الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس .... معاناة وألم
بقلم : تحسين يحيى أبو عاصي
إن من أهم أهداف كل حركة تحرر في العالم هو المواطن ؛ لأنه الشريان الرئيس والدم المتدفق لكل حركة تحررية في العالم ، ومن خلال المواطن ومن اجله يحتدم الاستقطاب والتنظير والخلافات الفكرية بين الحركات والتنظيمات والأحزاب ، والتي قد تصل أحيانا إلى حد الصراع المسلح ، كما وقع بين حركتي فتح وحماس.
إن مبادئ وأهداف كل حركة في العالم ، إنما تنطلق من رؤية سياسية تنسجم مع تفكير وقناعة قادتها ، معتبرة أن رؤيتها السياسية ومبادئها وأفكارها هي الأقرب لتحقيق النصر والتحرير ، وهي تنطلق أساسا من خلال رغبة تلك الحركة في تقديم خدمة للمواطن ، عن طريق الدعم المالي والمؤسساتي والخدماتي ، والعمل من أجل تحقيق أمنه ، وتوفير ما أمكن من خدمات حياتية تنسجم وفكر تلك الحركة ، ويتحقق ذلك كله من خلال تحقيق أهداف الحركة التكتيكية والإستراتيجية .
ولا شك أن وتيرة استقطاب العناصر المغذية لهذه الحركة أو تلك ، تتأثر تبعا في الأحداث والمواقف السياسية ، والأداء الميداني والسلوك اليومي لقادتها ، وأن للأحداث والمواقف والأداء والسلوك تأثيرا قويا على عقول ونفوس الناس ، يفوق جلجلة التصاريح وبريق الشعارات ورنين الأفكار والنظريات والمبادئ ، ومن المؤكد أن كل حركة في العالم لا تتمكن من معرفة الطبيعة النفسية لمواطنيها ، ولا تتمكن من فهم التركيبة الذهنية والعقلية للناس ، مآلها إلى التراجع والأفول ، مهما أوتيت من أسباب النفوذ والقوة .
ما حدث في فلسطين بعد اتفاقيات كثيرة منها أوسلو وباريس ومدريد وغيرها ، وما أفرزته تلك الاتفاقيات بجميع تداخلاتها وتفاعلاتها ، وما وقع من أحداث سياسية وعسكرية وأمنية على الساحة الفلسطينية ، منذ التوقيع على وثيقة الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل حتى هذه اللحظة ، وطبيعة الخطاب السياسي ، وآليات انتزاع الحقوق المغتصبة ، وأشكال التعاطي الميداني لحركة فتح مع حركتي حماس والجهاد ، كان لكل ذلك دوراً كبيراً في ما وصل إليه الشعب الفلسطيني من حالة الانقسام الداخلي والصراع الدموي بين الأشقاء ، وانعكاس ذلك الخطير على القضية الفلسطينية وتعاطي العالم معها ، يجعلنا نجزم وبالقطع أن الفلسطينيين يكتوون بنار الحركتين ، وأن قادة الحركتين لا بد من أن يتحملوا المسئولية الكاملة عن حالة المعاناة والآلام التي نتجت عن أدائهم .
ففي غزة عجزت حركة حماس وبسبب قراءتها الخاطئة للواقع وما يعصف به من متغيرات ، عجزت عن اتخاذ القرار السليم في تعاطيها مع المرحلة ، الأمر الذي أوصل الفلسطينيين في قطاع غزة إلى ما هم عليه اليوم ، حتى صار الفلسطيني يئن ألما من كل شيء ؛ بسبب عجز حركة حماس عن توفير الاستحقاقات المرحلية اللازمة لشعبها ، بما تخدم به المواطن وتحافظ على ديمومة نهجها ، وصحيح أن المواطن مطلوب منه التضحية والصمود ، ولكنه من غير الصحيح أن يقبل المواطن بهرطقات ومراهقات وفذلكات ، ثم نطلب منه التضحية والصمود ، والنتيجة صفر اليدين .
كما أن حركة فتح وبالمقابل تماما ، تتحمل المسئولية الكاملة في عدم قدرتها على القراءة الصحيحة شأنها بذلك شأن حركة حماس ، لأن كل قراءة خاطئة تؤدي بالقطع إلى نتيجة خاطئة ، يدفع ثمنها المواطن المثقل قبل هذه الحركة أو تلك .
وإن عدم اتفاق الحركتين ، وغياب مرجعية سياسية عليا تبت في كل القضايا ، يجعل الحركتين في خانة واحدة من حيث تسببهما في معاناة المواطن وآلامه ، لا من حيث التوجه السياسي والتعاطي مع القضية الفلسطينية فقط .
كما أن السلوك اليومي لقادة الحركتين اليوم ، هو قريب من سلوك الأمس من حيث الظلم والواسطة والنفعية ، والدوران السياسي في نفس الدائرة المغلقة ، وعدم مقدرة أي طرف على كسر الجليد أو اختراق الدائرة ، حتى أصيح المواطن يعتبر من حيث معاناته أن فتح وحماس وجهان لعملة واحدة ، وأن الحركتين عجزتا في فهم نفسية وعقلية المواطن الفلسطيني ومداخل استقطابه والتعامل معه .
كل حركة تعجز عن تقديم البديل ، بل هي تطرح نفسها كبديل عن الحركة الأخرى والنتيجة صفر اليدين .
كل حركة تدعي أنها الأقرب إلى التحرير ، وكل حركة تعلن حرصها على مصلحة المواطن والنتيجة صفر اليدين .
كل حركة تدعي ملكيتها للوطنية وأحقيتها في توزيع النعوت والألقاب ، والمواطن الفلسطيني بين المطرقة والسندان ، بل هو كجذع شجرة من تحت منشار حاد يأكل به ذهابا وإيابا .
ولو استطاعت حركة واحدة منهما القراءة الصحيحة لما تدحرجت بنا الأمور إلى أخطر المربعات التي مرت بها القضية الفلسطينية ، فهل ما ينتظرنا أعظم ؟ .
بقلم : تحسين يحيى أبو عاصي
إن من أهم أهداف كل حركة تحرر في العالم هو المواطن ؛ لأنه الشريان الرئيس والدم المتدفق لكل حركة تحررية في العالم ، ومن خلال المواطن ومن اجله يحتدم الاستقطاب والتنظير والخلافات الفكرية بين الحركات والتنظيمات والأحزاب ، والتي قد تصل أحيانا إلى حد الصراع المسلح ، كما وقع بين حركتي فتح وحماس.
إن مبادئ وأهداف كل حركة في العالم ، إنما تنطلق من رؤية سياسية تنسجم مع تفكير وقناعة قادتها ، معتبرة أن رؤيتها السياسية ومبادئها وأفكارها هي الأقرب لتحقيق النصر والتحرير ، وهي تنطلق أساسا من خلال رغبة تلك الحركة في تقديم خدمة للمواطن ، عن طريق الدعم المالي والمؤسساتي والخدماتي ، والعمل من أجل تحقيق أمنه ، وتوفير ما أمكن من خدمات حياتية تنسجم وفكر تلك الحركة ، ويتحقق ذلك كله من خلال تحقيق أهداف الحركة التكتيكية والإستراتيجية .
ولا شك أن وتيرة استقطاب العناصر المغذية لهذه الحركة أو تلك ، تتأثر تبعا في الأحداث والمواقف السياسية ، والأداء الميداني والسلوك اليومي لقادتها ، وأن للأحداث والمواقف والأداء والسلوك تأثيرا قويا على عقول ونفوس الناس ، يفوق جلجلة التصاريح وبريق الشعارات ورنين الأفكار والنظريات والمبادئ ، ومن المؤكد أن كل حركة في العالم لا تتمكن من معرفة الطبيعة النفسية لمواطنيها ، ولا تتمكن من فهم التركيبة الذهنية والعقلية للناس ، مآلها إلى التراجع والأفول ، مهما أوتيت من أسباب النفوذ والقوة .
ما حدث في فلسطين بعد اتفاقيات كثيرة منها أوسلو وباريس ومدريد وغيرها ، وما أفرزته تلك الاتفاقيات بجميع تداخلاتها وتفاعلاتها ، وما وقع من أحداث سياسية وعسكرية وأمنية على الساحة الفلسطينية ، منذ التوقيع على وثيقة الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل حتى هذه اللحظة ، وطبيعة الخطاب السياسي ، وآليات انتزاع الحقوق المغتصبة ، وأشكال التعاطي الميداني لحركة فتح مع حركتي حماس والجهاد ، كان لكل ذلك دوراً كبيراً في ما وصل إليه الشعب الفلسطيني من حالة الانقسام الداخلي والصراع الدموي بين الأشقاء ، وانعكاس ذلك الخطير على القضية الفلسطينية وتعاطي العالم معها ، يجعلنا نجزم وبالقطع أن الفلسطينيين يكتوون بنار الحركتين ، وأن قادة الحركتين لا بد من أن يتحملوا المسئولية الكاملة عن حالة المعاناة والآلام التي نتجت عن أدائهم .
ففي غزة عجزت حركة حماس وبسبب قراءتها الخاطئة للواقع وما يعصف به من متغيرات ، عجزت عن اتخاذ القرار السليم في تعاطيها مع المرحلة ، الأمر الذي أوصل الفلسطينيين في قطاع غزة إلى ما هم عليه اليوم ، حتى صار الفلسطيني يئن ألما من كل شيء ؛ بسبب عجز حركة حماس عن توفير الاستحقاقات المرحلية اللازمة لشعبها ، بما تخدم به المواطن وتحافظ على ديمومة نهجها ، وصحيح أن المواطن مطلوب منه التضحية والصمود ، ولكنه من غير الصحيح أن يقبل المواطن بهرطقات ومراهقات وفذلكات ، ثم نطلب منه التضحية والصمود ، والنتيجة صفر اليدين .
كما أن حركة فتح وبالمقابل تماما ، تتحمل المسئولية الكاملة في عدم قدرتها على القراءة الصحيحة شأنها بذلك شأن حركة حماس ، لأن كل قراءة خاطئة تؤدي بالقطع إلى نتيجة خاطئة ، يدفع ثمنها المواطن المثقل قبل هذه الحركة أو تلك .
وإن عدم اتفاق الحركتين ، وغياب مرجعية سياسية عليا تبت في كل القضايا ، يجعل الحركتين في خانة واحدة من حيث تسببهما في معاناة المواطن وآلامه ، لا من حيث التوجه السياسي والتعاطي مع القضية الفلسطينية فقط .
كما أن السلوك اليومي لقادة الحركتين اليوم ، هو قريب من سلوك الأمس من حيث الظلم والواسطة والنفعية ، والدوران السياسي في نفس الدائرة المغلقة ، وعدم مقدرة أي طرف على كسر الجليد أو اختراق الدائرة ، حتى أصيح المواطن يعتبر من حيث معاناته أن فتح وحماس وجهان لعملة واحدة ، وأن الحركتين عجزتا في فهم نفسية وعقلية المواطن الفلسطيني ومداخل استقطابه والتعامل معه .
كل حركة تعجز عن تقديم البديل ، بل هي تطرح نفسها كبديل عن الحركة الأخرى والنتيجة صفر اليدين .
كل حركة تدعي أنها الأقرب إلى التحرير ، وكل حركة تعلن حرصها على مصلحة المواطن والنتيجة صفر اليدين .
كل حركة تدعي ملكيتها للوطنية وأحقيتها في توزيع النعوت والألقاب ، والمواطن الفلسطيني بين المطرقة والسندان ، بل هو كجذع شجرة من تحت منشار حاد يأكل به ذهابا وإيابا .
ولو استطاعت حركة واحدة منهما القراءة الصحيحة لما تدحرجت بنا الأمور إلى أخطر المربعات التي مرت بها القضية الفلسطينية ، فهل ما ينتظرنا أعظم ؟ .