حماس ذات وجهين... وجه الحكومة في ظلها ووجه المعارضة تحت الظل الأخر
بقلم: منيب سعد ابو سعادة
يلفت الانتباه في مواقف "حماس" الجديدة، أولاً، جنوحها نحو التهدئة، مع إسرائيل، إلى حدّ إبداءها الاستعداد لعقد "هدنة" طويلة الأمد معها؛ ثانياً، تفهّمها حلّ الدولتين وقبولها إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع؛ ثالثاً، تمجيدها العملية الانتخابية، وآلية تداول السلطة في النظام السياسي الفلسطيني؛ رابعاً، دعوتها لإعادة بناء منظمة التحرير وتفعيل دورها وتعزيز مكانتها؛ خامساً، حرصها على الحفاظ على كيان السلطة، باعتباره مكسباً وطنياً للفلسطينيين.
الّلافت أن مواقف "حماس" هذه، والتي تعدّ بمثابة انقلاب سياسي على مواقفها السابقة المعروفة، جاءت جدّ متأخّرة، ولتلبية حاجات الاستهلاك الخارجي، وتكريس الاعتراف بها بالسلطة. وهي مواقف كان من المفترض أن تأتي، قبل ذلك بكثير، لتلبية حاجات الفلسطينيين الداخلية، وللاستجابة لضرورات الكفاح الفلسطيني. الأنكى من ذلك، أن هذه المواقف جاءت، في هذه المرحلة، من دون تمهيدات مسبقة، ومن دون تبريرات أو شروحات، بات الشارع الفلسطيني يطلبها، كي يستطيع هضم التحولات "الحماسية" المفاجئة.
في السابق، أي فترة تزعّمها للمعارضة، كان برنامج "حماس" أيدلوجيا أكثر منه سياسيا، وإسلاميا أكثر منه وطنيا، وكان يتضمن رفض عملية التسوية برمّتها وضمنها خيار الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، داعيا إلى الاستشهاد في سبيل تحرير كل فلسطين، مسبغا على هذا الهدف أبعادا دينية وقدسية وأبدية.
وخلال السنوات الخمس السابقة، انتهجت "حماس" في المقاومة المسلحة، نمط العمليات التفجيرية في المدن الإسرائيلية، وظلّت ترفض محاولات التهدئة، أو محاولات ترشيد المقاومة، بتركيزها في الضفة والقطاع ضد المحتلين من مستوطنين وعسكريين، على الرغم من الثمن الكبير الذي دفعه الشعب الفلسطيني، جراء ذلك، من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن مكانة قضيته على الصعيد الدولي.
وبالنسبة للمنظمة فقد حرصت "حماس" على العمل من خارجها، مشكّكة بشرعيتها وصدقية تمثيلها للفلسطينيين. أما الكيان الفلسطيني، الناشئ عن اتفاق "أوسلو" (1993)، فقد تبرّأت منه "حماس" تماما، واعتبرته مجرد كيان صوري وتابع وهزيل، وأنه مجرد محاولة لتصفية قضية فلسطين.
كذلك فإن "حماس"، ومنذ بداية عملية التسوية (من مؤتمر مدريد 1991)، نأت " بنفسها عن المفاوضات، واعتبرتها بمثابة نوع من العبث، متهمة القيادة الفلسطينية الرسمية (قيادة السلطة والمنظمة)، بالتفريط، بدعوى أن إسرائيل لا تفهم لغة المفاوضات وأن الكفاح المسلح هو الطريق لتحرير فلسطين، وأن العالم العربي والإسلامي يقف سندا للشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل هذا الهدف.
الآن لا يعنينا من هذه المقارنة العودة إلى الماضي، أو محاسبة "حماس"، على مواقفها السابقة، على أهمية وضرورة ذلك (بالنسبة لحماس وغيرها)، وإنما ما يعنينا هنا هو التساؤل عن الثمن الباهظ، الذي يدفعه الفلسطينيون، في كل مرة، جراء التنافسات الفلسطينية الحزبية الضيقة والآنية، وجراء غلبة العقلية الأيدلوجية والعاطفية على العقلية السياسية. وما يعنينا هنا، أيضا، هو الوعي المتأخّر والاضطراري بالتعقيدات المحيطة بالقضية الفلسطينية، وبواقع موازين القوى السائد، وبضرورة الأخذ بعين الاعتبار المعطيات العربية والدولية السائدة.
فيجب ان تاخد حركة حماس بعين الاعتبار القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وليس مصالحها الذاتية لتقوية الحركة في وجه الاحزاب الفلسطينية الاخرى.
بقلم: منيب سعد ابو سعادة
يلفت الانتباه في مواقف "حماس" الجديدة، أولاً، جنوحها نحو التهدئة، مع إسرائيل، إلى حدّ إبداءها الاستعداد لعقد "هدنة" طويلة الأمد معها؛ ثانياً، تفهّمها حلّ الدولتين وقبولها إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع؛ ثالثاً، تمجيدها العملية الانتخابية، وآلية تداول السلطة في النظام السياسي الفلسطيني؛ رابعاً، دعوتها لإعادة بناء منظمة التحرير وتفعيل دورها وتعزيز مكانتها؛ خامساً، حرصها على الحفاظ على كيان السلطة، باعتباره مكسباً وطنياً للفلسطينيين.
الّلافت أن مواقف "حماس" هذه، والتي تعدّ بمثابة انقلاب سياسي على مواقفها السابقة المعروفة، جاءت جدّ متأخّرة، ولتلبية حاجات الاستهلاك الخارجي، وتكريس الاعتراف بها بالسلطة. وهي مواقف كان من المفترض أن تأتي، قبل ذلك بكثير، لتلبية حاجات الفلسطينيين الداخلية، وللاستجابة لضرورات الكفاح الفلسطيني. الأنكى من ذلك، أن هذه المواقف جاءت، في هذه المرحلة، من دون تمهيدات مسبقة، ومن دون تبريرات أو شروحات، بات الشارع الفلسطيني يطلبها، كي يستطيع هضم التحولات "الحماسية" المفاجئة.
في السابق، أي فترة تزعّمها للمعارضة، كان برنامج "حماس" أيدلوجيا أكثر منه سياسيا، وإسلاميا أكثر منه وطنيا، وكان يتضمن رفض عملية التسوية برمّتها وضمنها خيار الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، داعيا إلى الاستشهاد في سبيل تحرير كل فلسطين، مسبغا على هذا الهدف أبعادا دينية وقدسية وأبدية.
وخلال السنوات الخمس السابقة، انتهجت "حماس" في المقاومة المسلحة، نمط العمليات التفجيرية في المدن الإسرائيلية، وظلّت ترفض محاولات التهدئة، أو محاولات ترشيد المقاومة، بتركيزها في الضفة والقطاع ضد المحتلين من مستوطنين وعسكريين، على الرغم من الثمن الكبير الذي دفعه الشعب الفلسطيني، جراء ذلك، من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومن مكانة قضيته على الصعيد الدولي.
وبالنسبة للمنظمة فقد حرصت "حماس" على العمل من خارجها، مشكّكة بشرعيتها وصدقية تمثيلها للفلسطينيين. أما الكيان الفلسطيني، الناشئ عن اتفاق "أوسلو" (1993)، فقد تبرّأت منه "حماس" تماما، واعتبرته مجرد كيان صوري وتابع وهزيل، وأنه مجرد محاولة لتصفية قضية فلسطين.
كذلك فإن "حماس"، ومنذ بداية عملية التسوية (من مؤتمر مدريد 1991)، نأت " بنفسها عن المفاوضات، واعتبرتها بمثابة نوع من العبث، متهمة القيادة الفلسطينية الرسمية (قيادة السلطة والمنظمة)، بالتفريط، بدعوى أن إسرائيل لا تفهم لغة المفاوضات وأن الكفاح المسلح هو الطريق لتحرير فلسطين، وأن العالم العربي والإسلامي يقف سندا للشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل هذا الهدف.
الآن لا يعنينا من هذه المقارنة العودة إلى الماضي، أو محاسبة "حماس"، على مواقفها السابقة، على أهمية وضرورة ذلك (بالنسبة لحماس وغيرها)، وإنما ما يعنينا هنا هو التساؤل عن الثمن الباهظ، الذي يدفعه الفلسطينيون، في كل مرة، جراء التنافسات الفلسطينية الحزبية الضيقة والآنية، وجراء غلبة العقلية الأيدلوجية والعاطفية على العقلية السياسية. وما يعنينا هنا، أيضا، هو الوعي المتأخّر والاضطراري بالتعقيدات المحيطة بالقضية الفلسطينية، وبواقع موازين القوى السائد، وبضرورة الأخذ بعين الاعتبار المعطيات العربية والدولية السائدة.
فيجب ان تاخد حركة حماس بعين الاعتبار القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وليس مصالحها الذاتية لتقوية الحركة في وجه الاحزاب الفلسطينية الاخرى.