
عندما أعلن النائب العام قبل ثلاثة أشهر وعبر مؤتمر صحفي عن أسباب المؤسسات والملفات المحالة له بتهمة الفساد وسرقة وابتزاز وهدر المال من قبل أشخاص لهم أسماء وعناوين, استبشرنا خيراً وقلنا أخيراً وبعد طول معاناة لم يعد الفساد كائناً وهمياً ومسؤول عن أشخاص من كواكب أخرى, بل هو حقيقة موجودة في أرض الواقع ويمارسه أشخاص ورموز لها أسماء ومسميات ومن لحم ودم.
ولعل المعطيات التي كشف عنها النائب العام عن حجم الفساد في أجهزة السلطة ومؤسساتها وهياكلها, يثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن مثل هذه السلطة لا أسف على رحيلها, ولكن رحيلها لا يعني أن لا يتم كشف الحقائق وجلب المتورطين من رجالاتها في الفساد للعدالة والمحاسبة, وتحديداً أن الأمور لم تقتصر على سرقة ونهب وإهدار المال العام, والتزوير والنصب والاحتيال والابتزاز, بل وصل الأمر في البعض لحد التورط في عمليات بيع أراض للعدو, والمساهمة في بناء جدار الفصل العنصري, وحتى لا نبقى في إطار التحليق في الفضاء والتكهنات وحرب الإشاعات, فإنه من الضروري عدم الاكتفاء بالحديث عن الفساد واجترار ذلك, بل لا بد من الانتقال إلى إطار الفعل والمحاسبة والمعالجة, وتسمية الأمور بمسمياتها, وطرح وإعلان وتشهير بالأسماء المتورطة بذلك مهما كان موقفها أو نفوذها, وعلى الجماهير والسلطة الجديدة جلبها للقضاء, والمسألة يجب أن لا تبقى في إطار "الهوبرات" والفرقعات والخبطات الإعلامية وخلط الحابل بالنابل, وجماهير شعبنا تدرك أن عمق الشعور بالإهانة والظلم والتقصير وتستر البعض على الفساد والقائمين عليه هو الذي دفع بالبعض لأخذ القانون والقضاء بأيديهم والقيام بعمليات تصفية لمن يعتقدون أنهم رموز الفساد وسارقي وناهبي الشعب, وفي هذا الجانب الحساس والذي يمس سمعة وصورة شعبنا في الصميم, يجب أن لا يكون هناك حصانة لأحد, كما هو الحال عند أعدائنا: فالفساد عندهم ليس بالمستوى والحجم الموجود عندنا ولكنه أيضاً موجود في كل هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة ومتورطين فيه قيادات حزبية وسياسية أمثال عمري وجلعاد شارون, وتساحي هنغبي وغيرهم, ولكن هناك يجري إعلان أسمائهم وجلبهم للقضاء ومحاسبتهم, ولا يجري التستر عليهم تحت يافطة الموقع والنفوذ...الخ.
أما عندنا فإن الأمور بقيت في الإطار الشعاراتي والدعاوي والنظري, والحابل مختلط بالنابل, والجميع يدعو لمحاربة ومقاومة الفساد وإجتثاثه, الفاسد وغير الفاسد, بحيث بتنا لا نعرف من هو الفاسد أو المسؤول عن الفساد, أهو الاحتلال؟ أم مخلوقات قادمة من كواكب أخرى؟ ومن هنا فإن أولى المهام التي يجب أن تنتصب أمام الحكومة القادمة والمجلس التشريعي, وفتح ملفات الفساد على مصرعيها, في إطار من الشفافية والمساءلة والمحاسبة الجادة التي من شأنها أن تخلق حالة من الثقة والاطمئنان بين جماهير شعبنا الفلسطيني, وبأنها لن تلقى رحمة مثل هذه العصابات والمافيات والتي أسست الفساد وشكلت له بنى وهياكل وأجهزة بحيث غدا كالإخطبوط, والفساد ليس مقتصراً على شكل أو نوع محدد, فله أكثر من شكل ونوع, بدءاً من فرض الخاوات والأتوات ومروراً بإستغلال المناصب والمواقع والنفوذ وتلقي الرشاوي والإبتزاز وهدر المال العام وسرقته وإحتكار الشركات والوكالات والمشاريع، وأذنات الإستيراد والتصدير, وإحتكار الوظائف والمناصب وقصرها على لون سياسي دون أخر, وعدم اعتماد معايير الكفاءة والمهنية والتخصص في التوظيف... الخ.
والحديث عن الفساد في مؤسسات وأجهزة وهياكل السلطة, يجب أن لا يعمي أعيوننا عن الفساد المستشري في أوساط مؤسسات المجتمع المدني الممولة أجنبياً, حيث أغلب المال الأجنبي المقدم لهذه المؤسسات له أهداف سياسية وإقتصادية وأولويات تختلف عن أولويات وإحتياجات الشعب الفلسطيني, وهذا المال الأجنبي خلق أباطرة وأمراء يستغلون هذا المال المقدم لهم بإسم الشعب الفلسطيني لأهداف ومصالح خاصة عائلية وجهوية وحزبية, حتى أن هناك "حيتان" في هذا الجانب لا تسمح بأية عملية تمويل لمؤسسة مجتمع مدني من الخارج دون إذنها وموافقتها ولذلك هذا الملف لا يقل أهمية عن ملف الفساد الحكومي فالمساءلة والمحاسبة يجب أن تطال كل المتورطين في الفساد أي كان موقفهم أو منصبهم أو نفوذهم ولا حصانة لأحد, ولا أحد فوق المحاسبة والقانون.
بقلم: الأسير راسم عبيدات
سجن عسقلان
ولعل المعطيات التي كشف عنها النائب العام عن حجم الفساد في أجهزة السلطة ومؤسساتها وهياكلها, يثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن مثل هذه السلطة لا أسف على رحيلها, ولكن رحيلها لا يعني أن لا يتم كشف الحقائق وجلب المتورطين من رجالاتها في الفساد للعدالة والمحاسبة, وتحديداً أن الأمور لم تقتصر على سرقة ونهب وإهدار المال العام, والتزوير والنصب والاحتيال والابتزاز, بل وصل الأمر في البعض لحد التورط في عمليات بيع أراض للعدو, والمساهمة في بناء جدار الفصل العنصري, وحتى لا نبقى في إطار التحليق في الفضاء والتكهنات وحرب الإشاعات, فإنه من الضروري عدم الاكتفاء بالحديث عن الفساد واجترار ذلك, بل لا بد من الانتقال إلى إطار الفعل والمحاسبة والمعالجة, وتسمية الأمور بمسمياتها, وطرح وإعلان وتشهير بالأسماء المتورطة بذلك مهما كان موقفها أو نفوذها, وعلى الجماهير والسلطة الجديدة جلبها للقضاء, والمسألة يجب أن لا تبقى في إطار "الهوبرات" والفرقعات والخبطات الإعلامية وخلط الحابل بالنابل, وجماهير شعبنا تدرك أن عمق الشعور بالإهانة والظلم والتقصير وتستر البعض على الفساد والقائمين عليه هو الذي دفع بالبعض لأخذ القانون والقضاء بأيديهم والقيام بعمليات تصفية لمن يعتقدون أنهم رموز الفساد وسارقي وناهبي الشعب, وفي هذا الجانب الحساس والذي يمس سمعة وصورة شعبنا في الصميم, يجب أن لا يكون هناك حصانة لأحد, كما هو الحال عند أعدائنا: فالفساد عندهم ليس بالمستوى والحجم الموجود عندنا ولكنه أيضاً موجود في كل هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة ومتورطين فيه قيادات حزبية وسياسية أمثال عمري وجلعاد شارون, وتساحي هنغبي وغيرهم, ولكن هناك يجري إعلان أسمائهم وجلبهم للقضاء ومحاسبتهم, ولا يجري التستر عليهم تحت يافطة الموقع والنفوذ...الخ.
أما عندنا فإن الأمور بقيت في الإطار الشعاراتي والدعاوي والنظري, والحابل مختلط بالنابل, والجميع يدعو لمحاربة ومقاومة الفساد وإجتثاثه, الفاسد وغير الفاسد, بحيث بتنا لا نعرف من هو الفاسد أو المسؤول عن الفساد, أهو الاحتلال؟ أم مخلوقات قادمة من كواكب أخرى؟ ومن هنا فإن أولى المهام التي يجب أن تنتصب أمام الحكومة القادمة والمجلس التشريعي, وفتح ملفات الفساد على مصرعيها, في إطار من الشفافية والمساءلة والمحاسبة الجادة التي من شأنها أن تخلق حالة من الثقة والاطمئنان بين جماهير شعبنا الفلسطيني, وبأنها لن تلقى رحمة مثل هذه العصابات والمافيات والتي أسست الفساد وشكلت له بنى وهياكل وأجهزة بحيث غدا كالإخطبوط, والفساد ليس مقتصراً على شكل أو نوع محدد, فله أكثر من شكل ونوع, بدءاً من فرض الخاوات والأتوات ومروراً بإستغلال المناصب والمواقع والنفوذ وتلقي الرشاوي والإبتزاز وهدر المال العام وسرقته وإحتكار الشركات والوكالات والمشاريع، وأذنات الإستيراد والتصدير, وإحتكار الوظائف والمناصب وقصرها على لون سياسي دون أخر, وعدم اعتماد معايير الكفاءة والمهنية والتخصص في التوظيف... الخ.
والحديث عن الفساد في مؤسسات وأجهزة وهياكل السلطة, يجب أن لا يعمي أعيوننا عن الفساد المستشري في أوساط مؤسسات المجتمع المدني الممولة أجنبياً, حيث أغلب المال الأجنبي المقدم لهذه المؤسسات له أهداف سياسية وإقتصادية وأولويات تختلف عن أولويات وإحتياجات الشعب الفلسطيني, وهذا المال الأجنبي خلق أباطرة وأمراء يستغلون هذا المال المقدم لهم بإسم الشعب الفلسطيني لأهداف ومصالح خاصة عائلية وجهوية وحزبية, حتى أن هناك "حيتان" في هذا الجانب لا تسمح بأية عملية تمويل لمؤسسة مجتمع مدني من الخارج دون إذنها وموافقتها ولذلك هذا الملف لا يقل أهمية عن ملف الفساد الحكومي فالمساءلة والمحاسبة يجب أن تطال كل المتورطين في الفساد أي كان موقفهم أو منصبهم أو نفوذهم ولا حصانة لأحد, ولا أحد فوق المحاسبة والقانون.
بقلم: الأسير راسم عبيدات
سجن عسقلان