الأخبار
(حماس): قدمنا رداً إيجابياً وجاهزون للدخول فوراً في مفاوضات حول آلية التنفيذلماذا على حماس أن توافق لا أن تناور؟(أونروا): الناس يسقطون مغشياً عليهم في غزة من شدة الجوعفلسفة المصلحةقناة إسرائيلية: جدال كبير بين نتنياهو وقيادة الجيش حول استمرار العمليات العسكرية في غزةغزة: 138 شهيداً و452 جريحاً غالبيتهم من طالبي المساعدات في آخر 24 ساعة(رويترز): مصرفان عالميان يرفضان فتح حسابات لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"كاتس: الجيش الإسرائيلي يعد خطة لضمان ألا تتمكن إيران من العودة لتهديدناترقُّب لرد حماس.. وإعلام إسرائيلي: ترامب قد يعلن الاثنين التوصل لاتفاق بغزة(فتح) ترد على تصريحات وزير الصناعة الإسرائيلي الداعية لتفكيك السلطة الفلسطينية30 عائلة تنزح قسراً من تجمع عرب المليحات شمال أريحا بفعل اعتداءات الاحتلال ومستوطنيهمقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في معارك قطاع غزة20 شهيداً في غارات للاحتلال على مواصي خانيونس وحي الصبرة بمدينة غزةغوتيريش: آخر شرايين البقاء على قيد الحياة بغزة تكاد تنقطعترامب وبوتين يبحثان الحرب في أوكرانيا والتطورات بالشرق الأوسط
2025/7/5
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هابيل....الاتحاد السوفيتي....الأمة العربية بقلم:محمد علي الحلبي

تاريخ النشر : 2008-07-01
هابيل....الاتحاد السوفيتي....الأمة العربية

عنوان فيه الكثير من الغرابة والاستغراب حيث يختلط مفهوم الفرد بمفهوم الدولة والأمة، ويتداخل الزمن فيه فالماضي وبدء الخلق يتداخلان مع الحاضر ويصبحان جزءاً منه،كما وأن الحاضر يعود إلى مطلع الوجود مكرراً وقائعه حيناً،بل أحياناً،والله الحكيم الحكم جلت قدرته يرشد عباده في كتابه العزيز في قوله:"فاقصص القصص لعلهم يتفكرون" الأعراف 176.
وقصتان حواريتان تبين ما هدفت إليه وأردته ورمت له،فأغلب الديانات تتحدث عن قتل قابيل أخاه هابيل وهما من أبناء آدم عليه السلام،والقرآن الكريم ينقل الحوارية الأولى بين الأخوين في الآية الكريمة"لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله ربّ العالمين" المائدة 28 .
أما الحوارية الثانية المشابهة مع فارق عمريّ وزمني كبيرين فيرويها"إدوارد شيفر نادزه"وزير الخارجية السوفيتي الأسبق في كتابه (الحرية هي المستقبل) وبعد تأكيده على توق الإنسانية للسلام......لاسيما أن الحروب دمرت الكثير....الكثير من البشر والحجر ، يوضح أن الاتحاد السوفيتي تخلى عن منطق المواجهة كقاعدة أساسية في سياسته الخارجية مع تجاوزه للشعارات الإيديولوجية بتجريد العلاقات الدولية منها والبحث عن نقاط اللقاء،ثم يقصّ حكايته ففي"هلسنكي" وبحركة رمزية وضع خنجره " الجو رجي " أمام وزير الخارجية الأمريكي الذي كان يجلس قبالته وقال له:"لقد نزعت سلاحي والآن جاء دورك"ويتابع:"لكن مع الأسف لم يحدث شيء ولا حتى أدنى استجابة للحديث"وفي لقائه الثاني مع جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في نيويورك وتحديداً في سبتمبر-أيلول- 1985 يبادره القول:"إن أموراً كثيرة في العالم ترتبط بحالة العلاقات بين بلدينا،وأنني أنوي أن أكون شريكاً شريفاً وموثوقاً به،وصديقاً إن كنت ترغب في ذلك فاندفع شولتز ليصافحني ويشد على يدي مكتفياً بذلك " , وبغض النظر عن الظروف التي أحاطت و أدت الى هذه الواقعة لكنها تبقى من عبر ودروس الحياة .

لقد ودع الحياة هابيل،ولم يرفع أو يرد رفع يده في وجه أخيه،ورمزيا نزع شيفر نادزه سلاحه وقدمه طالباً من صنوه الأمريكي مجاراته ، وإبداء ذات الرغبة لكنه لم يستجب له للوصول إلى عالم إنساني تغيب عنه الحروب ، وحتى ما سميت بالحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي فلقد دفعت البشرية الكثير من الدماء،وملايين القتلى ثمناً لما سميّت "الحروب بالوكالة"نيابة عن العملاقين في فيتنام،كوريا،أمريكا اللاتينية،وعلى الأرض العربية.
لقد بات من المتعارف عليه أن الحروب سنّة من سنّن الكون لم تتغير،ولم تتبدل،بل ازدادت مآسيها وآثارها ومخلفاتها،وعن ذلك يقول الدكتور محمد طه بدوي في خلاصة بحثه عن فرضيات السلام والحرب"إن الراجح في هذا المجال هو أن الحرب كانت وستبقى ظاهرة دولية وسمة من سمات اتجاه الأمم إلى بعضها " ويكمل رأيه:
1- إن الحرب حتمية من حتميات طبيعة البيئة الدولية.....بيئة تعدد القوى الفردية في غيبية حكم أعلى،ومن ثم اختفاؤها مرهون باختفاء جماعة الدول ذاتها على أثر قيام إمبراطورية عالمية.
2- إن العلاقات الدولية هي علاقات ما بين أعداء.
3- إن السلام بمفهومه الأخلاقي والجمالي ليس في عالم العلاقات الدولية.
4- إن السياسة الخارجية لدولة ما لا تعدو أن تكون في إدارة علاقاتها مع الأعداء وهي لذلك تتردد بين الالتجاء إلى الحرب أو الالتجاء إلى المهادنة وليس السلام.
والرسالة السماوية التي أوحيّ بها للرسول العربي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم تغلّب وتضفي دائماً الطابع الإنساني على الوجود،وفي الحديث الشريف " لزوال الدنيا أهون من دم يسفك بغير حق" وعظمة الرسول تتجلى في إيضاح وتبيان المفهوم الإنساني وتوسيعه ليتجسد في حبه لبني البشر فقد كان يدعو دبر كل صلاة قائلا ً:"اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أن عبادك كلهم إخوة" والحب رمز وعنوان الأخوة.

والله العليم سابق الجميع في علمه،والمدرك لأحوال من خلقهم من عباده ينبه إلى عدم بدء الحرب فيقول جل جلاله " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لايحب المعتدين " البقرة 190 ، وهو القائل " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبت ما أحل لكم ولا تعتدوا ان الله لايحب المعتدين " بل ويضع الضابط لمنع التمادي في الحروب وارتكاب الآثام فيقول جلت قدرته في كتابه العزيز:"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"وكل التفاسير للآية الكريمة تؤكد على أن الرهبة هي الإخافة والتخويف ضمانة واحتسابا لدرء ومنع الاعتداء ، وذات المنحى نحته في الشرح معاجم اللغة العربية،والرباط يعني الوقوف عند الثغور لحماية الأهل والبلد،وليس ما انصرفت إليه الشروح المضللة الحديثة ففي الرهبة والخوف ردع عن التفكير بالعدوان،وإبقاء لحالات التوازن واستبعاد للحروب،وبذا يكون الإسلام الرائد في التمييز ما بين الصراع من طرف والقتال والحرب من طرف آخر - نظرية الصراع والحرب - لقد أصبح من المعروف أن المصالح المتناقضة تقود إلى صراعات دائمة تأخذ أشكال عدة سياسية،اقتصادية،ثقافية،وإعلامية،ويبقى الصراع في حالة ثبات إلى حين اختلال يصيب أشكاله فيتحول فوراً إلى القتال والحرب، والرباط عند الثغور فهو وإن كان يروع المعتدين ويخيفهم , لكنه يقاومهم ويتصدى لهم عند بدء حربهم،ولذلك فالرسول حض على الجهاد ضد الأعداء لأنهم المسببين والمحركين للنكبات والآلام فقال:"من مات دون أرضه فهو شهيد،ومن مات دون دينه فهو شهيد،ومن مات دون عرضه فهو شهيد", وذروة وقمة الإنسانية تظهر جلية نيرة حتى بعد بدء الحرب واشتعال أوارها في قوله تعالى لرسوله " وان جنحوا للسلم فاجنح له وتوكل على الله انه هو السميع العليم " الأنفال 61 وقوله " وان اعتزلوكم فلم يَقتلونكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا " النساء 90
وخلاصة علمية لا تقبل النقد ولا التحريف بأن الصراع الأممي حالة دائمة،وبالضرورة والاستنتاج فالصراع المستمر الأبدي يحتاج إلى قوة متنامية في جميع المجالات تتماشى والظروف المحيطة المؤثرة ، وعن ذلك يقول الدكتور عبد العزيز صقر في كتابه(القوة في الفكر الاستراتيجي) مبيناً أهمية أن تؤكد الدولة فاعليتها ووزنها في المجال الدولي معتمدة على قدرتها في توظيف مصادر القوة المتاحة لديها في فرض إرادتها وتحقيق أهدافها ومصالحها القومية،والتأثير في إرادات الدول الأخرى ومصالحها وأهدافها"وبدقة أعمق يبين أن قوة الدولة تتحدد في عنصرين:
1- مصادر القوة وزيادتها.
2- عملية إدارة وتوظيف لهذه المصادر.
فالتفوق العلمي والعسكري فشل في فيتنام،وانهزمت الإدارة الأمريكية لأنها لم تحسن توظيف وإدارة القوة،شأنها في ذلك شأن الاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان وهزيمته وانسحاب قواته، إنما القوة باتت من الأهمية بمكان في مجمل العلاقات الدولية إن في حالة ردع العدوان أو في حالة صده ورد الغزاة،وانعكاسات القوة و طبيعة الإرادة المحركة لها تتوزع وتتشعب في المجال الاستراتيجي مؤثرة سلباً أو إيجابا ً، على الأوضاع الداخلية للبلد وعلى محيطه الإقليمي وحتى الدولي.
والقوة ليست هدفاً بذاتها ولكنها الوسيلة لتحقيق الأهداف،وجميع الدراسات تحدد هدف القوة في اتجاه واحد (هو تحقيق المصلحة القومية) والصراع المستمر الدائم المرافق دوماً للمصالح المتنامية والمتعاظمة يتجلى ويتبدى عبر الوسائل الدبلوماسية ، ومن خلال استغلال الجوانب الاقتصادية والمالية،واللعب بالتركيب الاجتماعي،وللإعلام دور هام في خلق ونصب المتاهات والدهاليز الطويلة المضيعة والمضللة للأفكار،والعلامة الفارقة والسمة المميزة للتاريخ العالمي الحديث تغليف النوايا الشريرة والمصالح المتمادية بأقنعة وأغطية لإخفاء السبب أو الأسباب الحقيقية في أزمنة الصراع والحروب , فمصطلح الحرب على الإرهاب لم يعد يعني لدى الشعوب المنكوب أهلها منه إلا السيطرة على النفط،وضرب الإسلام والقوى الإسلامية لتكوين الإمبراطورية الأمريكية،والخداع الشعاراتي قديم قدم النظام الرأسمالي ففرنسا استخدمت شعارات الثورة الفرنسية لمزيد من السيطرة على بلدان وشعوب العالم واستعمارها لهم،وبدايات الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن الهدف منها إطلاقاً الجانب الإنساني أو الأخلاقي لكنه من أجل تحقيق مصالح الدول المنتصرة،ويتمثل ذلك في إلزامية قرارات مجلس الأمن وفي تكوينه من أعضاء دائمين وهم المنتصرون و لهم حق النقض بينما لا ينسحب هذا الحق على الأعضاء غير الدائمين،أما الأمم المتحدة بمجموع دول العالم فيها فقراراتها غير ملزمة وتأخذ طابع الحض على التنفيذ،ومؤخراً باتت حتى القرارات الملزمة تغيبها بعض الدول"المدعومة"في زوايا العدم ولا تلتزم بها أو تكترث لها.

وهكذا فضرورات القوة أصبحت واجبة على كل أمة أرادت بناء ذاتها وحماية وجودها من خلال:
1- القدرة على إنتاج القوة وزيادتها.
2- القدرة على استخدام القوة وتطوير أساليبها بما يواكب المتغيرات السياسية على جميع الأصعدة.
ولمزيد من التوسع في البحث فمصادر القوة أصبحت متعددة الفروع لكنها مترابطة ومتداخلة ولا يمكن فصل بعضها عن الآخر فجميعها أساسية ومتكاملة وهي المصادر الأولية وتمثل الجذور للمصادر والنتائج الأخرى وتتركز في:
1- الإقليم...الموارد....السكان: وللإقليم والموقع الجغرافي أهمية كبرى رغم تدني هذه القيمة مؤخرا بفعل التقنيات الحديثة،ووسائل المواصلات والاتصالات وتطور نوعيات الأسلحة، لكن ما زال موقع الصومال الاستراتيجي في القرن الإفريقي يشكل العنصر الأهم للقوى المتصارعة على أرضه ، وتبقى أيضاً لسعة مساحة الإقليم أهمية فمساحات روسيا الاتحادية والصين تشكل حالياً أحد رموز القوة،والموارد والثروات الطبيعية تعتبر الرافد الأساسي لعمليات البناء وفرز التحديات...النفط....اليورانيوم.....المعادن.....الثروات الإنتاجية الزراعية , والصناعات المتطورة جميعها ينابيع خير للشعوب التي تحسن إدارتها و استغلالها،أما عامل السكان فزيادة أعدادهم عامل إيجابي عند الاستفادة من قدراتهم وتوظيفها التوظيف الأمثل خاصة في المشاريع التنموية،بل وأكثر ولتحقيق هذه الغاية لابد لهم من حريات كاملة يتمتعون بها تتيح لهم كل فرص الإبداع والإنتاج في إطار المجتمع المدني المنظم،والشعوب الواعية و الراغبة في الحياة الكريمة ترفع شعاراً واحداً هو العمل والحرية فبناة الأوطان سواعد خالقة ومعمرة وأفكار جلية صائبة.
2- الاقتصاد الوطني والعمل على إغناء فروعه وتطويرها في شتى المجالات لتلبية الاحتياجات الداخلية،ولتصدير فوائض الإنتاج زيادة في المنعة المالية وقدراتها،واليابان والصين والنمور الآسيوية نماذج مرشدة للإرادات الوطنية الواعدة الموعودة،ومما يجدر ذكره فالتطور التقني والمعرفي أصبح من مستلزمات الإنتاج،وتشجيع الجامعات على إجراء الدراسات وكذلك مراكز الأبحاث،وكل ما يسهم في هذه العملية الإبداعية قمة من قمم العمل الوطني.
3- القوات المسلحة:والاهتمام بها تدريباً وتسليحاً،وتطوير عمليات تصنيع الأسلحة،والإقلال من الاعتماد على استيرادها المشروط غالباً بشروط سياسية يؤمن العنصر اللازم والضروري لاستقلال القرارات وبعدها عن التأثرات الخارجية.
4- التراث والمعتقد والدين،ويكاد أن يكون هذا البند في طليعة البنود وأهمها فالتمسك بها جميعها والحفاظ عليها هو بمثابة الحفاظ على الروح في الجسد ، فالوطني أضمومة إيمانية دينية قيمية وأخلاقية وتاريخية،وبكل إرث مخزون من تراثه،والروح تكبر وتزداد قوة من خلال منعة وعظمة هذا المخزون لذا فلا غرابة أن يشن الأعداء حرباً قاسية لتعديل المناهج وتعديل البرامج ، وتشويه القيم عبر أجهزة الإعلام في محاولة لسلب الأمم ماضيها،يقابل ذلك جنود يحبون الله والوطن والشهادة أكثر بكثير من حبهم للحياة وشتان بين صاحب العقيدة والقيم والأخلاق وبين المعتدي الذي تخلى عن أدنى أولياتها.
5- الجانب السياسي: فأعمدته وأركانه تتركز في وحدة وطنية وقيادة واعية للنظام،عين الجماهير عليها....ناقدة لأخطائها, ومؤيدة لإبداعاتها وحاضنة لها، والقدرات السياسية الدبلوماسية تلعب أدواراً هامة في منع الحروب وتجنبها، وفي تخفيف آثارها عند وقوعها وحصاد نتائجها عند نهايتها، و من ثم إبرام الاتفاقيات والمعاهدات. وفي الواقع العربي فالوحدة الوطنية تتخطى القطرية لتشمل الأرض العربية على سعتها وتعدد ثرواتها وإمكاناتها

تلك البنود والرموز والعمل على زيادة حصائلها تشكل المقياس الوطني الوحيد الأوحد لأنها ينابيع قوة أمة ومصادر عزة شعب،ومن الطبيعي والمنطقي أن علاقة جدلية طردية تنشأ عندما تتبنى أمة هذه النظرية وتعتمد المناهج المؤدية الى تنامي مكوناتها , ومن الطبيعي والحتمي أن تقابلها وتعاكسها إرادات الأعداء متزايدة معها في النسبة في محاولات الحد منها وإضعافها،لكن تحقيق التقدم الوطني الواعي الأصيل يعدل المعادلة لتصبح جدلية عكسية فعند ازدياد القوة الوطنية ووصولها إلى مرحلة تفرض فيها على الخصوم حالة تفوّق على التوازن أو تصاعد كمي ومعنوي تحسب تأثيراته فتستكين نوازع التآمر والشر لدى الأعداء ولو لفترة محددة.إنها قاعدة من قواعد منطق الحياة أساسية نبهنا إليها القرآن الكريم بإخافة الخصوم والرباط في الثغور لصد وردع الأعداء .
وعن البند الثالث في العنوان وهو الأمة العربية ، ففي هذه الظروف القاسية التي تمر بنا فنحن أحوج ما نكون إلى دفع المزيد من عوامل القوة في استراتيجية موحدة لها تؤثر وتتأثر بكل بنودها وعناصرها، لكن ما يظهر أمامنا في هذه الأيام التعيسة انعدام الاستراتيجية الواحدة،بل تكاد التيارات القطرية المدمرة تطغى على بعض الأقطار العربية فالحديث عن أهمية الوحدة رقعة ومساحة وتكاملا ًاقتصادياً وعسكرياً،وتواصلا ًثقافياً بات لدى البعض موضع مناقشة وأخذ وردّ،والحريات والمساهمات الجماعية في إطار التحديات للقوى المعادية الكثيرة تمنع ويحد منها عبر الحد من الحريات ومنع تشكيل التنظيمات السياسية ، وبالتالي فالظواهر المرضية شبه القاتلة راحت تنتشر وتتوسع كالفساد وطغيان الجشع المادي على العوامل الروحية ، والتفتت على التوحد الوطني،ومحاولات يائسة عبر أجهزة الإعلام الرسمية وشبه الرسمية على تهديم الثوابت الأخلاقية ومحاربة الثقافة، وذروة الضلال والتيه في إيغال البعض في الغيّ ونسيان الوطن فعند شراء الأسلحة للدفاع من مصادر " محددة " ورغم العمولات الفاحشة المضافة على أسعارها إلا أن ما يميزها أنها أسلحة محظور استعمالها وهي للتخزين فقط ومن ثم للتبديل وشراء الأحدث .

إنه واقع مؤلم والحديث عن سلبياته لا حدود له، إنما الأمل كل الأمل يتركز في هذا الشعب العظيم وفي تراثه الديني والأخلاقي... هي روحه التي تفيض خيراً،وما دامت الروح تعيش وهي من أمر ربنا خالدة باقية فهذه الأمة خالدة خلود روحها،والتحديات راحت تزيد من مجاميع تصدياتها ، فازدادت الأمة مقاومة وتمسكاً بالمعتقد الديني والإيمان المتزايد بالله،وفي البحث عن منافذ لاختراق السدود وحوائط العزلة التي تبنى من قبل الأعداد ومن لف لفهم وصيحات الغضب،وبدايات العمل راحت تتبدى فوق أرض العروبة يشدها إيمان كبير،وعقد شمولي انكب على عمل منظم يوصل إلى بناء استراتيجية عربية واحدة موحدة تعيد العزة وتحمي الوطن. تَذكرنا وتعيد الى الذاكرة أن قوة الإيمان تأتي في الطليعة،والمقاومة في لبنان على قلة عدد رموزها قياسا بعدد قوات العدو وإمكاناته حققت بعملها المنظم وبناء قوتها الذاتية النصر الأول على أعداء الأمة، وتتكرر لوحات المجد والخلود في العراق وفلسطين والصومال صور متشابهة تعكس نضارة الإيمان وحلاوة العمل والجهاد.
إنه النسك في عبادة الله , والطهر في محبة الأهل , ونعم الطاهر العابد الناسك , والفوز والنصر له ولأصحابه المناضلين المجاهدين .

إنهم المرابطون عند كل الثغور.


محمد علي الحلبي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف