بين تهدئة وتهدئة فرقٌ وخرقْ
د. فايز أبو شمالة
ضيق البعض على نفسه خناق التقدير الصحيح للتهدئة في غزة، وبدلاً من الاتعاظ والاستفادة من أخطاء الماضي، وتوسيع الأفق التنظيمي لاحتمال النقد، ومراجعة الذات، والتعلم من التجارب، والبناء على ما تم من تهدئة في غزة في مفاوضات الحلول السياسية المطروحة مع إسرائيل، راح هذا البعض يشبه ما جرى في غزة من تهدئة بما سبقها من تهدئة تمت مع السلطة الفلسطينية، مع الإشارة إلى حرص حماس والجهاد الإسلامي على إفشالها في حينه، ومحاولة إثبات أن حماس تسير على نفس الخط الذي سارت عليه منظمة التحرير الفلسطينية في السابق، الخط السياسي الذي قاد للتهدئة، وكان مرفوضاً من حماس، صار اليوم مقبولاً على حماس، والتهدئة مقدمة لذلك، وأنها تطرح نفسها بديلاً عن السلطة الفلسطينية.
لقد ذهبت بعض المواقع الإلكترونية، وبعض وسائل الإعلام الفلسطيني إلى نقد وإدانة واتهام شباب المقاومة الذين رابطوا على الثغور، بأنهم الآن يحرسون أمن إسرائيل، وأن هناك غرفة تنسيق مشتركة بين حماس وإسرائيل لتثبيت التهدئة، وأن هذا الأمر خيانة للمقاومة والوطن، وهنا لا أطرح السؤال المنطقي، إذا كان منع الصواريخ خيانة ـ كما غمزت بعض المواقع ـ فماذا نسمي ما كان في السابق من تسليم المعلومات للإسرائيليين عن المقاومة، بل واعتقال رجال المقاومة؟ وماذا نسمي انتشار قوات الأمن في عز الانتفاضة الثانية للفصل بين المنتفضين والمستوطنات التي كانت متواجدة في داخل قطاع غزة، وليس على الحدود كما هو اليوم؟
وبعيداً عن فك الحصار؛ إن الفرق الواضح بين تهدئة 2008، وما سبق من تهدئة يرتكز على نقطة جوهرية واحدة، ألا وهي وقف إطلاق الصواريخ العبثية ـ كما سماها البعض ـ مقابل وقف الاعتداءات الإسرائيلية بكافة أشكالها على قطاع غزة، وهذا ما لم يكن وارداً في عدد مرات التهدئة السابقة التي رعتها السلطة الفلسطينية، إذ ظلت إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق ملاحقة شباب المقاومة، وتصفيتهم رغم اتفاق التهدئة، ويشهد كل مراقب، وتشهد المنظمات الإنسانية، والدولية، التي راقبت التهدئة السابقة، أن فشل التهدئة كان دائماً بسبب قصف الطيران الإسرائيلي لمجموعة من شباب المقاومة، وكان الرد من المقاومة بالقذائف،وانهيار التهدئة، ويكفي أن نقارن بين تهدئة في غزة تلجم الجيش الإسرائيلي عن العدوان، وتهدئة، أو مفاوضات في الضفة الغربية ما زالت تطلق يد الجيش الإسرائيلي للاجتياح اليومي لمدن الضفة الغربية، وتصفية، واعتقال شباب المقاومة .
نحن اليوم أمام شكل جديد من التهدئة في غزة تقوم على التبادلية، والندية، أنه وقف متبادل لإطلاق النار، بل وقف لإطلاق النار من إسرائيل دون أن تمتلك الحق بالاجتياح كالسابق، أو التدخل لوقف التسليح، وتهريب المعدات القتالية لقطاع غزة، ودون أن تتدخل لمنع ذلك، والاكتفاء بالدور المصري في محاربة الأنفاق.
الأيام والشهور القادمة ستؤكد ما ذهبنا إليه؛ من الالتزام الإسرائيلي بالتهدئة، من عدمه، فإن التزمت إسرائيل تكون فعلاً قد استجدت حقائق ميدانية على الأرض فرضت نفسها على الجميع، وهذا مصدر فخر وشموخ لكل فلسطيني، وإن لم تلتزم إسرائيل، فإن ذلك يؤكد بأن ما اتهمت به حماس والجهاد الإسلامي في السابق بأنهما وراء إفشال التهدئة هي اتهامات باطلة، تفرض على أصحابها مراجعة حساباتهم، وتفرض على جميع التنظيمات الفلسطينية الاستفادة من التجربة، والعمل بروح الفريق بعيداً عن الحزبية، وللصالح الوطني العام.
د. فايز أبو شمالة
ضيق البعض على نفسه خناق التقدير الصحيح للتهدئة في غزة، وبدلاً من الاتعاظ والاستفادة من أخطاء الماضي، وتوسيع الأفق التنظيمي لاحتمال النقد، ومراجعة الذات، والتعلم من التجارب، والبناء على ما تم من تهدئة في غزة في مفاوضات الحلول السياسية المطروحة مع إسرائيل، راح هذا البعض يشبه ما جرى في غزة من تهدئة بما سبقها من تهدئة تمت مع السلطة الفلسطينية، مع الإشارة إلى حرص حماس والجهاد الإسلامي على إفشالها في حينه، ومحاولة إثبات أن حماس تسير على نفس الخط الذي سارت عليه منظمة التحرير الفلسطينية في السابق، الخط السياسي الذي قاد للتهدئة، وكان مرفوضاً من حماس، صار اليوم مقبولاً على حماس، والتهدئة مقدمة لذلك، وأنها تطرح نفسها بديلاً عن السلطة الفلسطينية.
لقد ذهبت بعض المواقع الإلكترونية، وبعض وسائل الإعلام الفلسطيني إلى نقد وإدانة واتهام شباب المقاومة الذين رابطوا على الثغور، بأنهم الآن يحرسون أمن إسرائيل، وأن هناك غرفة تنسيق مشتركة بين حماس وإسرائيل لتثبيت التهدئة، وأن هذا الأمر خيانة للمقاومة والوطن، وهنا لا أطرح السؤال المنطقي، إذا كان منع الصواريخ خيانة ـ كما غمزت بعض المواقع ـ فماذا نسمي ما كان في السابق من تسليم المعلومات للإسرائيليين عن المقاومة، بل واعتقال رجال المقاومة؟ وماذا نسمي انتشار قوات الأمن في عز الانتفاضة الثانية للفصل بين المنتفضين والمستوطنات التي كانت متواجدة في داخل قطاع غزة، وليس على الحدود كما هو اليوم؟
وبعيداً عن فك الحصار؛ إن الفرق الواضح بين تهدئة 2008، وما سبق من تهدئة يرتكز على نقطة جوهرية واحدة، ألا وهي وقف إطلاق الصواريخ العبثية ـ كما سماها البعض ـ مقابل وقف الاعتداءات الإسرائيلية بكافة أشكالها على قطاع غزة، وهذا ما لم يكن وارداً في عدد مرات التهدئة السابقة التي رعتها السلطة الفلسطينية، إذ ظلت إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق ملاحقة شباب المقاومة، وتصفيتهم رغم اتفاق التهدئة، ويشهد كل مراقب، وتشهد المنظمات الإنسانية، والدولية، التي راقبت التهدئة السابقة، أن فشل التهدئة كان دائماً بسبب قصف الطيران الإسرائيلي لمجموعة من شباب المقاومة، وكان الرد من المقاومة بالقذائف،وانهيار التهدئة، ويكفي أن نقارن بين تهدئة في غزة تلجم الجيش الإسرائيلي عن العدوان، وتهدئة، أو مفاوضات في الضفة الغربية ما زالت تطلق يد الجيش الإسرائيلي للاجتياح اليومي لمدن الضفة الغربية، وتصفية، واعتقال شباب المقاومة .
نحن اليوم أمام شكل جديد من التهدئة في غزة تقوم على التبادلية، والندية، أنه وقف متبادل لإطلاق النار، بل وقف لإطلاق النار من إسرائيل دون أن تمتلك الحق بالاجتياح كالسابق، أو التدخل لوقف التسليح، وتهريب المعدات القتالية لقطاع غزة، ودون أن تتدخل لمنع ذلك، والاكتفاء بالدور المصري في محاربة الأنفاق.
الأيام والشهور القادمة ستؤكد ما ذهبنا إليه؛ من الالتزام الإسرائيلي بالتهدئة، من عدمه، فإن التزمت إسرائيل تكون فعلاً قد استجدت حقائق ميدانية على الأرض فرضت نفسها على الجميع، وهذا مصدر فخر وشموخ لكل فلسطيني، وإن لم تلتزم إسرائيل، فإن ذلك يؤكد بأن ما اتهمت به حماس والجهاد الإسلامي في السابق بأنهما وراء إفشال التهدئة هي اتهامات باطلة، تفرض على أصحابها مراجعة حساباتهم، وتفرض على جميع التنظيمات الفلسطينية الاستفادة من التجربة، والعمل بروح الفريق بعيداً عن الحزبية، وللصالح الوطني العام.