الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

غياب لديمقراطية ببلداننا العربية حجة ضدنا بقلم:عبد العزيز شبراط

تاريخ النشر : 2006-04-13
غياب لديمقراطية ببلداننا العربية حجة ضدنا بقلم:عبد العزيز شبراط
عبد العزيز شبراط 8 أبريل 2006

غياب الديمقراطية ببلداننا العربية حجة ضدنا


الديمقراطية ليست وصفة جاهزة تمنحها جهة من الجهات لبلد من البلدان، ويكفي تنفيذها و تطبيق قواعدها لتتحقق في كل مجتمع مهما تعددت خصوصياته الثقافية والتاريخية والسياسية، إنها عملية جد معقدة وترتبط بشكل جدلي بوقائع مادية لكل مجتمع في كل بلد، وترتبط بوقائع فكرية وتربوية تكوينية خاصة وعامة، وتتأسس على الثقافة المتنورة الصادقة والمؤمنة حقا بحق الاختلاف وحرية الرأي والتعبير، وإنها لا تتحقق خارج التطور العام المحلي والعالمي، للحياة الاجتماعية بكل مكوناتها ومسلكياتها ومعيقاتها الآنية والمستقبلية، إنها عملية دائمة التجدد ومستمرة التحديث ولا تتوقف أبدا، و تتطور وتتجدد بتجدد الظروف والوقائع المادية للمجتمع الذي تحدث فيه، إنها (الديمقراطية ) لا تستقيم الاستقامة الحقيقية في مجتمع ترتفع فيه نسبة الأمية والجهل، وتسود فيه سلطة المال والنفوذ والمحسوبية وانعدام حب الوطن ويطغى فيه الفكر الانتهازي والوصولي، إنها لا تسمو إلى الأحسن أمام الانتشار الواسع للفقر والعجز وسيادة الظلم وانحطاط الكرامة الإنسانية، كما لا تنمو وتتخذ مسارها الطبيعي في بيئة مجتمعية ينخفض فيها مستوى الوعي السياسي والاجتماعي والحقوقي، ولعل الحريات العامة الجماعية والفردية، الحقوقية والسياسية والاجتماعية والمدنية لا تتحقق خارج الديمقراطية، كما الديمقراطية لا تتحقق خارج هذه الحقوق.

لا نقصد مما سبق أن تحقيق الديمقراطية بالشكل المطلوب، سيظل مؤجلا إلى أن تتحقق هذه الحقوق المرتبطة بها، وتتوفر الشروط المادية الكفيلة بإنجاحها، بل هدفنا هو أن الديمقراطية المثلى، والتي تطمح لها المجتمعات حديثة العهد بهذه المفاهيم، لا تبلغ مداها المنتظر من الديمقراطية، إلا إذا وضعنا تلك الحقوق، من بين الأولويات الهامة، التي يفترض تقويتها وتعميق النظر فيها وحمايتها وصونها، والتشبث بها بشكل متلازم مع تثبيت القواعد الأساسية للديمقراطية، إن الديمقراطية هي الوعاء الأساس الذي يفترض أن تتم فيه تلك الحقوق، وهي التي بمستطاعها حماية وضمان تطور تلك الحقوق.

فالمجتمع الذي لا يضع تطوير المنظومة التربوية والمسألة التعليمية من أولوياته الأساسية، حيث الاهتمام الأقوى بالأخلاق الجيدة وتقوية فكر التسامح ومبدأ احترام الأخر وامتلاك ثقافة الإنصات للأخر، أولا يضع نصب عينيه محاربة الأمية والقضاء عليها نهائيا، واقتلاع منطق الفساد من جذوره، والتصدي للثقافات الفاسدة مهما كان حجمها وموقعها في المجتمع، مجتمع مثل هذا لا تكون الديمقراطية بالنسبة إليه حاجة أساسية وحيوية تهم الغالبية العظمى للمجتمع، بقدر ما تكون في نظره مجرد فعل هامشي لا يلبي أي حاجة من الحاجيات المجتمعية، أو أنه يعتبر ذلك مجرد أداة تلبي مطلبا ضرفيا خارجيا، كما أن كل مجتمع لا يجتهد باستمرار لوضع استراتيجية واضحة المعالم لمحاربة الجهل والتخلف، ولا يعطي الاهتمام اللازم للبحث العلمي، بتجنيد الطاقات الوطنية العلمية ورفع القيمة المالية لميزانيته وتوفير الشروط والبنيات التحتية الضرورية والكفيلة بإنجاح هذا البحث، واحترام الباحثين وتشجيعهم بتوفير كل الشروط والظروف اللازمة لهم من أجل إنجاز أبحاثهم، ومنحهم حريات الاشتغال، بعيدا عن التوصيات والأوامر التي تأتي من هذا المسؤول أو ذاك، ليترك لهم المجال واسعا للإبداع والخلق!

ليس هناك من مجتمع معني بالديمقراطية أكثر من المجتمعات العربية، وذلك لعدة اعتبارات، وأولها أن دول هذه المجتمعات مستهدفة بشكل قوي من لدن الغرب بصفة عامة وأمريكا بشكل خاص، نظرا لما تتوفر عليه مجموعة منها من مخزون هائل للطاقة النفطية، وما تتوفر عليه البقية الباقية من ثروات طبيعية هائلة من معادن وثروات سمكية وحيوانية وغابوية.. ونظرا أيضا لما تمتاز به شعوب هذه المجتمعات العربية، من قوة مقاومة وطموح في تجاوز حالتهم الضيقة الراهنة، وكما هو معلوم فإن النفط ما زال يشكل المصدر الأساسي للطاقة عبر وسيظل كذلك إلى عقود قادمة من الزمن، وطالما أن هذه المجتمعات لا زال مستوى الفعل الديمقراطي في بعضها منخفضا وفي أخرى مرفوضا، وفي البعض الأخر معدوما، فإن الغرب سيجدها فرصته السانحة، لفرض توصياته وإملاءاته على حكومات هذه المجتمعات، وحجته الصلبة للتسلل إلى خيرات هذه الدول والاستيلاء عليها تحت مسميات خبيثة زائفة، فهو يعتقد اعتقادا تاما أن هذه الخيرات من حقه الاستفادة منها قبل غيره لكونه هو الذي ينجز الأبحاث العلمية، ويطور العلوم في مختلف المجالات ويوظف طاقاته البشرية والعلمية، ويصرف الأموال الطائلة عن إنجاز وتحضير تلك الإبداعات والبحوث، ويسعى حسب نظرته إلى ما فيه خير للإنسانية وهذه الأرض التي تحملنا جميعا، إنه يعتبر أن تلك الطاقة النفطية من حقه قبل أي آخر، وله الأفضلية في ذلك قبل حتى من أصحاب الأرض التي توجد بها تلك الطاقة النفطية!

لم يعد خاف على أحد اليوم ما يخطط له الغرب تجاه الأمة العربية، فالساحة الدولية تعج بالتحرشات الغربية على العرب ودولهم، من لبنان و سوريا إلى فلسطين والعراق، هذا الذي تهدف أمريكا جاهدة لنزع عروبته وإتلافها ليصبح بلا هوية، وقد حاول الاحتلال الأمريكي ذلك، عندما أقدم على طمس حضارة هذا البلد العريق بداية الاحتلال، غير أنه لم يستطع ولم يفلح في تحقيق ذلك. وإذا كانت بعض الدول العربية تقلل من حجم هذا الهجوم المنظم ضد العرب وعروبتهم وتستهين بأطماع الغرب في الاستيلاء على خيراتهم والانقضاض عليها، فلأن الديمقراطية غائبة أو مغيبة قهرا بهذه الدول، والوعي بهذه الهجمة الشرسة منعدما لدى بعض حكومات هذه الدول وضعيف لدى البعض الأخر، لهذا نرى أن تحقيق الديمقراطية بهذه الدول ليس فقط حاجة مجتمعية محلية، بقدر ما هي حاجة قومية تهم أمن واستقرار الأمة العربية والحفاظ على هويتها وحضارتها وثقافتها بل وجودها بالأساس، وما الرسومات الكاريكاتورية المسيئة للرسول وما سبقها من إهانات واضحة للعرب والمسلمين تحت هذا اللون أو ذاك، سوى جانب من الجوانب المتعددة لهذه الهجمة المنظمة، والتي تتخذ في كل وقت حين أشكالا وأصنافا متعددة!

فالمحافظون الجدد بأمريكا، وجدوا في غياب الديمقراطية بالدول العربية، المنفذ الأساسي للهجوم على هذه الدول والتسلل إليها، للسيطرة عليها والتحكم في مسارها وتوجيهه لأهدافها الاستراتيجية، وإنها مصرة على إنجاح مشروعها ذلك حتى باستخدام القوة، مما لا يدع شكا في أن ما يعنيها، ليس تطبيق الديمقراطية في تلك الدول، بقدر ما يعنيها بسط قبضتها على تلك الدول وعلى شعوبها، وأمام القوة العسكرية لأمريكا واستفرادها بزعامة العالم، فإن الدول العربية وفي غياب الفعل الديمقراطي الحقيقي بها، تجد نفسها مضطرة للامتثال لإملاءات أمريكا والانصياع لأوامرها، وتطبيق المشروع الديمقراطي الأمريكي، والذي لا يخدم سوى المصالح الأمريكية! ولأجل إنجاح المخطط الأمريكي بالوطن العربي توظف أمريكا كل مجهوداتها للسيطرة على المنطقة، حتى وإن اقتضى الأمر محو الوطن العربي برمته! فإن أمريكا لا تتردد بقيام هذا الفعل، فإنها تضع نجاحها الاقتصادي فوق كل اعتبار، ولا يهمها من المشروع الديمقراطي الذي تزعم أنها تحرص على تصديره للدول العربية، سوى إنجاح مخططها ولا غير! إن ما تسعى أمريكا لتنفيذه تحت غطاء المشروع الديمقراطي هو في الأصل ما أسماه فرانسيس فوكويما ب ( مذهب بوش ) وحيث يؤكد فوكوياما “ إن هذا المذهب الذي أرسى الإطار بالنسبة للولاية الأولى للإدارة، في حالة ارتباك كلي، يفيد المذهب (الذي طور بين أماكن أخرى في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي للعام 2002 ) بأن أمريكا، على إثر هجمات 11 شتنبر، ستشن حروبا وقائية بشكل دوري كي تدافع على نفسها ضد الدول المارقة والإرهابيين الذين يملكون أسلحة دمار شامل، وبأنها ستقوم بذلك منفردة، إذا اقتضى الأمر، وبأنها ستعمل على دمقرطة الشرق الأوسط الكبير كحل طويل الأمد لمشكلة الإرهاب. لكن وقاية ناجحة تعتمد على القدرة على التنبؤ بالمستقبل على نحو دقيق، وعلى استخبارات جيدة...“ أمريكا إذن تفصح عن نواياها سواء عبر زعيمها بوش أو من خلال منظريها، وتبرز أن كل ما يهمها من المشروع الديمقراطي الذي تريد تصريفه للدول العربية وتخطط لتنفيذه كما ترغب هي وليس كما يفرضه الواقع، هو ذاك الذي يوفر لها نفعا مباشرا على المدى القريب والبعيد، ويوفر لمصالحها الحماية الكاملة، بشكل يجعلها مرتاحة و مطمئنة عن استقرارها وأمنها القومي! ويضيف فرانسيس فوكوياما في دراسته الأخيرة المنشورة ب « نيويورك تايمز ما غازين» (لكن استخدام القوة الأمريكية لتعزيز الديمقراطية وحقوق الانسان في الخارج يعتبر مثاليا قد يصاب بالنكسات الكبرى..)، فعلا، قريبا سيصاب المشروع الديمقراطي الذي تطبل له أمريكا وتزمر بالانهيار الكبير، بل أن فوكوياما أعلن نهاية المحافظين الجدد، فقد عنون دراسته هذه ب « ما بعد المحافظية الجديدة»، بعد هذا ستصبح أمريكا إذن في موقع الدفاع عن ذاتها، بعدما هي اليوم في موقع الهجوم الأعمى على الشعوب المستضعفة وحكوماتها، وكلام فوكوياما هذا يفيد في أن الديمقراطية التي لا يحققها العنصر البشري المعني، ويقف على تثبيت قواعدها وترسيخ جذورها ورسم إطارها العام، ووضع حدودها كي لا تتحول إلى فوضى عارمة كما أرادت أمريكا ذالك، وحدث في كل الأماكن، التي زعمت أنها توزع الوصفات الديمقراطية بها! فمثل هذه الديمقراطية لن تكون قائمة على الأسس الصلبة والمتينة، ولن تتطور وترقى إلى المستوى الأعلى، فالديمقراطية التي تتم برغبة من أحد أو تحدث استجابة لحاجات مرحلية أو ظرفية، فإنها تزول مع زوال تلك المرحلة الظرفية التي أحدثت لأجلها، وتترك خلفها ركاما من التقاليد الفاسدة، وحينها يصبح المجتمع أمام انشغالات هو في غنى عنها، فعوض الاهتمام والانكباب على بناء القواعد الديمقراطية وتثبت أواصرها، سينشغل بالعمل على التخلص مما علق به ( المجتمع ) من قاذورات “ثقافية“ وأفكار فاسدة!

ولعل فشل المشروع الديمقراطي في الشرق الأوسط، بات حقيقة لا ينكرها أحد، بما في ذلك المحافظون الجدد وفقهائهم، الذين اعترفوا بالواضح أنهم خاطروا بتقويض أهدافهم، وأعلنوا أن أفكارهم كانت معقدة وخضعت لتفسيرات مختلفة، مما أفقدها روحها ”الأصيلة“!
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف