شعب قد حُرم من التعليم بلغته العربية، درس من الإبتدائية حتى تخرج من الجامعات باللغة الفارسية،
فكيف تعلم بعض أبنائه هذه اللغة وأصبحوا يكتبون في القسم العربي من صحيفة الشورى؟!
أين تعلموا الصرف والنحو؟!
لا شك أنهم ما زالوا مهتمين بثقافتهم ومتمسكين بقوميتهم!
وعليهم أن لا يبرزوا أنفسهم في العلن كي لا يكشفهم أقزام المخابرات الإيرانية.
فقد تنشر (في ليلة ما) منشورات ضد النظام فيصبحوا في دائرة الإتهام.
ودون أي ريب أن هذا السبب جعل بعض الكتاب الأحوازيين يكتبون في الشورى دون أن يذكروا أسماءهم.
فقد نشرت الشورى في بعض أعدادها مقالات ولقاءات دون أن تذكر إسم الكاتب أو إسم المحاور.
وعلي سبيل المثال:
نشرت في عددها السادس (مادة 15 متى تنفذ)،
وفي العدد السابع (حوار مع الشاعر صالح هواري)،
وفي العدد الواحد والثلاثين (حرصاً على لغتنا القرآنية ندعوا الجميع للحفاظ عليها)،
وفي العدد الرابع والخمسين (الشعر لا يترجم)،
وفي العدد الواحد والتسعين (الإصلاح والجريمة).
ودون أن ينشر إسم الكاتب أو المحاور.
وهناك الكثيرون الذين كان بإستطاعتهم المشاركة بمقالات قوية المضمون لكنهم لم يشاركوا لنفس الأسباب التي ذكرتها.
وفتحت صحيفة الشورى عمودين (من الأدب الحديث) و( شذرات من التراث)، عرف القارئ الأحوازي من خلالهما شعراء من أبناء أمتنا العربية.
فمن شعر الحديث تعرّف على:
محمد الفيتوري، فدوى طوقان، محمد الماغوط، بلند الحيدري، أحمد عبدالمعطي حجازي و...
ومن الأدب القديم تعرّف على:
البحترى، أبو نواس، الخنساء، أبو تمام، البارودي و...
فقد لا يرى القارئ العربي أهمية في نشر هذين العمودين، إنما هما مهمان للقارئ الأحوازي كونه لم يتعرف على شعراء أمته العربية من قبل، لا في المدارس ولا في الجرائد العربية التي لم تكن موجودة أصلاً.
كما أنها فتحت عموداً (تعلم بالمجان) درّست من خلاله القراء القواعد العربية، النحو والصرف.
وكان عموداً ذا فائدة للشباب القوميين الذين لم يحصلوا على فرصة لتعلم لغة الضاد التي حرمهم النظام الإيراني منها في المدارس.
ثم قام هذا العمود الذي تكتبه إدارة التحرير للصحيفة، ينتقد العادات السلبية في المجتمع الأحوازي.
وكتبت الشورى في عددها السادس عن إعتراض قام به العرب أمام شركات قصب السكر، وقد منع المحتجون خمسة آلاف من الموظفين والعمال من الدخول في الشركات ومن الخروج منها.
ويقال أن إحدى تهم المناضل المهندس محسن سالم الباوي وإخوته، أنهم كانوا يحرضون الشباب على الإحتجاج أمام شركات قصب السكر وهم يحضرون مع المحتجين. وقد حكمهم النظام الإيراني بعشرات الأعوام من السجن وأصدر حكم الإعدام على أخيهم (زامل سالم)، فهنيئاً له وقد سبقنا بالإلتحاق بخيل الشهداء.
وشكا أهل القرى في العدد السابع من شركة قصب السكر وقالوا أنها إغتصبت أراضيهم بالقوة ولم توظفهم.
وفي العدد التاسع (عذراً يا كارون) فليس في اليد حيلة.
وقالت الشورى في هذا العدد: إن كاروننا اليوم في حالة يرثى لها، فقد صار هذا النهر محطة للنفايات والأوساخ والمياه الجوفية.
وكتبت في عددها العاشر أن مشاريع قصب السكر هي السبب الرئيسي في تلوث المياه في المحافظة.
وفي عددها الخامس عشر كتبت عن الناس الذين يشكون أحوالهم وما ألم بهم وأطفالهم من أمراض جراء شرب المياه الملوثة في كارون وسبب تلوثها شركات قصب السكر.
وفي العدد الرابع والعشرين كتبت الشورى عن توغل القوات الأمنية الإيرانية في قرية (الظهراوية) وإعتقلت هذه القوات ستين شخصاً من القرويين وجرحت ثمانية بينهم إمرأة، ولم يرتكب القرويون ذنباً سوى أنهم رفضوا بيع أراضيهم على شركة قصب السكر.
وفي العدد الثامن والثمانين الذي نشر في الرابع من تشرين الثاني عام 2002 قالت الشورى أن قوات الأمن اقتحمت قرية (العميشة) واعتقلت 18 مزارعاً كانوا قد رفضوا بيع أراضيهم الزراعية لشركة قصب السكر،
ومن بين المعتقلين شيخ عمره 96 عاماً إسمه خلف الناصري وقد سقط أكثر من أربعة جرحى من الرجال والنساء وأجهضت إحدى النساء بسبب تعرضها للضرب على يد العقيد (نصيري) وهو فارسي.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي وقد قتلت الشاب (سالم برموئي) رمياً بالرصاص.
ودون أي شك وكما قلت من قبل أن النظام الإيراني لا يهدف من وراء تأسيس هذه الشركات وتلويث مياه الأنهر الأحوازية إلا تشريد العرب من الأحواز ليحل مكانهم الفرس.
ونقلت الشورى في العدد الخامس عشر ما قاله مندوب مدينة عبادان (عبد الله الكعبي) عن محاولة الحكومة لحل أزمة مياه الشرب، فقال عبدالله:
ستصل المياه العذبة إلى عبادان والمحمرة في العام المقبل وقد خصصت الحكومة ستة ميليارات توماناً لهذه المهمة!
تفوه السيد عبدالله الكعبي بهذه الأكاذيب عام 2001 وها نحن في العام 2008 ومازال الشعب في المحمرة وعبادان وفي جميع مدن الأحواز المحتلة يعاني من أزمة المياه الصالحة للشرب.
وسؤالي لهؤلاء الذين لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية هو: أين ستذهبون من عذاب الله وقد أصبحتم آلة بيد النظام الفارسي المحتل يغش من خلالكم الشعب الأحوازي، تكذبون على هذا الشعب المسكين إذا ما إقتربت الإنتخابات ولا تجرؤون على النطق بكلمة واحدة للدفاع عنه في البرلمان الإيراني.
وقد أحضر لي أحد الأصدقاء أعداداً من نشرية نشرها عميل آخر للنظام الفارسي وهو مندوب المحمرة الصامدة ويدعى (مصطفى مطور زاده) وقد نشر صحيفة سماها (الجزيرة) وخصصها لأهل المحمرة، نشرها قبيل الإنتخابات وقد غابت عن قراءها بعد أن فاز بالغش ودخل البرلمان الإيراني للمرة الثالثة.
ولا أرى في (الجزيرة) التي نشرها مطور زاده بالفارسية سوى صوره وأقوال الخميني والخامنائي ونجاد.
وكتبت الشورى في عددها الثاني والعشرين عن جريمة ارتكبها رجال الشرطة في الأحواز عندما قتلوا أحد الشباب بالرصاص ليلاً وهو (عبدالله حسن العمورى) متزوج وله طفلان.
وفي العدد الرابع والخمسين الذي نشر في تاريخ 9-2-2002 كتبت الشورى عن مظاهرات إندلعت في الفلاحية تندد بالإحتلال الإيراني وقد اعتقلت القوات الأمنية عدداً من العرب خلال هذه المظاهرة.
وفي هذه الصحيفة التي نشرت بعض صفحاتها بالعربية، كتب مقالها الإفتتاحي فاضل عبيات ثم يُكتب المقال دون أن يُذكر إسم كاتبه، وفي الأعداد الأخيرة كتبه على الساعدي، وفي ما يلي ملخص لمقال كتبه الساعدي في العدد الثالث والخمسين عن تجاهل أنظمة إيران للقوميات الغير فارسية فقال:
إن ثورة 1979 في إيران كانت تحتوي في طياتها على شعارات ومفاهيم تجعل أبناء القوميات يضحون بالغالي والنفيس في سبيل إنتصارها ولكن القوميات أزيحت في دستورها على الهامش. وبعد 18 عاماً من إنتصار الثورة جاءت حركة بشعارات محببة لقلوب القوميات فناصروها ولكن تضاءلت الآمال عندما أزاحت الحركة الإصلاحية القوميات على الهامش للمرة الثانية.
ولم يبق إلا أن أشير إلى رئوس بعض المطالب التي نشرتها الشورى:
في العدد الثالث: شكا أهل حي سبيدار الذين هدم النظام منازلهم في الساعة 11 مساءاً أحوالهم إلى المندوبين.
في العدد الثامن: قال إبراهيم العامرى المستشار الثقافي لبلدية الأحواز: إن محافظتنا قد أهملت من قبل المسؤولين وغاب عنها الإعمار والعمل بكل أبعاده.
في العدد الرابع عشر: إعلان عن إفتتاح معرض طهران الدولي للكتاب.
العدد العشرين: منع زراعة الرز واحتجاج الفلاحين لقلة المياه في الأنهر الأحوازية.
في العدد الواحد والعشرين: تهديم قصر الشيخ خزعل في الحميدية.
وفي نفس العدد: إنفجار سيارة على طريق المحمرة ــ الأحواز كانت تنقل مواد متفجرة وسلاح.
في العدد الثاني والعشرين: صفقات مشبوهة لوزير النفط الإيراني (نامدار زنكنه) مع شركة إيطالية وقيمتها مليار دولار.
في العدد الثالث والخمسين: مثقفو الأحواز يوجهون رسالة تضامن إلى الرئيس ياسر عرفات.
في العدد الرابع والخمسين: سيهدم قصر الشيخ خزعل في المحمرة.
تماشت الشورى من عددها الأول وحتى الأخير مع سياسة النظام الإيراني بالنسبة لتسمية مدننا بأسماء فارسية، ولا شك أن القائمين عليها نشروا أسماء مدننا بالفارسية وهم مكرهون، وإن لم يفعلوا لتعطلت الشورى بعد إنذار أو إنذارين من وزارة المخابرات أو وزارة الإرشاد.
وأكرر للقارئ الكريم أن رضا خان وهو الذي إحتل بلدنا عام 1925 غيّر أسماء مدننا إلى الفارسية، فأصبحت المحمرة (خرمشهر) والفلاحية (شادكان) والخفاجية (سوسنجرد) و...
وقد تمسك الخمينيون بتلك التسميات المزيفة بل واتهموا من عارضها بألف تهمة وتهمة ثم أودعوه في السجن.
وأما عن تسلسل نشر صحيفة الشورى:
نشرت أربعة أعداد (من العدد الأول حتى الرابع) ثم توقف نشرها!
وكاد القراء الأحوازيون ينسونها حتى عادت بعد ما يقارب أربعة أشهر بعددها الخامس الذي كان يحتوي على ثمان صفحات (أربعة عربية وأربعة فارسية) بعد أن كانت تنشر في إثنتي عشرة صفحة!
وقال القائمون عليها في العدد الخامس:
فوجئت الشورى بعوائق شائكة حاولت إبتلاعها في لجج من المشاكل وإيقافها عن السير إلى ما كانت تطمح، وواجهت تلك الطموحات إحباطات يعود جلها إلى المشاكل والعوائق الإقتصادية.
ولهذا نتقدم بالإعتذار للقراء الكرام.
وبعد أن صدر العدد الحادي عشر منها في 13-3-2001 تعطلت الشورى مرة أخرى لأكثر من شهر حتى نشرت العدد الثاني عشر في تاريخ 22-4-2001 وقال القائمون عليها في كلمة العدد:
عدنا لنستأنف محاولتنا الصحفية ونتابع مشوارنا بعد غيبة لنساهم بعض الشئ في المسيرة الثقافية التي اختارها شعبنا الواعي منهجاً للتعالى.
ثم أشاروا إلى بعض الأسباب التي اوشكت أن تنهي مشوار الشورى قائلين:
إن الصحافة المحلية تعاني صعوبات وأزمات مادية تكاد أن تقضي عليها نهائياً، هذا من جهة ومن جهة أخرى تواجه تحديات خارجية توشك أن تهوي بها إلى حضيض ...
ومهما تبرع للشورى شباب مثقفون، فإن لم يكن دعماً من الحكومة سينتهي مشوار الشورى الثقافي، وقد انتهي بالفعل. ثم ماذا تعني التحديات الخارجية سوى أن الفرس المتمسكين بزمام الأمور يضعون عصى كرههم للغة الضاد في عجلة الشورى؟ وقد نجحوا في مؤامرتهم بعد أن تعطلت الشورى وصوت الشعب والحديث التي سأكتب عنها لاحقاً.
جاء العدد الثاني عشر ولكن هذه المرة غاب الخط العربي ليحل مكانه الخط الفارسي، فقد طبعت الشورى في أعدادها من 1 حتى 11 نصوصها بالخط العربي، وبعد أن تعطلت للمرة الثانية جاء العدد 12 دون تاء مدورة وهمزة وياء عربية.
ثم جاء العدد الخامس عشر بصفحتين عربيتين وست صفحات فارسية!
واستمرت الشورى واستمرت صفحاتها العربية تقل حتى جاء العدد الثالث والعشرين والرابع والعشرين دون أية صفحة عربية!
ثم عاودت تنشر صفحتين عربيتين ولكن مضمونهما ليس بالمستوى المطلوب.
وقد إستفهم القراء عن سبب الإنقطاع للصفحات العربية فقالت الشورى:
إن أسباب الإنقطاع فنية!
وفي أعدادها الأخيرة نشرت في 16 صفحة سبعة منها عربية، ثم تعطلت وغابت عن قراءها قبل أن تنتهي فترة رئاسة الإصلاحيين، غابت الشورى غيبة طويلة إستمرت إلى كتابة هذه السطور وقد مضى على غيبتها أكثر من خمس سنوات، ولا أظنها تعود ثانية.
فكم خدمت الشورى العرب الأحوازيين وهي تكتب بلغتهم وتدافع عن حقوقهم الثقافية والسياسية والإقتصادية، وكم رسخت جذور الإحتلال الإيراني الذي تمثل لبعض الوقت بالإصلاحيين، حيث جرّت الشعب الى صناديق الإقتراع ليصوتوا لخاتمي وزمرته، ووصفت الأحوازيين بالشعب الإيراني،
هذا ما أتركه للتاريخ يحكم عليه.
وقد يقول قائل أن صحيفة الشورى تعطلت لأنها كانت يسارية والصحف اليسارية التي نشرت آنذاك مُنعت من النشر أجمعها، وعلى سبيل المثال منع النظام صحيفة حيات نو، شرق، راه نو، نشاط، مشاركت، صبح امروز، دوران امروز، نو سازي،توس وغيرها من الصحف الإيرانية التي طالبت بالإصلاح.
والحقيقة أن الصحف التي ذكرت أسماءها أعلاه كانت قد عارضت أو تحرشت بالنظام أو طبعت أسرار المخابرات الإيرانية فمنعها النظام من النشر. ولو أن الشورى نشرت ما نشرته الصحف الفارسية التي أوقف النظام نشرها بسبب معاكساتها له، لكنا رأينا أبناءنا العرب الذين كانوا يكتبون فيها يتمرجحون تحت المشانق وفي وسط شوارع طهران.
والحقيقة أن الشورى تعطلت لأنها لم تساند من أي جهة حكومية،
تعطلت لأنها كانت تنشر بعض صفحاتها باللغة العربية،
اللغة التي طالبت الشورى في أكثر من عدد بتدريسها في المدارس الأحوازية،
اللغة التي لا يتحمل الإيرانيون رؤيتها على أبسطة بائعي الجرائد،
اللغة التي يُظلم الأحوازيون ويُقتلون لأنهم يتكلمون بها،.
وأختم كلامي بأن حقوق الأحوازيين الثقافية والسياسية والإقتصادية التي طالبت بها صحيفة الشورى،
لا تقتصر في تنفيذ مادة 15 أو 19 أو 48 من الدستور الإيراني، وإنما تتحقق بالإستقلال التام للأحواز المحتلة.
ملاحظة:
مادة 15 : اللغة والخط الرسمي والمشترك للشعب الإيراني، هي اللغة الفارسية ويجب أن تكتب الأسناد والمكاتبات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة. ولكن يمكن للقوميات الأخرى أن تنشر جرائد أو تتكلم في وسائل الإعلام أو تدرس لغتها بجانب اللغة الفارسية.
مادة 19 : الشعب الإيراني لأي قوم أو قبيلة إنتسب، فإنه يتمتع بحقوق متساوية. واللون، العرق، اللغة وما شابه ذلك لا يسبب الرجحان.
مادة 48 : في إستثمار جميع المحافظات من الثروات الطبيعية والإيرادات وتوزيع الفعاليات الإقتصادية لا ينبغي أن يكون هناك تمييزاً، بل تستثمر كل محافظة ما يلزمها من الثروات.
ولم ير الأحوازيون على أرض الواقع تنفيذاً لأية مادة من هذه المواد التي يذكرها الدستور الإيراني الذي دُوّن عند إنتصار الثورة الإيرانية بزعامة الخميني.
عادل العابر ــ الأحواز المحتلة
فكيف تعلم بعض أبنائه هذه اللغة وأصبحوا يكتبون في القسم العربي من صحيفة الشورى؟!
أين تعلموا الصرف والنحو؟!
لا شك أنهم ما زالوا مهتمين بثقافتهم ومتمسكين بقوميتهم!
وعليهم أن لا يبرزوا أنفسهم في العلن كي لا يكشفهم أقزام المخابرات الإيرانية.
فقد تنشر (في ليلة ما) منشورات ضد النظام فيصبحوا في دائرة الإتهام.
ودون أي ريب أن هذا السبب جعل بعض الكتاب الأحوازيين يكتبون في الشورى دون أن يذكروا أسماءهم.
فقد نشرت الشورى في بعض أعدادها مقالات ولقاءات دون أن تذكر إسم الكاتب أو إسم المحاور.
وعلي سبيل المثال:
نشرت في عددها السادس (مادة 15 متى تنفذ)،
وفي العدد السابع (حوار مع الشاعر صالح هواري)،
وفي العدد الواحد والثلاثين (حرصاً على لغتنا القرآنية ندعوا الجميع للحفاظ عليها)،
وفي العدد الرابع والخمسين (الشعر لا يترجم)،
وفي العدد الواحد والتسعين (الإصلاح والجريمة).
ودون أن ينشر إسم الكاتب أو المحاور.
وهناك الكثيرون الذين كان بإستطاعتهم المشاركة بمقالات قوية المضمون لكنهم لم يشاركوا لنفس الأسباب التي ذكرتها.
وفتحت صحيفة الشورى عمودين (من الأدب الحديث) و( شذرات من التراث)، عرف القارئ الأحوازي من خلالهما شعراء من أبناء أمتنا العربية.
فمن شعر الحديث تعرّف على:
محمد الفيتوري، فدوى طوقان، محمد الماغوط، بلند الحيدري، أحمد عبدالمعطي حجازي و...
ومن الأدب القديم تعرّف على:
البحترى، أبو نواس، الخنساء، أبو تمام، البارودي و...
فقد لا يرى القارئ العربي أهمية في نشر هذين العمودين، إنما هما مهمان للقارئ الأحوازي كونه لم يتعرف على شعراء أمته العربية من قبل، لا في المدارس ولا في الجرائد العربية التي لم تكن موجودة أصلاً.
كما أنها فتحت عموداً (تعلم بالمجان) درّست من خلاله القراء القواعد العربية، النحو والصرف.
وكان عموداً ذا فائدة للشباب القوميين الذين لم يحصلوا على فرصة لتعلم لغة الضاد التي حرمهم النظام الإيراني منها في المدارس.
ثم قام هذا العمود الذي تكتبه إدارة التحرير للصحيفة، ينتقد العادات السلبية في المجتمع الأحوازي.
وكتبت الشورى في عددها السادس عن إعتراض قام به العرب أمام شركات قصب السكر، وقد منع المحتجون خمسة آلاف من الموظفين والعمال من الدخول في الشركات ومن الخروج منها.
ويقال أن إحدى تهم المناضل المهندس محسن سالم الباوي وإخوته، أنهم كانوا يحرضون الشباب على الإحتجاج أمام شركات قصب السكر وهم يحضرون مع المحتجين. وقد حكمهم النظام الإيراني بعشرات الأعوام من السجن وأصدر حكم الإعدام على أخيهم (زامل سالم)، فهنيئاً له وقد سبقنا بالإلتحاق بخيل الشهداء.
وشكا أهل القرى في العدد السابع من شركة قصب السكر وقالوا أنها إغتصبت أراضيهم بالقوة ولم توظفهم.
وفي العدد التاسع (عذراً يا كارون) فليس في اليد حيلة.
وقالت الشورى في هذا العدد: إن كاروننا اليوم في حالة يرثى لها، فقد صار هذا النهر محطة للنفايات والأوساخ والمياه الجوفية.
وكتبت في عددها العاشر أن مشاريع قصب السكر هي السبب الرئيسي في تلوث المياه في المحافظة.
وفي عددها الخامس عشر كتبت عن الناس الذين يشكون أحوالهم وما ألم بهم وأطفالهم من أمراض جراء شرب المياه الملوثة في كارون وسبب تلوثها شركات قصب السكر.
وفي العدد الرابع والعشرين كتبت الشورى عن توغل القوات الأمنية الإيرانية في قرية (الظهراوية) وإعتقلت هذه القوات ستين شخصاً من القرويين وجرحت ثمانية بينهم إمرأة، ولم يرتكب القرويون ذنباً سوى أنهم رفضوا بيع أراضيهم على شركة قصب السكر.
وفي العدد الثامن والثمانين الذي نشر في الرابع من تشرين الثاني عام 2002 قالت الشورى أن قوات الأمن اقتحمت قرية (العميشة) واعتقلت 18 مزارعاً كانوا قد رفضوا بيع أراضيهم الزراعية لشركة قصب السكر،
ومن بين المعتقلين شيخ عمره 96 عاماً إسمه خلف الناصري وقد سقط أكثر من أربعة جرحى من الرجال والنساء وأجهضت إحدى النساء بسبب تعرضها للضرب على يد العقيد (نصيري) وهو فارسي.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي وقد قتلت الشاب (سالم برموئي) رمياً بالرصاص.
ودون أي شك وكما قلت من قبل أن النظام الإيراني لا يهدف من وراء تأسيس هذه الشركات وتلويث مياه الأنهر الأحوازية إلا تشريد العرب من الأحواز ليحل مكانهم الفرس.
ونقلت الشورى في العدد الخامس عشر ما قاله مندوب مدينة عبادان (عبد الله الكعبي) عن محاولة الحكومة لحل أزمة مياه الشرب، فقال عبدالله:
ستصل المياه العذبة إلى عبادان والمحمرة في العام المقبل وقد خصصت الحكومة ستة ميليارات توماناً لهذه المهمة!
تفوه السيد عبدالله الكعبي بهذه الأكاذيب عام 2001 وها نحن في العام 2008 ومازال الشعب في المحمرة وعبادان وفي جميع مدن الأحواز المحتلة يعاني من أزمة المياه الصالحة للشرب.
وسؤالي لهؤلاء الذين لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية هو: أين ستذهبون من عذاب الله وقد أصبحتم آلة بيد النظام الفارسي المحتل يغش من خلالكم الشعب الأحوازي، تكذبون على هذا الشعب المسكين إذا ما إقتربت الإنتخابات ولا تجرؤون على النطق بكلمة واحدة للدفاع عنه في البرلمان الإيراني.
وقد أحضر لي أحد الأصدقاء أعداداً من نشرية نشرها عميل آخر للنظام الفارسي وهو مندوب المحمرة الصامدة ويدعى (مصطفى مطور زاده) وقد نشر صحيفة سماها (الجزيرة) وخصصها لأهل المحمرة، نشرها قبيل الإنتخابات وقد غابت عن قراءها بعد أن فاز بالغش ودخل البرلمان الإيراني للمرة الثالثة.
ولا أرى في (الجزيرة) التي نشرها مطور زاده بالفارسية سوى صوره وأقوال الخميني والخامنائي ونجاد.
وكتبت الشورى في عددها الثاني والعشرين عن جريمة ارتكبها رجال الشرطة في الأحواز عندما قتلوا أحد الشباب بالرصاص ليلاً وهو (عبدالله حسن العمورى) متزوج وله طفلان.
وفي العدد الرابع والخمسين الذي نشر في تاريخ 9-2-2002 كتبت الشورى عن مظاهرات إندلعت في الفلاحية تندد بالإحتلال الإيراني وقد اعتقلت القوات الأمنية عدداً من العرب خلال هذه المظاهرة.
وفي هذه الصحيفة التي نشرت بعض صفحاتها بالعربية، كتب مقالها الإفتتاحي فاضل عبيات ثم يُكتب المقال دون أن يُذكر إسم كاتبه، وفي الأعداد الأخيرة كتبه على الساعدي، وفي ما يلي ملخص لمقال كتبه الساعدي في العدد الثالث والخمسين عن تجاهل أنظمة إيران للقوميات الغير فارسية فقال:
إن ثورة 1979 في إيران كانت تحتوي في طياتها على شعارات ومفاهيم تجعل أبناء القوميات يضحون بالغالي والنفيس في سبيل إنتصارها ولكن القوميات أزيحت في دستورها على الهامش. وبعد 18 عاماً من إنتصار الثورة جاءت حركة بشعارات محببة لقلوب القوميات فناصروها ولكن تضاءلت الآمال عندما أزاحت الحركة الإصلاحية القوميات على الهامش للمرة الثانية.
ولم يبق إلا أن أشير إلى رئوس بعض المطالب التي نشرتها الشورى:
في العدد الثالث: شكا أهل حي سبيدار الذين هدم النظام منازلهم في الساعة 11 مساءاً أحوالهم إلى المندوبين.
في العدد الثامن: قال إبراهيم العامرى المستشار الثقافي لبلدية الأحواز: إن محافظتنا قد أهملت من قبل المسؤولين وغاب عنها الإعمار والعمل بكل أبعاده.
في العدد الرابع عشر: إعلان عن إفتتاح معرض طهران الدولي للكتاب.
العدد العشرين: منع زراعة الرز واحتجاج الفلاحين لقلة المياه في الأنهر الأحوازية.
في العدد الواحد والعشرين: تهديم قصر الشيخ خزعل في الحميدية.
وفي نفس العدد: إنفجار سيارة على طريق المحمرة ــ الأحواز كانت تنقل مواد متفجرة وسلاح.
في العدد الثاني والعشرين: صفقات مشبوهة لوزير النفط الإيراني (نامدار زنكنه) مع شركة إيطالية وقيمتها مليار دولار.
في العدد الثالث والخمسين: مثقفو الأحواز يوجهون رسالة تضامن إلى الرئيس ياسر عرفات.
في العدد الرابع والخمسين: سيهدم قصر الشيخ خزعل في المحمرة.
تماشت الشورى من عددها الأول وحتى الأخير مع سياسة النظام الإيراني بالنسبة لتسمية مدننا بأسماء فارسية، ولا شك أن القائمين عليها نشروا أسماء مدننا بالفارسية وهم مكرهون، وإن لم يفعلوا لتعطلت الشورى بعد إنذار أو إنذارين من وزارة المخابرات أو وزارة الإرشاد.
وأكرر للقارئ الكريم أن رضا خان وهو الذي إحتل بلدنا عام 1925 غيّر أسماء مدننا إلى الفارسية، فأصبحت المحمرة (خرمشهر) والفلاحية (شادكان) والخفاجية (سوسنجرد) و...
وقد تمسك الخمينيون بتلك التسميات المزيفة بل واتهموا من عارضها بألف تهمة وتهمة ثم أودعوه في السجن.
وأما عن تسلسل نشر صحيفة الشورى:
نشرت أربعة أعداد (من العدد الأول حتى الرابع) ثم توقف نشرها!
وكاد القراء الأحوازيون ينسونها حتى عادت بعد ما يقارب أربعة أشهر بعددها الخامس الذي كان يحتوي على ثمان صفحات (أربعة عربية وأربعة فارسية) بعد أن كانت تنشر في إثنتي عشرة صفحة!
وقال القائمون عليها في العدد الخامس:
فوجئت الشورى بعوائق شائكة حاولت إبتلاعها في لجج من المشاكل وإيقافها عن السير إلى ما كانت تطمح، وواجهت تلك الطموحات إحباطات يعود جلها إلى المشاكل والعوائق الإقتصادية.
ولهذا نتقدم بالإعتذار للقراء الكرام.
وبعد أن صدر العدد الحادي عشر منها في 13-3-2001 تعطلت الشورى مرة أخرى لأكثر من شهر حتى نشرت العدد الثاني عشر في تاريخ 22-4-2001 وقال القائمون عليها في كلمة العدد:
عدنا لنستأنف محاولتنا الصحفية ونتابع مشوارنا بعد غيبة لنساهم بعض الشئ في المسيرة الثقافية التي اختارها شعبنا الواعي منهجاً للتعالى.
ثم أشاروا إلى بعض الأسباب التي اوشكت أن تنهي مشوار الشورى قائلين:
إن الصحافة المحلية تعاني صعوبات وأزمات مادية تكاد أن تقضي عليها نهائياً، هذا من جهة ومن جهة أخرى تواجه تحديات خارجية توشك أن تهوي بها إلى حضيض ...
ومهما تبرع للشورى شباب مثقفون، فإن لم يكن دعماً من الحكومة سينتهي مشوار الشورى الثقافي، وقد انتهي بالفعل. ثم ماذا تعني التحديات الخارجية سوى أن الفرس المتمسكين بزمام الأمور يضعون عصى كرههم للغة الضاد في عجلة الشورى؟ وقد نجحوا في مؤامرتهم بعد أن تعطلت الشورى وصوت الشعب والحديث التي سأكتب عنها لاحقاً.
جاء العدد الثاني عشر ولكن هذه المرة غاب الخط العربي ليحل مكانه الخط الفارسي، فقد طبعت الشورى في أعدادها من 1 حتى 11 نصوصها بالخط العربي، وبعد أن تعطلت للمرة الثانية جاء العدد 12 دون تاء مدورة وهمزة وياء عربية.
ثم جاء العدد الخامس عشر بصفحتين عربيتين وست صفحات فارسية!
واستمرت الشورى واستمرت صفحاتها العربية تقل حتى جاء العدد الثالث والعشرين والرابع والعشرين دون أية صفحة عربية!
ثم عاودت تنشر صفحتين عربيتين ولكن مضمونهما ليس بالمستوى المطلوب.
وقد إستفهم القراء عن سبب الإنقطاع للصفحات العربية فقالت الشورى:
إن أسباب الإنقطاع فنية!
وفي أعدادها الأخيرة نشرت في 16 صفحة سبعة منها عربية، ثم تعطلت وغابت عن قراءها قبل أن تنتهي فترة رئاسة الإصلاحيين، غابت الشورى غيبة طويلة إستمرت إلى كتابة هذه السطور وقد مضى على غيبتها أكثر من خمس سنوات، ولا أظنها تعود ثانية.
فكم خدمت الشورى العرب الأحوازيين وهي تكتب بلغتهم وتدافع عن حقوقهم الثقافية والسياسية والإقتصادية، وكم رسخت جذور الإحتلال الإيراني الذي تمثل لبعض الوقت بالإصلاحيين، حيث جرّت الشعب الى صناديق الإقتراع ليصوتوا لخاتمي وزمرته، ووصفت الأحوازيين بالشعب الإيراني،
هذا ما أتركه للتاريخ يحكم عليه.
وقد يقول قائل أن صحيفة الشورى تعطلت لأنها كانت يسارية والصحف اليسارية التي نشرت آنذاك مُنعت من النشر أجمعها، وعلى سبيل المثال منع النظام صحيفة حيات نو، شرق، راه نو، نشاط، مشاركت، صبح امروز، دوران امروز، نو سازي،توس وغيرها من الصحف الإيرانية التي طالبت بالإصلاح.
والحقيقة أن الصحف التي ذكرت أسماءها أعلاه كانت قد عارضت أو تحرشت بالنظام أو طبعت أسرار المخابرات الإيرانية فمنعها النظام من النشر. ولو أن الشورى نشرت ما نشرته الصحف الفارسية التي أوقف النظام نشرها بسبب معاكساتها له، لكنا رأينا أبناءنا العرب الذين كانوا يكتبون فيها يتمرجحون تحت المشانق وفي وسط شوارع طهران.
والحقيقة أن الشورى تعطلت لأنها لم تساند من أي جهة حكومية،
تعطلت لأنها كانت تنشر بعض صفحاتها باللغة العربية،
اللغة التي طالبت الشورى في أكثر من عدد بتدريسها في المدارس الأحوازية،
اللغة التي لا يتحمل الإيرانيون رؤيتها على أبسطة بائعي الجرائد،
اللغة التي يُظلم الأحوازيون ويُقتلون لأنهم يتكلمون بها،.
وأختم كلامي بأن حقوق الأحوازيين الثقافية والسياسية والإقتصادية التي طالبت بها صحيفة الشورى،
لا تقتصر في تنفيذ مادة 15 أو 19 أو 48 من الدستور الإيراني، وإنما تتحقق بالإستقلال التام للأحواز المحتلة.
ملاحظة:
مادة 15 : اللغة والخط الرسمي والمشترك للشعب الإيراني، هي اللغة الفارسية ويجب أن تكتب الأسناد والمكاتبات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة. ولكن يمكن للقوميات الأخرى أن تنشر جرائد أو تتكلم في وسائل الإعلام أو تدرس لغتها بجانب اللغة الفارسية.
مادة 19 : الشعب الإيراني لأي قوم أو قبيلة إنتسب، فإنه يتمتع بحقوق متساوية. واللون، العرق، اللغة وما شابه ذلك لا يسبب الرجحان.
مادة 48 : في إستثمار جميع المحافظات من الثروات الطبيعية والإيرادات وتوزيع الفعاليات الإقتصادية لا ينبغي أن يكون هناك تمييزاً، بل تستثمر كل محافظة ما يلزمها من الثروات.
ولم ير الأحوازيون على أرض الواقع تنفيذاً لأية مادة من هذه المواد التي يذكرها الدستور الإيراني الذي دُوّن عند إنتصار الثورة الإيرانية بزعامة الخميني.
عادل العابر ــ الأحواز المحتلة