
يعبدون أهواءهم.. ونعبد الله!!
محمود الهباش
يبرز على السطح بين الفينة والأخرى، بعض الشراذم الذين يلوثون بأفكارهم وسخافاتهم فضاءات الإبداع والفكر الذي يسعى إلى كشف الستار عن وجه الحقيقة، بل ويكرسون، بمجرد وجودهم، حالة الأزمة الثقافية والمعرفية المستعصية والمتعددة الوجوه التي تعيشها أمتنا، في ظل استشراء سطوة التخلف العقلي، وتأليه الهوى، وعبادة الذات، التي انحاز أولئك الشراذم إليها، مستنكفين عن خلق الأسلاف الأخيار، الذين مخروا بحار المعرفة بسفينة اليقين المشيد بالإيمان الراسخ، والعلم المستنير.
ينهج أولئك المتخلفون المنحازون إلى حضيض التخلف، فيما ينهجون، مسلكًا معرفيًا يتأسس على مصادرة الحق في التفكير والاجتهاد العقلي، ويعتمد على رؤية أحادية متشددة متنطعة تعجز عن معالجة الواقع، وتتقوقع في أسفل سافلين، تحت ضغوط حزمة متداخلة من الأمراض الثقافية، التي تقود بالضرورة إلى تكريس مظاهر الأزمة العقلية، وتفتح الباب أمام سيطرة الفكر الخيالي المنفصل عن الحياة والواقع، بما في هذا الفكر المخبول من تهميش للسنن الكونية التي تمزج بكل روعة واقتدار بين النصوص الدينية الراسخة الثابتة، والواقع الإنساني المتغير، لبناء حياة إنسانية متكاملة تتحقق فيها سنة الله الماضية، تلك التي نطقت بها الآية القرآنية الكريمة في سورة هود: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".
يعجز أولئك المسجونون داخل ذواتهم، المحرومون من نعمة التفكير الحر، عن إدراك جدوى وأهمية الاختلاف العقلي في بناء الإنجاز الحضاري، تمامًا كما يعجزون عن فهم خطورة النظرات الأحادية المتحجرة على حركة الحياة والمجتمع، فلا يتورعون، بسبب ذلك، عن بناء جدر العداء المطلق مع كل من يأتي بما يخالف أهواءهم، أو يتحدى محاولتهم احتكار الحق والحقيقة، وهمًا منهم أنهم وحدهم أصحاب الحق في التفكير والإبداع، وأن كل من خرج عن نسقهم الأرعن، فكأنما خرج من حظيرة الخير والحق.
لهؤلاء وغيرهم لن ننفك نقول بكل ما توفر لدينا من قدرة على التعبير، وبشتى الوسائل والأساليب: إن تغيير الواقع السيئ الذي نعيشه اليوم، مرهون أولاً بتغيير مناخ التفكير والفهم والإدراك، للأفكار والأشياء على حد سواء، وبتدريب النفس على تقبل الحق المجرد عن الهوى، بغض النظر عن مصدره، لأن الحضارة التي بناها الأسلاف الأخيار، ويسعى لاستعادتها ورثة منهجها اليوم، لا يمكن أن تولد من جديد إلا في ظل مناخ عقلي فكري متميز ومنفتح، يزاوج بشجاعة وإبداع بين النصوص النقلية والعلوم العقلية، بين فقه الدين وفقه الحياة، دون خوف من إطلاق العنان للتفكير الواعي، للاختلاف والاتفاق، من أجل الاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق التوافق الإنساني مع السنن الكونية التي تخدم من يفهمها ويتوافق معها، بعيدًا عن هرطقة التفكير الخيالي المخبول، الذي يبني للإنسان قصورًا في الأحلام، لا تفتأ أن تنهار كما شيدت، ويحقق له انتصارات باهرة، ولكن في عالم الخيال الذي سرعان ما يتبخر كما أوهام الأغبياء، وبعيدًا كذلك عن الإرهاب الفكري الذي يستعبد البعض لأهوائهم، وربما يستبيح دم الإنسان من أجل رأيه، لأن الحقيقة المطلقة هي لله تعالى وحده، وهو الذي نعبده وحده لا شريك له، ولو كره الكافرون.
إن الواجب الديني والأخلاقي يفرض على كل صاحب رأي أو رؤية، أن يدلي بدلوه في معالجة الواقع الذي تحياه الأمة اليوم، وبالأخص هنا في فلسطين، وكذلك في العراق وكل بلاد العرب والمسلمين، بل وفي كل بقاع الأرض، لأن التحديات القائمة خطيرة إلى أبعد الحدود، وتحتاج إلى جهود وعقول كل المبدعين والمفكرين، حتى لو اختلفت هذه العقول في طريقة معالجتها للحياة والواقع، بحكم أن اختلاف العقول، إذا ما تأسس على قواعد المنهج الفكري والعلمي السليم، سيؤدي إلى تعزيز الإبداع، وسيقود إلى الانفتاح المفيد، ليس على أبناء الأمة فحسب، بل على البشرية بأسرها، مع ما في ذلك الانفتاح من تعزيز لإمكانات الدعوة والتكامل الحضاري بين أبناء الإنسانية جميعًا، وصولاً إلى تحقيق الغاية القرآنية الخالدة: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".
[email protected]
محمود الهباش
يبرز على السطح بين الفينة والأخرى، بعض الشراذم الذين يلوثون بأفكارهم وسخافاتهم فضاءات الإبداع والفكر الذي يسعى إلى كشف الستار عن وجه الحقيقة، بل ويكرسون، بمجرد وجودهم، حالة الأزمة الثقافية والمعرفية المستعصية والمتعددة الوجوه التي تعيشها أمتنا، في ظل استشراء سطوة التخلف العقلي، وتأليه الهوى، وعبادة الذات، التي انحاز أولئك الشراذم إليها، مستنكفين عن خلق الأسلاف الأخيار، الذين مخروا بحار المعرفة بسفينة اليقين المشيد بالإيمان الراسخ، والعلم المستنير.
ينهج أولئك المتخلفون المنحازون إلى حضيض التخلف، فيما ينهجون، مسلكًا معرفيًا يتأسس على مصادرة الحق في التفكير والاجتهاد العقلي، ويعتمد على رؤية أحادية متشددة متنطعة تعجز عن معالجة الواقع، وتتقوقع في أسفل سافلين، تحت ضغوط حزمة متداخلة من الأمراض الثقافية، التي تقود بالضرورة إلى تكريس مظاهر الأزمة العقلية، وتفتح الباب أمام سيطرة الفكر الخيالي المنفصل عن الحياة والواقع، بما في هذا الفكر المخبول من تهميش للسنن الكونية التي تمزج بكل روعة واقتدار بين النصوص الدينية الراسخة الثابتة، والواقع الإنساني المتغير، لبناء حياة إنسانية متكاملة تتحقق فيها سنة الله الماضية، تلك التي نطقت بها الآية القرآنية الكريمة في سورة هود: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".
يعجز أولئك المسجونون داخل ذواتهم، المحرومون من نعمة التفكير الحر، عن إدراك جدوى وأهمية الاختلاف العقلي في بناء الإنجاز الحضاري، تمامًا كما يعجزون عن فهم خطورة النظرات الأحادية المتحجرة على حركة الحياة والمجتمع، فلا يتورعون، بسبب ذلك، عن بناء جدر العداء المطلق مع كل من يأتي بما يخالف أهواءهم، أو يتحدى محاولتهم احتكار الحق والحقيقة، وهمًا منهم أنهم وحدهم أصحاب الحق في التفكير والإبداع، وأن كل من خرج عن نسقهم الأرعن، فكأنما خرج من حظيرة الخير والحق.
لهؤلاء وغيرهم لن ننفك نقول بكل ما توفر لدينا من قدرة على التعبير، وبشتى الوسائل والأساليب: إن تغيير الواقع السيئ الذي نعيشه اليوم، مرهون أولاً بتغيير مناخ التفكير والفهم والإدراك، للأفكار والأشياء على حد سواء، وبتدريب النفس على تقبل الحق المجرد عن الهوى، بغض النظر عن مصدره، لأن الحضارة التي بناها الأسلاف الأخيار، ويسعى لاستعادتها ورثة منهجها اليوم، لا يمكن أن تولد من جديد إلا في ظل مناخ عقلي فكري متميز ومنفتح، يزاوج بشجاعة وإبداع بين النصوص النقلية والعلوم العقلية، بين فقه الدين وفقه الحياة، دون خوف من إطلاق العنان للتفكير الواعي، للاختلاف والاتفاق، من أجل الاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق التوافق الإنساني مع السنن الكونية التي تخدم من يفهمها ويتوافق معها، بعيدًا عن هرطقة التفكير الخيالي المخبول، الذي يبني للإنسان قصورًا في الأحلام، لا تفتأ أن تنهار كما شيدت، ويحقق له انتصارات باهرة، ولكن في عالم الخيال الذي سرعان ما يتبخر كما أوهام الأغبياء، وبعيدًا كذلك عن الإرهاب الفكري الذي يستعبد البعض لأهوائهم، وربما يستبيح دم الإنسان من أجل رأيه، لأن الحقيقة المطلقة هي لله تعالى وحده، وهو الذي نعبده وحده لا شريك له، ولو كره الكافرون.
إن الواجب الديني والأخلاقي يفرض على كل صاحب رأي أو رؤية، أن يدلي بدلوه في معالجة الواقع الذي تحياه الأمة اليوم، وبالأخص هنا في فلسطين، وكذلك في العراق وكل بلاد العرب والمسلمين، بل وفي كل بقاع الأرض، لأن التحديات القائمة خطيرة إلى أبعد الحدود، وتحتاج إلى جهود وعقول كل المبدعين والمفكرين، حتى لو اختلفت هذه العقول في طريقة معالجتها للحياة والواقع، بحكم أن اختلاف العقول، إذا ما تأسس على قواعد المنهج الفكري والعلمي السليم، سيؤدي إلى تعزيز الإبداع، وسيقود إلى الانفتاح المفيد، ليس على أبناء الأمة فحسب، بل على البشرية بأسرها، مع ما في ذلك الانفتاح من تعزيز لإمكانات الدعوة والتكامل الحضاري بين أبناء الإنسانية جميعًا، وصولاً إلى تحقيق الغاية القرآنية الخالدة: "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".
[email protected]