يوم العِلم أم الجهل في فلسطين؟؟؟
بقلم / أشرف أبو عامر
في 16 من شهر ابريل من كل سنة تحتفل الجزائر- وهي دولة عربية، عانت من الاستعمار الفرنسي قرابة 150 عاما- بمناسبة وطنية تسمى " يوم العِلم " ، وتحتفل الجزائر بهذه المناسبة تكريما للشيخ عبد الحميد بن باديس - وهو من رواد النهضة في الجزائر ومن ابرز المفكرين الجزائريين على الإطلاق – الذي نشر العربية والإسلام وجميع مقومات الشخصية الجزائرية.
في 16 من شهر أبريل تحتفل كافة الأوساط التعليمية والفكرية والتربوية بالجزائر، بهذه المناسبة، تشجيعا للعلم والتعلم والقراءة وتمجيدا للكتاب، وتذكيرا بعظمة هذا العلاّمة في تاريخ الجزائر.
ليس غريباً أن استذكر هذه المناسبة، وقد ترعرت في ذلك البلد العربي، وكنت أشارك أخوتي الجزائريين بهذه المناسبة، وليس غريباً أن يصدف بي يوما وأن أمر من أحد شوارع مدينة غزة ، وبالذات أمام باب أحد جامعات غزة، وأجد بائعي الكتب والمؤلفات القديمة والجديدة وهم باسطين الكتب على الأرض، يترقبون رواداً لهم عسى أن يبيع كتابا أو كتابين ، فجلست - حوالي ساعة ونصف - وأنا أتصفح بعض الكتب الموجودة لدى أحد الباعة، لكن المفاجأة في الأمر والمدهش في آن واحد هو أنه في خلال هذه الفترة الزمنية، لم يمر أحد ويصرف من وقته على الأقل 5 دقائق ليتصفح كتابا عسى أن يجد ما يمكن أن يستفيد منه. في حين تجد وعلى مقربة من بائعي الكتب، بائعي " البزر " والفول السوداني " الفستق " يفوق روادهم الخيال... فهو يفوق رواد المساجد، ناهيك عن بائعي الفلافل والفول والحمص.
الأمر ينذر بالخطر، في بلد كفلسطين بحاجة دائما أن يقرأ ويتعلم مواطنيه وشبابه، من أجل الرقي بهذا البلد الذي يحتاج منا الكثير ..!؟ هذا البلد الذي يُستهدف شبابه من الجنسين، لخلق جيل يروج ثقافة الميوعة واللامبالاة وسيطرة النـزعة الغربية الطاغية في الاهتمام بالجوانب المادية على حساب النظرة المعنوية للإنسان والحياة. لما لا ؟؟ وأسوار جامعات غزة – علما أني لم أزر جامعات الضفة الغربية – امتلأت بعناوين المواقع الالكترونية " مواقع الدردشة " تدعوا الطلبة لزيارتها ، مما يزيد " الطين بلة " .
المؤلم في الأمر، ليس عزوف الشباب الفلسطيني عن القراءة والكتاب، فحسب، بل أن المؤلم في ذلك هو قصور وضعف المناهج التربوية التي تُتبع في هذا البلد التي تكرس وتجسد هذه الظاهرة الخطيرة، من خلال اعتمادها على عملية التلقين والحفظ في الأغلب، خاصة في الجامعات، مما جعل الكثير من الطلبة يبتعدون عن القراءة والكتاب، ويكتفون بتلك التي تسمى " الملزمات الجامعية " التي خلقت تخلفا ثقافيا في أوساط خريجي الجامعات.
أقول هذا الكلام وكلي مرارة... ولما لا وقد صدف يوما – أيضاً – أن ادخل احد المكاتب العامة، فإذا بازدحام غير طبيعي داخل هذه المكتبة، انتابني خلالها شعورا طيبا تجاه ذلك، لكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور بمجرد أن علمت أن هذا الازدحام سببه ليس البحث عن كتاب أو مؤلف، لكن سببه باختصار تصوير ما يسمى هنا في فلسطين " ملزمة جامعية " والجميع يعلم ما مفهوم الملزمة الجامعية، إنها باختصار بعض المعلومات التي يقتصها دكتور الجامعة من هنا وهناك، وينجز منها " شبه كتاب " - مقابل مبلغ من المال الذي لا يسمن ولا يغني من جوع - يُجبَر الطالب لشرائها، ومراجعتها، تحضيرا لامتحانات يغلب عليها مبدأ " بضاعة ترد إليكم " أساسه أن يجيب الطالب الجامعي وبشكل آلي بعيدا عن أي إبداع أو اجتهاد شخصي، عن أسئلة الدكتور التي لا تخرج عن نطاق هذه " الملزمة اللعينة " ... والنتيجة هي – باختصار – سرعان ما يلقي الطالب بهذه الملزمة في غياهب – جل الله قدركم – المزابل مباشرة بعد فترة الامتحانات، ويعتبر نفسه في إجازة عقلية، وهذا أمر خطير على الجامعيين الذين سرعان ما ينسون كل ما تعلموه بعد تخرجهم، ولا يلتفتون إلى تثقيف أنفسهم عن طريق المطالعة الخارجية، بعد تركهم لمقاعد الدراسة وهو ما يعبر عنه بـ (أزمة ثقافية عامة)، وهنا يستذكرني ما أشار إليه طه حسين مراراً و هو هبوط مستوى الجامعيين، وارتدادهم إلى التخلف الثقافي بعد تخرجهم.
نعم قُتل في التلميذ ومن ثمة الطالب الجامعي روح القراءة والمطالعة، وقتلوا فيه روح الإبداع وحرية الرأي... وكيف لا ؟؟ وقد سألت يوما طالبا جامعيا ( خريج قسم العلوم السياسية ) عن معرفته بأحد أبرز من تحدث في علم السياسة، وهو ميكيافيلي وكتابه الشهير " الأمير " ، وإذا به يجيبني أنه لم يسمع بهذا الاسم والكتاب من قبل !!؟؟ كيف يمكن أن نصف هذا الطالب خريجا في العلوم السياسية وهو ليس له علم بكتاب الأمير ... !!
في الحقيقة لا لوم على الطالب ... والحقيقة أن يلام ذلك الدكتور الذي يُصر على تجهيل طلبته، ناسيا أنه – في الحقيقة - يُصر على تجهيل أمة ليس لها إلا شبابها .؟؟
حقيقة..، الأمر يستدعي– كما قال أحد المفكرين - استنفارا كاملا لدى الجهات المختصة لتفعيل ثقافة القراءة بين أبناء هذا البلد، وترشيدها لتقرأ النافع لها من العلوم ولتطلع على تجارب الآخرين بما في ذلك تجربة الخصوم والأعداء، خصوصا تجربة اليهود في أرضنا - فلسطين بتداعياتها في المنطقة والعالم، ولتبتعد عن الثقافة المضللة والمسطحة، وخصوصا الثقافة التي تخاطب الغريزة بعيدا عن كل القيم الدينية والأخلاقية، لتحاول أن تسلب منا شبابنا، وتقدم لنا أجيالا مائعة لا ترتكز على قواعد علمية أصيلة في التراث ولا تأخذ من العلم الحديث إلا شكليات ترفيهية ذاتية بحتة تعمق الجانب الغرائزي على حساب القيم والتطلعات العلمية الكبيرة.
عجبا في أمة تكون أول آية في كتابها المنزل – أنزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم - هي قوله تعالى : " اقرأ..". ولا تقرأ !!؟؟
بقلم / أشرف أبو عامر
في 16 من شهر ابريل من كل سنة تحتفل الجزائر- وهي دولة عربية، عانت من الاستعمار الفرنسي قرابة 150 عاما- بمناسبة وطنية تسمى " يوم العِلم " ، وتحتفل الجزائر بهذه المناسبة تكريما للشيخ عبد الحميد بن باديس - وهو من رواد النهضة في الجزائر ومن ابرز المفكرين الجزائريين على الإطلاق – الذي نشر العربية والإسلام وجميع مقومات الشخصية الجزائرية.
في 16 من شهر أبريل تحتفل كافة الأوساط التعليمية والفكرية والتربوية بالجزائر، بهذه المناسبة، تشجيعا للعلم والتعلم والقراءة وتمجيدا للكتاب، وتذكيرا بعظمة هذا العلاّمة في تاريخ الجزائر.
ليس غريباً أن استذكر هذه المناسبة، وقد ترعرت في ذلك البلد العربي، وكنت أشارك أخوتي الجزائريين بهذه المناسبة، وليس غريباً أن يصدف بي يوما وأن أمر من أحد شوارع مدينة غزة ، وبالذات أمام باب أحد جامعات غزة، وأجد بائعي الكتب والمؤلفات القديمة والجديدة وهم باسطين الكتب على الأرض، يترقبون رواداً لهم عسى أن يبيع كتابا أو كتابين ، فجلست - حوالي ساعة ونصف - وأنا أتصفح بعض الكتب الموجودة لدى أحد الباعة، لكن المفاجأة في الأمر والمدهش في آن واحد هو أنه في خلال هذه الفترة الزمنية، لم يمر أحد ويصرف من وقته على الأقل 5 دقائق ليتصفح كتابا عسى أن يجد ما يمكن أن يستفيد منه. في حين تجد وعلى مقربة من بائعي الكتب، بائعي " البزر " والفول السوداني " الفستق " يفوق روادهم الخيال... فهو يفوق رواد المساجد، ناهيك عن بائعي الفلافل والفول والحمص.
الأمر ينذر بالخطر، في بلد كفلسطين بحاجة دائما أن يقرأ ويتعلم مواطنيه وشبابه، من أجل الرقي بهذا البلد الذي يحتاج منا الكثير ..!؟ هذا البلد الذي يُستهدف شبابه من الجنسين، لخلق جيل يروج ثقافة الميوعة واللامبالاة وسيطرة النـزعة الغربية الطاغية في الاهتمام بالجوانب المادية على حساب النظرة المعنوية للإنسان والحياة. لما لا ؟؟ وأسوار جامعات غزة – علما أني لم أزر جامعات الضفة الغربية – امتلأت بعناوين المواقع الالكترونية " مواقع الدردشة " تدعوا الطلبة لزيارتها ، مما يزيد " الطين بلة " .
المؤلم في الأمر، ليس عزوف الشباب الفلسطيني عن القراءة والكتاب، فحسب، بل أن المؤلم في ذلك هو قصور وضعف المناهج التربوية التي تُتبع في هذا البلد التي تكرس وتجسد هذه الظاهرة الخطيرة، من خلال اعتمادها على عملية التلقين والحفظ في الأغلب، خاصة في الجامعات، مما جعل الكثير من الطلبة يبتعدون عن القراءة والكتاب، ويكتفون بتلك التي تسمى " الملزمات الجامعية " التي خلقت تخلفا ثقافيا في أوساط خريجي الجامعات.
أقول هذا الكلام وكلي مرارة... ولما لا وقد صدف يوما – أيضاً – أن ادخل احد المكاتب العامة، فإذا بازدحام غير طبيعي داخل هذه المكتبة، انتابني خلالها شعورا طيبا تجاه ذلك، لكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور بمجرد أن علمت أن هذا الازدحام سببه ليس البحث عن كتاب أو مؤلف، لكن سببه باختصار تصوير ما يسمى هنا في فلسطين " ملزمة جامعية " والجميع يعلم ما مفهوم الملزمة الجامعية، إنها باختصار بعض المعلومات التي يقتصها دكتور الجامعة من هنا وهناك، وينجز منها " شبه كتاب " - مقابل مبلغ من المال الذي لا يسمن ولا يغني من جوع - يُجبَر الطالب لشرائها، ومراجعتها، تحضيرا لامتحانات يغلب عليها مبدأ " بضاعة ترد إليكم " أساسه أن يجيب الطالب الجامعي وبشكل آلي بعيدا عن أي إبداع أو اجتهاد شخصي، عن أسئلة الدكتور التي لا تخرج عن نطاق هذه " الملزمة اللعينة " ... والنتيجة هي – باختصار – سرعان ما يلقي الطالب بهذه الملزمة في غياهب – جل الله قدركم – المزابل مباشرة بعد فترة الامتحانات، ويعتبر نفسه في إجازة عقلية، وهذا أمر خطير على الجامعيين الذين سرعان ما ينسون كل ما تعلموه بعد تخرجهم، ولا يلتفتون إلى تثقيف أنفسهم عن طريق المطالعة الخارجية، بعد تركهم لمقاعد الدراسة وهو ما يعبر عنه بـ (أزمة ثقافية عامة)، وهنا يستذكرني ما أشار إليه طه حسين مراراً و هو هبوط مستوى الجامعيين، وارتدادهم إلى التخلف الثقافي بعد تخرجهم.
نعم قُتل في التلميذ ومن ثمة الطالب الجامعي روح القراءة والمطالعة، وقتلوا فيه روح الإبداع وحرية الرأي... وكيف لا ؟؟ وقد سألت يوما طالبا جامعيا ( خريج قسم العلوم السياسية ) عن معرفته بأحد أبرز من تحدث في علم السياسة، وهو ميكيافيلي وكتابه الشهير " الأمير " ، وإذا به يجيبني أنه لم يسمع بهذا الاسم والكتاب من قبل !!؟؟ كيف يمكن أن نصف هذا الطالب خريجا في العلوم السياسية وهو ليس له علم بكتاب الأمير ... !!
في الحقيقة لا لوم على الطالب ... والحقيقة أن يلام ذلك الدكتور الذي يُصر على تجهيل طلبته، ناسيا أنه – في الحقيقة - يُصر على تجهيل أمة ليس لها إلا شبابها .؟؟
حقيقة..، الأمر يستدعي– كما قال أحد المفكرين - استنفارا كاملا لدى الجهات المختصة لتفعيل ثقافة القراءة بين أبناء هذا البلد، وترشيدها لتقرأ النافع لها من العلوم ولتطلع على تجارب الآخرين بما في ذلك تجربة الخصوم والأعداء، خصوصا تجربة اليهود في أرضنا - فلسطين بتداعياتها في المنطقة والعالم، ولتبتعد عن الثقافة المضللة والمسطحة، وخصوصا الثقافة التي تخاطب الغريزة بعيدا عن كل القيم الدينية والأخلاقية، لتحاول أن تسلب منا شبابنا، وتقدم لنا أجيالا مائعة لا ترتكز على قواعد علمية أصيلة في التراث ولا تأخذ من العلم الحديث إلا شكليات ترفيهية ذاتية بحتة تعمق الجانب الغرائزي على حساب القيم والتطلعات العلمية الكبيرة.
عجبا في أمة تكون أول آية في كتابها المنزل – أنزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم - هي قوله تعالى : " اقرأ..". ولا تقرأ !!؟؟