الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نصيحة ليست متأخرة لحماس بقلم:مهند عبد الكريم العكلوك

تاريخ النشر : 2006-04-11
نصيحة ليست متأخرة لحماس بقلم:مهند عبد الكريم العكلوك
نصيحة ليست متأخرة

لحمـــاس

مهند عبد الكريم العكلوك

11/4/2006

لا جدلَ أن العالم الغربي، أو ما يُسمى على اختلاف مُسمياته، بالمجتمع الدولي أو اللجنة الرباعية أو مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، ذو نظرة، بالمُحصّلة، ظالمة تجاه القضية الفلسطينية، مع القليل من التمايز المُتماهي، بين الرؤيا الأمريكية وغير الأمريكية.

هذه النظرة تُصبح أكثر وقاحة وفداحة، إذا كان الأمر يتعلق بعدم الاعتراف بحق دولة إسرائيل بالوجود، فتختلط الأمور بين الإرهاب والمقاومة، وبين الجلاد والمجلود، وحتى معنى الديمقراطية، يتغير، فيصبح انتخاب حماس لا يعني الديمقراطية، حتى وإن تم ذلك في عملية انتخابية حرّة ونزيهة، ويُصبح دعم الانتخابات والدعوة لها، لا يعني بالضرورة التعامل مع نتائجها، ويتبدّل موقع الرئاسة الفلسطينية من موقع محظور إلى موقع ذي حظوة، وعلى عكس ذلك يتبدّل موقع رئاسة الوزراء؛ سُبحان الله.

غير أن هذا الواقع المجنون، عن عمد، إذ يفرض علينا أمراً واقعاً، لا ينبغي أن يُفقدنا الرؤيا الإستراتيجية أو الوعي السياسي، والسياسة هي فنّ الممكن، فطالما أنك تعيش في عالمٍ مُنحازٍ ضدّك بمحصّلته، فإن الممكن هو إما أن تختفي عن الأنظار، أي أن لا تكون في السلطة حيث تتعرض للأذى، أو أن تظهر بمظهر سياسيّ حداثيّ، يُجاري، إلى حدّ ما، هذا المخلوق المتلون الذي نُسمّيه المجتمع الدولي، مع الاحتفاظ بثوابتك وحقّوقك الوطنية.

لذلك فقد كانت كُبرى الأخطاء، أو رُبما الخطايا، هي تشكيل حماس للحكومة منفردة، فذلك بالضبط، ما كان غاية أمريكا، حكومة يسهل الضغط عليها، وابتزازها إلى أقصى حدّ؛ حكومةً بصبغة حماس دون غطاء من فتح، أو المستقلين، أو الفصائل الأخرى؛ وأيضاً ليست حكومة تكنوقراط، فحكومة يرأسها الشيخ إسماعيل هنية، ووزير خارجيتها الشيخ الزهّار، ووزير داخليتها الشيخ سعيد صيام، لا يمكن أن تُسمّى إلا حكومة حماس بامتياز، وهذا ما يجعل حماس في عسرٍ كبيرٍ من أمرها، لا تستطيع فصل برنامج الحكومة بالتزاماته وأعبائه، عن برنامج الحركة أو الحزب بمبادئه وميثاقه؛ وهذا، أيضاً، ما يُثقل بالتأكيد كاهل الشعب الفلسطيني، ويُرهقه فقراً وعزلةً، وقلة رواتب.

أصلاً، من الصعب على حماس أن تنتقل مباشرةً من حالة الحزب المعارض العسكري المُسلح، إلى حالة الحزب السياسي الحاكم المسؤول عن شعب بأكمله؛ والصعوبة تكمن في وجهين، الأول: أن حماس ليست مؤهلة سياسياً، بعد، لتولي دفّة قيادةٍ، لمّا تمسك بعد بكامل إمكانياتها وأزرارها، في واقعٍ مُعقّد مُتلاطم الأمواج، مثل ذلك الجو السياسي الذي يحيط بالقضية الفلسطينية من جميع جوانبها؛ والوجه الثاني: هو أن المُجتمع الدولي لن يقبل هذه الحكومة بسهولة وبدون شروط، إلا أن تمرّ في مراحل التكيّف والتجميل والتمدّن والمُسالمة، بعد مراحل الحلب والابتزاز.

لا ريب أن حماس أصبحت بعد انتخابات 25 كانون الثاني الماضي، تمتلك الأغلبية المُطلقة في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهذا ما يمكّنها من الحكم الحقيقي، سواء من المجلس التشريعي أو من كراسي الحكومة؛ ولكنّ حماس قد استعجلت في تولي الحكومة، مُندفعة بخطابٍ عاطفي يتّكئ، إما جهلاً أو تجاهلاً، على العمق العربي والإسلامي المُجرّب، وعلى بدائل أخرى مجهولة الهوية؛ هذا الخطاب الذي بسّط الأمور، خطأ أو خطيئةً، دون وعي أو دراسة متبصرة بواقع الحال الفلسطيني ومؤثراته الوطنية والعربية والدولية.

كان على حماس، قبل تسلم الحكومة، أن تعرّض نفسها لفترة انتقالية ضرورية، ما بين المعارضة المطلقة، والحكم المطلق، خاصةً وأن برنامج حماس لم يكن مرناً ما فيه الكفاية لإتاحة المشاركة لأي فصيل أو حزب سياسي فلسطيني في الحكومة؛ في هذه الفترة الانتقالية، كان يمكن لحماس، أن تجري التغييرات أو التعديلات اللازمة تدريجياً، وعلى ثلاثة مستويات: داخلياً في حماس نفسها، ووطنياً مع باقي الفصائل والمجتمع الفلسطيني، وخارجياً مع المجتمع الدولي.

قبل تولي السلطة، كانت حماس بحاجة لإجراء تعديل داخلي على مستوى نُواتها الصلبة، أي أولئك الذين ينتمون إليها أيديولوجياً، هذه الفئة التي كانت بالأمس القريب تتغذى، بتعليمات من الآباء الروحيين في حماس، على أن صراعنا مع اليهود صراع ديني، لا سياسي، وأن الجهاد هو سبيلنا، والموت في سبيل الله، أسما أمانينا، ومقاومة بالعمليات الاستشهادية، وما يتلوها من ريح الجنة، والحور العين؛ كان على قيادة حماس أن تقول لمجاهديها، ما قاله إسماعيل هنية لوسائل الإعلام قبل فترة وجيزة، أنه لن يبارك استشهاد ابنه في هذه المرحلة، لأن الوقت قد حان للجهاد الأكبر في بناء الدولة، ولاستراحة المُحارب، وللتغيير والإصلاح في الحكم وأدواته.

حتى لا يُزاوَدَ عليها، كان لزاماً على حماس، قبل تولي الحكم، أن تتحدث مع زملائها في المقاومة، حديث رفاق السلاح، لا حديث السلطة لمن في المقاومة، فالحديث الأول أكثر فاعليةً وإقناعاً ولا تشوبه دواعي السلطة أو التمسك بها؛ إذ كيف لحماس التي أصرّت بالأمس على أن المقاومة المسلّحة و(صواريخ) القسّام، هي سلاح الردع الفعّال، الذي يؤلم العدو، أن تأتي اليوم، من على كرسي الحكم، وتنسف أسس دعواها، وتطلب من الآخرين أن يتوقفوا عمّا دعت هي إليه بالأمس؛ هنا سيأتي طلبها في سياقٍ مَجروح ومُحرَج، حتى وإن تم إشفاعه بالمصلحة الوطنية العليا، ذلك أن هذه المصلحة لا تتغير ما بين اليوم والأمس.

أما المجتمع الدولي، الذي صنّف حركة المقاومة حماس، كحركة إرهابية، والذي في أحسن الأحوال لم يتفهّم مبررات ودوافع عملياتها الاستشهادية، بل رآها عمليات إبادة إرهابية ضدّ مدنيين، كتلك التي جرت في أمريكا وبريطانيا وأسبانيا؛ هذا الرأي الأحادي الجانب، لم يُغير الرأي العام الفلسطيني بحماس، ولكنّ المجتمع الدولي لا الرأي الفلسطيني، مع الأسف، هو الذي يضع الكثير من قواعد اللعبة، وهو الذي يموّلها جملةً وتفصيلاً، وقد كان على حماس أن تبدي له، كحزبٍ سياسي، قبل توليها الحكم، بعض المدنيّة والمرونة السياسية، والابتعاد عن شبهات الإرهاب، وشيء من الذي يُقال اليوم على منبر الحكم، أن حماس لن تستخدم العمليات الاستشهادية في أي مواجهة مع إسرائيل، وأنها تسعى إلى السلام دون التفريط بالحقوق.

بعد ذلك كانت ستبدو حماس أكثر فاعليةً في الحكم، وخبرةً في مجال السياسة، وهي القوية، قبل ذلك، في المجلس التشريعي؛ أمّا وقد تولت حماس، على عجل ولوحدها السلطة، وباتت تميّز الفرق بين بحبوحة المعارضة، وضائقة الحكم، وبدأ المأزق السياسي يشتد بها، وبدأت الضغوط المالية والسياسية تثقل كاهل المجتمع والشعب الفلسطيني، فإن المطلوب، الآن، منها ومن جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والقوى الوطنية والإسلامية، أن يُراجعوا الحسابات، أيضاً على عجل، ويُدركوا أن حزباً ما، لوحده، لا يستطيع أن يحمل أو يتحمّل الهمّ الفلسطيني، وأن الوقت ليس مبكّراً، وليس متأخراً، لإعادة صياغة الحكومة الفلسطينية وبرنامجها، كحكومة لا كحزب، في ائتلاف وطني بدلاً من التفرّد القديم والجديد، لأن الحمل ثقيل، والعاصفة هوجاء؛ والله أكبر.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف