الحكم الشرعي للتعامل غير المشروع في المواد المخدرة
إعداد الرائد/ زياد مزهر
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، محمدا عليه وعلى اله أفضل الصلاة و السلام.
وبـعــد:
إن شريعة الإسلام خاتمة الشرائع، أودع الله جل جلاله فيها من الخصائص والميزات ما هو كفيل لتحقيق مختلف المصالح للفرد والمجتمع، وجعل قواعدها متسمة بالسعة والمرونة، تلبية للحاجات المختلفة، والمتجددة في كل زمان ومكان؛ ولعل ذلك أحد أسرار خلودها وانتشارها في مختلف البيئات، ولم تترك هذه الشريعة جانباً من جوانب الحياة إلا ونظمته أدق تنظيم وأحكمه (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ). (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
ولقد عنيت هذه الشريعة ببيان الأمور المحرمة عناية خاصة؛ وذلك لما لتلك المحرمات من أثر مدمر على حياة الأمة، واستقامة أمورها.
وقد اتخذت عند بيانها لتلك المحرمات طريقين:
ألهمــا: النص على الأمر المحرم بخصوصه نصاً صريحاً لا يتناول غيره.
وثانيهما: وضع قواعد عامة، وأمور كلية يتناول الحكم المنصوص عليه فيها؛ لكل ما يندرج تحتها مما هو موجود وقت التشريع أو يستجد بعده.
والحكم الشرعي للتعامل غير المشروع في المواد المخدرة إنما يعلم من هذا الطريق الثاني ، حيث لم تكن معروفة وقت التشريع، وإنما عرفت في المجتمع الإسلامي بعد ذلك بعدة قرون عندما اجتاح التتار معظم البلاد الإسلامية، وبسطوا عليها نفوذهم.
فمن البديهي ـ والحالة هذه ـ ألا نجد نصاً صريحاً يبين حكم المخدرات بيانا مفصلاً، وسنحاول في هذه الدراسة المقتضبةا بيان حكمها وعقوبتها، وسبل مكافحتها، والقضاء عليها، راجياً من الله ـ العلي القدير ـ التوفيق والسداد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
تعريف المخدرات: المخدرات في اللغة: جمع مخدر، وهذا اللفظ، وما اشتق منه، يطلق على جملة من المعاني المتقاربة، وهي: الضعف والكسل والخمول والتغطية والظلمة والغموض والبرودة، والتحيير والتخلف، يقال خدر العضو: إذا استرخى، فلم يقدر على الحركة، على الوجه الصحيح، وخدر الشاب: إذا فتر وضعف، ويقال ليلة خدر: أي شديدة الظلمة، ويقال اختدرت الجارية: إذا استترت، ويوم خدر أي: بارد، ورجل خدر أي: متحير، والخادر من الدواب: المتخلف الذي لم يلحق بقرنائه. ومعظم هذه المعاني متحقق في متعاطي المخدرات؛ حيث أنها تصيب متعاطيها بالضعف والكسل الشديد، وتحجب بينه وبين رؤية الأشياء على حقيقتها، وتجلب له التبلد والتردد في كل أموره، وتفقده القدرة على اتخاذ المواقف الحازمة عند المُلمات.
المخدرات في الاصطلاح:
"هي كل مادة يترتب على تناولها إنهاك الجسم، وتأثير على العقل، حتى تكاد تذهب به، وتكون عادة الإدمان".
وجاء في الموسوعة الميسرة: "مخدر مادة تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة، وقد ينتهي إلى غيبوبة تعقبها الوفاة".
حكم المخدرات:
اتفق العلماء في مختلف المذاهب الإسلامية: على تحريم تعاطي المخدرات بأي وجه من الوجوه، واعتبروا ذلك كبيرة من كبائر الذنوب يستحق مرتكبها المعاقبة في الدنيا وفي الآخرة.
قال ابن تيمية مجيباً لمن سأله عن حكم تناول الحشيش: "هذه الحشيشة الصلبة حرام، سواء سكر منها أو لم يسكر، والسكر منها حرام باتفاق المسلمين، ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال، فإنه يستتاب، فإنه تاب وإلا قتل مرتداً، لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين".
"وهي بالتحريم أولى من الخمر، لأن ضرر أكل الحشيشة على نفسه أشد من ضرر الخمر".
وقال الذهبي: "والحشيشة المصنوعة من ورق القنب حرام كالخمر يحد شاربها، كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر".
وقال ابن حجر في معرض حديثه عن القات الذي يعتبره البعض من أخف أنواع المخدرات، وقال البهوتي: "ولا يباح أكل الحشيشة المسكرة".
أدلة تحريم المخدرات:
لم يرد نص خاص يبين حكم المخدرات بخصوصها، إذ لم تكن معروفة وقت التشريع، وإنما ظهرت وعرفت بهذا الاسم بعد عدة قرون. ونظراً لعدم ورود لفظ المخدرات في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، فقد بذل الفقهاء جهدهم للتعرف على حكمها، معتمدين في ذلك على ما فهموه من النصوص العامة والقواعد الكلية.
قال ابن تيمية رداً على من قال بعدم وجود نص في الكتاب والسنة يقتضي تحريم الحشيشة وما في حكمها: "وأما قول القائل أه هذه ما فيها آية ولا حديث فهذا من جهله، فإن القرآن والحديث فيهما كلمات جامعة هي قواعد عامة وقضايا كلية تتناول كل ما دخل فيها فهو مذكور في القرآن والحديث باسمه العام، وإلا فلا يمكن ذكر كل شيء باسمه الخاص".
ويتلخص ما اعتمد عليه الفقهاء في الحكم بتحريم المخدرات في الأدلة التالية:
الدليل الأول: قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ). فقد تضمنت هذه الآية قاعدة من القواعد العامة في الشريعة الإسلامية، ومؤدى هذه القاعدة: أن كل طيب مباح، وكل خبيث محرم، والمخدرات بمختلف أنواعها خبيثة من أشد الخبائث وأعظمها ضرراً، فيكون تحريمها مستفاداً من هذه الآية، وإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد وصف الخمر في الحديث الصحيح بأنها أم الخبائث، فإن هذا الوصف أكثر انطباقاً على المخدرات، إذ هي أشد ضرراً من الخمر.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ).
ووجه الاستدلال بهذه الآية على تحريم المخدرات: أن الخمر في اللغة: مأخوذة من المخامرة، وهي المخالطة، أو من التخمير وهو التغطية، حيث أنها تخالط العقل، وتحجب بينه وبين رؤية الأشياء على حقيقتها. وهذه المعاني موجودة في المخدرات. قال الذهبي في معرض حديثه عن الحشيشة: "وبكل حال فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله من الخمر المسكر لفظاً ومعنى".
وقال ابن القيم: "واللقمة الملعونة الحشيش، نقمة الفسق والقلب التي تحرك الساكن إلى أخبث الأماكن، فإن هذا كله خمر بنص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده، ولا إجمال في متنه، إذ صح عنه قول: "كل مسكر خمر" وصح عن أصحابه الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده: أن الخمر ما خامر العقل".
الدليل الثالث: ما رواه أبو داود: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". فقد حرم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث كل مسكر قليلاً كان أو كثيراً وهو بعمومه يتناول المخدرات، لأنها مسكرة على ما ذكره أكثر المحققين من العلماء، إذ السكر تغيب العقل جزئياً أو كلياً، وهذا المعنى موجود في المخدرات، ولذلك عرفه الكتاب المحدثون بما يفيد هذا المعنى. جاء في الموسوعة الميسرة: "مخدر مادة تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة، وقد ينتهي إلى غيبوبة تعقبها الوفاة".
وقد اعتبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كل مادة مسكرة خمراً سواء سميت بذلك في لغة العرب، أو لم تسمّ به، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عمر: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام".
قال ابن تيمية: "ومذهب جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر العلماء: أن كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، وهذا مذهب مالك وأصحابه والشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة، وهو اختيار محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، واختيار طائفة من المشايخ مثل: أبي الليث السمرقندي وغيره، وهذا قول الأوزاعي وأصحابه، والليث بن سعد وأصحابه، وابن جرير الطبري وأصحابه، وغير هؤلاء من علماء المسلمين وأئمة الدين "وأما الحشيشة الملعونة المسكرة فهي بمنزلة غيرها من المسكرات، والمسكر منها حرام باتفاق العلماء، بل كل ما يزيل العقل فإنه يحرم أكله، ولو لم يكن مسكراً كالبنج".
ومن الناس من يقولك إنها تغيب العقل فلا تسكر، كالبنج، وليس كذلك بل تورث نشوة ولذة وطرباً كالخمر، وهذا هو الداعي إلى تناولها، وقليلها يدعو إلى كثيرها، كشراب المسكر، والمعتاد عليها يصعب فطامه عنها أكثر من الخمر".
وأما المحققون من الفقهاء فعلموا: أنها مسكرة، ويتناولها الفجار لما فيها من النشوة والطرب، فهي تجامع الشراب المسكر في ذلك".
وقال ابن حجر: "وذلك أن الإسكار يطلق، ويراد به مطلق تغطية العقل، وهذا إطلاق أعم ويطلق ويراد تغطية العقل مع نشوة وطرب، وهذا إطلاق أخص وهو المراد من الإسكار حيث أطلق، فعلى الإطلاق الأول بين المسكر والمخدر عموم مطلق، إذ كل مخدر مسكر، وليس كل مسكر مخدر، فإطلاق الإسكار على الحشيشة والجوزة ونحوهما المراد منه التخدير".
وقال ابن البيطار: "إن الحشيشة وتسمى القنب توجد في مصر مسكرة جداً إذا تناول الإنسان منها قدر درهماً أو درهمين".
الدليل الرابع: ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كل مسكر ومفتر".
وهذا الحديث أصلح في الدلالة على تحريم المخدرات مما سواه، حتى إن بعض الكتاب عن حكم المخدرات اكتفوا به عند استدلالهم على تحريمها، فلم يورد واقعة غيره لظهور دلالته، إذ أن المخدرات إما أن تكون مسكرة، أو مفترة، أو جامعة بين الأمرين، وعلى جميع هذه الاحتمالات فإن الحديث نص في النهي عنها، والنهي يقتضي التحريم عند الإطلاق.
قال صاحب عون المعبود عند الكلام عن حديث أم سلمة الآنف الذكر: "قال الطيبي: لا يبعد أن يستدل به على تحريم البنج ونحوها مما يفتر ويزيل العقل، لأن العلة وهي إزالة العقل مطردة فيها، وقال الحافظ بن حجر من قال أنها ـ أي: الحشيشة ـ لا تسكر وإنما تخدر فهي مكابرة، فإنها تحدث ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة، قال: وإذا سلمت من الإسكار فهي مفترة". وقد نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كل مسكر ومفتر".
الدليل الخامس: إن في تعاطي المخدرات اعتداء على الضروريات الخمس التي حرصت الشريعة الإسلامية على حمايتها والمحافظة عليها بمختلف السبل والوسائل، واعتبرت الاعتداء على أمنها جريمة من أشد الجرائم يستحق مرتكبها أبلغ العقوبات، وهذه الضروريات خاصة بالشريعة الإسلامية، وإنما هي عامة في مختلف الشرائع، إذ لا تجد شريعة من الشرائع إلا وأمرت بالمحافظة على تلك الضروريات، ونهت عن التعدي على أمنها بأي وجه من الوجوه وتعاطي المخدرات فيه اعتداء ظاهر على كل واحدة من تلك الضروريات أو مقاصد الشريعة الخمس وهي"(العقل – النفس – الدين – المال – العرض).
الدليل السادس: إن تعاطي المخدرات يؤدي إلى كثرة الجرائم وانتشارها في المجتمع، إذ هي تدفع متعاطيها إلى ارتكاب شتى الجرائم عن قصد منه، وعن غير قصد، وقد أثبتت ذلك الدراسات المتخصصة التي أجريت في هذا المجال، نورد نموذجاً من تلك الدراسات للدلالة على ذلك، نقلاً عن كتاب المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون للمستشار عزت حسنين، حيث قال: "ومن تلك الدراسات ما قام به المكتب الخاص بخدمات المجرمين بأثينا تحت رئاسة مديره الأستاذ مارديكاس بدراسة 379 حالة من حالات التعاطي، وانتهت الدراسة إلى الآتي:
إن الإدمان على الحشيش يؤدي إلى ارتكاب الجرائم، ويحول شخصية الفرد إلى شخصية كسولة غير مستقرة، مما يؤدي في النهاية إلى التشرد والسرقة، وكذلك يحول الفرد إلى إنسان مشاكس سريع التهيج، شكاك، خائف جبان، وكنتيجة لهذا الخوف والجبن يحدث الهجوم والعدوان، ولهذا يقعون في جرائم الاعتداء. وإذا كان تعاطي المخدرات يؤدي إلى مثل هذه النتيجة الخطيرة في آثارها، فإن ذلك يكفي وحده للحكم بتحريمها إذ الوسائل لها حكم الغايات، وما يؤدي إلى الوقوع في الحرام فهو حرام.
حكم الاتجار بالمخدرات أو ترويجها بأي وجه من الوجوه:
يحرم الاتجار بالمخدرات أو الترويج لها، أو الإعانة على ذلك بأي وسيلة من الوسائل أياً كان الدافع إلى هذا العمل، لما في ذلك من نشر الفساد وإشاعة المنكر، وإعانة على ارتكاب المعصية، وتعاون على الإثم والعدوان، وهذا العمل أشد إثماً وأعظم حرمة، وأكثر خطراً من تناول الإنسان بمفرده للمخدرات، لأن الضرر في حالة التناول ضرر خاص، تقتصر آثاره على المتناول نفسه، ولا تتعداه إلى غيره، بينما الضرر في حالة الاتجار والترويج ضرر عام، لا تقتصر آثاره على فرد بعينه، بل يتعداه إلى كثير من الأفراد، ولذلك فهو يعتبر من أشد أنواع الإفساد في الأرض المتوعد عليه بأغلظ العقوبات، والموصوف مرتكبه بأنه محارب لله ولرسوله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). فأي إفساد للمجتمع أشد من الإفساد الناشئ عن إشاعة المخدرات ونشرها بين طبقات المجتمع، وترغيب الناس فيها وتشجيعهم على شرائها، وأي محاربة لله ولرسوله تفوق هذه المحاربة التي استخدمت فيها أشد الوسائل فتكا بالأمة، وأقدرها على تقويض دعائم المجتمع وتخريبه من داخله، وقد جاءت نصوص كثيرة تنهى عن الإعانة على ارتكاب المحرم بأي وجه من الوجوه، وتتوعد من فعل شيئاً من ذلك بالإبعاد والطرد من رحمة الله، يقول جل ذكره، (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). ويقول عليه الصلاة والسلام: "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وأكل ثمنها".
