الأخبار
الولايات المتحدة تفرض عقوبات على مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية(أكسيوس) يكشف تفاصيل محادثات قطرية أميركية إسرائيلية في البيت الأبيض بشأن غزةجامعة النجاح تبدأ استقبال طلبات الالتحاق لطلبة الثانوية العامة ابتداءً من الخميسالحوثيون: استهدفنا سفينة متجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي وغرقت بشكل كاملمقررة أممية تطالب ثلاث دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالاً جوياً آمناً لنتنياهوالنونو: نبدي مرونة عالية في مفاوضات الدوحة والحديث الآن يدور حول قضيتين أساسيتينالقسام: حاولنا أسر جندي إسرائيلي شرق خانيونسنتنياهو يتحدث عن اتفاق غزة المرتقب وآلية توزيع المساعدات"المالية": ننتظر تحويل عائدات الضرائب خلال هذا الموعد لصرف دفعة من الراتبغزة: 105 شهداء و530 جريحاً وصلوا المستشفيات خلال 24 ساعةجيش الاحتلال: نفذنا عمليات برية بعدة مناطق في جنوب لبنانصناعة الأبطال: أزمة وعي ومأزق مجتمعالحرب المفتوحة أحدث إستراتيجياً إسرائيلية(حماس): المقاومة هي من ستفرض الشروطلبيد: نتنياهو يعرقل التوصل لاتفاق بغزة ولا فائدة من استمرار الحرب
2025/7/10
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لماذا يريدون تغيير المناهج في العالم العربي يقلم:أيمن خالد

تاريخ النشر : 2006-04-10
لماذا يريدون تغيير المناهج في العالم العربي يقلم:أيمن خالد
"يرتبط العرب في بنيتهم الثقافية والاجتماعية بالإسلام،حيث يشكل الدين الإسلامي العامل الأساسي في البناء الثقافي والنفسي للمسلمين، وبقي الدين الإسلامي يشكل أحد أهم ركائز القوة لما يحمله بحد ذاته من عناصر ساهمت في تشكل البنية الثقافية العربية، والعرب عموماً لم ينطلقوا إلى العالم ولم يبنوا لأنفسهم كياناً اجتماعياً وثقافياً إلا باعتناقهم الإسلام، وهم قبل ذلك.. وهم خارج هذه الفكرة التي انطلقوا بها إلى عالميتهم لا يشكلون قوة تذكر".

هكذا اختصر المستشرقون الأوائل فهمهم لطبيعة الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات العربية الإسلامية، وهكذا اختصر المستشرقون فهمهم لعناصر القوة التي انطلق بها المسلمون، فالإسلام في نظر الغرب يشكل الركيزة التي انطلقت بالعرب إلى عالميتهم وبالتالي فإن زوال هذه الثقافة الدينية حسب المفاهيم الغربية هو الكفيل بتحويل العرب إلى أنقاض بائدة يسهل التلاعب بها،لذلك في حُمّى الحديث عن تغيير المناهج الدراسية في عدد من البلدان العربية، لا يرجع ذلك إلى عوامل جديدة استجدت في الصراع العربي ـ الصهيوني إنما كان ضرب الثقافة الدينية مشروعاً قديماً ظلّ يتجدد باستمرار، فمسيرة العبث والتخريب ابتدأت عملياً مع أولى رحلات المستشرقين إلى العالم الإسلامي والكيفية التي تعاملوا بها من خلال محاولاتهم إثارة الشكوك في العقيدة الإسلامية، وصولاً إلى حملة نابليون الذي وجد نفسه في مواجهة مع هذه الثقافة التي شكلت حاجزاً عصياً على الاختراق، ثم ما تلاه من الاستعمار الحديث وبدء الحملات الإعلامية الكبيرة والتي استند فيها الاستعمار على أدوات محلية انبهرت بالغرب،والانبهار عملياً هو ظاهرة مرضيّة يكون أصحابها مدعاة للتقليد بشكل متواصل لا أكثر.

وفي حمّى تلك الصراعات شكلت المنابر الإسلامية دور الأدوات الفاعلة في مواجهة المستعمر، فقدم الأزهر دوره التاريخي وظهر فيه رجال خاضوا غمار السياسة والمواجهة مع المستعمر، تماما مثلما صمدت المنابر على امتداد الجغرافيا العربية ومثلما وقفت أسوار عكا صامدة أمام جيش نابليون، شكلت الثقافة الإسلامية حاجزاً قويا في وجه الغزاة،.

وإن كان الغزاة قد تجنبوا إعلانها حربا دينية بشكل مباشر في تلك الفترات (حيث كانت أوروبة خارجة في ثوبها الاستعماري الجديد والذي يعتمد بالأساس على ما هو أكبر من الهزيمة العسكرية إلى محاولة تفتيت البناء الثقافي للشعوب المستعمَرة لبقائها في حالة من التبعية لا تسمح بنهضتها من جديد)، إلا أنها استخدمت أساليب كثيرة بغية المساهمة في تفكك الأمة الإسلامية وكان من أوائل المشاريع التي طُرحت أن تُدرّس اللهجات العامية بدل اللغة الفصحى وذلك لعزل العرب عن لغة القرآن الكريم،وظهرت محاولات كثيرة في فترات متفاوتة لتمرير اللهجة العامية في المناهج الدراسية ولكن دون جدوى.

ومع مجيء اتفاقيات كامب ديفيد كانت هذه الفكرة القديمة حاضرة على طاولة الإملاءات التي فُرضت على المنطقة، ونشاهد جزءاً أساسياً من تلك الاتفاقيات يتحدث بشكل مهين عن إزاحة الآيات التي تتحدث عن اليهود وإزالتها من الكتب الدراسية وتوزيع مطبوعات بديلة بغية تشويه البناء الثقافي للأطفال في سنواتهم الدراسية الأولى، ثم جاءت اتفاقيات وادي عربة والتي اشترطت على الأردن تغيير هذه المناهج وكما هو الجدل دائر في الكويت والسعودية وغيرها حول نفس الهدف، حيث المطلوب أن يتقبل العرب "الثقافة الإمبراطورية الأمريكية" ويقف الأمريكيون ليؤدوا دور المُخلّص للعالم ويقف الرئيس الأميركي ليؤدي دور "أبرهة الأشرم" في هدم أهم المعالم الإسلامية والمتمثلة في الدين الإسلامي وتشويه أصول الدين الإسلامي من كتاب وسنة وعلاقة المسلمين بهما.

فالإدارة الأمريكية اليوم كزعيمة للغرب تعمل على ربط مفهوم الإرهاب بالإسلام وتستخدمه ذريعة لفرض الهيمنة على المنطقة العربية والإسلامية برمتها، وبما أن الإسلام يدعو إلى وحدانية الله عز وجل قدم الحرية للإنسان وأصبح كدين فطري ينطلق إلى عالميته من جديد كما يراه الغرب، لذلك فإن الإدارة الأمريكية تقيم الدنيا وتقعدها بغية تغيير البناء الثقافي للأمة الإسلامية،. وبالتالي تقّبل الهيمنة الأمريكية وتقبّل الكيان الصهيوني، وما سيضفيه ذلك على المنطقة من تفكك وانهيار في مجمل أشكال الحياة، فالغرب المحتمي بأمريكا يرى كمدخل لإعادة تشكيل وعي العرب أنه لابد من إزالة النصوص القرآنية التي تتحدث عن اليهود،.فبينما يقدمهم القرآن الكريم على أنهم مادة الفساد الأولى يأتي الغرب ليقدم اليهود مادة الحياة الأولى في المنطقة العربية، ومن هنا تبرز قيمة إعطاء الدين دوراً أساسياً في التفسيرات التاريخية وفي الصراع الجاري على أرض فلسطين.

والغرب المأزوم اليوم في العراق وفلسطين وأفغانستان ينظر إلى الإسلام بعين الريبة والقلق ففي الوقت الذي تنهار فيه دول كبرى تحت وطأة المشروع الأمريكي يبقى الإسلام يشكل حاجزاً غير قابل للانهيار، حيث يقف الإسلام في فلسطين والعراق عائقاً دون تحقيق الأحلام الإمبراطورية للغرب.

وإذا كان الإسلام هو الجامع والموحد لهذه الثقافة فإن ضرب الإسلام يشكل جزءاً مهماً من المشروعات الغربية، فاليوم يُنظر إلى المدارس الابتدائية والإعدادية على أنها تشكل البناء الثقافي الأول للإنسان المسلم وبالتالي ان المساس في بنية هذه الكائنات اللطيفة في طور النشء سيؤدي حسب الفهم الغربي إلى نشأة مجتمع مادي متحرر من الإسلام لا يربطه بالأمة الإسلامية أي رابط. ومن هنا عندما ننظر إلى ما يجري اليوم في فرنسا حول مشروع حظر الحجاب على الطالبات المسلمات لا نستطيع استبعاد هذا الموضوع مما يجري من سياسة تغيير المناهج في أكثر من دولة عربية فكلا المشروعين يمس الأطفال في المدارس الابتدائية والإعدادية ومشروع الحجاب الذي يجري اختباره اليوم في فرنسا هو مقدمة لتمريره في أوروبا الموحدة والتي ستطرح دستورها الموحد وما سيكون نافذاً اليوم في فرنسا سيكون نافذاً في بقية الدول الأوروبية.

وكان أغرب ما في القرار الفرنسي استهداف اللباس للمرأة دون الإشارة إلى اللباس التقليدي الإسلامي الذي يرتديه الشاب المسلم، وهي ليست فجوة قانونية جاءت مصادفة، إنما الهدف المساس بالعقائد الإسلامية ولما تمثله حصانة المرأة في هذه العقيدة من أهمية.

وبالتالي فما بين تغيير المناهج في الدول العربية وبين فكرة الحجاب في فرنسا أو غيرها تجري عملية مساس بالعقيدة الإسلامية بغية تحويل الإسلام إلى نصوص وأفكار مشتتة من خلال التلاعب بالآيات الكريمة التي تتحدث عن اليهود وإخفائها من المناهج الدراسية وكذلك طمس كل ما يمس جانب العداء لليهود والكيان الصهيوني، بينما يُركز القرآن الكريم على دور اليهود الإفسادي وخطورته عبر التاريخ ففي قراءة للآية الكريمة: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ..البقرة 120) نشاهد جانباً مهماً في الآية الكريمة أنها قدمت اليهود على النصارى علما أنه عند نزول الآية الكريمة كان اليهود أقلية في هذا الكون ليس لهم بالغ التأثير بالنسبة إلى إمبراطورية عظمى مثل الإمبراطورية الرومانية.

# المواجهة مسألة قدرية:

إن كان الغرب يعيش أزمته على الصعيد العسكري من خلال ظاهرة الجهاد الإسلامي في العراق وفلسطين والتي هي مرشحة للتطور باستمرار أو على الصعيد الثقافي من خلال الخواء الثقافي الذي يعيشه حاليا وتقدم الإسلام كدين فطري فلقد شهدت فرنسا في العام الماضي اعتناق ثلاثين ألف شخص للإسلام وهو ما يؤرق الغرب العنصري، عموما إن مساحة الحرية أعطت للإسلام مجالاً للنفاذ إلى داخل المجتمعات الأوروبية التي كانت تجهل حقيقة الإسلام وباتت تتقبله بسهولة، حيث لم يحدث العكس المرجو من خلال تذويب الجالية المسلمة ودمجها بالمتجمعات الأوروبية،وفصلها عن هويتها الثقافية والدينية. فالذي حدث أن الإسلام في مواجهة الحوار الثقافي في حالة غلبة مستمرة على الآخر لذلك يأتي إفصاح الغرب العنصري عن صليبيته عبر أشكال مختلفة، فيأتي الربط بين فكرة الجهاد في الإسلام والإرهاب، والحجاب والعنصرية والتطرف، ولكن السؤال الأبرز هل يمكن أن تتحول المجتمعات العربية المسلمة إلى مجتمعات مادية على النمط الأمريكي بقرار سياسي ؟. من هنا تعتبر التوجهات الغربية تصادماً حقيقياً واختباراً للمسلمين حول طبيعة فهمهم للمفاهيم والحريات الغربية والتي لا تنطلق خارج حدودها إلا من نظرة استعمارية محددة.

فالثقافة الإسلامية عملياً هي ثقافة محفوظة في النفوس فالقرآن الكريم حُفظ في النفوس قبل أن يكتب في الصحف لذلك عندما اجتاح التتار بلاد المسلمين وأحرقوا مكتبة بغداد لم يتمكنوا من محو الثقافة الإسلامية، ثم إن المسألة الجوهرية الأخرى أن الإسلام ليس هوية قومية تخص العرب وليس محصوراً في مسار تاريخي محدد وعندما لا يكون مصدر هذا الدين بشرياً فإنه يتجاوز حدود المعطى التاريخي على الدوام، بالتالي هي معركة العنصرية ضد الإسلام بغية إخضاع المسلمين تماما للغرب وأما تحول الإسلام إلى دين عالمي فهو ليس اكتشافا من قبل المستشرقين فحسب وليس رؤية غربية معاصرة إنما هو واقع ظهرت ملامحه في الغرب نفسه.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف