التهدئة مصلحة للجميع .... و لكنnبقلم: وائل المبحوح*nما أن أعلن عن اتفاق التهدئة قبل أيام حتى خرجت الآراء من هنا و هناك تشرح و تفسر و تنتقد و تحلل، فهذا ضد الفكرة تماما و ذاك يؤيد الموضوع بتحفظ، و أولئك يشككون في النوايا الإسرائيلية و هناك من شكك في النوايا الفلسطينية!!! و كلها آراء ربما تعبر عن وجهات نظر محكومة بانتماءات و ولاءات سياسية من جهة أو هي آراء تدخل في باب التحليل السياسي ليس إلا من جهة أخرى و لكن و في جميع الأحوال يمكن الاتفاق على أن هذه التهدئة التي بدأت حيز التنفيذ تحقق مصالح لجميع أطرافها سواءً الفاعلة أم المؤثرة، أعني اللاعبين الحقيقيين و اللاعبين الآخرين، كما لا يمكن هنا إغفال الإشارة إلى أن هذه التهدئة تمثل بشكل أو بآخر طبيعة العلاقة بين النظامين الدولي و الإقليمي و أثر كل منهما في الآخر، فهذه التهدئة من وجهة نظري تمثل رغبة راسم السياسة العالمية أعني الولايات المتحدة الأمريكية التي تنشغل الآن في أمورها الداخلية و لا تمثل السياسة الخارجية أولوية على أجندتها في المرحلة الحالية و هو الأمر الذي يفسر خفوت حدة المطالب الأمريكية إزاء الملف النووي الإيراني و تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة حول حل أزمة هذا الملف بالطرق السلمية إضافة إلى محاولة التوفيق السورية الإسرائيلية التي بدأت بخطوات تركية و ربما تنتهي بأقلام سورية إسرائيلية، و كذلك صفقة التبادل القادمة مع حزب الله، من جهة أخرى فإسرائيل معنية الآن بفترة كافية من الهدوء تعينها في مسألة تشابك الخطوط و تسارع الأحداث فيها، و الأمر الذي يحظى بالاهتمام الأكبر في الرؤية الإسرائيلية هو أيضا الانتخابات الأمريكية حيث يتملك الجميع إمكانية حدوث تغييرات مهمة في النظام العالمي خاصة بعد الترشح التاريخي لأوباما الذي خرق كل قواعد المسلمات الأمريكية بالنسبة للرئيس القادم للولايات المتحدة خاصة أن ميزات ال(WASP)** لا تنطبق عليه البتة، و عليه فهناك ترقب و حذر من نتائج الانتخابات القادمة و هو ما يحتاج إلى مزيد من الهدوء و الاستقرار في المنطقة، ناهيك عن أن أي تقدم مع إسرائيل على المسارين السوري أو اللبناني هو أمر منوط بتقدم على المسار الفلسطيني و هو أمر نسبي تحققه التهدئة و فك الحصار عن قطاع غزة و صفقة تبادلية نوعية لحل أزمة الجندي الإسرائيلي الأسير،أما فيما يتعلق بمصر فإنه على الأقل تأكيد على ثقل مصر و أهميتها كفاعل مهم في النظام الإقليمي و أنها تملك الكثير من الأوراق التي تستطيع من خلالها التأثير في المنطقة، و لكن على الجانب الفلسطيني كيف يمكن لهذه التهدئة أن تحقق مصالحه أو على الأقل جزءاً من هذه المصالح، و مع الأسف أجد نفسي مضطراً للحديث عن الجانب الفلسطيني على أساس مواقف نتجت عن حالة الانقسام الحادثة وكان الأصل أن يكون الحديث بالإجمال، من جهتها حركة حماس ربما تكون المستفيد الأكبر من حالة التهدئة التي صنعتها، فهي من جهة تستطيع التسويق لإيجابيات و إنجازات اتفاقها من باب أن الصبر على الثوابت و المبادئ ينجز و لو بعد حين و يحرج الأطراف الأخرى، و ما دام الأمر كذلك فلم التنازل إذن؟؟، و من جهة أخرى فهي تثبت أنها استطاعت الدخول في اللعبة السياسية الدولية سريعاً و من أوسع الأبواب و تمكنت من إدارة الأزمة بالشكل الملائم و هو بالطبع ما سيرفع رصيدها و يزيد من حظوتها حتى في نفوس معارضيها و أكاد أجزم انه لو استمرت التهدئة كما تم الاتفاق عليها و لم يحدث خلل من هذا الطرف أو ذاك يطيح بها، و لو نفذت إسرائيل التزاماتها خاصة فيما يتعلق بمسألة المعابر التجارية و معبر رفح فإنني على يقين أن على حركة فتح أن تخشى على نفسها في الانتخابات(المبكرة) المقبلة ليس في التشريعي فقط و لكن هذه المرة على كرسي الرئاسة، من جانب آخر فإن أية صفقة تبادلية و إخراج مجموعة كبيرة من الأسرى الفلسطينيين سيكون عاملاً مهماً و حاسماً لدى حماس، يرفع من أسهمها و يزيد من رصيدها، و لا ننسى أن المستفيد الأكبر هنا هم مواطنو قطاع غزة تحديداً الذين سيشعرون بنوع من الرخاء بعد سنوات من الضيق و التشديد و العقاب الجماعي و كل ذلك بعد شعورهم بالأمن و الاستقرار (بحسب حماس)، على الجانب الآخر فالرئيس أبو مازن مستفيد أيضاً من حالة التهدئة خاصة و أنه بدا في الأيام الأخيرة و كأن أبا مازن يملك بعض مفاتيح اللعبة فقد تزامن إعلان موافقته على استئناف الحوار مع حماس على أساس وثيقة أو اتفاق اليمن مع ظروف إعلان التهدئة في القطاع، كما أن أبا مازن يسابق الزمن للمحافظة على شرعيته بل و تأكيدها من جديد بعقد انتخابات مبكرة على مستوى الوطن و هذه لا يمكن لها أن تحدث دون توافق داخلي فبانتهاء ولاية أبي مازن مع نهاية هذا العام و دون الدعوة إلى انتخابات جديدة يخشى السيد الرئيس على شرعيته المحلية و الإقليمية بل و الدولية -التي لا يمكن لأبي مازن أن يجعلها محل نقاش- و ربما يصبح في لحظة ما غير ذي صفة.nالحديث في التهدئة يطول و يطول و ربما سيكثر الخوض في مزاياها و إنجازاتها أو خطاياها و إحباطاتها في الأيام القليلة القادمة،أو الحديث عنها بأبعاد و زوايا مختلفة و لكن التساؤل المهم هنا و الذي يجب ألا يغيب عن أذهاننا جميعا هو هل تلتزم إسرائيل ببنود التهدئة هذه المرة أم أنها تكرار و اجترار لمحاولات سابقة كانت نع الأسف تنتهي فلسطينياً بكارثة، هذا ما ستفصح عنه الأيام القادمة و إنا لمنتظرونn* أخصائي معلومات و باحث في دراسات الشرق الأوسطn** هي اختصار ل White Anglo-Saxon Protestant و تعني أبيض، أنجلو سكسوني بروتستانت.