لقد تحدثت في مقالي السابق عن الإخوة النصارى المقيمين بالخارج، واستقوائهم بأميركا والدول الغربية، غير الإسلامية، وأوضحت أن كلمة قبطي معناها باليونانية مصري.
وأوضحت كذلك أنني أدين بشدة كل إنسان يستقوي بالخارج على مصر ونظامها الحاكم، لأن هذه خيانة عظمى أن نسمح لغير المصري بالتدخل في شؤوننا الداخلية، مهما كانت الأسباب والدوافع.
وقد قرأت وأنا أطالع الجرائد اليومية، في إحدى الصحف المصرية المستقلة أن الأنبا توماس أسقف القوصية في صعيد مصر يطلق صرخة استغاثة لمساعدة الأقباط المصريين، على العيش في وطنهم، وعدم الهجرة إلى الخارج، وهذا ليس عليه غبار، فنحن كمصريين نسعى لهذا الغرض النبيل ونحرص عليه.
ولكن ما أدهشني أن يوضح في حديثه أن عمليتي التعريب والأسلمة تمثلان معضلتين كبيرتين بالنسبة للمجتمع المسيحي في مصر، وهذا كذب وافتراء، وتلبيس الحق بالباطل.
ويدَّعي أن مصر كانت كلها أقباطاً، وهذا صحيح، أما الخطأ أن يربط بين معنى كلمة قبطي وكلمه مسيحي، وكأنها مرادف أو معنى لها، فكلمة قبطي تعني مصرياً. ويقول إن الشخص القبطي يشعر بالإهانة إذا قيل له عربي، وأنا لم ألمس هذا إطلاقاً في إخواننا الأقباط، ولم ألاحظ هذا حتى في المصريين الكاثوليك أو البروتستانت.
ويقول إن النصارى في مصر أكبر جالية مسيحية في الشرق الأوسط، وهذا كلام يدل على ما يحمله من إحساس بأنه غريب عن وطنه، وليس ابناً لمصر، فكيف يكون النصارى جالية وهم أبناء مصر. وأقول له إن المصريين الأوائل أتى أجدادهم من الجزيرة العربية عن طريق البحر الأحمر ومروراً بوادي قوص، وليقرأ التاريخ عن ذلك، ليكتشف أن كل المصريين عرب.
ويقول إن العرب جاءوا محتلين، وأقول له إنهم جاءوا مخلصين للمسيحيين من اضطهاد البيزنطيين الذين ساموهم سوء العذاب، وجعلوا بطاركتهم يهربون إلى الصحارى، مثل الأنبا بنيامين الذي عندما دخل عمرو بن العاص مصر وجده هارباً للصحراء، وما كان منه إلا أن أعطاه الأمان، والمسيحيين المصريين الذين ساعدوه في طرد البيزنطيين منها، بل ودلوه على طرق ودروب مصر وأقصرها.
أما بخصوص الفن الإسلامي (الأرابيسك) ليذكر لنا الأنبا توماس دليلاً واحداً يؤكد كلامه. وأقول له إن أول ظهور للأرابيسك كان في مدينة سامراء بالعراق، أيام خلافة المعتصم بالله العباسي، ثم أتى لمصر بعد ذلك، وأن أقدم الأمثلة لأعمال الأرابيسك في الكنائس المصرية كانت على أخشاب الهيكل والسياج الخشبي بكنائس مصر القديمة، ويرجع وجودها للعصر الفاطمي بعد أكثر من 200 سنة من اختراع الأرابيسك بالعراق، وهذا على حد قول المجلس الأعلى للآثار المصرية.
وللعلم فإن وجود الأقليات في الدول الإسلامية أكبر دليل على أن المسلمين الأوائل لم يقضوا على أصحاب الديانات الأخرى، مثلما فعل الكاثوليك في اسبانيا، والفلبين مع المسلمين. والقومية العربية هي ثقافة، وليست جنساً أو ديناً بعينه. فهناك العديد من النصارى يعيشون في الدول العربية ويدينون بالنصرانية من قبل مجيء الإسلام وحتى يومنا هذا، ولم يجدوا أي مضايقات من المسلمين.
وأنا أتوجه إلى العقلاء في الكنيسة المصرية بأن يتصدوا لهذا التعصب، وأنا أعرف أن كثيراً من المسيحيين المصريين يفتخرون بعروبتهم، ويصرون على تسمية أبنائهم بأسماء عربية، ومثل هذا الكلام الذي قاله الأنبا توماس خطير جداً، وقد يؤدي إلى ردود فعل عنيفة من الطرفين، لا تحمد عقباها. ومن حق إخواننا النصارى في مصر المطالبة بحقوقهم المشروعة، الذي كفلها لهم الدستور، ولكن ليس على أساس أنهم أصحاب الأرض وأن المسلمين محتلون.
محمد أحمد عزوز
مصري مقيم بدبي
وأوضحت كذلك أنني أدين بشدة كل إنسان يستقوي بالخارج على مصر ونظامها الحاكم، لأن هذه خيانة عظمى أن نسمح لغير المصري بالتدخل في شؤوننا الداخلية، مهما كانت الأسباب والدوافع.
وقد قرأت وأنا أطالع الجرائد اليومية، في إحدى الصحف المصرية المستقلة أن الأنبا توماس أسقف القوصية في صعيد مصر يطلق صرخة استغاثة لمساعدة الأقباط المصريين، على العيش في وطنهم، وعدم الهجرة إلى الخارج، وهذا ليس عليه غبار، فنحن كمصريين نسعى لهذا الغرض النبيل ونحرص عليه.
ولكن ما أدهشني أن يوضح في حديثه أن عمليتي التعريب والأسلمة تمثلان معضلتين كبيرتين بالنسبة للمجتمع المسيحي في مصر، وهذا كذب وافتراء، وتلبيس الحق بالباطل.
ويدَّعي أن مصر كانت كلها أقباطاً، وهذا صحيح، أما الخطأ أن يربط بين معنى كلمة قبطي وكلمه مسيحي، وكأنها مرادف أو معنى لها، فكلمة قبطي تعني مصرياً. ويقول إن الشخص القبطي يشعر بالإهانة إذا قيل له عربي، وأنا لم ألمس هذا إطلاقاً في إخواننا الأقباط، ولم ألاحظ هذا حتى في المصريين الكاثوليك أو البروتستانت.
ويقول إن النصارى في مصر أكبر جالية مسيحية في الشرق الأوسط، وهذا كلام يدل على ما يحمله من إحساس بأنه غريب عن وطنه، وليس ابناً لمصر، فكيف يكون النصارى جالية وهم أبناء مصر. وأقول له إن المصريين الأوائل أتى أجدادهم من الجزيرة العربية عن طريق البحر الأحمر ومروراً بوادي قوص، وليقرأ التاريخ عن ذلك، ليكتشف أن كل المصريين عرب.
ويقول إن العرب جاءوا محتلين، وأقول له إنهم جاءوا مخلصين للمسيحيين من اضطهاد البيزنطيين الذين ساموهم سوء العذاب، وجعلوا بطاركتهم يهربون إلى الصحارى، مثل الأنبا بنيامين الذي عندما دخل عمرو بن العاص مصر وجده هارباً للصحراء، وما كان منه إلا أن أعطاه الأمان، والمسيحيين المصريين الذين ساعدوه في طرد البيزنطيين منها، بل ودلوه على طرق ودروب مصر وأقصرها.
أما بخصوص الفن الإسلامي (الأرابيسك) ليذكر لنا الأنبا توماس دليلاً واحداً يؤكد كلامه. وأقول له إن أول ظهور للأرابيسك كان في مدينة سامراء بالعراق، أيام خلافة المعتصم بالله العباسي، ثم أتى لمصر بعد ذلك، وأن أقدم الأمثلة لأعمال الأرابيسك في الكنائس المصرية كانت على أخشاب الهيكل والسياج الخشبي بكنائس مصر القديمة، ويرجع وجودها للعصر الفاطمي بعد أكثر من 200 سنة من اختراع الأرابيسك بالعراق، وهذا على حد قول المجلس الأعلى للآثار المصرية.
وللعلم فإن وجود الأقليات في الدول الإسلامية أكبر دليل على أن المسلمين الأوائل لم يقضوا على أصحاب الديانات الأخرى، مثلما فعل الكاثوليك في اسبانيا، والفلبين مع المسلمين. والقومية العربية هي ثقافة، وليست جنساً أو ديناً بعينه. فهناك العديد من النصارى يعيشون في الدول العربية ويدينون بالنصرانية من قبل مجيء الإسلام وحتى يومنا هذا، ولم يجدوا أي مضايقات من المسلمين.
وأنا أتوجه إلى العقلاء في الكنيسة المصرية بأن يتصدوا لهذا التعصب، وأنا أعرف أن كثيراً من المسيحيين المصريين يفتخرون بعروبتهم، ويصرون على تسمية أبنائهم بأسماء عربية، ومثل هذا الكلام الذي قاله الأنبا توماس خطير جداً، وقد يؤدي إلى ردود فعل عنيفة من الطرفين، لا تحمد عقباها. ومن حق إخواننا النصارى في مصر المطالبة بحقوقهم المشروعة، الذي كفلها لهم الدستور، ولكن ليس على أساس أنهم أصحاب الأرض وأن المسلمين محتلون.
محمد أحمد عزوز
مصري مقيم بدبي