الحرب على الديمقراطية
الشعار الذي رفعته أمريكا و معها الغرب المسيحي من أحداث 11 سبتمبر و حتى إشعار آخر هو " الحرب على الإرهاب" مروراً من الحرب على أفغانستان و العراق و السودان و أولاً و أخيراً على فلسطين.
و قد تلونت هذه الحرب بألوان عدة غير أن اللون الذي بقي طاغياً عليها هو لون الدماء في شوارع كابول و هيرات مروراً بإقليم القبائل و بغداد و بعقوبة و الموصل و الرمادي و الفلوجة وصولاً إلى جنين و نابلس و طولكرم و قلقيليا و غزة و حتى أخر أزقة المخيمات الضيقة في غزة و أخواتها.
و لقد حاول مصممو هذه الحرب الهمجية أن يحددوا خياراتهم في أمرين أثنين:
أما الأول فهو الدافعية و أما الثاني فهو القدرة على الفعل. و لقد حاولت إسرائيل التي انضمت عنوة لهذه الحرب العالمية على الإرهاب أسماً و على الإسلام فعلاً أن تحقق منها أقصى فائدة لها كدولة و كيان و أن تلحق بالفلسطينيين أقصى درجات الضرر و الألم بهم و بقضيتهم.
و قدم المحللون في السياسة الإسرائيلية للعالم صورتين متقابلتين لفلسطين و لبنان. ففي لبنان بقيت الدافعية مقترنة بالقدرة العملية على ممارسة الفعل في وجه إسرائيل و أطماعها إلى أن أكتشف رابين سر كل هذه الدافعية فقرر الانسحاب من جنوب لبنان و من طرف واحد ليسحب الذرائع من يدي حزب الله الذي بقي في المقاومة حتى النفس الأخير. و من ثم راح يبحث عن القدرة العملية لهذا الحزب فوجد في سوريا و إيران ضالته فدبر لسوريا ما دبر من خروج من لبنان و تراجع دورها العربي و الإقليمي بعد خروجها من هناك. و التفت الحبال حول الرقبة الإيرانية من ملف القاعدة إلى ملف المقاومة في العراق و التدخل في شئون لبنان و فلسطين وصولاً إلى الملف النووي.
و عندنا أدركت إسرائيل أن الدافعية عالية و أن التعامل معها يتطلب الكثير من الانسحابات التي تهدد الكيان و آمنه فوجد في انسحابه من غزة الفرصة الذهبية لنزع الدافعية من الفلسطينيين و لو في مواجهة العالم الذي خدع بالانسحاب الإسرائيلي من غزة و خدع أكثر بالطريق إلى السلام الموعود و رؤية الرئيس بوش للسلام في أرض السلام.
و أنصب التركيز الإسرائيلي على ضرب القوة العملية للمقاومة من خلال تجفيف مواردها المالية و مصادر التسليح المحدودة و تتبع عناصرها القيادية و الميدانية بشكل شرس و لو تعدى حدود التعريف العالمي لإرهاب الدولة.
و يبدو أن العدو قد أخطأ و أخطأ معه أمريكا و إسرائيل و الإتحاد الأوروبي عندما بدءوا عملية واسعة للعقاب الجماعي للفلسطينيين و حكومتهم و رئيس سلطتهم. و بدأت حلقات هذه العمليات التي تستحق عن جدارة أن تسمى " الحرب على الديمقراطية" تأخذ أبعادها الكاملة من خلال توزيع أدوار شيطانية كان بعد الفلسطيين طرفاً فاعلاً فيها إما عن سوء فهم أو سوء نية.
اسرائيل تحاصر البر و البحر و السماء و تلاحق شباب المقاومة حتى في شوارع المخيمات الضيقة و أزقتها المعتمة الرطبة و تغلق المعابر و المنافذ إلى حد التجويع و من لم يمت بالزنانة مات بغيرها* تعددت الأسباب و الموت واحد. و حبست عن الفلسطينيين حقوقهم في أموال الضريبة .
و تسارع أمريكا كالعادة و التي لا ندري سبب عداءها الشديد للشعب الفلسطيني لتمنع أموالها القليلة عن فقراءه الكثيرون الذي لم يعرفوا في حياتهم سوى آلات الموت الأمريكية التي تضعها أمريكا في أيدي جلاديهم من " ألاباتشي و حتى الأف 16" رغم أنهم قد أقبلوا على تعلم الإنجليزية باللكنة الأمريكية و تعلموا الديمقراطية تماماً كما رسخها في دستور العم سام " بنجامين فرانلكين و توماس جيفرسون" و كانت صناديقهم شفافة أكثر من كل الصناديق التي رعاها الأمريكان و أحاطوا ببنادقهم و بركاتهم في العراق و غير العراق
قد يحسب الفلسطينيون أن إسرائيل لم تحظ بحب أمريكا و رعايتها إلا لأنها واحة الديمقراطية في شرق العبودية و الطغيان السياسي فراحوا يجربوا أحدث الوصفات الأمريكية فإذا بهم يقعون في شر أمريكا و حبائلها لمجرد أنهم اختاروا من يمثلهم بحرية و على الطريقة الأمريكية.
و سارت على دربهم أوروبا التي شبعنا منها دروساً في التعايش و التسامح و حقوق الإنسان و المجتمع المدني و الحكم الصالح و تبين لنا أخيراً أن كل هذا و أكثر يهون في سبيل عيون إسرائيل.
يبدو أنهم جميعاً مستعدون لاقتراف الجريمة مرة أخرى و أن يقدموا لإسرائيل ما تبقى من فلسطين على طبق من ذهب و ليذهب العرب و ديمقراطيتهم إلى الجحيم.
و يبدو أن ديمقراطيتهم مرتبطة بالدين و لون البشرة و العرق أكثر من كونها حلماً أنسانياً أوسع من أطماعهم و لا يمكن بيعه بدراهم معدودة لشراء طعام أو دواء. و لآ أدري ما نقدم لأمريكا و المجتمع الدولي مقابل الغذاء فنحن لا نفط لدينا نقدمه مثلما فعل العراقيون من قبلنا.
سالم أحمد غانم
غزة
15/04/2006
الشعار الذي رفعته أمريكا و معها الغرب المسيحي من أحداث 11 سبتمبر و حتى إشعار آخر هو " الحرب على الإرهاب" مروراً من الحرب على أفغانستان و العراق و السودان و أولاً و أخيراً على فلسطين.
و قد تلونت هذه الحرب بألوان عدة غير أن اللون الذي بقي طاغياً عليها هو لون الدماء في شوارع كابول و هيرات مروراً بإقليم القبائل و بغداد و بعقوبة و الموصل و الرمادي و الفلوجة وصولاً إلى جنين و نابلس و طولكرم و قلقيليا و غزة و حتى أخر أزقة المخيمات الضيقة في غزة و أخواتها.
و لقد حاول مصممو هذه الحرب الهمجية أن يحددوا خياراتهم في أمرين أثنين:
أما الأول فهو الدافعية و أما الثاني فهو القدرة على الفعل. و لقد حاولت إسرائيل التي انضمت عنوة لهذه الحرب العالمية على الإرهاب أسماً و على الإسلام فعلاً أن تحقق منها أقصى فائدة لها كدولة و كيان و أن تلحق بالفلسطينيين أقصى درجات الضرر و الألم بهم و بقضيتهم.
و قدم المحللون في السياسة الإسرائيلية للعالم صورتين متقابلتين لفلسطين و لبنان. ففي لبنان بقيت الدافعية مقترنة بالقدرة العملية على ممارسة الفعل في وجه إسرائيل و أطماعها إلى أن أكتشف رابين سر كل هذه الدافعية فقرر الانسحاب من جنوب لبنان و من طرف واحد ليسحب الذرائع من يدي حزب الله الذي بقي في المقاومة حتى النفس الأخير. و من ثم راح يبحث عن القدرة العملية لهذا الحزب فوجد في سوريا و إيران ضالته فدبر لسوريا ما دبر من خروج من لبنان و تراجع دورها العربي و الإقليمي بعد خروجها من هناك. و التفت الحبال حول الرقبة الإيرانية من ملف القاعدة إلى ملف المقاومة في العراق و التدخل في شئون لبنان و فلسطين وصولاً إلى الملف النووي.
و عندنا أدركت إسرائيل أن الدافعية عالية و أن التعامل معها يتطلب الكثير من الانسحابات التي تهدد الكيان و آمنه فوجد في انسحابه من غزة الفرصة الذهبية لنزع الدافعية من الفلسطينيين و لو في مواجهة العالم الذي خدع بالانسحاب الإسرائيلي من غزة و خدع أكثر بالطريق إلى السلام الموعود و رؤية الرئيس بوش للسلام في أرض السلام.
و أنصب التركيز الإسرائيلي على ضرب القوة العملية للمقاومة من خلال تجفيف مواردها المالية و مصادر التسليح المحدودة و تتبع عناصرها القيادية و الميدانية بشكل شرس و لو تعدى حدود التعريف العالمي لإرهاب الدولة.
و يبدو أن العدو قد أخطأ و أخطأ معه أمريكا و إسرائيل و الإتحاد الأوروبي عندما بدءوا عملية واسعة للعقاب الجماعي للفلسطينيين و حكومتهم و رئيس سلطتهم. و بدأت حلقات هذه العمليات التي تستحق عن جدارة أن تسمى " الحرب على الديمقراطية" تأخذ أبعادها الكاملة من خلال توزيع أدوار شيطانية كان بعد الفلسطيين طرفاً فاعلاً فيها إما عن سوء فهم أو سوء نية.
اسرائيل تحاصر البر و البحر و السماء و تلاحق شباب المقاومة حتى في شوارع المخيمات الضيقة و أزقتها المعتمة الرطبة و تغلق المعابر و المنافذ إلى حد التجويع و من لم يمت بالزنانة مات بغيرها* تعددت الأسباب و الموت واحد. و حبست عن الفلسطينيين حقوقهم في أموال الضريبة .
و تسارع أمريكا كالعادة و التي لا ندري سبب عداءها الشديد للشعب الفلسطيني لتمنع أموالها القليلة عن فقراءه الكثيرون الذي لم يعرفوا في حياتهم سوى آلات الموت الأمريكية التي تضعها أمريكا في أيدي جلاديهم من " ألاباتشي و حتى الأف 16" رغم أنهم قد أقبلوا على تعلم الإنجليزية باللكنة الأمريكية و تعلموا الديمقراطية تماماً كما رسخها في دستور العم سام " بنجامين فرانلكين و توماس جيفرسون" و كانت صناديقهم شفافة أكثر من كل الصناديق التي رعاها الأمريكان و أحاطوا ببنادقهم و بركاتهم في العراق و غير العراق
قد يحسب الفلسطينيون أن إسرائيل لم تحظ بحب أمريكا و رعايتها إلا لأنها واحة الديمقراطية في شرق العبودية و الطغيان السياسي فراحوا يجربوا أحدث الوصفات الأمريكية فإذا بهم يقعون في شر أمريكا و حبائلها لمجرد أنهم اختاروا من يمثلهم بحرية و على الطريقة الأمريكية.
و سارت على دربهم أوروبا التي شبعنا منها دروساً في التعايش و التسامح و حقوق الإنسان و المجتمع المدني و الحكم الصالح و تبين لنا أخيراً أن كل هذا و أكثر يهون في سبيل عيون إسرائيل.
يبدو أنهم جميعاً مستعدون لاقتراف الجريمة مرة أخرى و أن يقدموا لإسرائيل ما تبقى من فلسطين على طبق من ذهب و ليذهب العرب و ديمقراطيتهم إلى الجحيم.
و يبدو أن ديمقراطيتهم مرتبطة بالدين و لون البشرة و العرق أكثر من كونها حلماً أنسانياً أوسع من أطماعهم و لا يمكن بيعه بدراهم معدودة لشراء طعام أو دواء. و لآ أدري ما نقدم لأمريكا و المجتمع الدولي مقابل الغذاء فنحن لا نفط لدينا نقدمه مثلما فعل العراقيون من قبلنا.
سالم أحمد غانم
غزة
15/04/2006