التاريخ كما يكتبه العامة
تحقيقات سيوسيولوجية
كامل الدلفي
السلوك اليومي جزء من منظومة العلاقات الاجتماعية في مجتمع ما، وان عملية تكراره في الظاهرة تمنحه خاصية الثبات ، وان الظروف التي احكمت ظهوره سواء كانت ظروف اقتصادية اونفسية او انثربولوجية او سياسية فان مستوى معين من هذه الظروف تعمل على تخفيف استخدامات هذا السلوك او تلاشيه واضمحلاله ويؤدي هذا الصراع الى ظهور سلوك اخر مغاير اومقارب اومقاطع للقيم التي كان قد اتصف بها المضمحل.
ومجتمعنا العراقي تنطبق عليه مجريات هذه السيرورة كباقي مجتمعات الارض .
ان ذاكرة المجتمع العراقي تعج بالمزيد من اشكال الظواهر القائمة حاليا والمغادرة لساحة المعاينة وقسم منها اخذ يركن تدريجيا حسب الاهمية وطغيان الظاهرة البديلة وان قسم اخذ يولد ويشق طريقه رغم الممانعة الجمعية للعقل العام، لكنه يفرض وجوده بغض النظر عن القيمة الداخلية له ومدى ارتباطه بالمعادل الاخلاقي سلبا او ايجابا.
نتطرق في تحقيقنا الى بعض اوجه الممارسات التي بدأت تنتج في المعاملة اليومية للمواطن العراقي والتي تشير الى تبدلات سلوكية واضحة ومغايرة للمألوف في هذه الشريحة او تلك ، فقد اختفت سلوكيات وظهرت اخرى بحكم ظروف وعوامل كثيرة تمر بها البلاد.
شريحة النقل
كان اصحاب سيارات النقل الاهلي يشغلون مساعد سائق(سكن) لجباية الاجرةواختفى تدريجيا دور هذه الوظيفة التي عرفت في الباصات الكبيرة والOMوال 18 راكب وغيرها اما استخدام الميني باص الكيا فاصبح لايساعد على ذلك، لكن سواق الكيا قد اعتادوا سلوكا محرجا للركاب وخاصة في النقل الداخلي فما ان تجمع الاجرة من قبل الركاب وتسلم الى السائق حتى ينظر في المرآة ويقول (بعد واحد) فيرتبك الركاب ويشك كل واحد بصاحبه وبعد رد وبدل واعادة حساب الاجرة من جديد يتبين ان الاجرة غير منقوصة ، فيسكت السائق وتبقى همهمة الركاب بالتعليق على هذا السلوك اليومي المشين، غالبا مايهدد السائق في الرجوع الى نقطة البداية، هذا سلوك جديد اخذ يشق طريقه في التعامل الانساني بين العراقيين.
التدريس الخصوصي
ظهر التدريس الخصوصي كظاهرة جديدة في المجتمع العراقي اثر التدهور الذي حدث في العملية التعليمية منذ عهد البعث وقد اسدر المعلم العراقي خلالها في غيه دون رادع رغم بعض الضوابط غير الكابحة التي تضعها وزارة التربية، وقد قوى سلطان هذه الظاهرة حتى استجابت لها العائلة العراقية كامر واقع فالعائلة العراقية ذات الطالب اوأكثر من المستوى الثانوي عليها ان تحسب كلفة التدريس الخصوصي ضمن ميزانيتها، ووصلت الحالة الى التباهي والتنابز والتظاهر عند بعض العوائل العراقية في درجة الاستجابة للدروس الخصوصية، السيدة ام احمد من سكنة حي البنوك في بغداد تتفاخر وتتباهى في كل مجلس بانها دفعت عشرة ملايين دينار خلال اربعة سنوات لتضمن تخرج ابنائها الثلاثة من المرحلة الثانوية.
اما السيدة ام محمد والسيدة ام مصطفى الجارتان في حي الاسكان في محافظة ميسان فقد وصل السباق التنافسي بينهما حدا غير معقول اثار جميع سكان المحلة، اذ تتسابق الجارتان في ايهما يضع لابنائه اعلى قدر من المدرسين الخصوصيين ، ان هذا السلوك غذته انماط تربوية طفيلية مريضةلاتمت الى السوية الطبيعية بشيء فضلا عن العوائل الفقيرة غير قادرة على العمل بذلك فاخذت تحس بشعور تقصيري تجاه ابنائها الطلبة. ان المدرس الخصوصي تاجر نزع عن وجدانه قيم التربية ليتحول الى سمسار نتائج امتحانية لاغيرونسى المكانة والمنزلة التي يتمتع بها المعلم في المجتمع العراقي واختفت من سلوكياته الدورات المركزة التي كان يعدها من جهده ووقته لابنائه الطلبة اضافة الى اختفاء ظاهرة الدرس الاضافي من الجدول اليومي ذلك الجهد النبيل الذي كان يبذله المدرس سابقا من اجل تذليل الصعوبات امام الطلبة ومن اجل انهاء المنهج والمادة المقررة.
وفي مجال التعليم برزت اساليب متطورة في الغش الامتحاني رغم انها قديمة الا انها الان في مستويات متطورة ولا تشكل احراجا اخلاقياوقد ابتدع الغشاشون ظاهرة المصغرات التي يدخلها الطالب معه الى الامتحان ويخرجها بالاتفاق مع مراقبي القاعة والمصغرلت الامتحانية هي تصغير الملازم الدراسية بواسطة اجهزة الاستنساخ للسهولة.
وظهرت انواع اخرى مثل الاتفاق بين المراقب والطالب على حل الاسئلة مقابل ثمن وتدخل ضمن هذا الاطار عملية شراء الشهادات الجامعية وهي شهادات تؤشر بالسجلات الرسمية مقابل اسعار عالية فالشهادة الثانوية بسعر 1200$ وشهادة المعهد مقابل 700$ والشهادة الجامعية بسعر 1000$ ويجري فحص التاشير في السجلات بواسطة كتاب يبثبت صحة الاصدار. اما شهادات مريدي فهي ارخص ثمنا لانها غالبا ماتكون غير مؤشرة في السجلات الرسمية.
مستمسكات ادعائية
ظاهرة ادعاءالانسان باشياء وصفات ليست من ضمن صفاته ويدعيها الا لكونها تدر له فائدة مالية معينة واهم تلك الظواهر:
1- حين اولت الحكومة العراقية جانب الاهمية الى شريحة السجناء السياسيين لما لحق بهم من ظلم واضطهاد وفتحت انسيابية بعض الحقوق امامهم سارع العديد ممن لم يكونوا سجناء اصلا او من سجناء الجنايات والجرائم الى تدبير نفس المستمسكات واندرجوا في قوائم السجناء السياسيين.
2- تقدم الكثير ممن لاتنطبق عليهم شروط الرعاية الاجتماعية الى التسجيل لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للحصول على الراتب المقرر فقد لاحظنا تسجيل عوائل مؤسرة باكملها في ذلك رغم انهم تجار درجة اولى ومستوردين للبضائع من الصين وتايلاند والامارات والى هذه اللحظة.
3- في محطة التعويضات عن الاضرار التي تلحق بالدور السكنية والمحلات جراء قصف المدن والاعمال العسكرية لاحظنا ادعاء جماعات واسعة بالتضرر وتحضير الوثائق المطلوبة مثل الصور والشهود وما شابهه.
ويمكن تعقب المزيد من السلوكيات الجديدة التي برزت الى العيان في المجتمع العراقي والتي حكمت في ظهورها عوامل متعددة اقتصادية وتربوية وثقافية وسياسية انها عملية خلق السلوك الملائم لمستجدات الحياة ان كان سلبا اوايجابا او بتعبيرنا التاريخ كما يكتبه العامة.
تحقيقات سيوسيولوجية
كامل الدلفي
السلوك اليومي جزء من منظومة العلاقات الاجتماعية في مجتمع ما، وان عملية تكراره في الظاهرة تمنحه خاصية الثبات ، وان الظروف التي احكمت ظهوره سواء كانت ظروف اقتصادية اونفسية او انثربولوجية او سياسية فان مستوى معين من هذه الظروف تعمل على تخفيف استخدامات هذا السلوك او تلاشيه واضمحلاله ويؤدي هذا الصراع الى ظهور سلوك اخر مغاير اومقارب اومقاطع للقيم التي كان قد اتصف بها المضمحل.
ومجتمعنا العراقي تنطبق عليه مجريات هذه السيرورة كباقي مجتمعات الارض .
ان ذاكرة المجتمع العراقي تعج بالمزيد من اشكال الظواهر القائمة حاليا والمغادرة لساحة المعاينة وقسم منها اخذ يركن تدريجيا حسب الاهمية وطغيان الظاهرة البديلة وان قسم اخذ يولد ويشق طريقه رغم الممانعة الجمعية للعقل العام، لكنه يفرض وجوده بغض النظر عن القيمة الداخلية له ومدى ارتباطه بالمعادل الاخلاقي سلبا او ايجابا.
نتطرق في تحقيقنا الى بعض اوجه الممارسات التي بدأت تنتج في المعاملة اليومية للمواطن العراقي والتي تشير الى تبدلات سلوكية واضحة ومغايرة للمألوف في هذه الشريحة او تلك ، فقد اختفت سلوكيات وظهرت اخرى بحكم ظروف وعوامل كثيرة تمر بها البلاد.
شريحة النقل
كان اصحاب سيارات النقل الاهلي يشغلون مساعد سائق(سكن) لجباية الاجرةواختفى تدريجيا دور هذه الوظيفة التي عرفت في الباصات الكبيرة والOMوال 18 راكب وغيرها اما استخدام الميني باص الكيا فاصبح لايساعد على ذلك، لكن سواق الكيا قد اعتادوا سلوكا محرجا للركاب وخاصة في النقل الداخلي فما ان تجمع الاجرة من قبل الركاب وتسلم الى السائق حتى ينظر في المرآة ويقول (بعد واحد) فيرتبك الركاب ويشك كل واحد بصاحبه وبعد رد وبدل واعادة حساب الاجرة من جديد يتبين ان الاجرة غير منقوصة ، فيسكت السائق وتبقى همهمة الركاب بالتعليق على هذا السلوك اليومي المشين، غالبا مايهدد السائق في الرجوع الى نقطة البداية، هذا سلوك جديد اخذ يشق طريقه في التعامل الانساني بين العراقيين.
التدريس الخصوصي
ظهر التدريس الخصوصي كظاهرة جديدة في المجتمع العراقي اثر التدهور الذي حدث في العملية التعليمية منذ عهد البعث وقد اسدر المعلم العراقي خلالها في غيه دون رادع رغم بعض الضوابط غير الكابحة التي تضعها وزارة التربية، وقد قوى سلطان هذه الظاهرة حتى استجابت لها العائلة العراقية كامر واقع فالعائلة العراقية ذات الطالب اوأكثر من المستوى الثانوي عليها ان تحسب كلفة التدريس الخصوصي ضمن ميزانيتها، ووصلت الحالة الى التباهي والتنابز والتظاهر عند بعض العوائل العراقية في درجة الاستجابة للدروس الخصوصية، السيدة ام احمد من سكنة حي البنوك في بغداد تتفاخر وتتباهى في كل مجلس بانها دفعت عشرة ملايين دينار خلال اربعة سنوات لتضمن تخرج ابنائها الثلاثة من المرحلة الثانوية.
اما السيدة ام محمد والسيدة ام مصطفى الجارتان في حي الاسكان في محافظة ميسان فقد وصل السباق التنافسي بينهما حدا غير معقول اثار جميع سكان المحلة، اذ تتسابق الجارتان في ايهما يضع لابنائه اعلى قدر من المدرسين الخصوصيين ، ان هذا السلوك غذته انماط تربوية طفيلية مريضةلاتمت الى السوية الطبيعية بشيء فضلا عن العوائل الفقيرة غير قادرة على العمل بذلك فاخذت تحس بشعور تقصيري تجاه ابنائها الطلبة. ان المدرس الخصوصي تاجر نزع عن وجدانه قيم التربية ليتحول الى سمسار نتائج امتحانية لاغيرونسى المكانة والمنزلة التي يتمتع بها المعلم في المجتمع العراقي واختفت من سلوكياته الدورات المركزة التي كان يعدها من جهده ووقته لابنائه الطلبة اضافة الى اختفاء ظاهرة الدرس الاضافي من الجدول اليومي ذلك الجهد النبيل الذي كان يبذله المدرس سابقا من اجل تذليل الصعوبات امام الطلبة ومن اجل انهاء المنهج والمادة المقررة.
وفي مجال التعليم برزت اساليب متطورة في الغش الامتحاني رغم انها قديمة الا انها الان في مستويات متطورة ولا تشكل احراجا اخلاقياوقد ابتدع الغشاشون ظاهرة المصغرات التي يدخلها الطالب معه الى الامتحان ويخرجها بالاتفاق مع مراقبي القاعة والمصغرلت الامتحانية هي تصغير الملازم الدراسية بواسطة اجهزة الاستنساخ للسهولة.
وظهرت انواع اخرى مثل الاتفاق بين المراقب والطالب على حل الاسئلة مقابل ثمن وتدخل ضمن هذا الاطار عملية شراء الشهادات الجامعية وهي شهادات تؤشر بالسجلات الرسمية مقابل اسعار عالية فالشهادة الثانوية بسعر 1200$ وشهادة المعهد مقابل 700$ والشهادة الجامعية بسعر 1000$ ويجري فحص التاشير في السجلات بواسطة كتاب يبثبت صحة الاصدار. اما شهادات مريدي فهي ارخص ثمنا لانها غالبا ماتكون غير مؤشرة في السجلات الرسمية.
مستمسكات ادعائية
ظاهرة ادعاءالانسان باشياء وصفات ليست من ضمن صفاته ويدعيها الا لكونها تدر له فائدة مالية معينة واهم تلك الظواهر:
1- حين اولت الحكومة العراقية جانب الاهمية الى شريحة السجناء السياسيين لما لحق بهم من ظلم واضطهاد وفتحت انسيابية بعض الحقوق امامهم سارع العديد ممن لم يكونوا سجناء اصلا او من سجناء الجنايات والجرائم الى تدبير نفس المستمسكات واندرجوا في قوائم السجناء السياسيين.
2- تقدم الكثير ممن لاتنطبق عليهم شروط الرعاية الاجتماعية الى التسجيل لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للحصول على الراتب المقرر فقد لاحظنا تسجيل عوائل مؤسرة باكملها في ذلك رغم انهم تجار درجة اولى ومستوردين للبضائع من الصين وتايلاند والامارات والى هذه اللحظة.
3- في محطة التعويضات عن الاضرار التي تلحق بالدور السكنية والمحلات جراء قصف المدن والاعمال العسكرية لاحظنا ادعاء جماعات واسعة بالتضرر وتحضير الوثائق المطلوبة مثل الصور والشهود وما شابهه.
ويمكن تعقب المزيد من السلوكيات الجديدة التي برزت الى العيان في المجتمع العراقي والتي حكمت في ظهورها عوامل متعددة اقتصادية وتربوية وثقافية وسياسية انها عملية خلق السلوك الملائم لمستجدات الحياة ان كان سلبا اوايجابا او بتعبيرنا التاريخ كما يكتبه العامة.
