الأخبار
كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهالإعلان عن مقتل جندي إسرائيلي وأحداث أمنية جديدة في القطاع20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائي
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ارتفاع في قيمة الحياة يقابله انخفاض في قيمة الانسان بقلم:أحمد ابراهيم الحاج

تاريخ النشر : 2008-07-20
إرتفاعٌ في قيمة الحياة يقابله إنخفاضٌ في قيمة الإنسان.
....................................................................
تلك هي المعادلة التي حكمت حياة الإنسان على هذه الأرض ، فمنذ نزول آدم وحواء للأرض الى الآن ، تناسبت قيمة حياة الإنسان وتكاليفها مع الزمن تناسباً طردياً فارتفعت تكاليفها باضطرادٍ مع مرورالزمن ، وفي المقابل تناسبت قيمة الإنسان كأرقى مخلوقٍ على هذه الأرض مع الزمن تناسباً عكسياً فانخفضت قيمته باضطراد مع مرورالزمن منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل وأهدر دمه وحياته لنزوة في نفسه ، وحقيقة الأمر فإن الإنسان هو الذي أوصل نفسه لهذا الخلل المعيشي بفكره وبيده وبفعله ، بعكس وصايا الأنبياء المنبثقة من الرسالات السماوية السمحة ، والتي جاءت لتنظم حياة الإنسان على الأرض ، ولتجعل منه ملكاً لهذا الكون ، لأن الله سخر للإنسان كل متطلبات الحياة الكريمة عليها ، من مخلوقاته من الجماد والكائنات الحية ، فخلق له الكواكب والنجوم والضوء والماء والهواء والنبات والحيوان والجماد على أجمل صورة وسخرها جميعاً لحفظ حياته في بيئة رائعة ولا أجمل إلاّ في الحياة الأخرى التي هي مكافأة للإنسان من خالقه إذا اتبع هداه ، وجعل له من الأرض كنزاً من الخيرات لغذائه ولمائه وأحاطها بغلاف هوائي نقي من كل الشوائب لتنفسه ، كما أن الله وضع أسمى آيات الجمال والإعجاز في جسم الإنسان ، فوهبه عقلاً قادراً على التفكير والتمييز بين الخير والشر، وبعث فيه جهازاً عصبياً متحركاً وحساساً كالميزان وأعضاءً ميكانيكية التشغيل بإرادة الإنسان حسب رغباته ، وأعضاءً أخرى دائبة الحركة بإرادة الخالق لا يملك الإنسان إيقافها إلاّ بإلقاء نفسه للتهلكة في تغييبٍ متعمّدٍ للعقل ولإعمال الفكر، وكان عقل الإنسان متميزاً بالرقي بالفكر والمعاشرة والتنظيم عن باقي الكائنات الحية ، وأودع فيه فطرة وغرائز كأدوات للإستمتاع بهذه الحياة ليبعد عنه الهمّ والكدر والمكابدة ، ولكن السؤال الملح هو : كيف ولماذا أوصل الإنسان نفسه الى ما هو عليه الآن؟؟ في سورة النحل من القرآن الكريم ، حيث ضرب الله لنا مثلاً بتسمية السورة بإسم كائنٍ حي ضعيفٍ بحجمه وقويٍ بفعله وتنظيمه لحياته ومثابرٍ في كفاحه وكدحه لرزقه ومضحياً من أجل وطنه وأهله ، وهو لطيف المعشر إن عاملته بلطف وأحسنت اليه ، تجني منه أرقى غذاءٍ يمدك بالقوة وفيه شفاءٌ لك ، وهو غير لئيم بردة فعله إن عاملته بخشونة وأسأت اليه ، يلسعك بزبانةٍ قصيرة كوخز الإبرة ويودع فيك سمّاً خفيفاً في تأثيره لا يميت ، إنما تموت النحلة بعد لسعها لفقدها عضواً هاماً من جسمها ، مقدمة مثالاً في التضحية والإيثار بالنفس من أجل مصلحة الخلية (الوطن). بل اكتشف أن في سم النحلة علاجاً لبعض الأمراض ، ويتغذى هذا المخلوق الصغير على أرقى أنواع الرحيق الذي أودعه الله بالنباتات على اختلاف أنواعها ، وفي أرقى صور الجمال ، جمال الورود والأزهار ، ويخرج للإنسان العسل الصافي الشافي. يقول تعالى في سورة النحل: "خلق السمواتِ والأرضَ بالحق تعالى عمّا يشركون ، خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيمٌ مبين ، والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون ، ولكم فيها جمالٌ حين تريحون وحين تسرحون ، وتحمل أثقالكم الى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلاّ بشق الأنفس إن ربكم لرؤوفٌ رحيم ، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون ، وعلى الله قصدُ السبيل ومنها جائرٌ ولو شاء لهداكم أجمعين ، هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ فيه تسيمون ، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكرون ، وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخراتٍ بأمره إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون ، وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه إن في ذلك لآيةً لقوم يذّكرون ، وهو الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحماً طرياًوتستخرجوا منه حليةً تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه وليبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسُبلاً لعلكم تهتدون ، وعلاماتٍ بالنجم هم يهتدون ، أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكّرون ، وإن تُعِدّوا نعمة الله لا تُحصوها إن الله لغفورٌ رحيم." ثم يقول تعالى في نفس السورة : "وإن لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم مما في بطونه من بين فرثِ ودمٍ لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ، ومن ثمرات النخيل والأعناب يتخذون منه سُكّراً ورزقاً حسناً إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون ، وأوحى ربك الى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ، ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون " ثم يستطرد في موضع آخر من السورة قائلاً : " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ، ألم يرواْ الى الطّيرِ مُسخراتٍ في جوِّ السماءِ لا يمسكُهُنَّ إلاّ الله إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون ، والله جعل لكم من بيوتكم سكناً ، وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً الى حين ، والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تُسلمون ، فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين ، يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون." وأخيراً يقول تعالى في موضعٍ لآخر : "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من الأزواج بنينَ وحَفدةً ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون." صدق الله العظيم.
آياتٌ كريمة من خالق كريم ولطيفٍ بمخلوقاته لو أن الإنسان تفكر وتذكر وأعقل وأسلم وآمن وشكر الخالق والمنعم على كرمه وتكريمه له كأرقى مخلوقاته. وحقيقة فإن تركيبة العسل عبارة عن مزيج من عدة نباتات متعددة المنافع والفوائد ومختلفة المذاق والتركيب لا يضاهيه أي دواء مركبٍ من صنع البشر ، فكانت تلك الآيات بمثابة معادلة مضمونة النتائج للحياة الكريمة الناجحة للإنسان على هذه الأرض والتي وضحها الله في آياته الكريمة ، وفيها تتجلى أسباب الخلل في هذه المعادلة ، فيقول خلق الإنسان من نطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبين ، أي أن الإنسان أصبح خصيماً لهذه المعادلة وخصيماً لأخيه الإنسان ، وبدلاً من أن يشكر الإنسان الَلهَ على هذه النعم ويحافظ عليها ويصونها ويرعاها ، فقد أنكر الإنسان فضلها وكفر بها وأصبح خصيماً لها ، كيف؟؟ الإنسان متهالك على هذه الحياة الدنيا يفتقد للقناعة وللرضى ، ولم يسخر عقله للتفكر ، ولم يتعقل في استخدام مبتكراته واختراعاته بفضل العقل الذي وهبه الله إياه ، فأزال الجبال التي هي أوتاداً ورواسي ولم تخلق بهذا الشكل عبثاً ، واقتلع الأشجار التي فيها المنافع والتوازن في حفظ الجو متعادلاً بين ثاني اكسيد الكربون الضار والأكسجين النافع ، فقلص البقعة الزراعية لحساب التوسع في القصور والعلو في البنيان ، وغالى الإنسان في استخدام المحروقات باقتنائه العديد من المركبات والسيارات والمصانع من أجل رفاهية القلة على حساب فقر الكثرة ، فتغلب الضار على النافع ، وجعل الحيوان حقلاً لتجاربه ليستنسخ منه حيوانات مشوة الخلقة وغير سوية التكوين ، وحرَم الأنعام من المراعي الطبيعية وقدم لها طعاماً مصنعاً بيده سبب لها أمراضاً مهلكة كجنون البقر وإنفلونزا الحيوانات والطيور ، فانتقلت الأمراض من الحيوان الى الإنسان ، وجعل من الأرض والبحار ساحة للقتال والحروب ، فلوث التراب والمياه والهواء ، وغالى وأوغل في صناعة الأسلحة المدمرة للبيئة من أجل التسلط والتحكم بخيرات الأرض واحتكارها لفئة قليلة خاصة على حساب فئة كثيرة عامة ، لوّث البحار والأنهار والمحيطات فقتل الأسماك والكائنات الحية وانقرضت على يديه الحيوانات وندرت النباتات في تشويه للطبيعة وطمس لجمالها وسحرها الخلاب.
في هذا الزمان ترتفع أسعار السلع الضرورية للحياة وتصبح قصراً على فئة مخملية قليلة متحكمة ومحتكرة لها وبذلك تنخفض تبعاً لذلك قيمة الإنسان من الطبقة العامة للبشر ، وأدى ذلك الى موت الإنسان وهو يصطف في طوابير الخبز ينتظر لقمة العيش ليأكلها مغمسةً بريقه الناشف ولا يفكر أن يغمسها حتى بمرق البصل أو الماء المملح. في هذا الزمان يكثر المتسولون على جنبات الطرق والساحات ، بينما ما يلقى من بقايا طعام في القمامة أمام القصور والبيوت الفارهة في الأحياء الراقية كفيل بكف الكثير عن السؤال.
في هذا الزمان قيمة كل شيءٍ تسير في تصاعد واضطراد في الإرتفاع إلاّ قيمة الإنسان فإنها تسير بعكس كل شيء الى انحدار وانخفاض مضطرد ، فنرى القتلى والجرحى والجثث على شاشات التلفزيون كل يوم وكأنهم مخلوقات ضارة كالجرذان لا قيمة لهم ، ترى هذه المناظر بكثرة في عالمنا العربي ، تراها في فلسطين وفي العراق ولبنان والسودان والصومال ، يسقط البشر كتساقط أوراق الشجر بالخريف ولا تحرك ساكناً لا فينا ولا في غيرنا.
لذلك كانت مصائب السماء تحل على ساكني هذه الأرض ، ومصائب السماء نوعان :
النوع الأول من باب العقاب: ، عقاب الله لعباده الكافرين بنعمه والذين يجعلون من أنفسهم خصماء لتلك النعم ، فيستحق عليهم عقاب الله ويحل بهم على شكل كوارث طبيعية لا يستطيعون تداركها قبل حدوثها كقوم عاد وثمود ونوح وصالح ...الخ. ودليل ذلك قول الله تعالى في نفس سورة النحل " وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، فكفرت بأنعم الله ، فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون" وفي الحقيقة فإن الله لا يحب العقاب لعباده لأنه غفورٌ رحيم ورحمن ولطيف ، ولكن يستحق العقاب على الناس بفعل وصنع أيديهم بمخالفة فطرته لهم على الخير. وبهذه المناسبة فإن بعض المشايخ وأئمة المساجد يسقطون هذه السورة على ما يحصل اليوم في فلسطين ، فيوجهون تحذيرهم للمصلين بقولهم : أنظروا ما حل بإخوانكم في الجوار وسلط الله عليهم الأعداء بسوء أفعالهم وبعدهم عن دين الله ومخالفتهم لأوامره وعدم اجتناب نواهيه ، ولكننا نقول لهم بأنهم مخطئون في ذلك ، فما يحصل للفلسطينيين يصنف تحت النوع الثاني من مصائب السماء وهو "مصائب الإبتلاء" وتلك المصائب تحل بالصالحين من العباد لإبتلاء درجة ايمانهم به ، وبصبرهم على الشدائد تماماً كما كان الله يبتلي الصالحين من عباده ، كابتلاء سيدنا أيوب عليه السلام ومكافأته له على صبره على البلاء وعدم الشكوى والتذمر بإعادته الى عنفوان الشباب وإعادة زوجته له كما كانت في عنفوان شبابها وأكثر. ولا بد من أن يكافيء الله الفلسطينيين على صبرهم واحتسابهم لهذا البلاء من السماء والذين لم يستحقوه أبداً ولم ينحرفوا عن عقيدتهم منذ إبلاغها لهم.

بقلم أحمد ابراهيم الحاج
20/7/2008
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف