أرامل العراق . .
بين فقدان المعيل والحاجة إلى الكفيل
علاء الكاشف
ليس بالأمر العجيب أن تجد الكثير من الأرامل في العراق ، فالموت اليومي الذي يوزع بالمجان على العراقيين، لم يُبق حجرا على حجر كما يقال، فلقد غير وتغير وجه العراق، و أضحى النظر في عيون أي من أبناء الرافدين يشعرك بحجم الهول والمأساة الذي عاشها هذا الوطن , ورغم ضعف التوثيق وقلة الاحصاءات المستقلة عن عدد الأرامل فأن هناك أرقاماً كبيرة تتحدث عن مالا يقل عن مليون ونصف المليون أرملة في العراق عموما وفي بغداد وحدها مالا يقل عن (400) الف أرملة ويزداد الرقم بمعدل(50-60) أرملة يوميا. وعلى الرغم من ان العنف في مناطق العراق تراجع بقوة خلال الأشهر الماضية، إلا ان أعداد النساء ممن تركن بلا معيل او سند، في ازدياد، وعدد قليل منهن يحصلن على معونات مالية من الحكومة، ويخشى المسؤولون والمراقبون ان تكون عواقب الظروف الصعبة التي تعيشها هؤلاء النسوة مخيفة وأنها ليست بالهينة إطلاقا، بل إنها ربما ستشكل مستقبلا غامضا للعراق والعراقيين في ظل هذه الأزمة التي تعانيها المرأة العراقية , ان انعكاسات هذا الترمل الجماعي لنساء تمتد الى جميع نواحي الحياة الاجتماعية، فمن فقر وعوز الى تدهور اسري واجتماعي الى فساد أخلاقي، الى جنوح وضياع للأسرة والأطفال في ظل دولة منهارة، وقيم ضائعة، وحكومة فشلت في إعادة الحياة لهذه الفئة.
ان خسارة العشرات من ربات البيوت لأزواجهن أدت الى خفض مستوى معيشة العوائل العراقية، ودفع المزيد من النساء الأرامل والأطفال اليتامى للبحث عن أي عمل دون جدوى للحصول على مصدر للعيش , ويتبادر إلى أذهان الكثيرين سؤال: من يعيل أولئك النسوة اللواتي فقدن أزواجهن ومن يرحمهن ويشفق عليهن ونحن نعيش في مجتمع محافظ ازداد حدة بعد"حرب التحرير"؟.
(عايدة شريف) وكيلة وزير حقوق الإنسان قالت:"إن المرأة العراقية عانت وتعاني الآن أكثر، وان عدد الأرامل يتزايد بنحو يبعث على القلق فمع هؤلاء النسوة أطفال فكيف سيتسنى لهن إعالتهم وهن اللواتي لم يخرجن يوما إلى العمل؟ واقصد في حديثي ربات البيوت اللواتي يشكلن نسبة كبيرة من الأرامل".
وأضافت:"إن وزارتي المرأة وحقوق الإنسان قصرتا كثيرا بواجباتهما تجاه هؤلاء النسوة ولم تحركا ساكنا".
من جهتها قدمت عضو مجلس النواب (صفية السهيل) اعتذارها للمرأة العراقية وان الناشطات النسويات لم يقدمن للمرأة ما يدعمها، وقالت" اتقدم بالاعتذار الشديد لأننا لم نقدم لها ما كنا نرجوه وناشدت السلطات التنفيذية بتخصيص واحد بالمئة من وارادت النفط لدعم المرأة لوجستيا ومعنويا."
وأشارت السهيل الى" ما عانته المرأة أبان الحكم السابق من ويلات الحروب والسجن والقتل والدفن في المقابر واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا في كوردستان والوسط والجنوب والى ما تعانيه المرأة العراقية اليوم بسبب وقوعها ضحية الإرهاب." وأوضحت السهيل ان" التقصير الذي اقر به لم يكن بهدف التقصير بل بسبب اختلاف الاولويات" وقالت" كل ما عملناه لم يقلل من معاناة المرأة في حياتها اليومية
وبينت (ميسون احمد) رئيسة جمعية الأرامل والأيتام :"إن ما تمر به المرأة العراقية من ظروف قاهرة بعد فقدانها معيلها يجعلنا نقف عاجزين أمام عمق المأساة فهناك نسوة لديهن أطفال معاقون وعائلات اغلبها ترفض استقبالهن وأولادهن أما عائلة الزوج فتتنصل تماما من مسؤوليتها المشتركة مع الزوجة في تربية هؤلاء الأيتام وضغط الحاجة يولد أشياء كثيرة ومعروفة للجميع".
وتقول السيدة (نغم نجم) :"فقدت زوجي الذي كان يعمل في إحدى المؤسسات الأمنية بهجوم انتحاري، صحيح إن راتبه الذي أتسلمه كل شهر من دائرته يحمي أطفالي من الفقر والجوع، ولكن احتياجاتهم في زيادة كلما كبروا، والمشكلة إن أهل زوجي لا يعيرون أهمية لهؤلاء الأطفال كونهم بنات فلم يرزقني الله بولد، وعندما اذهب إليهم يقولون لي بالحرف الواحد إن بناتك قد كبرن لذلك ينبغي عليك تزويجهن لتتخلصي من مسؤوليتهن". وتضيف:"اسأل نفسي هل فعلا علي تزويجهن وهن لم يبلغن الرابعة عشرة من أعمارهن أي ظلم هذا؟". وأشارت إلى أنها اكتفت فقط بإخراج بناتها من المدارس وتعليمهن الخياطة ليعلن أنفسهن من دون الحاجة إلى احد".
(تغريد عدنان) أستاذة جامعية تشير الى ان الأرامل في العراق يعانين من وطأة العيش، والظروف الصعبة التي يمررن بها، جراء فقدان المعيل وتكفلهن بإعانة وإدارة عوائلهن , وإن التخصيصات المالية من شبكة الرعاية الاجتماعية لهن لا تسد حاجاتهن الفعلية، ولهذا نؤكد على أهمية سماع أصواتهن، وزيادة التخصيصات المالية الشهرية ، وتحسين أوضاعهن المعيشية، والوقوف إلى جانبهن في حل المشاكل التي يعانين منها.
وتفيد (أنعام احمد) التي فقدت زوجها في الحرب الأخيرة : عندما استشهد زوجي ترك لي أربعة أطفال لم يتجاوزوا العاشرة لذا كانت ظروفنا صعبة وعشنا نأكل يوما ونصوم اثنين والحمد لله على كل شيء وتدمع عيناها وهي تضيف:" لذلك أنا اعمل في البيوت على الرغم من كبر سني واقف ساعات على تنور الخبز كي لا أشعرهم بعدم وجود والدهم.
وتشير التقارير التي تحدثت في هذا الموضوع إلى أن:"عدد الأرامل يتزايد في العراق بسبب الحروب التي خاضها البلد والتي بدأت بالحرب مع إيران وحرب الخليج " ثم أحداث العنف التي تشهدها البلاد وقتل الكثير من الناس لمجرد الشبهة والشك وأبسط أنواع التهم والتفجيرات الإرهابية اليومية وهذا ما جعل عدد الأرامل ضخما في العراق مع عدد كثير جدا من الأيتام .
هذه هي الصورة العامة لقضية الأرامل في العراق.. وهي نتاج سياسات الحروب الداخلية والخارجية الرعناء التي اغرق بها النظام الدكتاتوري السابق البلاد فضلا عن أرامل الإرهاب الأعمى منذ 9/4 وحتى هذه اللحظة..
