الأخبار
كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهالإعلان عن مقتل جندي إسرائيلي وأحداث أمنية جديدة في القطاع20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائي
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"الفراق" في الذكرى السنوية الأولى لوفاتها/ بقلم:مهند شراب

تاريخ النشر : 2008-07-20
"الفراق" في الذكرى السنوية الأولى لوفاتها

الفراق, كلمة سهلة النطق صعبة الاحتمال، فمن السهل على الإنسان أن يكتبها بقلمه أو يذكرها على لسانه، ولكنه من الصعب عليه أن يتحمل الألم الذي تحمله تلك الكلمة، وأي فراق، انه فراق الأحبة.

انه القدر الذي اختارني لأكون ابنا ًوأخا ًوأختا ًووالدا ًووالدة لتلك المرأة العجوز التي بلغت الخامسة والسبعين من العمر عندما انخرطت معها في الحياة، ولم يكن انخراطي بحياتها مجرد رغبة تندفع في داخلي، وإنما كانت صدفة، حتى تحولت فيما بعد إلى حقيقة لا مجال للشكوك فيها.

إنها المرأة العظيمة التي ما زالت تلك الحكم والأمثال الشعبية القديمة التي لم يؤثر عليها الزمان والتي لطالما سمعتها تتردد في داخلي، (فركني وبعركني، خش البغل في البريق، القافلة تسير والكلاب تعوي، أشبعتهم سبا ًوفازوا بالجمال) .... وغيرها الكثير من الأمثال التي تتفوه بها في مواقف تتشابه مع قصة المثل المخفي وراء الكلمات، تلك الأمثال والحكم والقصص التي لو أردنا تدوينها على الورق لاحتاج منا ذلك إلى مجلدات ومجلدات.

العجيب في تلك المرأة أنها لم تكن مثل الأخريات من النساء، كانت تمتاز بذكاء خارق، قدرة على التعامل مع الأزمات بطريقة سلسة وغير مباشرة، حيث بالرغم من أنها كانت قعيدة الكرسي المتحرك، إلا أنها تمكنت حتى اللحظة الأخيرة في إدارة شئونها، وانني حتى اللحظة لم اعرف التركيبة العقلية لها، فكلما حاولت الاقتراب منها اكتشفت أنني ما زلت لا اعرف شيئا عنها.

وهي المعلمة التي ما زلت أتذكر دروسها النحوية حينما كنت اقرأ لها الصحيفة بصوت عال، وما زال خطي يزداد جمالا بفضل الجملة "عاش جمال عبد الناصر" تلك الكلمات التي جعلتني أتفنن في كتابتها تقليدا لها وتعلما لفن الكتابة بطريقة النسخ والرقعة.

وهي المربية التي أشرفت على تربية أجيالا وأجيال، وما زلت اذكر أن منهم رجالا أصحاب مناصب وجاه انحنوا أمامها تحت دافع الاحترام والتقدير، فهي صاحبة الصورة التي تحمل في كادرها جزئين، الأول صورتها ويدها ممتدة على لافتة، أما الجزء الثاني فهي اللافتة التي تحتوي على بيت الشعر المشهور " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"، تلك الصورة تحطمت بعد هدم المنزل من قبل القوات الإسرائيلية إبان أحداث انتفاضة الأقصى المبارك، ولكن مضمونها لم يهدم في عقول من علمتهم، فكانت تستحق بجدارة أن ننحني لها.

وهي المثقفة التي عجز أمامها المثقفون، فلقد كانت تتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة مع الزوار الأجانب الذين كانت تستضيفهم في منزلها، حتى أنهم تعجبوا لذلك، كيف لامرأة عربية كبيرة السن أن تحتوي على هذه الثقافة المنوعة والواسعة.

وهي التي فقدتها، كانت مثل الشمعة التي بنورها القوي أضاءت المكان حيث لا ظلام بعد اليوم ثم بدأ ذلك النور يخفت شيئا فشيئا، ما أحلاها من لحظات لم تتذكر فيها القريب لا بشكله ولا باسمه، فتتذكرني باسمي وصفتي فتقول عندما تراني واقفا أراقبها من بعيد "مهند حبيبي" وتطلب كرسيا ً لأجلس أمامها ولا اتركها، وما أصعبها من لحظات أتأمل نظرات عيناها التي تذبل بمرور الوقت حيث أتوقع في أي لحظة بأن يهتز الجسد وينتفض ليبقى ساكنا إلى الأبد.

ما زلت أتذكرها كل ليلة وهي ليلى، أتذكرها و ما زال حبر قلمي يسيل و الدموع تسيل، وما زال حزني كبير والزمن كفيل بأن يشهد على أنها صدفة لن تتكرر بعد التاسع عشر من يوليو/تموز للعام 2007، ذلك اليوم المشؤوم الذي حفر في ذاكرتي، لأنني في ذلك التاريخ فقدت كل شئ إلا الجسد الذي ما زال يمشي على الأرض دون روح، فروحي مزقت لأنها مرتبطة بروح امرأة في يوم من الأيام تلعثم لساني وقلت لها أمي.

أمي وأمي وأمي لن أنساك ما حييت وستبقى ذكراك محفورة بداخلي حتى الممات، وسيظل قبرك الذي احتواك بداخله هو قبلتي الثانية كلما احتجت إلى الحنان، الأمومة، الرأفة، الطيبة، وكل شئ منحني إياه القدر وأنت بجانبي وفقدته بفقدانك.

رحلت عنا فأبكانا رحيلك وإنا على فراقك لمحزونون

رفعت الأقلام وجفت الصحف وكتب للكتاب عنوان تحت مسمى "يا معلمتي وداعا".
(في الذكرى السنوية الأولى لوفاة الأم والمربية ليلى الفرا "أم منار" )

بقلم مهند شراب
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف