نحو حوار وطني عن البندورة
حسن بلال التل
البندورة، ليست مجرد ''زر مدحبر'' أحمر أو برتقالي أو أخضر، البندورة، ليست مجرد ''فرمة'' خشنة في صحن السلطة أو ''فرمة'' ناعمة في صحن تبولة أو سلطة بلدية، البندورة أهم من أن تقطع في قلاية أو ''تفغم'' لعمل تشريبة بامية...
البندورة هذا الكائن الذي ''ينط'' في بعض المواسم حتى يضارب بورصة الذهب، وينهار في أخرى حتى يصبح الرطل منه بخمسة قروش، البندورة إحدى الضرورات الحياتية والهامة جداً في حياة المواطن الأردني؛ فبالبندورة وحدها يمكن أن يعيش الأردني، وبدون البندورة لا حياة للأردني، فالبندورة هي الداء والدواء وهي الماء والغذاء والشفاء، ونموت نموت وتعيش البندورة.
أقسم أنني لا أهذي؛ فرغم أن حرارتي ترتفع قليلاً كلما كتبت بضع كلمات أو كلما أخطأت وأدرت التلفزيون على قناة التلفزيون الأردني، وكثيراً ما أشعر بالغثيان أثناء مشاهدة بعض السياسيين المحليين وهم يتشدقون عبر أثير الإذاعات أو قنوات التلفزة حول الأوضاع الاقتصادية والأريحية التي يعيشها المواطن الأردني، وأحياناً أصاب بالقشعريرة وقد أنتفض قليلاً عندما أقرأ مقالات المبشرين الحكوميين حول القفزات الهائلة في النمو الاجتماعي والاقتصادي، لكنني متأكد أنني ما زلت بكامل قواي العقلية، وأدعو فعلاً إلى حوار وطني حول البندورة، ببساطة لأنه أصبح من الواضح أنه لم يعد بالإمكان الحديث حول شيء والخروج بنتيجة إلا إذا كان هذا الحديث حول البندورة وما لف لفها، أما القضايا الكبرى والمصيرية والتي تمس حياة الناس، فهي إما أن تتخذ بصورة ديكتاتورية دون الاكتراث برد الفعل الشعبي وما يريده المواطنون، وما تقتضيه مصلحة الوطن، مثلما فعلت أمانة عمان في مسألة استملاك أراضي وادي عبدون وتشريد سكانها، وإما أن تتم على طريقة ( إذا أردت أن تقتل أي فكرة فشكل لها لجنة)، وأحدث صرعات اللجان هي لجان الحوار الوطني، حيث كلما أرادت الحكومة أن تقتل قضية عقدت لها حواراً وطنياً، وقضايا قانون الاجتماعات العامة وقانون تنظيم مؤسسات المجتمع المدني وقانون الأحزاب التي عقدت لها الحكومة، وبالذات وزارة التنمية السياسية الحوارات والندوات والاجتماعات، ثم كانت النتيجة صفراً أو ما دونه، قضايا ليست ببعيدة.
وعلى هذا المنوال أخذنا نسمع منذ أيام عن دعوات حكومية لحوار وطني حول قانون المالكين والمستأجرين؛ فأصبح من الواضح أن الحكومة تنوي إبقاء الحال على ما هو عليه، أو أن تذبح المستأجرين لصالح الملاك، أي بصيغة أخرى أن تزيد الوضع سوءاً كما هو معتاد، والمصيبة هو أنه ما الداعي لحوار وطني طالما أن هناك عشرات الحلول المطروحة منذ اليوم الأول لطرح القانون المشؤوم إياه؟ والمصيبة الأكبر أن القانون الأصلي أو القانون القديم الذي استبدلته الحكومة بالقانون الحالي يحمل حل هذه المسألة، حيث أنه ينص على زيادة إيجارات العقارات بنسب محددة كل بضع سنوات وبصورة تحمي حقوق الطرفين، لكن الحكومات المتعاقبة اختارت تعطيل هذا النص بشكل متعمد حتى وصلنا إلى الكارثة التي نحن فيها الآن، والأنكى من ذلك كله أن الحكومة ما زالت ترفض حل الإشكال بصورة جذرية عن طريق الاختباء وراء مسألة الحوار الوطني انتظاراً لانقضاء المدة المحددة لنفاذ القانون او انقضاء عمر الحكومة، حتى لا تستعمل سلطاتها التنفيذية والتشريعية التي منحها إياها القانون والدستور بصورة قد تغضب بعض المتنفذين أو المحاسيب والأثرياء الذين كانوا وراء وضع هذا القانون أصلاً..
لذا أدعو إلى حوار وطني عن البندورة طالما أن السقوف التي تسترنا من نار الفقر التي عرتنا؛ فأصبح الجدار أخر ما يستر العورة، بعد أن أصبح امتلاك الثوب أو الحذاء حلماً بعيداً لكثير من الأردنيين، أصبحت هذه الجدران والسقوف أيضاً موضعاً لحوار وطني بالتأكيد لن تأتي نتائجه بخير، لذا فلنعقد حواراً وطنياً عن البندورة علّ نتائجه تطبق وتنقذ معها ما تبقى من ماء وجه الحوارات الوطنية والمشاركين بها...
حسن بلال التل
البندورة، ليست مجرد ''زر مدحبر'' أحمر أو برتقالي أو أخضر، البندورة، ليست مجرد ''فرمة'' خشنة في صحن السلطة أو ''فرمة'' ناعمة في صحن تبولة أو سلطة بلدية، البندورة أهم من أن تقطع في قلاية أو ''تفغم'' لعمل تشريبة بامية...
البندورة هذا الكائن الذي ''ينط'' في بعض المواسم حتى يضارب بورصة الذهب، وينهار في أخرى حتى يصبح الرطل منه بخمسة قروش، البندورة إحدى الضرورات الحياتية والهامة جداً في حياة المواطن الأردني؛ فبالبندورة وحدها يمكن أن يعيش الأردني، وبدون البندورة لا حياة للأردني، فالبندورة هي الداء والدواء وهي الماء والغذاء والشفاء، ونموت نموت وتعيش البندورة.
أقسم أنني لا أهذي؛ فرغم أن حرارتي ترتفع قليلاً كلما كتبت بضع كلمات أو كلما أخطأت وأدرت التلفزيون على قناة التلفزيون الأردني، وكثيراً ما أشعر بالغثيان أثناء مشاهدة بعض السياسيين المحليين وهم يتشدقون عبر أثير الإذاعات أو قنوات التلفزة حول الأوضاع الاقتصادية والأريحية التي يعيشها المواطن الأردني، وأحياناً أصاب بالقشعريرة وقد أنتفض قليلاً عندما أقرأ مقالات المبشرين الحكوميين حول القفزات الهائلة في النمو الاجتماعي والاقتصادي، لكنني متأكد أنني ما زلت بكامل قواي العقلية، وأدعو فعلاً إلى حوار وطني حول البندورة، ببساطة لأنه أصبح من الواضح أنه لم يعد بالإمكان الحديث حول شيء والخروج بنتيجة إلا إذا كان هذا الحديث حول البندورة وما لف لفها، أما القضايا الكبرى والمصيرية والتي تمس حياة الناس، فهي إما أن تتخذ بصورة ديكتاتورية دون الاكتراث برد الفعل الشعبي وما يريده المواطنون، وما تقتضيه مصلحة الوطن، مثلما فعلت أمانة عمان في مسألة استملاك أراضي وادي عبدون وتشريد سكانها، وإما أن تتم على طريقة ( إذا أردت أن تقتل أي فكرة فشكل لها لجنة)، وأحدث صرعات اللجان هي لجان الحوار الوطني، حيث كلما أرادت الحكومة أن تقتل قضية عقدت لها حواراً وطنياً، وقضايا قانون الاجتماعات العامة وقانون تنظيم مؤسسات المجتمع المدني وقانون الأحزاب التي عقدت لها الحكومة، وبالذات وزارة التنمية السياسية الحوارات والندوات والاجتماعات، ثم كانت النتيجة صفراً أو ما دونه، قضايا ليست ببعيدة.
وعلى هذا المنوال أخذنا نسمع منذ أيام عن دعوات حكومية لحوار وطني حول قانون المالكين والمستأجرين؛ فأصبح من الواضح أن الحكومة تنوي إبقاء الحال على ما هو عليه، أو أن تذبح المستأجرين لصالح الملاك، أي بصيغة أخرى أن تزيد الوضع سوءاً كما هو معتاد، والمصيبة هو أنه ما الداعي لحوار وطني طالما أن هناك عشرات الحلول المطروحة منذ اليوم الأول لطرح القانون المشؤوم إياه؟ والمصيبة الأكبر أن القانون الأصلي أو القانون القديم الذي استبدلته الحكومة بالقانون الحالي يحمل حل هذه المسألة، حيث أنه ينص على زيادة إيجارات العقارات بنسب محددة كل بضع سنوات وبصورة تحمي حقوق الطرفين، لكن الحكومات المتعاقبة اختارت تعطيل هذا النص بشكل متعمد حتى وصلنا إلى الكارثة التي نحن فيها الآن، والأنكى من ذلك كله أن الحكومة ما زالت ترفض حل الإشكال بصورة جذرية عن طريق الاختباء وراء مسألة الحوار الوطني انتظاراً لانقضاء المدة المحددة لنفاذ القانون او انقضاء عمر الحكومة، حتى لا تستعمل سلطاتها التنفيذية والتشريعية التي منحها إياها القانون والدستور بصورة قد تغضب بعض المتنفذين أو المحاسيب والأثرياء الذين كانوا وراء وضع هذا القانون أصلاً..
لذا أدعو إلى حوار وطني عن البندورة طالما أن السقوف التي تسترنا من نار الفقر التي عرتنا؛ فأصبح الجدار أخر ما يستر العورة، بعد أن أصبح امتلاك الثوب أو الحذاء حلماً بعيداً لكثير من الأردنيين، أصبحت هذه الجدران والسقوف أيضاً موضعاً لحوار وطني بالتأكيد لن تأتي نتائجه بخير، لذا فلنعقد حواراً وطنياً عن البندورة علّ نتائجه تطبق وتنقذ معها ما تبقى من ماء وجه الحوارات الوطنية والمشاركين بها...