الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خطوة سعودية قد تكون تاريخية!بقلم:جواد البشيتي

تاريخ النشر : 2008-06-15
خطوة سعودية قد تكون تاريخية!بقلم:جواد البشيتي
خطوة سعودية قد تكون تاريخية!

جواد البشيتي

وإنْ كان عن "اضطِّرار" قد تزول أسبابه عمَّا قريب، وإنْ ظهر في وقت الشدائد والأزمات ولم يكن، بالتالي، وليد تفكير وتخطيط استراتيجيين بعيدي المدى، فلا بدَّ من إيلائه الاهتمام الذي يستحق، وتطويره، فكرةً وتجربةً.

لقد قرَّرت السعودية توجُّهاً استراتيجياً غذائياً جديداً، قوامه استثمار أموالٍ سعودية (لشركات وأفراد) في زراعة "محاصيل استراتيجية" في الخارج، درءاً لمخاطر أزمة (أو تفاقم أزمة) الغذاء العالمية عن أمنها الغذائي، الذي هو لأسباب موضوعية، ولبعضٍ من الأسباب الذاتية، لا يملك إلاَّ قليلاً، وقليلاً جدَّاً، من الجذور القومية.

إذا استوفى هذا التوجُّه السعودي الاستراتيجي الجديد، في قضية الأمن الغذائي للسعودية، الشروط التي حدَّدتها الرياض، فقد نشهد، عمَّا قريب، بداية زراعة لبعضٍ من الثروات المالية الطائلة للسعودية، والسعوديين، في أراضٍ زراعية خصبة في السودان، ومصر، وفي تركيا وباكستان، وفي أوكرانيا.

وتريد السعودية أن تزرع (برؤوس أموالها) هناك القمح، والشعير، وفول الصويا، والأرز ، والسُكَّر؛ وأن تحصل، أيضاً، على علف الحيوانات، والزيت؛ وأن تَجْلِب، من ثمَّ، هذا الإنتاج إليها. ولعلَّ أهم تلك الشروط السعودية هو "الأمن"، أي أمن استثماراتها هناك، والمساعدة اللوجستية التي يمكن أن تقدِّمها حكومات تلك الدول (العربية والإسلامية والأجنبية) للمستثمرين السعوديين واستثماراتهم. وثمَّة ما يشير إلى أنَّ دولة ثانية من دول مجلس التعاون الخليجي هي البحرين ستحذو حذو السعودية، وإنْ كانت الفلبين هي وجهة استثماراتها في مزارع الأرز.

إنَّنا مع التنويع في مواضع تلك الاستثمارات الزراعية الخليجية، والسعودية منها على وجه الخصوص، على أن يحكم هذا التنويع توجُّهاً سياسياً استراتيجياً، قوامه إرساء الأُسُس لقيام وتطوير سوق عربية مشترَكة، تَتَّخِذ، في جانبها الزراعي والغذائي، من السودان مركزاً لها، فهذا البلد العربي (الذي يعوزه الأمن والاستقرار) يملك من الشروط الموضوعية ما يسمح له بأن يكون سلَّة غذاء العالم لا العالم العربي فحسب. إنَّ أرضه واسعة، خصبة، غنية بالمياه، ومتنوِّعة في ظروفها وأحوالها المناخية؛ وهو يتوسَّط، في موقعه الجغرافي، العالم العربي.

الاستثمارات تلك يجب ألاَّ تُوْزَن بميزان اقتصادي صرف، فالميزان السياسي ـ الاستراتيجي لن يقلَّ أهمية، إنْ لم يَزِد، إذا ما كانت الغاية هي التأسيس لسوق عربية مشترَكة؛ وهذا إنَّما يعني أن تُركَّز الاستثمارات الخليجية، والسعودية منها على وجه الخصوص، في الحيِّز الاقتصادي العربي، وبما يجعل "التكامل الاقتصادي العربي"، مع "الأمن الغذائي الذاتي العربي"، حقيقة واقعة، فالبلدان العربية أوَّلاً، ثمَّ البلدان الأخرى كتركيا، وباكستان، وأوكرانيا.

وللسعودية، على وجه الخصوص، تجربة يمكن ويجب أن تكون مفيدة لها، ولغيرها من الدول العربية، لجهة إثبات وتأكيد "الطوباوية الاقتصادية" لمساعي "الاكتفاء الذاتي اللا قومي"، والتي تُنْتِجها وتقودها سياسة، يُضخَّم فيها "العامل الذاتي"، ويُقلَّل من شأن "العوامل الموضوعية"، فتتمخَّض عن نتائج مخالفة ومضادة للهدف والتوقُّع.

لقد قرَّرت السعودية من قبل، وعلى الرغم من أنَّ ظروفها الزراعية الموضوعية غير ملائمة، أن تُنْتِج من القمح ما يكفيها ذاتياً، فانتهت تجربة ثماني سنوات من إنتاج هذا المحصول الاستراتيجي إلى استنزاف احتياطات المياه الجوفية؛ وعليه، قرَّرت السعودية، أخيراً، إحلال الواردات من القمح محل الإنتاج المحلي له.

وحتى ينجح السعي لتحقيق "أمن غذائي قومي عربي"، في مناخ أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، لا بدَّ أوَّلاً، أو في الوقت نفسه، من التأسيس لـ "أمن مائي قومي عربي"، فـ "الأمن الغذائي العربي" يحتاج إلى التوسُّع في استثمار الأموال العربية، والخليجية منها على وجه الخصوص، في القطاع الزراعي (في البلدان العربية ذات الأراضي الزراعية الخصبة). ولكنَّ "الزراعة" هي "المسْتَهْلِك الأكبر" للمياه العذبة، التي يعاني العالم العربي كثيراً من شُحِّها، على وجه العموم. أمَّا الأخطر من شُحِّها فهو وجود منابع الأنهار العربية الكبرى (النيل ودجلة والفرات والأردن) في أراضي دول أجنبية، بعضها، أي إسرائيل، عدوٌّ صريح للعرب، وبعضها (إثيوبيا وتركيا) يمكن أن تنتهج نهجاً مائياً يلحق ضرراً كبيراً بـ "الأمن المائي العربي".

و"الأمن الطاقيِّ العربي"، وعلى الرغم من كوننا الأمَّة النفطية الأولى في العالم، ليس بأفضل حال، فالغزارة في إنتاجه ما زالت متَّحِدة اتِّحاداً لا انفصام فيه (حتى الآن) مع سوء التوزيع.

إنَّه حتى الآن يباع بـ "سعر سياسي" يقلُّ كثيراً عن "سعره الاقتصادي الحقيقي"؛ ويباع بعملة أجنبية (الدولار) أصبح استجماعها استجماعاً لعوامل وأسباب التدمير للقوَّة الشرائية للمال العربي، الذي ما أن يصبح في يدنا اليمنى حتى يذهب إلى حيث يجب ألاَّ يذهب عَبْر يدنا اليسرى. إنَّ الجزء الأكبر من هذا المال يبدَّد بما يعود بالنفع والفائدة على شركات السلاح في الغرب عموماً، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وبما يؤسِّس لعلاقة تضاد بين "السلاح" و"الأمن"، فكلَّما زاد سلاحنا قلَّ أمننا القومي!

الأوروبيون ابتنوا أوَّلاً قلعتهم الاقتصادية (إذ طوَّروا السوق المشترَكة إلى اتِّحاد أوروبي) ثمَّ دخلوا في "العولمة الاقتصادية"، وفي مواجهة واقع "تحرير التجارة العالمية"، فنالوا من الأرباح ما يفوق كثيراً حجم ما تكبَّدوه من خسائر؛ أمَّا نحن العرب فدخلنا تلك، وواجهنا هذا، ونحن عراة، أي كما دخلنا كل حروبنا القومية، وكما واجهنا كل تحدِّيات الواقع.

هناك تركوا "الفحم" و"الحديد" يقودهم حتى نجحوا أخيراً في ابتناء قلعتهم الاقتصادية (والسياسية) الكبرى؛ وهنا، يمكننا وينبغي لنا أن نترك "الغذاء" يقودنا، فـ "الجوع" يتهدَّد أمننا القومي، وربَّ نافعة تأتي بها هذه الضارة، فهل نجرؤ على درء المخاطر عن "رغيفنا"؟!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف