
برنامج الرصد و التصعيد (السري )الأميركي يشمل السفارات والمراكز والتجمعات والحسينيات الإيرانية في الخارج
الكاتب والباحث سمير عبيد *
لقد بوشر بالفعل بالسيناريو الأميركي السري الذي كان مُتّبع ضد سفارات وملحقيات النظام العراقي السابق، و الذي أصبح ضد السفارات والملحقيات الإيرانية ومنتسبيها هذه المرة ، وكذلك ضد المراكز والمعاهد والملاحق التابعة للسفارات الإيرانية وللنظام الإيراني في العالم، أي أصبح الاحتكاك بالدبلوماسيين والإداريين والموظفين العاملين في السفارات الإيرانية خطرا مسجلا بالصورة، وأحيانا بالصورة والصوت من قبل الدوائر الأميركية والغربية الخاصة وعلى نفس خطوات وسيناريوهات البرنامج السري الذي كان متبع ضد الدبلوماسيين والإداريين والموظفين العراقيين ، وضد جميع المدارس والمراكز والمعاهد المرتبطة بالنظام العراقي السابق، والأهداف كثيرة ومركبّة ومنها:
1. الحرب النفسية ضد النظام الإيراني،وضد المؤسسات التابعة له في الخارج، وبمقدمتها السفارات والقنصليات والملحقيات والمراكز الثقافية والمدارس والحسينيات المهمة.
2. محاولة التأثير على الدبلوماسيين والموظفين الإيرانيين وبوسائل ( الترهيب والترغيب) لحثهم على ترك النظام، وإعلان الانفكاك واللجوء السياسي مع التسهيلات في عمليات طلب اللجوء..
3. محاولة تجنيد بعض الدبلوماسيين ،وموظفي السفارات والملحقيات والمراكز الإيرانية في الخارج، ولخدمة المخطط الأميركي ضد إيران.
4. اصطياد عملاء وأصدقاء السفارات الإيرانية من إيرانيين وجنسيات أخرى، ومن خلال المراقبة 24 على 24 بواسطة الكاميرات والاتصالات والإنترنيت.
5. البت بمشروع تجنيد العملاء لصالح البرنامج السري الأميركي ، وأن معظم هؤلاء من الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والأفغان وجنسيات أخرى، وتدريبهم على عمليات الانغماس داخل السفارات والملحقيات والتجمعات الإيرانية في الخارج.
6. تدريب مجموعات خاصة مهمتها نشر الإشاعات على مسمع أعضاء السلك الدبلوماسي الإيراني في الخارج، ومجموعات أخرى مهمتها التأثير على الدبلوماسيين والإداريين والوفود الإيرانية الزائرة والتبرع باستضافتهم وإخفائهم في حالة قرروا الانفكاك عن النظام ،وتسهيل لجوئهم في الدول الأوربية وأميركا.
7. لقد تدربت بعض المجموعات من قبل الدوائر الأميركية وتم نشرها في دول العالم، والتي تتظاهر بأنها مع المشروع الإيراني المذهبي في الخارج، أي في الدول العربية والأوربية، والهدف الوصول إلى محطات وتجمعات المشروع الإيراني السرية في أوربا والعالم العربي.
8. تدربت مجموعات مهمتها التثبيط وزرع الخوف والتوجس عند الإيرانيين العاملين في الخارج والداخل.
ولقد كان هذا البرنامج فعالا ضد سفارات ودوائر وتجمعات النظام العراقي السابق في الخارج، ولقد نجح بتجنيد المئات للعمل فيه ،ومن جنسيات عراقية وعربية وأجنبية، ولقد نجحت الولايات المتحدة من اختراق السفارات العراقية ، ونجحت بالتأثير على عدد كبير من السفراء والدبلوماسيين والإداريين من منتسبي البعثات العراقية في الخارج، والتأثير على أعضاء الوفود العراقية الزائرة للخارج من أجل الانفكاك عن نظام صدام حسين، وإعلان طلب اللجوء والالتحاق بالمعارضة العراقية أو بالدوائر والمعاهد والمراكز الأميركية والغربية مباشرة.
وبذلك نجحت الولايات المتحدة من توجيه ضربات قوية وقاسية للنظام العراقي السابق ، وها هي الولايات المتحدة ترصد 400 مليون دولار، وهو المبلغ الذي طلبه الرئيس الأميركي جورج بوش من الكونغرس الأميركي ليكون بخدمة مشروع ( التصعيد السري) ضد إيران ، وهو المشروع الذي نوهت له مجلة ( ذا نيويوركر) الأميركية قبل أيام قليلة ، وجاء التقرير بقلم الصحافي الأميركي الشهير والذي كشف فضائح سجن أبو غريب في العراق وهو السيد ( سيمون هيرش) ، ولقد أكد هيرش وعن شهادة مسئولين حاليين وسابقين في الكونغرس /ودوائر أميركية مهمة بأنه قد جرى توسيع حجم ونطاق العمليات السرية في إيران وبمشاركة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وبشكل كبير.
ومن يعتقد بأن وكالة المخابرات المركزية الأميركية تعمل لوحدها في هذا المشروع السري فهو واهم، فلقد تبرعت جميع المخابرات العربية التي تدور أنظمتها في الفلك الأميركي بأن تكون رديفة إلى مجموعات الـCIA العاملة على هذا المشروع،بل تهيئة الظروف والأجواء لاصطياد الدبلوماسيين ورجال الأعمال والموظفين والمبتعثين الإيرانيين.
أما في أوربا فلقد تشكلت خلايا مشتركة بين المخابرات الأوربية ومجموعات الـCIA العاملة على هذا المشروع السري، والذي كان جاريا ضد التجمعات العراقية، و مؤسسات وسفارات ولوبيات نظام صدام في الخارج، لهذا ولدت ( خارطة طريق) أوربية ـ أميركية مهمتها العمل على عزل المؤسسات الإيرانية في الخارج، ومن ثم عزل نظام طهران ، ولهذا هم سارعوا لنسخ العقوبات التي كانت ضد العراق أيضا لتكون ضد إيران ، ومنها تجميد أرصدة بنك ( ملّي) الإيراني ماهي إلا خطوة من الخطوات ، وهناك خطوات قادمة وصارمة، وهي منع سفر الشركات والخبراء والقادة العسكريين والأمنيين البارزين المرتبطين بالبرنامج النووي والصاروخي وتصنيع الزوارق والطائرات، إضافة إلى بنود أخرى أصبحت من مهمة المجموعة الأوربية، وبالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة ومنها:
1. لقد خُصصت مجموعات أوربية للعمل على عقوبات صارمة وحصار ضد النظام الإيراني، وليس ضد رجال الأعمال والشركات والأشخاص، والعمل على مد الجسور معهم.
2. شُكلت مجموعات أوربية مهمتها البحث والتفتيش عن رؤوس الأموال الإيرانية، وعن المشاريع التي تمول الدوائر الإيرانية والتي توجد في دول الإتحاد الأوربي.
3. شُكلت مجموعات أوربية مهمتها التنسيق مع مجموعات عربية وإسلامية مهمتها تحسين صورة الولايات المتحدة والغرب، وحصر الخطر في إيران والعمل على التأجيج ضدها.
4. شُكلت مجموعات أوربية مهمتها العمل على عزل إيران عن محيطها العربي والإقليمي.
5. شًكلت مجموعات أوربية وبدعم من بعض البرلمانيين الأوربيين مهمتها الاتصال وتسهيل هجرة العقول الإيرانية نحو الخارج ، ولقد انطلقت بعض المجموعات من العراق وبعض دول الخليج وعن طريق المجموعات التي تطوعت مقابل بعض الامتيازات ،والتي هي من المقربين إلى أطراف إيرانية مهمة، أي نقلوا رسائل وتوصيات للداخل الإيراني.
6. شُكلت مجموعة أوربية مهمتها توثيق جميع الانتهاكات التي تحدث داخل إيران في مجال حقوق الإنسان وضد الأقليات وتضخيمها، وكذلك تقوم بتوثيق التدخلات الإيرانية في الدول المجاورة لإيران وتضخيمها ونسخها لترسل نحو الأمم المتحدة ،ومجلس الأمن ونحو المنظمات الدولية.
وللعلم فأن جميع المجموعات التي وردت أعلاه تعمل بعلم وبمساعدة من الولايات المتحدة، بل أن هناك من يشترك معهم من الجانب الأميركي ، وبهذا تريد الولايات المتحدة ،ودول الترويكا الأوربية فرض الحصار على النظام مع محاولة تفكيك النظام من الداخل، والتأثير على مؤسساته في الخارج لتسجيل الأهداف النفسية وزرع الشكوك في أوساط أركان النظام الإيراني، خصوصا وأن البرنامج السري الأميركي قد وصل للداخل الإيراني وأخذ يتحرك في مناطق بلوشستان ، وعربستان، وكردستان الإيرانية .
وأن هذا الملف خطير جدا على إيران التي تتكون من ائتلاف قومي يتكون من خمس قوميات رئيسية، وأن أي مشروع قادم من الخارج ويستطيع ملامسة تلك القوميات (التي لديها أهداف كثيرة وأهمها الاستقلال أو الحكم الذاتي) فهذا يعني أن إيران والشعب الإيراني ومستقبل الأمة الإيرانية في خطر حقيقي للغاية، لأن إيران تتكون من قوميات متعددة ومختلفة أصولا وثقافة جعلها عرضة للتفكك والانهيار السريع، وهذا ما تكرر حدوثه في التاريخ الإيراني حيث تفككت إيران أثر سقوط الدولة الإخمينية ،والدولة الفرثية في العصور القديمة،وكذلك سقوط الدولة الصفوية، ومن ثم الأفشارية في العصر الحديث،واستمرار تلك الحالة حتى أوائل القرن العشرين.
ولهذا فعقدة التوجس من الأخطار الخارجية التي تحيط بإيران كانت السبب الأول في توحيدها وقيامها كدولة موحدة، لذا فكلما كان انهيارها يتسم بالسرعة، فأن عودتها كيانا موحدا كان يتسم بالسرعة أيضا، وهذا ما أنعكس على الشخصية الإيرانية التي أصبحت متوجسة على الدوام، وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي، فتوجس داخلي من القوميات، وتوجس خارجي من الخطر الخارجي،ومن هنا جاء تقديس الحاكم وإعطاءه الأوصاف والتسميات الهالوية العليا ومنها الشاه، وأخيرا التسميات الدينية والهدف هو إعطاء هذه التسميات المجد والقدسية كي تكون رمزا لوحدتها .
فلو فتشت في المؤسسات الفاعلة جدا في إيران فستجدها تنتهي بكلمة ( الأعلى) ولقد أخذت بعض الأحزاب والحركات الشيعية العراقية هذا النهج خصوصا التي تأسست وترعرت في إيران.
ولكن رب ضارة نافعة، فيما لو عملنا إسقاطا آنيا فسنجد بأن المرشد آية الله السيد علي الخامنئي هو الأعلى دينيا واجتماعيا وسياسيا، وبالتالي بيده المفتاح السياسي لموتور ماكينة النظام الإيراني، أي يمتلك سلاح قرار الحرب والسلم، وبنفس الوقت هو يمتلك المفتاح الديني والمذهبي والعقائدي لموتور ماكينة النظام الدينية والمذهبية والعقائدية أي يمتلك سلاح الفتوى، وربما هي رحمة في الوقت الحاضر، فيما لو أحصينا عدد الأعداء المتربصين بإيران كنظام سياسي، وكمرجعية دينية ومذهبية تحمل اللواء السياسي الديني.
وبالتالي نستطيع القول بأن المرشد آية الله السيد الخامنئي هو زر ( كود) الأمان السري لإيران ، وهو يشكل القسم الأكبر أو المساحة الكبرى من مسمار أمان النظام الإيراني، فيما لو أتينا على الشيخ هاشمي رفسنجاني مثلا ،والذي له علاقات خاصة ومهمة للنظام في الداخل والخارج، ناهيك أنه يمتلك كاريزما خاصة ومؤثرة، إضافة أنه بمثابة حقيبة أسرار الثورة والنظام!.
وبالتالي فأن أي تفكيك لأجزاء مسمار أمان النظام الإيراني هو نصر لأعداء إيران، ويبدو أنهم عجزوا أي الأعداء من الولوج نحو خارطة مسمار النظام إلا ببعض المسافات المحدودة، فغيروا لعبتهم لتكون باتجاهين الأول تفكيك النسيج القومي والإثني في إيران ، والثاني تفكيك النظام الإيراني في الخارج من خلال تفكيك السفارات والملحقيات والمراكز الإيرانية في الخارج، مع مراقبة كل سفارة و دائرة ومؤسسة وتجمع يتبع لإيران أو له علاقة بإيران في الخارج، وهذا ما تم الشروع فيه في أوربا وكثير من بلدان العالم!.
وبالتالي أصبح الاحتكاك بالإيرانيين العاملين في الخارج خطرا حقيقيا، لأن عملية الاستدعاء والتحقيق من سلطات الدول الأوربية وغيرها واردة وبأية لحظة لأي شخص يحتك أو يواظب الاحتكاك والتزاور والجلوس مع الإيرانيين في الخارج، وخصوصا الذين يعملون في سفارات وملحقيات ومؤسسات ومراكز وحسينيات إيران .
وهذا ما تم فعله بحق معظم الذين كانوا على علاقة مع سفارات وملحقيات ومؤسسات النظام السابق في العراق، فتم استدعائهم والتحقيق معهم وتجنيد الكثير منهم لخدمة المخطط الأميركي.... وحتما أن هذا السيناريو سوف يتكرر مع أصدقاء إيران، وسينجحوا الأميركان والأوربيين بتجنيد البعض أيضا ، خصوصا وأن بعض عملاء وجواسيس سفارات ومؤسسات النظام العراقي السابق في الخارج قد أصبحوا وبشكل مفاجئ من الإسلاميين والمذهبيين والشيعة المتشددين، ومن المؤيدين للمشاريع الإيرانية، و يطيلون الأذقان، ويضعون الخواتم في أصابعهم، والمسبحات الطويلة في أياديهم ، ويواكبون الذهاب للحسينيات ، وحضور جميع المناسبات الإيرانية والشيعية ،وللإيحاء بأنهم مع إيران، ومع المشروع الشيعي، ومع الحكومة العراقية الجديدة التي لها علاقات مميزة مع إيران.
مركز الشرق للبحوث والدراسات ـ أوروبا
الكاتب والباحث سمير عبيد *
لقد بوشر بالفعل بالسيناريو الأميركي السري الذي كان مُتّبع ضد سفارات وملحقيات النظام العراقي السابق، و الذي أصبح ضد السفارات والملحقيات الإيرانية ومنتسبيها هذه المرة ، وكذلك ضد المراكز والمعاهد والملاحق التابعة للسفارات الإيرانية وللنظام الإيراني في العالم، أي أصبح الاحتكاك بالدبلوماسيين والإداريين والموظفين العاملين في السفارات الإيرانية خطرا مسجلا بالصورة، وأحيانا بالصورة والصوت من قبل الدوائر الأميركية والغربية الخاصة وعلى نفس خطوات وسيناريوهات البرنامج السري الذي كان متبع ضد الدبلوماسيين والإداريين والموظفين العراقيين ، وضد جميع المدارس والمراكز والمعاهد المرتبطة بالنظام العراقي السابق، والأهداف كثيرة ومركبّة ومنها:
1. الحرب النفسية ضد النظام الإيراني،وضد المؤسسات التابعة له في الخارج، وبمقدمتها السفارات والقنصليات والملحقيات والمراكز الثقافية والمدارس والحسينيات المهمة.
2. محاولة التأثير على الدبلوماسيين والموظفين الإيرانيين وبوسائل ( الترهيب والترغيب) لحثهم على ترك النظام، وإعلان الانفكاك واللجوء السياسي مع التسهيلات في عمليات طلب اللجوء..
3. محاولة تجنيد بعض الدبلوماسيين ،وموظفي السفارات والملحقيات والمراكز الإيرانية في الخارج، ولخدمة المخطط الأميركي ضد إيران.
4. اصطياد عملاء وأصدقاء السفارات الإيرانية من إيرانيين وجنسيات أخرى، ومن خلال المراقبة 24 على 24 بواسطة الكاميرات والاتصالات والإنترنيت.
