الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة بقلم:محمد الحنفي

تاريخ النشر : 2006-04-13
البورجوازية المغربية سمات – مسلكيات – تخلف أية علاقة ... ؟!!

محمد الحنفي

[email protected]

www.elhanafi.com


تقديم :

كثيرا ما يطرح الدارسون، و السياسيون، سؤالا عن وجود "البورجوازية المغربية"، و هل هي قائمة فعلا ؟ أم أن ما هو قائم شيء آخر غير ما نعتقد أنه هو البورجوازية ؟ و لماذا لا نعتبر ما هو قائم بورجوازية ؟

إننا في الواقع المغربي، كغيره من واقع البلدان العربية، و باقي البلدان ذات الأنظمة التابعة، نعيش ما سماه بعض الدارسين ب "التطور المعاق"، و الذي لا يمكن تسميته من الناحية العلمية إلا بالتطور "الرأسمالي التبعي". و معلوم أن الفرق واضح بين "الرأسمالية التابعة" و بين الرأسمالية. فالرأسمالية التابعة هي نتيجة لصياغة من خارج الذات المغربية، تدخلت فيها مجموعة من العوامل التي يتأتى على رأسها الاحتلال الأجنبي للمغرب، و إبقاء المغرب تابعا للنظام الرأسمالي العالمي، و رهينا بتوجهات، و تعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية، ثم باتفاقية التجارة العالمية، التي تفرض جعل الحدود الجمركية المغربية، لاغية أمام البضائع، و الخدمات الوافدة من جميع أنحاء العالم.

و هذا التدخل الخارجي في مرحلة الاحتلال الأجنبي، ثم بسبب التبعية، ثم في مرحلة عولمة اقتصاد السوق، هو الذي يجعل التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية مصاغة وفق ما تتصور ذلك التدخل، ووفق تصور منظمة التجارة العالمية.

و انطلاقا من هذه الصياغة، فإن الطبقات الاجتماعية المغربية ستكون في تشكيلتها، و في عقليتها، و في إيديولوجيتها، مخالفة تماما لما يقتضيه التطور الطبيعي لتلك التشكيلة، بعيدا عن الاحتلال الأجنبي، و عن التبعية، و عن منظمة التجارة العالمية. و بالتالي، فإن المجتمع المغربي، سينمو نموا سليما على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و على أساس قيام الصراع الطبقي الحقيقي، الذي يمكن اعتباره، وحده، الوسيلة الشرعية لقيام التطور الشرعي، للتشكيلة الاقتصادية-الاجتماعية المغربية.

و بما أن هذا الشكل من التطور، صار غير وارد، فإن البورجوازية المغربية سوف لا تكون كنظيراتها في البلدان الرأسمالية.

و نظرا لهذا الاختلاف الجوهري القائم بين البورجوازية المغربية، و بين البورجوازية في البلدان الرأسمالية، فإننا في معالجتنا هذه: " البورجوازية المغربية : سمات – مسلكيات- تخلف- أية علاقة ؟!!"، سنتناول طبيعة البورجوازية، و أصنافها، و أصولها، و سماتها، و مسلكياتها، و تخلفها، و العلاقة بين البورجوازية المغربية ، و الرأسمالية العالمية، و بينها بين الشعب المغربي، و علاقة أصول البورجوازيات المغربية، بإنتاج المسلكيات المتناقضة، و كيف نحارب البورجوازية المغربية؟ و هل يمكن أن تصير ديمقراطية ؟ من أجل أن نخلص إلى تصور متكامل عن هذه البورجوازية، يمكن اعتماده من قبل اليسار المغربي الاشتراكي العلمي، في التعامل معها، حتى يستطيع القيام بجعل الشعب المغربي، يزيل عن أعينه الغشاوة، التي تجعله غير واع بخطورة الاختيارات الرأسمالية التبعية على مستقبله. و من أجل أن ينخرط في النضال اليومي ضد تلك الاختيارات، و في أفق تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.


طبيعة البورجوازية المغربية :

إننا عندما نرتبط بالبورجوازية المغربية، فلأننا لا نتكلم عن بورجوازية كباقي البورجوازيات الأوربية، أو الأمريكية، أو الأمريكية اللاتينية، و غيرها مما يمكن أن نعتبر أنها جاءت نتيجة لإفراز واقع معين، يعرف صراعا معينا، بين الطبقة البورجوازية الصاعدة، و الطبقة الإقطاعية الآفلة. و هذا الصراع يكون قد اتخذ أبعادا إيديولوجية، و تنظيمية، و سياسية، بل نتكلم عن بورجوازية تمت صناعتها، و فبركتها، بمساهمة جهات مختلفة، و متعددة، تعمل كلها بمنهج الاحتلال الأجنبي، ثم بمنهج الاقتصاد الرأسمالي العالمي، الذي يفضح اقتصاديات الدول التابعة إلى إرادته، ثم بمنهج منظمة التجارة العالمية، و على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

و الاختيارات القائمة المفرزة للبورجوازية، هي اختيارات موجهة من قبل صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية. و هي لذلك اختيارات لا ديمقراطية، و لا شعبية، تسعى إلى خدمة المصالح الرأسمالية التبعية، و الرأسمالية العالمية، في نفس الوقت.

و انطلاقا من تلك الاختيارات، و نظرا للفساد الاقتصادي الذي يطبع بالدرجة الأولى اقتصاديات الدول التابعة، فإننا نجد أن منابع البورجوازية المغربية تتمثل في :

1) الامتيازات المتعددة التي تعطى لمجموعة من العملاء المتزلفين على أبواب النظام الرأسمالي العالمي، و أبواب الطبقة الحاكمة، و أبواب السلطات المخزنية في مستوياتها المختلفة. تلك الامتيازات التي تدر أرباحا هائلة على أصحابها، و بدون مجهود يذكر، كما هو الشأن بالنسبة لامتيازات رخص النقل القريبة، و البعيدة، و المتوسطة المدى.

2) تهريب البضائع ذات الأثمنة المنخفضة إلى الداخل، حتى يجني المهربون أرباحا طائلة من وراء ذلك، خاصة، و أن المواطنين لا يملكون أي وعي وطني، أو صحي؟، أو اقتصادي، يجعلهم يدركون خطورة استهلاك السلع المهربة، التي تكون منخفضة الثمن، في غالب الأحيان، مما يعرض مستقبل الوطن، و اقتصاده، للكثير من المخاطر، التي لا يمكن أن ندرك بسهولة حجمها.

3) تهريب المخدرات، المزروعة في المغرب، إلى الخارج، مما يؤدي بمهربي المخدرات إلى الخارج إلى جني أرباح طائلة، و على جميع المستويات، نظرا لشيوع الطلب عليها على المستوى العالمي، كما يؤدي، في نفس الوقت، إلى تشجيع المزارعين على زراعة الحشيش، نظرا للأرباح الهائلة، التي يجنونها من وراء تلك الزراعة، كما يقف وراء السعي الدؤوب إلى تبيض أرباح المزارعين، و المهربين، في مشاريع وهمية، أو حقيقية، أو في اقتناء العقارات.

4) تهريب أشكال أخرى، متنوعة، و متطورة من المخدرات إلى الداخل، و العمل على ترويجها بين الشباب، بالخصوص، لكونه يعاني من الكثير من المشاكل الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، فيسعى، بسبب غياب الوعي، إلى نسيان تلك المشاكل، باستهلاك المخدرات المهربة من الخارج، إلى الداخل، إلى جانب الحشيش المنتج وطنيا.

و معلوم أن تهريبا من هذا النوع، يؤدي إلى الصعود الصاروخي للبورجوازية، التي تشتغل على هذا النوع من التهريب، فيستفحل أمرها، و تشرع في إفساد الحياة الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، مما يجعل مستقبل المغرب رهينا بإرادة هذه البورجوازية.

5) استغلال النفوذ السلطوي، عن طريق ممارسة الابتزاز على المواطنين، فيبرز الارشاء، و الارتشاء، و التصرف في مختلف الموارد، و الإمكانيات، التي تقع تحت تصرف المسؤولين في مختلف المستويات الوطنية، و الجهوية، و الإقليمية. و هو ما يعني أن مسؤولية السلطة تعد أفضل طريق إلى التصنيف في صفوف البورجوازية، و دون حياء من الشعب، و من الناس، و من المواطنين البسطاء، الذين صاروا يدركون أن الإنسان يصير بورجوازيا كبيرا، بمجرد ما يتحمل مسؤولية السلطة، في مستوى معين من مستوياتها.

6) استغلال المسؤوليات الجماعية، و العضوية، لصالح المسؤولين الجماعيين، أو لصالح المقربين إليها، من الأعضاء الجماعيين، مما يؤدي إلى ابتزاز جيوب المواطنين من جهة، و إلى السطو على الموارد الجماعية من جهة أخرى، مما ينقل المسؤولين الجماعيين، و من ورائهم أتباعهم من الأعضاء، نقلة صاروخية في اتجاه تحقيق التموقع إلى جانب كبار البورجوازيين.

7) احتكار البضائع الاستهلاكية، التي يحتاج إليها المواطنون في حياتهم اليومية، رغبة في مضاعفة أثمانها، و أمام أعين السلطات المسؤولة، مما يؤدي بالضرورة إلى فسادها، فيتم طرحها كذلك في الأسواق، و بالأثمان التي يحددها المحتكرون الذين يزدادون انتفاخا، و تزداد ثرواتهم بدون حساب، على حساب جيوب، و صحة المواطنين، الذين يعانون من الفقر، و الجوع، و المرض.



و من أهم ما يميز هذه الإفرازات غير الطبيعية للبورجوازية المغربية أنها :

1) تعتمد في وجودها على السلطة في مستوياتها المختلفة، باعتبارها صنيعة لها، و صاحبة الفضل في وجودها، و المتسببة في وصولها إلى المجالس الجماعية، و إلى البرلمان، و المنظمة لأحزابها، و الدافعة بها في اتجاه تحميلها المسؤولية الحكومية، حتى تساهم في تحمل مسؤولية استفحال الأزمة الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و إغراق البلاد في الديون الخارجية، بسبب تحايلها على الموارد المالية، من أجل السطو عليها.

2) تمارس الاستبداد على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى تسخر جميع أفراد الشعب المغربي لخدمة مصالحها المختلفة، مهما كانت تلك المصالح، و لخدمة مصالح النظام الرأسمالي العالمي، الذي ترتبط به.

و حتى تغطي على استبدادها، فإنها تلجأ إلى ممارسة ما يمكن تسميته ب: "ديمقراطية الواجهة"، لتضليل الجماهير الشعبية الكادحة، حتى لا تفكر في الاستغلال الممارس عليها، و حتى تعتقد أن الديمقراطية قائمة فعلا، مما يجعل البورجوازية المغربية تمرر مخططاتها اللاديمقراطية، و اللاشعبية.

3) تعتمد في استمرارها، و استغلالها الهمجي للكادحين على السلطة المخزنية، و على الاستبداد المخزني، و على أجهزة الدولة المخزنية الوطنية، و الإقليمية، و المحلية على السواء، التي تتبنى ممارسة هذه البورجوازية لمختلف الخروقات للحقوق الإنسانية في حق العمال، و الجماهير الشعبية الكادحة.

4) تخضع في استغلالها للكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، لتعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى، لما يدره ذلك عليها من أرباح هائلة ، و لما يساهم به من ممارسات ترفع مكانته البورجوازية المغربية، لدى المؤسسات المالية الدولية، و لدى صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات الدولية المختلفة.

5) توظف أموالها في المشاريع الوهمية، التي تدر عليها المزيد من الأرباح الاقتصادية، وبدون حساب، دون أن تعرف تلك المشاريع معرفة حقيقية، سعيا إلى التهرب من الضرائب، و غيرها من الجبايات التي تستحقها خزينة الدولة، التي يجب أن توظفها في خدمة مصالح الشعب المغربي.

6) توظف تلك الأموال –كذلك- في المشاريع، التي تدر عليها أرباحا سريعة. و تلك الأرباح توظف في تكريس السيطرة البورجوازية المغربية، على مختلف المجالات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و السياسية، حتى تكون لها الكلمة الأولى في كل شيء، باعتبارها صنيعة المؤسسة المخزنية من جهة، و صنيعة المؤسسات المالية الدولية من جهة أخرى، و باعتبارها أيضا مساهمة في تكريس السيادة المخزنية، و متحكمة كذلك في العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية.

7) تمارس كل الخروقات ضد الحقوق الإنسانية للطبقة العاملة المغربية، و ضد الحقوق الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية لسائر الجماهير الشعبية الكادحة، لأنه بممارستها لتلك الخروقات، تثبت وفاءها للمؤسسة المخزنية، و لأجهزة الدولة المخزنية، و للمؤسسات المالية الدولية، و تساهم في نفس الوقت، في تطويع الطبقة العاملة، و سائر الكادحين، من أجل القبول بالاختيارات الرأسمالية التبعية، اللاديمقراطية، و اللاشعبية، و من أجل تكريس تلك الاختيارات دون مشاكل تذكر.

8) تحرص على أن تقود الجماعات المحلية، و أن تكون لها الأغلبية اللازمة في البرلمان المغربي بغرفتيه، حتى يمكن قيام البورجوازية المغربية بتوظيف الموارد الجماعية لخدمة مصالحها، و توجيه التشريعات الصادرة عن غرفتي البرلمان حتى تكون في خدمة النظام الرأسمالي التبعي.

9) تعتمد في تنظيماتها الحزبية، التي فبركتها المؤسسة المخزنية، على شراء الضمائر، في مختلف المناسبات الانتخابية، التي يمكن اعتبارها واجهة، من واجهات ديمقراطية الواجهة، التي لا علاقة لها بالممارسة الديمقراطية الحقيقية، و غايتها من ذلك: هو المساهمة في إفساد الحياة السياسية، حتى يصير الواقع عنيدا أمام الحركات المناضلة الحقيقية.

10) تخضع في عملها الحزبي لتعليمات المؤسسة المخزنية، و لتعليمات أجهزتها السلطوية، حتى لا تفرز من بين أعضائها من يقوم بعمل حزبي، يتناقض تناقضا مطلقا مع المؤسسة المخزنية، و مع الغاية التي من أجلها عملت على إيجاد هذه الأحزاب، و حتى لا تساهم في إعداد الجماهير الشعبية الكادحة، لخوض صراع معين، قد يؤدي إلى إفراز اقتصادي، و اجتماعي، و ثقافي، و مدني، و سياسي، لا يخدم مصالح المؤسسة المخزنية، و أجهزتها السلطوية، و صنيعتها الطبقة البورجوازية التابعة.

أصناف البورجوازية المغربية :

و انطلاقا من هذه المميزات، يمكن أن نسجل: أن البورجوازية المغربية، و بجميع فئاتها: الكبرى، و المتوسطة، و الصغرى، ذات طبيعة رأسمالية تبعية، لا ديمقراطية، و لا شعبية، و لا يمكن أبدا أن تساهم في التطور الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي. لأن ذلك التطور رهين باستقلال البورجوازية عن المؤسسة المخزنية، و أجهزتها السلطوية، و عن المؤسسات المالية الدولية، و عن الشركات العابرة للقارات، كما هو رهين بكون البورجوازية نفسها، إفرازا لواقع معين، عرف صراعا تاريخيا معينا، أدى إلى وجود البورجوازية، و وصول هذه البورجوازية إلى مراكز القرار، و إلى مختلف المؤسسات المنتخبة، و إلى السيطرة على أجهزة الدولة، و في إطار من الممارسة الديمقراطية الحقيقية، و لو بمفهومها الليبرالي، و انطلاقا من قيام دستور ديمقراطي، من الشعب، و إلى الشعب، و في مناخ تسود فيه الحرية السياسية، والنقابية، المنبثقة عن وجود قوانين للحريات العامة، تحترم كرامة المواطنين، و تضمن ممارستهم لحقوقهم السياسية، و النقابية.

و لذلك، فنحن لا ننتظر من هذه البورجوازية، أي فعل في اتجاه قيام مجتمع ديمقراطي حقيقي، بقدر ما تساهم في إغراق البلاد في التبعية، و في التخلف الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، الذي ارتبط بوجودها، ووقف وراء صناعتها، و ساهم في تكديس ثرواتها ، و في ارتباطها بالمؤسسة المخزنية، و بالأجهزة السلطوية، و بالمؤسسات المالية الدولية. و لذلك، فهي بالإضافة إلى ما ذكرنا لا وطنية. ، و لا يمكن أن تصير وطنية، و خاصة في ظل عولمة اقتصاد السوق.



فما هي أصناف البورجوازية ؟

هل هي بورجوازية ليبرالية؟

و هل هي بورجوازية وطنية ؟

هل هي بورجوازية كبرى ؟

و هل هي بورجوازية متوسطة ؟

و هل هي بورجوازية صغرى ؟

إننا عندما نرتبط بالتشكيلة الاقتصادية ـ الاجتماعية المغربية، نكاد نفقد بوصلة التوجيه، من أجل معرفة حقيقة البورجوازية المغربية، لأن حقيقة هذه البورجوازية، هي المدخل لمعرفة أصنافها.

و كما رأينا سابقا، فإن مصدر التبرجز في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية، يختلف عن باقي التشكيلات الأخرى. و مادام الأمر كذلك، فإن البورجوازية المغربية كصنيعة مخزنية، رأسمالية تبعية، لا تعرف هوية ثابتة، و لا تعرف تصنيفا قارا.

فالبورجوازي الكبير، قد يصير متوسطا أو صغيرا، أو لا شيء.

و البورجوازي المتوسط قد يصير كبيرا، أو صغيرا، أو لا شيء.

و البورجوازي الصغير، قد يصير متوسطا، أو كبيرا، أو لا شيء.

و السبب في ذلك يرجع إما إلى مضاعفة الامتيازات، و إما إلى التقليص من تلك الامتيازات، أو سحبها بصفة نهائية، حسب ما تراه أجهزة المؤسسة المخزنية، التي ساهمت بشكل كبير في ترشيح العناصر التي تحصل على الامتيازات، التي تنقلها إلى مستوى التبرجز، أو إلى سحب تلك الامتيازات، لتفقد قدرتها على الاستمرار في التبرجز. و مع ذلك، فالبورجوازية المغربية يمكن أن تصنف حسب ما هو قائم في الواقع إلى :

1) البورجوازية العقارية، ذات الأصول الزراعية، التي يرتبط وجودها في الأصل بالارتباط بالأرض، ثم بملكية العقارات في المدن المغربية المختلفة.

و هذا النوع من البورجوازية، يحرص على استغلال حاجة المواطنين إلى تلك العقارات، و إلى ارتفاع قيمتها، حتى ترتفع ثرواتها، على حساب الاكتظاظ الذي تعرفه المدن.

و هذه البورجوازية العقارية كانت في بداية عهدها بالاحتلال الأجنبي، متضررة من ذلك الاحتلال، و رافضة له، و ساعية إلى محاربته، و شكلت لأجل ذلك ما عرف بالحركة الوطنية، في شقها السياسي، في ارتباط بالمؤسسة المخزنية. إلا أنها بعد حصول المغرب على الاستقلال، شرعت تتحول تدريجيا في اتجاه الارتباط العضوي بالمؤسسة المخزنية، ثم بالنظام الرأسمالي العالمي، سعيا إلى حماية مصالحها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و السياسية.

2) البورجوازية الزراعية، التي حلت محل المعمرين، و التي تعتمد نظام الزراعة العصري، و تستغل بواسطته العمال الزراعيين، و بأتفه الأجور، مما يجعلها تحصل على أرباح هائلة من وراء استغلالها للأرض، و للعمال، على السواء.

و هذه البورجوازية ذات أصول زراعية ، و مدينية في نفس الوقت، و تعتبر امتدادا للبورجوازية العقارية، إلا أنها في استثمارها للأرض، لا ترتبط بالسوق الوطنية، بقدر ما ترتبط بحاجيات السوق الخارجية. و هي لذلك كانت، و لازالت، و ستبقى، وفية للمؤسسة المخزنية و جزءا لا يتجزأ من النظام الرأسمالي التبعي، و أكثر ارتباطا بالنظام الرأسمالي العالمي.

3) البورجوازية التجارية، التي تعيش على الفوائد الهائلة للبضائع التي تروجها، و التي تكون غالبا من البضائع المهربة، أو التي تحتكرها، حتى ترتفع أثمانها، لتزداد بذلك الفوائد التي تجنيها من التجارة.

و هذه البورجوازية، مهووسة بالسعي وراء الربح السريع، و بجميع الوسائل الممكنة، في عالم التجارة، و في جميع الأشياء المشروعة، و غير المشروعة، حتى تستطيع الاستمرار و التطور. و هي لذلك لا تفيد المجتمع، بقدر ما تلحق به الضرر في كثير من الأحيان، بسبب جلبها للمواد المستهلكة، التي قد تكون متجاوزة لمدة الصلاحية، و بسبب الاحتكار، أو بسبب ترويجها للمواد الممنوعة التي تمكنها من إحداث ثروات هائلة.

4) البورجوازية الصناعية القائمة على أساس الصناعات التحويلية، أو التركيبية، و التي تعمق الارتباط بالمؤسسات المالية الدولية ، و دورها يكتسي أهمية خاصة، لكونها تلعب دور الوساطة بين الرأسمال الوطني، و الرأسمال العالمي، الذي يهدف إلى جعل جميع البلدان، و منها المغرب، و بواسطة تلك البورجوازية، إلى بلدان تابعة، بسبب وقوعها في أسر ديون صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية.

و لذلك، فهذه البورجوازية تتلقى الدعم اللازم، و اللامشروط، من قبل الأنظمة الرأسمالية التابعة، و منها النظام الرأسمالي التبعي المغربي، و من قبل النظام الرأسمالي العالمي، و بواسطة مؤسساته المتمثلة في صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية. و هذه البورجوازية الصناعية، بالخصوص، تستغل الطبقة العاملة، و سائر الكادحين، تحت حماية، و دعم السلطات المخزنية القائمة، من أجل جعل الطبقة العاملة، و سائر المستخدمين أكثر خضوعا، و أكثر قبولا لما يمارس عليها من استغلال يتنافى مع ما هو مدون في مدونة الشغل، ومع ما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

5) البورجوازية الإدارية المخزنية، القائمة على أساس استغلال النفوذ، و الفساد الإداري، و سيادة الإرشاء و الارتشاء، مما يؤدي، بالضرورة، إلى تكدس الثروات الهائلة، التي تتجسد في العقارات، أو في الحسابات البنكية، أو في أي مشروع اقتصادي، باسم هذا القريب، أو ذاك، من هذه الأسرة، أو تلك، من أجل خلق نتوءات بورجوازية صغرى، أو متوسطة، من نفس العائلة، تصلي، و تتمحور، حول رجل السلطة، صاحب النفوذ، الذي يفعل ما يشاء، لا ما يقتضيه القانون، دون أن يحصل أي شيء، يجبره على احترام القانون، و العمل على تطبيقه، و التخلي عن استغلال النفوذ، و عن ممارسة الفساد الإداري، مما يجعل هؤلاء يستمرون في الاستفادة من تكديس الثروات الهائلة، و توظيفها في أمور لا علاقة لها بالتنمية الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

6) بورجوازية تهريب البضائع ، وخاصة تلك التي لم تعد صالحة للاستهلاك، و قد تكون مشرفة على انتهاك الصلاحية، و قد تكون متوسطة الصلاحية، حتى و إن كانت فائقة الجودة. مما يجعلها تقف وراء الأرباح الهائلة، التي يحصل عليها المهربون، مما يحولهم، و بالسرعة الفائقة، إلى بورجوازيين كبار.

و هذا النوع من البورجوازية، يكون مهووسا بأمرين اثنين :

الأمر الأول : البحث عن مصدر البضائع، التي يهربونها إلى الداخل.

و الأمر الثاني، هو العمل على توظيف الفوائد في مشاريع معترف بها، من أجل إعطاء الشرعية للفوائد، غير المشروعة، حتى يعترف المجتمع بتلك الثروات، التي تقف وراء تعميق استغلال الكادحين، بسبب تخلف عقلية بورجوازية التهريب، و التي لا تعترف في ممارستها بالقوانين المعمول بها، حتى تستمر في تكديس الثروات الهائلة.

7) بورجوازية ترويج المخدرات، وبأنواعها المختلفة، سواء تلك التي تزرع داخل المغرب، و تروج في الداخل، أو تهرب إلى الخارج، أو تلك التي تهرب من الخارج إلى الداخل، والتي تكون أثمنها مرتفعة.

و معلوم أن الاتجار في المخدرات، يدر على المهربين أرباحا هائلة، و خيالية، و هؤلاء المهربون كغيرهم من مهربي البضائع، يكونون مهووسين بالبحث عن وسائل تبييض الأموال، و في مشاريع وهمية، في بعض الأحيان، حتى يتمكنوا من اعتراف المجتمع بثرواتهم الهائلة، إلا أنهم يمتازون عن مهربي البضائع باستغلال استفحال الفساد الإداري، لشراء ذمم المسؤولين من ذوي النفوذ الوطني، و الجهوي، و الإقليمي، و المحلي، حتى يتأتى الحصول على الأمن، و الأمان، في عملية ترويج المخدرات، التي تلحق أضرارا كبيرة بالشباب: فتيات، و فتيانا، تلاميذا، و طلبة، و عمالا، و عاطلين.

8) بورجوازية الوساطة، و السمسرة، التي لا يوجد أي قانون ينظمها، و التي تتحكم في عملية انتقال العقارات من ملكية إلى ملكية أخرى.

و هذه البورجوازية، تجني أموالا طائلة، غير خاضعة للمراقبة، و غير محسوبة في جباية الضرائب، التي يتهرب منها كل البورجوازيين، مهما كان تصنيفهم.

وهذا البورجوازية يتحول، مع مرور الأيام، إلى بورجوازية عقارية، بسبب توظيفها لإيراداتها في اقتناء العقارات المختلفة. و هي تملك خبرة كبيرة بتلك العقارات وبأصحابها، و بالذين يوظفون ثرواتهم فيها.

و هذه الأصناف من البورجوازية، التي تنمو، وتتضخم، أمام أعين السلطات المسؤولة، و أمام أعين الدولة، التي تعلم جيدا أن نموها غير شرعي، وغير قانوني، و مع ذلك، تغمض أعينها عنها، و لا تحرك ساكنا تجاهها، اعتقادا منها، أنها ستساهم في إحداث حركة اقتصادية، و هي في اعتقادها، ذاك لا تدرك أن بورجوازية من هذه الأنواع، لا يمكن أن تقوم إلا بتنمية معاقة تضر المجتمع و لا تنفعه.


أصول البورجوازية :

و انطلاقا مما رأيناه في الفقرات السابقة، نستطيع أن نسجل: أن أصول البورجوازية المغربية، تختلف جملة، و تفصيلا، عن البورجوازية في البلدان الأوربية، و في غيرها من البلدان، التي جاءت فيها البورجوازية كإفراز لصراع تاريخي معين، و أن هذا الصراع كان طبيعيا، و بين الطبقات الاجتماعية الصاعدة، و الطبقات الآيلة الزوال، و التي تحاول أن تثبت جدارتها، و استقلاليتها، و استمراريتها.

و هذا الاختلاف هو الذي دفعنا إلى إعمال النظر في بورجوازيتنا، و كيف جاءت ؟ و هل خاضت صراعا معينا يمكنها من الظهور ؟ أم أنها لم تعرف إليه طريقا ؟

إن خصوصية بورجوازيتنا تبين لنا أنها ليست طبيعية، و ليست أصيلة. فهي نتيجة لعوامل أخرى، لا علاقة لها بما يمكن نسميه بالصراع الطبقي الحقيقي، الذي لم يكن واضحا، و لم يسبق له أن كان واضحا، في تاريخ المغرب. فقد اختلط الصراع الطبقي بالصراع ضد المحتل الأجنبي، و بالصراع من أجل وضع حد للتبعية، و بالصراع من أجل الديمقراطية، و في جميع الحالات: فالوعي الطبقي الذي يعتبر جوهر الوعي الديمقراطي، و المحرك الأساسي للصراع الطبقي الحقيقي، ظل غائبا، لتحل محله أشكال أخرى من الوعي الزائف، الذي يسمونه بالوعي الإسلامي، أو الوعي القومي، أو الوعي الوطني، الذي يتساوى فيه الإقطاعي، و البورجوازي، و العامل، و العاطل. و هو ما غيب الربط الجدلي بين الوعي الطبقي، و الوعي الوطني، و الوعي القومي، الذي يقودنا إلى القول بلا وطنية الإقطاع، الذي تحالف مع الاحتلال الأجنبي، حتى يحافظ على مصالحه. ذلك الإقطاع هو نفسه الذي تحالف مع المؤسسة المخزنية، و هو نفسه الذي تبرجز، و هو نفسه الذي صار جزءا لا يتجزأ من الطبقة الحاكمة، و هو نفسه الذي يستبد بالاقتصاد، و الاجتماع، و الثقافة، و السياسة، حتى يتأتى له المحافظة على مصالحه، و خدمة تلك المصالح، و هو نفسه الذي تحول، بفعل الامتيازات التي تقدمها له المؤسسة المخزنية، و بفعل التبعية للمؤسسات المالية الدولية، و بفعل الارتباط بالشركات العابرة للقارات، إلى بورجوازية تابعة، إلى جانب بورجوازية الامتيازات التي تلقاها عملاء المؤسسة المخزنية، و بورجوازية استغلال النفوذ، و نهب الاموال العامة، وبورجوازية نهب الموارد الاجتماعية، وبورجوازية الاتجار في المخدرات.

و لذلك فالأصل الطبيعي للبورجوازية غير وارد، و ما هو وارد، بالنسبة لبورجوازيتنا المغربية، هو أن تكون نتيجة لـ :

1) تحول الإقطاعيين إلى بورجوازيين، بفعل الدعم المخزني و الرأسمالي العالمي.

2) تلقي عملاء المؤسسة المخزنية، للامتيازات، التي لا حدود لها، و في جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

3) استغلال المسؤولين لنفوذهم، في مختلف القطاعات الإدارية للدولة، عن طريق التلاعب، في الأموال العامة، التي يحول معظمها إلى حساباتهم الخاصة، أو إلى حسابات أقاربهم، داخل المغرب، و خارجه، أو عن طريق ممارسة الارتشاء، و ممارسة الابتزاز على المواطنين، مما يؤدي إلى إحداث تراكم هائل عندهم.

4) تهريب البضائع إلى المغرب، و خاصة تلك التي تكون أثمنتها منخفضة، مما يؤدي إلى جني أرباح هائلة من وراء ترويج البضائع المهربة.


5) الاتجار في المخدرات، و تهريبها من داخل المغرب إلى مختلف البلدان، أو من مختلف البلدان إلى داخل المغرب، مما يساهم في النقلة الصاروخية لتجار المخدرات، الذين يصيرون من كبار الرأسماليين على المستوى الوطني، و على المستوى الدولي.

و بما أن هذه البورجوازية غير أصيلة، و بما أنها لم تأت نتيجة لخوض صراع تاريخي معين، فإننا لا نستغرب أن تكون هذه البورجوازية فاقدة للإيديولوجية التي توحدها. فإيديولوجيتها هي نفسها إيديولوجية المؤسسة المخزنية، و هي خليط من الإيديولوجيات الإقطاعية، و الرأسمالية، و المؤدلجة للدين الإسلامي. و لأنها ليست ذات إيديولوجية واضحة، فإن وحدتها التنظيمية غير واردة لافتقادها للتصور التنظيمي الواضح، وهي لذلك، تعتمد في إيجاد تنظيماتها على الإدارة المخزنية، التي ليس من مصلحتها أن تصير البورجوازية المغربية قوية، و منظمة، و قادرة على الفعل السياسي. و كل من يستطيع الوصول إلى تحقيق قوة إيديولوجية، و تنظيمية، و سياسية، فإن الإدارة المخزنية تعمل على إضعافه، حتى لا يهدد مصالحها، و حتى لا يصير له شأن يذكر، فيتحول إلى أثر عين.


سمات البورجوازية المغربية :

و بعد وقوفنا على طبيعة البورجوازية المغربية، و أصنافها، و أصولها القائمة على أرض الواقع. فما هي سمات هذه البورجوازية ؟

إننا عندما نسعى إلى الوقوف على سمات البورجوازية المغربية، بقطع النظر عن كونها بورجوازية عقارية، أو تجارية، أو صناعية، و بقطع النظر عن أصولها غير الطبيعية، فإن سمات هذه البورجوازية تختلف عن سائر البورجوازيات في أوربا، و أمريكا، و أمريكا اللاتينية. فهذه البورجوازية التي لم تخض أي صراع إيديولوجي، أو سياسي، أو اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي من أجل الوصول إلى السلطة تتميز بالسمات الآتية :

1) فهي لا وطنية، لارتباطها بما تجنيه من ثروات هائلة عن طريق استغلالها للكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، التي لا تملك وعيها الطبقي الحقيقي، و للجوئها إلى تهريب تلك الثروات، و إيداعها في المؤسسات المالية الدولية، و لارتباطها بتلك المؤسسات، لخضوعها لإملاءاتها.

2) و هي لا ديمقراطية، للجوئها إلى إفساد الحياة السياسية، و لدعمها للاستبداد المخزني القائم، أو ممارستها للاستبداد في حالة وصولها إلى السلطة المخزنية، كما تدل على ذلك كل التجارب التي عرفها المغرب في تاريخه الحديث.

3) و هي لا شعبية، لأنها لا تسعى أبدا، و بواسطة أحزابها، إلى إقرار دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، و لا تنهج سياسة تسعى إلى قيام ديمقراطية حقيقية، تكون فيها الكلمة للشعب، و تساهم في حرمان الكادحين من حقوقهم الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و ترتكب المزيد من الانتهاكات الجسيمة في حق أبناء الشعب المغربي، و لا تعترف أبدا بارتكابها لتلك الانتهاكات.

4) تساهم و بشكل واضح، و فاضح، في تزوير إرادة الشعب المغربي، من أجل تمكينها من السيطرة على مجالس الجماعات المحلية، و على البرلمان، من أجل تسخير كل ذلك للتلاعب في أموال الشعب المغربي، و جعل تلك الأموال في خدمة تنمية ثرواتها الهائلة، التي تمكنها من شراء ضمائر الناخبين، و إفساد الحياة السياسية.

5) ارتباطها بتوجيهات، و تعليمات المؤسسة المخزنية، التي ساهمت في صناعة هذه البورجوازية، وبشكل غير طبيعي، و فبركت أحزابها، و تزوير إرادة الشعب المغربي، لتمكينها من الوصول إلى المؤسسات المزورة، و التحكم في مصيرها.

6) ارتباطها بالمؤسسات المالية الدولية، و الانضباط لتوجيهاتها، و تعليماتها، و العمل على خدمة ديونها، و المساهمة في حرمان الشعب المغربي، من خيراته التي تذهب إلى جيوب البورجوازية المغربية، و إلى خدمة الدين الخارجي في نفس الوقت.

7) ارتباطها بالشركات العابرة للقارات، التي تسيطر بواسطة البورجوازية المغربية، على الاقتصاد الوطني، و مساعدة تلك الشركات على تعميق استغلال الشعب المغربي، على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

8) غياب الوضوح الإيديولوجي في فكر هذه البورجوازية، فهي تقتبس من إيديولوجية الإقطاع، و من إيديولوجية البورجوازية الأوربية، و من إيديولوجية الرأسمالية العالمية، و تستند في إيديولوجيتها التركيبية إلى الدين، و إلى أيديولوجية المؤسسة المخزنية، التي تمتلك شرعية وجودها.

9) لا تملك مشروعا تنظيميا متكاملا لأحزابها السياسية، و للدولة و للمجتمع. و ما تتوفر عليه من تصورات، قدم لها بشكل جاهز، عن طريق المؤسسة المخزنية، و أجهزتها السلطوية، حتى تتمكن من الاستمرار في الوجود، و في استغلال الكادحين، و تحت حماية أجهزة السلطة المخزنية، التي تقف إلى جانبها ضد الكادحين.

10) ليس لها برنامج واضح تعمل على تحقيقه، و تسعى إلى أجرأته، لأنها لا تستطيع وضع ذلك البرنامج. فهي تعتبر أن برامج المؤسسة المخزنية، و صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية، و الشركات العابرة للقارات، هي برامجها على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

11) تضع في اعتبارها محاربة الفكر الاشتراكي العلمي، و بجميع الوسائل، حتى لا يقف وراء وجود الوعي الطبقي الحقيقي، الذي يفتقده الكادحون، وطليعتهم الطبقة العاملة. و هي في ذلك تتحالف مع مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين يتمكنون من استعمال الوسائل الإعلامية المختلفة، و من الإمكانيات المادية اللازمة لاستئصال الفكر الاشتراكي العلمي، من الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، لتغيب بذلك إمكانية قيام وعي طبقي متقدم.

12) تعمل على محاصرة، و مضايقة الأحزاب التقدمية، و الديمقراطية، حتى لا تقوم بدورها لصالح الشعب المغربي، بقيادتها لنضالاته، من أجل تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و حتى يكون تأثير تلك الأحزاب غائبا من الواقع، في تجلياته المختلفة.

و هذه السمات، و غيرها، مما لم نأت على ذكره، هي التي تجعل البورجوازية المغربية، سواء كانت كبرى، أو متوسطة آو صغرى، لا ترى في الشعب المغربي إلا وسيلة من الوسائل التي تساهم في تكديس ثرواتها، و لا ترى فيه شيئا آخر غير ذلك، مما يجعلها من أهم عوامل التخلف الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و واسطة لسيطرة الرأسمال العالمي.


مسلكيات البورجوازية المغربية :

و بناء على ما رأيناه في الفقرات السابقة، فإننا نجد أنه لا وجود لأي انسجام بين الإيديولوجية البورجوازية، و التصور التنظيمي البورجوازي، و المواقف السياسية البورجوازية، فلا شيء يمكن اعتماده للقول بذلك الانسجام.



و إذا كان هناك من شيء يمكن تقريره، فإن فئات من البورجوازية قد تقتنع بالإيديولوجية الإقطاعية، و أخرى بالإيديولوجية البورجوازية التابعة. و قد تقتنع فئة أخرى بأيديولوجية البورجوازية الصغرى التوفيقية، و التلفيقية، و قد تصير مقتنعة بأدلجة الدين الإسلامي.

و بناء على هذا التعدد في القناعة الإيديولوجية، فإن البورجوازية المغربية لا تنتج مسلكية واحدة، بل إننا نجد أنها تنتج مسلكيات مختلفة، و متناقضة أحيانا، و لا شيء يجمع بينها.

و إذا كان هناك من قاسم مشترك بين المسلكيات البورجوازية، فهو المسلكية المخزنية، التي مخزنت و تمخزن جميع فئات البورجوازية، و أحزابها، و نقاباتها، و تنظيماتها الحزبية، حتى لا تخرج عن طوق المؤسسة المخزنية.

و انطلاقا من هذا التصور فإننا نجد أن :

1) فئة من البورجوازية المغربية تنتج مسلكية إقطاعية ممخزنة، تتمثل في انحياز هذه الفئة من البورجوازية المغربية إلى المثل الإقطاعية المستمدة من التاريخ الإقطاعي، و من واقع الإقطاعيين، و من الإيديولوجية الإقطاعية، و لا تعمل أبدا على مصارعة الإقطاعيين في فكرهم، و في ممارستهم، لأن مسلكية هذه الفئة من البورجوازية المغربية، لا تتناقض مع المسلكية الإقطاعية المستمدة من نفس الممثل، و بالتالي فإن التطابق بين المسلكيتين تبقى واردة، و الإقطاع يبقى حليفا معتمدا في جميع المحطات السياسية، التي يعيشها المغاربة، و التي تستهدف مصادرة حق الشعب المغربي في تكريس سيادته.

2) و فئة أخرى، و بسبب استغراقها في التبعية للنظام الرأسمالي العالمي، تسعى إلى تمثل قيم، و مسلكيات البورجوازية الأوربية، أو الأمريكية، حتى يتأتى الاعتقاد: بأن البورجوازية المغربية، تعادل البورجوازية الغربية، و بالتالي، فإنها هي التي يمكن أن تكون معولا عليها في قيام تقدم اقتصادي، و اجتماعي، و ثقافي، و سياسي. و هذه الفئة من البورجوازية تنسى أنها إنما هي مجرد ذيل لتلك البورجوازية، و أنها إنما تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى، و أنها إنما تقوم بدور الوكيل للشركات العابرة للقارات، و أنها، مجرد قنطرة، تمر منها تلك الشركات إلى امتلاك الثروات الهائلة، عن طريق شراء القطاعات الإنتاجية، و الخدماتية، التي كانت في ملك الشعب المغربي، فعملت الدولة المغربية، و بواسطة حكوماتها، و بمصادقة برلماناتها، على بيعها، إلى تلك الشركات .

و هذه البورجوازية تنسى أن قيامها بأية تنمية حقيقية، تعتبر مسألة ممنوعة، و لأنه إذا سمح لها بتنمية معينة، فإنها تكون بقرار من صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، والمؤسسات المالية الأخرى. و لذلك فهي لا تتجاوز إمكانية صياغة مسلكيتها على غرار مسلكية البورجوازية في أوربا و في أمريكا و على المستوى العالمي.

3) و فئة تتظاهر بأنها جزء لا يتجزأ من الكيان المخزني، الذي وقف وراء وجودها، و بالتالي، فإن هذه الفئة تتصرف، و كأنها هي المخزن، و هي السلطة المخزنية، باعتبارها، ولية النعم التي تتخبط فيها هذه الفئة، بسبب الامتيازات المقدمة لها.

و نظرا لأن هذه الفئة تعتبر نفسها فوق القانون، و تعمل على ارتكاب المزيد من الخروقات في حق المواطنين، و العمل على تزوير إرادة المواطنين، حتى تستبد بالمجالس البلدية، و تسخرها لخدمة مصالحها الطبقية، و السيطرة على المؤسسة البرلمانية، حتى تتمكن من إصدار القوانين، و التشريعات، التي تحمي بواسطتها استمرار استفادتها من الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، كما تدل على ذلك جميع الوقائع، و الأحداث التي تجري يوميا تقريبا في مؤسسة البرلمان.

4) و فئة تتظاهر بأنها أكثر تمسكا بالدين الإسلامي، و هي لذلك تدعم كل الحركات المؤدلجة للدين الإسلامي، و تمارس كافة أشكال الترهبن، التي تشجعها على تكريس الاستغلال الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و حتى تكتسب الشرعية الدينية في صفوف الجماهير المتدينة، التي تعتبر أن ما تقوم به تلك البورجوازية من استغلال همجي للكادحين، هو تسخير من الله، و أن ما يمارسه البورجوازيون من تكديس للثروات بسبب الاستغلال الهمجي، هو عطاء من عند الله، وبالتالي فإن ممارسة الصراع ضد البورجوازية المتدينة غير وارد، لأنه قد يؤدي إلى الكفر بالله. و بذلك نجد أن هذه البورجوازية تضفي على نفسها شيئا من القداسة.

5) و فئة تعتبر نفسها ذكية جدا، فتحاول استقطاب شرائح الكادحين حولها، و لكنها، في نفس الوقت، تعمل على أن تكون اكثر ارتباطا بأجهزة المؤسسة المخزنية، و أن تعمل على ادعاء قدرتها على حل المشاكل الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، دون أن يؤدي ذلك إلى المس بمصالح البورجوازية، بفئاتها المختلفة، و دون أن يؤدي إلى المس بمصالح المؤسسة المخزنية.

و هذا النوع من البورجوازية، هي التي تسمي نفسها بالبورجوازية الوطنية، أو التقدمية، مساهمة منها في تضليل الجماهير الشعبية الكادحة ، حتى تمعن في استغلالهم دون مشاكل تذكر.

و هذه الفئات جميعها تتفق في عناصر مسلكية معينة :

العنصر الأول : امتثالها لتعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى.

و العنصر الثاني : امتثالها لتوجيهات المؤسسة المخزنية، و أجهزتها السلطوية، باعتبارها ولية النعم.

و العنصر الثالث : مبالغتها، و بشكل بشع، في استغلا الطبقة العاملة، و سائر الكادحين.

و الاختلافات البسيطة القائمة فيما بينها، ترجع إلى اختلاف أصولها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية غير الطبيعية، كما يدل على ذلك قيام أحزاب ذات طبيعة بورجوازية، وأخرى ذات طبيعة إقطاعية، أو بورجوازية تابعة، أو تحاول أن تظهر أنها أحزاب للبورجوازية الليبرالية، و أخرى تصر على أن تكون أحزابها ذات طبيعة بورجوازية صغرى، و أخرى تتبنى أطروحات مؤدلجي الدين الإسلامي، لتتودد بذلك إلى مؤدلجي الدين الإسلامي، و قد تعمل على إنشاء أحزاب مؤدلجة للدين الإسلامي، إذا كان ذلك سيؤدي إلى الحفاظ على استفادتها من الاستغلال الهمجي للطبقة العاملة، و لسائر الكادحين.

فعدم قيام البورجوازية المغربية على أسس سليمة يؤهلها لأن تلعب دورا تاريخيا معينا. و هي لذلك لا وطنية، و لا ديمقراطية، و دورها لا تاريخي. و تسلك كل المسالك التي تؤدي إلى قيام حركة اقتصادية، و اجتماعية، و ثقافية، تخدم مصالحها الطبقية، حتى تستمر في استغلالها الهمجي، و في حماية ذلك الاستغلال.


تخلف البورجوازية المغربية :

و باستعراضنا لمسلكيات البورجوازية المغربية، نجد أنفسنا أكثر بعدا عن رصد معالم التقدم، و التطور، في ممارسة هذه البورجوازية، على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. لأن هذه البورجوازية إن أرادت أن تتقدم، فإنها لا يمكن أن تكون كذلك، و لأن هذا التقدم في حالة حدوثه، فإنه لا يتجاوز أن يحصل على مستوى المظاهر الخارجية لهذه البورجوازية، التي تحاول، و بكل الوسائل الممكنة، و غير الممكنة، أن تقنع الجماهير الشعبية الكادحة، بأنها هي التي تقف وراء هذا التقدم، و التطور المزعومين، اللذين يعرفهما المغرب. و لذلك، نجد أن :

1) تقدمها الاقتصادي يندرج ضمن الانصياع وراء تعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية، و رهن مصير المغرب، بأجياله الصاعدة، بخدمة الدين الخارجي، و من أجل أن تصير الرأسمالية العالمية هي المتحكمة في مصير المغرب الاقتصادي، والاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، متخذة من البورجوازية المغربية وسيلة، و واسطة، في نفس الوقت، من أجل تغلغل الشركات العابرة للقارات، في الاقتصاد الوطني، الذي يصير في ملك تلك الشركات، و بواسطتها يصير جزءا لا يتجزأ من النظام الرأسمالي العالمي، الذي يعتبر قبلة لبورجوازيتنا المغربية، التي تعتبر السيطرة الرأسمالية على الاقتصاد الوطني تقدما اقتصاديا، حسب مفهومها هي للاقتصاد الوطني المتقدم، و المتطور.

2) تقدمها الاجتماعي يصير رهينا بتقدمها الاقتصادي القائم على أساس التبعية للنظام الرأسمالي العالمي. و بالتالي، فالتقدم الاجتماعي يعني بالنسبة إليها: الالتزام بتعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الأخرى، لجعل التعليم يخدم مصالح ذلك النظام، و الصحة في خدمته، و السكن وسيلة من الوسائل التي تساهم بشكل كبير في تكبيل المواطنين، و في الحد من القدرة الشرائية عندهم، حتى لا يقووا على تنظيم حياتهم، بما يتناسب و متطلبات الحياة الكريمة، التي تحترم فيها حقوق الإنسان الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و يصير الشغل غير وارد إلا في الحدود التي تحددها البورجوازية ، و الأجر الذي تحدده هي، و الذي لا يتناسب مع الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي و لا مع متطلبات العيش الكريم.

3) تقدمها الثقافي، الذي لا يعني إلا تمجيد الماضي بكل قيمه المختلفة، رغبة في اكتساب الشرعية التاريخية، التي تفتقر إليها البورجوازية المغربية، و تمجيد الثقافة الرأسمالية الوافدة، و المنظرة لقيم الاستغلال الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، من أجل أن تحتل البورجوازية المغربية مكانة مناسبة لدى البورجوازية الغربية، و لدى المؤسسات المالية الدولية، و من أجل اكتساب شرعية الإشراف على الاستغلال المزدوج للكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة.

فالجمع بين قيم ثقافة الماضي، و قيم الثقافة الرأسمالية، في شخصية البورجوازية المغربية، يعتبر من السمات المميزة لها، و المعبرة عن عدم قدرتها على أن تكون لها ثقافة خاصة بها، منبعثة من ذاتها، و منسجمة مع الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، للمجتمع المغربي، بطبقاته المختلفة. و عجزها ذاك نابع من كونها لا أصل لها، و لا فصل، و لا تشبه سيدتها البورجوازية الرأسمالية العالمية، و لا ترقى إلى مستواها أبدا.



4) تقدمها السياسي القائم على أساس تزوير إرادة المواطنين، من أجل وصول البورجوازية المغربية، بمختلف فئاتها: الكبرى، و المتوسطة، و الصغرى، و بقطع النظر عن اصولها غير الطبيعية، إلى السيطرة على المجالس الجماعية، و على أغلبية البرلمان، أو على البرلمان ككل بفصليه، المؤيد للحكومة، و المعارض، من أجل تسخير الموارد الجماعية، و الوطنية، لخدمة مصالح البورجوازية، و في إطار ما يسميه المناضلون الشرفاء بديمقراطية الواجهة، التي لا تعني الشعب المغربي في شيء، بقدر ما هي موجهة إلى الجهات الخارجية، حتى يتم اعتبار المغرب محترما للممارسة الديمقراطية.

فالتقدم الذي تسعى البورجوازية المغربية إلى تحقيقه، لا يهم تطور التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية في الاتجاه الصحيح، بقدر ما يهم إيجاد سبل غير شرعية، و غير قانونية، لإحداث تراكم رأسمالي هائل لدى هذه الطبقة، و دون أن ينعكس ذلك على التنمية الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و على مستوى عيش الشعب المغربي، و على مستوى التشغيل. لأن كل ذلك غير وارد في عرف، و في تقليد، و في عادة، و في ممارسة هذه البورجوازية. و لذلك فمسلكيتها اللاديمقراطية، و اللاوطنية، هي التي تقف وراء :

1) غياب تنمية حقيقية: اقتصادية، و اجتماعية، تؤدي إلى وجود حركة اقتصادية رائدة، تمكن من تشغيل العاطلين، و تعمل على تعميم التعليم على جميع أبناء الشعب المغربي، و تساعد على تمكن جميع الأسر من الحصول على سكن لائق، و توفر لجميع المرضى إمكانية العلاج المجاني، و تضمن لكل عامل، أو مستخدم، دخلا يتناسب مع متطلبات العيش الكريم. مما يجعل سواد الكادحين، يعيشون البؤس على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، لينغمسوا، بسبب ذلك، في القهر، إلى ما لا نهاية. ذلك الانغماس الذي يستغله مؤدلجو الدين الإسلامي، الذين تمولهم البورجوازية المغربية، حتى يلعبوا دورهم في تضليل الكادحين، و جعلهم يعتقدون أن حل مشاكلهم لا يكون إلا دينيا.

2) رهن الاقتصاد المغربي بإرادة المؤسسات المالية الدولية، و استجابة لتعليمات تلك المؤسسات، و جعل القطاعات الإنتاجية الأساسية في البلاد، مباحة للشركات العابرة للقارات، حتى تصير البلاد مملوكة عمليا للمؤسسات المالية الدولية، و للشركات العابرة للقارات. و الشعب المغربي إنما يعمل على خدمة الدين الخارجي، و مستغل من قبل الشركات الأجنبية، و من قبل وسيطها المتمثل في البورجوازية المغربية، التي لا تحتفظ بما تحصل عليه من ثروات في البلاد، بقدر ما تهربها إلى حساباتها في الأبناك الخارجية، بل و تعمل على استثمار تلك الثروات في الدول الأجنبية، حتى تدر عليها المزيد من الأرباح، بدل أن تستثمرها في مشاريع مغربية، تؤدي إلى تشغيل العاطلين، الذين يتزايدون سنة بعد سنة.

3) استمرار التخلف الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، كنتيجة لمسلكيتها الاقتصادية، و الاجتماعية، التي تؤدي إلى استمرار الفقر، و المرض، و الجهل، و الأمية، و غير ذلك، مما يعبر عن مدى تخلف العقلية البورجوازية، التي لا يهمها إلا ما تجنيه من فوائد، عن طريق استغلال الكادحين على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و بعد ذلك، فليذهب الكادحون إلى الجحيم، ليستمروا في معاناتهم من الفقر، و الجهل، و المرض.

4) المغالاة في البذخ، على مستوى السكن، و الألبسة، و الوسائل، و الأكل، و الشرب، و غير ذلك مما يحتاج إليه الناس في حياتهم اليومية، في الوقت الذي يحرم فيه الكادحون، الذين تتكون منهم غالبية الشعب المغربي، حتى من الحصول على قوتهم اليومي، بسبب عمق الاستغلال، و نظرا لكون معظمهم يعيشون تحت عتبة الفقر.

و لذلك فالمغالاة في البذخ، الذي تمارسه البورجوازية المغربية، في حياتها اليومية، ينم عن تحريك اليأس في نفس الكادحين، و تنمية ذلك اليأس، و جعل الطبقة العاملة، بالخصوص، تزداد خضوعا، حتى تحافظ على مناصب عملها، التي قد تفقدها، في حالة مطالبتها بتحسين أوضاعها المادية، و المعنوية، نظرا لجيوش العاطلين التي تتلظى جوعا، و قهرا، و مرضا، و جهلا، و ترديا اقتصاديا، و اجتماعيا، و ثقافيا، و سياسيا.

5) إفساد الحياة السياسية: الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و الإدارية، التي صارت رهينة بما تقتضيه مصلحة الطبقات البورجوازية، التي لا تكون محكومة إلا بما يحفظ مصلحتها، و ينمي تلك المصلحة، و يجعل جميع أفراد المجتمع في خدمتها، بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، لتبقى الجماهير الشعبية الكادحة معانية من انعدام دستور ديمقراطي، و محرومة من إجراء انتخابات حرة و نزيهة .. و راضية عن تخبطها في ممارسة مختلف الأمراض الاقتصادية، من أجل أن تحافظ على حياتها الاقتصادية، و الاجتماعية، وحتى تضمن استمرار وجودها. لأن تخلف البورجوازية المغربية، مرتبط ارتباطا جدليا بذلك الإفساد، و لأن وجودها في الأصل قائم على ذلك، و لأن استمرارها في الاستغلال الهمجي للمغاربة مرتبط بكل أشكال الفساد القائمة في الواقع.

و لذلك فنحن عندما نتكلم عن البورجوازية المغربية، لا يمكن أن نتكلم عن الطبقة البورجوازية المتقدمة، و المتطورة، و الأصيلة، بقدر ما نتكلم عن طبقة ذات أصول إقطاعية، اقتصاديا، و إيديولوجيا، و سياسيا، و تابعة، و غير ديمقراطية. و هو ما يعني الاستمرار في إنتاج التخلف، و تجديد ذلك التخلف، و جعله متخللا لكل المجالات، و كل مناحي الحياة، مما يجعل الأجيال المغربية تعاني من هذه الطبقة، و من سياستها، و من مؤسسات حكمها، التي تعتبر مفرخة الفساد المنتظرة، و غير المنتظرة.


العلاقة بين البورجوازية المغربية و الرأسمالية العالمية :

و البورجوازية المغربية، لا يمكن أن تستمر، لا بالمواصفات التي ذكرنا، و لا بالممارسات التي عملنا على تشريحها، لولا ضمان حمايتها من قبل الرأسمالية العالمية، و لولا اطمئنانها على حماية نظامها الرأسمالي التبعي، من قبل تلك الرأسمالية، ولولا السماح لها بإغراق شعوبها بالديون الخارجية، و لولا إغماض العين عن الخروقات التي ترتكبها في حق الشعب المحكوم من قبل نظامها.

و انطلاقا من هذا المعطى، فإن العلاقة التي يمكن أن تقوم بين البورجوازية المغربية، و الرأسمالية العالمية، يمكن أن تتجسد في :

1) التبعية البورجوازية المغربية المطلقة، و من خلال نظامها الرأسمالي التبعي، الذي يتلقى الاملاءات المتوالية، من مؤسساتها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و من شركاتها العابرة للقارات، حتى تبني سياستها العامة، و القطاعية، على أساس تلك الاملاءات، التي تقتضي صيرورة البرامج الوطنية في خدمة الرأسمالية العالمية، التي تزداد استفادة من تبعية البورجوازية المغربية لها، و التي تضاعف الاستغلال لصالحها من جهة، و لصالح النظام الرأسمالي العالمي من جهة أخرى، و لصالح نظامها التبعي من جهة ثالثة. و هو ما يعني، في نهاية المطاف، تعميق التخلف الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي، لشرائح المجتمع المغربي، الذي يفتقد التمتع بحقوقه الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، في ظل تبعية الرأسمالية المغربية، و نظامها، للرأسمالية العالمية، و خاصة في ظل عولمة اقتصاد السوق.

2) التجند المطلق، و الإخلاص اللامتناهي، في خدمة مصالح الرأسمالية العالمية: المادية، و المعنوية، حتى تتم البرهنة لتلك الرأسمالية، على صلاحية البورجوازية لها، حتى تعمل على حمايتها، وعلى اعتبارها في جميع المعاملات الرسمية، التي تسعى إلى تصنيف من يقدم خدمات، أكثر، للنظام الرأسمالي، الذي يقوم بحماية الأنظمة التابعة له، و التي تهدف إلى خدمة تجذر، و بقاء، و استمرار تلك الأنظمة، المبرهنة بممارستها على خدمة النظام الرأسمالي العالمي. و هذا التجند المطلق، و الإخلاص اللامتناهي، يقابله الإغراق، و الاستغراق، في ممارسة كافة أشكال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، و ممارسة القهر و الاستغلال الهمجي، على الجماهير الشعبية الكادحة، و طليعتها الطبقة العاملة.

3) الالتزام التام، بتعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى، حتى تكتسب البورجوازية المغربية، مصداقية لدى تلك المؤسسات، و حتى تطمئن على استفادتها، من القروض التي تقدمها تلك المؤسسات إلى الدولة المغربية، و التي لا تخدم في نهاية المطاف، إلا مصالح البورجوازية المحلية، و لا تؤدي إلا إلى جعل الشعب المغربي ينغمس، و على مدى أجيال بكاملها، في خدمة الدين الخارجي، الذي يتحول إلى وسيلة لبيع ممتلكات الشعب المغربي، إلى الشركات العابرة للقارات، التي جعلت الاقتصاد المغربي تحت رحمتها، و صارت تضغط في اتجاه توجيه سياسة الدولة، نحو خدمة مصالح تلك الشركات، التي صارت متفننة في نهب ثروات المواطنين، و باسم القانون، في نهب جيوب المواطنين، كما يظهر، حاليا، فيما يخص الشركات التي صارت مالكة للماء، و الكهرباء، و الصرف الصحي، في العديد من المدن المغربية الكبرى، و متمكنة من الاتصالات، و من النقل، و غيره، و من الطريق السيار، مما يجعل منها المالك الفعلي للمغرب، و لمستقبل المغاربة.

4) الاهتمام بالتحكم في الخدمات الاجتماعية المختلفة، باعتبارها المجال الأكثر وسيلة، لنهب جيوب المواطنين، من قبل البورجوازية المغربية، مما يجعلها قادرة، و قوية على خدمة مصالح الرأسمالية العالمية. لأن تقديم الخدمات، لا يكلف البورجوازية المغربية، أي شيء، بقدر ما يمكنها من التفنن في عملية نهب جيوب المواطنين، عن طريق بيع تلك الخدمات، التي تخلت عنها الدولة، لصالح البورجوازية المغربية، و خاصة في قطاعات التعليم، و السكن، و الصحة، و غير ذلك مما له علاقة بالحاجيات الضرورية للمجتمع المغربي. لأن التمكن من تلك الخدمات، و التحكم فيها، يمهد الطريق أمام جذب الرأسمال الأجنبي إليها، حتى تصير في ملك، و تحت رحمة، الشركات العابرة للقارات، التي تحل محل الدولة من جهة، و محل البورجوازية المغربية في تقديم تلك الخدمات منجهة أخرى، مما يجعل الإنسان المغربي مصاغا و فق ما تريده البورجوازية المغربية في علاقتها بالرأسمالية العالمية، من خلال المؤسسات المالية الدولية، ومن خلال الشركات العابرة للقارات.

5) تحويل البورجوازية المغربية العاجزة عن إحداث تنمية اقتصادية شاملة، إلى مجرد قنطرة لعبور الرأسمال الأجنبي إلى الأراضي المغربية، و اعتبار تلك الأراضي مرهونة بإرادة ذلك الرأسمال، الذي يجعل المغاربة جميعا، وجها لوجه، مع الفقر، و القهر، و الجهل، و المرض، بسبب الاستغلال الهمجي، الذي يتعرض له كادحوه، الذين يحرمون من أبسط الحقوق الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و يجعلهم، ذلك الاستغلال الهمجي، أكثر تخلفا، على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و يحرمهم من إمكانية التطور، و يدخلهم في عملية الانشغال باليومي، و خاصة، بما له علاقة بالمعيشة اليومية.

فالرأسمال الأجنبي، هو رأسمال لا يهتم إلا بنهب الخيرات المادية، و المعنوية، و تسليع كل شيء، بما في ذلك الخدمات الاجتماعية، و العلاقات الإنسانية، و تسليع الإنسان نفسه، و كل ما له علاقة بالإنسان، مهما كان، ليتراجع الرأسمال الوطني، إلى الوراء، و يصير، مجرد ذيل، للرأسمال الأجنبي، الذي صارت، و تصير إليه السيادة، مع مرور الأيام، و يصير رهان التنمية في المغرب، قائما على تلك السيادة.

و خلاصة ما نقوله، في هذا الإطار، هو أننا كنا نتمنى أن تقوم العلاقة الجدلية، بين الرأسمال الوطني، و الرأسمال الأجنبي، على أساس قيام اقتصاد وطني متحرر، حتى و إن كان ذلك الرأسمال بيد البورجوازية المغربية الوطنية المتحررة، التي لم تعد، للأسف الشديد، موجودة في المغرب. و هو ما يعني أن المغاربة سيعانون كثيرا من هذه البورجوازية التابعة، التي باعت المغرب إلى الأجانب جملة، و تفصيلا، تحت يافطة تشجيع الاستثمارات الأجنبية، حتى صار كل شيء في متناول الأجانب، الذين يتحولون إلى مستوطنين للعديد من المدن المغربية، وخاصة تتلك التي لها قيمة تاريخية، كمدينة مراكش، على سبيل المثال لا الحصر، في الوقت الذي تستمر فيه البورجوازية المغربية في تهريب أموالها، إلى الأبناك الخارجية، حتى تتكدس ثروات هائلة في أسماء فلان، و علان، و غيرهما، ممن حرموا المغاربة من الثروات المغربية التي كان يحق لهم التمتع بها.

فلماذا لا تهتز أركان البورجوازية المغربية الهجينة، و المنحطة، التي باعت المغرب و رهنت اقتصاده بمصير الاقتصاد الرأسمالي العالمي، و خاصة في ظل عولمة اقتصاد السوق، و في ظل اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة الأمريكية، و بين المغرب و التي سيزداد بسببها إضعاف البورجوازية المغربية، و تعميق نهب الخيرات المادية، و المعنوية المغربية، و تعميق استغلال المغاربة، و طليعتهم الطبقة العاملة؟

العلاقة بين شرائح البورجوازية المغربية :

و انطلاقا من العلاقة التي وقفنا عليها بين البورجوازية المغربية، و ببين الرأسمالية العالمية، و المطبوعة بتبعية البورجوازية المغربية المطلقة، و اللامشروطة، للمؤسسات المالية العالمية، و التي تهدف إلى جعل الاقتصاد المغربي جملة و تفصيلا، جزءا من ذلك الرأسمال، و في خدمته، فإننا نجد أن العلاقة بين شرائح البورجوازية المغربية تكون مطبوعة بنفس المنهجية.

فالبورجوازية الكبرى الآتية من التهريب، و من الاتجار في المخدرات، و من استغلال النفوذ السلطوي، و الجماعي، ومن الاحتكار، و من الوساطات، صارت جميعها تلعب دور الوسيط بين الاقتصاد الرأسمالي العالمي، و بين الاقتصاد المغربي، مما يجعلها تلعب دور الوكيل في الاقتصاد الوطني، لصالح الاقتصاد الرأسمالي العالمي.

و إذا كان لابد من ممارسة تقوم بها هذه البورجوازية الوكيل، فإنها تعمل على جعل الاقتصاد الوطني في خدمة المؤسسات المالية الدولية، و الرأسمالية العالمية، و في مد الجسور بين الشركات العابرة للقارات، و بين الاقتصاد المغربي، و في إطار ما صار يعرف بجلب الاستثمارات الخارجية.

و هذا الدور هو الذي يؤهلها لأن تصير محور الشرائح البورجوازية المغربية، الوسطى، والصغرى، باعتبارها بورجوازية تسعى إلى تحقيق التطلعات الطبقية، التي تنقلها إلى صفوف البورجوازية الكبرى.

وعملية ارتباط البورجوازية الوسطى، والصغرى، بالبورجوازية الكبرى، تكون مطبوعة بنفس المنهجية البورجوازية التابعة، التي تعمل على جعل الشرائح الأخرى مرتبطة بها، و تابعة لها.

و لذلك فعلى الشرائح البورجوازية الدنيا، أن تقبل بنفس تعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى، التي تمكن من الاستفادة من الاقتصاد المغربي، لصالح تلك المؤسسات، و لصالح البورجوازية المغربية، بالإضافة إلى القبول بتعليمات البورجوازية المغربية نفسها، و عبر نظامها الرأسمالي التبعي، الذي يعمل على أجرأة التبعية المزدوجة، عبر القوانين، و القرارات، و عبر التعليمات اليومية، و الآنية، و من أجل ضمان الاستمرار في خدمة مصالح الرأسمالية العالمية من جهة، و مصالح البورجوازية المغربية من جهة أخرى.

و في هذا الإطار المتمثل في خدمة مصالح الرأسمالية العالمية، و مصالح البورجوازية الكبرى، تصير البورجوازية الوسطى تابعة للبورجوازية الكبرى، و البورجوازية الصغرى تابعة للبورجوازية المتوسطة، لتصير التبعية نظاما قائما في العلاقات الاقتصادية على امتداداتها الدولية، و الوطنية، و المحلية، لقطع الطريق أمام إمكانية قيام اقتصاد وطني متحرر، و قادر على النمو الذاتي، و في إطار التفاعل مع الاقتصاد القومي، و العالمي، على أساس الندية، التي تستحضر المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى.

و هذا النظام التبعي، الذي صار يطبع الحياة العامة، و الخاصة، و في جميع المجالات، و سائر مناحي الحياة، هو الذي صار يحكم العلاقة بين شرائح البورجوازية المغربية من جهة، و بين هذه الشرائح، و النظام الرأسمالي التبعي من جهة أخرى، و بين هذا النظام و سائر شرائح الشعب المغربي من جهة ثالثة، و هو ما يعني في عمق الواقع المغربي :

1) أن البورجوازية المغربية هي بورجوازية لا وطنية، بفقدانها للحس الوطني من جهة، و لاعتبارها للوطن مجرد بقرة حلوب، ليس إلا. و لأنها كذلك، فهي لا تمانع من تحولها إلى مجرد قنطرة، في سبيل تحقيق السيطرة الأجنبية على الاقتصاد المغربي، عن طريق بيع المؤسسات الاقتصادية: الخدماتية، و الإنتاجية، إلى الشركات العابرة للقارات. كما لا تمانع في بيع الأراضي، و المساكن إلى الأجانب. ما دام ذلك يحقق التراكم الهائل لصالح البورجوازية المغربية، بشرائحها المختلفة. و هو ما يعني تحويل المغرب على يد هذه البورجوازية، و تحت إشراف النظام الرأسمالي التبعي، إلى مجرد مستوطنات، لمختلف القوميات الوافدة على مدنه و قراه، و في مختلف المواقع الاستراتيجية، التي صارت تتحول تدريجيا إلى مواقع مستوطنة، كما هو الشأن بالنسبة لمدينة مراكش.

2) أن البورجوازية المغربية، بشرائحها المختلفة، هي بورجوازية لا ديمقراطية، لأنها لم يسبق لها أن سعت، و لم تسع، و لن تسعى، إلى قيام دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، حتى لا يتحول إلى سلاح ضدها. كما أنها لم يسبق لها أن سعت إلى إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، بإقبالها على شراء الضمائر، و إفساد الحياة السياسة، و القبول بتزوير إرادة المواطنين، و جعل الشعب المغربي تحت رحمة المؤسسات المزورة.

3) أن البورجوازية المغربية، هي بورجوازية لا شعبية، لأنها لا تكتسب أهميتها من الشرعية الشعبية، عن طريق استحضار مصلحة الشعب المغربي في ممارستها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى تنال احترام الشعب المغربي، في جميع المواقع، و في جميع المجالات. و خاصة، إذا وقفت وراء إيجاد مشاريع اقتصادية، تساهم بشكل كبير في تحقيق القضاء على العطالة، القاتلة للمواهب، و الكفاءات، و الواقفة وراء تكريس أشكال التخلف، التي يعاني منها المجتمع المغربي، في مختلف عقود الاستقلال السياسي.

و لذلك فهذه البورجوازية لا تهتم إلا بالسعي إلى تنمية ثرواتها، و بمختلف الوسائل المشروعة، وغير المشروعة. خاصة، و أنها تعتبر أن وجود الشعب المغربي قائم على خدمة تنمية تلك الثروات. و إلا فإن هذه البورجوازية ستحمل حقائبها إلى مكان آخر، لأن الرأسمال، بحسب تصوف هذه البورجوازية، لا وطن له.

4) أن البورجوازية المغربية، هي بورجوازية لا إنسانية، فكل قوانينها التي تعتمدها في حكم الشعب المغربي، و في التحكم في الكادحين، غير متلائمة مع المواثيق الدولية، و هي لذلك تمكنها من ارتكاب الانتهاكات الجسيم،ة في حق كادحي الشعب المغربي. و بالتالي، فهي المسؤولة، تاريخيا، عن معاناة الشعب المغربي. و هذه المسؤولية تقتضي اعتبارها متسببة في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، بسبب عدم حرصها على ملاءمة القوانين، المعتمدة في حكم المجتمع المغربي، مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. و هي لذلك تضع نفسها أمام القانون الجنائي الدولي، الذي تعتمده المحكمة الجنائية الدولية، التي يجوز لكل مواطن مغربي متضرر من ممارسة البورجوازية المغربية، أن يقاضي هذه البورجوازية أمامها.

5) أن البورجوازية المغربية، في تحكمها في الشعب المغربي، لا يمكن أن تكون متمسكة بالحق، و القانون، لأن ذلك يعني أنها تكون ملزمة بضبط علاقتها بالمجتمع، و فق ما تقتضيه القوانين الدولية، و المحلية المتلاءمة معها، مما يجعلها تضع في اعتبارها حرصها على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، و بإخضاع كل منتهك لتلك الحقوق إلى المساءلة القانونية، حتى يتأتى بناء دولة الحق، و القانون، التي لا تكون إلا ديمقراطية، و لا تكون السيادة فيها إلا للشعب المغربي.

و لذلك نجد أن هذه البورجوازية تقف بالمرصاد ضد كل الدعوات المطالبة ببناء دولة الحق، و القانون، حتى تصير الدولة القائمة مجرد دولة للتعليمات، مما يجعلها هي بدورها دولة لا ديمقراطية، و لا شعبية، و لا إنسانية، حتى تمهد الطريق أمام إمكانية جعل البورجوازية المغربية المتحكمة في تلك الدولة اكثر استفادة على المستوى الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و أكثر تحكما في الشعب المغربي، الذي يفقد كل إمكانية للحصول على حاجياته الضرورية، من أكل، و شرب، و سكن، و شغل، و غيرها مما له علاقة بتحقيق الكرامة الإنسية.

و بذلك نجد أن بورجوازية كهذه، تفتقد أن تكون أصيلة، و هي فعلا ليست أصيلة، و أصالتها غير واردة أبدا، كما تفتقد أن تكون تاريخية، حتى تلعب الدور الذي يوكل عادة إلى البورجوازية في كل مكان، لأن التلازم بين الأصالة و الدور التاريخي شرط في قيامها بدورها التاريخي، مما يجعلها لا وطنية، لعدم ارتباطها بقضايا الوطن، و لا شعبية بسبب عدم نهجها لسياسة شعبية، و لا ديمقراطية لعدم حرصها على إيجاد دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، لأن التربية التي انبتت هذه البورجوازية هي تربة غير طبيعية، و لأن السياسة التي قامت برعايتها، هو سياسة استعمارية رأسمالية تبعية، مما يجعلها أكثر تأهيلا لخدمة مصالح المؤسسة المخزنية، و مصالح الرأسمالية العالمية، و أكثر قبولا بتنفيذ تعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية، و أكثر تنكرا للوطن، و للشعب.

ألا تكون هذه البورجوازية كذلك حتى تكون لقيطة ؟

ألا يكفي أن تصير لقيطة حتى نعتبرها بورجوازية غير شرعية ؟

إننا نطرح السؤال من أجل أن نستفز الأذهان التي يجب عليها البحث في واقع هذه البورجوازية، التي نراهن عليها رهانا لا يصير إلا سرابا,، و السراب "يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجد شيئا ..." كما جاء في القرءان الكريم.

و انطلاقا من هذا التصور المكثف، فإن العلاقة بين شرائح البورجوازية، هي علاقة تبعية، كامتداد لتبعيتها للرأسمالية العالمية. و هذه التبعية الطبقية تقتضي أن تصير البورجوازية المتوسطة تابعة للبورجوازية الكبرى، و من خلالها للرأسمالية العالمية، ونفس الشيء بالنسبة للبورجوازية الصغرى، التي تصير تابعة للبورجوازية المتوسطة، و من خلالها للبورجوازية الكبرى، و للرأسمالية العالمية. و علاقة مثل هذه لا يمكن أن تكون متكافئة، و لا تحضر فيها إلا مصلحة البورجوازية بشرائحها المختلفة.

العلاقة بين البورجوازية المغربية و الشعب المغربي :

و انطلاقا من رصدنا لطبيعة البورجوازية المغربية، بشرائحها المختلفة، و اعتبارا لطبيعة النظام الرأسمالي التبعي، الذي يحكم مسار هذه البورجوازية، و نظرا لغياب دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب، و لعدم إجراء أي انتخابات حرة و نزيهة في تاريخ المغرب، و بسبب الرضوخ اللامشروط لتعليمات صندوق النقد الدولي، و البنك الدولي، و المؤسسات المالية الدولية الأخرى، و نظرا لرهان النظام الرأسمالي التبعي على الشركات العابرة للقارات، و على الاستثمار الأجنبي في نفس الوقت، فإن العلاقة القائمة، فعلا، بين هذه البورجوازية، و بين الشعب المغربي، هي علاقة تناقض على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و الإيديولوجية، و التنظيمية، و السياسية.

و هذا التناقض، و في هذه المستويات المتعددة، هو الذي يجعل البورجوازية المغربية، بشرائحها المختلفة، تكون مهووسة بعملية تطويع الشعب المغربي، و بمختلف الوسائل الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و الإيديولوجية، حتى يصير في خدمة مصالحها الطبقية، و حتى يتغاضى عن مصالحه، و يتوقف عن طرح مطالبه، و يعمل على الرضى بالواقع، كما تقرره البورجوازية المغربية، و بواسطة نظامها الرأسمالي التبعي.

فالشعب المغربي المتكون من غالبية الكادحين المغاربة، عمالا، و فلاحين: فقراء، و معدمين، و طلبة، و عاطلين، و مهمشين، و تجارا صغارا، وحرفيين، لا يمكن أن يمتلك وعيه الطبقي الحقيقي إلا من خلال :

1) الوعي بالتناقض في مستواه الاقتصادي، حتى يدرك دور البورجوازية المغربية الهجينة في استغلال الكادحين، استغلالا همجيا، من أجل معرفة ما يجب عمله للحد من شراسة الاستغلال ، في أفق القضاء عليه قضاء مبرما، حتى يتأتى للشعب المغربي التمتع بخيراته الاقتصادية، التي تنتجها الطبقة العاملة المغربية طليعة الكادحين، و حتى يتحول الاقتصاد الرأسمالي التبعي، إلى اقتصاد اشتراكي, تشرف على تنظيمه الدولة الاشتراكية، التي تصير أجهزتها بحكم التطور الحاصل، في الواقع، في ملك، و تحت تصرف الطبقة العاملة المغربية، بقيادة حزبها الثوري

.

2) الوعي بالتناقض الاجتماعي، الذي يمكن من إدراك الفوارق الاجتماعية بين الشعب المغربي الكادح، و بين البورجوازية المغربية، بشرائحها المختلفة، التي تعمل على تطويع الشعب المغربي، من أجل القبول بالفوارق الاجتماعية القائمة على مستوى السكن، و على مستوى التعليم، و على مستوى العلاج، وعلى مستوى الحماية الصحية، و الاجتماعية، و على مستوى الشغل، لأن تلك الفوارق الاجتماعية، هي النتيجة الطبيعية للفوارق الاقتصادية، التي تعتبر أساسا مادية لغيرها من الفوارق الأخرى. و هو ما يعني: أن البورجوازية تتمتع بحقوقها الاجتماعية المختلفة، و أن الشعب المغربي الكادح، يعيش محروما من تلك الحقوق.

3) الوعي بالتناقض الثقافي، حتى يدرك الشعب المغربي طبيعة الثقافة البورجوازية، و حتى تصير الثقافة الشعبية، ثقافة تقدمية، و متطورة، يمكن اعتمادها في تعبئة الشعب بشرائحه المختلفة، من أجل العمل على نبذ القيم البورجوازية الثقافية، و السعي إلى بناء منظمة ثقافية، تحضر من خلالها : قيم الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، التي تصير جزءا من مسلكية الكادحين، حتى تتحقق وحدتهم القيمية الثقافية، التي تعدهم إعدادا جماعيا لمقاومة القيم الثقافية البورجوازية، و سائر القيم الاستغلالية، و التضليلية، التي تهدف إلى زراعة الوهم في صفوف أفراد الشعب المغربي، و بين شرائحه.

4) الوعي بالمنظومة الحقوقية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى تصير تلك الحقوق مستهدفة بالتحقيق من قبل الشعب المغربي، التي لا تخدم إلا مصالح البورجوازية المغربية، حتى تصير متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و حتى تتحول الدولة، بناء على ذلك، إلى دولة الحق والقانون، و يصير الشعب المغربي متمكنا من حقوقه المختلفة، التي لم تعد حقوقا للبورجوازية فقط، بقدر ما تصير ملكا لمجموع أفراد الشعب المغربي، الذي يصير حريصا على تحقيق المساواة بين جميع أفراده، و يعتبر تلك المساواة وسيلة للحد من الاستغلال البورجوازي، بل و القضاء على ذلك الاستغلال.

5) الوعي بالتناقض السياسي، المتمثل في حرص البورجوازية على فرض الدولة الاستبدادية اللاديمقراطية، و اللاشعبية، من أجل حماية مصالحها، و العمل على حماية تلك المصالح، و في حرص الشعب المغربي الكادح، على بناء الدولة الديمقراطية، القائمة على أساس دولة الحق، و القانون. و على أساس السعي إلى بناء المؤسسات الديمقراطية، المنبثقة عن إقرار دستور ديمقراطي، يكرس سيادة الشعب، و يفرض استقلال السلطة القضائية، و السلطة التشريعية، و السلطة التنفيذية حتى تضطلع كل سلطة بالمهام الموكولة إليها، و حتى تتكرس دولة الحق، و القانون، على أرض الواقع. و من أجل العمل على وضع حد للتجاوزات الكثيرة، التي لا حدود لها، و التي تقوم بها البورجوازية المغربية في حق الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، التي تتمكن هي بدورها من تحسين أوضاعها المادية، و المعنوية، و من السعي إلى القضاء على الاستغلال الممارس عليها، من قبل البورجوازية المغربية، و دولتها المستبدة.

6) الوعي بالتناقض الإيديولوجي، المتمثل في فرض سيادة البورجوازية الهجينة، و المتخلفة، و بمختلف الوسائل، على أن تكون هي أيديولوجية الشعب المغربي، الذي يتحول إلى مجرد قطيع، ترعاه البورجوازية بسبب سيادة التضليل الإيديولوجي. و نظرا لغياب، و انحسار، و تقوقع إيديولوجية الكادحين.

و هذا الوعي هو الذي يمكن الشعب المغربي من استعادة مكانة إيديولوجية الكادحين، التي ليست إلا أيديولوجية الطبقة العاملة: الاشتراكية العلمية، المعبرة عن مصالح الكادحين في مستوياتها المختلفة، و تعد الشعب المغربي الكادح من أجل امتلاك الوعي الطبقي، الذي يعتبر، وحده، الوسيلة الناجعة لمواجهة الاستغلال الطبقي الممارس على الكادحين.

و الوعي بالتناقض الإيديولوجي، يضع حدا لكل أشكال الاغتراب، التي يعاني منها الكادحون، على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، ليعود الكادحون إلى استعادة المجد الضائع، المتمثل في وحدتهم الإيديولوجية، التي تعتبر أساسا لأشكال الوحدة الأخرى، التي تعتبر شرطا لقيام وحدة نضالية، في مواجهة الاستغلال على المستوى المحلي، و القومي، و العالمي، إلى أن تتحقق الدولة الاشتراكية التي ينتفي فيها، و من خلالها، استغلال الإنسان للإنسان.

7) الوعي بالتناقض التنظيمي، الناتج عن التناقض الإيديولوجي، من منطلق أن التنظيم هو الواسطة بين الإيديولوجية، و السياسة.

فالتنظيم البورجوازي، يبقى تنظيما بورجوازيا، لانسجامه مع الإيديولوجية البورجوازية، و تنظيم الطبقة العاملة، يجب أن يكون منسجما مع إيديولوجيتها، و إلا فإنه يبقى تنظيما غير عمالي، و يتحول إلى تنظيم بيد الإقطاعيين، أو شبههم من مؤدلجي الدين الإسلامي، أو بيد البورجوازية الكبرى، أو المتوسطة، أو الصغرى.

و لذلك فالوعي التنظيمي، هو الذي يقود إلى إقامة قطيعة مع كل التنظيمات التي لها علاقة بتكريس الاستغلال، أو فرض تكريسه، أو لها علاقة بتكريس الاستبداد، أو فرض تكريسه بصفة عامة، و مع كل التنظيمات البورجوازية، أو التي لها علاقة بها، لأن تلك القطيعة، هي الألف باء العمل، على إقامة تنظيمات تنسجم مع إيديولوجية الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، سواء تعلق الأمر بالتنظيم الحزبي، أو بالتنظيمات الجماهيرية النقابية، و الحقوقية، و الثقافية، و التربوية، التي تقود نضالات الكادحين، في أفق تحسين أوضاعهم المادية، و المعنوية من جهة، و سعيا إلى وضع حد للاستغلال الممارس عليهم من جهة أخرى.

و انطلاقا مما أتينا على ذكره، فإن العلاقة بين البورجوازية المغربية، و بين الشعب المغربي، هي علاقة تناقض تتسم بلاديمقراطية هذه البورجوازية، و لا شعبيتها، و لا وطنيتها، في الوقت الذي يناضل الشعب المغربي، من أجل تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، و يقدم المزيد من التضحيات، من أجل المحافظة على وحدته الترابية، تلك الوحدة التي تقتضي هي نفسها، أن يتمتع الشعب المغربي بحقوقه الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى يشعر بانتمائه إلى هذا الوطن المغربي، الذي يباهي به الشعوب الأخرى، لأنه إذا لم يتمتع بتلك الحقوق، تبقى البورجوازية المغربية، هي المحتكرة لكل الخيرات المادية، و المعنوية، التي يحرم منها الشعب المغربي، و التي لا تكون إلا في خدمة الدين الخارجي، و من خلال وضعها تحت تصرف الشركات العابرة للقارات.

و في إطار غياب الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية، فإن العلاقة المفروضة، هي علاقة تبعية، تهدف إلى إخضاع الشعب المغربي، و بواسطة القانون، بطبيعة الحال، و عن طريق القوة، التي يفترض فيها تطبيق ذلك القانون، لارادة البورجوازية، لضمان خدمة مصالحها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، التي لا تعني إلا تكريس التردي في حق الشعب المغربي، الذي يعاني من كافة أشكال التخلف، التي تدفع به إلى أحضان التنظيمات المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تقدم خدمات جلى للبورجوازية المغربية، و الإقطاع المتخلف، من خلال محاربة الوعي الطبقي الحقيقي، و الترويج اللامتناهي للوعي الزائف، الذي يستأصل كل أشكال الوعي المتقدم.

فهل بعد هذا يمكن القول: بأن البورجوازية المغربية تحرص على جعل الشعب المغربي يعيش حياة الكرامة، التي ناضل كثيرا من اجل تحقيقها ؟

و هل يمكن القول بأنها تحتضن وطنية الشعب المغربي و حرصه على الوحدة الوطنية ؟

فالبورجوازية المغربية، هي بورجوازية لقيطة، و متخلفة، و لا يمكن أن تقوم أبدا بدورها التاريخي، الذي يوكل عادة للبورجوازية الوطنية، و الديمقراطية، و الشعبية، و الحاضنة لاحترام إرادة الشعب، أي شعب، من اجل أن يساهم في أي تقدم، و أي تطور، و على جميع المستويات حتى يكون ذلك وسيلة إلى تحقيق التجاوز إلى الأعلى.

كيف نحارب البورجوازية المغربية ؟

و انطلاقا من الخصائص المميزة للبورجوازية المغربية، و باعتبارها لا شعبية، و لا ديمقراطية، و لا وطنية, و لا تهتم لا من قريب، و لا من بعيد، إلا بتجنيد الشعب المغربي لخدمة الطبقة الحاكمة، في علاقتها بمصالح الرأسمالية العالمية، التي تعمل المؤسسات المالية الدولية على حمايتها. كما أنها لا تهتم إلا بتمهيد الطريق أمام التغلغل الرأسمالي العالمي، و عبر الشركات العابرة للقارات، إلى نسيج الاقتصاد المغربي، الذي يقع جملة، و تفصيلا، تحت طائلة تلك الشركات. فإننا في محاربة هذه البورجوازية، بممارساتها المسيئة إلى سمعة المغرب، لا نبادلها نفس الممارسة، و لا نعتبرها كما هي في الواقع. بقدر ما نعمل على المطالبة ب :

1) إقرار دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، حتى يصير ذلك الدستور مناسبة لبناء دولة الحق، و القانون، التي هي الملاذ الذي نلوذ به، من أجل أن يتمتع جميع أبناء الشعب المغربي بحقوقهم المختلفة، و في نفس الوقت، من أجل أن يتساوى الجميع أمام القانون، الذي يصير متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

2) العمل على بناء ديمقراطية حقيقية، انطلاقا من الدستور الديمقراطي، و بمضامينها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، حتى يتم وضع حد لكل أشكال الاستبداد، التي تمارس على الكادحين، من أجل الاستئثار بنهب الخيرات المادية، و المعنوية، التي ينتجها أولئك الكادحون، و بالطرق التي تتخذ طابع القانون، أو بعيدا عن القوانين التي تضعها الدولة البورجوازية نفسها، لحماية المصالح البورجوازية.

3) بناء المؤسسات التمثيلية، بناء يعكس احترام إرادة الشعب المغربي، عبر احترام إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، و انطلاقا من قوانين انتخابية، تحرص على حماية تلك النزاهة، حتى تتجسد على أرض الواقع، وعبر مسلكيات راقية، يتمرس الناس على اقتفائها، حتى تصير جزءا لا يتجزأ من المسلكية الفردية، و الجماعية للشعب المغربي في نفس الوقت.

4) تحديد المهام الموكولة لكل مؤسسة على حدة، و محاسبة تلك المؤسسة عليها، حتى تعمل على ممارسة الأمل في التطور على جميع المستويات، و التنصيص على الإجراءات التي يجب اتخاذها في حق المؤسسات التي لا تنجز، أو لا تحترم المهام المحددة لها، حتى لا تصير مجرد وسيلة تستغلها البورجوازية من أجل الإثراء السريع، الذي يزيد من انتفاخ البورجوازية المغربية، كما هو حاصل الآن.

و بالإضافة إلى ذلك، فالأفراد العاملون، أو المسؤولون عن المؤسسات المختلفة، يخضعون للمحاسبة الفردية، و الجماعية، عن عدم احترام المؤسسات التي ينتمون إليها للمهام الموكولة إليها، و اتخاذ الإجراءات الردعية في حقهم.

5) العمل على تقوية التنظيمات الحزبية، و الجماهيرية: النقابية، و الحقوقية، و الثقافية، حتى تقوم بدورها في تأطير الجماهير الشعبية الكادحة، و طليعتها الطبقة العاملة، و في قيادة تلك الجماهير على أساس برامج محددة، و هادفة، لمواجهة المخططات البورجوازية الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و إفشال تلك المخططات، و النضال من أجل الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية. لأنه بدون وجود تنظيمات جماهيرية قوية، و بدون العمل على تفعيل تلك التنظيمات، تبقى الجماهير الشعبية الكادحة فاقدة لوعيها الطبقي، و غير مدركة لما تقوم به البورجوازية المغربية في حقها، و قد تعتقد أن تلك البورجوازية هي التي ستضمن المستقبل الرائد للجماهير، أو تنساق وراء التنظيمات المؤدلجة للدين الإسلامي، التي توهمها بمجيء "الدولة الإسلامية"، التي تحقق عدالة الله في الأرض، قبل تحققها في السماء، و حينها تصير الجماهير الشعبية الكادحة، مجرد مطية لتحقيق التطلعات البورجوازية، و خدمة مصالحها ليس إلا.

و لذلك، فتقوية التنظيمات، التي تقود النضالات الجماهيرية، يعتبر مسألة مصيرية بالنسبة للجماهير الشعبية الكادحة، حتى تمتلك وعيها الطبقي من جهة، و حتى تقوى على مواجهة البورجوازية المتخلفة، و المنحطة من جهة أخرى، و من أجل أن تقوم بدورها التاريخي المؤكد لوجودها.

فهل يمكن اعتبار التنظيمات الحزبية، و الجماهيرية، المنظمة للجماهير الشعبية الكادحة، و المدعية لقيادتها لنضالاتها المطلبية، و السياسية في مستوى التحديات القائمة ؟

إن ما يجري في المغرب، و على هذا المستوى، يدل كله، على أن شيئا ما يجري على يد البورجوازية المغربية، من أجل تدجين جميع التنظيمات القائمة. و قانون الأحزاب المصادق عليه مؤخرا يكرس ذلك التدجين، و يشرعنه. و كل تنظيم يخرج عن الطوق، يضرب عليه الحصار، و يحرم من حقه في الدعم حتى لا يقوى على متطلبات الحياة الحزبية، أو الجماهيرية، فيتقلص أداؤه.

6) الحرص على صياغة البرامج النضالية، و المطلبية المعتمدة، في مختلف التنظيمات القائدة للنضالات الجماهيرية، وحتى يتضح ما يجب عمله، من أجل تحقيق ما هو مرحلي، و ما هو جماهيري، لأنه بدون وجود البرامج المحددة، و المنظمة، و الهادفة، تبقى التنظيمات عاجزة عن قيادة الجماهير، و تبقى الجماهير بعيدة عن معرفة ما يجب لها، و ماذا تعمل من أجل الحصول عليه؟

و كيفما كان الامر، فمحاربة البورجوازية المغربية تعتبر مسألة مصيرية بالنسبة للكادحين. و أن هذه المحاربة تقتضي الاعداد، و الاستعداد المستمرين، بالنسبة للتنظيمات الجماهيرية، و الحزبية على السوااء، و الارتباط المصيري بالجماهير المعنية بمحاربة البورجوازية المغربية، إيديولوجيا، و تنظيميا، و سياسيا، و اقتصاديا، و اجتماعيا، و ثقافيا، و عاملا على قيام الأمل في المستقبل، الذي صاردته البورجوازية، بمخططاتها الجهنمية، من حلم الجماهير الشعبية الكادحة. و الأمل الجماهيري لا يمكن أن يكون إلا في إطار تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.

هل تصير البورجوازية المغربية ديمقراطية ؟

إننا عندما نسهم في الحديث عن البورجوازية المغربية، فلأن هذه البورجوازية لم ترق، و لن ترقى، أبدا، إلى مستوى نظيرتها في الدول الديمقراطية، التي تحكمها البورجوازية في أوربا، و في اليابان، و في أمريكا الشمالية، على الأقل، و التي تدين لها بورجوازيتها بالولاء المطلق. لأننا واثقون من أن هذه البورجوازية لم تأت إلى الوجود كإفراز للصراع، لا يمكن أن تكون ديمقراطية، و هو ما يعني أنها لا يمكن أن تسمح أبدا بأن تكون الكلمة للشعب، لما يشكله ذلك من خطورة على مستقبلها، كما يحصل الآن في العديد من دول أمريكا اللاتينية بالخصوص.

و البورجوازية المغربية عندما تصر على تنكرها للممارسة الديمقراطية، و عندما تختار أن تكون مستبدة في حكمها، و محتكرة للاقتصاد الوطني، و متحكمة فيه، فلأنها :

1) تسعى إلى خدمة مصالحها الطبقية، و حماية تلك المصالح، حتى تضمن السيادة لنفسها، و لمن مكنها من الامتيازات اللامحدودة، و التي وقفت وراء ذلك التراكم الهائل الذي حصل في ثرواتها الهائلة.



2) تحرص على أن تكون السلطة، و القوانين المختلفة في خدمتها، حتى يزداد التراكم في ثرواتها، و حتى تصير المخاطب الأول، و الأخير، في مختلف المنتديات الاقتصادية الدولية، و أمام المؤسسات المالية الدولية، و في علاقتها بالشركات العابرة للقارات.

3) تصر على أن تبقى السلطة المطلقة في يدها، حتى تمارس القمع، و القهر، و الظلم، و الاستبداد، ضد كادحي الشعب المغربي، حتى يصير إرهابها له خير وسيلة لجعله في خدمتها، و مساهما في تنمية ثرواتها المادية، و المعنوية على السواء.

و لذلك فالبورجوازية المغربية لا يمكن أن تسعى :

1) إلى إيجاد دستور ديمقراطي من الشعب و إلى الشعب. لأن دستورا من هذا النوع سيكون متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، و سيمكن الشعب المغربي من امتلاك الوعي الطبقي الحقيقي، مما يحفزه على النضال ضد كل أشكال الاستغلال المادي، و المعنوي، و ضد كل الخروقات التي تمارسها البورجوازية المغربية في حقه، و هو ما يتناقض تناقضا مطلقا مع ما تمارسه البورجوازية بواسطة أجهزة الدولة الطبقية، مما لا ينتج إلا الخضوع المطلق للبورجوازية المغربية، و خدمة مصالحها، وحماية تلك المصالح.

2) إجراء انتخابات حرة، و نزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، معبرة عن إرادة الشعب المغربي، لأن تلك المؤسسات ستقوم بإصدار برامج، و قوانين، في مصلحة الشعب المغربي. و هو ما يعني تضييق الخناق على هذه البورجوازية.

و لذلك نرى أن هذه البورجوازية توظف أجهزة الدولة، المختلفة، لتزوير الانتخابات في مستوياتها المختلفة، حتى تكون في خدمة مصالحها الطبقية، و حتى تتمكن البورجوازية المغربية من حماية تلك المصالح التي لا تعني إلا تعميق نهب الشعب المغربي، و نهب الثروات الوطنية المتمثلة بالخصوص في استغلال التواجد في المؤسسات المنتخبة لنهب المال العام.

3) إلى إيجاد حكومة منفرزة عن صناديق الاقتراع، لأن حكومة من هذا النوع، ستكون ملتزمة بالبرامج الحزبية، المعتمدة في الانتخابات، و التي اقتنعت الجماهير الشعبية بالتصويت عليها.

و هذا الالتزام، يتناقض تناقضا مطلقا مع حرص البورجوازية على أن تكون الحكومة في خدمتها، و إلحاق الأذى اللامحدود، وعلى جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية بالشعب المغربي، و بكادحيه، و طليعتهم الطبقة العاملة.

4) ملاءمة القوانين المحلية، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لأن القوانين المغربية المتلائمة مع تلك المواثيق، ستقطع الطريق أمام الخروقات المتفاحشة، التي ترتكبها البورجوازية المغربية في حق الكادحين، و طليعتهم الطبقة العاملة، و سيفرض عليها حينئذ احترام تمتيع جميع الكادحين بحقوقهم المختلفة. و هو ما ينعكس سلبا على مستوى استفادتها من الاستغلال المادي، و المعنوي، و هو ما يجعلها تستميت من أجل أن تبقى القوانين المغربية غير متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تبقى في خدمة مصالحها الطبقية.

5) جعل الشعب المغربي يتمتع بدخل اقتصادي، متناسب مع متطلبات الحياة المادية، و المعنوية، و متمكن من حصول جميع أفراده على حقهم في التعليم، و في السكن، و الصحة، و الشغل. لأن تمتع الشعب المغربي بكل ذلك سيشعره بكرامته، و سيجعله حريصا على حفظها، و سيتمسك بكل ما يؤدي إلى تحقيق تلك الكرامة، التي لا تتحقق إلا بتحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية. و هو ما لا ترغب فيه البورجوازية أبدا ، لأنها تريد شعبا بدون كرامة، حتى يستمر في خدمتها، و يعمل على حماية مصالحها، لضمان استمرار نهب قدرات الشعب المغربي، و السيطرة على خيراته المادية و المعنوية.

و كنتيجة لما أتينا على ذكره، فإن البورجوازية المغربية، لا يمكن أن تكون ديمقراطية أبدا، مادامت الديمقراطية تتناقض مع مصالحها الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. و هي لذلك تحرص على ممارسة الاستبداد على جميع المستويات، و تمارس ديمقراطية الواجهة، لتبييض وجهها أمام العالم، و تسعى إلى أن تكون جميع المؤسسات القضائية، و التشريعية، و التنفيذية في خدمتها، حتى تضمن لنفسها الاستمرار، و التمكن، و لا يهمها تخبط الشعب المغربي في المزيد من المشاكل، التي ليست إلا وسيلة للزيادة في التراكم الرأسمالي البورجوازي.

و لذلك فنحن لا نجانب الصواب إذا ذهبنا إلى القول: بأن البورجوازية المغربية هي بورجوازية لا ديمقراطية، و لا شعبية، و لا إنسانية، و لا وطنية. لأن هذه الخصال مجتمعة ملازمة لسلوك هذه البورجوازية.

خلاصة عامة :

و بعد هذا التحليل المسهب لواقع البورجوازية المغربية، الذي تناولنا فيه طبيعة هذه البورجوازية، و أصنافها، و أصولها، و سماتها، و مسلكياتها، و تخلفها، و العلاقة بينها و بين الرأسمالية العالمية، و العلاقة بين شرائحها المختلفة، و العلاقة بينها و بين الشعب المغربي، و كيف تتم مواجهة البورجوازية المغربية ؟ و هل يمكن أن تصير ديمقراطية؟ يمكننا أن نؤسس على ذلك سيلا من الأسئلة، التي لا حدود لها، من أجل إشراك الجميع في عملية قراءة واقع هذه البورجوازية ،من أجل الخروج بخلاصات تساهم، من قريب، أو من بعيد، في أفق تطور، و تطوير هذه البورجوازية إيديولوجيا، و تنظيميا، و سياسيا، و الدفع بها في اتجاه القبول بصيرورتها بورجوازية وطنية، ديمقراطية شعبية، و ما يمكن أن يترتب عن ذلك من القبول بالتداول على السلطة، في إطار دولة الحق، و القانون، التي تعتبر مطلبا جماهيريا، و حقوقيا، و إنسانيا، في نفس الوقت.

و لتحقيق ذلك الإشراك الجماهيري الواسع في مناقشة واقع البورجوازية المغربية نتساءل :

هل يمكن أن تتخلى هذه البورجوازية عن طبيعتها التبعية ؟

هل تصير بورجوازية وطنية ؟

هل يمكن أن تتخلى عن طبيعتها الاستبدادية ؟

هل تصير ديمقراطية ؟

هل تعترف للشعب المغربي بحقه في إقرار دستور ديمقراطي ؟

هل تعمل على ملاءمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية ؟

هل تعمل على إجراء انتخابات حرة ونزيهة ؟

هل تحترم إرادة الشعب المغربي ؟

هل تقبل بتداول السلطة بإمساكها عن شراء ضمائر الناخبين في مختلف المحطات الانتخابية ؟

هل تسعى إلى بناء اقتصاد وطني متحرر ؟

هل تحرص على تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية ؟

هل تسعى إلى تمتيع جميع الناس بجميع الحقوق الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية ؟

هل تقبل بما يترتب عن ذلك مما يمكن أن يؤثر على مستوى استغلالها للشعب المغربي ؟

هل تسعى إلى تحقيق التوزيع العادل للثروة ؟

هل تحرص على ضمان الحماية الصحية، و الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين على أساس المساواة فيما بينهم ؟

هل تعيد النظر في أصولها ؟

هل تغير مسلكياتها ؟

هل تحرص على أن تصير متقدمة و متطورة إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا ؟

هل تعيد النظر في علاقتها بالنظام الرأسمالي العالمي ؟

هل تحرص على أن تكون العلاقة بين شرائحها ديمقراطية ؟

هل تحرص على احترام إرادة الشعب المغربي حتى تنال تقديره و احترامه ؟

هل تقبل بالصراع الطبقي في مستواه الديمقراطي ؟

هل تقر بضرورة الممارسة الديمقراطية ؟

و نحن في طرحنا لهذه الأسئلة، و غيرها، مما يمكن أن نبنيه على هذه الأسئلة نفسها، نعتبر أن البورجوازية المغربية يمكن أن تلعب دورا معينا، في أفق تطور التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية نفسها، اقتصاديا ، و اجتماعيا، و ثقافيا، وسياسيا. حتى يسجل لها التاريخ مساهمتها في عملية البناء التي تستهدف كرامة الإنسان. و إلا، فإنها ستبقى خارج دائرة التاريخ. و التاريخ لا يحتضن إلا من يقوم بعمل يعتبر إضافة جديدة لم يسبق لمثلها أن حصل أبدا.

و بذلك نكون قد مهدنا الطريق أمام من يمكن أن يساهم في إخضاع واقع البورجوازية المغربية إلى النقاش المعمق، الذي يفرض تخليها عن الكثير من الممارسات المتخلفة، التي لا تشرف المغرب، و المغاربة، اللذين ينتظرون حضور الحس الوطني، و الإنساني في وجدان، و في ممارسة هذه البورجوازية، التي لا أجانب الصواب إذا قلت: إنها لا تزداد إلا تخلفا. و أتمنى أن نستيقظ يوما لنجد أنها قررت استعادة ثرواتها المهربة إلى الأبناك الخارجية، خدمة للوطن، و المواطنين، و اعترافا منها بالجميل، و من أجل أن يسجل لها التاريخ تلك المأثرة، إن حصلت، لأنها ستصير فعلا عملا رائدا .. وهذا ما لا ننتظره، لأن التمني هو طلب ما يستحيل حصوله كما يذهب إلى ذلك البلاغيون.


ابن جرير في 22/01/2006

محمد الحنفي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف