يهما أجدى لحالنا الحاضر .. شهادة دون علم بدراسات نظامية تقليدية أم علم رصين بإحياء اسلوب الحلقات الدراسية القديم ؟
بقلم / منصور بسيم الذويب [email protected]
إذا علمنا ان الهدف من الدراسات الجامعية وغير الجامعية هو العلم،والعلم فقط،أو يفترض ذلك،فلماذا لا تُنهل هذه العلوم من مصادرها المختلفة بعيداً عن الدراسات النظامية الجامعية والمدرسية وغيرها،طالما كانت الفرصة متوفرة لحيازة العلوم غير البحتة بطرق مبتكرة غير تقليدية عبر حلقات الدراسة في المنتديات والملتقيات الثقافية وغيرها،وحتى في المساجد ودور العبادة بوسائل أسهل ومصاريف أقل وفترة زمنية أقصر،ثم يمكن أن تؤدى الإمتحانات اللازمة لدى المؤسسات الحكومية المختصة كوزارة التعليم العالي،لتمنح الشهادات اللازمة المعادلة لتلك التي تمنحها الجامعات،وما يدرينا فقد نضمن بذلك أن الطالب سيدرس إبتغاء العلم وليس الشهادة،وربما سيقتنع أن الشهادة ما هي إلاّ تحصيل حاصل فقط،لاسيما بعد ان تزايدت أعداد المتقدمين الى الجامعات بهدف حيازة الشهادات وبالتالي الوظيفة،والمنزلة الإجتماعية،ما أساء الى الدارسين والمتخرجين من أصحاب الكفاءة الحقيقية،الذين يبغون العلم فقط،وعلينا أن نعترف أنهم الآن قلة قليلة وعملة نادرة قيَّمة،والمجتمع بحاجة الى خدمات هؤلاء للبناء وللتقدم وللإزدهار،وليس الى عشرات الألوف من الذين باتوا يشكلون عبئاً على المجتمع،لاهمّ لهم سوى الحصول على وظائف يشكلون بها بطالة مقنعة إضافية،ويرهقون بها خزينة الدولة دون طائل،فالمؤسسات التعليمية بدرجاتها وأنماطها وأساليبها،تقليد توارثته المجتمعات والدول ومنها مجتمعنا العراقي،حتى بات من المألوفات التي من الصعب علينا أن نتقبل غيرها،إلا إن تحلَّينا بإرادة تجبرنا أن نحتكم الى عقولنا،وأن نعتمد على أنماط حديثة من الدراسات اللاتقليدية التي تلائم ظروفنا الحالية،لتكون ذات جدوى،تفضي الى تحصيل علوم وآداب مرموقة راقية،نحوز عليها بوسائل مبتكرة حديثة قديمة لم نألفها،في حاضرنا أو في ماضينا القريب،ولكن الكياسة وحدها قد تجعلنا شجعاناً في خوض تجربتها،عسى أن يكون في هذه الدراسات إنعتاق من تقليدية لم يثبت أنها بشكلها الحالي قد إستطاعت خلال العقدين الأخيرين أو الثلاثة،في أن توصل علماً رصيناً حقيقياً لأبنائنا وبناتنا،لاسيما في ظل الحروب والمجاعات التي أحاقت بنا،وعدم الإستقرار وزحمة الأحداث التي لفتنا لسنين طويلة،ثم يمكن الإنتقال من الدراسات التقليدية بشكلها الحاضر،الى شكل الحلقات الدراسية في المنتديات والملتقيات الثقافية والمساجد،وحتى المساكن،ضمن رقعة جغرافية واحدة يمكن للطالب الانتقال خلالها مشياً على الأقدام،وبذلك يوفر الطالب المال والوقت والجهد،خصوصاً لو عرفنا أن بعض طلبة الجامعات يقضي أحياناً ثلاث ساعات يومياً في المواصلات،وبذلك نوفر مبالغ كبيرة وملايين الساعات سنوياً ندخرها للبناء وللمذاكرة،وتكون للطالب في هذه الطريقة فرصة أكبر في إختيار الاستاذ الصالح الناجح الذي يريد،مع حصول ذلك الاستاذ على راتب يوازي ما يأخذه مثيله في المؤسسات الحكومية النظامية،واحتفاظه بنفس الصلاحيات والمكانة،وهذا من شأنه أن يوفر على خزينة الدولة مبالغ لا يستهان بها،ثم في نهاية العام يخضع الجميع الى إمتحانات وزارية موحدة،على أساسها تمنح الشهادة،ويتم التنافس فيها بين الدارسين ضمن الدراسات النظامية التقليدية والأسلوب الجديد،وهذه التجربة يمكن أن تطبق تدريجياً على دارسي العلوم غير البحتة،والتي غالباً لا تتطلب مختبرات ومعامل ووسائل إيضاح . ثم إن نجحت هذه التجربة يمكن أن تعتمد طرقاً فريدة أخرى للتوظيف على أساس الكفاءة وليس على أساس الشهادة بالضرورة،وهذا كما قلنا عند دراسة العلوم غير البحتة .. كنت قد استمعت من سنين بعيدة الى أحد القانونيين الكبار،وهوأستاذ جامعي ووزير سابق للعدل،استمعت منه الى رأي أعجبني وجعلني أستغرب كيف أن هذا الأستاذ الكبير يصرح بذلك الرأي.كان هذا الأستاذ يؤمن بأن الشهادة مجرد معيار توظيفي،وأنه يحبذ التوظيف بمعايير أخرى لو وجدت،وقد استغربت هذا الرأي من ذلك الأستاذ المحنك المجرب،لأني افترضت به أن يكون منحازاً الى الرأي القائل بضرورة التوظيف على أساس الشهادة وحدها،باعتباره أحد الحائزين على ارقى الشهادات.. حول كل ذلك كان لنا هذا الإستطلاع الذي أجريناه مع عدد من الأدباء والنقاد والمدرسين،لنعرف من خلالهم،أين هو الصواب حول عدة مفاهيم،ضمن أسئلة طرحتها عليهم،وكانت حول الوسائل التي يمكن لنا تحصيل العلوم والآداب بواسطتها،هل تكون باعتماد الدراسة في المؤسسات التعليمية النظامية الحكومية وغير الحكومية،وبدراسات منهجية كالتي تعتمد الآن،أم أن هنالك طرقاً أخرى مجدية؟وهل يمكن إعتماد معايير أخرى للتوظيف،الحكومي وغير الحكومي لا يعتمد فيها على الشهادة وحدها وكيف ؟ وهل يمكن للعاقل أن يأمن للقاعدة الخاطئة التي تقول : ( شهادة دون علم خير من علم بلا شهادة ) ،وهل يمكن للدراسات النظامية في الجامعات أن تخلق المواهب والكفاءات والأدباء،أم تخلقها الشخصية والمحيط الثقافي ضمن الأسرة المثقفة والمنتديات والملتقيات الثقافية والقراءات على يد أستاذ محنّك مجرّب،ضمن مدرسة أو جامعة أو حلقة علمية في بادية من البوادي أو قفر من القفار أو حاضرة من الحواضر،مع المران والدربة والتصميم على الرقي العلمي؟وكيف يمكن أحياناً أن يعرض بعض أصحاب الألقاب العلمية المرموقة مقالاتهم على أديب لم يحز على شهادة عالية أو عليا لينقحها أو يصححها؟وماذا عن الطرق القديمة ضمن الحلقات الدراسية لو اعتمدت مرة أخرى بعد أن اندثرت أو كادت،ماذا لو أحييناها مرة أخرى لتطبق في أحيائنا السكنية لنحصل بواسطتها على علم حقيقي،هل تكون مجدية،أم أن الزمن قد عفا عليها ولم تعد صالحة؟وقد تركت للمستطلعة آراؤهم الحرية في الإجابة عن سؤال واحد أو عن جميع الأسئلة،فكانت أجاباتهم كما يلي :
لا علاقة للعبقرية والإبداع بالشهادة
يقول الشاعر عبد الحميد الجبّاري : ليس بالضرورة أن يكون بوسع حملة الشهادات الكبيرة كالدكتوراه من الوصول الى مرحلة المثقفين الكبار كالشعراء وكتّاب القصة والرواية،أو أن يكونوا باحثين مرموقين في النواحي الثقافية،كالنقد والمسرح والابداعات الأخرى، لأنهم لم يحوزوا الموهبة في هذا المجال،ولأن لهم اختصاصاتهم التي درسوها،ولكن هنالك ادباء وصلوا الى قمة الابداع دون ان تكون لديهم شهادات جامعية،بل هي الموهبة والتثقيف الذاتي والمران والقراءات الموسوعية،فالشاعر الفرنسي الكبير ((ﭘول ايلوار)) علّم نفسه القراءة والكتابة،كذلك الروائي الروسي الكبير ((مكسيم غوركي)) صاحب رواية ((الأم)) ،لم يحصل حتى على الشهادة الابتدائية،وكذلك الكاتب المصري الكبير عباس محمود العقاد،لم تكن لديه سوى الشهادة الابتدائية،بل ان الشاعر الجواهري العظيم لم تكن لديه شهادة مدرسية عليا،وهناك امثلة اخرى تؤكد ان العبقرية والابداع لا علاقة لهما بالشهادة المدرسية،ومعلوم ان الشهادة المدرسية تعلم الانسان مهنة او حرفة محددة ولكنها ـ الشهادة ـ لا تمنحه الثقافة ((فاديسون)) طردوه من المدرسة (لغبائه) وقامت والدته بتعليمه فكان هذا العبقري الذي نوّر الدنيا .
اعتماد الشهادة في التوظيف محكوماً بطبيعة المهنة
الكاتب (عبد الرزاق حسين النداوي) : لئلاّ نقع في التباس القصد،لابد من إيضاح بسيط قوامه معنى (الدراسة المنهجية) وهو الدراسة الأكاديمية،وإلاّ ما من علم إلاّ وله منهجية معتمدة ميّزته عن غيره من العلوم الأخرى،فالمنهجية ضرورة،ولا يجوز تجاهلها تحت أية ذريعة وإلاّ وقع الكاتب أو العالم بالتخبط واللامنهجية التي طالما تعتور كثيراً من البحوث وتخرجها من الإطار المعرفي العلمي لتصبح مجرد آراء ومقترحات شخصية،ثم علينا أن نفرق ونميّز بين العلوم التطبيقية الأجرائية المختبرية وبين العلوم الإنسانية ذات الطابع (الميتافيزيقي) إذا جاز لنا هذا التوصيف،فالعلوم التطبيقية لامحال مرتبطة بالمنهج العلمي وتجد صدقيتها في الفضاء المختبري وبالواقع المادي،ويكون إطار تعلمها الدراسة الأكاديمية التي تمتلك وسائل وآليات تعلم هذا العلم،أمّا العلوم الإنسانية فمن الممكن أن يعتمد في تعلمها على الهواية والرغبة والذكاء والفطنة،لذا فلا غرابة أن نجد أستاذاً جامعياً في إطار العلوم الإنسانية يستأنس بأراء أناس لم يحوزوا على تحصيل أكاديمي،وربما يكون الإستئناس في مجالات ليست بذات صلة باختصاص هذا الأستاذ الأكاديمي،كأن يكون في مجال التصحيح اللغوي،النحوي،أو غير ذلك من ذات الصلة بالبحوث والكتابة .. الدراسة مهما كان نوعها لا تخلق المواهب،إنما تصقلها وتمنحها الصفة الأكاديمية والعلمية،فإن اعتماد الشهادة في التعيين يعد أمراً محكوماً بطبيعة المهنة أو العمل،فهنالك العديد من المهن التي يمكن أن يوظف فيها على أساس الدربة والخبرة والكفاءة،سيما إذا كانت خاضعة لإدارة القطاع الخاص،ولكن هنالك مهن لابد لها من معايير أكاديمية وقانونية،مثل الطب وعلوم الذرة والكيمياء وغيرها من العلوم ذات الأبعاد التي تنطوي على خطورة الوقوع في أي خطأ،وتقع مسؤولية ذلك على عاتق الدولة حصرياً .
الشهادة جواز مرور للوظيفة وليست معياراً للخبرة والدراية
أمّا الأكاديمي (كاظم عباس القريشي) فيرى أن طلب العلم لا يقف عند حد معين،والأصل فيه الحب والرغبة والدافعية،والطريقة المنهجية النظامية في الدراسة واحدة مهمة من طرق حيازة العلم المتقدم النافع والمتطور والرصين،والمنهجية هنا تعني الدفق العلمي الرصين وحسن التوجيه ودقة الملاحظة وعمق التحليل والإفادة القصوى من المصادر المهمة،وفي كل الاحوال يبقى حب المعرفة نبعاً من منابع العلم الراقي .. أمّا الشهادة فهي جواز مرور للوظيفة والتوظيف،ولكنها ليست في معايير الخبرة والدراية،ليست كل شيء بمعنى أنها تؤشر الى تحصيل أكاديمي وليس الى كم علمي مرغوب في كل الأحيان .. في دراستنا للإبداع العام والخاص نجد أن الدراسة المنهجية تفرز بنجاح متميز معطيات الموهبة والكفاءة،والإبداع هنا يحتاج الى اشتراطات ومعطيات الثقافة المحيطة بالموهوب من أستاذ خبير ونفس طويل في السعي العلمي ومران مستمر يشذب إرهاصات الموهوبية ويؤطرها بإطار متماسك،ويجعلها قادرة على العطاء والإنتاج الذي هو في محصلته النهائية إبداع وموهبة .. والعلوم الصرفة أو المجردة لا تفتح المجال رحباً أمام الفطرة أو الموهبة إلاّ في حالات قليلة جداً لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة،وهي تحتاج إلى التخصص الأكاديمي البحت مع إشتراطات الدراسات الأدبية في الدرس العلمي .. أمّا عن الأديب إذا كان مثقفاً ومالكاً لأدواته في البحث والتحليل وقوة الملاحظة وقدرة الإستنتاج العالي للظواهر،فإنه بالتأكيد يمتلك رؤية نقدية متقدمة،والخبرة يخلقها البحث والدراسة الاكاديمية وتصقلها التجربة والمران والتكرار .
الدول المتقدمة تمنح أعلى الشهادات
على أساس ماهية الإبداع ونوعه
تطرق الباحث (أوميد المختار) مدير مؤسسة المختار للطباعة والترجمة والنشر عن طرق حيازة العلوم،وعن إعتماد معيار الشهادة في التوظيف،وعن أصحاب المواهب من الذين لم يدرسوا دراسة منهجية نظامية لكنهم أجادوا ولمعوا في مجال اختصاصهم،وهو يجد أنه ليس بالضرورة أن تتم حيازة علم راق عن طريق الدراسة المنهجية فقط،إنما يتم المزج والدمج بين العلم الاكاديمي المقنن (المنهجي) وبين التعايش اليومي بين الباحث وبين المنتديات الثقافية والعلمية المختلفة،حيث أن هذه المنتديات تزيد من مستوى التلقيح الفكري والعلمي المتبادل بين روادها .. وعن الشهادة رأى أن الصواب الاعتماد على الشهادة الاصولية الرسمية للتوظيف وللمفاضلة بين المتقدمين لأنها ستكون المعيار العلمي الرصين البعيد عن المحاباة والمحسوبية والمنسوبية،لأن المفاضلة العلمية أثبتت نجاحها في كل بلدان العالم المتطور،وهذا يصح في المجتمعات المتطورة،أما بخصوص البلدان النامية فهنالك معايير أخرى يجب تفعيلها للوصول للأفضلية .. كل العلوم البشرية الموجودة على سطح المعمورة برأينا هي حالة دمج ومزج بين الفطرة المتوارثة أو الفطرة الطارئة وبين العلم الأكاديمي،مثلاً : أن (أحمد شوقي) أمير الشعراء لم يدرس الشعر إلا لسنوات عشرة من عمره،وكذا الحال مع أصحاب المعلقات حيث أنهم لم يدرسوا الشعر بالمرة،ولكن المتنبي وأبي العلاء المعري،كانت لهم فطرة فضلاً عن دراستهم للشعر،أما في مجالات العلوم الطبيعية البحتة فإن الدراسة الاكاديمية وحدها لا تكفي بل بحاجة الى فطرة إبداعية علمية،وهذا يذكرنا بإكتشاف العالم نيوتن في قوانين الجاذبية الأرضية،وكذا الحال مع العالم الرياضي غاليلو حينما إكتشف دوران الأرض حول الشمس،وكلاهما إستمد علمه من فطرته ثم عزز ذلك بالدراسة العلمية الاكاديمية وغيرها، وعن استعانة بعض أصحاب الألقاب العلمية في تصحيح مقالاتهم ببعض الأدباء ممن لم يحوزوا على شهادة تذكر يقول : يعني ذلك تردي النظام التعليمي الجامعي والتخصصي الى أدنى مستوياته ودليلنا على ذلك أن العالم المتطور (بريطانيا،اميركا،اليابان،روسيا) تمنح أعلى الشهادات ليس على أساس الامتحان النهائي أو لجنة تصحيحية اكاديمية بل على أساس ماهية الإبداع ونوعه ومقدار تأثيره في المجتمعات حينذاك يمنح شهادته .
الشهادة هي المعيار الوحيد للتوظيف حالياً
الكاتب (طاهر فرج الله) : من الممكن أن يحوز الانسان على العلوم الانسانية دون دراسة نظامية ولكن لا يمكن حيازة علوم الطبيعيات والطب والهندسة على سبيل المثال بهذه الطريقة إلا ما ندر،وهؤلاء يدخلون ضمن دائرة الشواذ لا العموم . حالياً لا يوجد أي معيار آخر للتوظيف إلا الشهادة ولكن هناك الكثير من الاعمال لا تحتاج الا القدرة على التصحيح اللغوي على سبيل المثال في الصحف على الرغم من عدم دخوله الجامعة،حيث من الممكن من خلال الثقافة العامة والدراسة الخاصة التفوق في هذا المجال،كما الكتاب والادباء،وهاتين صفتين لا علاقة لهما بالدراسات النظامية المنهجية بل تعتمد على الموهبة والدراسة .
الناقد (جبار حسين صبري) :
1- تنعكس تجربة استكمالات الذات على الذات نفسها من حيث مواصفات متعددة الجوانب اهمها :-
أ – الذات ذات اللباس الفطروي،وهذه الذات تنقسم في المنظور العام الى قسمين : قسم حضاري وقسم أمي بمعنى ان الانسان يحمل فيه المكونين المتقاطعين : مكون الحضارة ومكون الامية .
ب – البيئة وهي محل اهتمام تلك الاستكمالات بل هي ثاني اهم تلك المراحل وتنعكس في خطوات متراتبة منها :
1- الاسرة 2- المدرسة 3- المحيط الاجتماعي 4- الثقافة العامة للبلد
ان جملة اشتغالات المحاور اعلاه تشكل في انضاجها بلورة للذات الانسانية بوصفها موجهات ايجابية او سلبية عليها وعلى ضوء ذلك تكون درجة الانعكاسات ايضاً اما سلباً او ايجابياً .
هذا التفاوت بين الذات والبيئة اما يحدث تناغماً في استكمالات الذات من داخلها او مع خارجها او يحدث تنافراً والنسب ايضاً متفاوتة بين الطرفين على اساس التقدم نحو التناغم او التأخر نحو التنافر .
هذه المقدمة تؤرخ عملية ايجاد تأسسة ناشطة مثل منهاجيات الدرس الاكاديمي الذي يفرض مجموعة انظمة ومثيرات ناهضة بالجانب الاستكمالي نحو تعميم الفائدة بشكلها العام او نحو تأكيد فاعليات التخصص وذلك ضمن متطلبات العصر .
لغة المنهج بدرسه هي لغة مشروطة ومدركة بدءاً بطريقة القراءات المتعالية سواء على المستوى الفكري او الفني او الجمالي او العلمي وكلها تنطوي تحت توكيد النوع الافضل وهذا ما يتبلور من حيث خطابات الحضارة جهاد نحو رقيها .
اذن الذات محكومة بفطرة تتجه نحو إيجابية الفعل والارادة من جهة محكومة بتنشيط الذات بإشغالها وترتيبها في مأسسة حقيقية ناهضة بالمستوى الحضاري المدروس وهو درس الحضارة الايجابي لتنامي الذات وتفعيل وتنفير طاقاتها نحو الأفضل .
