الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل ما زال حكم العراق عربياً؟ بقلم:هارون محمد

تاريخ النشر : 2006-04-18
هل ما زال حكم العراق عربياً؟

هارون محمد كاتب عراقي

في العراق الحقيقي العريق والأصيل، العراق العربي والحضاري لا يمكن ان يكون رئيسه بيش ميركه، يأتي بثلاثة الاف وخمسمائة من ميليشيات حزبه يجمعهم من الجبال والكهوف والمغارات وينشرهم في حي الجادرية الملحق بالمنطقة الخضراء كحراس ومرافقين وطواقم حمايات، ويمنح كل واحد منهم راتباً شهرياً يتراوح من الف الي خمسة الاف دولار امريكي حسب الأقدمية في التمرد والقتال ضد العراق، وعدد المشاركات في اعمال التخريب والعصيان، هذا اضافة الي الطعام والمنام المجانيين والاقامة في القصور والفلل، وكثير من هؤلاء يري بغداد لأول مرة وهي علي خرابها وكآبتها في زمن الاحتلال تبهر القادمين الغرباء عنها وهم الذين لم يشاهدوا طيلة حياتهم السابقة غير قري وقصبات نائية ومعزولة علي الحدود مع ايران، حتي ان موظفي الرئاسة وأغلبهم من أكراد اوروبا عانوا كثيرا لتكييف أفراد وعناصر هذه المجموعات مع بيئتهم الجديدة وينقل أحدهم عن قائد مجموعة استقدم من قلعة دزه وحدد له واجب حراسة علي جسر الجادرية انه وقف وتطلع الي مبني رئاسة جامعة بغداد بطوابقه الـ15، وسمع وهو يقول في حيرة لجنوده بلغة ساخرة سورانية كردية، نصها بالعربية بعد ترجمتها: من بني هذا الجامع مجنون..

كل منارات الجوامع مدورة بينما منارة هذا الجامع بنايات فيها شبابيك وزجاج وأضوية قليلة وليس فيها (سماعات) مكبرات صوت! فقد اختلط الأمر عليه ولم يعد يفرق بين جامعة وجامع. والانصاف يدعونا الي عدم لوم هذا المرافق (الرئاسي) علي جهله وسذاجته، فالرجل عبر عن حقيقة لم يقدر علي هضمها واستيعابها وهو القادم من الاحراش والغابات والوديان، ولكن ماذا نقول لرئيسه الذي شاهد قائد حرسه وهو يوعز لجنوده بالتحرك والتهيؤ للقتال والاستعداد للمواجهات (جرت هذه الحادثة قبل الانتخابات الاخيرة بيومين) ولما استفسر سيادة الرئيس عن اسباب هذه التحركات العسكرية حول قصره، اجابه قائد الحرس وهو في اشد حالات التوتر والفزع..

سيدي لقد سمعنا اصواتاً غريبة في منطقتنا تدعونا للحذر والريبة منها، فضحك الرئيس وقال لقائد حرسه: انت لا تفهم في السياسة، اذهب الي هذه الاصوات واجمعها لصالح قائمتنا! والحكايات كثيرة من هذا النوع، والنكات اكثر، ورغم المحنة والمأساة الضاربة في العراق، فان (البغادة) وهم البغداديون كما يسمون شعبياً يتندرون بهذه الحكايات والنكات ويتناقلونها في مجالسهم ولقاءاتهم واتصالاتهم الهاتفية، تبديداً للهموم التي هجمت عليهم منذ ثلاث سنوات، وصارت عصية علي الطرد، بل انها تزداد شدة يوماً بعد يوم، وآخر هذه الهموم ان الائتلاف الشيعي الذي فاز في الانتخابات الاخيرة بالارهاب والتهديد بالقامات (جمع قامة) وهي نصف سيف تستخدم للتطبير والتزوير واحتلال المراكز والمحطات الانتخابية، رشح السيد علي زندي أديبي رئيساً للحكومة العراقية بديلاً عن ابراهيم أشقري (الجعفري) الذي يواجه اعتراضات وصعوبات من داخل الائتلاف وخارجه لتجديد رئاسته.

والمثير في هذا الأمر ان وزارة العدل الموقرة في الحكومة الانتقالية الحالية (المنتهية ولايتها) أصدرت قانوناً قبل يومين ينص علي: يحظر علي المتجنس بالجنسية العراقية تسلم وظيفة سيادية الا بعد مرور عشر سنوات علي تجنسه، وإذا طبق هذا القانون نصاً فان ذلك يعني حرمان عدد كبير من الوزراء والنواب ووكلاء الوزراء والسفراء والمدراء العامين والمستشارين ورؤساء الدوائر الحكومية وهؤلاء يشغلون وظائف سيادية كما هو معروف من المواقع والمناصب التي يحتلونها الآن، لأن اغلبهم حصل علي الجنسية العراقية عقب الاحتلال، وقد تحدث أزمة في ايجاد مسؤولين وستعاني قوات الاحتلال من مشكلة في العثور علي عراقيين حقيقيين يقبلون التعاون معها ويوافقون علي تولي الوظائف والمواقع السيادية.

وصحيح ان من يسمون بالحكام والرؤساء والوزراء والمسؤولين في العراق اليوم هم مستخدمون ينفذون تعليمات وأوامر المستر زلماي خليل زاد والجنرال كيسي ويضربون تعظيم سلام لهما، ولكن ما يحزن ويغيظ انهم يحسبون انفسهم علي العراق، ويقدمون شخصوهم علي اعتبار انهم عراقيون وعرب، والمصيبة انهم مع عدائهم وكراهيتهم للعروبة راحوا يستخدمون اسماء والقاباً عربية وكثير منهم انتسبوا الي عشائر وقبائل وبيوتات وأسر عربية، فالشاهي صار ربيعياً، وكاملي اصبح مالكياً، وصولاغي تحول الي زبيدي، وأصفهاني لقب نفسه بالبياتي، والبائي طائي، واليزدي أسدي، وراشدي الراشد، ولاري قبانجي، والقائمة تطول وتطول، وعندما تسألهم اين قبور آبائكم وأجدادكم في العراق يلوذون بالصمت ولا يجرأون علي قول الحقيقة، ذلك ان قبور الاجداد ومواضعها هي الدليل والبرهان علي أصل ونسب الانسان في هذا المكان، والعراقي معروف بحرصه علي دفنه عند موته في ارضه وفي مقبرة عائلته سواء كان شيعياً او سنياً او مسيحياً، وكثيراً ما يلقي ذوو الفقيد او المقتول او الشهيد عناء في نقل الجثمان من مدينة الي اخري التزاماً بالتقاليد والاعراف.

ولمناسبة الحديث عن القبور ورمزيتها، نورد الحكاية التاريخية الموثقة التي تجسد العلاقة بين السلف من الاموات والخلف من الاحياء، في بيان الاصالة الوطنية، فقد استدعي المرحوم عبدالكريم قاسم وكان رئيساً للوزراء في ايلول (سبتمبر) 1959 الي مكتبه في وزارة الدفاع كلاً من الملا مصطفي بارزاني والشيخ احمد آغا الزيباري زعيم قبيلة الزيباريين الكردية المعروفة لاجراء مصالحة بينهما إثر تفاقم الخلافات والمعارك بين اسرة البارزاني وقبيلة الزيبار، بسبب محاولات الملا مصطفي الاستحواذ علي اراضي الزيباريين وبسط نفوذه عليها، علماً بان قرية بارزان هي تابعة ادارياً لقضاء الزيبار معقل الزيباريين. وفي بداية اللقاء وقف الشيخ احمد الزيباري وهو للعلم (عم هوشيار زيباري وزير خارجية حكومة جعفري ولكنه غادر قبيلته وعاش في كنف الملا مصطفي زوج شقيقته منذ صغره وانسلخ عن قومه) وخاطب الزعيم عبدالكريم قائلاً: انا جئت الي هنا احتراماً لإرادتك ورغبتك.. فهذا الرجل ـ واشار الي بارزاني ـ لا يستحق ان التقي او اجتمع به لأنه لا يساويني في الشخصية والمكانة والتأريخ، واحتج ملا مصطفي علي هذا الكلام وطلب من الزعيم ان يحميه من الشيخ احمد، فرد الاخير يرحمه الله، لماذا تزعل من كلامي؟

وتوجه الي عبدالكريم قاسم وقال له: سيدي انت زعيم العراق اسأله ان يعدد أمامك كم جداً له ماتوا ودفنوا في بارزان؟

أما أنا يا سيادة الزعيم استطيع ان اذكر أسماء اثني عشر من اجدادي قبورهم ما تزال قائمة وشاخصة في الزيبار، وسيادتك رئيس حكومة ولديك سلطات تقدر ان تطلع علي الحقيقة وتعرف من منا العراقي الاصيل والعراقي الوافد. وقد نقل محضر هذا الاجتماع الذي كتب بخط الرائد سعيد الدوري احد سكرتيري عبدالكريم قاسم من ديوان وزارة الدفاع الي المركز الوطني لحفظ الوثائق مع مراسلات ومخاطبات الزعيم ومحاضر اجتماعات رسمية وشعبيه اخري عقب انقلاب 8 شباط (فبراير) 1963، وتحدث عن هذه الواقعة الباحث الكردي رفيق بشدري في كتابه (أيها الكردي.. تعرف علي عدوك) الجزء الثالث صفحة 345 الصادر في السليمانية بتأريخ 12/12/2000 كما مثبت عليه، وقد اغتيل الشيخ احمد الزيباري بعد اسبوعين من هذا اللقاء من قبل عصابة بارزاني.

وعندما يحجم ابراهيم الجعفري عن ذكر اسم ابيه وجده وعشيرته ويلقب نفسه بالجعفري (من المذهب الجعفري) ويتجاهل عبدالعزيز الحكيم اصوله غير العراقية ولا يستطيع ذكر اسم جد واحد له مدفون في العراق، وينكر علي يزدي ايرانيته وهو المواطن الايراني الذي كان يقدم كفالته للاجئين العراقيين امام الدوائر الرسمية والحكومية في طهران وقم والمحمرة لقاء اجور متفق عليها مسبقاً، ويعمد شخص اسمه الحقيقي رياضي مهندسي ويخطف اسم قبيلة عربية سنية تنتشر مضاربها ودواوينها في البادية الشمالية بين العراق وسورية، ويغير آخر اسمه ولقبه ويستبدله باسم آخر وينسب نفسه الي قبيلة بني مالك العربية العريقة ومشيختها في القرنة، وهناك المئات من هذه الحالات الشاذة والانتسابات المزورة، فان ذلك يعني ان شعوراً بالنقص عراقياً وعربياً يسيطر علي هذه النماذج فتلجأ الي الادعاء والتزييف للتغطية علي أكاذيبها وافتراءاتها، وللمعلومات ايضاً فان اربعة محافظين من أصل تسعة محافظين لمحافظات في منطقتي الفرات الاوسط والجنوب ما زالوا يحملون الجنسية الايرانية ويرفضون التخلي عنها، وهم في الاصل من الاسري العراقيين (التوابين) الذين خانوا وطنهم وتجسسوا علي رفاقهم وزملائهم ومنحت لهم الجنسية الايرانية وزوجوا بنساء ايرانيات بعد ان طلقوا زوجاتهم العراقيات غيابياً وخدموا في الاجهزة الايرانية.

وللمعلومات ايضاً فان تسعة من أعضاء الجمعية الوطنية هم ايرانيون بالجنسية والصفة والوظيفة، بعد ان تخلوا عن جنسيتهم العراقية وتحولوا الي ايرانيين منذ السبعينات والثمانينات، ومنهم واحد من الحلة اصلاً يحمل الآن رتبة عميد في الحرس الثوري وكان ضابطاً في الجيش العراقي برتبة رائد عندما أسر في حزيران (يونيو) 1982 في معارك البصرة وصار تواباً وعين مدرباً عسكرياً في الحرس ومن ثم نسب لفيلق بدر، وآخر كان يعمل مهندساً في دائرة اوقاف الناصرية هرب الي قم في اوائل الثمانينات واصدر منها مجلة طائفية ثم عين بوظيفة ضابط استخبارات في إطلاعات، وثالث من بابل فر من العراق الي ايران في نهاية السبعينات ثم ارسل الي الكويت عام 1984 ونظم عمليات اغتيال وتخريب فيها قبل ان يعود الي طهران وهو ما زال مطلوبا بمذكرات قضائية من الحكومات الكويتية والامريكية والفرنسية لتخطيطه هجمات ضد سفارتي فرنسا وامريكا في الكويت في ذلك الوقت، والستة الباقون من الطينة نفسها، واحدهم يرقد في مستشفي بالبصرة حالياً بعد ان تعرض الي محاولة اصطدام بسيارته مؤخراً، ووظف الحادث باعتباره محاولة اغتيال من (الارهابيين).

لذلك لا مكان للدهشة والاستغراب عندما يتسيد الخونة وأدلاء الاجانب والاغراب رئاسة العراق المستباح، ويحتلون وزاراته ومؤسساته ويتصدرون المنابر والمنصات ما دام الاستعمار الامريكي جاثماً علي صدور العراقيين يقتل شبابهم وشيوخهم وأطفالهم ويدمر بيوتهم وأحياءهم ومدنهم ويسجن الالاف ويشرد الملايين منهم، العراق اليوم ليس عراقنا الذي نعرفه، وليس عراقكم ايها العرب، انه بلد آخر مشرع الابواب والحدود لكل من هب ودب يتسلل اليه أو يقتحمه بدعم المحتل والغازي، ولا غرابة بعد ذلك ان يأتي العجم والهنود والشعوبيون والمستكردون ومقطوعو الاصول، ويصبحوا رؤساء ووزراء ومسؤولين كبار، ولو اسما، وهم ذيول وأذناب الاحتلال فعلا..
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف