
حق الطفولة في السنة النبوية الشريفة :
/ قبل قرون من المادة الخامسة والعشرين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان/
اهتم رسول الله () بالأطفال كثيراً وحافظ على حقوقهم كاملة ومنحهم حقوقاً لم تكن موجودة قبله وقلما وجدت بعده في باقي شرائع الأرض .
فكان رحيماً معهم ودعا إلى الرحمة بهم من قبل آبائهم أولاً .
(( عن أبي هريرة قال : قبل رسول الله () الحسن بن علي , وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً , فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً , فنظر إليه رسول الله () ثم قال : من لا يَرحم لا يُرحم )) .
وهذا هو () قدوة لنا بالرحمة بصغارنا وبجميع الصغار يمسح رؤوسهم حناناً وعطفاً بهم ويدعو لهم بالبركة والشفاء ويسلم عليهم إذا مر بهم .
(( عن السائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلى رسول الله () فقالت : يا رسول الله إن ابن أختي وجع , فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة )) .
(( عن سيار قال : كنت أمشي مع ثابت البناني , فمر بصبيان فسلم عليهم , وحدث ثابت : أنه كان يمشي مع أنس فمر بصبيان فسلم عليهم , وحدّث أنس : أنه كان يمشي مع رسول الله () فمر بصبيان فسلم عليهم )) .
وفي المجالس كان يعاملهم كالكبار ولا ينتقص من قدرهم ليرفع من شأنهم ويعلمهم مجالسة الصالحين والأخيار ويحببهم بذلك ليشبوا ويكبروا على هديه فكان يستأذن الصبي إذا أراد أن يبدأ بالكبار أولاً حفاظاً منه على حقه في الترتيب.
(( عن سهل بن سعد الساعدي : أن رسول الله () أتي بشراب فشرب منه , وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ , فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء . فقال الغلام : لا والله , لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال : فتله رسول الله () في يده )) .
وضمن لهم () حقوقهم في الميراث فكان للذكر مثل حظ الأنثيين سواء كانوا صغاراً أم كباراً وكذلك ضمن لهم الحق الأكبر في الميراث حيث نهى () أن تكون الوصية أكثر من ثلث المال .
(( عن عامر بن سعد عن أبيه قال : مرضت مرضاً أشفيت منه فأتاني رسـول الله () يعودني فقلت يا رسول الله إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر قال لا قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير لهم من أن تتركهم عالة يتكففون الناس )) .
وكذلك أمر رسول الله () الأب بالإنفاق على أولاده وسمح لأمهم بأخذ ما يحتاجونـه من مال أبيهـم بالمعروف لتنفقه عليهـم بغيـر علم زوجها إذا كان بخيلاً
(( عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت هند بنت عتبة فقالت : يا رسول الله , إن أبا سفيان رجل مسـيك , فهـل علي حرج أن أطعم من الذي له , عيالنا ؟ قال : لا , إلا بالمعروف )) .
وأمر أيضاً بحماية الطفولة أثناء الحروب مع حمايته للنساء والعبيد الذين لا حول لهم ولا قوة في الحرب فقال :
(( عن ابن اسحق عن بعض أصحابه : أن رسول الله () مر يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد , والناس متقصفون عليها فقال : ما هذا ؟ فقالوا : امرأة قتلها خالد بن الوليد , فقال رسول الله () لبعض من معه : أدرك خالداً فقل له : إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً )) .
واعتبر () قتل الولد خشية أن يأكل مع أبيه من أعظم الذنوب .
(( عن عبد الله قال : قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك قال : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك , قال : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك )) .
وكذلك منح رسول الله () الطفل حق اختيار أحد والديه عند افتراقهما عن بعض لما لهذا الاختيار من أثرٍ إيجابي على حسن تربيته وتنشئته مستقبلاً ومراعاة لعواطفه وميله لأحدهما.
(( عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري عن أبيه عن جده أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فجاء ابن لهما صغير لم يبلغ الحلم فأجلس النبي () الأب ههنا والأم ههنا ثم خيره فقال اللهم اهده فذهب إلى أبيه )) .
وإذا كان الطفل يتيماً يحتاج طبعاً لمن يكفله ويرعاه بدل والديه ، ولهذا شجع رسول الله () كثيراً على كفالة هذا اليتيم حيث اعتبر من يقوم بهذا العمل قريبٌ منه في الجنة كما السبابة والوسطى .
(( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله () : كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة . وأشار مالك رحمه الله بالسبابة والوسطى )) .
وهكذا لم يرغم () أحداً على هذه الكفالة ولكن حب رسول الله () وحب الله وجنته أقوى من أي قوة في العالم تفرض هذا والإرغام بحد ذاته ليس من حقوق الإنسان .
ورأفة بالأطفال جميعاً كان () يمنع الصغار عن الاشتراك بخوض المعارك والحروب مع الكبار حتى يبلغوا سن الخامسة عشرة ويشتد عودهم فكانت هذه السن هي الحد الفاصل بين الأطفال والكبار كما حددها () .
(( عن ابن عمر قال : عرضني رسول الله () يوم أحد في القتال , وأنا ابن أربع عشـرة سنة فلم يجزني , وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني . قال نافع : فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة , فحدثته هذا الحديث , فقال : إن هذا لحد بين الصغير والكبير )) .
المصادر :
1. صحيح البخاري
2. صحيح مسلم
3. سنن النسائي
4. السيرة النبوية لابن هشام
د . هدى برهان حماده طحلاوي
/ قبل قرون من المادة الخامسة والعشرين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان/
اهتم رسول الله () بالأطفال كثيراً وحافظ على حقوقهم كاملة ومنحهم حقوقاً لم تكن موجودة قبله وقلما وجدت بعده في باقي شرائع الأرض .
فكان رحيماً معهم ودعا إلى الرحمة بهم من قبل آبائهم أولاً .
(( عن أبي هريرة قال : قبل رسول الله () الحسن بن علي , وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً , فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً , فنظر إليه رسول الله () ثم قال : من لا يَرحم لا يُرحم )) .
وهذا هو () قدوة لنا بالرحمة بصغارنا وبجميع الصغار يمسح رؤوسهم حناناً وعطفاً بهم ويدعو لهم بالبركة والشفاء ويسلم عليهم إذا مر بهم .
(( عن السائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلى رسول الله () فقالت : يا رسول الله إن ابن أختي وجع , فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زر الحجلة )) .
(( عن سيار قال : كنت أمشي مع ثابت البناني , فمر بصبيان فسلم عليهم , وحدث ثابت : أنه كان يمشي مع أنس فمر بصبيان فسلم عليهم , وحدّث أنس : أنه كان يمشي مع رسول الله () فمر بصبيان فسلم عليهم )) .
وفي المجالس كان يعاملهم كالكبار ولا ينتقص من قدرهم ليرفع من شأنهم ويعلمهم مجالسة الصالحين والأخيار ويحببهم بذلك ليشبوا ويكبروا على هديه فكان يستأذن الصبي إذا أراد أن يبدأ بالكبار أولاً حفاظاً منه على حقه في الترتيب.
(( عن سهل بن سعد الساعدي : أن رسول الله () أتي بشراب فشرب منه , وعن يمينه غلام وعن يساره أشياخ , فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء . فقال الغلام : لا والله , لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال : فتله رسول الله () في يده )) .
وضمن لهم () حقوقهم في الميراث فكان للذكر مثل حظ الأنثيين سواء كانوا صغاراً أم كباراً وكذلك ضمن لهم الحق الأكبر في الميراث حيث نهى () أن تكون الوصية أكثر من ثلث المال .
(( عن عامر بن سعد عن أبيه قال : مرضت مرضاً أشفيت منه فأتاني رسـول الله () يعودني فقلت يا رسول الله إن لي مالاً كثيراً وليس يرثني إلا ابنتي أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر قال لا قلت فالثلث قال الثلث والثلث كثير إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير لهم من أن تتركهم عالة يتكففون الناس )) .
وكذلك أمر رسول الله () الأب بالإنفاق على أولاده وسمح لأمهم بأخذ ما يحتاجونـه من مال أبيهـم بالمعروف لتنفقه عليهـم بغيـر علم زوجها إذا كان بخيلاً
(( عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت هند بنت عتبة فقالت : يا رسول الله , إن أبا سفيان رجل مسـيك , فهـل علي حرج أن أطعم من الذي له , عيالنا ؟ قال : لا , إلا بالمعروف )) .
وأمر أيضاً بحماية الطفولة أثناء الحروب مع حمايته للنساء والعبيد الذين لا حول لهم ولا قوة في الحرب فقال :
(( عن ابن اسحق عن بعض أصحابه : أن رسول الله () مر يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد , والناس متقصفون عليها فقال : ما هذا ؟ فقالوا : امرأة قتلها خالد بن الوليد , فقال رسول الله () لبعض من معه : أدرك خالداً فقل له : إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً )) .
واعتبر () قتل الولد خشية أن يأكل مع أبيه من أعظم الذنوب .
(( عن عبد الله قال : قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك قال : ثم أي ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك , قال : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك )) .
وكذلك منح رسول الله () الطفل حق اختيار أحد والديه عند افتراقهما عن بعض لما لهذا الاختيار من أثرٍ إيجابي على حسن تربيته وتنشئته مستقبلاً ومراعاة لعواطفه وميله لأحدهما.
(( عن عبد الحميد بن سلمة الأنصاري عن أبيه عن جده أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فجاء ابن لهما صغير لم يبلغ الحلم فأجلس النبي () الأب ههنا والأم ههنا ثم خيره فقال اللهم اهده فذهب إلى أبيه )) .
وإذا كان الطفل يتيماً يحتاج طبعاً لمن يكفله ويرعاه بدل والديه ، ولهذا شجع رسول الله () كثيراً على كفالة هذا اليتيم حيث اعتبر من يقوم بهذا العمل قريبٌ منه في الجنة كما السبابة والوسطى .
(( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله () : كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة . وأشار مالك رحمه الله بالسبابة والوسطى )) .
وهكذا لم يرغم () أحداً على هذه الكفالة ولكن حب رسول الله () وحب الله وجنته أقوى من أي قوة في العالم تفرض هذا والإرغام بحد ذاته ليس من حقوق الإنسان .
ورأفة بالأطفال جميعاً كان () يمنع الصغار عن الاشتراك بخوض المعارك والحروب مع الكبار حتى يبلغوا سن الخامسة عشرة ويشتد عودهم فكانت هذه السن هي الحد الفاصل بين الأطفال والكبار كما حددها () .
(( عن ابن عمر قال : عرضني رسول الله () يوم أحد في القتال , وأنا ابن أربع عشـرة سنة فلم يجزني , وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني . قال نافع : فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة , فحدثته هذا الحديث , فقال : إن هذا لحد بين الصغير والكبير )) .
المصادر :
1. صحيح البخاري
2. صحيح مسلم
3. سنن النسائي
4. السيرة النبوية لابن هشام
د . هدى برهان حماده طحلاوي