لماذا السودان الآن..؟!
الطالب ولد إبراهيم
كاتب صحفي - موريتانيا
في أغسطس 2004 كتبت مقالا في صحيفة "النهار" الموريتانية حول أزمة دارفور تحت عنوان "لماذا دارفور الآن" حاولت خلاله – انطلاقا من معرفتي المتواضعة بالشأن السوداني -الوقوف على أسباب التأزيم المفتعل للوضع في هذا الإقليم السوداني.
ومما أذكره من تلك الأسباب التي سقتها لهذا الصراع في ذلك المقال، أني ربطته بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في تلك الفترة التي كانت حملاتها بين الديمقراطيين والجمهوريين على وشك الإنطلاق، كما أوردت أنه نزاع مفتعل من طرف قوى غربية تحاول إضعاف السودان والنيل من وحدته الداخلية بعد أن ضمد جراح الحرب في الجنوب التي دامت عشرين عاما إثر توقيع اتفاقية سلام "نيفاشا" بفضل حنكة ساسته وحكمة قادته.
واليوم وبعد مضي قرابة الخمس سنوات على تلك الأزمة المفتعلة أجدني مضطرا إلى إعادة نقاش ذلك السؤال ولكن في صيغة أشمل هي "لماذا استهداف السودان..؟!" بعد أن أفرزت تطورات هذه الأزمة خلال سنواتها الماضية مزيد من خفايا وأسباب ذلك الصراع.
أجدني مضطرا إلى طرق الموضوع من جديد كذلك بعد التطور الخطير الذي يمر به ذلك الملف حيث يلوح المأجور "أوكانبو" بتهم ملفقة ومفبركة ضد الرئيس البشير الذي يمثل رمز وحدة السودان وسيادته.
والواقع أنه كما جاء إفتعال أزمة دارفور في عام 2003 في توقيت مريب يتميز ببوادر ازدهار الدولة السودانية بعد اتفاقية "نيفاشا" التي طوت عشرين سنة من الحرب في الجنوب، وبعد دخول السودان مرحلة بناء وحدته، والتفرغ للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا أنه في سبيل ذلك يمتلك الكثير من المقومات مثل الثروات النفطية الهائلة التي تحتضنها أراضيه، وجغرافيته الفريدة من نوعها حيث الأنهار والمساحات الصالحة للزراعة.
يأتي تلويح الحقير "أوكانبو" بإجراءاته المتعلقة بمحكمة جناياته -التي لا يعترف بها أحد- في توقيت مريب كذلك لا يخلوا من مؤامرة مكشوفة، حيث تبدو ملامح ازدهار السودان كذلك وتغلبه على مشاكله الداخلية واضحة.
ففي وقت أنهت فيه الحكومة السودانية حالة الفلتان الأمني في أقليم دارفو، حيث أخضعت كافة مناطق الإقليم لهيبة الدولة وكسرت شوكة الفصائل المتمردة التي لا تريد السلام، وتأتمر بأوامر وأجندات خارجية.
وفي وقت تتناقل فيه الأنباء عزم الأمم المتحدة عقد حوار جامع للقوى والفصائل المعنية بالشأن الدارفوري في لندن بغية إزالة العقبات وراء التطبيق الكامل لاتفاقيات سابقة جرت المصادقة عليها بين الحكومة والحركات في هذا الأقليم.
وفي وقت يخطوا فيه السودان خطوات ملموسة نحو التحول الديمقراطي، عبر إقرار قانون الانتخاب الذي صادق عليه البرلمان، وأجمعت عليه غالبية القوى السياسية بما فيها تلك المعارضة.
وفي وقت عادت فيه الثقة المتبادلة بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلى وضعها الطبيعي بعد بوادر التغلب على إشكال "آبيي" الذي كان ينغص العلاقة بين الطرفين.
وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات بين الحزب الحاكم وبعض الأحزاب المعارضة مثل حزب "الأمة" بغية تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى تحضيرا لأجواء الانتقال الديمقراطي الذي تقبل عليه البلاد في الأشهر المقبلة.
.. في هذا التوقيت يلوح "أوكانبو" بخطوة تستهدف حرق كل هذه المكتسبات وتهدد بنسف ما تم بناءه على مدى سنوات عديدة، في مآمرة يرى فيها الكثيرون توجها مقصودا نحو خلط الأوراق وإرباك جهود السلام وتهديدا للإستقرار والسلم ليس في السودان فحسب ولكن في شبه المنطقة.
ولا يخلوا استهداف الرئيس السوداني شخصيا في هذه القضية من دلالة أخرى، ذات مغزي يبدو للمواطن العربي البسيط المهتم بقضايا شعوب أمته واضحا وجليا.
فالرئيس السوادني رمز للممانعة والصمود في العالم العربي والإسلامي في وجه قوى الاستكبار والغطرسة العالمية، فهو لا يستعين بالأمريكان بل ويحتقرهم، ولا يعترف بالكيان الصهيوني بل يتمنى زوالهم.
الرئيس البشير يناصر قضايا أمته العادلة ويرفض الإذلال والخنوع لإرادة المستعتمرين الجدد، ويؤيد قوى المقاومة لنيل الحقوق المشروعة.
ولا يزال المواطن العربي البسيط يتذكر مقولته الشهيرة "أنه يفضل أن يكون قائدا لمقاومة على أن يكون رئيسا لدولة".
كما سيذكر خروجه لاستقبال ومؤازرة المسيرات الحاشدة للسودانيين المنددين بالرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وإصداره للتعليمات بعدم السماح بدخول الدانماركيين إلى السودان عقابا لهم ما اقترفوه من إهانة لمشاعر المسلمين.
الرئيس البشير كذلك هو الرئيس الذي يقود نظام الإنقاذ الإسلامي في السودان، تلك التجربة الفريدة من نوعها في العالم العربي والإسلامي التي تمزج بين التمسك بالنهج الإسلامي القويم في أمور الحكم والأخذ من الحداثة والعصرنة بما لا يتعارض مع الثوابت والقيم الإسلامية السمحة.
أما ما يسمى بمحكمة الجنايات فيبدو زيف ادعائها باطلا وتبدو ازدواجية معاييرها مكشوفة.
فعندما يقوم المجرمين الصهاينة بذبح الأطفال الفلسطينيين و تجريف مزارعهم و تدمير جمعياتهم الخيرية فليس هذا إجرام من وجهة نظرها ولا يستدعي الأمر محكمة عدل دولية، وعندما يقوم بوش بقتل مئات الآلاف من العراقيين نساء و أطفالا و شيوخا فهذه ليست هناك جريمة.
أما عندم يقوم حاكم عربي بمحاربة حركات تريد تمزيق وحدة بلاده، ومؤازرة القضايا العادلة لأمته فهذه "جريمة" تستدعي "المحاكمة".
فهل قتل الرئيس البشير مليون عراقي، أم دمر وأحرق وحاصر غزة وفلسطين، أم ارتكب جرائم حرب في لبنان وافغانستان.. بالطبع لا.. وإنما لكونه يرفض علنا ممارسة هذه الجرائم.. ويسعى للنهوض ببلاده وتوفير مقوقات قوتها ومناعتها ضد الطامعين والمتربصين بها.. يجد نفسه في فوهة هذه المآمرة العالمية
الطالب ولد إبراهيم
كاتب صحفي - موريتانيا
في أغسطس 2004 كتبت مقالا في صحيفة "النهار" الموريتانية حول أزمة دارفور تحت عنوان "لماذا دارفور الآن" حاولت خلاله – انطلاقا من معرفتي المتواضعة بالشأن السوداني -الوقوف على أسباب التأزيم المفتعل للوضع في هذا الإقليم السوداني.
ومما أذكره من تلك الأسباب التي سقتها لهذا الصراع في ذلك المقال، أني ربطته بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في تلك الفترة التي كانت حملاتها بين الديمقراطيين والجمهوريين على وشك الإنطلاق، كما أوردت أنه نزاع مفتعل من طرف قوى غربية تحاول إضعاف السودان والنيل من وحدته الداخلية بعد أن ضمد جراح الحرب في الجنوب التي دامت عشرين عاما إثر توقيع اتفاقية سلام "نيفاشا" بفضل حنكة ساسته وحكمة قادته.
واليوم وبعد مضي قرابة الخمس سنوات على تلك الأزمة المفتعلة أجدني مضطرا إلى إعادة نقاش ذلك السؤال ولكن في صيغة أشمل هي "لماذا استهداف السودان..؟!" بعد أن أفرزت تطورات هذه الأزمة خلال سنواتها الماضية مزيد من خفايا وأسباب ذلك الصراع.
أجدني مضطرا إلى طرق الموضوع من جديد كذلك بعد التطور الخطير الذي يمر به ذلك الملف حيث يلوح المأجور "أوكانبو" بتهم ملفقة ومفبركة ضد الرئيس البشير الذي يمثل رمز وحدة السودان وسيادته.
والواقع أنه كما جاء إفتعال أزمة دارفور في عام 2003 في توقيت مريب يتميز ببوادر ازدهار الدولة السودانية بعد اتفاقية "نيفاشا" التي طوت عشرين سنة من الحرب في الجنوب، وبعد دخول السودان مرحلة بناء وحدته، والتفرغ للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا أنه في سبيل ذلك يمتلك الكثير من المقومات مثل الثروات النفطية الهائلة التي تحتضنها أراضيه، وجغرافيته الفريدة من نوعها حيث الأنهار والمساحات الصالحة للزراعة.
يأتي تلويح الحقير "أوكانبو" بإجراءاته المتعلقة بمحكمة جناياته -التي لا يعترف بها أحد- في توقيت مريب كذلك لا يخلوا من مؤامرة مكشوفة، حيث تبدو ملامح ازدهار السودان كذلك وتغلبه على مشاكله الداخلية واضحة.
ففي وقت أنهت فيه الحكومة السودانية حالة الفلتان الأمني في أقليم دارفو، حيث أخضعت كافة مناطق الإقليم لهيبة الدولة وكسرت شوكة الفصائل المتمردة التي لا تريد السلام، وتأتمر بأوامر وأجندات خارجية.
وفي وقت تتناقل فيه الأنباء عزم الأمم المتحدة عقد حوار جامع للقوى والفصائل المعنية بالشأن الدارفوري في لندن بغية إزالة العقبات وراء التطبيق الكامل لاتفاقيات سابقة جرت المصادقة عليها بين الحكومة والحركات في هذا الأقليم.
وفي وقت يخطوا فيه السودان خطوات ملموسة نحو التحول الديمقراطي، عبر إقرار قانون الانتخاب الذي صادق عليه البرلمان، وأجمعت عليه غالبية القوى السياسية بما فيها تلك المعارضة.
وفي وقت عادت فيه الثقة المتبادلة بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلى وضعها الطبيعي بعد بوادر التغلب على إشكال "آبيي" الذي كان ينغص العلاقة بين الطرفين.
وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات بين الحزب الحاكم وبعض الأحزاب المعارضة مثل حزب "الأمة" بغية تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى تحضيرا لأجواء الانتقال الديمقراطي الذي تقبل عليه البلاد في الأشهر المقبلة.
.. في هذا التوقيت يلوح "أوكانبو" بخطوة تستهدف حرق كل هذه المكتسبات وتهدد بنسف ما تم بناءه على مدى سنوات عديدة، في مآمرة يرى فيها الكثيرون توجها مقصودا نحو خلط الأوراق وإرباك جهود السلام وتهديدا للإستقرار والسلم ليس في السودان فحسب ولكن في شبه المنطقة.
ولا يخلوا استهداف الرئيس السوداني شخصيا في هذه القضية من دلالة أخرى، ذات مغزي يبدو للمواطن العربي البسيط المهتم بقضايا شعوب أمته واضحا وجليا.
فالرئيس السوادني رمز للممانعة والصمود في العالم العربي والإسلامي في وجه قوى الاستكبار والغطرسة العالمية، فهو لا يستعين بالأمريكان بل ويحتقرهم، ولا يعترف بالكيان الصهيوني بل يتمنى زوالهم.
الرئيس البشير يناصر قضايا أمته العادلة ويرفض الإذلال والخنوع لإرادة المستعتمرين الجدد، ويؤيد قوى المقاومة لنيل الحقوق المشروعة.
ولا يزال المواطن العربي البسيط يتذكر مقولته الشهيرة "أنه يفضل أن يكون قائدا لمقاومة على أن يكون رئيسا لدولة".
كما سيذكر خروجه لاستقبال ومؤازرة المسيرات الحاشدة للسودانيين المنددين بالرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وإصداره للتعليمات بعدم السماح بدخول الدانماركيين إلى السودان عقابا لهم ما اقترفوه من إهانة لمشاعر المسلمين.
الرئيس البشير كذلك هو الرئيس الذي يقود نظام الإنقاذ الإسلامي في السودان، تلك التجربة الفريدة من نوعها في العالم العربي والإسلامي التي تمزج بين التمسك بالنهج الإسلامي القويم في أمور الحكم والأخذ من الحداثة والعصرنة بما لا يتعارض مع الثوابت والقيم الإسلامية السمحة.
أما ما يسمى بمحكمة الجنايات فيبدو زيف ادعائها باطلا وتبدو ازدواجية معاييرها مكشوفة.
فعندما يقوم المجرمين الصهاينة بذبح الأطفال الفلسطينيين و تجريف مزارعهم و تدمير جمعياتهم الخيرية فليس هذا إجرام من وجهة نظرها ولا يستدعي الأمر محكمة عدل دولية، وعندما يقوم بوش بقتل مئات الآلاف من العراقيين نساء و أطفالا و شيوخا فهذه ليست هناك جريمة.
أما عندم يقوم حاكم عربي بمحاربة حركات تريد تمزيق وحدة بلاده، ومؤازرة القضايا العادلة لأمته فهذه "جريمة" تستدعي "المحاكمة".
فهل قتل الرئيس البشير مليون عراقي، أم دمر وأحرق وحاصر غزة وفلسطين، أم ارتكب جرائم حرب في لبنان وافغانستان.. بالطبع لا.. وإنما لكونه يرفض علنا ممارسة هذه الجرائم.. ويسعى للنهوض ببلاده وتوفير مقوقات قوتها ومناعتها ضد الطامعين والمتربصين بها.. يجد نفسه في فوهة هذه المآمرة العالمية