التهدئة والمكسب الوحيد فلسطينيا
ليس من باب الشماتة السياسية أخط هذا المقال وليس أيضا من باب التجني على أو حتى ظلم الآخرين الذين وقعوا إتفاق التهدئة الأخيرة وإنما هو الواقع الذي دفعني لكتابة هذا المقال ذلك الواقع المرير الذي إستمر على ما كان عليه قبل توقيع إتفاق التهدئة ، فمع دخول التهدئة يومها العاشر إن لم تخونن الذاكرة ومع الدعوات والصيحات المتعالية ممن وقعها بضرورة إستمرارها والحفاظ عليها إلا أن المؤشرات ما زالت سلبية حتى الآن فالمعابر التجارية ما زالت مغلقة ، والبضائع الأساسية مفقودة من السوق ، ورائحة السيرج تنبعث في الشوارع فشوارع غزة اليوم بطعم الفلافل المقلية ، ناهيك عن المحروقات والتي لم يسمح بدخولها إلا جزئيا ، والمرضى اللذين لا حول لهم ولا قوة ما زالوا يتساقطون شهداء لنقص العلاج ، بإختصار الحصار ما زال مضروب على غزة من كافة الجوانب برا وبحرا وجوا ومعاناة المواطن هي سيدة الموقف والتهدئة مجانا منا للإسرائيليين والسؤال هنا لمن وقع الإتفاق ألمصلحة من هذه التهدئة ؟ يمكنني القول هنا بأن التهدئة التي تم توقيعها بإسم كسر معاناة المواطن الفلسطيني في غزة وبإسم المصلحة الوطنية الفلسطينية فها هي المعاناة مستمرة والحال على ما هو عليه فمن وجهة نظري أن المكسب هنا لا يعود على الفلسطينيين بالكثير إنما يعود على الاسرائيليين وحدهم في الغالب ولنضرب مثلا الصواريخ المحلية التي كانت مقدسة عند الملثمين بالأمس نجدها توقفت عن دك المستوطنات الاسرائيلية وها هم اليوم ينامون في راحة من أمرهم فالكابوس الوهمي قد توقف وإنتهى دونما ثمن هذا من جانب ، ومن جانب آخر ماذا يعني أن إتفاق التهدئة لا يشمل الضفة الغربية وإنما يقصر أثره على غزة وحدها من هنا نجد أن إسرائيل قد نجحت في تعزيز مسألة فصل الأراضى الفلسطينية فالضفة الغربية اليوم إقليم مستقل حكومة وشعبا وغزة إقليم آخر فلو سلمنا بأن التهدئة لا تشمل الضفة الغربية فهذا له معنى ودلالة مفادها أن إسرائيل ستكثف من أعمال الاستيطان ، وستنفرد بأهل الضفة الغربية حيث أعمال الإعتقال والإغتيال والمداهمة ، وحرق وإقتلاع الأشجار أشجار الزيتون المباركة وغيرها ، وفي المقابل ما النتيجة ؟ النتيجة هنا أن ينفذ صبر الملثمين وستأخذ الحمية رجالات المقاومة في غزة اللذين بدورهم سيقومون بالرد على ممارسات الإحتلال في الضفة مستخدمين ـ ألعاب الأطفال ـ الصواريخ المحلية الصنع والتي نجحت إسرائيل في تصويرها للرأي العام العالمي على أنها أشد خطورة وفتكا من الصواريخ البالستية وصواريخ التوماهوك تهدد حياة الأبرياء الاسرائيليين وهذا ما حدث بالفعل بعد إغتيال أحد قادة سرايا القدس ومرافقه بالضفة وقيام السرايا بالرد الصاروخي من غزة وما تبعها من تشديد إغلاق المعابر من جديد وإستمرار حالة المعاناة المستمرة أصلا على المواطنين والقيام بأعمال عسكرية وفي المقابل ستظهر إسرائيل بمظهر الملتزم أمام العالم وستضع العيب في الضحية الفلسطينية كما كل مرة ، ومن ناحية أخرى نجد بأن اتفاق التهدئة هو إتفاق فقير كون أنه غير مرتبط بتحقيق نتائج سياسية فهو مرتبط بكمية وقود ، وكمية دواء ، وبعض الحاجيات ، وإتخد شعار تهدئة مقابل سلع وخدمات ووقود ، ولم يتخذ شعار تهدئة مقابل قدس ، وقف إستيطان ، وقضايا أخرى كثيرة ومعقدة .
وفي النهاية يمكن القول بأنه رغم كل هذة السلبيات والمثالب والمآخذ على إتفاق التهدئة المجاني إلا أنني أجد من بين هذه المثالب مكسب واحد وحيد يتمثل في أن من كان يرفض التهدئة ويعمل على إفشالها حينما كانت تبرمها الحكومات السابقة ـ بقيادة فتح ـ هو من صار يطلبها ونجده يلعب نفس الدور الذي لعبه من قبلهم ، وكأنهم أدركوا متأخرا بأن المصلحة العليا للمواطنيين هي من كانت تدفع الحكومات السابقة لتوقيع أي تهدئة ولعل توقيع التهدئة الأخيرة بداية لتطور الرؤية السياسية لحماس وبداية للإنفتاح السياسي على العالم وعلى الآخر ولعلها البداية لتغيير النهج والسلوك المنغلق وبداية للشعور بالمسئولية ولعلها بداية للتقارب في وجهات النظر ما بين حماس والرئاسة الفلسطينية بهذا الخصوص ... فقط يمكنني القول هنا بأن هذا ما أراه مكسبا للفلسطينيين .
