الأخبار
غوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسطشهيد وثلاثة جرحى بغارة إسرائيلية استهدفت مركبة جنوب بيروتاستشهاد مواطن برصاص الاحتلال قرب مخيم نور شمس شرق طولكرمالشيخ يبحث مع وفد أوروبي وقف العدوان على غزة واعتداءات المستوطنيننحو صفقة ممكنة: قراءة في المقترح الأمريكي ومأزق الخياراتالكشف عن تفاصيل جديدة حول اتفاق غزة المرتقبمسؤولون إسرائيليون: نتنياهو يرغب بشدة في التوصل لصفقة تبادل "بأي ثمن"أخطاء شائعة خلال فصل الصيف تسبب التسمم الغذائيألبانيز: إسرائيل مسؤولة عن إحدى أقسى جرائم الإبادة بالتاريخ الحديثالقدس: الاحتلال يمهل 22 عائلة بإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في صور باهرقائد لا قياديعدالة تحت الطوارئ.. غرف توقيف جماعي بلا شهود ولا محامينارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 57.130بعد أيام من زفافه.. وفاة نجم ليفربول ديوغو جوتا بحادث سير مروّع
2025/7/4
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وظيفة التعليم في العالم النامي بقلم:إبتسام حسين

تاريخ النشر : 2008-07-16
nمنذ أكثر من عقد من الزمان، ظهر تساؤل قوي عن دور التعليم في الحياة العامة للعديد من الدول النامية. وكان سبب التساؤل بسيط وواضح. فبعد عقود من تبني نظم التعليم الحديثة واستعارة نظم وكتب التعليم الغربية، لم تتقدم الدول النامية؛ في حين ظلت الدول المتقدمة في مسار تقدمها تتقدم. هذا برغم من أن تبني نظم التعليم الغربية واستعارة كتب التعليم الغربية كان قائم على افتراض أن سد الفجوة بين النامي والمتقدم تكمن في التعليم. وبالتالي، فإن إنفاق المال والجهد والوقت والعرق على تلك النظم والكتب هو السبيل الأول والأهم من أجل سد الفجوة وعبور المسافة الفاصلة بين العالمين.nnوبالتالي، كان من الطبيعي أن يتم النظر إلى التعليم، حين أخفق في تحقيق الآمال المنعقدة عليه، بوصفه المتهم الأول بالتقصير والمسؤول عن خيبة أمل الدولة والمجتمع معاً في العالم النامي. بيد أنه بالتدقيق، يمكن التوصل إلى أكثر من ملحوظة شديدة الأهمية عن التعليم في الدول النامية، سواء من حيث عملية التعليم نفسها، أو من حيث نتائجها. وربما تكون تلك الملاحظات هي السبيل للوقوف على أسباب فشل التعليم في أداء المهام المنوطة به في العالم النامي. nأما عن عملية التعليم، فيمكن الإشارة ببساطة إلى محورية الأيدولوجية في تقديم التعليم الحديث للمجتمعات النامية. فالقومية سيطرت، خاصة في سياقاتها الاشتراكية، على المرحلة التاريخية الخاصة بالاستقلال والتي تزامنت مع تقديم التعليم الحديث على أساس شعبي واسع. n ويمكن تلخيص تلك الأيدولوجية في عبارة واحدة: "الاشتراكية كأساس للتعليم من أجل بناء نهضة قومية". فكان التعامل مع التعليم على أنه المركبة التي من خلالها يتم "بناء" مواطنين قادرين على تحمل مهام التنمية. فلم يكن الهدف هو "صناعة" القادرين على التنافس في السوق العالمي أو إمكانية حصول الخريجين على فرص عمل كريمة ومجزية مادياً. وعليه، كانت هيئة التدريس تتقاضى القليل والطالب أيضاً يدفع القليل من أجل تلقي التعليم بمختلف مراحله.nودون التطرق إلى إيجابيات وسلبيات ذلك الفهم لعملية التعليم وتسكينها ضمن مشروعات قومية أكبر، فإن التعليم بهذا المعنى اتسم "بالزُهد المزدوج"، سواء من حيث مقدميه أو متلقيه. صحيح أن الدول النامية دفعت مبالغ ضخمة من الدعم من أجل تقديم تلك الخدمات التعليمية؛ بيد أن ظروف التنافس الدولي بين الكتلتين الأمريكية والسوفييتية في الفترة التي قدمت فيها الدول النامية التعليم الحديث واسع النطاق جعلت من الممكن تخفيض تلك المبالغ إلى حد كبير من خلال كسب ود أحد الكتلتين وإظهار الولاء المادي والمعنوي لهذه الكتلة أو تلك.nكانت تلك هي الملحوظة الأولى عن عملية التعليم الحديث في الدول النامية التي يمكن تلخيصها في:"القومية والزهد". أما عن الملحوظة الثانية، فهي أن التعليم تم تقديمه باللغات الأم، مع تركيز ضعيف ونادر على اللغات الأجنيىة. فنادراً ما كان خريجو المدارس الحكومية في أغلب الدول النامية قادرين على التحدث والكتابة بأي لغة أجنبية. nوكان السبب الرئيسي وراء ذلك هو الرغبة في بناء الهوية القومية. فكما أوضحنا من قبل، كانت القومية هي المظلة الفكرية التي تم من خلالها تقديم التعليم الحديث واسع النطاق Mass Public Education. وبالتالي، فإنه كان من الصعب أن يتم تعزيز إتقان اللغات الأجنبية لدى أبناء المدارس الحكومية، خوفاً من "تمييع" الإنتماء القومي أو حتى النيل منه.n وكانت نتيجة هذا الإقتراب المتجاهل لدور اللغات الأجنبية هي تعطيل، إن لم يكن تخريب، القدرة على التواصل مع العالم من من ناحية، واستسقاء المعرفة والعلوم من الدول المتقدمة بعد التخرج من مراحل التعليم المختلفة من ناحية أخرى. إذ أن العلم يتطور ولا يتوقف، واكتساب اللغات الأجنبية يمكِّن الفرد من متابعة هذا التطور بشكل مستقل، دون الحاجة إلى معلم أو مؤسسة تعليمية "تترجم" له تلك العلوم والمعارف.nوإنتقالاً إلى نتائج التعليم في تلك الدول النامية. ربما تكون أول النتائج قد تم طرحها من قبل ومن خلال السطور القليلة السابقة, فقد كانت نتيجة التعليم الحديث واسع النطاق في الدول النامية هو إضعاف القدرة على التواصل مع العلوم والمعارف الغربية لغياب عنصر إتقان اللغات الأجنبية من ناحية واستمرار الفجوة المعرفية والعلمية القائمة بالفعل بين المتقدم والنامي من ناحية أخرى. nبيد أن نتائج هذا النوع من التعليم لم تقتصر أو تنحصر في تلك النتيجتين المترابطتين بشكل ملحوظ وواضح. وإنما أيضاً شملت نتائج أخرى ربما أكثر ضراوة وأشد خطورة.nفعندما تم تقديم التعليم في سياقات هشة وغير متماسكة تفتقر إلى المؤسسية وتنتشر فيها الممارسات الزبائنية clientic والرعوية patriarchal إلى حد كبير، تحول التعليم إلى نافذة من أجل نهب الموارد والخيرات. وللتوضيح، نورد مثالاً للتوضيح. كلنا يعلم أن العديد من دول العالم النامي يعاني اليوم من موجة عاتية من الفساد الحكومي والنهب واختلاس المال العام. وجاء الإعلام في عصر تكنولوجيا المعلومات ليكشف الستار عن العديد من تلك الممارسات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من واقع العديد من تلك الدول، حتى أنه يمكن بقدر من المجازفة، أن نعتبر أن تلك الممارسات أصبحت سمة من سمات العالم النامي. nلكن من الصعب تصور وجود مثل تلك القدرة على النهب الواسع للمال العام والفساد في إطار غياب التعليم. لأن غير المتعلم قد يفسد وقد يجهل، لكن من الصعب عليه أن يدرك مواطن ومواقع النهب بدقة المتعلم الفاسد. فعلى سبيل المثال، اكتسب المتعلم الفاسد، دون الجاهل "الأمي" الفاسد، القدرة على قراءة وفهم واستيعاب ثغرات القانون بأنواعه. كما اكتسب المتعلم الفاسد، مقارنةً بالجاهل الفاسد، القدرة على قراءة خارطة الدولة التي يعمل في جهازها الحكومي للتعرف على المساحات من الأراضي المملوكة للدولة والتي يمكن الحصول عليها من خلال وظيفته بأرخص الأسعار. كما مكنته الرياضيات من حساب الفارق في السعر بين ما تساويه تلك الأراضي، مثلاً، في السوق الحر، وما عليه أن يدفعه من أجل الاستحواذ عليها كموظف حكومي. nوبالتالي، يعود الفضل لعلوم القانون، الجغرافيا والحساب على الأقل في تعزيز قدرة المتعلم الفاسد في نهب المال العام وارتكاب شتى أنواع الفساد المؤسسي. وعليه، يمكن تلخيص تلك النتيجة في "تعزيز قدرات النهب والفساد"nنتيجة أخرى، وربما أهم، هي التسبب في تدفق ملايين الخريجين العاطلين الغير قادرين على إيجاد الوظائف أو على الأقل إيجاد وظائف ذات دخل إنساني يوفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهؤلاء الخريجين. بل، وقد خلق هذا الوضع الحنق الشديد النابع من إحباط التوقعات والآمال التي عقدها هؤلاء على التعليم الذي أفنوا فيه سنوات حياتهم وأموال أهلهم ومدخراتهم وتطوير مهاراتهم من جانب والشعور بالوقوع في خديعة، ربما مخططة، من أجل استنزافهم من قبل دولهم وأنظمتهم التعليمية من جانب آخر.nوبرغم من أن هذا المقال لم يغط كافة جوانب الظاهرة؛ ظاهرة التعليم في العالم النامي، غير أنه إذا ما نظرنا إلى ما تم العرض إليه من مظاهر عملية التعليم من ناحية ونتائجها من ناحية أخرى يتضح لنا السبب الكامن وراء طرح تساؤلات عن جدوى التعليم في العالم النامي والتشكيك في وظائفه وجدواه.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف