الأخبار
كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهالإعلان عن مقتل جندي إسرائيلي وأحداث أمنية جديدة في القطاع20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائي
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حقيقة الإحتلال الأمريكى للعراق بقلم:محمد صادق إسماعيل

تاريخ النشر : 2008-07-21
تعبر السياسات الإقتصادية للإحتلال الامريكى للعراق عن مشروع إقتصادي جذري ينطلق من مصالح إستراتيجية ومن الأيديولوجية اليمينية للمحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية التي تعمل بإتجاه الهيمنة على السياسة الإقتصادية الدولية, رغم ما تواجهها من معارضة متزايدة من الأوساط الشعبية على النطاق العالمي.
وفي إطار هذا المشروع جرى تحديد طاقمه الإداري (المستشارين) ممن يحملون الأيديولوجية الإقتصادية والإجتماعية للمحتل, وتم إختيارهم بحكم إرتباط الإدارات الأمريكية بالمؤسسات الرأسمالية الكبرى,مما سيضع مستقبل الإقتصاد العراقي, ليس عرضة للهيمنة الرأسمالية بشكل عام فحسب,بل لصراعات النفوذ والتنافس السياسي أيضا,أو حتى لهيمنة شركات محددة بعينها,كما حدث في أعقاب الإحتلال البريطاني للعراق في القرن الماضي. وهؤلاء المستشارون حاليا في موقع سلطة "مطلقة" خالية من أي ضوابط مؤسسية عراقية,أو محددات إجتماعية, أو إلتزامات معينة تجاه الشعب العراقي, في حين يمارسون سلطتهم تجاه العراقيين بحرية وفي غياب المحاسبة.
وفي هذه البيئة الجديدة,تحول الحديث عن التنمية الإقتصادية والسياسات الإقتصادية لدى سلطة الإحتلال ألى الحديث عن إعادة البناء وإعادة الإعمار بمفهومه الهندسي,أي خاليا من مضامينه الإجتماعية والإقتصادية والسياسية, ومن دون تقييم فعال لمتطلبات المرحلة أو الترابط بين المشروعات وتأثيراتها في ما بينها وبالعلاقة مع الإقتصاد الكلي.
بل إن ما تطرحه السياسة الإقتصادية الجديدة لمستقبل العراق هو ربط سياسة إعادة إعمار البلاد بسياسات الإنفتاح, وإعادة هيكلة النظام الإقتصادي,وإلغاء أو تقليص دور القطاع العام والتخلي عن سياسة دعم السلع الإستهلاكية الأساسية, وإطلاق الأسعار وأسعار الفائدة, وتخفيض الضرائب على الشركات والضرائب الجمركية على الواردات, وإلغاء التميز الذي كان قائما لصالح الشركات الوطنية في عقود ومناقصات الدولة,وفتح باب الملكية الأجنبية على مصراعيه في غياب سياسة إنتقائية لإختيار ما هو مفيد وتوظيفه في أهداف مرغوبة, وفتح القطاع المصرفي للرأسمال الأجنبي من دون إمكانية تقييد رؤوس الأموال عند الحاجة وإدخال القطاع الخاص ورأس المال الأجنبي إلى قطاعات الخدمات , وخصخصة النفط والسيطرة على الصناعة, وإهمال حقوق العمال ودور الدولة في التقاعد والضمان الإجتماعي, وأيضا التخلي عن دورها في حماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعية, بما يعنيه من السيطرة الشاملة على الإقتصاد العراقي.
يضاف إلى ذلك توجيه الإيرادات النفطية- قدر الإمكانية- نحو المجالات الإستهلاكية على حساب الإستثمارات. وبذلك لن يحقق مشروع الإحتلال التنمية و إعادة إعمار العراق حتى وفق المفهوم الليبرالي, إضافة الى عدم القدرة على بناء إقتصاد عراقي قادر على المنافسة في الأسواق العالمية.
في ظل هذا الوضع, أخذ القطاع الصناعي الخاص الذي يستخدم نحو عشر القوة العاملة المحلية, يترنح أمام السلع المستوردة, كما إن الضحية الكبرى من هذا الإنفلات الجمركي هي مصانع القطاع العام التي كانت تستخدم أكثر من مائة ألف عامل, كما أعلنت سلطة الإحتلال عن نيتها توزيع جزء من إيرادات النفط العراقي على المواطنين العراقيين في صورة نقدية وفق الطريقة المتبعة في ولاية ألاسكا الأمريكية.
تتجاوز مثل هذه الدعوات البون الشاسع بين إقتصاديات تلك الدول التي تقوم على قواعد إنتاجية متقدمة تحتاج إلى خلق مزيد من الطلب لإستمرار نموها, وبين حالة العراق الذي يحتاج إلى بناء قاعدته الإقتصادية أولا ليكون بإمكانه الإستهلاك الواسع.
ووفقا للمبادىء الإقتصادية المعروفة فإن منح الأولويه للإستهلاك في غياب قاعدة إنتاجية, ووفق سياسة تأخذ في إعتبارها تبعية الإنتاج للإستهلاك, يعني بناء إقتصاد إستهلاكي يعتمد على الخارج لتوفير متطاباته المحلية على حساب الإستثمار والتنمية. وتكون النتيجه الإستمرار في الإعتماد وحيد الجانب على إستهلاك النفط في غياب تعويضه.
لقد قدرت خسارة العراق من جراء الإحتلال الأمريكي بحدود أربعمائة وعشرين بليون دولار,عدا الخسائر البشرية. وتمثلت تلك الخسائر في تدمير المنشآت والمواقع العسكرية والمطارات والأسلحة ومصانع التصنيع العسكري بأجهزتها ومخزونها ومئات المصانع والمنشآت المدنية الأخرى وتدمير البنى التحتية,في حين تم تفكيك وتهريب وبيع المرافق الأخرى إلى الخارج بأثمان بخسة صادرها أعوان الإحتلال. وقد إستثمرت الإدارة الأمريكية إنهيار مؤسسات الدولة العراقية فإستولت على الأموال العراقية المجمدة التي تجاوز رصيدها 17 بليون دولار مضافا إليها الرصيد المتراكم للعراق من برنامج النفط مقابل الغذاء والبالغ 11 بليون دولار. وإستولت قوات الإحتلال على الإحتياطيات النقدية للدولة العراقية المقدرة بما يزيد عن 7 بليون دولار.

نتيجة لتلك الأوضاع المضطربة و التى لاتسمح بقيام إعمار فعلى و حقيقى لما أفسده الغزو الامريكى ، و فى ظل بيئة يسودها المصالح الخاصة قبل المصلحة العراقية كان لزاما ظهور مؤشرات عديدة للفساد فى المحاولات المزعومة للاعمار
لقد جسدت فترة وجود الاحتلال الامريكى بالعراق مرحلة مظلمة في تاريخ الصناعة النفطية العراقية, وما كان إستمرارها إلا نتيجة التراكم الهائل الذي ساد عملياتها في سبعينيات القرن الماضي. حيث إستهدفت هذه الفترة الإنتاج بأقصى الطاقات الممكن تصديرها,وبأي ثمن. ومع ذلك تقتضي الضرورة الإنتباه إلى المفارقة التي ولدها الإحتلال,ففي عام 2002 كان العراق يصدر ما لايقل عن 2,5 مليون برميل يوميا ويعالج حوالي خمسة ملايين طن مكافىء/ السنة من الغاز الجاف, ومكتفيا ذاتيا بجميع المشتقات النفطية مع وجود فائض كبير للتصدير أوالتهريب. أما بعد الإحتلال ورغم الملايين التي قيلت إنها تصرف لإستعادة عافية صناعة النفط العراقية, بقيت الصادرات النفطية دون مستواها لما قبل الإحتلال, وتحول العراق إلى حالة عجز يستورد نصف إحتياجاته من المنتجات النفطية جميعا ما عدا زيت الوقود, مع تدني فاضح لمستوى الخدمات لمواطنيه وإرتفاع كبير في أسعار السوق السوداء. هذا بالرغم من أن طاقة إنتاج المحروقات النفطية للإستهلاك المحلي تزيد على 700 ألف برميل يوميا وتمثل ضعف معدلات الإستهلاك المحلي.
و من جانبها قامت الولايات المتحدة وبريطانيا, بإيقاف إرسال المعدات والأدوات الإحتياطية, وأضعفت البرامج النفطية على نحو فعال وجعلت قطاع النفط غير قادر على زيادة طاقته الإنتاجية, فلم تتجاوز العقود العراقية التي سمح لها بالتنفيذ 30 في المئة من مجمل العقود التي أبرمتها الحكومة العراقية في ظل البرنامج الذكور.
علاوة على حرمان القطاع النفطي العراقي من مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية, ساهمت الحرب و أعمال التخريب التي أعقبتها في إحداث خسائر إضافية. وعلاوة على أضرار القصف المباشر أثناء الحرب للأنبوب الإستراتيجي لمحطة ضخ K3 , عانت المختبرات المركزية في بغداد من النهب وفقدان الكثير من البيانات والمعلومات الإستكشافية التي كانت تضم السجلات الجيولوجية وشكلت حصيلة ثمانين سنة من الجهد المتراكم وكلفت بلايين الدولارات, كما سرقت الإدارة الرئيسية لشركة الجفر. وهوجمت مختلف الأجهزة والمعدات في الجنوب, ونهبت الإدارة الرئيسية لشركة نفط البصرة مع سجلاتها. و شملت هذه الممارسات أيضا إستمرار سرقة النفط من أنابيب الجنوب.
من جهه أخرى, وإستمرارا في تصفياتها, ركزت سياسة المحتل على تطهير الإدارة وتغييرات في الكوادر العاملة, حيث تم فصل 1500 – 2000 من العاملين في مختلف التخصصات ضمن النهج الذي سارت عليه الحكومة العراقية الجديدة فى السعى نحو التخلص من اى مسئول كان تابعا للرئيس العراقى الراحل صدام حسين . ومن الصعب فهم كيف أن مثل هذه السياسة يمكن أن تساهم في أية نتائج إيجابية, وبخاصة في هذه الصناعة حيث الخبرة والكفاءة مطلوبة بدرجة عالية.إن طريقة إدارة سلطة الإحتلال لنفط العراق تقتصر على هدف واضح هو تصدير أكبر كمية ممكنة من النفط , على رغم إحتمالات خطورتها على المكامن النفطية قبل تحديثها, وجمع إيراداتها تحت سيطرتها إستيراد كميات كبيرة جدا من المنتجات النفطية إلى العراق لزيادة إستنزاف موارده. وفي الوقت الذي توجد فيه مؤسسة عراقية متخصصة مؤهلة للقيام بإستيراد المنتجات النفطية, يلاحظ أن جزءا كبيرا من هذه العمليات تقوم بها شركات أمريكية أصبحت قضائحها تزكم الأنوف
محمد صادق إسماعيل
كاتب سياسى
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف