الأخبار
غوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائيألبانيز: إسرائيل مسؤولة عن إحدى أقسى جرائم الإبادة بالتاريخ الحديثالقدس: الاحتلال يمهل 22 عائلة بإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في صور باهرقائد لا قياديعدالة تحت الطوارئ.. غرف توقيف جماعي بلا شهود ولا محامينارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 57.130بعد أيام من زفافه.. وفاة نجم ليفربول ديوغو جوتا بحادث سير مروّع
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين! بقلم:جواد البشيتي

تاريخ النشر : 2008-07-19
رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين! بقلم:جواد البشيتي
رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين!

جواد البشيتي

لم يبقَ لدى إدارة الرئيس بوش، في أرذل عمرها السياسي، من "أهداف" تسعى، أو تقاتل، لتحقيقها، فالذي كان "هدفاً" تَمخَّض سعيها إليه (بالحديد والنار في المقام الأوَّل) عن "نتائج عملية"، ذهبت به، وكأنَّها، أي تلك الإدارة، لم تُرِدْ، ولم تسعَ لتحقيق ما أرادت، إلاَّ لتحصد نقيض ما أرادته، وسعت إليه.

ولو نظرنا إلى تلك "النتائج" بالعين المجرَّدة فحسب (فلا حاجة إلى المجهر) لاكتشفنا أوَّلاً أن لا شيء يُعْتدُّ به من "الأهداف" قد تحقَّق، ولاكتشفنا، من ثمَّ، أنَّ تلك "النتائج"، وفي معظمها وأهمها، هي الآن ما يتحدَّى تلك الإدارة أن تفعل شيئاً لتغييرها، ليس بما يخدم مصالح استراتيجية للولايات المتحدة (فهذه ليست بالمهمة الممكنة واقعياً الآن) وإنَّما بما يقلِّص حجم الضرر الذي لحق، ويلحق، بتلك المصالح.

"الواقع" الذي خلقته إدارة الرئيس بوش؛ ولكن رغماً عنها، إنَّما يتحدَّاها الآن أن تفعل شيئاً قد يساعد في ترجيح كفَّة "المرشَّح الجمهوري" على كفَّة "المرشَّح الديمقراطي"، وفي تقييد القدرة النووية لإيران بما يحول بينها وبين التحوُّل إلى قوَّة نووية عسكرية، وفي التوصُّل إلى اتفاقية مع حكومة المالكي تسمح للولايات المتحدة بالاحتفاظ بوجود عسكري في العراق بعد 31 كانون الأوَّل المقبل، وفي التوصُّل إلى نتيجة، عبر "مفاوضات السلام" بين إسرائيل والفلسطينيين، يمكن تأويلها على أنَّها نجاح لمسار أنابوليس.

في "التحدِّي النووي الإيراني"، شرعت إدارة الرئيس بوش، أو "جناحها الدبلوماسي"، الذي تمثِّله رايس على وجه الخصوص، تحاول (بالتعاون مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين وروسيا) التوصُّل إلى نتيجة قد تسمح لها بادِّعاء النجاح في "نزع الوحشية" من البرنامج النووي الإيراني، وفي تقييده بما يمنع إيران من التحوُّل إلى قوَّة نووية عسكرية.

إنَّها دبلوماسية فاسدة تلك التي تحاولها إدارة الرئيس بوش الآن، فلا سند لها في "مرجعية كلاوزفيتس"، فهذا المفكِّر العسكري الاستراتيجي الألماني العظيم فَهِم "الدبلوماسية" على أنَّها الجهد الذي يمكن ويجب بذله واستنفاده توصُّلاً إلى إقناع الخصم بقبول مطالب صاحب هذا الجهد، فإذا فشلت محاولة الإقناع بدأت محاولة الإكراه، أي الحرب. تلك هي الدبلوماسية في معناها السوي والسليم؛ أمَّا أن تبدأ جهداً لإقناع الخصم بعد، وبسبب، فشلكَ في إكراهه على قبول مطالبكَ من خلال التلويح بالعصا الغليظة، وقرع طبول الحرب، فهذا إنَّما يعني أن لا خيار قد بقي لديكَ سوى "الدبلوماسية الفاسِدة" كالتي تحاولها إدارة الرئيس بوش الآن عبر رايس.

وإنَّ خير دليل على ذلك هو أنَّ طهران تَفْهَم (ويحقُّ لها أن تَفْهَم) هذا الارتفاع المفاجئ في "منسوب الروح الدبلوماسية" لدى إدارة الرئيس بوش على أنَّه إقرار، ولو ضمني، بعجز تلك الإدارة عن اتِّخاذ الحرب وسيلة لحل "أزمة تخصيب إيران لليورانيوم" بما يوافِق مصالحها وأهدافها المشترَكة مع إسرائيل، وكأنَّ حرباً لم تُطْلَق فيها رصاصة أو قذيفة واحدة قد شُنَّت على إيران، التي خرجت منها منتصرة!

لقد قرَّرت رايس (بعدما استبد الشعور بالعجز بزعيم جناح الحرب تشيني) أن تُرْسِل مساعدها برنز إلى محادثات جنيف بين المفاوِض الإيراني جليلي وبين الممثِّل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي سولانا وممثِّلي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين؛ وقرَّرت أن تكون مهمته "الاستماع".

ويكفي أن يظهر برنز في هذا الاجتماع حتى يتأكَّد جليلي أنَّ اقتناع إدارة الرئيس بوش بعجزها عن خيار "الحل عبر الحرب" هو ما حَمَلَها على اللجوء إلى هذه الدبلوماسية الفاسِدة، وحتى يقتنع، أو يزداد اقتناعاً، بالتالي، بأنَّ تلك الإدارة هي الآن كالعرب في "سعيهم الدبلوماسي"، وبأنَّ إيران يمكنها، وينبغي لها، أن تكون كإسرائيل في موقفها من هذا الإفراط في الاعتدال العربي. وليس من فَرْق كبير، أو نوعي، بين أن تأتي إلى خصمكَ لتفاوضه من موقع العجز عن اللجوء إلى خيار الحرب الذي طالما لوَّحتَ به وبين أن تأتيه من موقع مَنْ مني بهزيمة عسكرية فعلية، فهو وليس أنتَ من يحقُّ له القيام بعمل "الحَلْب".

برنز إنَّما حضر لكي "يَحْلِبَه" جليلي وهو (أي برنز) معتصماً بحبل الصمت؛ وإذا أرادت إدارة الرئيس بوش "نجاحاً" فلن تحصل إلاَّ على نجاح يحفظ لها ماء الوجه في "القضيتين"، أي في الملف النووي الإيراني، وفي ملف اتفاقيتها الأمنية مع حكومة المالكي.

في "النجاح الأوَّل"، تظل إيران محتفظة بقدرتها النووية على صنع القنبلة النووية في الوقت الذي تشاء أو تراه مناسباً، وبقدرتها على المضي قُدُما في تطوير وزيادة تلك القدرة، معطيةً إدارة الرئيس بوش ما يسمح لها بتصوير ما حدث على أنَّه نجاح لها في تشييد سور صيني بين البرنامج النووي الإيراني وصُنْع إيران لأسلحة نووية، وكأنَّ "الهدف الكامن"، أو "الضمني"، هو تمكين ماكين من الوصول إلى البيت الأبيض، ليقرِّر هو، في ظرف أفضل، ما الذي يمكنه فعله للقضاء على تلك القدرة النووية الإيرانية.

أمَّا في "النجاح الثاني" فيَحِلُّ "الأُفْق الزمني" محلَّ "الجدول الزمني"، فتَظْهَر "الاتفاقية الأمنية" إلى حيِّز الوجود، وتظل الولايات المتحدة، بالتالي، محتفظة بوجود عسكري في العراق، بعد 31 كانون الأوَّل المقبل، ليقرِّر ماكين، إذا ما أصبح رئيساً، وفي ظرف أفضل، ما الذي يمكنه فعله لجعل العراق ألمانياً أو يابانياً أو كورياً جنوبياً لجهة علاقته العسكرية والاستراتيجية بالولايات المتحدة.

"جناح تشيني" مدعوٌ الآن إلى التواري والاحتجاب؛ لأنَّ إشعال فتيل الحرب، قبل بدء انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، هو خيار الحمقى؛ أمَّا "جناح رايس" فمدعوٌ إلى الظهور، وإلى العمل، إيرانياً وعراقياً، وكأنَّه يدير ويقود الحملة الانتخابية للمرشَّح الجمهوري ماكين، فإذا خَلَف ماكين بوش نُقِلَت "الراية ذاتها" من يد السلف إلى يد الخلف، لتقرِّر "الإدارة الجمهورية الجديدة"، وفي ظرف أفضل للجمهوريين وللولايات المتحدة، ما الذي يمكنه عمله، توصُّلاً إلى الأهداف نفسها، إيرانياً وعراقياً. أمَّا إذا فشلت الحملة السياسية ـ الانتخابية التي يقودها "جناح رايس"، وأظْهَرت نتائج الانتخابات فوز المرشَّح الديمقراطي، فعندئذٍ، يمكن أن يُتْرَك لـ "جناح تشيني" أمر القيام (مباشَرةً، أو عبر إسرائيل، أو بالتعاون معها) بـ "مغامرته العسكرية الأخيرة والكبرى".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف