
فلسطين للفلسطينيين يا مكين...
د. هاني العقاد
يبدو أن القضية الفلسطينية أثقلت كاهل المرشحين الأمريكيين للرئاسة الأمريكية مبكرا وقبل الفوز أو حتى قبل إجراء الانتخابات المتوقعة أخر هذا العام 2008 و بالتالي معرفة الرئيس الأمريكي الجديد , ولعل تنافس كل من الجمهوريين و الديمقراطيين لتناول القضية الفلسطينية أصبح عنصر جذب للناخب الأمريكي و بالذات من أصل يهودي على الأقل , فكل من المرشح الجمهوري و الديمقراطي بدا يعلن عن رؤيا ما لسياسته فيما يخص المنطقة وقد خرج علينا مكين المرشح الجمهوري باقتراحه السياسي لإنهاء قضية فلسطين و تحقيق حق العودة للفلسطينيين بأن يجعل الأردن وطن وحيد للفلسطينيين وبالتالي لكافة اللاجئين الحق بالعودة إلى هناك و هذا ما أكده روبرت كاغان مستشار مكين حيث قال أن المرشح الجمهوري "يريد حل قضية الفلسطينيين في الأردن كي تأخذ السياسة الأمريكية منحي مباشر للتعامل مع القضية بشكل يريح المنطقة ودولها للتفرغ بمعاونة الأمريكيين لنشر الديمقراطية و محاربة إرهاب الإسلام الفاشي". لم يدرك هذا المرشح ولا مستشاره أهمية هذا التصريح مهما كانت يمينيته وتطرفه و معاداته للقضايا العربية في الوقت الحالي ولم يدرك أهمية النظر إلى التطرق لمشاكل منطقة الشرق الأوسط بنوع من الحيادية و الحزر في الوقت الذي أصيبت فيه مسيرة السلام بتعثر حقيقي بالكاد أدي إلى دخولها في غيبوبة وان كان هذا له سبب فسببه تعامل الإدارة الأمريكية الحالية بالانحياز للإسرائيليين بالكامل و عدم استخدامها عوامل الضغط المتاحة لديها لإنهاء الصراع الطويل قياسا باستخدامه في معظم قضايا العالم . لم يعطي هذا المرشح تبريرات لهذا الاقتراح إلا أن البعض يفهمه حتى اللحظة انه نوع من أنواع الدعاية للانتخابات مع أن الدعاية الرسمية لم تبدأ بالفعل , أما إذا كان هذا التصريح جزء من برنامجه السياسي و الموقف الرسمي فيما بعد الانتخابات فإنها الكارثة في حد ذاتها و الذي يتوجب معه ردة فعل معاكسه تصل إلى حد شن حرب إعلامية واسعة منذ الآن لإسقاط هذا الرجل من الفوز بالرئاسة وهذا ليس بعيد المنال بل يمكن استخدام هذا التصريح بشكل إعلامي جيد يسبب وجع للمرشح ذاته دون صب الماء في الناحية الأخرى من النهر أي لاوباما , وحتى لا يفسر حديثي هذا بالانحياز لاوباما فاننى استغرب أيضا ما أعلنه اوباما نفسه بأنه سوف يزور إسرائيل قبل الانتخابات ذاتها مع أن هذا يعنى لنا كمراقبين أن هذا الرجل يسعي لجلب و كسب الناخبين اليهود الأمريكيين لصفة . إن كان هذا احد المشاريع الأمريكية الصهيونية المشتركة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن فهذا مشروع فقط خيالي لان مكين لا يعرف بالضبط كم هم الفلسطينيين أقوياء ولا يعرف أن الأرض الفلسطينية هي في فلسطين وكم هي ملتصقة بالفلسطينيين وليس هم فقط ولا يمكن لأي قوة على الأرض في الوقت الحالي ولا حتى المستقبلي نزع الفلسطينيين من أرضهم لا أمواتا ولا أحياء , ولا يعرف كم هم الأردنيين متمسكين بفلسطين و الأردن على السواء ولديهم القدرة للدفاع عن أرضهم بما أتيحت لهم من و سائل و أساليب. إن هذا التصريح لم يغير من ثقتنا بأمريكا بلاد الحرية شيء لأننا على يقين أن الإدارة الأمريكية لن تكون يوما من الأيام مع الفلسطينيين ولا حتى تقف موقف نزيه لتعطي أملا لمن سحقتهم الحرب وسرق الغير أرضهم بالقوة أن يعيشوا في سلام ولو لمرة واحدة . إن حملة التصريحات الغريبة التي أطلقت في حملة المرشح مكين تدل دلالة قاطعة بجهل الأمريكان بحقيقة الصراع في المنطقة و التعامل معه كصراع غير تاريخي وليس له جذور و صراع يمكن أن يتعامل مع الشعبين الأردني و الفلسطيني كمهاجرين مقيمين على الأرض الأمريكية يحق لأي إدارة أمريكية أو حتى أي قوة دولية كانت أو إقليمية أن ترحلهم إلى أي مكان ترغب فيه حسب الأهواء السياسية. إن خطاب السلام الغائب في الحملة الرئاسية الأمريكية حتى الآن يعني الكثير, فلم يستغل احد من المرشحين حالة الاقتراب من السلام السائدة بالمنطقة ليؤكد على أن أمريكا ستبقي على الدور القائم بنشر السلام العادل و الحقيقي بين الفلسطينيين و الإسرائيليين , أما حالة عدم التوازن في التوجهات الأمريكية الرسمية ستزيد حالة العداء بين العرب و الأمريكان بالشكل الذي سيقود في النهاية تضرر واضح لمصالح أمريكا مع العرب وهي بالتأكيد مصالح لا يمكن الاستغناء عنها . إن كانت المعركة الانتخابية كشفت حتى الآن عن أساليب مخيفة بين التكتلين الأمريكيين لاستخدام القضية بهدف سياسي فان الدور العربي الآن أصبح مطلوبا على الأقل على المسار الشعبي و الإعلامي للوقوف بوجه هذه التصريحات , لان للشعوب طرقها في التعامل مع قضايا بعضها البعض بعيدا عن المصالح الخاصة للزعماء السياسيين هذا بالإضافة إلى أن الشعب الأمريكي له قدرة جيدة على التميز بين من سيصنع مستقبل أمريكا الحرة ويحفظ أبنائها و أرضها بعيدا عن التوترات و العداءات الدولية ومن سيدخل أمريكا في ظلمة جديدة تأتي معها بمشكلات سياسية و اقتصادية جديدة تباعد بين الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى .
[email protected]
د. هاني العقاد
يبدو أن القضية الفلسطينية أثقلت كاهل المرشحين الأمريكيين للرئاسة الأمريكية مبكرا وقبل الفوز أو حتى قبل إجراء الانتخابات المتوقعة أخر هذا العام 2008 و بالتالي معرفة الرئيس الأمريكي الجديد , ولعل تنافس كل من الجمهوريين و الديمقراطيين لتناول القضية الفلسطينية أصبح عنصر جذب للناخب الأمريكي و بالذات من أصل يهودي على الأقل , فكل من المرشح الجمهوري و الديمقراطي بدا يعلن عن رؤيا ما لسياسته فيما يخص المنطقة وقد خرج علينا مكين المرشح الجمهوري باقتراحه السياسي لإنهاء قضية فلسطين و تحقيق حق العودة للفلسطينيين بأن يجعل الأردن وطن وحيد للفلسطينيين وبالتالي لكافة اللاجئين الحق بالعودة إلى هناك و هذا ما أكده روبرت كاغان مستشار مكين حيث قال أن المرشح الجمهوري "يريد حل قضية الفلسطينيين في الأردن كي تأخذ السياسة الأمريكية منحي مباشر للتعامل مع القضية بشكل يريح المنطقة ودولها للتفرغ بمعاونة الأمريكيين لنشر الديمقراطية و محاربة إرهاب الإسلام الفاشي". لم يدرك هذا المرشح ولا مستشاره أهمية هذا التصريح مهما كانت يمينيته وتطرفه و معاداته للقضايا العربية في الوقت الحالي ولم يدرك أهمية النظر إلى التطرق لمشاكل منطقة الشرق الأوسط بنوع من الحيادية و الحزر في الوقت الذي أصيبت فيه مسيرة السلام بتعثر حقيقي بالكاد أدي إلى دخولها في غيبوبة وان كان هذا له سبب فسببه تعامل الإدارة الأمريكية الحالية بالانحياز للإسرائيليين بالكامل و عدم استخدامها عوامل الضغط المتاحة لديها لإنهاء الصراع الطويل قياسا باستخدامه في معظم قضايا العالم . لم يعطي هذا المرشح تبريرات لهذا الاقتراح إلا أن البعض يفهمه حتى اللحظة انه نوع من أنواع الدعاية للانتخابات مع أن الدعاية الرسمية لم تبدأ بالفعل , أما إذا كان هذا التصريح جزء من برنامجه السياسي و الموقف الرسمي فيما بعد الانتخابات فإنها الكارثة في حد ذاتها و الذي يتوجب معه ردة فعل معاكسه تصل إلى حد شن حرب إعلامية واسعة منذ الآن لإسقاط هذا الرجل من الفوز بالرئاسة وهذا ليس بعيد المنال بل يمكن استخدام هذا التصريح بشكل إعلامي جيد يسبب وجع للمرشح ذاته دون صب الماء في الناحية الأخرى من النهر أي لاوباما , وحتى لا يفسر حديثي هذا بالانحياز لاوباما فاننى استغرب أيضا ما أعلنه اوباما نفسه بأنه سوف يزور إسرائيل قبل الانتخابات ذاتها مع أن هذا يعنى لنا كمراقبين أن هذا الرجل يسعي لجلب و كسب الناخبين اليهود الأمريكيين لصفة . إن كان هذا احد المشاريع الأمريكية الصهيونية المشتركة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن فهذا مشروع فقط خيالي لان مكين لا يعرف بالضبط كم هم الفلسطينيين أقوياء ولا يعرف أن الأرض الفلسطينية هي في فلسطين وكم هي ملتصقة بالفلسطينيين وليس هم فقط ولا يمكن لأي قوة على الأرض في الوقت الحالي ولا حتى المستقبلي نزع الفلسطينيين من أرضهم لا أمواتا ولا أحياء , ولا يعرف كم هم الأردنيين متمسكين بفلسطين و الأردن على السواء ولديهم القدرة للدفاع عن أرضهم بما أتيحت لهم من و سائل و أساليب. إن هذا التصريح لم يغير من ثقتنا بأمريكا بلاد الحرية شيء لأننا على يقين أن الإدارة الأمريكية لن تكون يوما من الأيام مع الفلسطينيين ولا حتى تقف موقف نزيه لتعطي أملا لمن سحقتهم الحرب وسرق الغير أرضهم بالقوة أن يعيشوا في سلام ولو لمرة واحدة . إن حملة التصريحات الغريبة التي أطلقت في حملة المرشح مكين تدل دلالة قاطعة بجهل الأمريكان بحقيقة الصراع في المنطقة و التعامل معه كصراع غير تاريخي وليس له جذور و صراع يمكن أن يتعامل مع الشعبين الأردني و الفلسطيني كمهاجرين مقيمين على الأرض الأمريكية يحق لأي إدارة أمريكية أو حتى أي قوة دولية كانت أو إقليمية أن ترحلهم إلى أي مكان ترغب فيه حسب الأهواء السياسية. إن خطاب السلام الغائب في الحملة الرئاسية الأمريكية حتى الآن يعني الكثير, فلم يستغل احد من المرشحين حالة الاقتراب من السلام السائدة بالمنطقة ليؤكد على أن أمريكا ستبقي على الدور القائم بنشر السلام العادل و الحقيقي بين الفلسطينيين و الإسرائيليين , أما حالة عدم التوازن في التوجهات الأمريكية الرسمية ستزيد حالة العداء بين العرب و الأمريكان بالشكل الذي سيقود في النهاية تضرر واضح لمصالح أمريكا مع العرب وهي بالتأكيد مصالح لا يمكن الاستغناء عنها . إن كانت المعركة الانتخابية كشفت حتى الآن عن أساليب مخيفة بين التكتلين الأمريكيين لاستخدام القضية بهدف سياسي فان الدور العربي الآن أصبح مطلوبا على الأقل على المسار الشعبي و الإعلامي للوقوف بوجه هذه التصريحات , لان للشعوب طرقها في التعامل مع قضايا بعضها البعض بعيدا عن المصالح الخاصة للزعماء السياسيين هذا بالإضافة إلى أن الشعب الأمريكي له قدرة جيدة على التميز بين من سيصنع مستقبل أمريكا الحرة ويحفظ أبنائها و أرضها بعيدا عن التوترات و العداءات الدولية ومن سيدخل أمريكا في ظلمة جديدة تأتي معها بمشكلات سياسية و اقتصادية جديدة تباعد بين الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى .
[email protected]