5. البت بمشروع تجنيد العملاء لصالح البرنامج السري الأميركي ، وأن معظم هؤلاء من الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والأفغان وجنسيات أخرى، وتدريبهم على عمليات الانغماس داخل السفارات والملحقيات والتجمعات الإيرانية في الخارج.
6. تدريب مجموعات خاصة مهمتها نشر الإشاعات على مسمع أعضاء السلك الدبلوماسي الإيراني في الخارج، ومجموعات أخرى مهمتها التأثير على الدبلوماسيين والإداريين والوفود الإيرانية الزائرة والتبرع باستضافتهم وإخفائهم في حالة قرروا الانفكاك عن النظام ،وتسهيل لجوئهم في الدول الأوربية وأميركا.
7. لقد تدربت بعض المجموعات من قبل الدوائر الأميركية وتم نشرها في دول العالم، والتي تتظاهر بأنها مع المشروع الإيراني المذهبي في الخارج، أي في الدول العربية والأوربية، والهدف الوصول إلى محطات وتجمعات المشروع الإيراني السرية في أوربا والعالم العربي.
8. تدربت مجموعات مهمتها التثبيط وزرع الخوف والتوجس عند الإيرانيين العاملين في الخارج والداخل.
ولقد كان هذا البرنامج فعالا ضد سفارات ودوائر وتجمعات النظام العراقي السابق في الخارج، ولقد نجح بتجنيد المئات للعمل فيه ،ومن جنسيات عراقية وعربية وأجنبية، ولقد نجحت الولايات المتحدة من اختراق السفارات العراقية ، ونجحت بالتأثير على عدد كبير من السفراء والدبلوماسيين والإداريين من منتسبي البعثات العراقية في الخارج، والتأثير على أعضاء الوفود العراقية الزائرة للخارج من أجل الانفكاك عن نظام صدام حسين، وإعلان طلب اللجوء والالتحاق بالمعارضة العراقية أو بالدوائر والمعاهد والمراكز الأميركية والغربية مباشرة.
وبذلك نجحت الولايات المتحدة من توجيه ضربات قوية وقاسية للنظام العراقي السابق ، وها هي الولايات المتحدة ترصد 400 مليون دولار، وهو المبلغ الذي طلبه الرئيس الأميركي جورج بوش من الكونغرس الأميركي ليكون بخدمة مشروع ( التصعيد السري) ضد إيران ، وهو المشروع الذي نوهت له مجلة ( ذا نيويوركر) الأميركية قبل أيام قليلة ، وجاء التقرير بقلم الصحافي الأميركي الشهير والذي كشف فضائح سجن أبو غريب في العراق وهو السيد ( سيمون هيرش) ، ولقد أكد هيرش وعن شهادة مسئولين حاليين وسابقين في الكونغرس /ودوائر أميركية مهمة بأنه قد جرى توسيع حجم ونطاق العمليات السرية في إيران وبمشاركة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وبشكل كبير.
ومن يعتقد بأن وكالة المخابرات المركزية الأميركية تعمل لوحدها في هذا المشروع السري فهو واهم، فلقد تبرعت جميع المخابرات العربية التي تدور أنظمتها في الفلك الأميركي بأن تكون رديفة إلى مجموعات الـCIA العاملة على هذا المشروع،بل تهيئة الظروف والأجواء لاصطياد الدبلوماسيين ورجال الأعمال والموظفين والمبتعثين الإيرانيين.
أما في أوربا فلقد تشكلت خلايا مشتركة بين المخابرات الأوربية ومجموعات الـCIA العاملة على هذا المشروع السري، والذي كان جاريا ضد التجمعات العراقية، و مؤسسات وسفارات ولوبيات نظام صدام في الخارج، لهذا ولدت ( خارطة طريق) أوربية ـ أميركية مهمتها العمل على عزل المؤسسات الإيرانية في الخارج، ومن ثم عزل نظام طهران ، ولهذا هم سارعوا لنسخ العقوبات التي كانت ضد العراق أيضا لتكون ضد إيران ، ومنها تجميد أرصدة بنك ( ملّي) الإيراني ماهي إلا خطوة من الخطوات ، وهناك خطوات قادمة وصارمة، وهي منع سفر الشركات والخبراء والقادة العسكريين والأمنيين البارزين المرتبطين بالبرنامج النووي والصاروخي وتصنيع الزوارق والطائرات، إضافة إلى بنود أخرى أصبحت من مهمة المجموعة الأوربية، وبالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة ومنها:
1. لقد خُصصت مجموعات أوربية للعمل على عقوبات صارمة وحصار ضد النظام الإيراني، وليس ضد رجال الأعمال والشركات والأشخاص، والعمل على مد الجسور معهم.
2. شُكلت مجموعات أوربية مهمتها البحث والتفتيش عن رؤوس الأموال الإيرانية، وعن المشاريع التي تمول الدوائر الإيرانية والتي توجد في دول الإتحاد الأوربي.
3. شُكلت مجموعات أوربية مهمتها التنسيق مع مجموعات عربية وإسلامية مهمتها تحسين صورة الولايات المتحدة والغرب، وحصر الخطر في إيران والعمل على التأجيج ضدها.
4. شُكلت مجموعات أوربية مهمتها العمل على عزل إيران عن محيطها العربي والإقليمي.
5. شًكلت مجموعات أوربية وبدعم من بعض البرلمانيين الأوربيين مهمتها الاتصال وتسهيل هجرة العقول الإيرانية نحو الخارج ، ولقد انطلقت بعض المجموعات من العراق وبعض دول الخليج وعن طريق المجموعات التي تطوعت مقابل بعض الامتيازات ،والتي هي من المقربين إلى أطراف إيرانية مهمة، أي نقلوا رسائل وتوصيات للداخل الإيراني.
6. شُكلت مجموعة أوربية مهمتها توثيق جميع الانتهاكات التي تحدث داخل إيران في مجال حقوق الإنسان وضد الأقليات وتضخيمها، وكذلك تقوم بتوثيق التدخلات الإيرانية في الدول المجاورة لإيران وتضخيمها ونسخها لترسل نحو الأمم المتحدة ،ومجلس الأمن ونحو المنظمات الدولية.
وللعلم فأن جميع المجموعات التي وردت أعلاه تعمل بعلم وبمساعدة من الولايات المتحدة، بل أن هناك من يشترك معهم من الجانب الأميركي ، وبهذا تريد الولايات المتحدة ،ودول الترويكا الأوربية فرض الحصار على النظام مع محاولة تفكيك النظام من الداخل، والتأثير على مؤسساته في الخارج لتسجيل الأهداف النفسية وزرع الشكوك في أوساط أركان النظام الإيراني، خصوصا وأن البرنامج السري الأميركي قد وصل للداخل الإيراني وأخذ يتحرك في مناطق بلوشستان ، وعربستان، وكردستان الإيرانية .
وأن هذا الملف خطير جدا على إيران التي تتكون من ائتلاف قومي يتكون من خمس قوميات رئيسية، وأن أي مشروع قادم من الخارج ويستطيع ملامسة تلك القوميات (التي لديها أهداف كثيرة وأهمها الاستقلال أو الحكم الذاتي) فهذا يعني أن إيران والشعب الإيراني ومستقبل الأمة الإيرانية في خطر حقيقي للغاية، لأن إيران تتكون من قوميات متعددة ومختلفة أصولا وثقافة جعلها عرضة للتفكك والانهيار السريع، وهذا ما تكرر حدوثه في التاريخ الإيراني حيث تفككت إيران أثر سقوط الدولة الإخمينية ،والدولة الفرثية في العصور القديمة،وكذلك سقوط الدولة الصفوية، ومن ثم الأفشارية في العصر الحديث،واستمرار تلك الحالة حتى أوائل القرن العشرين.
ولهذا فعقدة التوجس من الأخطار الخارجية التي تحيط بإيران كانت السبب الأول في توحيدها وقيامها كدولة موحدة، لذا فكلما كان انهيارها يتسم بالسرعة، فأن عودتها كيانا موحدا كان يتسم بالسرعة أيضا، وهذا ما أنعكس على الشخصية الإيرانية التي أصبحت متوجسة على الدوام، وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي، فتوجس داخلي من القوميات، وتوجس خارجي من الخطر الخارجي،ومن هنا جاء تقديس الحاكم وإعطاءه الأوصاف والتسميات الهالوية العليا ومنها الشاه، وأخيرا التسميات الدينية والهدف هو إعطاء هذه التسميات المجد والقدسية كي تكون رمزا لوحدتها .
فلو فتشت في المؤسسات الفاعلة جدا في إيران فستجدها تنتهي بكلمة ( الأعلى) ولقد أخذت بعض الأحزاب والحركات الشيعية العراقية هذا النهج خصوصا التي تأسست وترعرت في إيران.
ولكن رب ضارة نافعة، فيما لو عملنا إسقاطا آنيا فسنجد بأن المرشد آية الله السيد علي الخامنئي هو الأعلى دينيا واجتماعيا وسياسيا، وبالتالي بيده المفتاح السياسي لموتور ماكينة النظام الإيراني، أي يمتلك سلاح قرار الحرب والسلم، وبنفس الوقت هو يمتلك المفتاح الديني والمذهبي والعقائدي لموتور ماكينة النظام الدينية والمذهبية والعقائدية أي يمتلك سلاح الفتوى، وربما هي رحمة في الوقت الحاضر، فيما لو أحصينا عدد الأعداء المتربصين بإيران كنظام سياسي، وكمرجعية دينية ومذهبية تحمل اللواء السياسي الديني.
وبالتالي نستطيع القول بأن المرشد آية الله السيد الخامنئي هو زر ( كود) الأمان السري لإيران ، وهو يشكل القسم الأكبر أو المساحة الكبرى من مسمار أمان النظام الإيراني، فيما لو أتينا على الشيخ هاشمي رفسنجاني مثلا ،والذي له علاقات خاصة ومهمة للنظام في الداخل والخارج، ناهيك أنه يمتلك كاريزما خاصة ومؤثرة، إضافة أنه بمثابة حقيبة أسرار الثورة والنظام!.
وبالتالي فأن أي تفكيك لأجزاء مسمار أمان النظام الإيراني هو نصر لأعداء إيران، ويبدو أنهم عجزوا أي الأعداء من الولوج نحو خارطة مسمار النظام إلا ببعض المسافات المحدودة، فغيروا لعبتهم لتكون باتجاهين الأول تفكيك النسيج القومي والإثني في إيران ، والثاني تفكيك النظام الإيراني في الخارج من خلال تفكيك السفارات والملحقيات والمراكز الإيرانية في الخارج، مع مراقبة كل سفارة و دائرة ومؤسسة وتجمع يتبع لإيران أو له علاقة بإيران في الخارج، وهذا ما تم الشروع فيه في أوربا وكثير من بلدان العالم!.
وبالتالي أصبح الاحتكاك بالإيرانيين العاملين في الخارج خطرا حقيقيا، لأن عملية الاستدعاء والتحقيق من سلطات الدول الأوربية وغيرها واردة وبأية لحظة لأي شخص يحتك أو يواظب الاحتكاك والتزاور والجلوس مع الإيرانيين في الخارج، وخصوصا الذين يعملون في سفارات وملحقيات ومؤسسات ومراكز وحسينيات إيران .
وهذا ما تم فعله بحق معظم الذين كانوا على علاقة مع سفارات وملحقيات ومؤسسات النظام السابق في العراق، فتم استدعائهم والتحقيق معهم وتجنيد الكثير منهم لخدمة المخطط الأميركي.... وحتما أن هذا السيناريو سوف يتكرر مع أصدقاء إيران، وسينجحوا الأميركان والأوربيين بتجنيد البعض أيضا ، خصوصا وأن بعض عملاء وجواسيس سفارات ومؤسسات النظام العراقي السابق في الخارج قد أصبحوا وبشكل مفاجئ من الإسلاميين والمذهبيين والشيعة المتشددين، ومن المؤيدين للمشاريع الإيرانية، و يطيلون الأذقان، ويضعون الخواتم في أصابعهم، والمسبحات الطويلة في أياديهم ، ويواكبون الذهاب للحسينيات ، وحضور جميع المناسبات الإيرانية والشيعية ،وللإيحاء بأنهم مع إيران، ومع المشروع الشيعي، ومع الحكومة العراقية الجديدة التي لها علاقات مميزة مع إيران.
مركز الشرق للبحوث والدراسات ـ أوروبا