ابن العلقمي..سُنّياً!
القصة معروفة كما تداولها عدد من المؤرخين في روايتهم حول سقوط بغداد، فالوزير الشيعي ابن العلقمي الذي قد مضى في الوزارة 14 عاماً، تآمر على سيده الخليفة المستعصم بالله، آخر خلفاء بني العباس ببغداد، وراسل هولاكو، وأطمعه في غزو بغداد، بل واتخذ اجراءات عملية في سبيل تيسير ذلك من أهمها: خفض تعداد جيش الخلافة من 100000 إلى 10000 فقط. وأرجع المؤرخون سبب هذه الخيانة إلى أحداث طائفي حدثت بالكرخ قبل فترة من غزو هولاكو، استباح فيها أحمد بن المستعصم بالله وقواته منطقة الكرخ الشيعية، فقتلوا وسبوا ودمروا، وكان أهل الوزير من سكان الكرخ، فنالهم ما نال الجميع من القتل والسبي والبطش على يد ابن الخليفة وولي عهده.
وأصبح ابن العلقمي رمزاً للخيانة، بل زد على ذلك أنه أصبح إسفيناً من الأسافين الكثيرة التي دقت بين السنة والشيعة على مر التاريخ، فالشيعة يتولون ابن العلقمي في غالبيتهم العظمى بصفته أحد علمائهم، والسنة يلعنونه بصفته من سلم مفاتيح بغداد للتتار!
وعلى الرغم من محاولة بعض المحققين التاريخيين من الشيعة، بل وأيضاً من السنة، الدفاع عن الرجل ونفي ما نسب إليه من خيانة، والطعن في دقة الروايات التاريخية التي جرّمت الرجل، إلا أن صورته ارتبطت بهذه الروايات، وأصبح في نظر السنة على الأقل "أبا رغال الثاني". ومن يتابع الأخبار يعلم كم تستخدم مصطلحات مثل "العلقميون الجدد"، "ابناء ابن العلقمي"، و"العلاقمة" من بعض أهل السنة لوصف بعض الشيعة وخصوصاً بعد احتلال العراق.
ولكن المتابع لما يجري في المنطقة من أحداث في الآونة الأخيرة، يلاحظ الأمريكي وهو يسوق الخوف من الخطر الشيعي على الدول السنية، مستدعياً كل التناقضات التاريخية والفقهية والعرقية بين السنة والشيعة، ساعياً لدى العقلية العربية، السنية في غالبيتها العظمى لإحلال ايران بدلاً من اسرائيل كعدو أول للأمة!
كما يلاحظ أيضاً مدى تماشي الأنظمة العربية "السنية" مع هذا الطرح، حتى أنك ترى وتسمع من يعتبر القنبلة النووية الايرانية المستقبلية خطراً على وجوده، في حين أنه لا ينبس ببنت شفة عن مئات القنابل النووية الاسرائيلية الموجودة فعلاً!
بل والأدهى من ذلك أن هناك من "أهل السنة" العرب من يقترح مظلة نووية اسرائيلية لحماية بلاده من الخطر النووي الايراني!!
بل ومنهم من يتوسل إلى أمريكا ألا تخرج من العراق، حتى لا تتفرد إيران بالمنطقة! وإن أرادت الخروج فليس قبل توجيه ضرية قاصمة لإيران تعيدها إلى العصر الحجري، كما حدث في العراق!
ورغم أنني أنتسب لأهل السنة والجماعة، لكنني لا بد أن أتساءل:
ما الفرق بين الشيعي الذي استدعى التتري نكاية في السني، وبين السني المستقوي بالصهيو-أمريكي على الشيعي؟
هل موالاة الكافر حلال للسني، حرام على الشيعي؟
هل المسلم الشيعي أخطر على المسلم السني من اليهود والصليبيين؟
وأختم بالسؤال: ترى.. أبعث ابن العلقمي في عصرنا..سنّياً؟
عبد القادر المطري
13/6/2008
القصة معروفة كما تداولها عدد من المؤرخين في روايتهم حول سقوط بغداد، فالوزير الشيعي ابن العلقمي الذي قد مضى في الوزارة 14 عاماً، تآمر على سيده الخليفة المستعصم بالله، آخر خلفاء بني العباس ببغداد، وراسل هولاكو، وأطمعه في غزو بغداد، بل واتخذ اجراءات عملية في سبيل تيسير ذلك من أهمها: خفض تعداد جيش الخلافة من 100000 إلى 10000 فقط. وأرجع المؤرخون سبب هذه الخيانة إلى أحداث طائفي حدثت بالكرخ قبل فترة من غزو هولاكو، استباح فيها أحمد بن المستعصم بالله وقواته منطقة الكرخ الشيعية، فقتلوا وسبوا ودمروا، وكان أهل الوزير من سكان الكرخ، فنالهم ما نال الجميع من القتل والسبي والبطش على يد ابن الخليفة وولي عهده.
وأصبح ابن العلقمي رمزاً للخيانة، بل زد على ذلك أنه أصبح إسفيناً من الأسافين الكثيرة التي دقت بين السنة والشيعة على مر التاريخ، فالشيعة يتولون ابن العلقمي في غالبيتهم العظمى بصفته أحد علمائهم، والسنة يلعنونه بصفته من سلم مفاتيح بغداد للتتار!
وعلى الرغم من محاولة بعض المحققين التاريخيين من الشيعة، بل وأيضاً من السنة، الدفاع عن الرجل ونفي ما نسب إليه من خيانة، والطعن في دقة الروايات التاريخية التي جرّمت الرجل، إلا أن صورته ارتبطت بهذه الروايات، وأصبح في نظر السنة على الأقل "أبا رغال الثاني". ومن يتابع الأخبار يعلم كم تستخدم مصطلحات مثل "العلقميون الجدد"، "ابناء ابن العلقمي"، و"العلاقمة" من بعض أهل السنة لوصف بعض الشيعة وخصوصاً بعد احتلال العراق.
ولكن المتابع لما يجري في المنطقة من أحداث في الآونة الأخيرة، يلاحظ الأمريكي وهو يسوق الخوف من الخطر الشيعي على الدول السنية، مستدعياً كل التناقضات التاريخية والفقهية والعرقية بين السنة والشيعة، ساعياً لدى العقلية العربية، السنية في غالبيتها العظمى لإحلال ايران بدلاً من اسرائيل كعدو أول للأمة!
كما يلاحظ أيضاً مدى تماشي الأنظمة العربية "السنية" مع هذا الطرح، حتى أنك ترى وتسمع من يعتبر القنبلة النووية الايرانية المستقبلية خطراً على وجوده، في حين أنه لا ينبس ببنت شفة عن مئات القنابل النووية الاسرائيلية الموجودة فعلاً!
بل والأدهى من ذلك أن هناك من "أهل السنة" العرب من يقترح مظلة نووية اسرائيلية لحماية بلاده من الخطر النووي الايراني!!
بل ومنهم من يتوسل إلى أمريكا ألا تخرج من العراق، حتى لا تتفرد إيران بالمنطقة! وإن أرادت الخروج فليس قبل توجيه ضرية قاصمة لإيران تعيدها إلى العصر الحجري، كما حدث في العراق!
ورغم أنني أنتسب لأهل السنة والجماعة، لكنني لا بد أن أتساءل:
ما الفرق بين الشيعي الذي استدعى التتري نكاية في السني، وبين السني المستقوي بالصهيو-أمريكي على الشيعي؟
هل موالاة الكافر حلال للسني، حرام على الشيعي؟
هل المسلم الشيعي أخطر على المسلم السني من اليهود والصليبيين؟
وأختم بالسؤال: ترى.. أبعث ابن العلقمي في عصرنا..سنّياً؟
عبد القادر المطري
13/6/2008