
قضية ورأي ... ملف الاعتقال السياسي
بقلم / أ. إبراهيم الطهراوي
موضوع الاعتقال السياسي موضوع قديم جديد , مارسته السلطة السابقة بدعوى المحافظة على المشروع الوطني الفلسطيني , وكان للتنظيمات الإسلامية النصيب الأكبر في هذا الملف , حيث تم اعتقال عدد لا بأس به من قيادات هذه التنظيمات المعارضة لاتفاق أوسلو في حينه , وقد بدأ موضوع الاعتقال السياسي يتلاشى تدريجياً بعد دخول جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي في آتون انتفاضة الأقصى الثانية .
ومن جديد بدأ هذا الملف يطل برأسه من جديد بعد الانقلاب الذي قامت به حماس في غزة , وانقسام الوطن إلى دويلتين متناحرتين , دويلة غزة وأخرى الضفة الغربية , ليبدأ بعده مسلسل الملاحقات اليومية هنا وهناك ضد من يعارض أو يحاول إبداء الرأي , فكان نصيب حركة فتح المئات من المعتقلين على خلفية انتماءهم السياسي , في سجون المشتل والسرايا ومراكز الأمن الداخلي في المحافظات , وكانت التحقيقات والاستجوابات على الانتماء للحركة وهذا واضح من حديث الكثيرين ممن زرتهم للاطمئنان عليهم بعد الإفراج عنهم .
وكذلك الحال هناك عشرات المعتقلين السياسيين في سجون السلطة في الضفة الغربية , ونسمع عبر وسائل الأعلام عن عددهم وأماكن احتجازهم وظروف احتجازهم ... الخ .
إذن ليس هناك ما يدعو للشك بوجود معتقلين على خلفية سياسية في سجون كل (( من رام الله وغزة )) وما يدعم التأكيد على هذه الحقيقة الراسخة , أن طرفي النزاع فتح وحماس قد سلمتا قوائم بأسماء معتقلين ينتمون إلى كل منهما , وبحسب تصريحات السيد صالح زيدان عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية فإن هناك قوائم تسلمها من الطرفين تحوي أكثر من مائة معتقل سياسي ( 54 معتقلا في سجون الضفة و46 معتقلا في سجون غزة ).
وعلمنا من خلال ما نشر في وسائل الإعلام بأن الرئيس أبو مازن شخصياً قد أصدر قراراً بالإفراج عن بعض قيادات حركتي فتح وحماس المعتقلين في سجون السلطة , ونرى أن هذا القرار جاء كبادرة حسن نية من قبل الرئيس لإنهاء حالة الانقسام السياسي , وبالفعل فقد أكدت حماس أن السلطة قد أفرجت عن معتقليها في نابلس والخليل وطوباس وطولكرم " نقلاً عن القدس العربي بتاريخ 23يونيه 2008م".
كان من المفروض بأن تقابل خطوة الرئيس أبو مازن بخطوة مماثلة من قبل حكومة غزة المقالة , ولكن الغريب في الأمر أن الحكومة أطلت وبرأس الناطق بلسان داخليتها إيهاب الغصين وعبر تصريحات له أكدت أن سجناء فتح موقوفون على خلفية جنائية وأمنية , وأن المعتقلين هم من تجار المخدرات ومثيري الشغب والفلتان الأمني , واتهم حركة فتح أنها تدافع عمن أسمتهم بتجار المخدرات المعتقلين لدى وزارة داخليته في غزة , هذا الأمر يدفعنا للاعتقاد بأن أزمة المعتقلين السياسيين لن تأخذ طريقها للحل قريباً , وأن هذا الملف سيزيد من تفاقم الأمور , وإذكاء نار الانقسام أكثر بين شطري الوطن .
ولا نريد مستقبلاً أن يتم التعامل بردود أفعال بين رام الله وغزة إذ بإمكان حكومة رام الله أن نجد لها من المسوغات الشيء الكثير للتذرع باحتجاز من تحتجزهم , وتسويق المسألة بأنهم موقوفون على خلفية جنائية وإثارة الشغب كما تفعل حكومة غزة المقالة , والمسوغات جاهزة (( حيازة سلاح غير مرخص ومواد متفجرة وطلقات نارية والخروج في مسيرات غير مرخصة ... الخ )) .
وهنا نعود لغزة وتصريحات وزارة الداخلية المقالة على لسان الناطق باسمها الغصين :
ولو افترضنا جدلاً بصحة تصريحاته بأن من تعتقلهم الداخلية المقالة " هم من تجار المخدرات ومثيري الشغب و....." وهذا ما نستبعده تماماً , حيث أنها لا تصب في خانة الوفاق الوطني والوحدة والتلاحم والحوار .
لذا أرى أن حل الموضوع له بُعدين (( بعد استراتيجي ـ وبعد آني )) وحل الموضوع بشكل وطني وبما يكفل رأب الصدع ولملمة الشتات , بعيداً عن الحزبية المقيتة , وبعد قانوني ومؤسسي مبني على قيم ومفاهيم ونصوص قانونية غير قابلة للتأويل , وكيل الاتهامات جزافاً لذا لا بد : -
أولاً : على المدى الاستراتيجي :- لإنهاء ملف الاعتقال السياسي إلى غير رجعة نرى إلى حين التئام المجلس التشريعي لتشريع قانون يحرم الاعتقال السياسي , أن يتم صياغة وثيقة شرف بين فصائل العمل الوطني والسلطة في رام الله والحكومة المقالة في غزة تقوم بدور فعال في إنهاء هذا الملف .
ثانياً : على الآني .. المدى المنظور لمعالجة الحالة القائمة حالياً :-
1- تشكيل لجنة وطنية محايدة لمتابعة ملف الاعتقال السياسي من شخصيات سياسية وقانونية.
2- الإعلان عن أمكان احتجاز المعتقلين من كلا الطرفين فور اعتقالهم ليتسنى للجنة وطنية محايدة زيارتهم والاطمئنان عليهم .
3- عرض الأسماء على هذه اللجنة الوطنية المحايدة للتدقيق فيها ودراسة كل حالة على حدة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء الاعتقال مع السماح للجنة مقابلة الأسماء التي يتم تحديدها .
4- أن تعمل هذه اللجنة على جناح السرعة للحد من تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة لما لإنهائها والقضاء عليها من آثار إيجابي تجاه الحوار والمصالحة الوطنية .
5- أن يكون رأي اللجنة وما تخرج به من توصيات وقرارات ملزم للجميع .
هذا رأي قابل للتطوير والإضافة للبناء عليه للمعالجة , وأن كنا نفضل بأن يفرج عن كافة المعتقلين السياسيين من الطرفين كبادرة حسن نية وصولاً لحوار وطني ينهي حالة الانقسام والتشتت .
بقلم / أ. إبراهيم الطهراوي
موضوع الاعتقال السياسي موضوع قديم جديد , مارسته السلطة السابقة بدعوى المحافظة على المشروع الوطني الفلسطيني , وكان للتنظيمات الإسلامية النصيب الأكبر في هذا الملف , حيث تم اعتقال عدد لا بأس به من قيادات هذه التنظيمات المعارضة لاتفاق أوسلو في حينه , وقد بدأ موضوع الاعتقال السياسي يتلاشى تدريجياً بعد دخول جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي في آتون انتفاضة الأقصى الثانية .
ومن جديد بدأ هذا الملف يطل برأسه من جديد بعد الانقلاب الذي قامت به حماس في غزة , وانقسام الوطن إلى دويلتين متناحرتين , دويلة غزة وأخرى الضفة الغربية , ليبدأ بعده مسلسل الملاحقات اليومية هنا وهناك ضد من يعارض أو يحاول إبداء الرأي , فكان نصيب حركة فتح المئات من المعتقلين على خلفية انتماءهم السياسي , في سجون المشتل والسرايا ومراكز الأمن الداخلي في المحافظات , وكانت التحقيقات والاستجوابات على الانتماء للحركة وهذا واضح من حديث الكثيرين ممن زرتهم للاطمئنان عليهم بعد الإفراج عنهم .
وكذلك الحال هناك عشرات المعتقلين السياسيين في سجون السلطة في الضفة الغربية , ونسمع عبر وسائل الأعلام عن عددهم وأماكن احتجازهم وظروف احتجازهم ... الخ .
إذن ليس هناك ما يدعو للشك بوجود معتقلين على خلفية سياسية في سجون كل (( من رام الله وغزة )) وما يدعم التأكيد على هذه الحقيقة الراسخة , أن طرفي النزاع فتح وحماس قد سلمتا قوائم بأسماء معتقلين ينتمون إلى كل منهما , وبحسب تصريحات السيد صالح زيدان عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية فإن هناك قوائم تسلمها من الطرفين تحوي أكثر من مائة معتقل سياسي ( 54 معتقلا في سجون الضفة و46 معتقلا في سجون غزة ).
وعلمنا من خلال ما نشر في وسائل الإعلام بأن الرئيس أبو مازن شخصياً قد أصدر قراراً بالإفراج عن بعض قيادات حركتي فتح وحماس المعتقلين في سجون السلطة , ونرى أن هذا القرار جاء كبادرة حسن نية من قبل الرئيس لإنهاء حالة الانقسام السياسي , وبالفعل فقد أكدت حماس أن السلطة قد أفرجت عن معتقليها في نابلس والخليل وطوباس وطولكرم " نقلاً عن القدس العربي بتاريخ 23يونيه 2008م".
كان من المفروض بأن تقابل خطوة الرئيس أبو مازن بخطوة مماثلة من قبل حكومة غزة المقالة , ولكن الغريب في الأمر أن الحكومة أطلت وبرأس الناطق بلسان داخليتها إيهاب الغصين وعبر تصريحات له أكدت أن سجناء فتح موقوفون على خلفية جنائية وأمنية , وأن المعتقلين هم من تجار المخدرات ومثيري الشغب والفلتان الأمني , واتهم حركة فتح أنها تدافع عمن أسمتهم بتجار المخدرات المعتقلين لدى وزارة داخليته في غزة , هذا الأمر يدفعنا للاعتقاد بأن أزمة المعتقلين السياسيين لن تأخذ طريقها للحل قريباً , وأن هذا الملف سيزيد من تفاقم الأمور , وإذكاء نار الانقسام أكثر بين شطري الوطن .
ولا نريد مستقبلاً أن يتم التعامل بردود أفعال بين رام الله وغزة إذ بإمكان حكومة رام الله أن نجد لها من المسوغات الشيء الكثير للتذرع باحتجاز من تحتجزهم , وتسويق المسألة بأنهم موقوفون على خلفية جنائية وإثارة الشغب كما تفعل حكومة غزة المقالة , والمسوغات جاهزة (( حيازة سلاح غير مرخص ومواد متفجرة وطلقات نارية والخروج في مسيرات غير مرخصة ... الخ )) .
وهنا نعود لغزة وتصريحات وزارة الداخلية المقالة على لسان الناطق باسمها الغصين :
ولو افترضنا جدلاً بصحة تصريحاته بأن من تعتقلهم الداخلية المقالة " هم من تجار المخدرات ومثيري الشغب و....." وهذا ما نستبعده تماماً , حيث أنها لا تصب في خانة الوفاق الوطني والوحدة والتلاحم والحوار .
لذا أرى أن حل الموضوع له بُعدين (( بعد استراتيجي ـ وبعد آني )) وحل الموضوع بشكل وطني وبما يكفل رأب الصدع ولملمة الشتات , بعيداً عن الحزبية المقيتة , وبعد قانوني ومؤسسي مبني على قيم ومفاهيم ونصوص قانونية غير قابلة للتأويل , وكيل الاتهامات جزافاً لذا لا بد : -
أولاً : على المدى الاستراتيجي :- لإنهاء ملف الاعتقال السياسي إلى غير رجعة نرى إلى حين التئام المجلس التشريعي لتشريع قانون يحرم الاعتقال السياسي , أن يتم صياغة وثيقة شرف بين فصائل العمل الوطني والسلطة في رام الله والحكومة المقالة في غزة تقوم بدور فعال في إنهاء هذا الملف .
ثانياً : على الآني .. المدى المنظور لمعالجة الحالة القائمة حالياً :-
1- تشكيل لجنة وطنية محايدة لمتابعة ملف الاعتقال السياسي من شخصيات سياسية وقانونية.
2- الإعلان عن أمكان احتجاز المعتقلين من كلا الطرفين فور اعتقالهم ليتسنى للجنة وطنية محايدة زيارتهم والاطمئنان عليهم .
3- عرض الأسماء على هذه اللجنة الوطنية المحايدة للتدقيق فيها ودراسة كل حالة على حدة لمعرفة الأسباب الكامنة وراء الاعتقال مع السماح للجنة مقابلة الأسماء التي يتم تحديدها .
4- أن تعمل هذه اللجنة على جناح السرعة للحد من تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة لما لإنهائها والقضاء عليها من آثار إيجابي تجاه الحوار والمصالحة الوطنية .
5- أن يكون رأي اللجنة وما تخرج به من توصيات وقرارات ملزم للجميع .
هذا رأي قابل للتطوير والإضافة للبناء عليه للمعالجة , وأن كنا نفضل بأن يفرج عن كافة المعتقلين السياسيين من الطرفين كبادرة حسن نية وصولاً لحوار وطني ينهي حالة الانقسام والتشتت .