فقد لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: الساقي والبائع والمبتاع والعاصر والمعتصر والحامل والمحمولة إليه، وأكل الثمن. وهؤلاء لم يشربوها، وإنما أعانوا على شربها بتصنيعها ونقلها والاتجار فيها؛ بل إن اللعن في الحديث شمل آكل الثمن مع عدم وجود الإعانة منه، ولعل ذلك مرده إلى سكوته وقبوله أكل ثمن شيء محرّم.
وإذا كان اللعن في هذا الحديث ورد في الخمر، فإنه ينطبق انطباقاً كلياً على المخدرات؛ إذ هي خمر أو مقيسة عليه، فثمنها حرام، والكسب الناشئ عن الاتجار بها أو ترويجها حرام لا يحل أخذه، ولا صرفه في أي مجال من المجالات ولو كان ذلك المجال مجال برّ محض. و قد أثبتت التجربة عدم نجاعة العقوبات التي طبقت على مروج المخدرات في كثير من البلدان، والتي لم تصل إلى حد القتل، بينما نجحت عقوبة القتل التي طبقت في بلاد أخرى في الحد من هذه الظاهرة، وحصرها في أضيق نطاق، طبقاً لما كشفت عنه الإحصائيات الصادرة عن تلك البلاد، وفي مقدمتها دولة ماليزيا. وفي فلسطين فقد اصدر مفتي غزة فتوى شرعية في حكم التعامل غير المشروع بالمخدرات حيث: قال انه مما أجمعت عليه شرائع السماء كلها قداسة الانسان والمحافظة على نفسه وعقله ودينه وماله وعرضه , ومن أجل نعم الله على الانسان واعظمها تكريما له نعمة العقل , حيث احاطها بكل عناية ورعاية حيث قال تعالى :(ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) سورة الاسراء 70.
وجاء في السنة المطهرة :(نهانا رسول الله عن كل مسكر ومفتر ), وفي هذا النهي النبوي الصريح , وكل نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزم التحريم المنهى عنه (وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب ) سورة الحشر الايه 7 .
وجاء في السنة كذلك (ما امرتكم منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا ), وحيث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ما ينقص عقل الانسان او يخدر نقول ان كل هذه المخدرات بأنواعها وان اختلفت اسماؤها فنتيجتها واحدة وهي النزول بالانسان من مستوى الفكر السليم والعقل السليم الى مرتبة الهذيان واللامسؤلية , فكل هذه المفترات حرام في تعاطيها وفي بيعها وفي تحضيرها والعمل على وجودها في ايدي المبتلين به وليست اقل ضرراً من الخمر التي ثبت حرمتها بالكتاب والسنة ولعن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من مروجيها , ومن ضمنها (لعن الخمر وشاربها وعاصرها وبائعها وساقيها ومبتاعها والمحمولة اليه ), والمعروف من الواقع الشاهد ان المبتلين بهذه المخدرات مع اختلاف اسماءها يشكلون عبئا ثقيلا على مجتمعاتهم اقتصاديا واخلاقيا والتخلي عن القيم والاخلاق الفاضلة.
لذا فهناك بعض الدول الاسلامية تعاقب بائعها بالاعدام , وليس هناك اشد خطرا ً على الشباب من ترويج هذه السموم , فعلى ولاة الامر الا تأخذهم في الله لومة لائم وأن يضربوا بيد من حديد بلاهوادة ولارحمة على اولئك الذين يتجرون بها أو يصنعوها أو يزرعونها أو بتعاطوها.
و هناك بعض القوانين الوضعية أوجبت تطبيق عقوبة الإعدام على من ينتج المواد المخدرة أو يستوردها أو يتجر بها، ومن تلك القوانين قانون مكافحة المخدرات المصري، رقم 182 الصادر في 1960 م حيث جاء في المادتين 33 و 34 ما نصه، مادة 33 ـ يعاقب بالإعدام وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. 1_كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 23. 2_كل من أنتج أو استخرج جوهراً مخدراً، وكان ذلك بقصد الاتجار مادة 34 ـ يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. 3_كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً، وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون.4_كل من زرع نباتاً من النباتات المخدرة أو أصدر أو جلب أو حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل نباتاً من هذه النباتات في أي طور من أطور نموّها هي وبذورها وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة، وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون. 5-كل من رخص له في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في غرض من أغراض معينة، وتصرف فيها بأية صور كانت في غير تلك الأغراض. 6-كل من أدار أو أعدَّ أو هيأ مكاناً لتعاطي المخدرات، وإذا كانت هذه هي عقوبة مروج المخدرات والمتجرين بها في بعض القوانين الوضعية التي لا تقيم وزناً للحرام والحلال، وإنما يقيم الوزن للجانب الدنيوي فقط، فأولى أن يكون القتل عقوبة مروج المخدرات في الشريعة الإسلامية التي تراعي في أحكامها الجانبين الدنيوي والأخروي معاً. إن واحداً من هذه الأمور الخمسة المتقدمة كافياً لتطبيق عقوبة القتل على مروج المخدرات والمتاجرين بها، فكيف وقد اجتمعت كلها في هذا الموضع.
سبل الوقاية من تفشي المخدرات:
توجد سبل متعددة يتعين انتهاجها للحد من تفشي المخدرات في المجتمعات الإسلامية، وأهم تلك السبل:
أولاً: تقوية الإيمان في النفوس: إن تقوية الإيمان في نفس المسلم والتركيز على بيان كمال الشريعة وسموها، وتحقيقها لمصالح العباد المختلفة، والربط بين الأحكام الشرعية والحكم التشريعية التي لأجلها شرعت تلك الأحكام، يعتبر من أقوى الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الالتزام بأحكام هذه الشريعة، والائتمار بأوامرها، والانتهاء عن نواهيها، حرصاً منه على المحافظة على مصالحه الدنيوية والأخروية، لذلك عنيت الشريعة الإسلامية بهذا الجانب عناية خاصة، وركزت عليه تركيزاً شديداً. وإن المتتبع للنصوص الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ليجد كثيراً منها ينهج هذا النهج، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). وقال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) . وقال جل ذكره: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) .
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك". فهذه النصوص وغيرها كثير في الكتاب والسنة، تدل دلالة ظاهرة على كمال هذه الشريعة في مختلف تشريعاتها، ووجوب الالتزام بها في جميع الحالات وتحت مختلف الظروف. إن التركيز على هذا الجانب والعناية به يؤدي إلى استثارة مكامن النفس المسلمة المجبولة على حبّ الخير، والخضوع لأوامر الله، والخوف منه، مما يمنع الإنسان من اقتراف المحرمات التي يأتي ترويج لمخدرات في مقدمتها.
ثانياً: القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يحرص الإسلام على تطهير المجتمع وصيانته من الفساد، ويعتبر مسئولية ذلك مسئولية عامة تقع على كافة أفراد المجتمع، لا على فرد بعينه، وان اختلفت تلك المسئولية من فرد إلى آخر حسب القدرة الذاتية للأفراد، وتحقيقاً لهذا الغرض أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم وأبو داود وغيرهم .واعتبرت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة مميزة لهذه الأمة على غيرها من الأمم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر) . وشنعت على الذين قصروا في ذلك من الأمم السابقة: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
إن شريعة الإسلام توجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذلك مبدأ أساسي من مبادئها، حتى اعتبره البعض ركناً من أركان الإسلام، إن تبيين هذا الأمر للناس وحثهم على القيام به، يضع كل فرد أما مسئوليته عما يرتكبه الآخرون، فيدفعه ذلك إلى الإنكار عليهم، والعمل على إيقافهم عند حدهم، فيكون عوناً للسلطة في مكافحة ظاهرة انتشار المخدرات والقضاء عليها.
ثالثاً: بيان حزمة الاختلاط لأصحاب المخدرات والجلوس معهم.
لقد حرمت الشريعة الإسلامية مجالسة أصحاب المعاصي، إذا لم يكن في مجالستهم ردعاً لهم عما هم عليه، لأن ذلك إقراراً لهم على تلك المعاصي، وتشجيعاً لهم على ارتكابها، فيكون المجالس شريكاً في الإثم، يقول جل ذكره: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) . روى الطبري، قال: حدثني إسحاق، قال: حدثني عبدالله بن إدريس عن العلا بن المنهال عن هشام بن عروة، قال: أخذ عمر بن عبدالعزيز قوماً على شراب فضربهم، وفيهم صائم، فقالوا: إن هذا صائم، فتلا: (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) . وقال القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ). ما نصه: "أستدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذ ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، لقوله سبحانه: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُم). فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء . ويقول جل ذكره: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) . إن مقاطعة أصحاب المخدرات والبعد عن مجالستهم، وإشعارهم، بنبذ المجتمع لهم، وكراهيته لفعلهم من أقوى العوامل التي تدفعهم إلى ترك ما هم عليه.
رابعاً: توعية المجتمع بما يترتب على المخدرات من أضرار.
إن التركيز على بيان الأضرار الناشئة عن تعاطي المخدرات من الناحية الصحية والاجتماعية والاقتصادية، يترك أثراً كبيراً في المجتمع، مما يؤدي بالكثيرين من متناولي المخدرات إلى الإقلاع عنها، تفادياً للأضرار المترتبة على تناولهم لها، خاصة إذا كان بيان تلك الأضرار بأسلوب علمي، يسهل فهمه، ويتناسب مع كل طبقة من طبقات المجتمع. ولعل استخدام وسائل الإعلام الحديثة المقروء منها والمسموع والمرئي على نحو مكثف يحقق ذلك الغرض، لأن النفوس البشرية السليمة تنفر بطبعها مما فيه ضرر بها، إذا تبين لها ذلك بشكل جليّ.
خامساً: الحزم عند تطبيق العقوبات على أصحاب المخدرات:
إن تطبيق العقوبات تطبيقاً حازماً على كل مستحق لها، دون مراعاة لوضعه الاجتماعية أو الأسري، والمبادرة إلى ذلك، الإعلان عنه في وسائل الإعلام المختلفة، يدفع كثيراً من أصحاب المخدرات إلى الامتناع عنها، خوفاً من تلك العقوبات، وما يترتب على تطبيقها عليهم من تشهير بهم، وتشويهاً لسمعتهم.
سادساً: التوسع في فتح مصحات متخصصة لمعالجة مدمني المخدرات من الناحية الجسمية والنفسية، وتشجيع المدمنين على مراجعتها بشتى الوسائل، وعدم التعرض لهم من قبل رجال مكافحة المخدرات، حتى لا يحجموا عن مراجعة تلك المصحات.
سابعاً: الاعتناء بتربية النشء تربية إسلامية صحيحة، وترسيخ المثل العليا في نفوسهم، وتحذيرهم من الوقوع في تعاطي المخدرات، والاغترار بما يقوله المروجون لها.
ثامناً: العمل على توفير سبل العيش الكريم، والحياة المطمئنة لكافة أفراد المجتمع، وإزالة الأسباب التي تؤدي إلى قلقهم، وتنقيص حياتهم بما يدفعهم إلى تعاطي المخدرات، هرباً من واقعهم.
وفي الختام، ليس كل ما يلمع ذهباً أيها المؤمن فلا تنخدع بالمظهر الخلاب و النشوة الزائفة للمخدرات في الحياة
و في النهاية اضرع إلى الله ـ العلي القدير ـ أن يرزقنا الفهم الصحيح لشريعته، والعمل على تطبيقها في مختلف المجالات، وأن يجنبنا الوقوع في المعاصي والآثام. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المراجع
تفسير الطبري المسمى جامع البيان عن تأويل القرآن ـ لأبي جعفر ابن جرير الطبري، مطبعة دار المعارف، بمصر، سنة 1957 م.
تفسير أبي السعود ـ لأبي السعود محمد بن محمد العمادي، طبع: مطبعة صبيح، القاهرة. مختصر تفسير ابن كثير ـ اختصار محمد علي الصابوني، دار القرآن الكريم، بيروت، ط: الرابعة، 1401 هـ.
تفسير القرطبي المسمى الجامع لأحكام القرآن ـ لأبي عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، ط: الثالثة، طبع: دار الكتب المصرية.
سنن أبي داود ـ لسليمان بن الأشعث السجستاني، ط: الأولى، 1371 هـ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي.
عون المعبود ـ لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، سنة 1371 هـ.
الكبائر ـ لأبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي. نشر: دار الكتب الشعبية، بيروت.
مسند الإمام أحمد ـ للإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ط: سنة 1371 هـ.
صحيح مسلم ـ لأبي الحسن مسلم بن حجاج النيسابوري، طبع: مطبعة موسى الحلبي.
نيل الأوطار شرح منتقي الأخبار ـ لمحمد بن علي الشوكاني، طبع: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، سنة 1391 هـ.
السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ـ لشيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية، مطبعة دار الجهاد، القاهرة، سنة 1379 هـ.
زاد المعاد في هدي خير العباد ـ للإمام ابن القيم الجوزية، سنة 1392 هـ.
فتاوى ابن حجر الهيثمي، طبع: مطبعة الميمنية بمصر.
فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ط: الأولى، سنة 1399 هـ.
الفروق ـ لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، نشر: دار المعرفة، بيروت.
كشاف القناع ـ لمنصور بن إدريس البهوتي، ط: سنة 1394 هـ.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ط: الأولى، سنة 1386 هـ.
نهاية المحتاج ـ لشمي الدين محمد بن شهاب الدين الرملي، نشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت.
الخمر في ضوء الشريعة الإسلامية ـ لشحدة عقيلان عيد، طبع سنة 1400 هـ.
المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون ـ تأليف: عزت حسنين، ط: الأولى،
إعداد الرائد/ زياد مزهر
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، محمدا عليه وعلى اله أفضل الصلاة و السلام.
وبـعــد:
إن شريعة الإسلام خاتمة الشرائع، أودع الله جل جلاله فيها من الخصائص والميزات ما هو كفيل لتحقيق مختلف المصالح للفرد والمجتمع، وجعل قواعدها متسمة بالسعة والمرونة، تلبية للحاجات المختلفة، والمتجددة في كل زمان ومكان؛ ولعل ذلك أحد أسرار خلودها وانتشارها في مختلف البيئات، ولم تترك هذه الشريعة جانباً من جوانب الحياة إلا ونظمته أدق تنظيم وأحكمه (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ). (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
ولقد عنيت هذه الشريعة ببيان الأمور المحرمة عناية خاصة؛ وذلك لما لتلك المحرمات من أثر مدمر على حياة الأمة، واستقامة أمورها.
وقد اتخذت عند بيانها لتلك المحرمات طريقين:
ألهمــا: النص على الأمر المحرم بخصوصه نصاً صريحاً لا يتناول غيره.
وثانيهما: وضع قواعد عامة، وأمور كلية يتناول الحكم المنصوص عليه فيها؛ لكل ما يندرج تحتها مما هو موجود وقت التشريع أو يستجد بعده.
والحكم الشرعي للتعامل غير المشروع في المواد المخدرة إنما يعلم من هذا الطريق الثاني ، حيث لم تكن معروفة وقت التشريع، وإنما عرفت في المجتمع الإسلامي بعد ذلك بعدة قرون عندما اجتاح التتار معظم البلاد الإسلامية، وبسطوا عليها نفوذهم.
فمن البديهي ـ والحالة هذه ـ ألا نجد نصاً صريحاً يبين حكم المخدرات بيانا مفصلاً، وسنحاول في هذه الدراسة المقتضبةا بيان حكمها وعقوبتها، وسبل مكافحتها، والقضاء عليها، راجياً من الله ـ العلي القدير ـ التوفيق والسداد، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
تعريف المخدرات: المخدرات في اللغة: جمع مخدر، وهذا اللفظ، وما اشتق منه، يطلق على جملة من المعاني المتقاربة، وهي: الضعف والكسل والخمول والتغطية والظلمة والغموض والبرودة، والتحيير والتخلف، يقال خدر العضو: إذا استرخى، فلم يقدر على الحركة، على الوجه الصحيح، وخدر الشاب: إذا فتر وضعف، ويقال ليلة خدر: أي شديدة الظلمة، ويقال اختدرت الجارية: إذا استترت، ويوم خدر أي: بارد، ورجل خدر أي: متحير، والخادر من الدواب: المتخلف الذي لم يلحق بقرنائه. ومعظم هذه المعاني متحقق في متعاطي المخدرات؛ حيث أنها تصيب متعاطيها بالضعف والكسل الشديد، وتحجب بينه وبين رؤية الأشياء على حقيقتها، وتجلب له التبلد والتردد في كل أموره، وتفقده القدرة على اتخاذ المواقف الحازمة عند المُلمات.
المخدرات في الاصطلاح:
"هي كل مادة يترتب على تناولها إنهاك الجسم، وتأثير على العقل، حتى تكاد تذهب به، وتكون عادة الإدمان".
وجاء في الموسوعة الميسرة: "مخدر مادة تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة، وقد ينتهي إلى غيبوبة تعقبها الوفاة".
حكم المخدرات:
اتفق العلماء في مختلف المذاهب الإسلامية: على تحريم تعاطي المخدرات بأي وجه من الوجوه، واعتبروا ذلك كبيرة من كبائر الذنوب يستحق مرتكبها المعاقبة في الدنيا وفي الآخرة.
قال ابن تيمية مجيباً لمن سأله عن حكم تناول الحشيش: "هذه الحشيشة الصلبة حرام، سواء سكر منها أو لم يسكر، والسكر منها حرام باتفاق المسلمين، ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال، فإنه يستتاب، فإنه تاب وإلا قتل مرتداً، لا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين".
"وهي بالتحريم أولى من الخمر، لأن ضرر أكل الحشيشة على نفسه أشد من ضرر الخمر".
وقال الذهبي: "والحشيشة المصنوعة من ورق القنب حرام كالخمر يحد شاربها، كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر".
وقال ابن حجر في معرض حديثه عن القات الذي يعتبره البعض من أخف أنواع المخدرات، وقال البهوتي: "ولا يباح أكل الحشيشة المسكرة".
أدلة تحريم المخدرات:
لم يرد نص خاص يبين حكم المخدرات بخصوصها، إذ لم تكن معروفة وقت التشريع، وإنما ظهرت وعرفت بهذا الاسم بعد عدة قرون. ونظراً لعدم ورود لفظ المخدرات في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، فقد بذل الفقهاء جهدهم للتعرف على حكمها، معتمدين في ذلك على ما فهموه من النصوص العامة والقواعد الكلية.
قال ابن تيمية رداً على من قال بعدم وجود نص في الكتاب والسنة يقتضي تحريم الحشيشة وما في حكمها: "وأما قول القائل أه هذه ما فيها آية ولا حديث فهذا من جهله، فإن القرآن والحديث فيهما كلمات جامعة هي قواعد عامة وقضايا كلية تتناول كل ما دخل فيها فهو مذكور في القرآن والحديث باسمه العام، وإلا فلا يمكن ذكر كل شيء باسمه الخاص".
ويتلخص ما اعتمد عليه الفقهاء في الحكم بتحريم المخدرات في الأدلة التالية:
الدليل الأول: قوله تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ). فقد تضمنت هذه الآية قاعدة من القواعد العامة في الشريعة الإسلامية، ومؤدى هذه القاعدة: أن كل طيب مباح، وكل خبيث محرم، والمخدرات بمختلف أنواعها خبيثة من أشد الخبائث وأعظمها ضرراً، فيكون تحريمها مستفاداً من هذه الآية، وإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد وصف الخمر في الحديث الصحيح بأنها أم الخبائث، فإن هذا الوصف أكثر انطباقاً على المخدرات، إذ هي أشد ضرراً من الخمر.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ).
ووجه الاستدلال بهذه الآية على تحريم المخدرات: أن الخمر في اللغة: مأخوذة من المخامرة، وهي المخالطة، أو من التخمير وهو التغطية، حيث أنها تخالط العقل، وتحجب بينه وبين رؤية الأشياء على حقيقتها. وهذه المعاني موجودة في المخدرات. قال الذهبي في معرض حديثه عن الحشيشة: "وبكل حال فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله من الخمر المسكر لفظاً ومعنى".
وقال ابن القيم: "واللقمة الملعونة الحشيش، نقمة الفسق والقلب التي تحرك الساكن إلى أخبث الأماكن، فإن هذا كله خمر بنص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده، ولا إجمال في متنه، إذ صح عنه قول: "كل مسكر خمر" وصح عن أصحابه الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده: أن الخمر ما خامر العقل".
الدليل الثالث: ما رواه أبو داود: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ما أسكر كثيره فقليله حرام". فقد حرم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث كل مسكر قليلاً كان أو كثيراً وهو بعمومه يتناول المخدرات، لأنها مسكرة على ما ذكره أكثر المحققين من العلماء، إذ السكر تغيب العقل جزئياً أو كلياً، وهذا المعنى موجود في المخدرات، ولذلك عرفه الكتاب المحدثون بما يفيد هذا المعنى. جاء في الموسوعة الميسرة: "مخدر مادة تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة، وقد ينتهي إلى غيبوبة تعقبها الوفاة".
وقد اعتبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كل مادة مسكرة خمراً سواء سميت بذلك في لغة العرب، أو لم تسمّ به، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود عن ابن عمر: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام".
قال ابن تيمية: "ومذهب جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر العلماء: أن كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، وهذا مذهب مالك وأصحابه والشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه، وهو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة، وهو اختيار محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، واختيار طائفة من المشايخ مثل: أبي الليث السمرقندي وغيره، وهذا قول الأوزاعي وأصحابه، والليث بن سعد وأصحابه، وابن جرير الطبري وأصحابه، وغير هؤلاء من علماء المسلمين وأئمة الدين "وأما الحشيشة الملعونة المسكرة فهي بمنزلة غيرها من المسكرات، والمسكر منها حرام باتفاق العلماء، بل كل ما يزيل العقل فإنه يحرم أكله، ولو لم يكن مسكراً كالبنج".
ومن الناس من يقولك إنها تغيب العقل فلا تسكر، كالبنج، وليس كذلك بل تورث نشوة ولذة وطرباً كالخمر، وهذا هو الداعي إلى تناولها، وقليلها يدعو إلى كثيرها، كشراب المسكر، والمعتاد عليها يصعب فطامه عنها أكثر من الخمر".
وأما المحققون من الفقهاء فعلموا: أنها مسكرة، ويتناولها الفجار لما فيها من النشوة والطرب، فهي تجامع الشراب المسكر في ذلك".
وقال ابن حجر: "وذلك أن الإسكار يطلق، ويراد به مطلق تغطية العقل، وهذا إطلاق أعم ويطلق ويراد تغطية العقل مع نشوة وطرب، وهذا إطلاق أخص وهو المراد من الإسكار حيث أطلق، فعلى الإطلاق الأول بين المسكر والمخدر عموم مطلق، إذ كل مخدر مسكر، وليس كل مسكر مخدر، فإطلاق الإسكار على الحشيشة والجوزة ونحوهما المراد منه التخدير".
وقال ابن البيطار: "إن الحشيشة وتسمى القنب توجد في مصر مسكرة جداً إذا تناول الإنسان منها قدر درهماً أو درهمين".
الدليل الرابع: ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كل مسكر ومفتر".
وهذا الحديث أصلح في الدلالة على تحريم المخدرات مما سواه، حتى إن بعض الكتاب عن حكم المخدرات اكتفوا به عند استدلالهم على تحريمها، فلم يورد واقعة غيره لظهور دلالته، إذ أن المخدرات إما أن تكون مسكرة، أو مفترة، أو جامعة بين الأمرين، وعلى جميع هذه الاحتمالات فإن الحديث نص في النهي عنها، والنهي يقتضي التحريم عند الإطلاق.
قال صاحب عون المعبود عند الكلام عن حديث أم سلمة الآنف الذكر: "قال الطيبي: لا يبعد أن يستدل به على تحريم البنج ونحوها مما يفتر ويزيل العقل، لأن العلة وهي إزالة العقل مطردة فيها، وقال الحافظ بن حجر من قال أنها ـ أي: الحشيشة ـ لا تسكر وإنما تخدر فهي مكابرة، فإنها تحدث ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة، قال: وإذا سلمت من الإسكار فهي مفترة". وقد نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن كل مسكر ومفتر".
الدليل الخامس: إن في تعاطي المخدرات اعتداء على الضروريات الخمس التي حرصت الشريعة الإسلامية على حمايتها والمحافظة عليها بمختلف السبل والوسائل، واعتبرت الاعتداء على أمنها جريمة من أشد الجرائم يستحق مرتكبها أبلغ العقوبات، وهذه الضروريات خاصة بالشريعة الإسلامية، وإنما هي عامة في مختلف الشرائع، إذ لا تجد شريعة من الشرائع إلا وأمرت بالمحافظة على تلك الضروريات، ونهت عن التعدي على أمنها بأي وجه من الوجوه وتعاطي المخدرات فيه اعتداء ظاهر على كل واحدة من تلك الضروريات أو مقاصد الشريعة الخمس وهي"(العقل – النفس – الدين – المال – العرض).
الدليل السادس: إن تعاطي المخدرات يؤدي إلى كثرة الجرائم وانتشارها في المجتمع، إذ هي تدفع متعاطيها إلى ارتكاب شتى الجرائم عن قصد منه، وعن غير قصد، وقد أثبتت ذلك الدراسات المتخصصة التي أجريت في هذا المجال، نورد نموذجاً من تلك الدراسات للدلالة على ذلك، نقلاً عن كتاب المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون للمستشار عزت حسنين، حيث قال: "ومن تلك الدراسات ما قام به المكتب الخاص بخدمات المجرمين بأثينا تحت رئاسة مديره الأستاذ مارديكاس بدراسة 379 حالة من حالات التعاطي، وانتهت الدراسة إلى الآتي:
إن الإدمان على الحشيش يؤدي إلى ارتكاب الجرائم، ويحول شخصية الفرد إلى شخصية كسولة غير مستقرة، مما يؤدي في النهاية إلى التشرد والسرقة، وكذلك يحول الفرد إلى إنسان مشاكس سريع التهيج، شكاك، خائف جبان، وكنتيجة لهذا الخوف والجبن يحدث الهجوم والعدوان، ولهذا يقعون في جرائم الاعتداء. وإذا كان تعاطي المخدرات يؤدي إلى مثل هذه النتيجة الخطيرة في آثارها، فإن ذلك يكفي وحده للحكم بتحريمها إذ الوسائل لها حكم الغايات، وما يؤدي إلى الوقوع في الحرام فهو حرام.
حكم الاتجار بالمخدرات أو ترويجها بأي وجه من الوجوه:
يحرم الاتجار بالمخدرات أو الترويج لها، أو الإعانة على ذلك بأي وسيلة من الوسائل أياً كان الدافع إلى هذا العمل، لما في ذلك من نشر الفساد وإشاعة المنكر، وإعانة على ارتكاب المعصية، وتعاون على الإثم والعدوان، وهذا العمل أشد إثماً وأعظم حرمة، وأكثر خطراً من تناول الإنسان بمفرده للمخدرات، لأن الضرر في حالة التناول ضرر خاص، تقتصر آثاره على المتناول نفسه، ولا تتعداه إلى غيره، بينما الضرر في حالة الاتجار والترويج ضرر عام، لا تقتصر آثاره على فرد بعينه، بل يتعداه إلى كثير من الأفراد، ولذلك فهو يعتبر من أشد أنواع الإفساد في الأرض المتوعد عليه بأغلظ العقوبات، والموصوف مرتكبه بأنه محارب لله ولرسوله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). فأي إفساد للمجتمع أشد من الإفساد الناشئ عن إشاعة المخدرات ونشرها بين طبقات المجتمع، وترغيب الناس فيها وتشجيعهم على شرائها، وأي محاربة لله ولرسوله تفوق هذه المحاربة التي استخدمت فيها أشد الوسائل فتكا بالأمة، وأقدرها على تقويض دعائم المجتمع وتخريبه من داخله، وقد جاءت نصوص كثيرة تنهى عن الإعانة على ارتكاب المحرم بأي وجه من الوجوه، وتتوعد من فعل شيئاً من ذلك بالإبعاد والطرد من رحمة الله، يقول جل ذكره، (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ). ويقول عليه الصلاة والسلام: "لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وأكل ثمنها".
فقد لعن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: الساقي والبائع والمبتاع والعاصر والمعتصر والحامل والمحمولة إليه، وأكل الثمن. وهؤلاء لم يشربوها، وإنما أعانوا على شربها بتصنيعها ونقلها والاتجار فيها؛ بل إن اللعن في الحديث شمل آكل الثمن مع عدم وجود الإعانة منه، ولعل ذلك مرده إلى سكوته وقبوله أكل ثمن شيء محرّم.
وإذا كان اللعن في هذا الحديث ورد في الخمر، فإنه ينطبق انطباقاً كلياً على المخدرات؛ إذ هي خمر أو مقيسة عليه، فثمنها حرام، والكسب الناشئ عن الاتجار بها أو ترويجها حرام لا يحل أخذه، ولا صرفه في أي مجال من المجالات ولو كان ذلك المجال مجال برّ محض. و قد أثبتت التجربة عدم نجاعة العقوبات التي طبقت على مروج المخدرات في كثير من البلدان، والتي لم تصل إلى حد القتل، بينما نجحت عقوبة القتل التي طبقت في بلاد أخرى في الحد من هذه الظاهرة، وحصرها في أضيق نطاق، طبقاً لما كشفت عنه الإحصائيات الصادرة عن تلك البلاد، وفي مقدمتها دولة ماليزيا. وفي فلسطين فقد اصدر مفتي غزة فتوى شرعية في حكم التعامل غير المشروع بالمخدرات حيث: قال انه مما أجمعت عليه شرائع السماء كلها قداسة الانسان والمحافظة على نفسه وعقله ودينه وماله وعرضه , ومن أجل نعم الله على الانسان واعظمها تكريما له نعمة العقل , حيث احاطها بكل عناية ورعاية حيث قال تعالى :(ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) سورة الاسراء 70.
وجاء في السنة المطهرة :(نهانا رسول الله عن كل مسكر ومفتر ), وفي هذا النهي النبوي الصريح , وكل نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزم التحريم المنهى عنه (وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ان الله شديد العقاب ) سورة الحشر الايه 7 .
وجاء في السنة كذلك (ما امرتكم منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا ), وحيث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ما ينقص عقل الانسان او يخدر نقول ان كل هذه المخدرات بأنواعها وان اختلفت اسماؤها فنتيجتها واحدة وهي النزول بالانسان من مستوى الفكر السليم والعقل السليم الى مرتبة الهذيان واللامسؤلية , فكل هذه المفترات حرام في تعاطيها وفي بيعها وفي تحضيرها والعمل على وجودها في ايدي المبتلين به وليست اقل ضرراً من الخمر التي ثبت حرمتها بالكتاب والسنة ولعن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من مروجيها , ومن ضمنها (لعن الخمر وشاربها وعاصرها وبائعها وساقيها ومبتاعها والمحمولة اليه ), والمعروف من الواقع الشاهد ان المبتلين بهذه المخدرات مع اختلاف اسماءها يشكلون عبئا ثقيلا على مجتمعاتهم اقتصاديا واخلاقيا والتخلي عن القيم والاخلاق الفاضلة.
لذا فهناك بعض الدول الاسلامية تعاقب بائعها بالاعدام , وليس هناك اشد خطرا ً على الشباب من ترويج هذه السموم , فعلى ولاة الامر الا تأخذهم في الله لومة لائم وأن يضربوا بيد من حديد بلاهوادة ولارحمة على اولئك الذين يتجرون بها أو يصنعوها أو يزرعونها أو بتعاطوها.
و هناك بعض القوانين الوضعية أوجبت تطبيق عقوبة الإعدام على من ينتج المواد المخدرة أو يستوردها أو يتجر بها، ومن تلك القوانين قانون مكافحة المخدرات المصري، رقم 182 الصادر في 1960 م حيث جاء في المادتين 33 و 34 ما نصه، مادة 33 ـ يعاقب بالإعدام وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. 1_كل من صدر أو جلب جواهر مخدرة قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 23. 2_كل من أنتج أو استخرج جوهراً مخدراً، وكان ذلك بقصد الاتجار مادة 34 ـ يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. 3_كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً، وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون.4_كل من زرع نباتاً من النباتات المخدرة أو أصدر أو جلب أو حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل نباتاً من هذه النباتات في أي طور من أطور نموّها هي وبذورها وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة، وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون. 5-كل من رخص له في حيازة جواهر مخدرة لاستعمالها في غرض من أغراض معينة، وتصرف فيها بأية صور كانت في غير تلك الأغراض. 6-كل من أدار أو أعدَّ أو هيأ مكاناً لتعاطي المخدرات، وإذا كانت هذه هي عقوبة مروج المخدرات والمتجرين بها في بعض القوانين الوضعية التي لا تقيم وزناً للحرام والحلال، وإنما يقيم الوزن للجانب الدنيوي فقط، فأولى أن يكون القتل عقوبة مروج المخدرات في الشريعة الإسلامية التي تراعي في أحكامها الجانبين الدنيوي والأخروي معاً. إن واحداً من هذه الأمور الخمسة المتقدمة كافياً لتطبيق عقوبة القتل على مروج المخدرات والمتاجرين بها، فكيف وقد اجتمعت كلها في هذا الموضع.
سبل الوقاية من تفشي المخدرات:
توجد سبل متعددة يتعين انتهاجها للحد من تفشي المخدرات في المجتمعات الإسلامية، وأهم تلك السبل:
أولاً: تقوية الإيمان في النفوس: إن تقوية الإيمان في نفس المسلم والتركيز على بيان كمال الشريعة وسموها، وتحقيقها لمصالح العباد المختلفة، والربط بين الأحكام الشرعية والحكم التشريعية التي لأجلها شرعت تلك الأحكام، يعتبر من أقوى الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الالتزام بأحكام هذه الشريعة، والائتمار بأوامرها، والانتهاء عن نواهيها، حرصاً منه على المحافظة على مصالحه الدنيوية والأخروية، لذلك عنيت الشريعة الإسلامية بهذا الجانب عناية خاصة، وركزت عليه تركيزاً شديداً. وإن المتتبع للنصوص الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ليجد كثيراً منها ينهج هذا النهج، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ). وقال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) . وقال جل ذكره: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) .
وقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك". فهذه النصوص وغيرها كثير في الكتاب والسنة، تدل دلالة ظاهرة على كمال هذه الشريعة في مختلف تشريعاتها، ووجوب الالتزام بها في جميع الحالات وتحت مختلف الظروف. إن التركيز على هذا الجانب والعناية به يؤدي إلى استثارة مكامن النفس المسلمة المجبولة على حبّ الخير، والخضوع لأوامر الله، والخوف منه، مما يمنع الإنسان من اقتراف المحرمات التي يأتي ترويج لمخدرات في مقدمتها.
ثانياً: القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يحرص الإسلام على تطهير المجتمع وصيانته من الفساد، ويعتبر مسئولية ذلك مسئولية عامة تقع على كافة أفراد المجتمع، لا على فرد بعينه، وان اختلفت تلك المسئولية من فرد إلى آخر حسب القدرة الذاتية للأفراد، وتحقيقاً لهذا الغرض أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم وأبو داود وغيرهم .واعتبرت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة مميزة لهذه الأمة على غيرها من الأمم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر) . وشنعت على الذين قصروا في ذلك من الأمم السابقة: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
إن شريعة الإسلام توجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وذلك مبدأ أساسي من مبادئها، حتى اعتبره البعض ركناً من أركان الإسلام، إن تبيين هذا الأمر للناس وحثهم على القيام به، يضع كل فرد أما مسئوليته عما يرتكبه الآخرون، فيدفعه ذلك إلى الإنكار عليهم، والعمل على إيقافهم عند حدهم، فيكون عوناً للسلطة في مكافحة ظاهرة انتشار المخدرات والقضاء عليها.
ثالثاً: بيان حزمة الاختلاط لأصحاب المخدرات والجلوس معهم.
لقد حرمت الشريعة الإسلامية مجالسة أصحاب المعاصي، إذا لم يكن في مجالستهم ردعاً لهم عما هم عليه، لأن ذلك إقراراً لهم على تلك المعاصي، وتشجيعاً لهم على ارتكابها، فيكون المجالس شريكاً في الإثم، يقول جل ذكره: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) . روى الطبري، قال: حدثني إسحاق، قال: حدثني عبدالله بن إدريس عن العلا بن المنهال عن هشام بن عروة، قال: أخذ عمر بن عبدالعزيز قوماً على شراب فضربهم، وفيهم صائم، فقالوا: إن هذا صائم، فتلا: (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) . وقال القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ). ما نصه: "أستدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذ ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، لقوله سبحانه: (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُم). فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء . ويقول جل ذكره: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) . إن مقاطعة أصحاب المخدرات والبعد عن مجالستهم، وإشعارهم، بنبذ المجتمع لهم، وكراهيته لفعلهم من أقوى العوامل التي تدفعهم إلى ترك ما هم عليه.
رابعاً: توعية المجتمع بما يترتب على المخدرات من أضرار.
إن التركيز على بيان الأضرار الناشئة عن تعاطي المخدرات من الناحية الصحية والاجتماعية والاقتصادية، يترك أثراً كبيراً في المجتمع، مما يؤدي بالكثيرين من متناولي المخدرات إلى الإقلاع عنها، تفادياً للأضرار المترتبة على تناولهم لها، خاصة إذا كان بيان تلك الأضرار بأسلوب علمي، يسهل فهمه، ويتناسب مع كل طبقة من طبقات المجتمع. ولعل استخدام وسائل الإعلام الحديثة المقروء منها والمسموع والمرئي على نحو مكثف يحقق ذلك الغرض، لأن النفوس البشرية السليمة تنفر بطبعها مما فيه ضرر بها، إذا تبين لها ذلك بشكل جليّ.
خامساً: الحزم عند تطبيق العقوبات على أصحاب المخدرات:
إن تطبيق العقوبات تطبيقاً حازماً على كل مستحق لها، دون مراعاة لوضعه الاجتماعية أو الأسري، والمبادرة إلى ذلك، الإعلان عنه في وسائل الإعلام المختلفة، يدفع كثيراً من أصحاب المخدرات إلى الامتناع عنها، خوفاً من تلك العقوبات، وما يترتب على تطبيقها عليهم من تشهير بهم، وتشويهاً لسمعتهم.
سادساً: التوسع في فتح مصحات متخصصة لمعالجة مدمني المخدرات من الناحية الجسمية والنفسية، وتشجيع المدمنين على مراجعتها بشتى الوسائل، وعدم التعرض لهم من قبل رجال مكافحة المخدرات، حتى لا يحجموا عن مراجعة تلك المصحات.
سابعاً: الاعتناء بتربية النشء تربية إسلامية صحيحة، وترسيخ المثل العليا في نفوسهم، وتحذيرهم من الوقوع في تعاطي المخدرات، والاغترار بما يقوله المروجون لها.
ثامناً: العمل على توفير سبل العيش الكريم، والحياة المطمئنة لكافة أفراد المجتمع، وإزالة الأسباب التي تؤدي إلى قلقهم، وتنقيص حياتهم بما يدفعهم إلى تعاطي المخدرات، هرباً من واقعهم.
وفي الختام، ليس كل ما يلمع ذهباً أيها المؤمن فلا تنخدع بالمظهر الخلاب و النشوة الزائفة للمخدرات في الحياة
و في النهاية اضرع إلى الله ـ العلي القدير ـ أن يرزقنا الفهم الصحيح لشريعته، والعمل على تطبيقها في مختلف المجالات، وأن يجنبنا الوقوع في المعاصي والآثام. وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المراجع
تفسير الطبري المسمى جامع البيان عن تأويل القرآن ـ لأبي جعفر ابن جرير الطبري، مطبعة دار المعارف، بمصر، سنة 1957 م.
تفسير أبي السعود ـ لأبي السعود محمد بن محمد العمادي، طبع: مطبعة صبيح، القاهرة. مختصر تفسير ابن كثير ـ اختصار محمد علي الصابوني، دار القرآن الكريم، بيروت، ط: الرابعة، 1401 هـ.
تفسير القرطبي المسمى الجامع لأحكام القرآن ـ لأبي عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، ط: الثالثة، طبع: دار الكتب المصرية.
سنن أبي داود ـ لسليمان بن الأشعث السجستاني، ط: الأولى، 1371 هـ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي.
عون المعبود ـ لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، سنة 1371 هـ.
الكبائر ـ لأبي عبدالله محمد بن أحمد الذهبي. نشر: دار الكتب الشعبية، بيروت.
مسند الإمام أحمد ـ للإمام أحمد بن حنبل الشيباني، ط: سنة 1371 هـ.
صحيح مسلم ـ لأبي الحسن مسلم بن حجاج النيسابوري، طبع: مطبعة موسى الحلبي.
نيل الأوطار شرح منتقي الأخبار ـ لمحمد بن علي الشوكاني، طبع: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، سنة 1391 هـ.
السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ـ لشيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية، مطبعة دار الجهاد، القاهرة، سنة 1379 هـ.
زاد المعاد في هدي خير العباد ـ للإمام ابن القيم الجوزية، سنة 1392 هـ.
فتاوى ابن حجر الهيثمي، طبع: مطبعة الميمنية بمصر.
فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ط: الأولى، سنة 1399 هـ.
الفروق ـ لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، نشر: دار المعرفة، بيروت.
كشاف القناع ـ لمنصور بن إدريس البهوتي، ط: سنة 1394 هـ.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ط: الأولى، سنة 1386 هـ.
نهاية المحتاج ـ لشمي الدين محمد بن شهاب الدين الرملي، نشر: دار إحياء التراث العربي، بيروت.
الخمر في ضوء الشريعة الإسلامية ـ لشحدة عقيلان عيد، طبع سنة 1400 هـ.
المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون ـ تأليف: عزت حسنين، ط: الأولى،