بقلم: محمد أبو علان:
شيء فيه الكثير من المسخرة والسخرية عندما تسمع دولة الاحتلال الإسرائيلي تتحدث عن القيم الأخلاقية والإنسانية لها ولجيشها بشكل خاص ولشعبها بشكل عام، قيم وأخلاقيات عرفتها الشعوب العربية المجاورة لدولة الاحتلال حق المعرفة عبر ستون عاماً من النكبة هي عمر دولة الاحتلال الصهيوني، فالمجازر الصهيونية ضد الشعوب العربية عجز التاريخ عن توثيقها بكاملها لبشاعتها وكثرتها، فمذابح دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة، ومذابح صبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية تمثل جزء بسيط من التاريخ الإجرامي لهذه الدولة الاحتلالية.
ودافعي لكتابة موضوعي هذا كان بروز الحديث عن قيم دولة الاحتلال وجيشها بشكل واسع في الفترة الأخيرة وخاصة في أعقاب النصر العظيم الذي حققه حزب الله في عملية تبادل الأسرى وتحريره لعميد الأسرى سمير القنطار ورفاقه، وحادثة نعلين الذي أطلق فيها جندي احتلالي النار على المواطن الفلسطيني أشرف أبو رحمة (27) عام وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين وبحضور ضابط الوحدة العسكرية وعدة جنود في لحظة إطلاق النار.
فالناطق باسم جيش الاحتلال "أفخاي أدرعي" تحدث عقب عملية "الرضوان" التي استعادت دولة الاحتلال جثث جندييها في أعقابها قائلاً "دفع إسرائيل لهذا الثمن الباهض مقابل جثث يدل على القيم الأخلاقية للجيش الإسرائيلي"، هذه الكلمات جاء بها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي لتغطية آخر فصول الهزيمة لدولة الاحتلال وجيشها في حرب تموز 2006 الذي شنته دولة الاحتلال على لبنان والتي كان أول أهدافها إعادة الجنود الأسرى دون التفاوض مع الإرهابيين على حد تعبير إيهود أولمرت في الساعات الأولى لبدء العدوان على لبنان آنذاك، فلا ألأسرى عادوا بالحرب وفي النهاية تفاوضت دولة الاحتلال مع حزب الله عبر الوسيط الألماني.
واليوم جاءت تصريحات "اليعازر شتيرن" مسئول القوى البشرية في جيش الاحتلال لتثبت زيف شعار التبادل من منطلق القيم والأخلاق، وليؤكد تواصل مسلسل الهزيمة لدولة الاحتلال أمام حزب الله داعياً دولة الاحتلال وجيشها للاستفادة من الأمريكان في هذا المجال "وعدم دفع أي ثمن مقابل الأسرى"، والسياسية الأمريكية في هذا المجال تقوم على مبدأ عدم التفاوض مع مختطفي الجنود الأمريكيين حتى لو أدى الأمر لعدم عودة الجنود الأسرى حتى ولو جثث، مما يلغى نظرية القيم والأخلاق التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لتبرير هزيمته في هذا الجانب، فان كانت هنا قيم الاحتلال وأخلاقياته عنصرية فالجيش الأمريكي خالي من القيم والأخلاق حتى تجاه الجنود المحاربين في صفوفه.
وتميز موقف قادة الأجهزة الأمنية الاحتلالية برفض الصفقة مع حزب الله وبالتحديد موقف يوفال ديسكن رئيس جهاز الشباك، ومائير دغان رئيس جهاز الموساد تحت شعار عدم إطلاق سراح أسرى "ملطخة أيديهم بالدماء" وفق التعبير الإسرائيلي، مما يضيف عامل آخر في تأكيد زيف نظرية القيم هذه، ومرد المعارضة الأمنية الإسرائيلية لهذه الصفقة يعود لعدم رغبة اعتراف هذه الأجهزة وقادتها بفشلهم حتى ألاستخباري في مواجهتهم مع حزب الله، وهذا الفشل وصل لدرجة عدم المقدرة حتى على معرفة مصير جنودهم إن كانوا أحياء أم أموات إلا لحظة رؤيتهم في الصناديق على معبر النافورة الفاصل بين الحدود اللبنانية والفلسطينية، وتفاصيل الموقف من هذه القضية وسلسلة الفشل والهزيمة المواكب لها يمكن أن يساق على قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط إن حافظ خاطفيه على نهجهم الحالي في معالجة قضيته وعلى ما سبق من عمليات تبادل مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي نفس السياق فنفس نظرية القيم والأخلاق تحدث عنها الناطق باسم جيش الاحتلال عندما كشفت منظمة بتسيلم عن قضية إطلاق النار على المواطن أشرف أبو رحمة وهو مكبل اليدين ومعصوب العينيين، وقال هذا الناطق باسم الجيش "أن تصرف هذا الجندي كان فردياً، ومثل موقفه إساءة لقيم وأخلاقيات الجيش الإسرائيلي"، ليتبين فيما بعد أن قرار إطلاق النار كان بقرار من ضابط الوحدة والجندي نفذ الأمر بدقة وهذا حسب اعترافات الجندي نفسه الذي عاد للعمل في صفوف وحدته في اليوم التالي من كشف تفاصيل الحداثة مما يؤكد أن القيم الفاشية والعنصرية هي المنطلق والأساس التي يقوم عليها جيش الاحتلال، وبها يربي ويثقف جنوده.
فالقيم الإنسانية والأخلاقية هي ظاهرة إنسانية لا تجزأ لمن يؤمن بها بشكل حقيقي، في المقابل دولة تحتل أرض وشعب آخر بقوة السلاح، وبنت نفسها على أنقاضه لا يمكن أن تكون دولة ذات قيم وأخلاق إنسانية ولا بأي مقياس من المقاييس، إلا إذا كانت قيم ذات منطلق فاشي وعنصري كما هي دولة الاحتلال الإسرائيلي وجيشها، دولة وجيش حصلا على مسمى قتلة الأطفال والشيوخ والنساء بامتياز، فمنذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية فقط وحتى الثلاثين من حزيران 2008 بلغ عدد الأطفال الفلسطينيين الذين سقطوا شهداء بنيران جنود الاحتلال وهم أقل من (18) عام كان (996) طفلاً فلسطينياً من بينهم (119) من الإناث هذا وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ووفق لنفس المصدر فقد بلغ عدد النساء اللواتي سقطن بنيران الاحتلال في نفس الفترة كان (314) شهيدة، وعدد الشهداء التي تجاوزت أعمارهم الخمسون عاماً بلغ (301) شهيداً. أي أن حوالي 22% من شهداء الانتفاضة الفلسطينية الثانية هم من الأطفال والشيوخ والنساء، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من الشهداء الذين سقطوا بدم بارد على أيدي قوات الاحتلال بالإضافة للذين قضوا بالإعدامات الميدانية مع أنهم كانوا في قبضة قوات الاحتلال، أما عن إبادة عائلات بأكملها فالقائمة طويلة لم تكن عائلة العثامنة أولها، ولن تكون عائلة غالية آخرها ، فهذه هي القيم والأخلاق التي يؤمن بها جيش الاحتلال وقادته السياسيين، قيم تقوم على الإبادة والتهجير لكل ما هو غير يهودي تكريساً لعنصرية وفاشية هذه الدولة الاحتلالية.
وهذه الجرائم الاحتلالية التي فاقت جرائم الإبادة تتم بمشاركة أمريكية وأوروبية وصمت عربي عبر الدعم الذي تحظى به دولة الاحتلال في المؤسسات والمحافل الدولية، والعلاقات العربية معها دون ثمن سياسي، لا بل يعمل السواد الأعظم من المجتمع الدولي على صرف النظر عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي عبر تركيزه على بعض الصراعات الجانية سعياً لتحقيق مصالحة الاقتصادية والسياسية من خلالها، وما قضية دارفور وقرار محكمة العدل الدولية في هذه القضية بملاحقة الرئيس السوداني إلا الدليل الواضح على هذا النهج للمجتمع الدولي القائم على معايير النظام العالمي الجديد الظالم، والذي يقيس بعدة مقاييس بما يتناسب مع مصالحه، ومن يريد قراءة التاريخ وتقيم الأحداث بصورة علمية عليه الاستفادة من تجارب المقاومة، وقراءة تجربة حزب الله في هذا المجال طوال السنوات الماضية، تجربة باتت تدرس في المدارس والنظم العسكرية لأهميتها وغناها.
[email protected]
blog.amin.org/yafa1
شيء فيه الكثير من المسخرة والسخرية عندما تسمع دولة الاحتلال الإسرائيلي تتحدث عن القيم الأخلاقية والإنسانية لها ولجيشها بشكل خاص ولشعبها بشكل عام، قيم وأخلاقيات عرفتها الشعوب العربية المجاورة لدولة الاحتلال حق المعرفة عبر ستون عاماً من النكبة هي عمر دولة الاحتلال الصهيوني، فالمجازر الصهيونية ضد الشعوب العربية عجز التاريخ عن توثيقها بكاملها لبشاعتها وكثرتها، فمذابح دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة، ومذابح صبرا وشاتيلا وقانا الأولى والثانية تمثل جزء بسيط من التاريخ الإجرامي لهذه الدولة الاحتلالية.
ودافعي لكتابة موضوعي هذا كان بروز الحديث عن قيم دولة الاحتلال وجيشها بشكل واسع في الفترة الأخيرة وخاصة في أعقاب النصر العظيم الذي حققه حزب الله في عملية تبادل الأسرى وتحريره لعميد الأسرى سمير القنطار ورفاقه، وحادثة نعلين الذي أطلق فيها جندي احتلالي النار على المواطن الفلسطيني أشرف أبو رحمة (27) عام وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين وبحضور ضابط الوحدة العسكرية وعدة جنود في لحظة إطلاق النار.
فالناطق باسم جيش الاحتلال "أفخاي أدرعي" تحدث عقب عملية "الرضوان" التي استعادت دولة الاحتلال جثث جندييها في أعقابها قائلاً "دفع إسرائيل لهذا الثمن الباهض مقابل جثث يدل على القيم الأخلاقية للجيش الإسرائيلي"، هذه الكلمات جاء بها الناطق باسم الجيش الإسرائيلي لتغطية آخر فصول الهزيمة لدولة الاحتلال وجيشها في حرب تموز 2006 الذي شنته دولة الاحتلال على لبنان والتي كان أول أهدافها إعادة الجنود الأسرى دون التفاوض مع الإرهابيين على حد تعبير إيهود أولمرت في الساعات الأولى لبدء العدوان على لبنان آنذاك، فلا ألأسرى عادوا بالحرب وفي النهاية تفاوضت دولة الاحتلال مع حزب الله عبر الوسيط الألماني.
واليوم جاءت تصريحات "اليعازر شتيرن" مسئول القوى البشرية في جيش الاحتلال لتثبت زيف شعار التبادل من منطلق القيم والأخلاق، وليؤكد تواصل مسلسل الهزيمة لدولة الاحتلال أمام حزب الله داعياً دولة الاحتلال وجيشها للاستفادة من الأمريكان في هذا المجال "وعدم دفع أي ثمن مقابل الأسرى"، والسياسية الأمريكية في هذا المجال تقوم على مبدأ عدم التفاوض مع مختطفي الجنود الأمريكيين حتى لو أدى الأمر لعدم عودة الجنود الأسرى حتى ولو جثث، مما يلغى نظرية القيم والأخلاق التي يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لتبرير هزيمته في هذا الجانب، فان كانت هنا قيم الاحتلال وأخلاقياته عنصرية فالجيش الأمريكي خالي من القيم والأخلاق حتى تجاه الجنود المحاربين في صفوفه.
وتميز موقف قادة الأجهزة الأمنية الاحتلالية برفض الصفقة مع حزب الله وبالتحديد موقف يوفال ديسكن رئيس جهاز الشباك، ومائير دغان رئيس جهاز الموساد تحت شعار عدم إطلاق سراح أسرى "ملطخة أيديهم بالدماء" وفق التعبير الإسرائيلي، مما يضيف عامل آخر في تأكيد زيف نظرية القيم هذه، ومرد المعارضة الأمنية الإسرائيلية لهذه الصفقة يعود لعدم رغبة اعتراف هذه الأجهزة وقادتها بفشلهم حتى ألاستخباري في مواجهتهم مع حزب الله، وهذا الفشل وصل لدرجة عدم المقدرة حتى على معرفة مصير جنودهم إن كانوا أحياء أم أموات إلا لحظة رؤيتهم في الصناديق على معبر النافورة الفاصل بين الحدود اللبنانية والفلسطينية، وتفاصيل الموقف من هذه القضية وسلسلة الفشل والهزيمة المواكب لها يمكن أن يساق على قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط إن حافظ خاطفيه على نهجهم الحالي في معالجة قضيته وعلى ما سبق من عمليات تبادل مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي نفس السياق فنفس نظرية القيم والأخلاق تحدث عنها الناطق باسم جيش الاحتلال عندما كشفت منظمة بتسيلم عن قضية إطلاق النار على المواطن أشرف أبو رحمة وهو مكبل اليدين ومعصوب العينيين، وقال هذا الناطق باسم الجيش "أن تصرف هذا الجندي كان فردياً، ومثل موقفه إساءة لقيم وأخلاقيات الجيش الإسرائيلي"، ليتبين فيما بعد أن قرار إطلاق النار كان بقرار من ضابط الوحدة والجندي نفذ الأمر بدقة وهذا حسب اعترافات الجندي نفسه الذي عاد للعمل في صفوف وحدته في اليوم التالي من كشف تفاصيل الحداثة مما يؤكد أن القيم الفاشية والعنصرية هي المنطلق والأساس التي يقوم عليها جيش الاحتلال، وبها يربي ويثقف جنوده.
فالقيم الإنسانية والأخلاقية هي ظاهرة إنسانية لا تجزأ لمن يؤمن بها بشكل حقيقي، في المقابل دولة تحتل أرض وشعب آخر بقوة السلاح، وبنت نفسها على أنقاضه لا يمكن أن تكون دولة ذات قيم وأخلاق إنسانية ولا بأي مقياس من المقاييس، إلا إذا كانت قيم ذات منطلق فاشي وعنصري كما هي دولة الاحتلال الإسرائيلي وجيشها، دولة وجيش حصلا على مسمى قتلة الأطفال والشيوخ والنساء بامتياز، فمنذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الثانية فقط وحتى الثلاثين من حزيران 2008 بلغ عدد الأطفال الفلسطينيين الذين سقطوا شهداء بنيران جنود الاحتلال وهم أقل من (18) عام كان (996) طفلاً فلسطينياً من بينهم (119) من الإناث هذا وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ووفق لنفس المصدر فقد بلغ عدد النساء اللواتي سقطن بنيران الاحتلال في نفس الفترة كان (314) شهيدة، وعدد الشهداء التي تجاوزت أعمارهم الخمسون عاماً بلغ (301) شهيداً. أي أن حوالي 22% من شهداء الانتفاضة الفلسطينية الثانية هم من الأطفال والشيوخ والنساء، ناهيك عن الأعداد الكبيرة من الشهداء الذين سقطوا بدم بارد على أيدي قوات الاحتلال بالإضافة للذين قضوا بالإعدامات الميدانية مع أنهم كانوا في قبضة قوات الاحتلال، أما عن إبادة عائلات بأكملها فالقائمة طويلة لم تكن عائلة العثامنة أولها، ولن تكون عائلة غالية آخرها ، فهذه هي القيم والأخلاق التي يؤمن بها جيش الاحتلال وقادته السياسيين، قيم تقوم على الإبادة والتهجير لكل ما هو غير يهودي تكريساً لعنصرية وفاشية هذه الدولة الاحتلالية.
وهذه الجرائم الاحتلالية التي فاقت جرائم الإبادة تتم بمشاركة أمريكية وأوروبية وصمت عربي عبر الدعم الذي تحظى به دولة الاحتلال في المؤسسات والمحافل الدولية، والعلاقات العربية معها دون ثمن سياسي، لا بل يعمل السواد الأعظم من المجتمع الدولي على صرف النظر عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي عبر تركيزه على بعض الصراعات الجانية سعياً لتحقيق مصالحة الاقتصادية والسياسية من خلالها، وما قضية دارفور وقرار محكمة العدل الدولية في هذه القضية بملاحقة الرئيس السوداني إلا الدليل الواضح على هذا النهج للمجتمع الدولي القائم على معايير النظام العالمي الجديد الظالم، والذي يقيس بعدة مقاييس بما يتناسب مع مصالحه، ومن يريد قراءة التاريخ وتقيم الأحداث بصورة علمية عليه الاستفادة من تجارب المقاومة، وقراءة تجربة حزب الله في هذا المجال طوال السنوات الماضية، تجربة باتت تدرس في المدارس والنظم العسكرية لأهميتها وغناها.
[email protected]
blog.amin.org/yafa1