بقلم / منصور بسيم الذويب [email protected]
إذا علمنا ان الهدف من الدراسات الجامعية وغير الجامعية هو العلم،والعلم فقط،أو يفترض ذلك،فلماذا لا تُنهل هذه العلوم من مصادرها المختلفة بعيداً عن الدراسات النظامية الجامعية والمدرسية وغيرها،طالما كانت الفرصة متوفرة لحيازة العلوم غير البحتة بطرق مبتكرة غير تقليدية عبر حلقات الدراسة في المنتديات والملتقيات الثقافية وغيرها،وحتى في المساجد ودور العبادة بوسائل أسهل ومصاريف أقل وفترة زمنية أقصر،ثم يمكن أن تؤدى الإمتحانات اللازمة لدى المؤسسات الحكومية المختصة كوزارة التعليم العالي،لتمنح الشهادات اللازمة المعادلة لتلك التي تمنحها الجامعات،وما يدرينا فقد نضمن بذلك أن الطالب سيدرس إبتغاء العلم وليس الشهادة،وربما سيقتنع أن الشهادة ما هي إلاّ تحصيل حاصل فقط،لاسيما بعد ان تزايدت أعداد المتقدمين الى الجامعات بهدف حيازة الشهادات وبالتالي الوظيفة،والمنزلة الإجتماعية،ما أساء الى الدارسين والمتخرجين من أصحاب الكفاءة الحقيقية،الذين يبغون العلم فقط،وعلينا أن نعترف أنهم الآن قلة قليلة وعملة نادرة قيَّمة،والمجتمع بحاجة الى خدمات هؤلاء للبناء وللتقدم وللإزدهار،وليس الى عشرات الألوف من الذين باتوا يشكلون عبئاً على المجتمع،لاهمّ لهم سوى الحصول على وظائف يشكلون بها بطالة مقنعة إضافية،ويرهقون بها خزينة الدولة دون طائل،فالمؤسسات التعليمية بدرجاتها وأنماطها وأساليبها،تقليد توارثته المجتمعات والدول ومنها مجتمعنا العراقي،حتى بات من المألوفات التي من الصعب علينا أن نتقبل غيرها،إلا إن تحلَّينا بإرادة تجبرنا أن نحتكم الى عقولنا،وأن نعتمد على أنماط حديثة من الدراسات اللاتقليدية التي تلائم ظروفنا الحالية،لتكون ذات جدوى،تفضي الى تحصيل علوم وآداب مرموقة راقية،نحوز عليها بوسائل مبتكرة حديثة قديمة لم نألفها،في حاضرنا أو في ماضينا القريب،ولكن الكياسة وحدها قد تجعلنا شجعاناً في خوض تجربتها،عسى أن يكون في هذه الدراسات إنعتاق من تقليدية لم يثبت أنها بشكلها الحالي قد إستطاعت خلال العقدين الأخيرين أو الثلاثة،في أن توصل علماً رصيناً حقيقياً لأبنائنا وبناتنا،لاسيما في ظل الحروب والمجاعات التي أحاقت بنا،وعدم الإستقرار وزحمة الأحداث التي لفتنا لسنين طويلة،ثم يمكن الإنتقال من الدراسات التقليدية بشكلها الحاضر،الى شكل الحلقات الدراسية في المنتديات والملتقيات الثقافية والمساجد،وحتى المساكن،ضمن رقعة جغرافية واحدة يمكن للطالب الانتقال خلالها مشياً على الأقدام،وبذلك يوفر الطالب المال والوقت والجهد،خصوصاً لو عرفنا أن بعض طلبة الجامعات يقضي أحياناً ثلاث ساعات يومياً في المواصلات،وبذلك نوفر مبالغ كبيرة وملايين الساعات سنوياً ندخرها للبناء وللمذاكرة،وتكون للطالب في هذه الطريقة فرصة أكبر في إختيار الاستاذ الصالح الناجح الذي يريد،مع حصول ذلك الاستاذ على راتب يوازي ما يأخذه مثيله في المؤسسات الحكومية النظامية،واحتفاظه بنفس الصلاحيات والمكانة،وهذا من شأنه أن يوفر على خزينة الدولة مبالغ لا يستهان بها،ثم في نهاية العام يخضع الجميع الى إمتحانات وزارية موحدة،على أساسها تمنح الشهادة،ويتم التنافس فيها بين الدارسين ضمن الدراسات النظامية التقليدية والأسلوب الجديد،وهذه التجربة يمكن أن تطبق تدريجياً على دارسي العلوم غير البحتة،والتي غالباً لا تتطلب مختبرات ومعامل ووسائل إيضاح . ثم إن نجحت هذه التجربة يمكن أن تعتمد طرقاً فريدة أخرى للتوظيف على أساس الكفاءة وليس على أساس الشهادة بالضرورة،وهذا كما قلنا عند دراسة العلوم غير البحتة .. كنت قد استمعت من سنين بعيدة الى أحد القانونيين الكبار،وهوأستاذ جامعي ووزير سابق للعدل،استمعت منه الى رأي أعجبني وجعلني أستغرب كيف أن هذا الأستاذ الكبير يصرح بذلك الرأي.كان هذا الأستاذ يؤمن بأن الشهادة مجرد معيار توظيفي،وأنه يحبذ التوظيف بمعايير أخرى لو وجدت،وقد استغربت هذا الرأي من ذلك الأستاذ المحنك المجرب،لأني افترضت به أن يكون منحازاً الى الرأي القائل بضرورة التوظيف على أساس الشهادة وحدها،باعتباره أحد الحائزين على ارقى الشهادات.. حول كل ذلك كان لنا هذا الإستطلاع الذي أجريناه مع عدد من الأدباء والنقاد والمدرسين،لنعرف من خلالهم،أين هو الصواب حول عدة مفاهيم،ضمن أسئلة طرحتها عليهم،وكانت حول الوسائل التي يمكن لنا تحصيل العلوم والآداب بواسطتها،هل تكون باعتماد الدراسة في المؤسسات التعليمية النظامية الحكومية وغير الحكومية،وبدراسات منهجية كالتي تعتمد الآن،أم أن هنالك طرقاً أخرى مجدية؟وهل يمكن إعتماد معايير أخرى للتوظيف،الحكومي وغير الحكومي لا يعتمد فيها على الشهادة وحدها وكيف ؟ وهل يمكن للعاقل أن يأمن للقاعدة الخاطئة التي تقول : ( شهادة دون علم خير من علم بلا شهادة ) ،وهل يمكن للدراسات النظامية في الجامعات أن تخلق المواهب والكفاءات والأدباء،أم تخلقها الشخصية والمحيط الثقافي ضمن الأسرة المثقفة والمنتديات والملتقيات الثقافية والقراءات على يد أستاذ محنّك مجرّب،ضمن مدرسة أو جامعة أو حلقة علمية في بادية من البوادي أو قفر من القفار أو حاضرة من الحواضر،مع المران والدربة والتصميم على الرقي العلمي؟وكيف يمكن أحياناً أن يعرض بعض أصحاب الألقاب العلمية المرموقة مقالاتهم على أديب لم يحز على شهادة عالية أو عليا لينقحها أو يصححها؟وماذا عن الطرق القديمة ضمن الحلقات الدراسية لو اعتمدت مرة أخرى بعد أن اندثرت أو كادت،ماذا لو أحييناها مرة أخرى لتطبق في أحيائنا السكنية لنحصل بواسطتها على علم حقيقي،هل تكون مجدية،أم أن الزمن قد عفا عليها ولم تعد صالحة؟وقد تركت للمستطلعة آراؤهم الحرية في الإجابة عن سؤال واحد أو عن جميع الأسئلة،فكانت أجاباتهم كما يلي :
لا علاقة للعبقرية والإبداع بالشهادة
يقول الشاعر عبد الحميد الجبّاري : ليس بالضرورة أن يكون بوسع حملة الشهادات الكبيرة كالدكتوراه من الوصول الى مرحلة المثقفين الكبار كالشعراء وكتّاب القصة والرواية،أو أن يكونوا باحثين مرموقين في النواحي الثقافية،كالنقد والمسرح والابداعات الأخرى، لأنهم لم يحوزوا الموهبة في هذا المجال،ولأن لهم اختصاصاتهم التي درسوها،ولكن هنالك ادباء وصلوا الى قمة الابداع دون ان تكون لديهم شهادات جامعية،بل هي الموهبة والتثقيف الذاتي والمران والقراءات الموسوعية،فالشاعر الفرنسي الكبير ((ﭘول ايلوار)) علّم نفسه القراءة والكتابة،كذلك الروائي الروسي الكبير ((مكسيم غوركي)) صاحب رواية ((الأم)) ،لم يحصل حتى على الشهادة الابتدائية،وكذلك الكاتب المصري الكبير عباس محمود العقاد،لم تكن لديه سوى الشهادة الابتدائية،بل ان الشاعر الجواهري العظيم لم تكن لديه شهادة مدرسية عليا،وهناك امثلة اخرى تؤكد ان العبقرية والابداع لا علاقة لهما بالشهادة المدرسية،ومعلوم ان الشهادة المدرسية تعلم الانسان مهنة او حرفة محددة ولكنها ـ الشهادة ـ لا تمنحه الثقافة ((فاديسون)) طردوه من المدرسة (لغبائه) وقامت والدته بتعليمه فكان هذا العبقري الذي نوّر الدنيا .
اعتماد الشهادة في التوظيف محكوماً بطبيعة المهنة
الكاتب (عبد الرزاق حسين النداوي) : لئلاّ نقع في التباس القصد،لابد من إيضاح بسيط قوامه معنى (الدراسة المنهجية) وهو الدراسة الأكاديمية،وإلاّ ما من علم إلاّ وله منهجية معتمدة ميّزته عن غيره من العلوم الأخرى،فالمنهجية ضرورة،ولا يجوز تجاهلها تحت أية ذريعة وإلاّ وقع الكاتب أو العالم بالتخبط واللامنهجية التي طالما تعتور كثيراً من البحوث وتخرجها من الإطار المعرفي العلمي لتصبح مجرد آراء ومقترحات شخصية،ثم علينا أن نفرق ونميّز بين العلوم التطبيقية الأجرائية المختبرية وبين العلوم الإنسانية ذات الطابع (الميتافيزيقي) إذا جاز لنا هذا التوصيف،فالعلوم التطبيقية لامحال مرتبطة بالمنهج العلمي وتجد صدقيتها في الفضاء المختبري وبالواقع المادي،ويكون إطار تعلمها الدراسة الأكاديمية التي تمتلك وسائل وآليات تعلم هذا العلم،أمّا العلوم الإنسانية فمن الممكن أن يعتمد في تعلمها على الهواية والرغبة والذكاء والفطنة،لذا فلا غرابة أن نجد أستاذاً جامعياً في إطار العلوم الإنسانية يستأنس بأراء أناس لم يحوزوا على تحصيل أكاديمي،وربما يكون الإستئناس في مجالات ليست بذات صلة باختصاص هذا الأستاذ الأكاديمي،كأن يكون في مجال التصحيح اللغوي،النحوي،أو غير ذلك من ذات الصلة بالبحوث والكتابة .. الدراسة مهما كان نوعها لا تخلق المواهب،إنما تصقلها وتمنحها الصفة الأكاديمية والعلمية،فإن اعتماد الشهادة في التعيين يعد أمراً محكوماً بطبيعة المهنة أو العمل،فهنالك العديد من المهن التي يمكن أن يوظف فيها على أساس الدربة والخبرة والكفاءة،سيما إذا كانت خاضعة لإدارة القطاع الخاص،ولكن هنالك مهن لابد لها من معايير أكاديمية وقانونية،مثل الطب وعلوم الذرة والكيمياء وغيرها من العلوم ذات الأبعاد التي تنطوي على خطورة الوقوع في أي خطأ،وتقع مسؤولية ذلك على عاتق الدولة حصرياً .
الشهادة جواز مرور للوظيفة وليست معياراً للخبرة والدراية
أمّا الأكاديمي (كاظم عباس القريشي) فيرى أن طلب العلم لا يقف عند حد معين،والأصل فيه الحب والرغبة والدافعية،والطريقة المنهجية النظامية في الدراسة واحدة مهمة من طرق حيازة العلم المتقدم النافع والمتطور والرصين،والمنهجية هنا تعني الدفق العلمي الرصين وحسن التوجيه ودقة الملاحظة وعمق التحليل والإفادة القصوى من المصادر المهمة،وفي كل الاحوال يبقى حب المعرفة نبعاً من منابع العلم الراقي .. أمّا الشهادة فهي جواز مرور للوظيفة والتوظيف،ولكنها ليست في معايير الخبرة والدراية،ليست كل شيء بمعنى أنها تؤشر الى تحصيل أكاديمي وليس الى كم علمي مرغوب في كل الأحيان .. في دراستنا للإبداع العام والخاص نجد أن الدراسة المنهجية تفرز بنجاح متميز معطيات الموهبة والكفاءة،والإبداع هنا يحتاج الى اشتراطات ومعطيات الثقافة المحيطة بالموهوب من أستاذ خبير ونفس طويل في السعي العلمي ومران مستمر يشذب إرهاصات الموهوبية ويؤطرها بإطار متماسك،ويجعلها قادرة على العطاء والإنتاج الذي هو في محصلته النهائية إبداع وموهبة .. والعلوم الصرفة أو المجردة لا تفتح المجال رحباً أمام الفطرة أو الموهبة إلاّ في حالات قليلة جداً لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة،وهي تحتاج إلى التخصص الأكاديمي البحت مع إشتراطات الدراسات الأدبية في الدرس العلمي .. أمّا عن الأديب إذا كان مثقفاً ومالكاً لأدواته في البحث والتحليل وقوة الملاحظة وقدرة الإستنتاج العالي للظواهر،فإنه بالتأكيد يمتلك رؤية نقدية متقدمة،والخبرة يخلقها البحث والدراسة الاكاديمية وتصقلها التجربة والمران والتكرار .
الدول المتقدمة تمنح أعلى الشهادات
على أساس ماهية الإبداع ونوعه
تطرق الباحث (أوميد المختار) مدير مؤسسة المختار للطباعة والترجمة والنشر عن طرق حيازة العلوم،وعن إعتماد معيار الشهادة في التوظيف،وعن أصحاب المواهب من الذين لم يدرسوا دراسة منهجية نظامية لكنهم أجادوا ولمعوا في مجال اختصاصهم،وهو يجد أنه ليس بالضرورة أن تتم حيازة علم راق عن طريق الدراسة المنهجية فقط،إنما يتم المزج والدمج بين العلم الاكاديمي المقنن (المنهجي) وبين التعايش اليومي بين الباحث وبين المنتديات الثقافية والعلمية المختلفة،حيث أن هذه المنتديات تزيد من مستوى التلقيح الفكري والعلمي المتبادل بين روادها .. وعن الشهادة رأى أن الصواب الاعتماد على الشهادة الاصولية الرسمية للتوظيف وللمفاضلة بين المتقدمين لأنها ستكون المعيار العلمي الرصين البعيد عن المحاباة والمحسوبية والمنسوبية،لأن المفاضلة العلمية أثبتت نجاحها في كل بلدان العالم المتطور،وهذا يصح في المجتمعات المتطورة،أما بخصوص البلدان النامية فهنالك معايير أخرى يجب تفعيلها للوصول للأفضلية .. كل العلوم البشرية الموجودة على سطح المعمورة برأينا هي حالة دمج ومزج بين الفطرة المتوارثة أو الفطرة الطارئة وبين العلم الأكاديمي،مثلاً : أن (أحمد شوقي) أمير الشعراء لم يدرس الشعر إلا لسنوات عشرة من عمره،وكذا الحال مع أصحاب المعلقات حيث أنهم لم يدرسوا الشعر بالمرة،ولكن المتنبي وأبي العلاء المعري،كانت لهم فطرة فضلاً عن دراستهم للشعر،أما في مجالات العلوم الطبيعية البحتة فإن الدراسة الاكاديمية وحدها لا تكفي بل بحاجة الى فطرة إبداعية علمية،وهذا يذكرنا بإكتشاف العالم نيوتن في قوانين الجاذبية الأرضية،وكذا الحال مع العالم الرياضي غاليلو حينما إكتشف دوران الأرض حول الشمس،وكلاهما إستمد علمه من فطرته ثم عزز ذلك بالدراسة العلمية الاكاديمية وغيرها، وعن استعانة بعض أصحاب الألقاب العلمية في تصحيح مقالاتهم ببعض الأدباء ممن لم يحوزوا على شهادة تذكر يقول : يعني ذلك تردي النظام التعليمي الجامعي والتخصصي الى أدنى مستوياته ودليلنا على ذلك أن العالم المتطور (بريطانيا،اميركا،اليابان،روسيا) تمنح أعلى الشهادات ليس على أساس الامتحان النهائي أو لجنة تصحيحية اكاديمية بل على أساس ماهية الإبداع ونوعه ومقدار تأثيره في المجتمعات حينذاك يمنح شهادته .
الشهادة هي المعيار الوحيد للتوظيف حالياً
الكاتب (طاهر فرج الله) : من الممكن أن يحوز الانسان على العلوم الانسانية دون دراسة نظامية ولكن لا يمكن حيازة علوم الطبيعيات والطب والهندسة على سبيل المثال بهذه الطريقة إلا ما ندر،وهؤلاء يدخلون ضمن دائرة الشواذ لا العموم . حالياً لا يوجد أي معيار آخر للتوظيف إلا الشهادة ولكن هناك الكثير من الاعمال لا تحتاج الا القدرة على التصحيح اللغوي على سبيل المثال في الصحف على الرغم من عدم دخوله الجامعة،حيث من الممكن من خلال الثقافة العامة والدراسة الخاصة التفوق في هذا المجال،كما الكتاب والادباء،وهاتين صفتين لا علاقة لهما بالدراسات النظامية المنهجية بل تعتمد على الموهبة والدراسة .
الناقد (جبار حسين صبري) :
1- تنعكس تجربة استكمالات الذات على الذات نفسها من حيث مواصفات متعددة الجوانب اهمها :-
أ – الذات ذات اللباس الفطروي،وهذه الذات تنقسم في المنظور العام الى قسمين : قسم حضاري وقسم أمي بمعنى ان الانسان يحمل فيه المكونين المتقاطعين : مكون الحضارة ومكون الامية .
ب – البيئة وهي محل اهتمام تلك الاستكمالات بل هي ثاني اهم تلك المراحل وتنعكس في خطوات متراتبة منها :
1- الاسرة 2- المدرسة 3- المحيط الاجتماعي 4- الثقافة العامة للبلد
ان جملة اشتغالات المحاور اعلاه تشكل في انضاجها بلورة للذات الانسانية بوصفها موجهات ايجابية او سلبية عليها وعلى ضوء ذلك تكون درجة الانعكاسات ايضاً اما سلباً او ايجابياً .
هذا التفاوت بين الذات والبيئة اما يحدث تناغماً في استكمالات الذات من داخلها او مع خارجها او يحدث تنافراً والنسب ايضاً متفاوتة بين الطرفين على اساس التقدم نحو التناغم او التأخر نحو التنافر .
هذه المقدمة تؤرخ عملية ايجاد تأسسة ناشطة مثل منهاجيات الدرس الاكاديمي الذي يفرض مجموعة انظمة ومثيرات ناهضة بالجانب الاستكمالي نحو تعميم الفائدة بشكلها العام او نحو تأكيد فاعليات التخصص وذلك ضمن متطلبات العصر .
لغة المنهج بدرسه هي لغة مشروطة ومدركة بدءاً بطريقة القراءات المتعالية سواء على المستوى الفكري او الفني او الجمالي او العلمي وكلها تنطوي تحت توكيد النوع الافضل وهذا ما يتبلور من حيث خطابات الحضارة جهاد نحو رقيها .
اذن الذات محكومة بفطرة تتجه نحو إيجابية الفعل والارادة من جهة محكومة بتنشيط الذات بإشغالها وترتيبها في مأسسة حقيقية ناهضة بالمستوى الحضاري المدروس وهو درس الحضارة الايجابي لتنامي الذات وتفعيل وتنفير طاقاتها نحو الأفضل .