الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العلاقة المتبادلة ما بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، والجماهيرية بقلم:محمد الحنفي

تاريخ النشر : 2007-05-15
العلاقة المتبادلة ما بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، والجماهيرية

محمد الحنفي

www.elhanafi.net

[email protected]

[email protected]

[email protected]

[email protected]

************


الأهداء إلى:

- الطبقة العاملة في عيدها الأممي.

- المنظمات النقابية، والجماهيرية المبدئية.

- أحزاب الطبقة العاملة المحترمة لمبدئية التنظيمات النقابية، والجماهيرية.

- منبر الحوار المتمدن، الذي يحتفل بالعيد الأممي للطبقة العاملة.

- من أجل بناء منظمات نقابية، أو جماهيرية مبدئية.

- من أجل صيرورة المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، في خدمة مصالح العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية.

- من أجل قطع دابر حزبية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، أو تبعيتها لحزب معين، أو جعلها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد، لتأسيس حزب معين.

- من أجل وضع حد للممارسة البيروقراطية في المنظمات النقابية، أو الجماهيرية.

- من أجل تكريس احترام مبدئية العمل النقابي، والجماهيري.

- من أجل تسييد العمل على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية.

محمد الحنفي

**************

مقدمة:

في البداية، لا بد أن أنوه بالحوار المتمدن، الذي يرصد الإشكاليات الكبرى القائمة في الواقع، ويطرحها للنقاش، من خلال محاور محددة، وفي مناسبات محددة، تتناسب مع تلك المحاور، وهو ما يقتضي اعتبار منبر الحوار المتمدن، كمنبر إعلامي، محركا للفكر، في اتجاه تطوير النظرية المؤدية إلى تطوير الممارسة العملية، المساهمة بدورها في طرح الأسئلة الهادفة إلى تطوير النظرية، وهو ما يستوجب استحضار التقدير النضالي، والإعلامي المتميز، للمشرفين على منبر الحوار المتمدن.

ومن المحاور اللافتة للانتباه، والذي شغلني كثيرا من خلال كتاباتي عن النقابة، وعن العمل النقابي، وعن العلاقة بين المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، والأحزاب السياسية، التي يفترض فيها أن تكون مبدئية، بدل أن تختل لصالح حزبية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، أو تبعيتها لحزب سياسي معين، أو اعتبارها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد، لتأسيس حزب معين، أو تحولها إلى مجرد منظمان نقابية، أو جماهيرية، يفعل بها الجهاز البيروقراطي ما يشاء.


فموضوع العلاقة المتبادلة ما بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، هو موضوع يفرض طرحه واقع العمل النقابي، أو الجماهيري، وعلاقة الأحزاب السياسة بذلك العمل، وعملية التشرذم التي صار يعرفها العمل النقابي، أو الجماهيري، بفعل لجوء الأحزاب إلى إنشاء منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، أو تابعة لها، مما يؤدي إلى إضعاف العمل النقابي من جهة، وتراجع دور تاطير الطبقة العاملة، وسائر الأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، من جهة أخرى.

وأتمنى، صادقا، أن يكون طرح هذا الموضوع / الإشكالية، مناسبة لمناقشة دور الأحزاب السياسية في إضعاف المنظمات النقابية أو الجماهيرية، والعمل النقابي، أو الجماهيري، بسبب عدم احترام مبادئ العمل النقابي، أو الجماهيري، التي وجدت لتقف وراء ن قوة المنظمات النقابية، ومنظمات العمل الجماهيري، حتى لا نقول منظمات المجتمع المدني، كمصطلح تضليلي، يراد منه التشويس على الحركة العمالية، أو الجماهيرية، ليصير بديلا للحزب السياسي، كما هو حاصل في العديد من البلدان.

ولتناول هذا الموضوع بالتحليل، لا بد أن ننطلق من طرح الأسئلة، التي ننطلق منها في مناقشة واقع العلاقة بين الأحزاب السياسية من جهة، وبين النقابات، والمنظمات الجماهيرية من جهة أخرى، من أجل الخروج بالتصور الذي نراه مناسبا، لقيام علاقة متكافئة، ومتطورة، ومطورة، للأحزاب السياسية، وللنقابات، وللمنظمات الجماهيرية في نفس الوقت، ومن هذه الأسئلة نجد:

• ما مفهوم الحزب السياسي؟

• وما مفهوم النقابة؟

• وما مفهوم منظمات "المجتمع المدني"؟

• وما هي أسس قيام الحزب السياسي؟

• وما هي أسس قيام النقابة، والمنظمة الجماهيرية؟

• وما هي العلاقة الموضوعية بين الحزب السياسي، والمنظمة الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والجمعوية؟

• ولماذا تصير المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، تابعة للأحزاب السياسية؟

• لماذا تحرص الأحزاب على حزبية المنظمات الجماهيرية؟

• لماذا نجد أن بعض الأحزاب تصير تابعة للمنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

• ما هو التحديد الدقيق لدور الأحزاب السياسية اتجاه الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الجماهير الشعبية؟

• هل نقبل اشتغال الأحزاب على الملفات النقابية، أو الجماهيرية، حتى تنوب عن المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، في العلاقة مع الطبقة العاملة، ومع الأجراء وسائر الجماهير الشعبية؟

• هل تقف الأحزاب عند حدود التأطير السياسي للطبقة العاملة، ولسائر الكادحين، كدور أساسي للحزب العمالي؟

• هل نعتبر أن إشراف الأحزاب السياسة على تشكيل المنظمات الجماهيرية: النقابية، والجمعوية، والحقوقية، بمثابة وصاية على العمل الجماهيري؟

• هل قيام الأحزاب السياسية بتأسيس منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، يدخل في إطار الحرص على حزبية العمل الجماهيري: النقابي، والحقوقي، والجمعوي؟

• هل نعتبر أن تبعية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية للحزب، عمل تحريفي؟

• هل حزبية النقابة، أو المنظمة الجماهيرية، عمل تحريفي؟

• ألا نعتبر أن الأحزاب السياسية ليست بديلا للمنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

• ألا نعتبر في المقابل أن المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ليست بديلا للأحزاب السياسية؟

• هل من حق الحزبي أن ينتمي إلى المنظمات النقابية، أو الجماهيرية التي تناسبه، وتتلاءم مع قناعاته؟

• هل من حق النقابي أن ينتمي إلى الحزب الذي تعبر إيديولوجيته عن مصالحه الطبقية؟

• هل يمكن أن نعتبر أنه ليس من حق الحزبي أن يفرض تصور الحزب في المنظمات النقابية أو الجماهيرية؟

• وهل يمكن أن نعتبر أنه ليس من حق المنتمي إلى منظمة نقابية، أو جماهيرية، تحويل الحزب السياسي إلى مجرد منظمة نقابية، أو جماهيرية؟

• ألا نعتبر أن يكون للمنظمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والجمعوية، دور إيجابي في حدود مجالها، وفي تأثيرها على الأحزاب السياسية، من هذا المنطلق؟

• ألا نعتبر، أيضا، أن يكون للأحزاب السياسية، دور إيجابي في مجالها، وفي تأثيرها على العمل النقابي، أو الجماهيري؟

• أليست العلاقة بين المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وبين الأحزاب السياسيةن علاقة جدلية؟

• فلماذا تحرص الأحزاب السياسية على أن تصير علاقة احتواء؟

• ما هي عوامل ضعف المنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

• هل تكمن في تدخل الأحزاب في عمل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

• هل تكمن في انعكاس الصراعات بين الأحزاب، أوبين أجنحة حزب معين، على سير النقابات، والمنظمات الجماهيرية الأخرى؟

• ألا نعتبر استقلالية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، مسألة أساسية، ومركزية في هذه المنظمات؟

ونحن عندما نبني هذه المنظومة من الأسئلة، انطلاقا من أرضية الحوار المتمدن، إنما نسعى الى تحريك الفكر، انطلاقا من طرح السؤال، وصولا إلى بناء تصور نظري متماسك، لما يجب أن تكون عليه العلاقة الموضوعية، والعلمية، بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، حتى يمكن إنضاج الشروط الموضوعية، لصالح قيام النقابات، وباقي المنظمات الجماهيرية بدورها لصالح تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للطبقة العاملة، ولسائر الأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، الذين يمتلكون، بسبب ذلك، الوعي بأهمية المنظمات النقابية أو الجماهيرية المستقلة، وبأهمية النضال النقابي، أو الجماهيري المستقل، الذي يعتبر مدخلا، ومنطلقا لامتلاك الوعي الطبقي، بمفهومه الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، ومن أن يتحول ذلك الوعي إلى وسيلة لانخراط العمال، والأجراء، من الحزب العمالي، الذي يقود الصراع في أفق تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

• فهل تصير العلاقة بين الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية أو الجماهيرية علاقة موضوعية؟

• هل يؤدى الوعي بأهمية استقلالية المنظمات النقابية أو الجماهيرية، إلى تقوية هذه المنظمات؟

• هل نعتبر قوة المنظمات الجماهيرية المستقلة، وسيلة لتقوية الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها الأحزاب العمالية؟

إننا نسعى إلى الوصول إلى خلاصات يمكن أن تعتمد في تأصيل عمل نقابي، أو جماهيري صحيح، وفي تأصيل العلاقة بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، على أساس صحيح أيضا.

مفهوم الحزب السياسي؟

إننا عندما نطرح هذا المفهوم للنقاش، فإننا نجد أنفسنا مضطرين للقول: بان الحزب السياسي هو تنظيم يشترط في قيامه وجود مجتمع تتصارع في إطاره الطبقات الاجتماعية المختلفة. ولكل طبقة من هذه الطبقات المتصارعة إيديولوجيتها المعبرة عن مصالحها الطبقية، التي تدفعها الى العمل على تنظيم نفسها، حسب ما تقتضيه إيديولوجيتها، حتى تتخذ مواقف سياسية متناسبة مع طبيعة الإيديولوجية، ومع طبيعة التنظيم في نفس الوقت، حتى تستقطب حولها المزيد من الجماهير المعتمدة في الوصول إلى المؤسسات التقريرية، والتنفيذية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، في أفق الوصول الى السيطرة الطبقية على أجهزة الدولة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وبناء على هذه التوطئة، لا بد من توفر أسس محددة لقيام الحزب السياسي. وهذه الأسس هي:

1-الأساس الإيديولوجي الإقطاعي، أو البورجوازي التابع، أو البورجوازي الصغير، أو العمالي، أو اليساري المتطرف، أو اليمين المتطرف؛ لأنه بدون ذلك الأساس، لا يمكن أن توجد أحزاب سياسية حقيقية، وإذا وجدت فإنها لا يمكن أن تكون إلا مفبركة، للتشويس على إمكانية قيام أحزاب حقيقية، انطلاقا من التشكيل الإيديولوجي المحتمل قيامه في إطار التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية القائمة في بلد محدد من البلدان ذات الأنظمة التابعة القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

2- الأساس التنظيمي، الذي يقتضي وجود تصور للتنظيم الحزبي المتناسب مع طبيعة الأيديولوجية الإقطاعية، أو البورجوازية التابعة، أو البورجوازية، أو البورجوازية الصغرى، أو العمالية، أو اليسارية المغامرة، أو اليمينية المتطرفة، لأنه بدون وجود تصور تنظيمي من هذا النوع، ستتحول الأحزاب الى مجرد كائنات هلامية، لا تستطيع إيجاد برنامج هادف، ولا تطالب بتحقيق الديمقراطية، ولا تحرص على بناء دولة الحق والقانون، ولا تحرص على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، باعتبارها أهدافا كبرى، تقود الى تحقيق الارتباط بالجماهير الشعبية، صاحبة المصلحة في تحقيق تلك الأهداف الكبرى.

3- الأساس السياسي المنسجم مع طبيعة الإيديولوجية، ومع التصور التنظيمي المنسجم معها، حتى يستطيع الحزب التعبير السياسي عن إرادة الطبقة التي يمثلها، ويقودها في طموحات، وتطلعات الطبقات الاجتماعية، التي تتقاطع مصالحها مع مصالح الطبقة المعبرة عن إرادة الجماهير الشعبية التي تتقاطع مصالحها مع مصالح الطبقة التي يمثلها الحزب، الذي يصدر عنه موقف سياسي معين، تجاه مختلف القضايا الدولية، والقومية، والوطنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

والحزب السياسي عندما لا يصدر عنه موقف سياسي معين، فإن هذا الحزب يبقى مفصولا عن واقعه، ولا يستطيع اختراق النسيج الاجتماعي، ولا يرقى أبدا الى مستوى التعبير، حتى عن مصالح الطبقة التي يمثلها. وسيصير مجرد حزب صنيع للإرادة، التي تحركه كما تشاء، وفي مختلف المناسبات التي تخطط لها.

وانطلاقا من هذه الأسس، التي أتينا على ذكرها، فإن الحزب السياسي هو التعبير الفعلي عن تنظيم طبقة اجتماعية معينة، وقيادة تلك الطبقة، في أفق تحقيق مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي لا يمكن ضمان أجرأتها على أرض الواقع إلا بالوصول الى الأجهزة التقريرية، والتنفيذية، وصولا إلى السيطرة على أجهزة الدولة.

فهل يحترم هذا المفهوم في تأسيس الأحزاب التي تعرفها المجتمعات لتي تعاني من تسلط الأنظمة التابعة؟

مفهوم النقابة:

وعندما يتعلق الأمر بالتنظيم النقابي، فإننا لا نحتاج إلى توفر أسس قيام حزب سياسي؛ لأننا سنكون أمام عمل من نوع آخر، له علاقة بتنظيم شريحة اجتماعية معينة، تجمعها نفس الشروط الموضوعية، التي تدفعها الى تنظيم نفسها في إطار معين، من أجل التفكير الجماعي، في صياغة الملف المطلبي، وفي بناء البرنامج النضالي، من أجل تنفيذه على أرض الواقع، في أفق تحقيق المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

والنقابة، أي نقابة، لا يمكن أن تقوم إلا على أساس:

1) وجود قطاع معين، أو مجموعة من القطاعات التي تجمعها نفس المصالح، ونفس الوضعية، وتسعى إلى تحقيق نفس المطالب.

2) تحديد الأهداف ( المطالب ) المادية، والمعنوية، التي يسعى قطاع معين، أو مجموعة من القطاعات، إلى تحقيقها على المدى القريب، والمتوسط.

3) وجود ملف، أو ملفات مطلبية محددة، معتمدة في التعامل مع العاملين في قطاع معين، أو مع مجموعة من القطاعات، التي لها مصلحة اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، في تحقيق تلك المطالب.

4) وجود برنامج نقابي، يعتمد في ممارسة الضغط على الجهات المشغلة، وعلى أجهزة الدولة في نفس الوقت، لأنه بدون ذلك البرنامج، الذي تلتزم النقابة بتنفيذه، تختفي النقابة من الوجود.

وهذه الأسس التي تقوم عليها النقابة، تختلف جملة، وتفصيلا، عن الأسس التي يقوم عليها الحزب، بسبب اختلاف المجال، واختلاف المهام، واختلاف الأهداف.

وإذا كان الحزب يعمل على أساس وجود برنامج مرحلي، وبرنامج استراتيجي، فان النقابة لا تعمل إلا على أساس وجود برنامج مرحلي، يتغير باستمرار.

ونفس الشيء، نجد أن الحزب يسعى الى الوصول الى السلطة، أو إلى امتلاك أجهزة الدولة. أما النقابة فتقف عند حدود الوصول الى تحسين الأوضاع المادية والمعنوية لقطاع معين، أو لمجموعة من القطاعات، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. كما هي في الملف المطلبي للنقابة، وانطلاقا من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن المواثيق الصادرة عن منظمة العمل الدولية.

والنقابة التي تعمل في صفوف قطاع معين، أو في صفوف مجموعة من القطاعات الاقتصادية، والاجتماعية. تكون إما منظمة حزبية، أو تابعة لحزب معين، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو بيروقراطية أو مبدئية. فالمنظمة النقابية الحزبية، هي التي تعمل في صفوف قطاع معين، أو في صفوف مجموعة من القطاعات، انطلاقا من برنامج حزبي محدد، يهدف إلى ربط الحزب بالقطاعات المختلفة، وفي نفس الوقت، إلى توسيع قاعدة الحزب، مما يؤدى إلى قيام التطابق في أذهان الناس بين النقابة، والحزب، انطلاقا من أن كل حزبي نقابي، ومن كل نقابي حزبي. ونقابة كهذه، سرعان ما تجد نفسها منحسرة، بسبب الممارسة السياسية للحزب المنظم للنقابة، وهو ما يترتب عنه الانسحاب الواسع من النقابة، لتبقى مجرد هياكل حزبية قائمة.

والمنظمة النقابية التابعة، هي التي يسيطر على أجهزتها المنتمون الى حزب معين، ويعملون على الالتزام بتوجيه حزبهم في قطاع معين، أو في مجموعة من القطاعات. وبالتالي، فإن الحزب يربط توجيهاته بالرغبة في تنفيذ برنامجه المرحلي، الذي يمكنه من الوصول الى المؤسسات المنتخبة، والى الحكومة، حتى تكون النقابة في التزامها، بتوجيهه لها، مساعدة له على ذلك. وممارسة كهذه، سرعان ما تنكشف، وغالبا ما تؤدى الى التشرذم النقابي، نظرا لتعدد انتماءات النقابيين الحزبية، كما يحصل في العديد من النقابات، وفي مقدمتها، الك.د.ش. المغربية.

والمنظمة النقابية التي تعتبر مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، تبقى رهينة بهذه المهمة. وفي حالة انجازها، تصير مهمتها محصورة في تغدية ذلك الحزب، الذي خرج من رحم النقابة، حتى تصير قوية به، ويصير هو قويا بها. وفي حالة الإخلال بهذه المهمة المتبادلة، فان النقابة والحزب معا، يصيرا ضعيفين.

والمنظمة النقابية البيروقراطية، هي التي يتحكم فيها جهاز بيروقراطي معين، حتى لا تخرج عن تسلطه، وحتى لا تنزاح في اتجاه خدمة مصالح حزب معين، ومن أجل أن تبقى في خدمة الجهاز البيروقراطي، الذي ترتبط مصالحه، في غالب الأحيان، بمصالح الطبقة العاملة، ولضمان الاستمرار في خدمة مصالح الجهاز البيروقراطي، فإن هذا الجهاز يرفض قيام علاقة جدلية بين النضال النقابي، والنضال السياسي. كما يرفض ارتباط النقابة بالحركة الديمقراطية.

أما النقابة المبدئية، فهي التي تعتمد، في سيرها، احترام مبادئ العمل الجماهيري، التي تنسحب على العمل النقابي في نفس الوقت. ولذلك، فالنقابة المبدئية، هي نقابة ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، ووحدوية؛ لأن احترام هذه المبادئ، سيجنب النقابة السقوط في الحزبية، أو في التبعية، أو في اعتبار النقابة مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو في الممارسة البيروقراطية، وسيجعل منها نقابة تهدف الى تحقيق الممارسة الديمقراطية الداخلية، التي تؤهلها للانخراط في النضال الديمقراطي العام، الذي يسعى إلى تحقيق الديمقراطية في المجتمع ككل، حتى يتمتع جميع أفراده بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تصير بذلك تقدمية، تهدف إلى التحسين الشامل للأوضاع المادية، والمعنوية للطبقة العاملة، ولسائر الكادحين، الذين يلتفون حول النقابة، وينخرطون في نضالاتها، لتتحول إلى منظمة جماهيرية، تحافظ على استقلاليتها عن الحكام، وعن الأحزاب السياسية، لتضمن بذلك قدرتها على تحقيق وحدة النقابة، والعمل النقابي في الساحة الجماهيرية.

وانطلاقا من هذا التصنيف، يمكن أن نقول: إن النقابة هي تنظيم جماهيري، ينتظم فيه العاملون قطاع معين، أو مجموعة من القطاعات، انطلاقا من تصور تنظيمي معين، ومن ضوابط معين ، ومن برنامج معين، لتحقيق أهداف معينة، تتحدد، بالخصوص، في تحقيق المطالب المادية، والمعنوية، سعيا إلى تنفيذ برنامج حزبي معين، أو إلى تحقيق الخروج بحزب معين، انطلاقا من النقابة، أو إلى خدمة مصالح جهاز بيروقراطي معين، أو إلى استحضار مصالح العاملين في قطاع معين، أو في مجموعة من القطاعات المتمثلة، بالخصوص، في تحسين أوضاعهم المادية، والمعنوية، وضمان الاستمرار في ذلك التحسين.

والنقابة، من حيث هي، تكون إما تحريفية، وإما مبدئية. فالتحريفية، هي كل الإطارات النقابية التي ليست مبدئية. والمبدئية، هي الإطار الذي لا يستحضر إلا مصلحة العاملين في القطاعات الإنتاجية، والخدماتية.

وبهذا المفهوم الذي جسدناه، من خلال التصنيف الذي أوردناه، نستطيع أن نرصده على أرض الواقع، حيث لا نجد، غالبا، إلا الممارسة التحريفية، التي يصعب التخلص منها، لشيوعها في صفوف الممارسين للنقابة، والعمل النقابي، في معظم البلدان ذات الأنظمة التابعة. وقلما نجد منظمة نقابية تحترم في إطارها المبادئ التي أشرنا إليها. وهو ما يدعونا إلى التساؤل:

هل تستطيع الطبقة العاملة، وسائر الأجراء، امتلاك الوعي بخطورة الممارسة التحريفية، بأشكالها المختلفة، في العمل النقابي؟

وهل تقوى على مناهضة التحريف، وفرض احترام المبادئ النقابية، التي لا يستحضر من وراءها إلا مصلحة الطبقة العاملة، وسائر الأجراء، في تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية، وضمان استمرار التحسين؟

وهل يتكرس، بسبب ذلك المفهوم الصحيح للعمل النقابي، الذي لا يكون إلا مبدئيا؟

مفهوم المنظمة الجماهيرية:

وعندما ننتقل إلى مناقشة مفهوم الجماهيرية، حتى لا نقول منظمة المجتمع المدني، "التضليلية"، لأن مجتمعا من هذا النوع غير قائم في واقع المجتمعات القائمة في ظل الأنظمة التابعة، وتحت حكمها. ونحن في هذه الفقرة سنتجنب استعمال مصطلح: "منظمة المجتمع المدني"، وسنقتصر على استعمال مصطلح: المنظمة الجماهيرية، الذي يحمل في عمقه بعدا نضاليا عميقا. وكما قلنا في مفهوم النقابة، فإن المنظمة الجماهيرية، لا بد لها من وجود أسس تقوم عليها. ومن هذه الأسس:

ا ـ تحديد موضوع مجال العمل، المؤدي إلى قيام منظمة جماهيرية معينة:

هل هو اجتماعي؟

هل هو ثقافي؟

هل هو مدني؟

هل هو حقوقي؟

ب ـ وجود أشخاص يقتنعون بموضوع مجال العمل، لأن المنظمة الجماهيرية، تقوم بناء على وجود هؤلاء الأشخاص.

ج ـ وجود تصور تنظيمي معين، يمكن اعتماده في بناء المنظمة الجماهيرية، سواء اعتمد هذا التصور على حزبية المنظمة الجماهيرية، أو على تبعيتها لحزب معين، أو اعتبارها مجرد مجال للعمل على تأسيس حزب معين، أو مجرد منظمة بيروقراطية أو مبدئية.



د ـ تحديد الأهداف التي يسعى التنظيم الجماهيري إلى تحقيقها. وهذه الأسس تعتبر شرطا لقيام التنظيم الجماهيري، الذي يقود الجماهير في مجال معين، لتحقيق أهداف معينة.

وكما قلنا أيضا في النقابة، فإن المنظمة الجماهيرية تكون إما:

1) حزبية، يقوم حزب معين بتأسيسها، لتنفيذ برنامجه في مجال معين. والمنظمة الجماهيرية الحزبية لا يقودها إلا الحزبيون، ولا يعمل على صياغة برامجها إلا الأجهزة الحزبية، وأهدافها هي نفسها الأهداف الحزبية، المتمثلة في التوسع التنظيمي، وهي القدرة على الوصول، وبكثافة، إلى المؤسسات المنتخبة، وإلى السلطة التنفيذية، وإلى امتلاك أجهزة الدولة.

2) أو تابعة لحزب معين، يعمل على توجيهها، من خلال سيطرة المنتمين إلى ذلك الحزب على أجهزة المنظمة الجماهيرية: التقريرية، والتنفيذية، حتى تصير المنظمة الجماهير وسيلة من الوسائل الكثيرة التي يعتمدها الحزب، أي حزب، من أجل إشاعة فكره، مما يمهد له الطريق من أجل الوصول إلى المؤسسات التشريعية، والتنفيذية. والمنظمة الجماهيرية، عندما تصير تابعة، تبقى عاجزة عن التوسع ، وعن المبدئية، حتى وإن كانت وثائقها تنص على مبادئ معينة.

3) أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، عندما يتعلق الأمر بتوجه سياسي معين، يتواجد في نسيج المنظمة الجماهيرية، ذات البعد الوطني. وهذا التوجه، يتواجد في التنظيم الجماهيري لهذه الغاية، وليس لشيء آخر. وإذا ما تأسس الحزب، فإن هذا التوجه، سيعمل على تحويل المنظمة الجماهيرية إلى منظمة حزبية، وإما إلى منظمة تابعة للحزب الذي خرج من صلبها، لتتراجع المبدئية الى الوراء، ويتم التخلي عنها، وبصفة نهائية، لتناقضها مع حزبية المنظمة الجماهيرية، أو تبعيتها لحزب معين.


4) أو بيروقراطية، تصير قواعدها في خدمة الجهاز البيروقراطي، الذي يسيطر على أجهزة المنظمة الجماهيرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، لأن أي جهاز بيروقراطي، لا يقبل بغير ذلك بديلا، مما يحول المنظمة الجماهيرية إلى مجرد إطار نقابي، يتلقى الأوامر من الجهاز البيروقراطي، وينفذها، خدمة لمصالحه التي لا تختلف عن مصالح الطبقة الحاكمة، في أي بلد من البلدان ذات الأنظمة التابعة. وهو ما ينعكس سلبا على المنظمة الجماهيرية، التي تنحصر علاقتها بالجماهير المعينة بموضوع مجال المنظمة الجماهيرية.

5) أو مبدئية، تحترم في إطارها الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، بالإضافة إلى الشمولية، والكونية، كما هو الشأن بالنسبة للمنظمات ذات الطبيعة الحقوقية.

فالديمقراطية تكسب المنظمة الجماهيرية إشعاعا كبيرا، وتجعلها أكثر فعلا في الواقع، وتؤهلها لتحقيق مكاسب ديمقراطية لصالح الجماهير المعنية بموضوع مجال العمل، وتصير منخرطة، بحكم الواقع، في النضال الديمقراطي.

والتقدمية تؤهل المنظمة الجماهيرية إلى العمل على تحويل الواقع نحو الأحسن في موضوع مجال عملها، حتى تساهم في تغيير الواقع تغييرا نوعيا، لتكتسب المنظمة الجماهيرية طابع التقدمية، الذي يكسبها شرعية العمل الجاد، والمسئول، أمام الجماهير المعنية بموضوع مجال العمل، وأمام التاريخ، وعلى جميع المستويات، وفي كل بلد من البلدان ذات الأنظمة التابعة.

والتقدمية، كمبدأ، تؤهل المنظمة الجماهيرية إلى الارتباط بتطلعات الجماهير في التغيير المنشود في موضوع مجال العمل، لتلتقي، في ذلك، بكل المنظمات الجماهيرية، وغيرها، التي تسعى إلى تحقيق طموحات الجماهير في مجال عملها، وصولا إلى تحقيق الانعتاق الشامل لهذه الجماهير، حتى تنخرط في البناء الشامل لحياتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حسب ما يتناسب مع طموحاتها.

والجماهيرية، لا يمكن أن تكون إلا نتيجة لديمقراطية المنظمة الجماهيرية، وتقدميتها؛ لأن الديمقراطية، والتقدمية، هما المدخلان الطبيعيان، والعلميان، لتغلغل المنظمة الجماهيرية، في صفوف الجماهير المعنية في موضوع مجال عملها، حتى يصير ذلك التغلغل وسيلة لجعل الجماهير تمتلك الوعي الحقيقي بالتنظيم الجماهيري المعني، الذي يصير قويا لكثرة المنتمين إليه، والعاملين على تنفيذ برامجه، ولكثرة المستفيدين من تحقيق الأهداف المنشودة، التي لا يستفيد منها إلا الجماهير العريضة.

والاستقلالية تفرض عدم حزبية المنظمة الجماهيرية، وعدم تبعيتها لأي حزب، أو لأجهزة أي دولة، حتى تصير شأنا جماهيريا خاصا بالجماهير المعينة، وبأصحاب المصلحة في قيام منظمة جماهيرية مستقلة عن الأحزاب السياسية، وعن أجهزة الدولة.

والاستقلالية لا تنفي وجود نقط تقاطع بين المنظمة الجماهيرية، والحزب السياسي، الذي تشمل أهدافه أهداف النقابة، مما يستدعي المساندة، والدعم المتبادل، كما لا تنفى الربط الجدلي بين العمل الاقتصادي، والاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي.

وإذا كانت الاستقلالية شرطا لقيام منظمة جماهيرية، ديمقراطية، وتقدمية، فان جماهيرية، وتقدمية، وديمقراطية المنظمة الجماهيرية، شرط في تحقق استقلاليتها، لأنه بدون ديمقراطية، لا تكون تقدمية، وبدون تقدمية، لا تكون جماهيرية، وبدون جماهيرية، لا تكون ديمقراطية، وتقدمية، وبدون هذه جميعا، لا تكون استقلالية، وبدون استقلالية لا تستطيع المنظمة الجماهيرية أن تتخذ قراراتها الهادفة بعيدا عن الحزبية، وعن التبعية لحزب معين، وبدون اعتبار المنظمة الجماهيرية مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، وبدون صيرورة أجهزتها، في مختلف المستويات، بيروقراطية.



وهناك منظمات جماهيرية لا تكتفي بهذه المبادئ الأربعة: الديمقراطية، والتقدمية، والاستقلالية، والجماهيرية، بل تضيف إليها مبادئ أخرى يقتضيها موضوع مجال المنظمة الجماهيرية. ومن هذه المبادئ نجد:

الوحدوية التي يقتضيها موضوع مجال عمل مجموعة من المنظمات الجماهيرية، حتى تتوحد جهود تلك المنظمات الجماهيرية، انطلاقا من توحد برامجها، لتحقيق نفس الأهداف. والوحدوية بين المنظمات الجماهيرية التي تشتغل على نفس موضوع مجال العمل تتحقق إما:

1) بالتنسيق فيما بينها لإنجاز مهمة معينة، أو لإنجاز مجموعة من المهام، التي تحقق استفادة الجماهير الشعبية الكادحة، بالخصوص، في مجال معين، أو في مجموعة من المجالات.

2) التنسيق الدائم فيما بينها، لأجل العمل على تحقيق أهداف معينة، يصعب قيام منظمة جماهيرية بتحقيقها بشكل انفرادي.

3) إقامة جبهة جماهيرية معينة، بناء على وجود برنامج حد أدنى مشترك، تعمل جميع المنظمات الجماهيرية المنخرطة في الجبهة على تحقيقه، لإعطاء دفعة قوية للعمل الجماهيري.

4) اندماج المنظمات الجماهيرية، فيما بينها، عن طريق قيام كل منظمة جماهيرية يحل نفسها، وإنشاء منظمة جماهيرية واسعة، تضم جميع المنظمات السابقة في صفوفها.

وهذه المستويات المختلفة من التنسيق المؤقت، الى الاندماج، تفيد بالدرجة الأولى الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة في العمل الوحدوي.

الكونية التي تقتضيها طبيعة موضوع مجال العمل، كما هو الشأن بالنسبة للتنظيم الجماهيري الحقوقي، الذي لا يمكن أن يكون إلا كونيا؛ لأن حقوق الإنسان المعتمدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي جميع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ذات طبيعة كونية، لها علاقة بالإنسان، أنى كان هذا الإنسان، وأينما كان، مادام يدب على وجه الأرض.

الشمولية التي لا تعني إلا أن حقوق الإنسان لا تتجزأ. فإما أنها تتحقق جميعها، لجميع الناس، رجالا، ونساء. وإما أن أي حرمان من بعضها، سيؤدي إلى الحرمان من باقي الحقوق الأخرى.

وانطلاقا من هذه المبادئ التي بسطناها، يمكن أن نقول: إن التنظيم الجماهيري المبدئي، هو التنظيم المؤهل لإشاعة تلك المبادئ في المجتمع، مما يجعلها في خدمة الجماهير، ومما يجعل الجماهير، نفسها، ترتبط بها ارتباطا عضويا،بجعل المنظمة الجماهيرية قوية، ومستمرة، وفاعلة، ومتفاعلة، في موضوع مجال عملها، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، مما يقود الى عملية التغيير النوعي، والقيمي لواقع الجماهير المعنية بموضوع مجال العمل.

وبناء على ما ذكرنا، فالمنظمة الجماهيرية ليست هي المنظمة النقابية، حتى وإن كانت جماهيرية، لأن المنظمة الجماهيرية ذات طابع عام، تهم جميع الطبقات الاجتماعية، التي تهتم بموضوع مجال عمل المنظمة الجماهيرية. أما النقابة فهي لا تهم إلا بالعاملين في قطاع معين، أو في مجموعة من القطاعات.

وانطلاقا من هذا الفرق الواضح، يمكن أن نقول:

إن المنظمة الجماهيرية هي تنظيم يشتغل على موضوع معين، انطلاقا من تصور معين لذلك التنظيم، سواء كان هذا التصور حزبيا، أو تابعا، أو مجالا للإعداد والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو بيروقراطيا، أو مبدئيا، ويسعى إلى تحقيق أهداف معينة، تتناسب مع طبيعة التصور التنظيمي لصالح الجهة الواضحة لذلك التصور، أو لصالح الجماهير المعنية، بالموضوع مجال العمل.

وبهذا التحديد يصير التنظيم الجماهيري متميزا عن التنظيم النقابي، لاختلاف الموضوع مجال العمل، ولاختلاف الأهداف، ولاختلاف المستهدف بالتنظيم الذي قد يكون عاما، وقد يكون خاصا.

فهل تقوم تنظيمات جماهيرية متميزة بالمبدئية؟

وهل تقوم التنظيمات الجماهيرية بدورها لصالح الجماهير المعنية بمواضيع مجالات عملها؟

أم أن التنظيمات اللا مبدئية، هي التي تبقى سائدة في الواقع، خدمة لأصحاب المصلحة في لا مبدئيتها؟

ولماذا يتم إغماض الطرف عن الممارسات القائمة في واقع المنظمات الجماهيرية؟

أليس إغماض الطرف عن تلك الممارسات مؤامرة على الجماهير المتضررة من تحريف العمل الجماهيري؟


العلاقة الموضوعية بين الحزب السياسي وبين التنظيم النقابي والتنظيم الجماهيري:

ونحن في مناقشتنا لمفهوم النقابة، ولمفهوم المنظمة الجماهيرية، وقفنا على أن كلا منهما قد تكون حزبية، وقد تكون تابعة لحزب معين، وقد تصير مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وما هو شائع في أوساط معظم الأحزاب، والتوجهات السياسية، أن النقابة، والمنظمة الجماهيرية، تكون إما حزبية، أو تابعة لحزب معين، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وقلما نجد حزبا سياسيا يسعى إلى احترام مبدئية النقابة، والمنظمة الجماهيرية.

وبناء على ذلك، نجد أن:

1) الحزب الإقطاعي يحرص على إنشاء نقابته الحزبية، ومنظماته الجماهيرية، لا من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للجماهير الشعبية الكادحة، بل من أجل فرض أن تصير النقابة، والمنظمات الجماهيرية، إطارات لتكريس التضليل الإقطاعي في صفوف العمال، والأجراء، وفي صفوف كافة الجماهير الشعبية الكادحة، حتى يستمر الإقطاع قائما في الواقع، عن طريق إشاعة إيديولوجيته، وتقوية تنظيماته، وعن طريق تمكنه من الوصول الى المؤسسات المنتخبة، وإلى أجهزة السلطة، التي يستغلها لخدمة مصالحه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ومن أجل أن يعيد إنتاج نفسه، حتى لا يندثر، وبصفة نهائية.

2) الحزب البورجوازي التابع، باعتباره حزبا يجمع بين "أصالة" الإقطاع، و "حداثة" الغرب، يحرص على أن ينشئ نقابته، ومنظماته الجماهيرية، كما يفعل الإقطاع، أو يعمل على الوصول إلى جعل المنظمات القائمة، من أجل أن تصير تابعة له. وفي نفس الوقت، تتحول النقابة، والمنظمات الجماهيرية الحزبية، أو التابعة، إلى مجرد إطارات لتضليل العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة، حتى لا يقوموا جميعا بامتلاك الوعي الحقوقي، بخطورة سيادة، وسيطرة البورجوازية التابعة، وحتى يصير العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، بوعي، أو بغير وعي، في خدمة مصالح البورجوازية التابعة، التي ليس من مصلحتها قيام نقابة، أو منظمة جماهيرية غير حزبية وغير تابعة.

3) الحزب البورجوازي الليبرالي، ومن منطلق ليبراليته، فإنه يقر بقيام نقابة، أو منظمة جماهيرية مستقلة عنه؛ ولكن في إطار سيادة التوجه الليبرالي، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. ومن هذا المنطلق، نستطيع بناء نقابة، أو منظمة جماهيرية ديمقراطية، ليبرالية، جماهيرية، مستقلة. ونقابة، أو منظمة جماهيرية من هذا النوع، لا يمكن أن تصير تقدمية، كما أنها لايمكن أن تتحول الى منظمة نقابية، أو جماهيرية وحدوية، لتناقض التقدمية، والوحدوية، مع التوجه الليبرالي. وهو ما يدفعنا الى القول بان النقابة، أو المنظمة الجماهيرية الليبرالية، لابد أن تكون تابعة بشكل، أو بآخر للحزب الليبرالي، حتى تصير في خدمة مصالح البورجوازية الليبرالية، وإلا، فانه سيلجأ الى إنشاء نقابة حزبية صرفة، تقوم بدور تضليل العمال، والأجراء، حتى لا يمسوا بمصالح البورجوازية الليبرالية، التي تجد نفسها مضطرة للتحول الى البورجوازية التابعة، التي صارت تحمل اسم: "الليبرالية المتوحشة"، نظرا لحرصها على ممارسة الاستغلال الهمجي على الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.

4) الحزب البورجوازي الصغير، ونظرا لتوفيقيته، وتلفيقيته، نجد أنه يتأجح بين اعتبار النقابة حزبية، أو تابعة، أو مجرد مجال للأعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو بيروقراطية، أو مبدئية، حسب ما يؤدى إلى تحقيقها للتطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى.

فإذا كان من مصلحة البورجوازية الصغرى قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية حزبية، يتحكم فيها الحزبن حتى تعمل على تنفيذ برنامجه النقابي، أو الجماهيري، ومن أجل أن يتوسع الحزب لضمان وصوله الى المؤسسات المنتخبة، أو الحكومة، باعتبارهما أفضل وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، أو لنخبتها على الأقل، فإن الحزب البورجوازي الصغير، يلجا إلى إنشاء منظمة نقابية، أو جماهيرية حزبية لأجل ذلك.

وإذا كان من مصلحة البورجوازية الصغرى قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية تابعة، لضمان التوسع أكثر في صفوف العمال والأجراء، وفي صفوف باقي الجماهير الشعبية، مما يعتبر دعما للحزب البورجوازي الصغير، وسندا له، فإن هذا الحزب، يحرص على قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية تابعة له، حتى يضمن تصريف توجيهه، الذي ينتج محيطا واسعا للمنظمة الجماهيرية، وللحزب البورجوازي الصغير، الذي يظهر، وكأنه المخلص للجماهير الشعبية، وطليعتها الطبقة العاملة. وهو في الواقع لا يسعى إلا إلى تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، أو لنخبتها بالخصوص.

أما إذا كان من مصلحة البورجوازية الصغرى اعتبار المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، فإنه يسعى إلى إعداد منظمة نقابية، أو جماهيرية من هذا النوع، حتى تتمكن البورجوازية الصغرى، من تفريخ المزيد من الأحزاب البورجوازية الصغرى، التي تدخل في صراع مع الأحزاب التي تحول دون تحقيق التطلعات البورجوازية الصغرى على حساب الجماهير الشعبية الكادحة بالخصوص، وعلى حساب طليعتها الطبقة العاملة. والمنظمة النقابية، أو الجماهيرية من هذا النوع، لا تهتم بتحسين الأوضاع المادية والمعنوية للعمال والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، بقدر ما تهتم بتوظيف العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية لتحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، مما يعتبر سببا أساسيا في تراجع العمل النقابي وفي ضعفه.

وعندما لا يصير اعتبار حزبية النقابة، أو تبعيتها، أو اعتبارها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، في خدمة التطلعات البورجوازية الصغرى، فإن الحزب البورجوازي الصغير، يسعى إلى قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية مبدئية: ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، ومستقلة، ووحدوية، حتى تجد البورجوازية الصغرى متنفسا لتكريس هذه المبادئ، التي تضمن لها الدفع بالمنظمة النقابية، أو الجماهيرية، إلى تحقيق المزيد من المطالب المادية، أو المعنوية، التي تستفيد منها البورجوازية الصغرى بالدرجة الأولى.

وقيام حزب البورجوازية الصغرى بالحرص على مبدئية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية ليس مبدئيا، بقدر ما هو نتيجة لانفضاح خلفيات قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية حزبية، أو تبعيتها لحزب معين، أو اعتبارها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، مما يجعل الجماهير المعنية، تنفر من المنظمة النقابية، أو الجماهيرية اللأمبدئية.

5) حزب الطبقة العاملة، الذي يبني برنامجه المرحلي، ويضع أهدافه الإستراتيجية، انطلاقا من التحليل الملموس للواقع الملموس، لا يرى، من الموضوعي، قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية حزبية، أو تابعة لحزب معين، كما لا يرى، من الضروري، اعتبار المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، مجرد مجال للإعداد والاستعداد لتأسيس حزب معين، ويحرص على أن تقوم المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، على أسس مبدئية، حتى تبتعد عن كل ما يمكن أن يقودها الى أن تصير حزبية، أو تابعة، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، وحتى تتحول الى منظمة عتيدة، ومستقطبة للطبقة العاملة، ولسائر الأجراء، أو لعموم الجماهير، لتصير بذلك قوة مؤثرة، وفاعلة في الواقع العمالي، والجماهيري، وقادرة على قيادة النضالات الجماهيرية، في أفق تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، وضمن حماية حقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

وحزب الطبقة العاملة يدرك، جيدا، الفرق الدقيق بين العمل الحزبي، وعمل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، لإدراكه الفرق الدقيق بين العمل السياسي، والعمل النقابي، كما يدرك، جيدا، اختلاف أهداف العمل الحزبي، عن عمل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، ولكن هذا الإدراك، لا يلغى العلاقة الجدلية القائمة بين العمل الجماهيري، وبين العمل السياسي في الممارسة اليومية للمنظمة النقابية، أو الجماهيرية، كما لا يلغى قيام علاقة جدلية بين حزب الطبقة العاملة، وبين المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، علاقة لا تتحول، أبدا، إلى السعي إلى جعل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، حزبية، أو تابعة لحزب الطبقة العاملة، بقدر ما تدعم المنظمة النقابية، أو الجماهيرية: ديمقراطية، وتقدمية وجماهيرية، ومستقلة، ووحدوية، مع الالتزام باحترام هذه المبادئ، باعتبارها حصانة للمنظمة النقابية، أو الجماهيرية.

وحزب الطبقة العاملة إذا لم يحرص على مبدئية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، فإنه يفقد قيمه كحزب للطبقة العاملة، ويتحول الى مجرد حزب بورجوازي صغير، يمكن أن يحول أي منظمة إلى منظمة حزبية، أو تابعة له، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. إلا أنه، ونظرا لاقتناعه بالاشتراكية العلمي ، واعتماده قوانين الدياليكتيك المادي في التحليل الملموس، للواقع الملموس، فإنه لن يسقط في ممارسات أحزاب البورجوازية الصغرى التحريفية، وسيبنى علاقته بالمنظمة النقابية، أو الجماهيرية، على أسس علمية دقيقة، تفرض الاحترام المتبادل فيما بينهما.

6) حزب اليسار المغامر، الذي لا يختلف في ممارسة عن حزب البورجوازية الصغرى، الذي لا يرى في ادعاء التياسر، والمزايدة على الجماهير الشعبية الكادحة، إلا وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى المتياسرة. ولذلك فحزب اليسار المغامر، لا يمانع من أن تصير المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، منظمة حزبية، أو تابعة له، أو مجالا الإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، يتناسب مع التوجه المتياسر.

وحزب اليسار المغامر، ومن منطلق انتهازيته، ونظرا لكونه يحرص على تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى المتياسرة، فإن احترام المبادئ المعتمدة في المنظمة النقابية، أو الجماهيرية المبدئية، غير وارد، عندما يلتحق المنتمون إلى هذا الحزب بالمنظمة النقابية، أو الجماهيرية المبدئية، بل إن المنتمين إلى هذا الحزب، يعملون على تحويل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، إلى إطار لتصريف الأفكار المتياسرة، في أفق تحويل هذا الإطار، إلى منظمة حزبية، أو تابعة، للحزب المتياسر. ولذلك فهو لا يقول بالعلاقة الجدلية بين العمل النقابي، أو الجماهيري، وبين العمل السياسي.

كما أن هذا الحزب، لا يقول كذلك بالعلاقة الجدلية بين الحزب المتياسر وبين المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، لأن علاقة من هذا النوع، ستفوت عليه فرصة العمل على توظيف المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، في العمل على تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى المتياسرة. والذي يقف وراء كل ذلك، هو تمرس المتياسر على تحريف الفكر الاشتراكي العلمي، حتى يخدم مصالحه الطبقية.

7) الحزب اليميني المتطرف، والمؤدلج للدين الإسلامي، أو لأي دين آخر، الذي يعادي الفكر العلمي، والتقدمي، واليساري، والمتياسر، ويعادى الديمقراطية، ولا يرى للاستقلالية ضرورة، ونظرا للمنطق الاستبدادي، والطائفي، الذي يحكم ممارسة هذا الحزب، فإنه لا يرى للوحدوية ضرورة. ولذلك فهذا الحزب، لا يقبل بالمنظمة النقابية، أو الجماهيرية المبدئية، وإذا وجدت فإنه يعمل على اختراقها، من أجل جعلها منظمة حزبية، يمينية، متطرفة، تتحول إلى منبر لنشر الفكر اليميني المتطرف، في صفوف الطبقة العاملة، والأجراء، أو في صفوف الجماهير بصفة عامة.

والذي يهم الحزب اليميني المتطرف، ليس هو بناء المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، التي تناضل من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية؛ بل هو بناء منظمة نقابية، أو جماهيرية حزبية، حتى تلعب دورها المنوط بها في عملية التجييش، التي تستهدف الجماهير الشعبية الكادحة بعملية التجييش وراء اليمين المتطرف، من أجل الوصول إلى الأجهزة المنتخبة، والى الحكومة، أو إلى امتلاك أجهزة الدولة في نهاية المطاف.

ولأجل ذلك، يمكن أن يعمل على المطالبة بالممارسة الديمقراطية، لا من أجل تحقيقها على أرض الواقع، وبمضمونها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، بل من أجل جعلها وسيلة من وسائل التمكن من الوصول إلى المؤسسات التشريعية، والتنفيذية، قبل الانقلاب على الديمقراطية، التي تعتبر كفرا، وإلحادا في نظر الحزب اليميني المتطرف، وحتى يتمكن هذا الحزب في حال وصوله الى المؤسسات، من أحكام قبضته على المجتمع، وإخضاعه إيديولوجيا، وسياسيا، وباسم الدين، وعن طريق استعمال القوة، إلى القبول بقيام الدولة الدينية، التي تقوم بتطبيق شريعة الله في الأرض.

ومما تجب الإشارة إليه، أن المنتمين إلى الحزب اليميني المتطرف، ليسو إلا شريحة من البورجوازية الصغرى، التي توظف الدين لتحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وبذلك نصل إلى أن معظم الأحزاب، تتعامل مع المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، على أنها حزبية، أو تابعة، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. والحزب الوحيد الذي يفترض فيه أن يحرص على احترام مبدئية المنظمة الجماهيرية، أو النقابية، هو حزب الطبقة العاملة. وهو ما يعني أن علاقة الأحزاب بالمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، تسير في اتجاه ضرب المبدئية، حتى تصير المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وسيلة لتغلغل الأحزاب في صفوف الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، التي تتحول بدورها الى مجرد وسيلة للوصول الى الأجهزة التقريرية، أو التنفيذية، وصولا إلى امتلاك أجهزة الدولة، التي تصير أفضل وسيلة لتحقيق المصالح الطبقية، والعمل على حماية تلك المصالح، سواء كانت ذات طابع اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو مدني، أو سياسي، من أجل ضمان السيطرة الطبقية، والعمل على تأبيد تلك السيطرة.

وانطلاقا من الوضع المختل لصالح السيطرة الحزبية على المنظمات الجماهيرية، نرى ضرورة قيام حزب الطبقة العاملة بفضح، وتعرية ممارسات الأحزاب تجاه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، سعيا إلى جعل الجماهير المعنية، تمتلك الوعي بضرورة الحرص على استقلالية المنظمات المختلفة، حتى تصير متحررة من السيطرة الحزبية، وحتى تتمكن، فعلا، من صيرورتها في خدمة المصالح الطبقية للعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية.



مظاهر تحريف المنظمات النقابية، أو الجماهيرية:

ومن خلال رصدنا لتصورات الأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية التابعة، والبورجوازية الليبرالية، والبورجوازية الصغرى، والعمالية، واليسارية المغامرة، واليمينية المتطرفة، تبين لنا أن الاتجاه السائد هو هيمنة الحزبي على المنظمة النقابية، أو الجماهيرية. وهذه الهيمنة لا يمكن اعتبارها إلا مظهرا من مظاهر التحريف العمل النقابي، والعمل الجماهيري.

فما هي مظاهر تحريف المنظمة النقابية، أو الجماهيرية؟

وما هي الشروط التي تنتج ذلك التحريف؟

وما العمل من أجل قيام منظمة نقابيةن أو جماهيرية مبدئية؟

وهل يبرز في الأفق ما يمكن أن ينبئ بضرورة قيام منظمة نقابية، أو جماهيرية مبدئية؟

وهل تراجع الأحزاب ممارستها التحريفية تجاه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

وهل تسود الممارسة المبدئية في صفوف العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية المعنية بعمل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

ونحن عندما نطرح هذه الأسئلة، وغيرها مما يمكن أن يطرح، إنما نهدف إلى تحريك الفكر، من أجل الوقوف على طبيعة الخلل القائم بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وفي أفق ذلك، نرى:

أن مظاهر تحريف المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، تختلف باختلاف المنظمات، وباختلاف الأحزاب، وباختلاف العلاقات القائمة بين المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وبين الأحزاب السياسية. وهذا الاختلاف، لا يلغى إمكانية تصنيف مظاهر التحريف في:

1) الممارسة البيروقراطية الهادفة إلى التحكم في التنظيم النقابي، وتوجيهه لخدمة مصالح الجهاز البيروقراطي، الذي يوظف كافة إمكانياته، من أجل الحيلولة دون هيمنة حزب معين على النقابة، عن طريق تحزيبها، أو جعلها تابعة له، أو دون تحويلها إلى مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. والذي يهم الجهاز البيروقراطي، ليس هو خدمة مصالح الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، أو خدمة مصالح الجماهير الواسعة؛ بل إن الذي يهمه، هو توظيف إمكانيات التنظيم النقابي، أو الجماهيري، لتحقيق التطلعات الطبقية للجهاز البيروقراطي، الذي يتحول الى بورجوازية كبرى، بفعل الامتيازات النقابية، حتى يصير جزءا لا يتجزأ منها؛ لأن نفس المصالح الطبقية تجمعه بها، لضمان استمرار استفادته من التنظيم النقابي، أو الجماهيري. ولذلك يتشدد في اتجاه الإجراءات الصارمة ضد العناصر التي تختلف معه، والتي غالبا ما تجد نفسها خارج التنظيم النقابي، أو التنظيم الجماهيري.

والجهاز البيروقراطي الذي يرفع شعار الخبز، والنضال من أجل الخبر، غالبا ما يقف الى جانب الباطرونا، ضدا على مصالح الطبقة العاملة؛ لأنه لا يحمل أي حس إنساني تجاهها، ولا يحرص على تمتيعها بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لأن ذلك في حالة حصوله، يتناقض مع مصالح الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وكذلك الشأن بالنسبة لعموم الجماهير المعنية بعمل المنظمات الجماهيرية.

2) تحزيب المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، التي تصير جزءا من الحزب، وتهتم بتنفيذ برامج الحزب ذات الطبيعة النقابية، أو الجماهيرية، حتى يزداد توسعا في صفوف الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وفي صفوف الجماهير الشعبية الأخرى.

ولذلك فتحزيب المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، لا علاقة له بمصلحة العمال، والأجراء، ولا بمصلحة الجماهير الشعبية الأخرى، بقدر ما له علاقة بالعمل على التوسع الحزبي، الذي يمكن الحزب من الوصول الى المجالس المنتخبة، وإلى الحكومة، بل وإلى امتلاك أجهزة الدولة.

والتنظيم النقابي، أو الجماهيري الحزبي، كالتنظيم البيروقراطي، لا علاقة له لا بالتقدمية، ولا بالجماهيرية، ولا بالاستقلالية، ولا بالوحدوية؛ لأن هذه المبادئ تختفي كلها، بمجرد الاقتراب من تحزيب المنظمة النقابية، أو الجماهيرية.


وانطلاقا من عملية التحزيب تلك، فإن الحزب هو المنظم للنقابة، وهو المقرر، وهو المنفذ في نفس الوقت، مادام كل منخرط في النقابة يعتبر حزبيا في نفس الوقت، ولا رأي لغير الحزبي ممن يعنيهم العمل النقابي، أو الجماهيري الحزبي.

وإذا تحقق مكسب معين لصالح العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، بفعل الضغط الجماهيري، فإن ذلك التحقق، لا ينسب الى المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، بقدر ما ينسب الى الحزب الذي يزداد توسعا في صفوف العمال، والأجراء، وفي صفوف باقي الجماهير المعنية، أما إذا لم يتحقق أي مكسب، فإن الحزب يبقى بريئا من كل ذلك، لتبقى شعاراته قائمة، ولتبقى النقابة الحزبية معنية بتحقيق تلك الشعارات، التي لا تروم إلا تضليل الجماهير المعنية، حتى تبقى مرتبطة بالحزب.

3) جعل النقابة تابعة لحزب معين، عن طريق سيطرة المنتمين إليه على الأجهزة التقريرية، والتنفيذية، حتى يستطيع أولئك المنتمون إلى الحزب تصريف التوجيه الحزبي في المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، وحتى يصير ذلك التوجيه، وسيلة لتحول المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، إلى وسيلة لإشاعة التوجه الحزبي في صفوف العمال، والأجراء، وسائر الجماهير المعنية، بعمل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية.

وتبعية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية لحزب معين، يفوت عليها إمكانية أن تصير مبدئية، أو أن تحافظ على مبدئيتها، كما هو الشأن بالنسبة للعديد من النقابات التي تم تحريفها عن مسارها المبدئي، وكما هو الشأن أيضا بالنسبة للمنظمات الجماهيرية.

والحزب الذي يحرص على أن تصير المنظمة النقابية، أو الجماهيرية تابعة له، هو حزب بورجوازي صغير، يسعى إلى اعتماد تلك التبعية لتحقيق التطلعات الطبقية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، للبورجوازية الصغرى، ولنخبتها الحزبية بالخصوص، على حساب العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية.

وتعتبر تبعية النقابة لحزب معين، ذات خطورة خاصة على مسار المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، وعلى مسار العمل النقابي، والعمل الجماهيري؛ لأنه يوهم العمال، والأجراء، وسائر الجماهير، بأن تلك التبعية ستقود الحزب المعنى إلى الوصول إلى المؤسسات المنتخبة، المحلية، والوطنية، وإلى الحكومة، من أجل أجرأة تحقيق المطالب العمالية، والجماهيرية، التي تطرحها المنظمات النقابية، أو الجماهيرية. وهو وهم سرعان ما يتبخر، بمجرد وصول تلك الأحزاب إلى مبتغاها، لتتحول إلى أحزاب لا تهتم إلا باستغلال المؤسسات المنتخبة، والحكومة، لتحقيق تطلعات نخبتها الطبقية، وليذهب العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الى الجحيم.

ولذلك فتبعية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية لحزب معين، تعتبر أكثر خطورة على مستقبل العمل النقابي، أو الجماهيري، من حزبية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، كما أثبتت التجارب ذلك في العديد من البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

وخطورة التبعية تكمن في أنها تقود العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، إلى اليأس من المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ما دامت لا تشكل إلا قنطرة لتحقيق التطلعات الطبقية.

ولتجنب خطورة التبعية على مستقبل العمل النقابي، والجماهيري، يجب العمل على المحافظة على ديمقراطية النقابة، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها. وكذلك الشأن بالنسبة للمنظمة الجماهيرية، أنى كان تخصصها، حتى يصير العمل النقابي، والعمل الجماهيري في خدمتها.

4) اعتبار المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لأن بعض التوجهات السياسية، التي لا تستطيع الاعتماد على نفسها في تأسيس حزبها، أو أحزابها، تخطط للسيطرة على الأجهزة النقابية، أو الجماهيرية، حتى تتمكن من تحويلها إلى مجال لربط العلاقة مع المنتمين إلى التنظيم النقابي، أو الجماهيري، من أجل استقطابهم إلى تصور المشروع الحزبي، الذي قد يعتمد في تأسيس حزب معين. وحتى إذا ما تم إقناع العديد من النقابيين، أو العديد من المنتمين إلى المنظمات الجماهيرية بذلك التصور، يتم الشروع، ومن داخل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، في الإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.

ومعتبرو المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لا يهمهم النضال من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، لعموم الجماهير الشعبية الكادحة، بقدر ما يهمهم العمل على تأسيس الحزب، وحتى إذا ما تأسس هذا الحزب، تصير النقابة مجرد منظمة حزبية، أو تابعة للحزب الذي خرج من رحمها، أو راعية له، حتى لا يتحول الى حزب ضعيف.

ومن الممكن القول: بأن اعتبار المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، مجرد منظمة للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لا تقل خطورة عن حزبية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، أو عن تبعيتها لحزب معين؛ لأنها تؤدي إلى التشرذم النقابي، أو الجماهيري، الذي يقود بدوره إلى ضرب الوحدة النقابية، أو الجماهيرية، وإضعاف العمل النقابي، أو الجماهيري.

وبذلك نصل إلى أن مظاهر تحريف العمل النقابي، أو الجماهيري، تجمل في الممارسة البيروقراطية، وفي حزبية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، وتبعيتها لحزب معين، وفي اعتبارها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.

فمن هي الجهات التي تقف وراء ذلك التحريف؟

إننا، بإيجاز، يمكن أن نعتبر أن الجهات التي تقف وراء تحريف العمل النقابي، والجماهيري، تتلخص في:

1) الجهاز البيروقراطي المتسلط على أجهزة التنظيم النقابي، أو الجماهيري، الذي لا يختلف في ممارسته عن أجهزة الدولة الاستبدادية، التي تعتمد الحكم المطلق، والتي ترفض قيام شيء اسمه الممارسة الديمقراطية داخل التنظيم النقابي، أو الجماهيري.

2) الأحزاب الإقطاعية، أو البورجوازية التابعة، التي لا ترى في المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، إلا منظمة حزبية.

3) الحزب الليبرالي الذي يأخذ باستقلال المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، ولكن بالمنطق الليبرالي، الذي يحول تلك المنظمة إلى منظمة حزبية، أو تابعة للحزب الليبرالي.

4) أحزاب البورجوازية الصغرى، التي تسعى إلى تحقيق تطلعات نخبتها الطبقية، عن طريق تحزيب المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، أو اعتمادها مجرد منظمات تابعة لهذه الأحزاب.

5) الحزب اليساري المغامر، الذي يحول المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، إلى منظمة حزبية، حتى يستطيع تحويل المستهدفين بالعمل النقابي، أو الجماهيري، إلى يساريين مغامرين، من أجل التمكن من المزايدة على جميع الأحزاب الأخرى، وعلى الطبقة الحاكمة في نفس الوقت.

6) الحزب اليميني المتطرف، المؤدلج للدين الإسلامي بالخصوص. هذا الحزب الذي لا يرى في التنظيم الحزبي، أو الجماهيري، إلا تنظيما حزبيا، يخضع خضوعا مطلقا لإرادة الأحزاب اليمينية المتطرفة.

فمن المستفيد من مظاهر التحريف، ومن المتضرر؟

إننا، وانطلاقا من النظرة الشاملة، والمركزة، لواقع التحريف، نستطيع أن نعتبر أن المستفيدين من سيادة مظاهر تحريف المنظمات النقابية، والجماهيرية، ومن خلال مظاهر تحريف العمل النقابي، والعمل الجماهيري، يتمثل في:

1) الجهاز البيروقراطي، الذي تصير مصالحه جزءا لا يتجزأ من الطبقات المستفيدة من استغلال الطبقة العاملة، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة.

2) القيادات الحزبية، ونخبها الساعية إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية، وإلى المحافظة على مصالحها، عن طريق استغلال المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، لأجل ذلك.

3) الأحزاب اليسارية المتطرفة، التي تستغل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، من أجل إشاعة التياسر في المجتمع، كوسيلة معتمدة لتحقيق تطلعات البورجوازية الصغرى المتياسرة.

4) الطبقة الحاكمة التي تستفيد كثيرا من التشرذم النقابي، الذي يضرب في العمق استقلالية التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، ووحدويتها، مما يغيب الصراع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي المستقل، عن طريق التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية.

5) مؤد لجو الدين الإسلامي بالخصوص، الذين يحولون التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، إلى إطارات لنشر الفكر الظلامي، وإشاعته في صفوف العمال، والأجراء، وفي صفوف الجماهير الشعبية، حتى تقبل بتأبيد الاستبداد القائم، أو تنخرط في العمل على فرض استبداد بديل، قبولا مطلقا.

والمتضرر من هذه الممارسات التحريفية، بالدرجة الأولى، هو الطبقة العاملة، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية الحالمة بتحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، والتي تصطدم بمظاهر التحريف، التي تنتصب سدودا دون تحقيق أحلام الجماهير الشعبية.

ويبقى السؤال المطروح في نهاية هذه الفقرة هو:

ما موقع حزب الطبقة العاملة من مظاهر التحريف التي تسود في المنظمات النقابية، والجماهيرية؟

إننا عندما نرتبط بالحديث عن حزب الطبقة العاملة، نرتبط في نفس الوقت بحزب يبني تصوره على أساس التحليل الملموس للواقع الملموس، وانطلاقا من تصوره الذي يراه علميا، فإننا نجد انه يتصدى لكل مظاهر تحريف المنظمات النقابية، والجماهيرية، ويعتبر المظاهر المختلفة للتحريف التي أتينا على ذكرها، خطرا على مستقبل العمل النقابي، والعمل الجماهيري، ويرفض اللجوء إلى ممارستها على جميع المستويات، ويعتبر أن ممارسيها مخربون للعمل النقابي، والعمل الجماهيري، انطلاقا من حسابات حزبية ضيقة.

ولذلك، فحزب الطبقة العاملة، يتمسك بقيام منظمات نقابية، أو جماهيرية، تأخذ بالمبادئ المتمثلة في الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، حتى تصير تلك المنظمات إطارات حقيقية، من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة، ومن أجل أن تكون تلك المنظمات للعمال، والأجراء، وللجماهير، وليس لحزب معين، أو لمجموعة من الأحزاب، أو لجهاز بيروقراطي معين.

وعلى هذا الأساس، يبني حزب الطبقة العاملة تصوره الذي لا يرى مانعا من انتماء الحزبيين الى المنظمات النقابية أو الجماهيرية، شريطة احترام المبادئ المعتمدة، والالتزام بالضوابط التنظيمية المتفق عليها، انطلاقا من تلك المبادئ، لضمان العمل من أجل المستهدفين بالعمل النقابي، أو الجماهيري.


السمات المميزة لدور الأحزاب تجاه العمال، والأجراء وسائر الجماهير:

ونحن عندما نطرح السؤال:

ما هي السمات المميزة لدور الأحزاب تجاه العمال، والأجراء، بصفة خاصة، والجماهير الشعبية الكادحة بصفة عامة؟

إننا، ونحن نطرح هذا السؤال، في مستهل الحديث عن هذه السمات، نجد أنفسنا أمام ضرورة الإقرار بأن دور الأحزاب السياسية، هو دور سياسي أولا، وأخيرا، ومن هذا المنطلق، فالأحزاب السياسية المنفرزة فعلا عن الحركة الجماهيرية، بمعناها السياسي الواسع، والتي تأتي استجابة لحاجة الجماهير، بطبقاتها الاجتماعية المختلفة، إلى من يقود نضالاتها السياسية، في أفق إيجاد مؤسسات تعبر عن إرادتها، وتخدم مصالحها، وتعمل على حماية تلك المصالح. أما الأحزاب التي تقف وراء إنشائها أجهزة السلطة، فإنها لا تأتي استجابة لحاجة الجماهير، ولا تعكس الصراع القائم في الواقع، ولا تسعى إلى المساهمة في إيجاد مؤسسات تحترم فيها إرادة المواطنين. ولذلك فهي أحزاب مفبركة، تصنعها أجهزة السلطة، لتحشر فيها مريدها من أصحاب الامتيازات، حتى يتم توظيفهم سياسيا، لتزوير إرادة الشعب، أي شعب، لإيجاد مؤسسات مزورة، تقوم بتشريع، وتنفيذ ما تريده السلطة القائمة، خدمة لمصالح الطبقة الحاكمة، وسعيا إلى تأبيد الاستبداد القائم.

وانطلاقا من التفصيل بين الأحزاب المنفرزة تلبية لحاجيات الجماهير المعنية بتلك الأحزاب، وبين الأحزاب التي تأتي نتيجة لعملية الفبركة، التي تمارسها السلطة القائمة في كل بلد من البلدان العربية، وباقي بلدان المسلمين، فإننا سوف لا نسوق إلا السمات المميزة لدور الأحزاب المنفرزة والمستجيبة لحاجة الجماهير الشعبية.

ومن هذه السمات نجد:

1) أن الأحزاب السياسية لا تشتغل على الملفات التي تشتغل عليها المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، نظرا للطابع المطلبي لعملها، والذي يختلف عن الطابع السياسي لعمل الأحزاب السياسية.

فالمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، عندما تطرح المطالب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، فإنها تطرحها من أجل العمل على تحقيقها، الذي يؤدي إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة.

أما الأحزاب فلا تطرح إلا تصورها لما يجب أن تكون عليه الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والذي تعمل من أجل الوصول إلى الأجهزة التقريرية، والتنفيذية، حتى تمتلك القدرة على المساهمة في سلطتي التشريع، والتنفيذ، مما يمكنها من أجرآة تصورها من خلال القوانين، والبرامج الحكومية، حتى تتمكن من تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، وفق التصور، أو التصورات الحزبية.

وبناء على هذا الفرق الدقيق، والواضح:

ا ـ فان أي حزب يحل محل النقابة في طرح المطالب النقابية، أو الجماهيرية، بصفة مباشرة، أو عن طريق المنظمة الحزبية، أو عن طريق توجيه المنظمة التابعة إلى طرح مطالب معينة، فانه يقوم بعمل تحريفي، لا يمكن أن يؤدى إلا إلى إضعاف المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، إن لم يتم تهميش تلك المنظمات لتحل محلها الأحزاب.

ب ـ وأن أي منظمة تطرح تصورا حزبيا للأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لا يهام العمال، والأجراء، وسائر الجماهير، بأن المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، ستغير الواقع لصالح العمال، والأجراء، تغييرا جذريا لصالح العمال، والأجراء، وسائر الجماهير المعنية بالتغيير، إنما تمارس التضليل على الجماهير الشعبية، من أجل تحقيق أهداف محددة لصالح المتحملين للمسؤولية النقابية، أو الجماهيرية. وهي بذلك تحرف العمل النقابي، أو الجماهيري، عن مساره الصحيح، لأن ما تقوم به من مهام الحزب السياسي، وليس من مهام المنظمة النقابية، أو الجماهيرية.

وبذلك نصل إلى أن عمل الحزب السياسي ليس هو عمل المنظمة الجماهيرية، أو النقابية. وهذا الاختلاف المتناهي في الدقة، هو الذي يقود إلى عدم التمييز بين العمل الحزبي، وبين عمل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية. وعدم التمييز ذاك هو الذي يدفع بعض الأحزاب إلى القيام بعمل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، أو تخريبها، أو جعلها تابعة له. وهو الذي يدفع أيضا إلى قيام المنظمة النقابية، أو الجماهيرية بالعمل الحزبي، نظرا لعدم ترسيخ التربية الحزبية، أو النقابية، في صفوف الجماهير المعنية، وفي صفوف النقابيين، أو الحزبيين.

وهذا الاختلاف الجوهري في عمقه، هو الذي يقودنا إلى ضرورة الحرص على الفصل بين العمل الحزبي، والعمل النقابي، أو الجماهيري، والحرص على مبدئية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية.

وهذا الاختلاف الجوهري، لا ينفى إمكانية الالتقاء بين العمل الحزبي، والعمل النقابي، أو الجماهيري.

ا ـ على مستوى اعتبار العمل الحزبي عاما، والعمل النقابي، أو الجماهيري خاصا. ونحن نعرف أن العلاقة بين العام، والخاص، هي علاقة احتواء العام للخاص من جهة، وعلاقة جدلية من جهة أخرى.

ب ـ على مستوى الأهداف حيث نجد أن الحزب يسعى إلى تحقيق أهداف عامة لصالح العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية بمفهومها الواسع، وفي نفس الوقت نجد أن المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، تسعى الى تحقيق أهداف خاصة لصالح العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية. ولذلك نجد أن الالتقاء بين العمل النقابي، والجماهيري من جهة، والعمل الحزبي من جهة أخرى، يقتضى الدعم المتبادل، وقيام علاقة جدلية بين العمل الحزبي، والعمل النقابي، أو الجماهيري، ولا شيء آخر.

وحتى تبقى العلاقة سليمة بين العمل الحزبي، والعمل النقابي، أو الجماهيري، يجب أن يبقى عمل الحزب مقتصرا على المهام الموكولة إلى الحزب، كما يجب أن يبقى عمل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، مقتصرا على المهام الموكولة إليها. وإلا، فإن التداخل بين المهام، لا بد أن يقود الى التحريف بمعناه الحزبي، أو النقابي، أو الجماهيري.

2) أن التأطير السياسي للطبقة العاملة، ولسائر الكادحين، شرط لقيام الحزب السياسي، انطلاقا من اقتناع إيديولوجي معين، يقتضي تصورا تنظيميا يتناسب معه، وموقفا سياسيا منسجما مع التصور التنظيمي، ومع الإيديولوجية. ولذلك، كان من الطبيعي أن يصير دور الحزب باعتباره تعبيرا سياسيا عن طبقة معينة، هو تأطير المواطنين إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا.

فالتأطير الأيديولوجي، يقتضي العمل على إشاعة إيديولوجية الحزب، لا على أنها إيديولوجية طبقة معينة، بل على أنها إيديولوجية المجتمع، ككل، عن طريق الإيهام، مما يجعل سائر الجماهير تتوهم أن إيديولوجية هذا الحزب، أو ذاك، تعبر عن مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، فترتبط بإيديولوجيات هذا الحزب، أو ذاك، وتشرع في اعتباره قائدا لها، فتقبل بالانخراط في التنظيم الحزبي المنسجم مع تلك الإيديولوجية.

والتأطير التنظيمي، يقتضي قيام تصور منسجم مع الإيديولوجية، حتى يستطيع الحزب تنظيم الجماهير الشعبية، بقطع النظر عن انتمائها الطبقي إلى الطبقة الاجتماعية التي يعبر الحزب عن مصالحها المختلفة، ويعمل على حماية تلك المصالح بكافة الوسائل، أو عدم انتمائها إلى تلك الطبقة، مادامت تقتنع بإيديولوجية الحزب.

والتنظيم لا يعنى في عمق الواقع الحزبي، إلا التواجد في الإطارات الحزبية المختلفة، التقريرية، والتنفيذية، من أجل المساهمة في بلورة الأفكار، والتصورات المعتمدة في بناء البرنامج الحزبي، الذي يقتضي الانضباط له على جميع المستويات، والالتزام بتنفيذه على أرض الواقع، من أجل تحقيق الأهداف المرحلية المحددة، في أفق العمل عل تحقيق الأهداف الإستراتيجية.

والتأطير السياسي، يقتضي الانضباط للقرارات السياسية، التي يتخذها الحزب، والعمل على إشاعة تلك القرارات، وبكافة الوسائل، بين أفراد المجتمع، حتى تصير قرارات الحزب السياسي هي قرارات المجتمع ككل.

والتاطير السياسي يقتضي مساهمة جميع المنتمين إلى الحزب، في بلورة قرارات الحزب السياسي، المعبرة عن مواقف الحزب من مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية على جميع المستويات الدولية، والقومية، والوطنية، والمحلية، والشروع مباشرة في إقناع الجماهير المعنية بالمواقف السياسية للحزب، في أفق تحويل تلك المواقف إلى إجراءات، عبر تحقيق فقرات البرنامج المرحلي، المؤدى بالضرورة الى تحقيق البرنامج الإستراتيجي، الذي ليس إلا الانتقال من وضعية الى وضعية أخرى مختلفة جملة وتفصيلا.

وأي تأطير سياسي للمواطنين في أي بلد، لا يؤدي الى امتلاك الوعي بضرورة التغيير، والانخراط في العمل من أجل حدوث ذلك التغيير، وعلى جميع المستويات، فإنه ليس إلا تأطيرا تحريفيا.

والتاطير التحريفي الذي يجعل الحزب يشتغل على أمور لا علاقة لها بمهام الحزب، ليحل بذلك محل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ليجد نفسه مشتغلا على الملفات المطلبية، التي تشتغل عليها هذه المنظمات، مما يجعل أهداف الحزب غائبة غيابا مطلقا، أمام حضور الأهداف النقابية، أو الجماهيرية.

والمجتمع المتطور، والمتقدم، والديمقراطي، والتقدمي، هو الذي يحضر فيه التاطير الحزبي / السياسي للجماهير الشعبية، مما يجعل معظم أفراد المجتمع ينخرطون في عملية النضال من أجل التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.

والمجتمع المتخلف، والمتراجع، واللاديمقراطي، والرجعي، هو الذي يغيب فيه التاطير الحزبي / السياسي للجماهير الشعبية، التي تصير غارقة في المعاناة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وغياب التأطير الحزبي / السياسي في مجتمع معين، هو الذي يدفع إلى قيام الأحزاب السياسية بالاشتغال على الملفات ذات الطبيعة النقابية، أو الجماهيرية، وهو الذي يجعل هذه الأحزاب تعمل على إنشاء منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، أو تعمل على جعل المنظمات القائمة تابعة لها، عن طريق العمل على السيطرة على أجهزتها، وضرب مبدئيتها، أو تعمل في حالة كونها غير قانونية، على تحويل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، إلى مجرد مجالات للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو أحزاب معينة.

ولذلك نجد أن التاطير الحزبي للجماهير لشعبية الكادحة، إما أن يهدف إلى جعلها تنخرط في عملية التغيير الشاملة، وعلى جميع المستويات، فيكون التأطير صحيحا، وإما أن يكتفي بإيهام الجماهير بأن الحزب سيعمل على تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، وجعلها تنخرط في ذلك، فيكون التأطير تحر يفيا.

وفي طبيعة التأطير الحزبي للجماهير المعنية، يبرز صدق الحزب السياسي، أو تتضح انتهازيته في العلاقة مع الجماهير المعنية بعمل الحزب.

والمشكلة التي نعاني منها في المجتمعات ذات الأنظمة التابعة، أن التأطير الحزبي للجماهير، غالبا ما يكون تحر يفيا، ليسود اشتغال الأحزاب السياسية على الملفات النقابية، أو الجماهيرية، وترسيخ حزبية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، أو جعلها تابعة لهذا الحزب، أو ذاك، أو استغلال توجه حزبي معين للمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، من أجل جعلها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.

3) إن الحزب السياسي لا يفرض وصايته على العمل النقابي، أو الجماهيري، ولا يشرف على تشكيل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية؛ لأن عملية الوصاية، والإشراف على العمل النقابي، أو الجماهيري، وعلى تأسيس المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، إذا كان يظهر الحزب قويا، فإنه يؤدي إلى إبعاد العمال، والأجراء، وسائر الجماهير عن المنظمات النقابية، أو الجماهيرية.

فالوصاية تقود بالضرورة إلى فرض تبعية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، لحزب سياسي معين، كما توهم المعنيين أن العمل النقابي، أو الجماهيري، هو شان حزبي، فيقبلون قبولا مطلقا بتلك الوصاية، وكأنها قدر لا مرل. وهو ما يعني، في نهاية المطاف، اعتبار مبادئ العمل النقابي، أو العمل الجماهيري غير واردة، لكونها تتناقض مع تبعية التنظيم النقابي، أو الجماهيري للحزب.

أما إشراف الحزب على تأسيس التنظيم النقابي، أو الجماهيري، فيكرس الاعتقاد بأن أي تنظيم يشرف على تأسيسه حزب سياسي معين، هو تنظيم حزبي. وهو ما يحول ذلك الاعتقاد إلى واقع.

ولذلك، فأي حزب يسعى إلى فرض وصايته على التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، أو يسعى إلى الإشراف على تأسيسها، إنما يسعى إلى ممارسة تحريف العمل النقابي، والعمل الجماهيري، مما يفقد ذلك العمل أهميته الجماهيرية، التي تؤدى إلى عدم الاهتمام بعمل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، الذي يقود إلى ضعف تأثيرها في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.

وحتى تحافظ الأحزاب على سماتها الطبيعية، يجب أن تمسك عن فرض وصايتها على التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، وعن الإشراف على تأسيس هذه التنظيمات، حتى تساهم في تكريس مبدئيتها.

وإمساك الأحزاب عن فرض الوصاية، وعن الإشراف على إنشاء المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، لا يلغي لجوء الأحزاب إلى تكوين تنظيمات داخلية، تتبع عمل هذه التنظيمات، من اجل صياغة التوجيهات التي يلتزم مناضلو كل حزب بها في عملهم في مختلف المنظمات الجماهيرية الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، حتى يعطوا للمبادئ النقابية، والجماهيري،ة دلالتها التنظيمية الفعلية، ودون اللجوء إلى فرض تلك التوجيهات، التي لاتهم غير المنتمين إلى الأحزاب المختلفة، والمتناقضة أحيانا، واعتماد مبدأ الإقناع، ومن أجل الوصول إلى قيام المنظمات الجماهيرية، والنقابية، بدورها كاملا.

4) أن الحزب السياسي لا يعمل على تحزيب التنظيم النقابي، أو الجماهيري، لأن عملية التحزيب، تلك، تقتل المنظمات الجماهيرية، أو تضعفها، وتجعل منها مجالا لجلب الانتهازيين إلى الحزب، والذين لا يرون في الحزب إلا وسيلة لتكريس انتهازيتهم، عن طريق الوصول الى المؤسسات المنتخبة، وإلى الحكومة باعتبارها أسرع وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية.

ولذلك، فالأحزاب التي تسعى إلى تحزيب المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، لا تسعى إلى تقوية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، بقدر ما تسعى إلى تحقيق تعويم المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، بالانتهازيين الذين يتسربون عبر تلك المنظمات المحزبة إلى الحزب.

وهنا يجب أن نميز بين عملية التحزيب، التي لا تعني إلا السطو، وبواسطة المنتمين إلى حزب معين، على أجهزة منظمة نقابية، أو جماهيرية، من أجل تحويلها إلى منظمة حزبية، كما يحصل في العديد من الإطارات النقابية، والجماهيرية، وبين حق الحزب، أي حزب، في إنشاء إطارات حزبية متخصصة في تتبع، ومواكبة العمل النقابي، أو الجماهيري، من أجل ضبط ممارسة أفراده، ومواكبة تلك الممارسة، وتوجيهها، وفق ضوابط العمل النقابي، أو الجماهيري.

فالسطو على المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، من أجل تحويلها إلى منظمات حزبية، هو عمل غير مشروع، وغير تنظيمي.

والعمل من أجل إيجاد تنظيمات حزبية داخلية، ومن أجل مواكبة وتتبع العمل النقابي، أو الجماهيري، وتوجيه الفعل فيه، من أجل تطويره، في إطار المحافظة على مبدئيته، وجعله في خدمة المعنيين به، هو عمل مشروع، وتنظيمي.



5) أن الحزب السياسي، لا يسعى إلى فرض تبعية المنظمة النقابية، أو الجماهيرية للحزب، لأن شيئا من هذا النوع، يجعل الحزب ينتقل من مستوى توجيه عمل المنتمين إليه في المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، إلى العمل على تبعية تلك المنظمات برمتها، وفرض ذلك التوجيه بواسطة المنتمين إليه، الذين يسيطرون على أجهزة تلك المنظمات.

ومعلوم أن المنظمات التابعة، لا تخدم مصالح الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، بقدر ما تخدم مصالح الحزب المعني بالالتزام بتنفيذ توجيهه.

وفرض التبعية على المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، يفرغ هذه المنظمات من كل إمكانية الالتزام بالمبدئية، في هذه المنظمات، وهو ما يترتب عنه الإخلال بالعلاقة مع العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، تلك العلاقة التي تتحول إلى علاقة حزبية، تلعب فيها المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، دور الوسيط المضلل بين الحزب، وبين العمال، والأجراء، وسائر الجماهير المعنية، حتى تعتقد الجماهير بأن الحزب الموجه للمنظمة النقابية، الجماهيرية، هو المعني بالنضال من أجل إيجاد الحلول للمعضلات القائمة في الواقع، والتي تلحق أضرارا كبيرة بالجماهير المعنية بالعمل النقابي، أو الجماهيري، فتقف وراء وصوله إلى المؤسسات المنتخبة، وإلى الحكومة، لتكتشف بعد ذلك أنها كانت مضللة، نظرا لكون الحزب الموجه للمنظمة النقابية، أو الجماهيرية، لا يبحث إلا عن مصلحة المنتمين إليه، بمن فيهم المسيطرون على المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، فتنسحب من تلك المنظمات التي تصير مجرد كيانات لا مدلول لها على أرض الواقع النقابي، أو الجماهيري.

ولذلك نجد أن الحزب المناضل نضالا حقيقيا، يتجنب ما أمكن، صيرورة المنظمات النقابية، أو الجماهيرية تابعة، ويوجه المنتمين إليه، من العاملين في تلك المنظمات، إلى المحافظة على مبدئيتها، حتى تحافظ على علاقتها بالعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، وحتى يرتبط هؤلاء ارتباط عضويا بالمنظمات المبدئية.

6) أن الحزب السياسي لا يسعى إلى تأسيس منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، تعمل في صفوف الجماهير، بهذه الصفة، لأن منظمات من هذا النوع، حتى وان كان تفيد الحزب، والحزبين بصفة مباشرة، إلا أنها تفقد مبرر ارتباطها بالعمال، والأجراء، وسائر الجماهير المعنية بها، لكون هذه الجماهير لا تستطيع الانخراط في تلك المنظمات الحزبية، إذا لم تقتنع بمبادئ الحزب، وبإيديولوجيته، وبتصوره التنظيمي، وبمواقفه السياسية، وحتى إذا انخرطت، فإنها لا تستطيع أن تساهم في بناء الملفات المطلبية النقابية، أو الجماهيرية، ولا تستطيع المساهمة في بناء البرنامج النضالي، بعيدا عن الحزب، لأن مطالب هذه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وبرامجها، هي مطالب، وبرامج حزبية، لا يراعى في وضعها إلا تحقيق الأهداف الحزبية القريبة، والمتوسطة، والبعيدة.

والحزب الذي يلجأ إلى إيجاد منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، هي أحزاب لا تملك مشروعا يهدف الى العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية. ولذلك فهي تتحايل على العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، بتأسيس منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، إيغالا في تضلل المعنيين بتلك المنظمات.

أما الأحزاب التي تحترم نفسها، وتحترم الجماهير الشعبية، وطليعتها الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وتحترم مبدئية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، فإنها لا تلجأ الى ذلك أبدا، ولا تسعى إليه، بل وتناضل من أجل وضع حد له، عن طريق تشريح الممارسة الحزبية المؤدية إلى ذلك، وفضح، وتعرية خلفياتها الحزبية، ومن أجل تكريس مبدئية العمل النقابي، أو الجماهيري، الذي لا يخدم إلا مصالح العمال، والأجراء.

وبهذا التوضيح، نجد أن المحافظة على السمات المميزة لدور الأحزاب السياسية، تجاه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، والتي نلخصها في عدم اشتغال الأحزاب على الملفات النقابية، أو الجماهيرية، وفي الالتزام بالتاطير السياسي للطبقة العاملة، ولسائر الجماهير، إيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، في أفق قيادة الجميع من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وفي نبد الوصاية على العمل النقابي، والعمل الجماهيري، ونبد إشراف الأحزاب السياسية على تشكيل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وفي نبد العمل على تشكيل منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، لأنها تولد مقزمة، ولا قيمة نضالية لها مضافة إلى قيم المنظمات المبدئية، وترفض فرض تبعية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية إليها، ويعتبر أن كل ذلك، إن حصل، لا يمكن أن يعتبر إلا عملا تحر يفيا، ولا تقوم به إلا الأحزاب التحريفية، ومن أجل أن تحافظ على هويتها الحزبية الصادقة، التي تقر بمبدئية العمل النقابي، والعمل الجماهيري، وتحرص على المحافظة على تلك المبدئية.


هل يمكن أن يصير الحزب بديلا للمنظمة النقابية، أو الجماهيرية المبدئية؟

إن الحزب السياسي يبقى حزبا سياسيا بإيديولوجيته، وبتصوره التنظيمي، وببرنامجه المرحلي، وبأفقه الإستراتيجي، وبمواقفه السياسية، ولا شيء آخر.

وإن المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، تبقى منظمة نقابية، أو جماهيرية، بتصورها التنظيمي، وبملفاتها المطلبية،، وببرنامجها النضالي المتجدد باستمرار، وبأهدافها المتطورة بتطور المستهدفين بالعمل النقابي، أو الجماهيري، ولا شيء آخر.

وبهذا التمايز، نجد أن الحزب السياسي، لا يمكن أن يحل محل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، كما نجد أن المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، لا يمكن أن تحل محل الحزب السياسي.

غير أن ممارسي التحريف الحزبي، أو النقابي، أو الجماهيري، يلجئون إلى إحلال الحزب السياسي محل المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، أو يلجئون إلى إحلال المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، محل الحزب السياسي، لحاجة في نفس يعقوب، ومن أجل التشويش إما على المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، وإما على الحزب السياسي المبدئي.

وبناء على هذه المقارنة البسيطة، نجد أن:

1) الحزب السياسي ليس بديلا للمنظمة النقابية، أو الجماهيرية، نظرا لاختلاف طبيعة التنظيم الحزبي عن طبيعة التنظيم النقابي، أو الجماهيري، ولاختلاف البرامج، والأهداف، ولاختلاف مجال العمل. فالحزب السياسي يبقى حزبا سياسيا، مهما ادعى أنه هو الحزب المؤهل للعمل من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، لأن عملا مثل هذا، لا يهم الحزب، بقدر ما يهم المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ولأن هدف الحزب السياسي يتجاوز كل ذلك، إلى السعي إلى الوصول إلى سلطة، وبالطرق المختلفة، التي من بينها اعتماد الممارسة الديمقراطية الحقيقية لأجل ذلك. وهو ما يجعلنا نسجل أن قيام الحزب، أي حزب، بممارسة ليست له، هو ممارسة تحريفية، لا علاقة لها بالممارسة الحقيقية للحزب.

2) وقياسا على ما أوردناه في الفقرة السابقة، فان المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، أو ما يصطلح على تسميته ب "منظمات المجتمع المدني"، ليست بديلا للأحزاب السياسية، نظرا لكون المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، لا تتجاوز أن تقود الجماهير المعنية بها في أفق تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، وحتى تكون المنظمات المختلفة منسجمة مع طبيعتها الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، ومع مبدئيتها، إن كانت هناك مبدئية. ولكن عندما تتحول المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، إلى القيام بدور الحزب السياسي، فإنها تمارس التحريف في أقصى صوره. ولذلك كان، ولازال، وسيبقى الحرص على مبدئية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، كمنظمات ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، ووحدوية، وكونية، وشمولية، هو الضمانة للحيلولة دون ممارسة هذه المنظمات للتحريف الذي يجعلها تتحول لتقوم بأدوار أخرى، لا علاقة لها بمجالات عملها، ولا بأهدافها المتمثلة بالخصوص في تحسين الأوضاع المادية والمعنوية، للعمال، والأجراء، ولصالح الجماهير الشعبية، وعلى جميع المستويات، حتى تنتقل هذه الجماهير من واقع، إلى واقع آخر.

3) وعدم قيام الحزب بدور المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، أو عدم قيام المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، بدور الحزب، لا ينفي أحقية الحزبي في الانتماء إلى المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، بدور الحزب، ليمارس حقه في ممارسة العمل النقابي، أو الجماهيري. انطلاقا من اقتناعه بتصور معين، حتى وإن كان حزبيا، للعمل النقابي، أو الجماهيري، حتى يلعب دوره في بناء التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، وفي تكوين ملفاتها المطلبية، وفي صياغة برامجها النضالية، وفي تنفيذ تلك البرامج، على أساس احترام مبادئ العمل النقابي، أو الجماهيري المشار إليها، وفي مختلف المجالات الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، أو المدنية، أو السياسية، ودون إقحام التوجه الحزبي، أو محاولة فرضه على المنتمين إلى التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية. فإذا حصل ذلك، فان هؤلاء المنتمين إلى الأحزاب، سيعملون، ولا شك، على تحريف عمل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ولذلك، فان أول ما يجب أن يستحضره الحزبيون العاملون في المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، هو احترام مبادئ العمل النقابي، أو الجماهيري، حتى تكون العلاقة الجدلية الفعلية قائمة بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ومن أجل تكريس الربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال الجماهيري.

وفي نفس السياق، نجد أنه لا ينفي أحقية النقابيين بالانتماء إلى الأحزاب السياسية، دون أن ينسوا أن من واجبهم المحافظة على مبدئية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ودون العمل في أفق العمل على تحويلها إلى منظمات حزبية، أو تابعة لحزب سياسي معين، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، حتى تستمر في المحافظة على هويتها المبدئية، والنضالية، ودون أن يعمل النقابيون على تحويل الأحزاب التي ينتمون إليها الى القيام بدور المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، مما يساهم في تحريف العمل النقابي، أو الجماهيري، والعمل الحزبي في نفس الوقت. ولذلك فانتماء النقابيين، أو العاملين في المنظمات الجماهيرية، يجب أن يستحضر معه ضرورة الحرص على احترام مبادئ العمل النقابي، أو الجماهيري من جهة، وضرورة الحيلولة دون قيام الأحزاب السياسية بدور النقابات من جهة أخرى، وإلا، فإن انتماء العاملين في المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، إلى الأحزاب السياسية، سيؤدى إلى تحريف العمل النقابي، أو الجماهيري، والعمل الحزبي في نفس الوقت، إذا لم تحترم الحدود القائمة بينهما.


4) وانطلاقا مما سبق، فإنه ليس من حق الحزبي أن يفرض تصور الحزب في المنظمة النقابية، أو الجماهيرية، كما أنه ليس من حق النقابي تحويل الحزب السياسي إلى منظمة نقابية، أو جماهيرية، لأن ما يمارس على مستوى البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، أن معظم الأحزاب السياسية، وخاصة تلك التي تسمى نفسها ديمقراطية، أو تقدمية، تسعى، وباستمرار، إلى تحويل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، إلى منظمات حزبية، أو تابعة لها، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وهو ما يمكن اعتباره ممارسة لسطو الأحزاب السياسية على المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، حتى تتحول إلى خدمة مصالح الأحزاب، ومصالح المنتمين إليها. ومن أجل جعلها مجرد قنطرة لمرور الأحزاب إلى معظم الجماهير التي تصير وسيلة للوصول إلى المؤسسات المنتخبة، وإلى الحكومة، لتحقيق التطلعات الطبقية للحزبيين، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ليبقى العمال، والأجراء، وسائر الجماهير، محرومين من مختلف الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

وفي بعض الأحيان، نجد أن معظم المنتمين إلى المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، والمنتمين في نفس الوقت إلى الأحزاب السياسية، يسعون إلى جعل الأحزاب السياسية تقوم مقام المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، من خلال جعلها تدعى أنها تسعى إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة. وهم بذلك يساهمون في إضعاف المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وفي تحريف العمل الحزبي عن مساره الحقيقي في نفس الوقت.

والمفروض في ممارسة العمل النقابي، أو الجماهيري، إبعاد الحزب عن المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، حفاظا على مبدئيتها. كما انه من المفروض تجنب جعل الأحزاب تحل محل المنظمات الجماهيرية، أو النقابية، في طرح الملفات المطلبية، والعمل على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، لأن ذلك يعتبر ممارسة تحريفية بالدرجة الأولى لعمل الأحزاب السياسية، حتى نحافظ في المجتمعات ذات الأنظمة التابعة على العمل الحزبي الصحيح، الهادف إلى تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، تغييرا جذريا، يخدم مصالح الجماهير الشعبية الكادحة.

5) وبهذا التحليل المسهب، يتبين لنا أن المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، التي تحافظ على مبدئيتها، يمكن أن تلعب دورا إيجابيا، عن طريق تفعيل مبادئ الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية، والكونية، والشمولية، حسب خصوصية كل منظمة نقابية، أو جماهيرية؛ لأنه بذلك التفعيل، يمكن أن تعمل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية على:

ا ـ تكريس الممارسة الديمقراطية في الممارسة اليومية للعمال، والأجراء، وسلئر الجماهير ، وأن تصير الديمقراطية جزءا من المسلكية الفردية، أو الجماعية، لمجموع أفراد المجتمع، وعلى جميع المستويات، وفي جميع المجالات، ومن خلال بناء التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، وتكوين الملفات المطلبية، ووضع البرامج النضالية، والالتزام بتنفيذ تلك البرامج، في أفق تحسين وضعية جميع أفراد المجتمع، ماديا، ومعنويا.



ب ـ تكريس الممارسة التقدمية على مستوى بناء المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وعلى مستوى تكوين الملفات المطلبية، وعلى مستوى وضع البرامج النضالية، والالتزام بتنفيذها، والنضال من أجل تحقيق المطالب المتطورة، والمتجددة باستمرار، حتى تتناسب مع التحولات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تصير التقدمية جزءا من المسلكية الفردية، والجماعية، للعمال والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، مما يجعل الجميع يحرص على التقدم، والتطور، والتشبع بالقيم المتقدمة، والمتطورة، في أفق إعادة صياغة الواقع صياغة تختفي منها، وبصفة نهائية، جميع مظاهر التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، ومن أجل أن يصير منيعا ضد ما يستهدفه من المتخلفين فكريا، وإيديولوجيا، وسياسيا.

ج ـ جعل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، مفتوحة على جميع الجماهير الشعبية المعنية بالعمل النقابي، أو الجماهيري، حتى تصير جماهير البلدان ذات الأنظمة التابعة متمرسة على الانتظام في المنظمات النقابية، أو الجماهيرية المبدئية، وتى تنخرط في النضال الفعلي، من أجل تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، ومن أجل حماية مكاسبها المتحققة.

د ـ الحرص على استقلالية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، عن طريق الحرص على عدم الإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، وعن طريق التحرر من كل تبعية مباشرة، أو غير مباشرة، للنظام القائم، وللطبقة الحاكمة، ولأجهزة الدولة، على مستوى بناء التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، وعلى مستوى بناء ملفاتها المطلبية، وصياغة برامجها، وتنفيذ تلك البرامج، بعيدا عن كل تأثير، ومن أية جهة كانت، ومن أجل أن تنتصب المنظمات النقابية، أو الجماهيرية قوية، وقادرة على قيادة نضالات العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة، وفي أفق تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، ودون أن يدعي أي حزب، ومهما كان، أن له الفضل في ذلك، لتبقى المنظمات النقابية، أو الجماهيرية المستقلة سيدة نفسها فيما تحققه لصالح المعنيين بالعمل النقابي، أو الجماهيري.

ه ـ وعمل المنظمات الجماهيرية يزداد مصداقية، عندما يستهدف جميع المعنيين، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقداتهم، أو انتماؤهم العرقي، أو الطبقي، ماداموا يلتزمون بمبادئ العمل النقابي، أو الجماهيري، سعيا إلى وحدوية المساهمة في بناء التنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، وتكوين ملفاتها المطلبية، وصياغة برامجها النضالية، والمساهمة في تنفيذ تلك البرامج، سعيا إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، لجميع العمال والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، ومن أجل بلورة نجاعة العمل الوحدوي في الساحة النقابية، أو الجماهيرية، الذي يؤدي بالضرورة إلى بلورة نجاعة، وأهمية الوحدة التنظيمية، من أجل العمل على إيجاد تنظيم واحد، نقابي، أو جماهيري واحد، يقود النضالات العمالية، أو الجماهيرية، لتحقيق نفس المطالب، ولحماية نفس المكتسبات المتحققة.

ولذلك نجد أن أهمية وحدوية التنظيم، والمطالب، والبرامج النضالية، والأهداف، والمكاسب، يكسب المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، مكانة خاصة في صفوف العمال، والأجراء، وباقي الجماهير الشعبية، المعنية بالنضال النقابي، أو الجماهيري، لتصير بذلك قوية بالجماهير، ومن أجل الجماهير، ولتصير الجماهير قوية بها.

و ـ وفي بعض التنظيمات الجماهيرية، نجد ضرورة استحضار كونية حقوق الإنسان، ومن أجل أن تكون نفس الحقوق، لجميع الناس، مهما كانت لغتهم، أو جنسهم، أو لونهم، أو عرقهم، أو معتقداتهم، وأينما كانوا، لنضمن بذلك مساهمة الجميع، في استيعاب منظومة حقوق الإنسان، والسعي إلى التمتع بتلك الحقوق، وبكافة الوسائل المشروعة، وعن طريق التنظيمات الجماهيرية المعنية بالنضال من أجل احترام حقوق الإنسان، وحماية تلك الحقوق، وتتبع كافة الخروقات المرتكبة، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والقيام بالإجراءات الضرورية، التي تقتضي الحد من ارتكاب الخروقات المختلفة، لضمان حماية البشرية من الظلم، والقهر الممارس عليها، من قبل الجهات الممارسة لتلك الخروقات، سواء كانت أفرادا، أو طبقات، أو دولا.

ز ـ وفي نفس السياق، فإن التنظيمات الجماهيرية المعنية بحقوق الإنسان بالخصوص، لا يمكن أن تكتسب مصداقيتها إذا لم تقم بالنضال من أجل تمتيع الناس، بجميع الحقوق، نظرا للطابع الشمولي لحقوق الإنسان، ولأن حقوق الإنسان لا تتجزأ أبدا، سواء تعلق الأمر بالمستوى المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو القومي، أو العالمي.


فهل تلتزم التنظيمات النقابية أو الجماهيرية بالمحافظة على مبدئيتها، وعلى دورها النضالي، لصالح الجماهير المعنية. وهل تدرك الأحزاب السياسية أن احترام مبدئية العمل الجماهيري، يشكل قوة لها، وللجماهير المعنية في نفس الوقت؟

إن ما نعرفه أن دور المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، لصالح الجماهير الشعبية المعنية بالنضال النقابي، أو الجماهيري المبدئي، يعتبر قوة للجماهير وبها.

وما نعرفه أيضا أن الأحزاب المناضلة، والحقيقية، تجد نفسها معنية، بدعم المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ومساندتها، حتى يصير ذلك الدعم، وتلك المساندة قوة لها، وحتى يصير المجال الذي تتحرك فيه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، مناسبا لتحرك الأحزاب السياسية الداعية للمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ومساعدا على تقوية تلك الأحزاب.

6) كما يتبين لنا أنه من الممكن أن يكون للأحزاب السياسية المحترمة لمبدئية العمل النقابي، أو الجماهيري، دور إيجابي في مجال اهتمامها على جميع المستويات الإيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، حتى تمتلك القدرة على تحقيق أهدافها المرحلية، والإستراتيجية.

فالأحزاب المقتنعة بالإيديولوجية المعبرة عن إرادة الجماهير الشعبية المعنية بتلك الأيديولوجية، نجد أنه ينفذ إلى وجدان، وقناعات العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية الكادحة، ليصير بذلك حزبا جماهيريا، حتى يتمكن من قيادة الجماهير الشعبية في أفق تحقيق برنامجه المرحلي (التكتيكي)، الذي يصب في اتجاه تحقيق البرنامج الإستراتيجي.

والأحزاب التي تمتلك تصورا تنظيميا متناسبا مع طبيعة الإيديولوجية، وعلى جميع المستويات، تلقى القبول من قبل المعنيين بالتنظيم المتناسب مع الإيديولوجية، ليصير التنظيم بذلك قويا قوة الإيديولوجية نفسها، وقوة الجماهير المعنية بتلك الإيديولوجية، التي لا تكون إلا واضحة، حتى تكون لها قوة التأثير التنظيمي، والإيديولوجي في نفس الوقت.

والتنظيمات الحزبية المتناسبة مع طبيعة إيديولوجيتها، لا يمكن أن تنتج إلا مواقف سياسية رائدة، ومؤثرة، وفاعلة في الساحة الجماهيرية، وعلى جميع المستويات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، والقومية، والعالمية، حتى تصير تلك المواقف التي لاتكون إلا معبرة عن إرادة الجماهير الشعبية، من مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، لتصير بذلك الجماهير الشعبية مرتبطة بالتنظيمات الحزبية ارتباطا عضويا، يمكنها من المساهمة في توسيع إيديولوجيتها، وفي بناء تنظيماتها، وفي إشاعة مواقفها السياسية، مما يؤهل تلك التنظيمات الحزبية للعب دورها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، وفي صفوف الجماهير، ومن أجلها، وفي أفق تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.


والتنظيمات الحزبية التي تقوم بدورها الإيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، لا بد أن تعمل على إنضاج الشروط المناسبة، والداعمة لعمل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، التي تزداد إشعاعا بسبب ذلك.

وبهذا الدور المؤثر، والفاعل، للتنظيمات النقابية، أو الجماهيرية، والدور الفاعل، والمؤثر للأحزاب السياسية، يتبين، بوضوح، أن العلاقة بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، لا يمكن أن تكون إلا علاقة جدلية، تنتفي في إطارها حزبية تلك التنظيمات، أو تبعيتها لحزب معين، أو جعلها مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وعلاقة من هذا النوع لا يمكن أن تكون إلا في مصلحة الجماهير المعنية.


خلاصة عامة:

وما يمكن أن نستنتجه مما سبق، هو أن:

1) العلاقة بين المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وبين الأحزاب السياسية، تعرف مجموعة من المستويات التحريفية، المتمثلة في المنظمات النقابية، أو الجماهيرية الحزبية، أو التابعة لحزب معين، أو التي تعتبر مجالا للإعداد والاستعداد لتأسيس حزب معين، في الوقت الذي يفرز النقاش: أن العلاقة الصحيحة، والوحيدة، التي يجب الالتزام بها، هي العلاقة الجدلية، التي تقوم على أساس احترام مبدئية العمل النقابي، أو الجماهيري، واحترام التفاعل الإيجابي بين العمل النقابي، أو الجماهيري، وبين العمل الحزبي الصحيح.

2) تحريف العمل النقابي، أو الجماهيري، لا يمكن أن ينتج إلا ضعف المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، بسبب عدم احترام مبديتها، ولجوء الأحزاب إلى إيجاد منظمات نقابية، أو جماهيرية حزبية، أو إلى جعل المنظمات القائمة تابعة لها، أو جعلها مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، مما يؤدي إلى التشرذم، وجعل العمل النقابي، أو الجماهيري يخدم أهدافا أخرى، لا علاقة لها بأهداف العمل النقابي، أو الجماهيري، مما يجعل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، تفقد مصداقيتها، وتعجز عن التعبير عن مصالح المعنيين بالعمل النقابي، أو الجماهيري، لقبولها بممارسة التحريف في إطاراتها.

3) تدخل الأحزاب في شؤون المنظمات الجماهيرية، أو النقابية، لا يمكن أن يقود إلا الى تحريف العمل النقابي، أو الجماهيري، بسبب تحويل هذه المنظمات إلى منظمات حزبية، أو تابعة لحزب معين، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين. وهو ما يؤدي الى فقدان مبدئية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وضعف الإطارات النقابية، والجماهيرية، وعدم قدرتها على تاطير العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية المعنية.

4) انعكاس الصراع بين الأحزاب، أو بين أجنحة حزب معين، على مسار المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، بسبب انتقال ذلك الصراع بين الأحزاب، أو بين أجنحة حزبية معنية، إلى أنسجة المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، وهو ما يقف وراء النزيف الهائل، الذي تعرفه هذه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، بسبب الصراعات المذكورة، كنتيجة للإقصاء، والإقصاء المضاد.

5) انعدام استقلالية النقابات، والمنظمات الجماهيرية، مما يجعل جميع المنظمات القائمة، لا تتمتع بمبدأ الاستقلالية، رغم ادعاء حضور المبدئية في ممارسة بعضها.

6) مبدئية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، هو الطريق المؤدى إلى قيام عمل نقابي صحيح، ومن أجل أن تصير تلك المنظمات، فعلا، ديمقراطية، تقدمية، جماهيرية، مستقلة، ووحدوية، وكونية، وشمولية، حتى تلعب دورها الفعلي لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، بعيدا عن الأحزاب السياسية، وعن الأنظمة القائمة في مختلف البلدان ذات الأنظمة التابعة.

7) العمل النقابي، أو الجماهيري المبدئي، لا يمكن أن يكون إلا وسيلة لإيجاد قوة جماهيرية فاعلة، ومؤثرة، تصلح للحراك الحزبي الفاعل، من أجل إيجاد تغيير شامل للأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

8) العمل الحزبي الهادف إلى تغيير الواقع، والمحترم لمبدئية المنظمات الجماهيرية، أو النقابية، لا يمكن أن ينتج إلا مناخا صالحا لحركية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، من أجل انتزاع المزيد من المكاسب، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، والعمل على حماية تلك المكاسب.

9) الهدف من العمل النقابي، أو الجماهيري، هو تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للعمال، والأجراء، ولصالح الجماهير الشعبية الكادحة، ولا شيء آخر.

10) الهدف من العمل الحزبي، هو تحقيق البرنامج المرحلي، في أفق تحقيق البرنامج الإستراتيجي، المتمثل بالخصوص في تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

وبهذه الخلاصات العامة، نكون قد استوفينا منافسة موضوع: "العلاقة المتبادلة مابين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية"، على ضوء ما يتبين لنا من خلال اهتمامنا بالعمل النقابي، أو الجماهيري، في علاقته بالأحزاب السياسية.

وفي هذه المعالجة المسهبة، تناولنا مفهوم الحزب السياسي، ومفهوم النقابة، ومفهوم منظمة العمل الجماهيري، التي يسمونها بمنظمة المجتمع المدني، كما تناولنا العلاقة الموضوعية بين الحزب السياسي، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ثم أتينا على ذكر مظاهر تحريف المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، ثم السمات المميزة لدور الأحزاب السياسية تجاه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، متسائلين:

هل يمكن أن يصير الحزب السياسي بديلا للمنظمة النقابية، أو الجماهيرية؟

وفي هذه المعالجة، حاولنا أن نكون موضوعيين في مقاربتنا للعمل الحزبي من جهة، وللعمل النقابي، أو الجماهيري من جهة أخرى، وفي رصد طبيعة العلاقة القائمة بين الحزب السياسي، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية.

وغايتنا من وراء هذه المعالجة تتمثل في الحرص على تجنب تكريس مظاهر التحريف في العلاقة بين الحزب السياسي، وبين المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، والعمل على تكريس العلاقة الموضوعية، التي لا تكون إلا جدلية، خدمة لتحرير العمال، والأجراء، وسائر الجماهير الشعبية، عن طريق العمل النقابي، أو الجماهيري، أو عن طريق العمل الحزبي الهادف إلى التغيير الشامل.

فهل تبنى علاقة موضوعية فيما بين الأحزاب السياسية، والمنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

وهل يلجا المسئولون عن العمل النقابي، أو الجماهيري، إلى بناء المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، على أسس مبدئية؟

وهل تمسك الأحزاب السياسية عن العمل على حزبية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية؟

هل تمتنع بعض التوجهات الحزبية عن جعل المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين؟

إننا، ونحن نطرح هذه الأسئلة، لا نطرحها من أجل ممارسة الرياضة الذهنية، بل نطرحها بسبب ما يحز في النفس، الناتج عن الواقع المتردي، على جميع المستويات، فيما يخص وضعية المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، التي يفترض فيها، أن تصير مبدئية، هذه الوضعية التي لا تستقيم إلا بإعادة النظر في الممارسة الحزبية أولا، وأخيرا، تجاه المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، حتى يأخذ العمل النقابي، أو الجماهيري، مجراه تجاه صيرورته عملا مبدئيا، لا علاقة له بمظاهر التحريف المختلفة التي أتينا على ذكرها، حتى تلعب المنظمات النقابية، أو الجماهيرية، دورها لصالح العمال، والأجراء، ولصالح عموم الجماهير الشعبية الكادحة، وحتى يقتصر عمل الأحزاب السياسية على النضال من أجل تحقيق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية، في أفق بناء مجتمعات الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

محمد الحنفي



ابن جرير في : 26/04/2007
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف