الأخبار
معظمهم أطفال.. استشهاد وإصابة عشرات المواطنين في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بقطاع غزةالولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروط
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"الفشل الوشيك"و"التحدِّي الكبير"!بقلم: جواد البشيتي

تاريخ النشر : 2008-06-14
"الفشل الوشيك" و"التحدِّي الكبير"!

جواد البشيتي

الآن، وفي يأس تفاوضي وسياسي شديد، يدير الفلسطينيون "مفاوضات السلام" مع إسرائيل، فـ "الفرصة الأخيرة" للسلام في أيَّامها الأخيرة، لأسباب عدة، أهمها أنَّ وجود الرئيس بوش في البيت الأبيض أوشك أن ينتهي، وأن ينهي معه، بالضرورة، كل ما كان يُنْظَر إليه، من قبل، على أنَّه سبب وجيه للتفاؤل التفاوضي والسياسي، وأنَّ المفاوضات المباشرة والعميقة والشاملة بين الطرفين، مُذْ أطلقها "لقاء أنابوليس"، قد انتهت إلى ما يصلح دليلاً مُقْنِعاً ومُفْحماً على أنَّه كلَّما توسَّع وتعمَّق الطرفان في بحث قضايا النزاع الجوهرية والأساسية شَعَرا أنَّ المسافة بينهما وبين السلام تتَّسِع وتطول، وكأنْ لا نتيجة عملية مفيدة لتفاوضهما على هذا النحو إلاَّ هذه النتيجة.

كلاهما يدرك الآن، وعلى نحو أفضل من ذي قبل، أنَّ المرونة التفاوضية والسياسية القصوى لأحدهما لا يمكنها أن تشق الطريق إلى حلٍّ نهائي يمكن أن يحظى بقبول الآخر، فأسوأ حلٍّ نهائي يمكن أن يقبله رئيس السلطة الفلسطينية يتعذر أن يقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأسوأ حلٍّ يمكن أن يقبله رئيس الوزراء الإسرائيلي يتعذر أن يقبله رئيس السلطة الفلسطينية؛ أمَّا "الوسيط"، أو "الشريك"، أو "الراعي"، وهو الولايات المتحدة ممثَّلة بإدارة الرئيس بوش، فلا يملك من المواقف إلاَّ ما يجعله سبباً في استمرار هذا الاستعصاء التفاوضي، وإلاَّ ما هو تفسير استماسكه بفكرة أنَّ المفاوضات المباشرة بين الطرفين هي وحدها الطريق إلى السلام؟!

الآن، أي في ربع الساعة الأخير، يدير الفلسطينيون مفاوضاتهم مع إسرائيل بما يشير إلى رغبتهم في التوصُّل إلى نتيجة قد تفيدهم في سعيهم إلى إظهار وتأكيد أنَّهم بذلوا وسعهم للتوصُّل إلى حلٍّ نهائي قبل مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، وأنَّ إسرائيل ليس لديها من الأسباب ما يحملها على السعي إلى سلام حقيقي، وأنَّ الولايات المتحدة لم تَقُمْ في عهد إدارة الرئيس بوش إلاَّ بما يشجِّع الدولة اليهودية على الاستمساك بشروط ومطالب لا يؤدِّي الاستمساك بها إلاَّ إلى جعل السلام ضرباً من المستحيل.

ولقد أحسن المفاوِض الفلسطيني صُنْعاً إذ أدار مفاوضاته مع المفاوِض الإسرائيلي وِفْق مبدأ "لا اتِّفاق (يُعْلَن) على أيِّ قضية قبل الاتِّفاق على سائر (أو كل) القضايا (الجوهرية، موضع التفاوض)"، وإذ رفض، بالتالي، كل اقتراح يمكن أن يؤدِّي الأخذ به إلى اتفاقات، أو حلول، تطيل، و"تُلغِّم"، الطريق إلى "الحل النهائي"، كاقتراح "الدولة (الفلسطينية) ذات الحدود المؤقَّتة"، واقتراح ترحيل قضيتي "القدس الشرقية" و"اللاجئين" إلى مفاوضات تُعْقَد بعد تنفيذ اتِّفاق (يُوقَّع الآن) على القضايا الأخرى.

وأحسن صُنْعاً إذ بدأ سعياً لتدوين كل ما كان (أو أصبح) موضع اتِّفاق مع الطرف الإسرائيلي في "ورقة"، وتدوين كل ما ظلَّ موضع خلاف في "ورقة أُخرى".

إذا نجح في مسعاه هذا، ونُشِرت "الورقتين"، بعد فشل، وإعلان فشل، المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، فسوف يَظْهَر ويتأكَّد أنَّ كفَّة استمرار النزاع (أي كفَّة "الورقة الثانية") ما زالت ترجح على كفَّة إنهائه عبر التفاوض السياسي (أي كفَّة "الورقة الأولى").

ولا شكَّ في أنَّ كل من له مصلحة في الإبقاء على "وَهْم السلام"، بعد مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، قد شرع يحاوِل إنهاء المفاوضات بـ "نتيجة"يمكن تأويلها، وإنْ بصعوبة، بما يبقي هذا الوهم على قَيْد الحياة، فإعلان "الحقيقة"، أي إعلان فشل المفاوضات، وفشل خيار "الحل عبر التفاوض السياسي"، على رغم (وربَّما بسبب) ما أبداه الفلسطينيون والدول العربية من "مرونة (تفاوضية وسياسية)"، ليست بالمرونة في معناها الحقيقي، إنَّما يُلْزِم الطرف الفلسطيني والعربي مواقف تَفْتَقِرُ إلى "قواها"، فإعلان هذا الفشل يجب أن يقترن بإعلان استراتيجية فلسطينية وعربية جديدة، يَظْهَر فيها ويتأكَّد أنَّ الفلسطينيين والعرب قد تمثَّلوا معاني وعِبَر ودروس التجربة الطويلة لخيار "الحل عَبْر التفاوض" مع كل ما تفرَّع منه من قرارات ومواقف ومبادرات..

إنَّ كل تجربة تنتهي إلى نتائج تذهب بما توقَّع صاحبها قبل، وفي أثناء، خوضه لها لا أهمية تُذْكَر لها إذا لم يَخْرُج منها صاحبها بالدروس والعِبَر الجوهرية، وإذا لم يتخلَّ، بالتالي، عن وهم أنَّ خوض التجربة نفسها، غير مرَّة، يمكن أن يتمخَّض عن نتائج مختلفة.

ولعلَّ خير وأهم استنتاج يمكن استخلاصه من تجربة خيار "الحل عبر التفاوض" هو أنَّ الفلسطينيين والعرب قد دخلوا معترَك التفاوض بـ "أسلحة"، كان يكفي أن تراها إسرائيل، وتختبرها، حتى تشتد الحاجة لديها إلى نبذ خيار السلام، وإلى إبداء مزيد من التشدُّد في شروطها ومطالبها، وكأنَّ الفلسطينيين والعرب قد كانوا بضعفهم، الذي جُلُّه من صُنْع أياديهم، الحليف الاستراتيجي الثاني لإسرائيل بعد الولايات المتحدة!

وهذا الضعف الاستراتيجي، في وجهيه التفاوضي والسياسي، هو ما أنْتَج التناقض الآتي: الطرف الفلسطيني والعربي لا يستطيع تلبية الشروط والمطالب الإسرائيلية توصُّلاً إلى "السلام"؛ وفي الوقت نفسه، لا يملك من الشروط والأسباب والقوى ما يمكِّنه من القيام بما ينبغي له القيام به بعد، وبسبب، فشل، وتأكُّد فشل، مفاوضات وفُرَص السلام!

وهذا إنَّما يعني أنَّ ضعف الفلسطينيين والعرب في داخل قاعة المفاوضات هو، على عِظَمِه، أقل من ضعفهم في خارجها!

وإنَّه لَمِن الوهم الخالص أن يُنْظَر إلى تقرير الدول العربية إنهاء التزامها "مبادرة السلام العربية"، بعد انتهاء "فرصة السلام الأخيرة" إلى ما انتهت إليه، على أنَّه "القوَّة" التي شرعوا يستجمعونها ويحشدونها، فهذه "المبادرة" ليست هي السبب الذي أضعف الفلسطينيين والعرب تفاوضياً، فضعفهم هذا هو السبب الذي أضعف "مبادرتهم"، التي تحدَّتهم، وما زالت تتحدَّاهم، على أن يملكوا من "فنِّ الإقناع" ما يمكِّنهم من "إقناع" إسرائيل (والولايات المتحدة) بأهميتها وجدواها وضرورتها. "المبادرة" في حدِّ ذاتها لم تَضْعِف العرب تفاوضياً، فضعفهم الاستراتيجي، بأوجهه كافَّة، هو ما تسبَّب في إضعاف "مبادرتهم"، التي لا نغالي إذا قُلْنا إنَّ تنفيذها (أي "إقناع" إسرائيل بقبولها) يحتاج إلى أن يصبح العرب أقوى عشر مرَّات ممَّا هُمْ الآن.

هذا الخيار، أي خيار أن نصبح أقوى عشر مرَّات ممَّا نحن الآن توصُّلاً إلى "إقناع" إسرائيل بقبول "مبادرة السلام العربية"، على واقعيته، أي على ضرورته الواقعية، ليس بـ "الواقعي" في عالم السياسة العربية، التي هي "عِلْم وفن" أن تُضْعِف نفسكَ بنفسك، لتتَّخِذ من ضعفكَ، بعد ذلك، عُذراً هو الأقبح من ذنب!

إنَّ أخشى ما أخشاه أن يُقال بعد أن يغادِر الرئيس بوش البيت الأبيض، ويتأكَّد للقاصي والداني أنَّ خيار "الحل عبر التفاوض" قد فشل؛ لأنَّه لم يستوفِ بعد الشروط الفلسطينية والعربية لنجاحه، إنَّ إدارة الرئيس بوش هي العقبة التي كانت في طريق السلام، وإنَّ هذه العقبة قد زالت إذ رحلت تلك الإدارة، وإنَّ "الفرصة الحقيقية" للسلام قد تهيَّأت، بعد وبفضل، رحيلها، فلْيَسْتَمِر الوهم طريقاً، ولْنَسْتَمِر في السير فيها قُدُماً.

وقد يُمهَّد لهذا القول العربي "البليغ" باصطناع "نجاح تفاوضي (في اللحظة الأخيرة)"، هو الفشل بعينه وقد ألبسوه لبوس "النجاح"؛ ويشبه كثيراً "النجاح" الذي أحرزه "لقاء أنابوليس"، والذي تُرْجِم بذاك "البيان" الذي أُلقي في نهايته!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف