الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ايهما اسبق قصيدة النثر ام بحور الفراهيدي ..! بقلم:عمر قويدر

تاريخ النشر : 2007-09-12
ايهما اسبق قصيدة النثر ام بحور الفراهيدي .. !!؟

عمر قويدر

.. هناك الكثير من النقاد و الادباء و الكتاب و حتى الشعراء انفسهم يقفون موقفا سلبيا و محايدا من قصيدة النثر و يعتبرونها دخيلا على الشعر و انها طرقت الباب الشعري و عبرت اليه و بدون استئذان .. و راح البعض يعيرونها بالتقصير و النقص و انها جنس ادبي دخيل لا يمت الى الشعر بصلة و ان الشعر منها براء .. و يطالبون على الدوام بوأدها و فصلها تماما عن الشعر ، و لا يحاولون الالتفات اليها و اعطاءها القدر اللازم من الاهمية .. لانها – على حد قول البعض – مولود مشوه وغير مكتمل و يفتقد الى الكثير من عناصر و ادوات الشعر الحقيقي ..

.. و بالرغم من هذا التنكر .. و هذه الانتقادات المستمرة في التطاول على قصيدة النثر الا انها قد بدأت بالظهور و بشكل علني و اخذت موقعها و اصبحت تحتل مكانا مرموقا و اصبحت تتمتع بالحفاوة و التكريم و يتناولها البعض و يستمتع بها و يتعامل معها بكل رحابة و قبول ..

ان قصيدة النثر هي شكل من اشكال التجديد في المشهد الشعري .. فالقصيدة العمودية الكلاسيكية ما زال لها حضورها و تألقها، و لكنها قد اخذت زمانها و استوفت حضورها و اشتعالها .. و بعد ان ضاق البعض من الوقوف طويلا على بساطها .. ظهرت من بعدها يسمى بقصيدة التفعيلة و هي ايضا حققت مكاسب كبيرة و قبولا شاسعا و ارتادها الكثير من الشعراء و نجحوا في كتابتها نجاحا باهرا و لم يحاولوا الخروج عنها .. ثم ازدادت دواعي الحداثة فظهر ما يسمى بالشعر المرسل ( الحر ) و تناولها الشعراء ايضا و كتبوها و جودوا فيها ، فخرجت في ابهى صورها و اجملها ثم تبعها ما سمي " بقصيدة النثر " .. ( او الشعر المنثور ) و هذا الجنس من الشعر لم يلقى ترحيبا سريعا و غض الكثير الشعراء الطرف عنه و اعتبره البعض مسخا للقصيدة لانه يخلو من الوزن و القافية .. !

ان محاولات التجريب في الشعر لا تاتي اعتباطا و انما هي وليدة الحاجة و الضرورة و تجيء بهدف محاولة استيعاب تطورات الحياة المتسارعة في تفسير الاشياء و رصد انفعالاتها و ارهاصاتها و افراحها و احزانها .. و بالتالي فانه لا يجوز لنا ان نتقوقع على الدوام داخل عباءة " الفراهيدي " و نتدثر بها و نعتبر كل من يخلعها او يخرج عنها فانما هو قصور او افلاس او عدم مقدرة على الابحار في بحور الخليل ابن احمد الفراهيدي

اذ لا يجوز ان نعتبر الاوزان الفراهيدية بمثابة الدستور الذي لا يتغير و ان أي تحول او زوغان عنه يميل بصاحبة الى الرفض و التعييب و التنكر ..

فهذا الثعالبي قد اخذ على المتنبي خروجه عن بحر الطويل في قوله :

تفكره علم ، و منطقه حكم و باطنه دين ، و ظاهره ظرف

قالوا ان المتنبي قد خرج عن الوزن لانه لم يجيء عن العرب في عروض الطويل " مفاعلين " – غير مصرع- و انما جاء في قوله مفاعلن ؟!

فهناك الكثير من الشعراء من حاول الخروج على بحور الخليل و لا نستطيع ان نجد سببا غير ان الشاعر احيانا ينتابه شيء من التعب و ضيق في التنفس حين يجدف فوق امواح هذه البحور ، وقد تصاب احيانا اندفاعاته و محاولاته في هذا البحر او ذالك بتجلط في الكلمات فلا يقوى على نطقها . او قد يكون مل التعامل بها فسأمها ..

يقول الدكتور" يوسف بكار " هناك عدد من الشعراء من خرج على عروض الخليل في اشعارهم فلا ندري الرتابته ام لاشياء اخرى .. " ؟

.. ان هذه التبعية الصلبة لاوزان الشعر الفراهيدية المعروفة لهي تسلط على الخاطر وتضييق على النفس الجياشة بالشعور و العاطفة و الوف من الصور و الكلمات ، و التي تحاصر او تحارب الانغام و الايقاعات العفوية التي يأتي بها الخاطر الفطري . حتى ان محاولة ابتكار اوزان جديدة لم تقع و حيث وقعت كما يقول " غربناوم " لم تصادق استجابة .

وهذا " عبدالله البصري " قد خرج شعره عن العروض و كذلك ابو العتاهيه و غيرهم حتى قيل ان كثيرا من شعر البصري يخرج عن العروض ..

ان الشعر بمثابة خواطر ذو نغمات موسيقية يبعثها الوجدان و تبثها الروح و تؤكدها الفطرة . يقول " قدامة " و علما الوزن و القافية و ان خصا الشعر – فليست الضرورة داعية اليهما لسهولة وجودهما في طباع اكثر الناس من غير تعلم مما يدل على ذلك ان جميع الشعر الجيد المستشهد به انما هو لمن كان قبل واضعي العروض و القوافي ، و لو كان الضرر داعية لكان جميع هذا الشعر او اكثره فاسدا .. و يتابع – قدامة – فيقول فان من يعلمه و من لا يعلمه ليس يعول في الشعر اذا اراد قوله الا على ذوقه دون الرجوع اليه . فان كانت هذه حالة فان الجهل به غير ضائر . ( انتهى )

و يتبعه ابن سنان فيقول : " و لست اوجب على الشاعر المعرفة بها ( أي الاوزان ) لينظم بعمله ، فان النظم مبني على الذوق " .

هناك الكثير من الشعراء من ينطوي او لا يجرؤ الحقيقة بان الوزن يكون احيانا سببا في هروب الخاطر و ذلك يكون ما بين استقبال براق الشعر الذي يمتاز بخاصية المغافلة او المداهمة المفاجئة و الغروب السريع و بين الركض خلف الكلمات التي تناسب حروف التفعيلة التي هذه بدورها تقسى احيانا على كثير من الصور الشعرية و التي هي اساس رخيم في بناء القصيدة .

.. نعم ان الشعر موجة ضوئية صادقة منبعثة من الاعماق النفسية ، فلكي تعطي صورة جميلة تخلو من الاهتزازات و الشوائب يجب ان لا يعترض سبيلها أي عائق . و هذا الشاعر الامريكي " بترفيريك " الذي يرى ان الشعر ليس سهلا لانه يعبر عن الصراع النفسي و المعاناة و الجهد ... الشعر صعب في راية لانه يصور صراعا كاملا بين الشاعر و بين المؤثرات التي تثيره للابداع و بين اوزان الشعر و كلماته التي يصب فيها هذا الصراع !

لقد اثبتت قصيدة النثر قدرتها و منافستها .. لانها عملت على استيعات كافة التجارب الحياتية على اختلاف اشكالها ، لان القصيدة الموزونة انتهى عصرها و اصبحت غير قادرة على استيعاب انسان العصر الحديث بحزنه و المه و خيره و شره و ذلك لما قد يكون لها من تأثير على طول القصيدة و غرضها . و هذا ما ذهب اليه ابن وهب حين قال : ان الوزن قد يحد من طول القصيدة و يتسبب فيما يقع فيها من تكلف و اضطراب و حشو و ما الى ذلك .. .

و هذا الشاعر اللبناني " بول شاؤول " يقول : الشعر وجد قبل الوزن و بالطبع سيبقى بعده فالشعراء الجاهليون لم ينظموا الاوزان بل كانت الاوزان فطرية ، و هي ايقاعات حياتهم اليومية .. الحياة الجاهلية هي التي كانت وراء هذه الايقاعات التي تسمى القصائد الجاهلية ، و البحور نظمت ضمن قوانين الفراهيدي في العصور الاسلامية المتأخرة . و هذه الايقاعات الوزنية كانت ايقاعات حياته و ظروفه الانسانية و الاجتماعية و الاقتصادية . و قد استوعبت كل هذه المظاهر .. و يسهب الشاعر شاؤول في قوله : و اليوم حياتنا التي نعيشها هي التي تستنبط ايقاعاتها الموسيقية أي اوزانها .. فلا القصيدة العمومية و لا قصيدة التفعيلة باتتا قادرتين على استيعاب التجربة الانسانية المتشعبة التي نعيشها في القرن العشرين . من هنا ان زمن الوزن قد انتهى و ان قصيدة النثر هي التي يمكن ان تستوعب التجارب المعاصرة .. "

و يكفي في هذا المقام ما قاله الشاعر الكبير نزار قباني في كتابه قصتي مع الشعر " و ليست قصيدة النثر سوى واحدة من الجزر الجميلة التي اهدتها الحرية للشعر العربي الحديث "

و السؤال الذي يطرح نفسه .. كم قصيده موزونه جاءت على خلاف قبول القراء و رضاهم و مشاعرهم و جاءت جافه و تعج بالحشو و الاعشاب الضارة .. قصائد عمياء صماء لا روح فيها و حياة .. و كم من كلمات نثرية منغومة تتأثر بها النفس و تجري في احاسيسها و تعزف على اوتار افراحها و احزانها كلحنا موسيقيا عذبا ..

اقول لجميع من يتنكر لقصيدة النثر : ان القاريء او المتلقي حين يتناول الشعر لا يهمه فيما اذا كان هذا الشعر موزونا ام لا .. كل همه ان يقرأ كلمات تم صياغتها في قوالب لغوية جميلة تحتفي بالصور الشعرية الرائعة و تهتم بالموسيقى و القافية و فيها الشيء الكثير من الصدق و العاطفة ..

فالقصيدة الناجحة هي التي تترك اثارها و حروقها و لذعاتها و لذتها في النفس البشرية و ترددها الالسن بكل بهجة و استحسان .. هي الكلمات التي تضاعف في احساس البشر و تعمل على منحها مزيدا من السمو و التحليق في عالم الفرح و السعادة ..

الا ترون معي بان قوالب الفراهيدي الجاهزة اصابها الكثير من الاهتراء و اصبحت قاصرة و ضيقة و لم تعد تتسع الى المزيد .. و بقيت على حالها قرون طويلة .. و انه ان الاوان لركوب عصر الحداثة و التجديد بدون أي تزمت او تكفير ..
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف