الأخبار
الهدنة على الأبواب.. وتجار الحرب إلى الجحيممسؤولون أميركيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزةنتنياهو: لقائي مع ترامب قد يسهم في التوصل إلى اتفاق بغزةالاحتلال يستدعي 15 محامياً للتحقيق لمشاركتهم في انتخابات النقابةفلسطين تقدم أول سفير لها لدى "الكاريكوم"البايرن يتلقى ضربة قوية.. الكشف عن حجم إصابة موسيالا ومدة غيابهصحيفة: إيران ضربت خمس منشآت عسكرية إسرائيلية بشكل مباشر خلال الحربريال مدريد يكمل المربع الذهبي لكأس العالم للأنديةفقه التفاوض الإسرائيليّ: من أسطرة السياسة إلى الابتزاز المقدس"الإعلامي الحكومي" بغزة: مؤسسة غزة الإنسانية متورطة في مخطط تهجير جماعي لسكان قطاع غزة(حماس): يجب أن يكون ضمانات حقيقية من الإدارة الأميركية والوسطاء لسريان وقف النارارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 57.418إسرائيل تقر مشروع قانون يمنع توظيف المعلمين الذين درسوا في جامعات فلسطينيةمستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلالعائلات أسرى الاحتلال تطالب الوفد بتسريع إنجاز الصفقة خلال هذا الأسبوع
2025/7/6
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عبر خالدات في ذكرى مولد فخر الكائنات بقلم: عبد الوهاب محمد الجبوري

تاريخ النشر : 2006-04-10
عبر خالدات في  ذكرى مولد فخر الكائنات بقلم: عبد الوهاب محمد الجبوري
يارعى الله ذكراك المقدسة، ياغار ثور.. لقد كنت مبعث الحرية كما كان غار حراء مبعث الروح.. فأنت في جبل الخلاص وهو في جبل التجلي.. كان العالم قبل يوم محمد يعاني من تفكك الخلق وتحلل الرجولة وتغلب الاثرة وتحكم السفاهة.. فلما ظهر الرسول الكريم كانت شمائله وافعاله رسالة اخرى في الخلق.. كان تطبيقاً لقوانين الدين بالمثل وتعليماً لاداب النفس بالعمل وتنظيماً لغرائز الحياة بالقدوة.. فألفهم علىالمودة وجمعهم على الوحدة ثم جعل لهم من كتاب الله نوراً ومن سنته دستورا ورمى بهم فساد الدنيا فاصلحوا الارض ومدنوا العالم وهذبوا النفوس..

ان ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هي ذكرى قيامه الروح وولادة الحرية ونشور الخلق.. ومثلما كان مولده عليه الصلاة والسلام البعث الاول الذي طهر النفس وعمر الدنيا وقرر الحق للانسان، فان البعث الاخير سيخلص الروح ويبتدئ الاخرة ويعلن ابداً: ان الملك لله وحده.. كان العالم يومئذ يضطرب في رق المادة وعبودية الشهوة وسلطان القوة، فلم يكن للمثل الاعلى وجود في ذهنه ولا للفرض النبيل اثر في سعيه ولا للشعور الانساني مجرى في حسه ولا للسمو الالهي معنى في نفسه.. انما كان حيواناً شهوته الغلبة، مادياً غايته اللذة، انانياً شريعته الهوى، ثم اسرف في البهيمية حتى جعل كل انثى مباحة لكل ذكر وفي المادية حتى اتخذ الهه من خشب وحجر وفي الانانية حتى قتل اولاده خشية الاملاق والضرر.. فلما بعث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم منقذاً فتح في غار حراء بابا الى السماء تنزلت منه الملائكة والروح على هذا (الهيكل) المنحل و(الجسد) المعتل فنفخت فيه سر الحياة وتجسد معنى الخلود في حقيقة الله الواحد الاحد.. كان العالم قبل يوم محمد يغط في قصور عقلي يقتل التفكير السليم وقصور جسدي يقتل التصرف الحكيم، فلم يكن للاسرة نظام ولا للقبيلة قانون ولا للامة دستور ولا للعقيدة شريعة، وانما طغيان عاصف يتحكم في الفرد ويسيطر على الجماعة.. فالاب يهب الموت والحياة لابنائه بحكم الطبيعة، والشيخ يفرض على عشيرته الامر والنهي بمقتضى العرف والملك يخضع نفوس الشعب باسم الدين والكاهن ينسخ العقول بقوة الجهل.. والناس اجمعون عدا هؤلاء الاربعة اتباع من سقط المتاع.

فلما بعث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعث الحرية من مرقدها واطلق العقول من اسرها وجعل التنافس في الخير والتعاون علىالبر والتفاضل في التقوى ثم وصل القلوب بالمؤاخاة واقام العدل والمساواة في الحقوق والواجبات حتى شعر الضعيف ان جند الله قوته وادرك الفقير ان بيت المال ثروته وايقن الوحيد ان المؤمنين جميعاً اخوته ثم محى الفروق بين اجناس الناس وازال الحدود بين الاركان فاصبحت الارض وطناً واحداً والعالم اسرة متحدة لايهيمن علىعلاقاتها الا الحب ولايقوم علىمرافقها الا الانصاف وليس بين المرء وخليقته حجاب ولابين العبد وربه وساطة..


شخصيته فخر الكائنات

اتصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالصدق والحزم، اذا قال فعل وعازماً صارماً اذا هم اوامضى، عادلا اذا حكم، حكيماً اذا تصرف او قضى، جمع الله له عقلاً وافراً وخلقاً رضياً ويدا كريمة ونفساً عفيفة وضميراً نقياً وصدراً رحبا واسعاً وذهنا حاضراً ورأيا سديداً ونظرات بعيدة وتدبيراً حسناً، اتسعت دائرة علومه ومعارفه من غير دراسة ولامطالعة ولاجلوس الى معلم، انما هي فطرة الله الذي احسن كل شيء خلقه.. لقد عرف النبي عليه الصلاة والسلام بالحلم عند المقدرة والصبر على احتمال المكاره وماخير بين امرين الا اختار ايسرهما مالم يكن اثماً.. وما انتقم لنفسه الا ان تنتهك حرمة الله فينتقم وقد يكره المتكلم ولايكره الكلام اذا كان حقاً.. وقد يحب المتكلم ويكره الكلام اذا كان باطلاً.. كان يغضب ولكنه لايحقد ويحزن لكنه لايستسلم للحزن.. كان ابعد الناس غضباً واسرعهم رضا.. لايباري في الجود والكرم والسخاء والنجدة والشجاعة والحياءوحسن المعاشرة والشفقة والرحمة والرافة علىالجميع.. وان كانوا من اعدائه.. يصل الرحم والوفاء بالعهد والعدل والامانة والعفة والزهد في الدنيا والصدق في القول والتواضع مع علو منصبه ورفعة رتبته وافضل قومه مروءة وانبلهم خلقاً واكرمهم معاشرة ومصاحبة واحسنهم حواراً ومناقشة واصدقهم حديثاً واوفاهم عهداً واعظمهم حلماً واطهرهم سريرة وابعدهم عن الفحش وكان يمازح اصحابه ويحادثهم ويعود المرضى في اقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر.. ويبدأ بالسلام والمصافحة، يكرم من يدخل عليه وربما بسط ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه بالجلوس.. ويكني اصحابه ويدعوهم بأحب اسمائهم.. وقد روي انه كان لايجلس اليه احد وهو يصلي الاخف صلاته وسأله عن حاجته فاذا فرغ عاد الى صلاته.. وقد وصف الله سبحانه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (وانك لعلى خلق عظيم) وهو الخلق الذي امره الله تعالى في قوله (خذ العفو وامر بالمعروف واعرض عن الجاهلين)..

قوة المجتمع وبناء الوحدة الوطنية المتماسكة. وعلى هدي السيرة العطرة لفخر الكائنات تتجسد دروس وعبر اخرى خالدة هي العناية ببناء المجتمع المتماسك الموحد علىاساس من اعداد الانسان الفاضل المتحد مع نفسه اولاً والموحد في مجتمعه ثانياً.. وفي هذا يقول الباحثون في السيرة النبوية، كان لهذا الانسان النصيب الاوفى من جهد الاعداد حينما جعله الاسلام مدار عملية مركزه لصياغته صياغة عقائدية اخلاقية وفكرية جديدة تستهدي بسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. وليس اوضح على مسؤولية الفرد تجاه مجتمعه من قوله صلىالله عليه وسلم: (لايكن احدكم امَّعة يقول: انا مع الناس ان احسن الناس احسنت وان اساءوا أسأت.. ولكن وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساءوا ان تجتنبوا اساءاتهم).. فكل فرد في المجتمع راعياً ومسؤولاً عن رعيته: القاضي في خصومه والرجل في اهله والمرأة في بيتها والعامل في معمله والفلاح في حقله والجار في جاره والقوي في نصرة الضعيف والسائر في امن الطريق والقادر في حماية العاجز.. وبهذه المسؤولية الجماعية تشعر الجماعة بقوة خفية يعينها علىالمحافظة على واجهة المجتمع موحدة نقية.. والايمان، الذي ياتي من سلطان فوق سلطة الانسان يدين الخاضع له به لانه مطمئن اليه، هذا الايمان هو شرط الشروط في تكوين الانسان المسؤول المكلف، اي المواطن الذي يراقب الله في علاقاته بربه وبالناس اجمعين.. ومن هذا الانسان المؤمن يتكون المجتمع الفاضل والمجتمع الموحد ويزداد تماسكاً علىاختلاف اديانه ومذاهبه وطوائفه.. ذلك ما تلقيه ذكرى فخر الكائنات في روح الانسان من دروس وعبر خالدة على مر الزمن.. فكيف ونحن في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة من حياة شعبنا العراقي الذي يعاني من ظروف صعبة في كافة المجالات.. فليت شعري ماذا يجد المسلم اليوم في نفسه وفي مجتمعه وفي بلده وفي امنه من روح محمد وحرية محمد وخلق محمد! اما يعيش المسلمون او بعضهم، اليوم صوراً كقطع الشطرنج واتباعاً كعبيد الارض وهمجاً كهمج الجاهلية؟ وهل كان ذلك يكون لو انهم اتخذوا من احكام الله منهاجاً ومن سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام علاجاً ومن حياة السابقين الاولين الاخيار قدوة؟

ولو كانوا كذلك لما تجرأ احد على المساس بشخصية المصطفى عليه الصلاة والسلام والاساءة اليه والاعتداء على مشاعر اكبر كتلة بشرية على وجه الارض تقارب المايار ونصف المليار من حيث العقيدة والهوية الدينية، كما انه اعتداء على مشاعر الاسرة الدولية ايضا لان ابناء هذه الاسرة يقرون ويشهدون على اخلاص الرسول صلى الله عليه وسلم ودوره في التاريخ والحاضر والمستقبل.

واننا في العراق مهما اثخنتنا ومهما اختلفنا حول الامور السياسية والمذهبية والعرقية لكننا نعيش في بلد يحترم الاديان وحقوق الانسان ومعتقده وشعائره وان ابناء العراق (ومعهم ابناء امتنا العربية والاسلامية) يقفون صفاً واحداً بوجه كل من يحاول تشويه سمعة الانبياء والكتب المقدسة لاننا نعتبر ان الرسل (عليهم الصلاة والسلام) وكتبهم المقدسة هي كتب سماوية منزلة ومصدرها واحد هو الله سبحانه وتعالى وتدعو الى نفس الاهداف والقيم والمبادئ.

ولما كانت ذكرى المولد ذكرى انطلاق الانسانية من اسر الاوهام وطغيان الحكام وسلطان الجاهلية. فما اجدر بالقلوب الواعية الحرة علىاختلاف منازعها ومشاربها ان تستخلص الدروس والعبر العظيمة من الذكرى العطرة وان تخشع اجلالاً لها ولصاحبها عليه افضل الصلوات والسلام.. نبي الحرية والديمقراطية وداعية السلام والمحبة والوئام.. صلوات الله وسلامه عليك يارسول الله يوم ولدت ويوم بعثت ويوم انتقلت الى الرفيق الاعلى ويوم تبعث حياً..

واخيراً نقول كما قال الشاعر:

ولست ابالي حين أقتل مسلما

على أي جنب كان في الله مصرع

ولست مبدي للعدا تخشعاً

ولا جزعا اني الى الله مرجعي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف