لبنك أردني يشعر أنه في دكان القرية التي يحكمها دكانجي عجوز متذمر متجعد الوجه والنفس يتحكم في زبائنه من أطفال القرية ونسائها رغم أنهم لو اختاروا أن يذهبوا إلى دكان آخر - أو في هذه الحالة بنك أجنبي يعمل في الأردن - فسيخرب بيته وتدمر أحواله.
مجموعة ملاحظات أضعها أمام المهتمين بهذا الشأن قبل أن تقع الواقعة ونجد بنوكنا دكاكين يعشش في جنباتها العنكبوت
حسن بلال التل
بغض النظر عن مدى مشروعية التعامل مع البنوك ومسألة البنوك الإسلامية أو الربوية فإن الجميع راغباً أو كارهاً يتعامل معها لأنها ببساطة أصبحت إحدى ضرورات العصر حالها حال عمليات التأمين الإلزامي الذي تفرضه جهات كثيرة على العاملين بها والمتعاملين معها ومنذ وجدت هذه الصناعة (صناعة البنوك) أو تجارة المال بالمال، وهي مرتبطة في الأذهان بطقوس وهالات وإجراءات كثيرة متعارف عليها منها أن العميل دوماً على حق وأن العميل أو الزبون مهما كان حجم أعماله يجب أن يلقى المعاملة الكريمة أو أشد صور الاحترام - فهو قبل كل شيء يمنح هذه المؤسسات ماله لتحفظه وتتاجر به - وكثيراً ما تكون هذه العملية بلا مقابل فعلياً، فكثير من الحسابات لا تجني أي مرابحة أو فائدة بل على العكس بعض أنواع الحسابات تتسبب باقتطاعات من أصل المال كمقابل للخدمات، إذن فأغلبنا يتعامل مع البنوك على أنها صناديق أمانات لأن أغلبنا لا يملك الملايين ولا مئات أو عشرات الألوف ليضعها في حسابات مغلقة وودائع لأجل تدر علينا ربحاً، فيما البنوك تتعامل مع زبائنها على أنهم رؤوس أموال متحركة فكل قرش يودع في البنك هو مال يضاف إلى أموال البنك ليستعمله في مضارباته وتجاراته، لذا ففي كل مكان من العالم يحظى زبائن وعملاء البنوك بأكبر قدر من الاحترام وتحرص البنوك على إجراء أقل قدر من التغيير في سياساتها وحتى في موظفيها وكوادر فروعها كي تبقي على العلاقة الإنسانية وحالة التواصل بين العميل والموظف والمؤسسة وحتى لا ينفر العميل ويفكر في تغيير أماكن حساباته.
لكن في الأردن فإن هذا الحديث غدا ضرباً من ضروب الخيال حيث أصبحت البنوك تتعامل مع زبائنها وكأنهم عبيد لها حتى أصبح أحدنا أثناء زيارته للبنك يشعر أنه يستجدي ماله من صراف هذه المؤسسة، فهناك بنوك جزء من سياستها سواء المعلنة أو غير المعلنة أن لا داعي لاحترام أي عميل يقل حسابه عن بضعة ملايين - لاحظوا ليس مليون أو اثنان بل بضعة ملايين - وبنوك أخرى ترى أن منح قرض لأي كان هو حجة لاستباحة حياة هذا الشخص فتصل بهم الحالة إلى استجوابه حول أدق تفاصيل حياته الأسرية، وما إذا كان له أخت مطلقة أو عم مريض، هذا طبعاً عدا عن التعامل الجاف والسيئ من قبل الموظفين، والطوابير الطويلة التي يكون سببها الرئيسي عادة سوء الخدمة وإهمال الموظفين، وطبعاً السمة الأهم: التعطل الدائم للأجهزة والأنظمة الإلكترونية، وهناك دائماً ظاهرة مدير الفرع (اللي عايش الدور) ويظن نفسه مديراً للاحتياطي الفدرالي الأمريكي فتجده يجلس وراء كرسيه بنفخة لا تصدق ويطلق الأوامر والنواهي تجاه العملاء الذين من ناحية واقعية وفعلية مئة بالمئة يدفعون راتبه ورواتب كل من في مؤسسته من أكبرهم إلى أصغرهم من مالهم الخاص، وطبعاً حدث ولا حرج عن حالات محرجة وأحياناً ضارة مثل أن يكتشف شخص ما أن رواتب موظفيه لا تحول منذ مدد طويلة لأن شخصاً ما نسي أن يضغط الزر، أو حالة العريس الذي تقدم بطلب قرض واستكمل كل إجراءاته ليكتشف قبل الزفاف بأيام وفي اليوم الذي يكون محدداً لاستلام المبلغ أن المعاملة لم تتم لأن موظف القروض والذي مهمته الوحيدة إنهاء هذه المعاملة لم يقم بإرسالها، وطبعاً هناك العبارة الشهيرة آسفين ما في كاش والتي يسهل على أي بنكير إطلاقها إذا طلب منه الزبون سحب مبلغ من حسابه بالعملات الأجنبية أو احتاج إلى مبلغ كبير دون أن يقوم بتنبيه البنك قبل ذلك بأيام وأيام، وكأن الجميع محيط بخبر السماء وعلم الغيب فتجده يعلم أنه قد يحتاج إلى عملة أجنبية أو مبلغ أكبر من سحوباته المعتادة قبل حاجته له بأيام ثم عليه أن يعلم أن البنك - مستودع النقود - خال من بضاعته وعليه استيرادها لسد حاجة زبائنه الذين يستأمنونه على أموالهم، هذا عدا عن الوقوف لدقائق طويلة امام امين الصندوق بانتظار البدء بمعاملتك فيما سيادته يضارب بالبورصة ويتاجر بالاراضي ويمرر معلومات حول اسعار العملات لهذا وذاك عبر الهاتف.
كل هذا وغيره الكثير يجعل أي أردني يدخل إلى أي فرع لبنك أردني يشعر أنه في دكان القرية التي يحكمها دكانجي عجوز متذمر متجعد الوجه والنفس يتحكم في زبائنه من أطفال القرية ونسائها رغم أنهم لو اختاروا أن يذهبوا إلى دكان آخر - أو في هذه الحالة بنك أجنبي يعمل في الأردن - فسيخرب بيته وتدمر أحواله.
مجموعة ملاحظات أضعها أمام المهتمين بهذا الشأن قبل أن تقع الواقعة ونجد بنوكنا دكاكين يعشش في جنباتها العنكبوت