ما الذي يمكن ان يعانيه أي مجتمع فيه ثلاث ونصف المليون أرملة ؟ وما الكم الذي يمكن ان تنتجه هذه الشريحة المهمة من مشكلات مثل اليتم والبطالة والانحراف وفقدان الأمل بالمستقبل وتعطيل قوة إنتاجية فعالة عن المساهمة في بناء المجتمع؟
بين فقدان المعيل والحاجة إلى الكفيل
علاء الكاشف
ليس بالأمر العجيب أن تجد الكثير من الأرامل في العراق ، فالموت اليومي الذي يوزع بالمجان على العراقيين، لم يُبق حجرا على حجر كما يقال، فلقد غير وتغير وجه العراق، و أضحى النظر في عيون أي من أبناء الرافدين يشعرك بحجم الهول والمأساة الذي عاشها هذا الوطن , ورغم ضعف التوثيق وقلة الاحصاءات المستقلة عن عدد الأرامل فأن هناك أرقاماً كبيرة تتحدث عن مالا يقل عن مليون ونصف المليون أرملة في العراق عموما وفي بغداد وحدها مالا يقل عن (400) الف أرملة ويزداد الرقم بمعدل(50-60) أرملة يوميا. وعلى الرغم من ان العنف في مناطق العراق تراجع بقوة خلال الأشهر الماضية، إلا ان أعداد النساء ممن تركن بلا معيل او سند، في ازدياد، وعدد قليل منهن يحصلن على معونات مالية من الحكومة، ويخشى المسؤولون والمراقبون ان تكون عواقب الظروف الصعبة التي تعيشها هؤلاء النسوة مخيفة وأنها ليست بالهينة إطلاقا، بل إنها ربما ستشكل مستقبلا غامضا للعراق والعراقيين في ظل هذه الأزمة التي تعانيها المرأة العراقية , ان انعكاسات هذا الترمل الجماعي لنساء تمتد الى جميع نواحي الحياة الاجتماعية، فمن فقر وعوز الى تدهور اسري واجتماعي الى فساد أخلاقي، الى جنوح وضياع للأسرة والأطفال في ظل دولة منهارة، وقيم ضائعة، وحكومة فشلت في إعادة الحياة لهذه الفئة.
ان خسارة العشرات من ربات البيوت لأزواجهن أدت الى خفض مستوى معيشة العوائل العراقية، ودفع المزيد من النساء الأرامل والأطفال اليتامى للبحث عن أي عمل دون جدوى للحصول على مصدر للعيش , ويتبادر إلى أذهان الكثيرين سؤال: من يعيل أولئك النسوة اللواتي فقدن أزواجهن ومن يرحمهن ويشفق عليهن ونحن نعيش في مجتمع محافظ ازداد حدة بعد"حرب التحرير"؟.
(عايدة شريف) وكيلة وزير حقوق الإنسان قالت:"إن المرأة العراقية عانت وتعاني الآن أكثر، وان عدد الأرامل يتزايد بنحو يبعث على القلق فمع هؤلاء النسوة أطفال فكيف سيتسنى لهن إعالتهم وهن اللواتي لم يخرجن يوما إلى العمل؟ واقصد في حديثي ربات البيوت اللواتي يشكلن نسبة كبيرة من الأرامل".
وأضافت:"إن وزارتي المرأة وحقوق الإنسان قصرتا كثيرا بواجباتهما تجاه هؤلاء النسوة ولم تحركا ساكنا".
من جهتها قدمت عضو مجلس النواب (صفية السهيل) اعتذارها للمرأة العراقية وان الناشطات النسويات لم يقدمن للمرأة ما يدعمها، وقالت" اتقدم بالاعتذار الشديد لأننا لم نقدم لها ما كنا نرجوه وناشدت السلطات التنفيذية بتخصيص واحد بالمئة من وارادت النفط لدعم المرأة لوجستيا ومعنويا."
وأشارت السهيل الى" ما عانته المرأة أبان الحكم السابق من ويلات الحروب والسجن والقتل والدفن في المقابر واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا في كوردستان والوسط والجنوب والى ما تعانيه المرأة العراقية اليوم بسبب وقوعها ضحية الإرهاب." وأوضحت السهيل ان" التقصير الذي اقر به لم يكن بهدف التقصير بل بسبب اختلاف الاولويات" وقالت" كل ما عملناه لم يقلل من معاناة المرأة في حياتها اليومية
وبينت (ميسون احمد) رئيسة جمعية الأرامل والأيتام :"إن ما تمر به المرأة العراقية من ظروف قاهرة بعد فقدانها معيلها يجعلنا نقف عاجزين أمام عمق المأساة فهناك نسوة لديهن أطفال معاقون وعائلات اغلبها ترفض استقبالهن وأولادهن أما عائلة الزوج فتتنصل تماما من مسؤوليتها المشتركة مع الزوجة في تربية هؤلاء الأيتام وضغط الحاجة يولد أشياء كثيرة ومعروفة للجميع".
وتقول السيدة (نغم نجم) :"فقدت زوجي الذي كان يعمل في إحدى المؤسسات الأمنية بهجوم انتحاري، صحيح إن راتبه الذي أتسلمه كل شهر من دائرته يحمي أطفالي من الفقر والجوع، ولكن احتياجاتهم في زيادة كلما كبروا، والمشكلة إن أهل زوجي لا يعيرون أهمية لهؤلاء الأطفال كونهم بنات فلم يرزقني الله بولد، وعندما اذهب إليهم يقولون لي بالحرف الواحد إن بناتك قد كبرن لذلك ينبغي عليك تزويجهن لتتخلصي من مسؤوليتهن". وتضيف:"اسأل نفسي هل فعلا علي تزويجهن وهن لم يبلغن الرابعة عشرة من أعمارهن أي ظلم هذا؟". وأشارت إلى أنها اكتفت فقط بإخراج بناتها من المدارس وتعليمهن الخياطة ليعلن أنفسهن من دون الحاجة إلى احد".
(تغريد عدنان) أستاذة جامعية تشير الى ان الأرامل في العراق يعانين من وطأة العيش، والظروف الصعبة التي يمررن بها، جراء فقدان المعيل وتكفلهن بإعانة وإدارة عوائلهن , وإن التخصيصات المالية من شبكة الرعاية الاجتماعية لهن لا تسد حاجاتهن الفعلية، ولهذا نؤكد على أهمية سماع أصواتهن، وزيادة التخصيصات المالية الشهرية ، وتحسين أوضاعهن المعيشية، والوقوف إلى جانبهن في حل المشاكل التي يعانين منها.
وتفيد (أنعام احمد) التي فقدت زوجها في الحرب الأخيرة : عندما استشهد زوجي ترك لي أربعة أطفال لم يتجاوزوا العاشرة لذا كانت ظروفنا صعبة وعشنا نأكل يوما ونصوم اثنين والحمد لله على كل شيء وتدمع عيناها وهي تضيف:" لذلك أنا اعمل في البيوت على الرغم من كبر سني واقف ساعات على تنور الخبز كي لا أشعرهم بعدم وجود والدهم.
وتشير التقارير التي تحدثت في هذا الموضوع إلى أن:"عدد الأرامل يتزايد في العراق بسبب الحروب التي خاضها البلد والتي بدأت بالحرب مع إيران وحرب الخليج " ثم أحداث العنف التي تشهدها البلاد وقتل الكثير من الناس لمجرد الشبهة والشك وأبسط أنواع التهم والتفجيرات الإرهابية اليومية وهذا ما جعل عدد الأرامل ضخما في العراق مع عدد كثير جدا من الأيتام .
هذه هي الصورة العامة لقضية الأرامل في العراق.. وهي نتاج سياسات الحروب الداخلية والخارجية الرعناء التي اغرق بها النظام الدكتاتوري السابق البلاد فضلا عن أرامل الإرهاب الأعمى منذ 9/4 وحتى هذه اللحظة..
ما الذي يمكن ان يعانيه أي مجتمع فيه ثلاث ونصف المليون أرملة ؟ وما الكم الذي يمكن ان تنتجه هذه الشريحة المهمة من مشكلات مثل اليتم والبطالة والانحراف وفقدان الأمل بالمستقبل وتعطيل قوة إنتاجية فعالة عن المساهمة في بناء المجتمع؟