الكتابة إبداع الحياة
الكاتب
يسري راغب شراب
المهموم
تابعته الهموم وأقلقته الأفكار، وعاش القلق ، واستسلم لأخطاء الزمان ، تاركا الخطأ يعشش في وجدانه الداخلي ، وينقله مرة بعد المرة إلى أخطاء أخرى تبعده عن الكبرياء ، والتحدي ، والصمود والتصدي ، وتجعله يبدو انهزامي مفرط في ضعفه ، وكأنه ذلك المناضل الوطني ، الذي صنع من الأخطاء والتكتيكات ، إستراتيجية ثابتة ، قلب بها موازين الصحة والاعتدال في الفعل ورد الفعل ، والفرق بين الاثنين كبير!؟! المواطن المهموم كانت أخطاءه ، على مستواه الشخصي ، وحده فقط !! أما الزعيم السياسي فأخطاءه ، تشمل الوطن والشعب والقضية كلها !!! ازدواجية الأفكار هنا ، تأتي بنتائج متماثلة !!
في تلك الليلة لم ينم المهموم لحظة واحده ، ولم يغمض له جفن ، مفكرا في أخطائه ، يبحث عن حلول للحياة السطحية التي يعيشها !!!
كيف يعلن العناد والتحدي والمقاومة ؟ وحوله السلبيات تحاصره ؟؟
دار دورة كاملة في منزله ، اتجه إلى الصالون ، كل شي فيه منظم كما رتبه : صورة والده : الأصالة والتاريخ ، وصورة الزعيم الوطني الشهيد وإطار كبير لآية الكرسي من القران الكريم ، مزركشة بخطوط ذهبية على أرضية خضراء ، وتذكره بقدرة العلي القدير ، في الحياة والممات ، أطر ثلاث تكون شخصيته ، كل ما فيها متفاعل معه ، ومؤمن به ، لم يتغير منذ زمان ، ولم يغير في مبادئه ، يحاول أن يجمع بين المعاني ، والأفكار ، دون أن ينحرف بين هذا وذاك ، فالدين أساس ، والوطن أيضا والعائلة : القيم في الدين ، والعادات من العائلة ، والحياة في الوطن !!! أين كان الخطأ ؟ لقد كان مميزا متفوقا وهو يجمع الأركان الثلاثة معا في سيمفونية واحده ، متناغمة ، فما الذي حدث ، ليبدأ الانهيار معه ؟؟ ؟
هل كان الخطأ عند الزعيم ،أم العائلة ، ؟ ولا يمكن أن يكون في الدين !! ربما يكون خطئه في انضباطه ، وتأييده للزعيم ، الذي يعيش بأخطاء التكتيك في الممارسة ، رغم الطواحين التي تدور حوله ، وهو يعاند أمام قوى أكبر بكثير من حجمه السياسي والعسكري فضلا عن الاقتصادي والجغرافي ، وهو يصر على القرار الوطني المستقل ، فينتج عن الإصرار ضعفا ، رغم أنه الحق نفسه ، ولكنه حق لا تسنده قوة ، خاصة إذا كان العدو له يملك القوة ، وهذا يحتاج حسم وحزم ، في القرار ، أيا كان ابيضا ، أم غامق السواد : لا تناور ، وواجه بحسم ، عدوك الشاطر وهنا درس على المستوى الشخصي للمهموم فيه فائدة ، في أن لا يناور ، إن لم يكن قادر ، وعليه أن يحدد مواقفه ، ولا ينافق ، يبتعد عن ضعفه ولا يكون جبانا ، عندما يحتاج الأمر إلى الحسم والحزم !!!
التحدي يصنع هيبة الإنسان والقائد ، ومناصرة الضعيف قوة للمبادئ !!
وهكذا لن يكون الخطأ إنسانيا ، إذا كان مع الحق وطنيا يتبع الوالي !!! ولا يمكن أن يكون في العائلة لأنها جزء من تكوينه الذاتي والإنساني !!!
أتعبه التفكير ، وأرهقه السهر ، وهزه الأرق ، نام متعبا ، واستيقظ بعد غفوة قصيرة ، وكان آذان الفجر قد حان ، والتكبير باسم الله يجلجل مناديا : الله أكبر .. ألله أكبر .. !هل ينام ؟ هل يلبي النداء ؟ حاول أن يقاوم إغراء النوم ، ولم يستطع ، كان ضعيفا أمام سلطان الرقاد ، ذليلا مستسلما ، قرر النوم ، وأغمض عيناه ، ونسي الله ، سامحه الله !!!
وفي الضحى استيقظ ، ينظر إلى ساعته ، مرتبكا ، مرتجف ، محطما ، وقد تجاوزت الساعة وقت العمل ، ماذا سيفعل ؟ ماذا سيقول للمدير ؟؟ نهض من سريره ، كمن لدغته عقربا سامة ضارية ، وأسرع في ارتداء ثيابه ، وخرج متسرعا إلى سيارته ، فاكتشف نسيانه مفتاحها ، فعاد إلى البيت لاعنا السهو والنسيان ، وفتحت زوجته الباب ، فصب جام غضبه عليها ، وتشاجر معها ، فتركت له البيت غاضبه ، وخرج مهموما إلى مكتبه ، قابل المدير الذي عنفه وأنذره ، وزادت همومه هما ثالثا ، ولم يحتمل دعابات زملائه ، وكان عصبيا متوترا ، فخاصموه وقاطعوه !!!
وجلس مهموم مهموما يسأل نفسه : ما الذي حدث لي ؟
وأجاب على نفسه في الحال : انه نسي الله ، فنسيه الله ، ترك الصلاة ونام غافلا ، لم يذكر الله عند استيقاظه وتذكر ساعة الدوام ، خاف المدير ، ولم يخش الله ، والعياذ بالله !!
هي تلك مشكلته إذن ، الذل للعبد والحياة الفانية
كان دائما في سنوات تفوقه مع الله الواحد القهار ، والآن عن الله يبتعد ، اكتشف الخطأ !!!
فماذا يفعل لإصلاحه في هذا الزمن العفن ؟؟
إنهم يعتقلون كل مؤمن ، مسلم ، ويبارك المسلمون قتل المسلمين !!!
والحصار يشتد على الإسلام والمسلمين في العراق وفلسطين وأفغانستان أين الصواب ، وأين الخطأ ؟؟ أين الحق ، وأين الحقيقة ؟
مهموم في الدنيا ، فلماذا يكون مهموما بالآخرة ؟؟
ليس هناك أمامه ، وكل المهمومين أمثاله ، سوى التشبث بالعقيدة ، بالمزيد من الإيمان ، والثبات، الثبات في زمان اقترب منه المسيح الدجال
الكاتب / يسري شراب
اللحن الحزين
يشتد في الأفق الاصفرار..
وتكسو الوجوه تعابير الأحزان ,
ويغطي الضباب كل الرؤى المنظورة أمام العين الدامعة في انتظار بعث جديد يعطي للحياة معنى عميقا فيه أمل بالاستمرارية.. وحيوية بالتغيير والتجديد..
وتهجم الغربان على أجنحة العصافير ,
فتتوقف عن الإنشاد والتغريد وتترك السماء إلى ابعد البعيد..
إلى يوم آخر فيه ميلاد جديد ..
مادام كل شئ قديم لا يزال كما هو دون التغيير...
الكآبة والملل والروتين ،
عنوان الإنسان الحزين، وهم البلبل الصغير...
وليس في الوقت متسع لأنشودة فرح في هذا الزمن الذي يفترس فيه القوي الضعيف بأنياب كاسرة.. واذرع أخطبوطية غادرة ..
لا تبقي من أمل للأمل سوى كسرة خبز من قديد ..
وبقايا ملح ابيض داس عليه النمل الصغير في لحظة يأس عارمة جرفت معها كل حنين للميلاد الجديد..
حالة من العدم .. أراها أمامي...
تتشكل مع صباح كل يوم جديد,
تتقوقع على ذاتها وتتمحور في حدود ضيقة,
لا تصل إلى المدى الذي يؤهلها للغناء والترنيم ولو بصوت حزين..
فكل شئ ينهار .. يتحطم
والبناء العالي المتين يهتز ويهتز بزلازل من صنع الإنسان في أخيه الإنسان..
فيهجر الساكن مسكنه, ولا يبقى للبناء العالي المتين سوى مجموعة من الغربان والبوم..
أمد يداي إلى ذلك الوجه المعذب..
اسقي بهما عيونا تذبل وأحاول إعادة البسمة على شفاه ساكنة..
يتجمد فيها عطاء الحب العذري الذي تهدم أمام قلاع الظلم وأسوار الطاغوت..
ورغم اليأس المبحر كأنه المحيط ، لا أيأس ..
وأحاول مرة أخرى.. لن أيأس..
فعذاب أن نفرح وغيرنا يحزن..
وعبث أن نلهو وغيرنا يعذب..
وكفر أن نسعد وغيرنا يشقى..
ابتسم صديقي.. فالحياة قادمة,آتية..
لم تنته الدنيا عند فصل من الفصول ,
فالربيع قادم بالأزهار والرياحين والورود مع كل عام جديد..
لا يأس مع الحياة , ولا حياة مع اليأس...
هكذا علمتنا الأيام بحلوها ومرها..
لا تترك الحزن يقضي عليك مثل سجان يحرس أبطالا وعظماء انهض واثبت في مكانك وغني أغنية الفرح الآتي..
واترك عنك أحزان الماضي...
في ساعة الغروب ..
الشمس قرص مستدير،زاهي الألوان..
والبحر هادئ والناس منطلقون..
والنورس يذهب ويعود جماعات جماعات في شكل جميل وأخاذ.. والكل يغني للمساء والقمر بدر في السماء..
والعيون مشرقة , والأنوار متلألئة تدعوك للحياة..
أن تعيش الحياة.. ولو باللحن الحزين...
الكاتب يسري شراب
القدر والأمل
تغوص الأقدار باحثة عن الظل والمأوى ،
تختار إذا ما عن لها الهوى ، الظل في مدينة سرعان ما تنسى ،
تهز الجفن وتذبل الرمش في العين ، وتجعل الأحداق قاحلة داخل الوجه ،
كما الصحراء عطشى إلى ماء ، من السماء أو النهر والبحر ،
يا قدرا ذهبت إلى الدنيا بالفرح ،أعطنا حفنة من الأمل ،
تجمعنا الأقدار ، لا تفرقنا ؟!
ينقلب الزمان بالإنسان ، فيأخذه إلى قدره ،
يتغير المكان ، وينقلب الزمان ،
وتمنح الأبله ، الأقدار ، وتمنع عن راسخ القدم
ترفع المعتوه إلى مكانة أعلى ، وتوصم الراسخ بالأحمق الغر ،
تجمعنا الأقدار فكيف بالله تفرقنا ؟
أيا قدر أخذت الوطن والحب والأمل ،
رب فوق الجميع مقتدر ، هو الرجاء والملجأ ،
سيعطي يوما للتعساء ولن يبخل ،
رب السماء يغير الأحوال على الأرض بمشيئته ،
يعز ويذل في كل الأحوال بقدرته ،
وعلى الرباط نحن نعيش بحكمته ،
تجمعنا الأقدار مرة أخرى فهل تفرقنا ؟
كل الدنيا لنا الوطن والأهل ، وفيها لنا أمل ،
تجمعنا الأقدار والله معنا لا يفارقنا !!
يبيع ويشتري فينا ، كل من هب ودب على الأرض ،
تجمعنا الأقدار فلماذا تفرقنا ؟
مراهق شهد له التاريخ بالخبل ،
يوزع في أعراضنا الشرف ، ومن رجالنا يأخذ ولا يعطي ،
وآخر يسرق الفرح من عينين مشرقتين بالأمل ،
وثالث يريد جنتنا ، ويتركنا للنار واللهب ،
هي الأقدار تجمعنا ، تقربنا ، تحاصرنا ،
تبعدنا ، تشردنا ، تفرقنا ، لكنها أبدا لا تقتلنا ،
الأقدار ، لنا وطن ، هي الأمل ، رغم قسوة الزمن ،
تجمعنا الأقدار فلماذا تفرقنا ؟ وكيف تفرقنا ؟ ولن تفرقنا ؟!
خواطر / يسري شراب
الكاتب
يسري راغب شراب
المهموم
تابعته الهموم وأقلقته الأفكار، وعاش القلق ، واستسلم لأخطاء الزمان ، تاركا الخطأ يعشش في وجدانه الداخلي ، وينقله مرة بعد المرة إلى أخطاء أخرى تبعده عن الكبرياء ، والتحدي ، والصمود والتصدي ، وتجعله يبدو انهزامي مفرط في ضعفه ، وكأنه ذلك المناضل الوطني ، الذي صنع من الأخطاء والتكتيكات ، إستراتيجية ثابتة ، قلب بها موازين الصحة والاعتدال في الفعل ورد الفعل ، والفرق بين الاثنين كبير!؟! المواطن المهموم كانت أخطاءه ، على مستواه الشخصي ، وحده فقط !! أما الزعيم السياسي فأخطاءه ، تشمل الوطن والشعب والقضية كلها !!! ازدواجية الأفكار هنا ، تأتي بنتائج متماثلة !!
في تلك الليلة لم ينم المهموم لحظة واحده ، ولم يغمض له جفن ، مفكرا في أخطائه ، يبحث عن حلول للحياة السطحية التي يعيشها !!!
كيف يعلن العناد والتحدي والمقاومة ؟ وحوله السلبيات تحاصره ؟؟
دار دورة كاملة في منزله ، اتجه إلى الصالون ، كل شي فيه منظم كما رتبه : صورة والده : الأصالة والتاريخ ، وصورة الزعيم الوطني الشهيد وإطار كبير لآية الكرسي من القران الكريم ، مزركشة بخطوط ذهبية على أرضية خضراء ، وتذكره بقدرة العلي القدير ، في الحياة والممات ، أطر ثلاث تكون شخصيته ، كل ما فيها متفاعل معه ، ومؤمن به ، لم يتغير منذ زمان ، ولم يغير في مبادئه ، يحاول أن يجمع بين المعاني ، والأفكار ، دون أن ينحرف بين هذا وذاك ، فالدين أساس ، والوطن أيضا والعائلة : القيم في الدين ، والعادات من العائلة ، والحياة في الوطن !!! أين كان الخطأ ؟ لقد كان مميزا متفوقا وهو يجمع الأركان الثلاثة معا في سيمفونية واحده ، متناغمة ، فما الذي حدث ، ليبدأ الانهيار معه ؟؟ ؟
هل كان الخطأ عند الزعيم ،أم العائلة ، ؟ ولا يمكن أن يكون في الدين !! ربما يكون خطئه في انضباطه ، وتأييده للزعيم ، الذي يعيش بأخطاء التكتيك في الممارسة ، رغم الطواحين التي تدور حوله ، وهو يعاند أمام قوى أكبر بكثير من حجمه السياسي والعسكري فضلا عن الاقتصادي والجغرافي ، وهو يصر على القرار الوطني المستقل ، فينتج عن الإصرار ضعفا ، رغم أنه الحق نفسه ، ولكنه حق لا تسنده قوة ، خاصة إذا كان العدو له يملك القوة ، وهذا يحتاج حسم وحزم ، في القرار ، أيا كان ابيضا ، أم غامق السواد : لا تناور ، وواجه بحسم ، عدوك الشاطر وهنا درس على المستوى الشخصي للمهموم فيه فائدة ، في أن لا يناور ، إن لم يكن قادر ، وعليه أن يحدد مواقفه ، ولا ينافق ، يبتعد عن ضعفه ولا يكون جبانا ، عندما يحتاج الأمر إلى الحسم والحزم !!!
التحدي يصنع هيبة الإنسان والقائد ، ومناصرة الضعيف قوة للمبادئ !!
وهكذا لن يكون الخطأ إنسانيا ، إذا كان مع الحق وطنيا يتبع الوالي !!! ولا يمكن أن يكون في العائلة لأنها جزء من تكوينه الذاتي والإنساني !!!
أتعبه التفكير ، وأرهقه السهر ، وهزه الأرق ، نام متعبا ، واستيقظ بعد غفوة قصيرة ، وكان آذان الفجر قد حان ، والتكبير باسم الله يجلجل مناديا : الله أكبر .. ألله أكبر .. !هل ينام ؟ هل يلبي النداء ؟ حاول أن يقاوم إغراء النوم ، ولم يستطع ، كان ضعيفا أمام سلطان الرقاد ، ذليلا مستسلما ، قرر النوم ، وأغمض عيناه ، ونسي الله ، سامحه الله !!!
وفي الضحى استيقظ ، ينظر إلى ساعته ، مرتبكا ، مرتجف ، محطما ، وقد تجاوزت الساعة وقت العمل ، ماذا سيفعل ؟ ماذا سيقول للمدير ؟؟ نهض من سريره ، كمن لدغته عقربا سامة ضارية ، وأسرع في ارتداء ثيابه ، وخرج متسرعا إلى سيارته ، فاكتشف نسيانه مفتاحها ، فعاد إلى البيت لاعنا السهو والنسيان ، وفتحت زوجته الباب ، فصب جام غضبه عليها ، وتشاجر معها ، فتركت له البيت غاضبه ، وخرج مهموما إلى مكتبه ، قابل المدير الذي عنفه وأنذره ، وزادت همومه هما ثالثا ، ولم يحتمل دعابات زملائه ، وكان عصبيا متوترا ، فخاصموه وقاطعوه !!!
وجلس مهموم مهموما يسأل نفسه : ما الذي حدث لي ؟
وأجاب على نفسه في الحال : انه نسي الله ، فنسيه الله ، ترك الصلاة ونام غافلا ، لم يذكر الله عند استيقاظه وتذكر ساعة الدوام ، خاف المدير ، ولم يخش الله ، والعياذ بالله !!
هي تلك مشكلته إذن ، الذل للعبد والحياة الفانية
كان دائما في سنوات تفوقه مع الله الواحد القهار ، والآن عن الله يبتعد ، اكتشف الخطأ !!!
فماذا يفعل لإصلاحه في هذا الزمن العفن ؟؟
إنهم يعتقلون كل مؤمن ، مسلم ، ويبارك المسلمون قتل المسلمين !!!
والحصار يشتد على الإسلام والمسلمين في العراق وفلسطين وأفغانستان أين الصواب ، وأين الخطأ ؟؟ أين الحق ، وأين الحقيقة ؟
مهموم في الدنيا ، فلماذا يكون مهموما بالآخرة ؟؟
ليس هناك أمامه ، وكل المهمومين أمثاله ، سوى التشبث بالعقيدة ، بالمزيد من الإيمان ، والثبات، الثبات في زمان اقترب منه المسيح الدجال
الكاتب / يسري شراب
اللحن الحزين
يشتد في الأفق الاصفرار..
وتكسو الوجوه تعابير الأحزان ,
ويغطي الضباب كل الرؤى المنظورة أمام العين الدامعة في انتظار بعث جديد يعطي للحياة معنى عميقا فيه أمل بالاستمرارية.. وحيوية بالتغيير والتجديد..
وتهجم الغربان على أجنحة العصافير ,
فتتوقف عن الإنشاد والتغريد وتترك السماء إلى ابعد البعيد..
إلى يوم آخر فيه ميلاد جديد ..
مادام كل شئ قديم لا يزال كما هو دون التغيير...
الكآبة والملل والروتين ،
عنوان الإنسان الحزين، وهم البلبل الصغير...
وليس في الوقت متسع لأنشودة فرح في هذا الزمن الذي يفترس فيه القوي الضعيف بأنياب كاسرة.. واذرع أخطبوطية غادرة ..
لا تبقي من أمل للأمل سوى كسرة خبز من قديد ..
وبقايا ملح ابيض داس عليه النمل الصغير في لحظة يأس عارمة جرفت معها كل حنين للميلاد الجديد..
حالة من العدم .. أراها أمامي...
تتشكل مع صباح كل يوم جديد,
تتقوقع على ذاتها وتتمحور في حدود ضيقة,
لا تصل إلى المدى الذي يؤهلها للغناء والترنيم ولو بصوت حزين..
فكل شئ ينهار .. يتحطم
والبناء العالي المتين يهتز ويهتز بزلازل من صنع الإنسان في أخيه الإنسان..
فيهجر الساكن مسكنه, ولا يبقى للبناء العالي المتين سوى مجموعة من الغربان والبوم..
أمد يداي إلى ذلك الوجه المعذب..
اسقي بهما عيونا تذبل وأحاول إعادة البسمة على شفاه ساكنة..
يتجمد فيها عطاء الحب العذري الذي تهدم أمام قلاع الظلم وأسوار الطاغوت..
ورغم اليأس المبحر كأنه المحيط ، لا أيأس ..
وأحاول مرة أخرى.. لن أيأس..
فعذاب أن نفرح وغيرنا يحزن..
وعبث أن نلهو وغيرنا يعذب..
وكفر أن نسعد وغيرنا يشقى..
ابتسم صديقي.. فالحياة قادمة,آتية..
لم تنته الدنيا عند فصل من الفصول ,
فالربيع قادم بالأزهار والرياحين والورود مع كل عام جديد..
لا يأس مع الحياة , ولا حياة مع اليأس...
هكذا علمتنا الأيام بحلوها ومرها..
لا تترك الحزن يقضي عليك مثل سجان يحرس أبطالا وعظماء انهض واثبت في مكانك وغني أغنية الفرح الآتي..
واترك عنك أحزان الماضي...
في ساعة الغروب ..
الشمس قرص مستدير،زاهي الألوان..
والبحر هادئ والناس منطلقون..
والنورس يذهب ويعود جماعات جماعات في شكل جميل وأخاذ.. والكل يغني للمساء والقمر بدر في السماء..
والعيون مشرقة , والأنوار متلألئة تدعوك للحياة..
أن تعيش الحياة.. ولو باللحن الحزين...
الكاتب يسري شراب
القدر والأمل
تغوص الأقدار باحثة عن الظل والمأوى ،
تختار إذا ما عن لها الهوى ، الظل في مدينة سرعان ما تنسى ،
تهز الجفن وتذبل الرمش في العين ، وتجعل الأحداق قاحلة داخل الوجه ،
كما الصحراء عطشى إلى ماء ، من السماء أو النهر والبحر ،
يا قدرا ذهبت إلى الدنيا بالفرح ،أعطنا حفنة من الأمل ،
تجمعنا الأقدار ، لا تفرقنا ؟!
ينقلب الزمان بالإنسان ، فيأخذه إلى قدره ،
يتغير المكان ، وينقلب الزمان ،
وتمنح الأبله ، الأقدار ، وتمنع عن راسخ القدم
ترفع المعتوه إلى مكانة أعلى ، وتوصم الراسخ بالأحمق الغر ،
تجمعنا الأقدار فكيف بالله تفرقنا ؟
أيا قدر أخذت الوطن والحب والأمل ،
رب فوق الجميع مقتدر ، هو الرجاء والملجأ ،
سيعطي يوما للتعساء ولن يبخل ،
رب السماء يغير الأحوال على الأرض بمشيئته ،
يعز ويذل في كل الأحوال بقدرته ،
وعلى الرباط نحن نعيش بحكمته ،
تجمعنا الأقدار مرة أخرى فهل تفرقنا ؟
كل الدنيا لنا الوطن والأهل ، وفيها لنا أمل ،
تجمعنا الأقدار والله معنا لا يفارقنا !!
يبيع ويشتري فينا ، كل من هب ودب على الأرض ،
تجمعنا الأقدار فلماذا تفرقنا ؟
مراهق شهد له التاريخ بالخبل ،
يوزع في أعراضنا الشرف ، ومن رجالنا يأخذ ولا يعطي ،
وآخر يسرق الفرح من عينين مشرقتين بالأمل ،
وثالث يريد جنتنا ، ويتركنا للنار واللهب ،
هي الأقدار تجمعنا ، تقربنا ، تحاصرنا ،
تبعدنا ، تشردنا ، تفرقنا ، لكنها أبدا لا تقتلنا ،
الأقدار ، لنا وطن ، هي الأمل ، رغم قسوة الزمن ،
تجمعنا الأقدار فلماذا تفرقنا ؟ وكيف تفرقنا ؟ ولن تفرقنا ؟!
خواطر / يسري شراب