بقلم /
رامي معين محسن
29/6/2008م
ليس من باب الشماتة السياسية أخط هذا المقال وليس أيضا من باب التجني على أو حتى ظلم الآخرين الذين وقعوا إتفاق التهدئة الأخيرة وإنما هو الواقع الذي دفعني لكتابة هذا المقال ذلك الواقع المرير الذي إستمر على ما كان عليه قبل توقيع إتفاق التهدئة ، فمع دخول التهدئة يومها العاشر إن لم تخونن الذاكرة ومع الدعوات والصيحات المتعالية ممن وقعها بضرورة إستمرارها والحفاظ عليها إلا أن المؤشرات ما زالت سلبية حتى الآن فالمعابر التجارية ما زالت مغلقة ، والبضائع الأساسية مفقودة من السوق ، ورائحة السيرج تنبعث في الشوارع فشوارع غزة اليوم بطعم الفلافل المقلية ، ناهيك عن المحروقات والتي لم يسمح بدخولها إلا جزئيا ، والمرضى اللذين لا حول لهم ولا قوة ما زالوا يتساقطون شهداء لنقص العلاج ، بإختصار الحصار ما زال مضروب على غزة من كافة الجوانب برا وبحرا وجوا ومعاناة المواطن هي سيدة الموقف والتهدئة مجانا منا للإسرائيليين والسؤال هنا لمن وقع الإتفاق ألمصلحة من هذه التهدئة ؟ يمكنني القول هنا بأن التهدئة التي تم توقيعها بإسم كسر معاناة المواطن الفلسطيني في غزة وبإسم المصلحة الوطنية الفلسطينية فها هي المعاناة مستمرة والحال على ما هو عليه فمن وجهة نظري أن المكسب هنا لا يعود على الفلسطينيين بالكثير إنما يعود على الاسرائيليين وحدهم في الغالب ولنضرب مثلا الصواريخ المحلية التي كانت مقدسة عند الملثمين بالأمس نجدها توقفت عن دك المستوطنات الاسرائيلية وها هم اليوم ينامون في راحة من أمرهم فالكابوس الوهمي قد توقف وإنتهى دونما ثمن هذا من جانب ، ومن جانب آخر ماذا يعني أن إتفاق التهدئة لا يشمل الضفة الغربية وإنما يقصر أثره على غزة وحدها من هنا نجد أن إسرائيل قد نجحت في تعزيز مسألة فصل الأراضى الفلسطينية فالضفة الغربية اليوم إقليم مستقل حكومة وشعبا وغزة إقليم آخر فلو سلمنا بأن التهدئة لا تشمل الضفة الغربية فهذا له معنى ودلالة مفادها أن إسرائيل ستكثف من أعمال الاستيطان ، وستنفرد بأهل الضفة الغربية حيث أعمال الإعتقال والإغتيال والمداهمة ، وحرق وإقتلاع الأشجار أشجار الزيتون المباركة وغيرها ، وفي المقابل ما النتيجة ؟ النتيجة هنا أن ينفذ صبر الملثمين وستأخذ الحمية رجالات المقاومة في غزة اللذين بدورهم سيقومون بالرد على ممارسات الإحتلال في الضفة مستخدمين ـ ألعاب الأطفال ـ الصواريخ المحلية الصنع والتي نجحت إسرائيل في تصويرها للرأي العام العالمي على أنها أشد خطورة وفتكا من الصواريخ البالستية وصواريخ التوماهوك تهدد حياة الأبرياء الاسرائيليين وهذا ما حدث بالفعل بعد إغتيال أحد قادة سرايا القدس ومرافقه بالضفة وقيام السرايا بالرد الصاروخي من غزة وما تبعها من تشديد إغلاق المعابر من جديد وإستمرار حالة المعاناة المستمرة أصلا على المواطنين والقيام بأعمال عسكرية وفي المقابل ستظهر إسرائيل بمظهر الملتزم أمام العالم وستضع العيب في الضحية الفلسطينية كما كل مرة ، ومن ناحية أخرى نجد بأن اتفاق التهدئة هو إتفاق فقير كون أنه غير مرتبط بتحقيق نتائج سياسية فهو مرتبط بكمية وقود ، وكمية دواء ، وبعض الحاجيات ، وإتخد شعار تهدئة مقابل سلع وخدمات ووقود ، ولم يتخذ شعار تهدئة مقابل قدس ، وقف إستيطان ، وقضايا أخرى كثيرة ومعقدة .
وفي النهاية يمكن القول بأنه رغم كل هذة السلبيات والمثالب والمآخذ على إتفاق التهدئة المجاني إلا أنني أجد من بين هذه المثالب مكسب واحد وحيد يتمثل في أن من كان يرفض التهدئة ويعمل على إفشالها حينما كانت تبرمها الحكومات السابقة ـ بقيادة فتح ـ هو من صار يطلبها ونجده يلعب نفس الدور الذي لعبه من قبلهم ، وكأنهم أدركوا متأخرا بأن المصلحة العليا للمواطنيين هي من كانت تدفع الحكومات السابقة لتوقيع أي تهدئة ولعل توقيع التهدئة الأخيرة بداية لتطور الرؤية السياسية لحماس وبداية للإنفتاح السياسي على العالم وعلى الآخر ولعلها البداية لتغيير النهج والسلوك المنغلق وبداية للشعور بالمسئولية ولعلها بداية للتقارب في وجهات النظر ما بين حماس والرئاسة الفلسطينية بهذا الخصوص ... فقط يمكنني القول هنا بأن هذا ما أراه مكسبا للفلسطينيين .
بقلم /
رامي معين محسن
29/6/2008م