الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رسائل رجل محترم جدا بقلم:محمد نصار

تاريخ النشر : 2008-06-14
رسائل رجل محترم جدا

محمد نصار

الرسالة الخامسة
حبيبتي هدى.
في رسالتي السابقة كنت قد أشرت إلى بعض المزايا الجميلة، التي نتمتع بها في هذا المكان، ووعدتك حينها بالحديث عن المزيد منها في الرسائل التالية،ولأني ختمت حينئذ بالحديث عن حديقة المستشفى والأوقات الممتعة التي نمضيها بين أزهارها وأشجارها، نتأمل حسنها ونهيم بساحرالفتان، فأني أبدأ من حيث انتهيت،في رسالتي الأخيرة.
هي الجنة التي نرنو إليها في كل يوم، ننظر إليها من خلف النوافذ التي تحبسنا طيلة النهارعنها، نتابع طيورها بألوانها الزاهية البهية وهي تمارس سر الحياة دون منغصات تكدر صفوها، نرهف السمع إلى غزلها الشجي، فيذوب فينا خدرا يسكر القلوب، نشم أريج ورودها، فيكسونا حللا من مسك وعنبر، نراقب أوراقها حين تغازلها النسائم وهي تميل بغنج ودلال، وما أن تنكسر الظلال على الجدران المقابلة وتمدد تحت الأشجار الوارفة، حتى تصر المفاتيح في أقفالها وتنزع القيود من أبوابها ، فنمضي أفرادا وجماعات لنستظل بظلالها،نجوب طرقاتها .. نستلقي على أعشابها .. نشم شذا عبيرها ونلتقي الأسر التي تجييء للزيارة والاطمئنان على أبنائها، صحيح أن وقت الزيارة في موعد آخر من النهار، إلا أن الناس اعتادوا المجيئ في هذه الساعة ،أي قبل الغروب بقليل، ربما لأنها أقل ضجة وصخبا من باقي ساعات النهار،وربما لأن الأجواء تكون ألطف وأكثر اعتدالا، خصوصا في أيام الصيف .
كثير من الأشياء والأمور تحدث في هذه الفترة بين المقيمين والطارئين،حلقات منتشرة فوق بسط سندسية، بعضها لا يزيد عدد أفرادها عن اثنين أو ثلاث وبعضها تزيد عن ذلك بقليل، فالأمر مرهون بمكانة المريض من أهله، وكثير من المرضى مثلي،يمضون أوقاتهم في متابعة الآخرين، أو التطفل عليهم من أجل سيجارة، أو كوب شاي،وهذا بدوره يقودني للحديث عن هذه الظاهرة الغريبة، والتي أقصد بها التدخين طبعا، هذا الشره العجيب والغريب الذي يبدونه للتبغ،لا أعرف سره ولا مصدره، فما أن يبرز أحد الضيوف سجائره، حتى يتحوطه عدد من المرضى، عادة غريبة لا أعرف لها تفسيرا ولا أدري كيف اهتدوا إليها، فما أن يشم أحدهم رائحة تبغ في أقصى الحديقة ، حتى يتتبع خيطه المدود عبر الأثير إلى أن يصل مصدره، هنا أذكر مشهدا حدث أمامي قبل يومين، فبينما أحد الزوار يهم بفتح علبة سجائره،إذ أحاط به عدد من المرضى، كل واحد منهم يمني النفس بسيجارة تحمل نكهة جديدة، فجفل الرجل ونظر إليهم بشيء من الارتباك، لكنه حين رأى أنظارهم المتعلقة بعلبةالتبغ، ابتسم في وجوههم وراح يوزعها عليهم واحدا تلو الآخر، ثم أخرج ولا عته وأشعل لنفسه سيجارة قبل أن يمد لسان اللهب إلى واحد منهم، فنفث الأخيرعليه بقوة أطفأته ونظر إلى الرجل الذي بدا مرتبكا إلى أبعد حد، ثم انتزع السيجارة المشتعلة من بين شفتيه، فأشعل منها و ناولها للآخرين لكي يحدو حدوه، ثم قال بما يشبه التقريع : في أزمة وقود في البلد يا أستاذ .
تعززت قناعتي بما قاله المريض بعد يومين من تلك الحادثة ، إذ تم منع أي زائر من دخول المطبخ أثناء موعد الزيارة،صحيح أن الأمر كان متاحا قبل هذه الأزمة ، لكن توافد الزوار بأعداد كبيرة على المطبخ، بحجة تسخين الطعام ،أو صنع الشاي وما شابه من أشياء للمرضى،والمشاحنات التي تحدث بسبب ذلك،جعلت إدارة المستشفى تتابع الأمر عن كثب وقد رابها هذا التقليد المستجد، لتكتشف بعد ذلك،أن الأمر لم يكن سوى حيلة، أراد الناس من ورائها طهي الطعام داخل المستشفى بحجة إطعام مرضاهم،هنا تأكدت قناعتي بأن ما دار من أحاديث عن أزمة السيرج التي حدثتك عنها في الرسالة السابقة حقيقة وكنت أحسبها من قبل مزحة، أوخدعة أراد بها الطبيب إلهاء المرضى أو إسكاتهم، ثم يسدل الليل ستائر عتمته، فيعيدنا من جديد إلى وحشة معجونة بمر الحكايا التي نسمع وضنكها، فإن كان هذا حالكم ، فنحن في نعيم نحسد عليه وبحبوحة من العيش آمل أن تحظون بشيء منها.
حبيبتي هدى، يبدو أني قد أسرفت في الحديث بعض الشيء وفتحت عليك مواجعا أنت في غنى عنها، لكني معذور، فالحديث معك له وقع جميل في نفسي وصدى لا أجده في سواه.
حبيبك المخلص دوما
يوسف
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف